المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف) - شرح النووي على مسلم - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ

- ‌(كِتَاب الزَّكَاةِ هِيَ فِي اللُّغَةِ النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ فَالْمَالُ

- ‌(باب زَكَاةِ الفطر)

- ‌(باب اثم مَانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ إِرْضَاءِ السُّعَاةِ)

- ‌(أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) الْمُصَدِّقُونَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُمُ السُّعَاةُ

- ‌(باب تَغْلِيظِ عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ وَتَبْشِيرِ الْمُنْفِقِ بِالْخَلَفِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ والمملوك)

- ‌(باب الِابْتِدَاءِ فِي النَّفَقَةِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ أَهْلِهِ ثُمَّ الْقَرَابَةِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ

- ‌(باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه)

- ‌(ضَبَطْنَاهُ نَفْسَهَا وَنَفْسُهَا بِنَصَبِ السِّينِ وَرَفْعِهَا فالرفع)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ)

- ‌(قَالَ وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(باب الْحَمْلِ بِأُجْرَةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا وَالنَّهْيِ الشَّدِيدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ)

- ‌(باب مَثَلِ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ)

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ وَقَعَتِ الصَّدَقَةُ فِي يَدِ فَاسِقٍ

- ‌(باب أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ

- ‌(وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ

- ‌(باب فضل من ضم إلى الصدقة غيرها من أنواع الْبِرِّ)

- ‌(باب الحث على الانفاق وكراهة الاحصاء)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ

- ‌(باب فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَأَنَّ

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب من تحل له المسألة)

- ‌(باب جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا)

- ‌(باب فضل القناعة والحث عليها)

- ‌(باب التحذير من الاغترار بزينة الدنيا وما يبسط مِنْهَا)

- ‌(باب فضل التعفف والصبر والقناعة والحث على كُلُّ ذَلِكَ)

- ‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

- ‌(قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ

- ‌(وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

- ‌(باب تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب إِبَاحَةِ الْهَدِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ)

- ‌(باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ)

- ‌(باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وَصِغَرِهِ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا

- ‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

- ‌(باب فضل السحور وتأكيد استحبابه)

- ‌(باب بَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الصَّوْمِ وَخُرُوجِ النَّهَارِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(أَيْ أَظَلُّ عَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ

- ‌((باب صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ))

- ‌(بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ

الفصل: ‌(باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف)

(باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ)

[1005]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ) أَيْ لَهُ حُكْمُهَا فِي الثَّوَابِ وَفِيهِ بَيَانُ مَا ذَكَرْنَاهُ في الترجمة وفيه أنه لايحتقر شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْخَلَ بِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَهُ قَوْلُهُ

[1006]

(ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ) الدُّثُورُ بِضَمِّ الدَّالِ جَمْعُ دَثْرٍ بِفَتْحِهَا وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أو ليس قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ) وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَا تَصَّدَّقُونَ فَالرِّوَايَةُ فِيهِ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَالدَّالِ جَمِيعًا وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ تَخْفِيفُ الصَّادِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً فَرَوَيْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ رَفْعُ صَدَقَةٍ وَنَصْبُهُ فَالرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالنَّصْبُ عَطْفٌ عَلَى أَنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً قَالَ الْقَاضِي يَحْتَمِلُ تَسْمِيَتَهَا صَدَقَةً أَنَّ لَهَا أَجْرًا كَمَا لِلصَّدَقَةِ أَجْرٌ وَأَنَّ هَذِهِ الطَّاعَاتِ تُمَاثِلُ الصَّدَقَاتِ فِي الْأُجُورِ وَسَمَّاهَا صَدَقَةً عَلَى طَرِيقِ الْمُقَابَلَةِ وَتَجْنِيسِ الْكَلَامِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا صَدَقَةٌ عَلَى نفسه

ص: 91

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ثُبُوتِ حُكْمِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِهَذَا نَكَّرَهُ وَالثَّوَابُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ نَفْلًا وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّهْلِيلُ نَوَافِلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَجْرَ الْفَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ أَجْرِ النَّفْلِ لِقَوْلِهِ عز وجل وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إِنَّ ثَوَابَ الْفَرْضِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً وَاسْتَأْنَسُوا فِيهِ بِحَدِيثٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجِمَاعِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْفَرْجِ نَفْسِهِ وَكِلَاهُمَا تَصِحُّ إِرَادَتُهُ هُنَا وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَاتِ تَصِيرُ طَاعَاتٍ بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَاتِ فَالْجِمَاعُ يَكُونُ عِبَادَةً إِذَا نَوَى بِهِ قَضَاءَ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ أَوْ إِعْفَافَ نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَافَ الزَّوْجَةِ وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنَ النَّظَرِ إِلَى حَرَامٍ أَوَ الْفِكْرِ فِيهِ أَوِ الْهَمِّ بِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ قَوْلُهُ (قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) فِيهِ جَوَازُ الْقِيَاسِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِمْ وَأَمَّا الْمَنْقُولُ عَنِ التَّابِعِينَ وَنَحْوِهِمْ مِنْ ذَمِّ الْقِيَاسِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْقِيَاسَ الَّذِي يَعْتَمِدُهُ الْفُقَهَاءُ الْمُجْتَهِدُونَ وَهَذَا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ مِنْ قِيَاسِ الْعَكْسِ وَاخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ دليل

