المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة) - شرح النووي على مسلم - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ

- ‌(كِتَاب الزَّكَاةِ هِيَ فِي اللُّغَةِ النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ فَالْمَالُ

- ‌(باب زَكَاةِ الفطر)

- ‌(باب اثم مَانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ إِرْضَاءِ السُّعَاةِ)

- ‌(أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) الْمُصَدِّقُونَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُمُ السُّعَاةُ

- ‌(باب تَغْلِيظِ عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ وَتَبْشِيرِ الْمُنْفِقِ بِالْخَلَفِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ والمملوك)

- ‌(باب الِابْتِدَاءِ فِي النَّفَقَةِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ أَهْلِهِ ثُمَّ الْقَرَابَةِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ

- ‌(باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه)

- ‌(ضَبَطْنَاهُ نَفْسَهَا وَنَفْسُهَا بِنَصَبِ السِّينِ وَرَفْعِهَا فالرفع)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ)

- ‌(قَالَ وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(باب الْحَمْلِ بِأُجْرَةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا وَالنَّهْيِ الشَّدِيدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ)

- ‌(باب مَثَلِ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ)

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ وَقَعَتِ الصَّدَقَةُ فِي يَدِ فَاسِقٍ

- ‌(باب أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ

- ‌(وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ

- ‌(باب فضل من ضم إلى الصدقة غيرها من أنواع الْبِرِّ)

- ‌(باب الحث على الانفاق وكراهة الاحصاء)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ

- ‌(باب فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَأَنَّ

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب من تحل له المسألة)

- ‌(باب جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا)

- ‌(باب فضل القناعة والحث عليها)

- ‌(باب التحذير من الاغترار بزينة الدنيا وما يبسط مِنْهَا)

- ‌(باب فضل التعفف والصبر والقناعة والحث على كُلُّ ذَلِكَ)

- ‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

- ‌(قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ

- ‌(وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

- ‌(باب تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب إِبَاحَةِ الْهَدِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ)

- ‌(باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ)

- ‌(باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وَصِغَرِهِ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا

- ‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

- ‌(باب فضل السحور وتأكيد استحبابه)

- ‌(باب بَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الصَّوْمِ وَخُرُوجِ النَّهَارِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(أَيْ أَظَلُّ عَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ

- ‌((باب صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ))

- ‌(بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ

الفصل: ‌(باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة)

ولايطلق عَلَى الذَّكَرِ

[1015]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا) قَالَ الْقَاضِي الطَّيِّبُ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْمُنَزَّهُ عَنِ النَّقَائِصِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْقُدُّوسِ وَأَصْلُ الطَّيِّبُ الزَّكَاةُ وَالطَّهَارَةُ وَالسَّلَامَةُ مِنَ الْخَبَثِ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي هِيَ قَوَاعِدُ الْإِسْلَامِ وَمَبَانِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ جَمَعْتُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ حَدِيثًا فِي جُزْءٍ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنَ الْحَلَالِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْإِنْفَاقِ مِنْ غَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمَشْرُوبَ وَالْمَأْكُولَ وَالْمَلْبُوسَ وَنَحْوَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَلَالًا خَالِصًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَأَنَّ مَنْ أَرَادَ الدُّعَاءَ كَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِنَاءِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ) إِلَى آخِرِهِ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُطِيلُ السَّفَرَ فِي وُجُوهِ الطَّاعَاتِ كَحَجٍّ وَزِيَارَةٍ مُسْتَحَبَّةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَغُذِيَ بِالْحِرَامِ) هُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمَكْسُورَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) أَيْ مِنْ أَيْنَ يُسْتَجَابُ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ وَكَيْفَ يُسْتَجَابُ لَهُ

(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

(أَوْ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَأَنَّهَا حِجَابٌ مِنْ النَّارِ)

[1016]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فليفعل) شق

ص: 100

التَّمْرَةِ بِكَسْرِ الشِّينِ نِصْفُهَا وَجَانِبُهَا وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا لِقِلَّتِهَا وَأَنَّ قَلِيلَهَا سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ قَوْلُهُ (لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ) هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا وَهُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ لِسَانٍ بِلِسَانٍ قَوْلُهُ (وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ) فِيهِ أَنَّ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي فيها تطيب قَلْبِ إِنْسَانٍ إِذَا كَانَتْ مُبَاحَةً أَوْ طَاعَةً قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ الْأَعْمَشُ وَعَمْرٌو وَخَيْثَمَةُ قَوْلُهُ (فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ) هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ نَحَّاهُ وَعَدَلَ بِهِ وَقَالَ

ص: 101

الْأَكْثَرُونَ الْمُشِيحُ الْحَذِرُ وَالْجَادُّ فِي الْأَمْرِ وَقِيلَ الْمُقْبِلُ وَقِيلَ الْهَارِبُ وَقِيلَ الْمُقْبِلُ إِلَيْكَ الْمَانِعُ لما وراء ظهره فأشاح هنا يحتمل هذه المعانى أَيْ حَذِرَ النَّارَ كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَوْ جَدَّ فِي الْإِيضَاحِ بِإِيقَانِهَا أَوْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ خِطَابًا أَوْ أَعْرَضَ كَالْهَارِبِ

