المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط) - شرح النووي على مسلم - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ

- ‌(كِتَاب الزَّكَاةِ هِيَ فِي اللُّغَةِ النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ فَالْمَالُ

- ‌(باب زَكَاةِ الفطر)

- ‌(باب اثم مَانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ إِرْضَاءِ السُّعَاةِ)

- ‌(أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) الْمُصَدِّقُونَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُمُ السُّعَاةُ

- ‌(باب تَغْلِيظِ عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ وَتَبْشِيرِ الْمُنْفِقِ بِالْخَلَفِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ والمملوك)

- ‌(باب الِابْتِدَاءِ فِي النَّفَقَةِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ أَهْلِهِ ثُمَّ الْقَرَابَةِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ

- ‌(باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه)

- ‌(ضَبَطْنَاهُ نَفْسَهَا وَنَفْسُهَا بِنَصَبِ السِّينِ وَرَفْعِهَا فالرفع)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ)

- ‌(قَالَ وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(باب الْحَمْلِ بِأُجْرَةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا وَالنَّهْيِ الشَّدِيدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ)

- ‌(باب مَثَلِ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ)

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ وَقَعَتِ الصَّدَقَةُ فِي يَدِ فَاسِقٍ

- ‌(باب أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ

- ‌(وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ

- ‌(باب فضل من ضم إلى الصدقة غيرها من أنواع الْبِرِّ)

- ‌(باب الحث على الانفاق وكراهة الاحصاء)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ

- ‌(باب فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَأَنَّ

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب من تحل له المسألة)

- ‌(باب جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا)

- ‌(باب فضل القناعة والحث عليها)

- ‌(باب التحذير من الاغترار بزينة الدنيا وما يبسط مِنْهَا)

- ‌(باب فضل التعفف والصبر والقناعة والحث على كُلُّ ذَلِكَ)

- ‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

- ‌(قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ

- ‌(وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

- ‌(باب تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب إِبَاحَةِ الْهَدِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ)

- ‌(باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ)

- ‌(باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وَصِغَرِهِ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا

- ‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

- ‌(باب فضل السحور وتأكيد استحبابه)

- ‌(باب بَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الصَّوْمِ وَخُرُوجِ النَّهَارِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(أَيْ أَظَلُّ عَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ

- ‌((باب صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ))

- ‌(بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ

الفصل: ‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

أَفْضَلُ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنَ الْغِنَى

[1055]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ محمد قوتا) قال أهل اللغة العربية الْقُوتُ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَفِيهِ فَضِيلَةُ التَّقَلُّلِ مِنَ الدُّنْيَا وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْقُوتِ مِنْهَا وَالدُّعَاءِ بذلك

(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

(واحتمال من سأل بجفاء لجهله وبيان الخوارج وأحكامهم)

[1056]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (خَيَّرُونِي بَيْنَ أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ) معناه أنهم ألحوا في المسألة لضعف يمانهم وألجأونى بِمُقْتَضَى حَالِهِمْ إِلَى السُّؤَالِ بِالْفُحْشِ أَوْ نِسْبَتِي إِلَى الْبُخْلِ وَلَسْتُ بِبَاخِلٍ وَلَا يَنْبَغِي احْتِمَالُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ فَفِيهِ مُدَارَاةُ أَهْلِ الْجَهَالَةِ وَالْقَسْوَةِ وَتَأَلُّفُهِمْ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَصْلَحَةٌ وَجَوَازُ دَفْعِ الْمَالِ إِلَيْهِمْ لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ

[1057]