ص: 92

لِمَنْ عَمِلَ بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ التَّسْبِيحِ وَسَائِرُ الْأَذْكَارِ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِحْضَارُ النِّيَّةِ فِي الْمُبَاحَاتِ وَذَكْرُ الْعَالِمُ دَلِيلًا لِبَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَخْفَى وَتَنْبِيهُ الْمُفْتَى عَلَى مُخْتَصَرِ الْأَدِلَّةِ وَجَوَازُ سُؤَالِ الْمُسْتَفْتِي عَنْ بَعْضِ مَا يَخْفَى مِنَ الدَّلِيلِ إِذَا عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمَسْئُولِ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ سُوءُ أَدَبٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) ضَبَطْنَا أَجْرًا بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَهُمَا ظَاهِرَانِ

[1007]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (عَدَدَ تلك الستين والثلثمائة السُّلَامَى) قَدْ يُقَالُ وَقَعَ هُنَا إِضَافَةُ ثَلَاثٍ إِلَى مِائَةٍ مَعَ تَعْرِيفِ الْأَوَّلِ وَتَنْكِيرِ الثَّانِي وَالْمَعْرُوفُ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ عَكْسُهُ وَهُوَ تَنْكِيرُ الْأَوَّلِ وَتَعْرِيفُ الثَّانِي وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا وَالْجَوَابُ عَنْهُ وَكَيْفِيَّةُ قِرَاءَتِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ فِي حَدِيثِ احْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ بِالْإِسْلَامِ قُلْنَا أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ وَأَمَّا السُّلَامَى فَبِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَهُوَ الْمَفْصِلُ وَجَمْعُهُ سَلَامَيَاتٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ) أَيْ بَاعَدَهَا قَوْلُهُ (فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ) قَالَ أَبُو تَوْبَةَ وَرُبَّمَا قَالَ يُمْسِي وَوَقَعَ لِأَكْثَرِ رُوَاةِ كِتَابِ مُسْلِمٍ الْأَوَّلُ يَمْشِي بفتح

ص: 93

الْيَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالثَّانِي بِضَمِّهَا وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَلِبَعْضِهِمْ عَكْسُهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَهُ فِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ وَقَالَ إِنَّهُ يُمْسِي فَبِالْمُهْمَلَةِ لَا غَيْرَ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَعْدَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ وَقَالَ فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمئِذٍ فَبِالْمُعْجَمَةِ بِاتِّفَاقِهِمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ) الْمَلْهُوفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَحَسِّرِ وَعَلَى الْمُضْطَرِّ وعلى المظلوم وقولهم يالهف نَفْسِي عَلَى كَذَا كَلِمَةٌ يُتَحَسَّرُ بِهَا عَلَى مَا فَاتَ وَيُقَالُ لَهِفَ بِكَسْرِ الْهَاءِ يَلْهَفُ بفتحها لهفا باسكانها أي حزن وتحسر وكذلك التلهف قوله صلى الله عليه وسلم (تمسك عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ) مَعْنَاهُ صَدَقَةٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا أَمْسَكَ عَنِ الشَّرِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَانَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ لِلْمُتَصَدِّقِ بِالْمَالِ أَجْرًا

[1009]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ

ص: 94

صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ صَدَقَةُ نَدْبٍ وَتَرْغِيبٍ لَا إِيجَابٍ وَإِلْزَامٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ) أَيْ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ قَوْلُهُ (عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَاسْمُ أَبِي مُزَرِّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ قَوْلُهُ

[1010]

صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا فِي الْإِنْفَاقِ فِي الطَّاعَاتِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَعَلَى الْعِيَالِ وَالضِّيفَانِ وَالصَّدَقَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُذَمُّ وَلَا يُسَمَّى سَرَفًا وَالْإِمْسَاكُ الْمَذْمُومُ هو الامساك عَنْ هَذَا