[1017]

قَوْلُهُ (مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوَ الْعَبَاءِ) النِّمَارُ بِكَسْرِ النُّونِ جَمْعُ نَمِرَةٍ بفتحها وهي ثياب صوف فيها تنمير والعباء بِالْمَدِّ وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَبَاءَةٍ وَعَبَايَةٍ لُغَتَانِ وَقَوْلُهُ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَيْ خَرَقُوهَا وَقَوَّرُوا وَسَطَهَا قَوْلُهُ (فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تَغَيَّرَ قَوْلُهُ (فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ جَمْعِ النَّاسِ لِلْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَوَعْظِهِمْ وَحَثِّهِمْ عَلَى مَصَالِحِهِمْ وَتَحْذِيرِهِمْ مِنَ الْقَبَائِحِ قَوْلُهُ (فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحدة) سَبَبُ قِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا أَبْلَغُ

ص: 102

فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَلِمَا فِيهَا مِنْ تَأَكُّدِ الْحَقِّ لِكَوْنِهِمْ إِخْوَةً قَوْلُهُ (رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا قَالَ الْقَاضِي ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالْفَتْحِ وَبَعْضُهُمْ بالضم قال بن سِرَاجٍ هُوَ بِالضَّمِّ اسْمٌ لِمَا كَوَّمَهُ وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ قَالَ وَالْكُوْمَةُ بِالضَّمِّ الصُّبْرَةُ وَالْكَوْمُ الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَالْكَوْمُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ كَالرَّابِيَةِ قَالَ الْقَاضِي فَالْفَتْحُ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْكَثْرَةُ وَالتَّشْبِيهُ بِالرَّابِيَةِ قَوْلُهُ (حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ) فَقَوْلُهُ يَتَهَلَّلُ أَيْ يَسْتَنِيرُ فَرَحًا وَسُرُورًا وَقَوْلُهُ مُذْهَبَةٌ ضَبَطُوهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَالْجُمْهُورُ مُذْهَبَةٌ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ وَالثَّانِي وَلَمْ يَذْكُرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ غَيْرَهُ مُدْهُنَةٌ بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ الْهَاءِ وَبَعْدَهَا نُونٌ وَشَرَحَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ فَسَّرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِنْ صَحَّتِ الْمُدْهُنُ الْإِنَاءُ الَّذِي يُدْهَنُ فِيهِ وَهُوَ أَيْضًا اسْمٌ لِلنُّقْرَةِ فِي الْجَبَلِ الَّتِي يُسْتَجْمَعُ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ فَشَبَّهَ صَفَاءَ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ بِصَفَاءِ هَذَا الْمَاءِ وَبِصَفَاءِ الدُّهْنِ وَالْمُدْهُنُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ هَذَا تَصْحِيفٌ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَعَلَى هَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهَيْنِ فِي تَفْسِيرِهِ أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ فِضَّةٌ مُذْهَبَةٌ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي حُسْنِ الْوَجْهِ وَإِشْرَاقِهِ وَالثَّانِي شَبَّهَهُ فِي حُسْنِهِ وَنُورِهِ بِالْمُذْهَبَةِ مِنَ الْجُلُودِ وَجَمْعُهَا مَذَاهِبُ وَهِيَ شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَصْنَعُهُ مِنْ جُلُودٍ وَتَجْعَلُ فِيهَا خُطُوطًا مُذْهَبَةً يُرَى بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ وَأَمَّا سَبَبُ سُرُورِهِ صلى الله عليه وسلم فَفَرَحًا بِمُبَادَرَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَذْلِ أَمْوَالِهِمْ لِلَّهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِدَفْعِ حَاجَةِ هَؤُلَاءِ الْمُحْتَاجِينَ وَشَفَقَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ إِذَا رَأَى شَيْئًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَنْ يَفْرَحَ وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ وَيَكُونَ فَرَحُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 103

(مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا) إِلَى آخِرِهِ فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الِابْتِدَاءِ بِالْخَيْرَاتِ وَسَنِّ السُّنَنَ الْحَسَنَاتِ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ اخْتِرَاعِ الْأَبَاطِيلِ وَالْمُسْتَقْبَحَاتِ وَسَبَبُ هَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا فَتَتَابَعَ النَّاسُ وَكَانَ الْفَضْلُ الْعَظِيمُ لِلْبَادِي بِهَذَا الْخَيْرِ وَالْفَاتِحُ لِبَابِ هَذَا الْإِحْسَانِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْصِيصُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُحْدَثَاتُ الْبَاطِلَةُ وَالْبِدَعُ الْمَذْمُومَةُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا فِي كِتَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الْبِدَعَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبَةٌ

ص: 104