قَوْلُهُ (فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ

ص: 146

مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) فِيهِ احْتِمَالُ الْجَاهِلِينَ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ مُقَابَلَتِهِمْ وَدَفْعُ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ وَإِعْطَاءُ مَنْ يُتَأَلَّفُ قَلْبَهُ وَالْعَفْوُ عَنْ مُرْتَكِبِ كَبِيرَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا بِجَهْلِهِ وَإِبَاحَةُ الضَّحِكِ عِنْدَ الْأُمُورِ الَّتِي يُتَعَجَّبُ مِنْهَا فِي الْعَادَةِ وَفِيهِ كَمَالُ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحِلْمِهِ وَصَفْحِهِ الْجَمِيلِ قَوْلُهُ (فَجَاذَبَهُ) هُوَ بِمَعْنَى جَبَذَهُ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ فَيُقَالُ جَبَذَ وَجَذَبَ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَوْلُهُ (حَتَّى انْشَقَّ الْبُرْدُ وَحَتَّى بَقِيَتْ حَاشِيَتُهُ فِي عُنُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الْحَاشِيَةَ انْقَطَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي الْعُنُقِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بَقِيَ أَثَرُهَا لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى

ص: 147

أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ

[1058]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِمَخْرَمَةَ (خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ) هُوَ مِنْ بَابِ التَّأَلُّفِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ (أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا) إِلَى آخِرِهِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ سَعْدًا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي نَاسًا وَيَتْرُكُ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ فِي الدِّينِ وَظَنَّ أَنَّ الْعَطَاءَ يَكُونُ بِحَسَبِ الْفَضَائِلِ فِي الدِّينِ وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْلَمْ حَالَ هَذَا الْإِنْسَانِ الْمَتْرُوكِ فَأَعْلَمَهُ بِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ يَعْلَمُهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مُسْلِمًا فَلَمْ يَفْهَمْ مِنْهُ النَّهْيَ عَنِ الشَّفَاعَةِ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى فَسَكَتَ ثُمَّ رَآهُ يُعْطِي مَنْ هُوَ دُونَهُ بِكَثِيرٍ فَغَلَبَهُ مَا يَعْلَمُ مِنْ حُسْنِ حَالِ ذَلِكَ الانسان فقال يا رسول الله مالك عَنْ فُلَانٍ تَذْكِيرًا وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَمَّ بِعَطَائِهِ مِنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ثُمَّ نَسِيَهُ فَأَرَادَ تَذْكِيرَهُ وَهَكَذَا الْمَرَّةَ الثَّالِثَةَ إِلَى أَنْ أَعْلَمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْعَطَاءَ لَيْسَ هُوَ عَلَى حَسَبِ الْفَضَائِلِ فِي الدِّينِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ مَعْنَاهُ إِنِّي أُعْطِي نَاسًا مُؤَلَّفَةً في ايمانهم

ص: 148

ضَعْفٌ لَوْ لَمْ أُعْطِهِمْ كَفَرُوا فَيَكُبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ وَأَتْرُكُ أَقْوَامًا هُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِينَ أَعْطَيْتُهُمْ وَلَا أَتْرُكُهُمُ احْتِقَارًا لَهُمْ وَلَا لِنَقْصِ دِينِهِمْ وَلَا إِهْمَالًا لِجَانِبِهِمْ بَلْ أَكِلُهُمْ إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النُّورِ وَالْإِيمَانِ التَّامِّ وَأَثِقُ بِأَنَّهُمْ لَا يَتَزَلْزَلُ إِيمَانُهُمْ لِكَمَالِهِ وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا الْمَعْنَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْيٍ فَقَسَمَهُ فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الَّذِي أُعْطِي وَلَكِنِّي أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْغِنَى وَالْخَيْرِ قَوْلُهُ (أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَتَقْدِيرُهُ قَالَ أَعْطَى فَحَذَفَ لَفْظَةَ قَالَ قَوْلُهُ (وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ) أَيْ أَفْضَلُهُمْ عِنْدِي قَوْلُهُ (فَقُمْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فساررته فقلت مالك عَنْ فُلَانٍ) فِيهِ التَّأَدُّبُ مَعَ الْكِبَارِ وَأَنَّهُمْ يُسَارُّونَ بِمَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّذْكِيرِ لَهُمْ وَالتَّنْبِيهِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُجَاهَرُونَ بِهِ فَقَدْ يَكُونُ فِي الْمُجَاهَرَةِ بِهِ مَفْسَدَةٌ قَوْلُهُ (إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ أَوْ مُسْلِمًا) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَأَرَاهُ وَإِسْكَانِ وَاوِ أَوْ مُسْلِمًا وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ

ص: 149

مستوفى في كتاب الايمان قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى يَوْمَ حُنَيْنٍ مِنْ غَنَائِمِ هَوَازِنَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ فَعَتَبَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) إِلَى آخِرِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُمْ قَبْلَ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْسِبْ مَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْخُمُسِ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِي بَاقِي الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْخُمُسِ فَفِيهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ صَرْفَ الْخُمُسِ وَتَفْضِيلَ النَّاسِ فِيهِ عَلَى مَا يَرَاهُ وَأَنْ

ص: 150

يُعْطِيَ الْوَاحِدَ مِنْهُ الْكَثِيرَ وَأَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْغَنِيَّ مِنْهُ لِمَصْلَحَةٍ

[1059]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً) فِيهَا لُغَتَانِ إِحْدَاهُمَا ضَمُّ الهمزة واسكان الثاء وأصحهما وأشهرهما بفتحهما جَمِيعًا وَالْأَثَرَةُ الِاسْتِئْثَارُ بِالْمُشْتَرَكِ أَيْ يَسْتَأْثِرُ عَلَيْكُمْ ويفضل

ص: 151

عَلَيْكُمْ غَيْرَكُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (بن أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يُوَرِّثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَآخَرِينَ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَوْرِيثَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمُ ارْتِبَاطًا وَقَرَابَةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْإِرْثِ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ كَالْوَاحِدِ مِنْهُمْ فِي إِفْشَاءِ سِرِّهِمْ بِحَضْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ) قَالَ الْخَلِيلُ هُوَ مَا انْفَرَجَ بين جبلين وقال بن السِّكِّيتِ هُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْأَنْصَارِ وَرُجْحَانِهِمْ قَوْلُهُ (وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ) هُوَ بِعَيْنَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ

ص: 152

قَوْلُهُ (وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِالْمَدِّ وَهُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ جَمْعُ طَلِيقٍ يُقَالُ ذَاكَ لِمَنْ أُطْلِقَ مِنْ إِسَارٍ أَوْ وَثَاقٍ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ قِيلَ لِمُسْلِمِي الْفَتْحِ الطُّلَقَاءُ لِمَنِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ (وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمئِذٍ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ نَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قَدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي كُتُبِ الْمَغَازِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَوْمَئِذٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا عَشَرَةُ آلَافٍ شَهِدُوا الْفَتْحَ وَأَلْفَانِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ

ص: 153

وَمَنِ انْضَافَ إِلَيْهِمْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ مَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ قَالَ الْقَاضِي قَوْلُهُ سِتَّةُ آلَافٍ وَهَمٌ مِنَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (حَدَّثَنِي السُّمَيْطُ عَنْ أَنَسِ) هُوَ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ تَصْغِيرُ سِمْطٍ قَوْلُهُ (وعلى مجنبة خيلنا خالد) المجنبة بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ قَالَ شَمِرٌ الْمُجَنِّبَةُ هِيَ الْكَتِيبَةُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَأْخُذُ جَانِبَ الطَّرِيقِ الْأَيْمَنَ وَهُمَا مُجَنِّبَتَانِ مَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ بِجَانِبَيِ الطَّرِيقِ وَالْقَلْبُ بَيْنَهُمَا قَوْلُهُ (فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلْوِي خَلْفَ ظُهُورِنَا) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا تَلُوذُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يَالَ الْمُهَاجِرِينَ يَالَ الْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ قَالَ يَالَ الْأَنْصَارِ يَالَ الْأَنْصَارِ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ يَالَ بِلَامٍ مَفْصُولَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَالْمَعْرُوفُ وَصْلُهَا بِلَامِ التَّعْرِيفِ الَّتِي بَعْدَهَا قَوْلُهُ (قَالَ أَنَسٌ هَذَا حَدِيثُ عِمِّيَّةٍ

ص: 154