[1011]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَصَدَّقُوا فَيُوشِكُ الرَّجُلُ يَمْشِي بِصَدَقَتِهِ فَيَقُولُ الَّذِي أُعْطِيَهَا لَوْ جِئْتَنَا بِهَا بِالْأَمْسِ قَبِلْتُهَا

ص: 95

فَأَمَّا الْآنَ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهَا فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا) مَعْنَى أُعْطِيَهَا أَيْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ بَعْدَهُ مِمَّا وَرَدَ فِي كَثْرَةِ الْمَالِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ الْحَثُّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِالصَّدَقَةِ وَاغْتِنَامِ إِمْكَانِهَا قَبْلَ تَعَذُّرِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ تَصَدَّقُوا فيوشك الرجل إلى آخره وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِهِمُ الصَّدَقَةَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لِكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَظُهُورِ كُنُوزُ الْأَرْضِ وَوَضْعِ الْبَرَكَاتِ فِيهَا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ بَعْدَ هَلَاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَقِلَّةِ آمَالِهِمْ وَقُرْبِ السَّاعَةِ وَعَدَمِ ادِّخَارِهِمُ الْمَالَ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1012]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَطُوفُ الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ مِنَ الذَّهَبِ) إِنَّمَا هَذَا يَتَضَمَّنُ التَّنْبِيهَ عَلَى مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الذَّهَبُ لَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ فَكَيْفَ الظَّنُّ بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا فَتَحْصُلُ الْمُبَالَغَةُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ الصَّدَقَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ كَوْنُهُ يَعْرِضُهَا وَيَطُوفُ بِهَا وَهِيَ ذَهَبٌ قَوْلُهُ وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ ثُمَّ قال وفي رواية بن بَرَّادٍ وَتَرَى هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الْأَوَّلُ يُرَى بِضَمِّ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَالثَّانِي بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ تَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ) مَعْنَى يَلُذْنَ بِهِ أَيْ يَنْتَمِينَ إِلَيْهِ لِيَقُومَ بِحَوَائِجِهِنَّ وَيَذُبَّ عَنْهُنَّ كَقَبِيلَةٍ بَقِيَ مِنْ رِجَالِهَا وَاحِدٌ فَقَطْ وَبَقِيَتْ نِسَاؤُهَا فَيَلُذْنَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ لِيَذُبَّ عَنْهُنَّ وَيَقُومَ بِحَوَائِجِهِنَّ وَلَا يَطْمَعَ فِيهِنَّ أَحَدٌ بِسَبَبِهِ وَأَمَّا سَبَبُ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ فَهُوَ الْحُرُوبُ وَالْقِتَالُ

ص: 96

الَّذِي يَقَعُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَتَرَاكُمُ الْمَلَاحِمِ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ أَيِ الْقَتْلُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ وَهُوَ بن عبد الرحمن القارىء) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَارَةِ الْقَبِيلَةِ المَعْرُوفَةِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (حَتَّى تَعُودَ أَرْضُ الْعَرَبِ مُرُوجًا وَأَنْهَارًا) مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَهَا وَيُعْرِضُونَ عَنْهَا فَتَبْقَى مُهْمَلَةً لَا تُزْرَعُ وَلَا تُسْقَى مِنْ مِيَاهِهَا وَذَلِكَ لِقِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ الْحُرُوبِ وتراكم الفتن وَقُرْبِ السَّاعَةِ وَقِلَّةِ الْآمَالِ وَعَدَمِ الْفَرَاغِ لِذَلِكَ والِاهْتِمَامِ بِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ) ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَجْوَدُهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا يُهِمَّ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ مَنْصُوبًا مَفْعُولًا وَالْفَاعِلُ مَنْ وَتَقْدِيرُهُ يُحْزِنُهُ وَيَهْتَمُّ لَهُ وَالثَّانِي يَهُمَّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ مَرْفُوعًا فَاعِلًا وَتَقْدِيرُهُ يَهُمُّ رَبُّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ أَيْ بِقَصْدِهِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ أَهَمَّهُ إِذَا أَحْزَنَهُ وَهَمَّهُ إِذَا أَذَابَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ هَمَّكَ مَا أَهَمَّكَ أَيْ أَذَابَكَ الشَّيْءُ الَّذِي أَحْزَنَكَ فَأَذْهَبَ شَحْمَكَ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي هُوَ مِنْ هَمَّ بِهِ إِذَا قَصَدَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا أَرَبَ لِي فِيهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ أَيْ لَا حَاجَةَ

[1013]

قَوْلُهُ (مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى جَدٍّ لَهُ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرِ

ص: 97