المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير - شرح النووي على مسلم - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ

- ‌(كِتَاب الزَّكَاةِ هِيَ فِي اللُّغَةِ النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ فَالْمَالُ

- ‌(باب زَكَاةِ الفطر)

- ‌(باب اثم مَانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ إِرْضَاءِ السُّعَاةِ)

- ‌(أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) الْمُصَدِّقُونَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُمُ السُّعَاةُ

- ‌(باب تَغْلِيظِ عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ وَتَبْشِيرِ الْمُنْفِقِ بِالْخَلَفِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ والمملوك)

- ‌(باب الِابْتِدَاءِ فِي النَّفَقَةِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ أَهْلِهِ ثُمَّ الْقَرَابَةِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ

- ‌(باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه)

- ‌(ضَبَطْنَاهُ نَفْسَهَا وَنَفْسُهَا بِنَصَبِ السِّينِ وَرَفْعِهَا فالرفع)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ)

- ‌(قَالَ وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(باب الْحَمْلِ بِأُجْرَةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا وَالنَّهْيِ الشَّدِيدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ)

- ‌(باب مَثَلِ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ)

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ وَقَعَتِ الصَّدَقَةُ فِي يَدِ فَاسِقٍ

- ‌(باب أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ

- ‌(وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ

- ‌(باب فضل من ضم إلى الصدقة غيرها من أنواع الْبِرِّ)

- ‌(باب الحث على الانفاق وكراهة الاحصاء)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ

- ‌(باب فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَأَنَّ

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب من تحل له المسألة)

- ‌(باب جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا)

- ‌(باب فضل القناعة والحث عليها)

- ‌(باب التحذير من الاغترار بزينة الدنيا وما يبسط مِنْهَا)

- ‌(باب فضل التعفف والصبر والقناعة والحث على كُلُّ ذَلِكَ)

- ‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

- ‌(قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ

- ‌(وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

- ‌(باب تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب إِبَاحَةِ الْهَدِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ)

- ‌(باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ)

- ‌(باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وَصِغَرِهِ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا

- ‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

- ‌(باب فضل السحور وتأكيد استحبابه)

- ‌(باب بَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الصَّوْمِ وَخُرُوجِ النَّهَارِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(أَيْ أَظَلُّ عَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ

- ‌((باب صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ))

- ‌(بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ

الفصل: ‌(باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير

العلماء في الاعصار المتأخرة وهو اشتراط طعام سِتِّينَ مِسْكِينًا وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ إِطْعَامُ أَرْبَعِينَ مِسْكَيْنًا عِشْرِينَ صَاعًا ثُمَّ جُمْهُورُ الْمُشْتَرِطِينَ سِتِّينَ قَالُوا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَهُوَ رُبُعُ صَاعٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ

‌(بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ

مَعْصِيَةٍ)

(إِذَا كَانَ سَفَرُهُ مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ يَصُومَ)(وَلِمَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَا يَصِحُّ صَوْمُ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ فَإِنْ صَامَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ وَيَجِبُ قَضَاؤُهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِحَدِيثِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ وَقَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَجَمِيعُ أَهْلِ الْفَتْوَى يَجُوزُ صَوْمُهُ فِي السَّفَرِ وَيَنْعَقِدُ وَيُجْزِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ أَمِ الْفِطْرَ أَمْ هُمَا سَوَاءٌ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ الصَّوْمُ أَفْضَلُ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَلَا ضَرَرَ فَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَاحْتَجُّوا بِصَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَغَيْرِهِمَا وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَلِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فِي الْحَالِ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمُ الْفِطْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ غَرِيبٌ وَاحْتَجُّوا بِمَا سَبَقَ لِأَهْلِ الظَّاهِرِ وَبِحَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ الْمَذْكُورِ فِي مُسْلِمٍ فِي آخِرِ الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْفِطْرِ وَأَجَابَ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَنْ يَخَافُ ضَرَرًا أَوْ يَجِدُ مَشَقَّةً كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَحَادِيثِ وَاعْتَمَدُوا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَالَ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَا يَجِدُ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلَا

ص: 229

الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ قُوَّةً فَصَامَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ وَجَدَ ضَعْفًا فَأَفْطَرَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ مَذْهَبِ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ تَفْضِيلُ الصَّوْمِ لِمَنْ أَطَاقَهُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ سَوَاءٌ لِتَعَادُلِ الْأَحَادِيثِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1113]

