الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص
(أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) الْمُصَدِّقُونَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُمُ السُّعَاةُ
الْعَامِلُونَ عَلَى الصَّدَقَاتِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) مَعْنَاهُ بِبَذْلِ الْوَاجِبِ وَمُلَاطَفَتِهِمْ وَتَرْكِ مَشَاقِّهِمْ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى ظُلْمٍ لَا يفسق به الساعى إذ لو فسق لا نعزل وَلَمْ يَجِبِ الدَّفْعُ إِلَيْهِ بَلْ لَا يُجْزِي وَالظُّلْمُ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ فَإِنَّهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَكْرُوهَاتُ)
(باب تَغْلِيظِ عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ)
[990]
قَوْلُهُ (لَمْ أَتَقَارَّ أَيْ لَمْ يُمْكِنِّي الْقَرَارُ وَالثَّبَاتُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الكعبة) ثم فسرهم فَقَالَ (هُمُ الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ) فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ فِي وُجُوهِ الخير
وَأَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ بَلْ يُنْفِقُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ يَحْضُرُ وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِغَيْرِ تَحْلِيفٍ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ كَتَوْكِيدِ أَمْرٍ وَتَحْقِيقِهِ وَنَفْيِ الْمَجَازِ عَنْهُ وَقَدْ كَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي حَلِفِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا النَّوْعِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَأَمَّا إِشَارَتُهُ صلى الله عليه وسلم إِلَى قُدَّامَ وَوَرَاءَ وَالْجَانِبَيْنِ فَمَعْنَاهَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْفِقَ مَتَى حَضَرَ أَمْرٌ مُهِمٌّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ نَفِدَتْ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَنَفَذَتْ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ
قَوْلُهُ (سَمِعْتُ لَغَطًا) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَإِسْكَانِهَا لُغَتَانِ أَيْ جَلَبَةً وَصَوْتًا غَيْرَ مَفْهُومٍ
[94]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَا أَبَا ذَرٍّ) فِيهِ مُنَادَاةُ الْعَالِمِ وَالْكَبِيرِ صَاحِبَهُ بِكُنْيَتِهِ إِذَا كَانَ جَلِيلًا قَوْلُهُ (مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَا يَخْلُدُ أَصْحَابُ الْكَبَائِرِ فِي النَّارِ خلافا للخوارج والمعتزلة وخص الزنى وَالسَّرِقَةَ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ أَفْحَشِ الْكَبَائِرِ وَهُوَ داخل في
أَحَادِيثِ الرَّجَاءِ قَوْلُهُ (فَالْتَفَتَ فَرَآنِي فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقُلْتُ أَبُو ذَرٍّ) فِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِكُنْيَتِهِ إِذَا كَانَ مَشْهُورًا بِهَا دُونَ اسْمِهِ وَقَدْ كَثُرَ مِثْلُهُ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِلَّا مَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَنَفَحَ فِيهِ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَوَرَاءَهُ وَعَمِلَ فِيهِ خَيْرًا) الْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الْأَوَّلِ الْمَالُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير أَيِ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الثَّانِي طَاعَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مَا سَبَقَ أَنَّهُ جَمِيعُ وُجُوهِ الْمَكَارِمِ وَالْخَيْرِ وَنَفَحَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ ضَرَبَ يَدَيْهِ فِيهِ بِالْعَطَاءِ وَالنَّفْحُ الرَّمْيُ وَالضَّرْبُ قَوْلُهُ (فَانْطَلَقَ فِي الْحَرَّةِ) هِيَ الْأَرْضُ الْمُلْبَسَةُ حِجَارَةً سَوْدَاءَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (قلت وان سرق وان زنى قَالَ نَعَمْ وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ) فِيهِ تَغْلِيظُ تحريم الخمر
[992]
قَوْلُهُ (فَبَيْنَا أَنَا فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ) الْمَلَأُ الْأَشْرَافُ وَيُقَالُ أَيْضًا لِلْجَمَاعَةِ وَالْحَلْقَةُ بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ لُغَيَّةً رَدِيئَةً فِي فَتْحِهَا وَقَوْلُهُ (بَيْنَا أَنَا فِي حَلْقَةٍ) أَيْ بَيْنَ أَوْقَاتِ قُعُودِي فِي الْحَلْقَةِ قَوْلُهُ (إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَخْشَنُ الثِّيَابِ أَخْشَنُ الْجَسَدِ أَخْشَنُ الْوَجْهِ) هُوَ بِالْخَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ فِي الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي هَكَذَا عَنِ الْجُمْهُورِ وهو من الخشونة قال وعند بن الْحَذَّاءِ فِي الْأَخِيرِ خَاصَّةً حُسْنُ الْوَجْهِ مِنَ الْحُسْنِ وَرَوَاهُ الْقَابِسِيُّ فِي الْبُخَارِيِّ حَسَنَ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ وَالْهَيْئَةِ مِنَ الْحُسْنِ وَلِغَيْرِهِ خَشِنَ مِنَ الْخُشُونَةِ وَهُوَ أَصْوَبُ قَوْلُهُ (فَقَامَ عَلَيْهِمْ) أَيْ وَقَفَ قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ بَشِّرَ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفَيْهِ وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ) أَمَّا قَوْلُهُ بَشِّرَ الْكَانِزِينَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ الِاحْتِجَاجَ لِمَذْهَبِهِ فِي أَنَّ الْكَنْزَ كُلُّ مَا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مذهب أبي ذر وورى عَنْهُ غَيْرُهُ وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْكَنْزَ هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ فَأَمَّا إِذَا أُدِّيَتْ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ سَوَاءٌ كَثُرَ أَمْ قَلَّ وَقَالَ الْقَاضِي الصَّحِيحُ أَنَّ إِنْكَارَهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى السَّلَاطِينِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُنْفِقُونَهُ فِي وُجُوهِهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي بَاطِلٌ لِأَنَّ السَّلَاطِينَ فِي زَمَنِهِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ صِفَتُهُمْ وَلَمْ يَخُونُوا فِي بَيْتِ الْمَالِ إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم وَتُوُفِّيَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ قَوْلُهُ (بِرَضْفٍ) هِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ وَقَوْلُهُ يُحْمَى عَلَيْهِ أَيْ يُوقَدُ عَلَيْهِ وَفِي جَهَنَّمَ مَذْهَبَانِ لِأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَالْعِلْمِيَّةِ قَالَ الْوَاحِدِيُّ
قَالَ يُونُسُ وَأَكْثَرُ النَّحْوِيِّينَ هِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعُجْمَةِ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اسْمٌ عَرَبِيٌّ سُمِّيَتْ بِهِ لِبُعْدِ قَعْرِهَا وَلَمْ يَنْصَرِفْ لِلْعِلْمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ قَالَ قُطْرُبٌ عَنْ رُؤْبَةُ يُقَالُ بِئْرٌ جَهَنَّامٌ أَيْ بَعِيدَةُ الْقَعْرِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْجُهُومَةِ وَهِيَ الْغِلَظُ يُقَالُ جهم الْوَجْهِ أَيْ غَلِيظُهُ وَسُمِّيَتْ جَهَنَّمُ لِغِلَظِ أَمْرِهَا فِي الْعَذَابِ وَقَوْلُهُ (ثَدْيِ أَحَدِهِمْ) فِيهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الثَّدْيِ فِي الرَّجُلِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ أَنْكَرَهُ وَقَالَ لَا يُقَالُ ثَدْيٌ إِلَّا لِلْمَرْأَةِ وَيُقَالُ فِي الرَّجُلِ ثُنْدُؤَةٌ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي حَدِيثِ الرَّجُلِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ بِسَيْفِهِ فَجَعَلَ ذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ وَسَبَقَ أَنَّ الثَّدْيَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَوْلُهُ (نُغْضِ كَتِفَيْهِ) هُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ وَهُوَ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ الَّذِي عَلَى طَرَفِ الْكَتِفِ وَقِيلَ هُوَ أَعْلَى الْكَتِفِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا النَّاغِضُ وَقَوْلُهُ يَتَزَلْزَلُ أَيْ يَتَحَرَّكُ قَالَ الْقَاضِي قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ بِسَبَبِ نُضْجِهِ يَتَحَرَّكُ لِكَوْنِهِ يَهْتَرِي قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْحَرَكَةَ وَالتَّزَلْزُلَ إِنَّمَا هُوَ لِلرَّضْفِ أَيْ يَتَحَرَّكُ مِنْ نُغْضِ كَتِفِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ إِلَى قَوْلِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ بِإِفْرَادِ الثَّدْيِ فِي الْأَوَّلِ وَتَثْنِيَتِهِ فِي الثَّانِي وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَوْلُهُ (لَا تَعْتَرِيهِمْ) أَيْ تَأْتِيهِمْ وَتَطْلُبُ مِنْهُمْ يُقَالُ عَرَوْتَهُ وَاعْتَرَيْتَهُ وَاعْتَرَرْتَهُ إِذَا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ مِنْهُ حَاجَةً قَوْلُهُ (لَا أَسْأَلُهُمْ عَنْ دُنْيَا وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