قَوْلُهُ (خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ) يَعْنِي بِالْفَتْحِ فَتْحَ مَكَّةَ وَكَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهجرة والكديد بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ عَيْنٌ جَارِيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ سَبْعُ مَرَاحِلَ أَوْ نَحْوُهَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ قَرِيبٌ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ وَهِيَ أَقْرَبُ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ عُسْفَانَ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْكَدِيدُ عَيْنٌ جَارِيَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا مِنْ مَكَّةَ قَالَ وَعُسْفَانُ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بِهَا مِنْبَرٌ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا مِنْ مَكَّةَ قَالَ وَالْكَدِيدُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَدِيدٍ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ وَادٍ أَمَامَ عُسْفَانَ بِثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ يُضَافُ إِلَيْهِ هَذَا الْكُرَاعُ وَهُوَ جَبَلٌ أَسْوَدُ مُتَّصِلٌ بِهِ والكراع كُلُّ أَنْفٍ سَالَ مِنْ جَبَلٍ أَوْ حَرَّةٍ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا كُلُّهُ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فِي غَزَاةِ الْفَتْحِ قَالَ وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَوَاضِعُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لِتَقَارُبِهَا وَإِنْ كَانَتْ عُسْفَانُ مُتَبَاعِدَةً شَيْئًا عَنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَكِنَّهَا كُلَّهَا مُضَافَةٌ إِلَيْهَا وَمِنْ عَمَلِهَا فَاشْتَمَلَ اسْمُ عُسْفَانَ عَلَيْهَا قَالَ وَقَدْ يَكُونُ عَلِمَ حَالَ النَّاسِ وَمَشَقَّتَهُمْ فِي بَعْضِهَا فَأَفْطَرَ وَأَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي بَعْضِهَا هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَهُوَ كَمَا قَالَ إِلَّا فِي مَسَافَةِ عُسْفَانَ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا عَلَى أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ وَكُلُّ بَرِيدٍ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَكُلُّ فَرْسَخٍ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ قَوْلُهُ (فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ جَائِزَانِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَهُ أَنْ يَصُومَ بَعْضَ رَمَضَانَ دُونَ بَعْضٍ وَلَا يَلْزَمُهُ بِصَوْمِ بَعْضِهِ إِتْمَامُهُ وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي فَهْمِ هَذَا الْحَدِيثِ فَتَوَهَّمَ أَنَّ الْكَدِيدَ وَكُرَاعَ الْغَمِيمِ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَنَّ قَوْلَهُ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ وَكُرَاعَ الْغَمِيمِ كَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَزَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ صَائِمًا فَلَمَّا بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فِي يَوْمِهِ أَفْطَرَ فِي نَهَارٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ

ص: 230

هَذَا الْقَائِلُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا سَافَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَائِمًا لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي يَوْمِهِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ فِي السَّفَرِ وَاسْتِدْلَالُ هَذَا الْقَائِلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْعَجَائِبِ الْغَرِيبَةِ لِأَنَّ الْكَدِيدَ وَكُرَاعَ الْغَمِيمِ عَلَى سَبْعِ مَرَاحِلَ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا عَلِمُوا مِنْهُ النَّسْخَ أَوْ رُجْحَانَ الثَّانِي مَعَ جَوَازِهِمَا وَإِلَّا فَقَدْ طَافَ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرِهِ وَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَنَظَائِرُ ذَلِكَ مِنَ الْجَائِزَاتِ الَّتِي عَمِلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ قَلِيلَةً لِبَيَانِ جَوَازِهَا وَحَافَظَ

ص: 231

على الأفضل منها قوله (قال بن عَبَّاسٍ فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ جَمِيعًا

[1114]

قَوْلُهُ (فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ) هَكَذَا هُوَ مُكَرَّرٌ مَرَّتَيْنِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ أَوْ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْفِطْرِ أَمْرًا جَازِمًا لِمَصْلَحَةِ بيان جوازه

ص: 232

فَخَالَفُوا الْوَاجِبَ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَكُونُ الصَّائِمُ الْيَوْمَ فِي السَّفَرِ عَاصِيًا إِذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ وَيُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ

[1115]

قَوْلُهُ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَرَأَى رَجُلًا قَدِ اجْتَمَعَ عليه الناس وقد ظلل عليه فقال ماله قَالُوا رَجُلٌ صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ) مَعْنَاهُ إِذَا شَقَّ عَلَيْكُمْ وَخِفْتُمُ الضَّرَرَ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي هَذَا التَّأْوِيلَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةِ لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ وَمَعْنَى الْجَمِيعِ فِيمَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ (فَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ) ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسِتَّ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَفِي رِوَايَةٍ

ص: 233

لِثَمَانِ عَشْرَةَ خَلَتْ وَفِي رِوَايَةٍ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لِسَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ وَالْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْمَغَازِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ مِنَ الْمَدِينَةِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَدَخَلَهَا لِتِسْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ

ص: 234

قَوْلَهُ (فَتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا فَتَحَزَّمَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ أَكْثَرِ رُوَاةِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ فَتَخَدَّمَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَادَّعَوْا أَنَّهُ صَوَابُ الْكَلَامِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَخْدُمُونَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ أَيْضًا وَلِصِحَّتِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَعْنَاهُ شَدُّوا أَوْسَاطَهُمْ لِلْخِدْمَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ لِلِاجْتِهَادِ فِي الْخِدْمَةِ وَمِنْهُ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ اجْتَهَدَ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مِنَ الْحَزْمِ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالْأَخْذُ بِالْقُوَّةِ وَالِاهْتِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ

[1120]

قَوْلُهُ (وَهُوَ مَكْثُورٌ

ص: 236

عليه) أي عنده كثيرون من الناس قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ فَقَالَ صُمْ إِنْ شِئْتَ وَأَفْطِرْ إِنْ شِئْتَ) فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ جَائِزَانِ وَأَمَّا الْأَفْضَلُ مِنْهُمَا فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ وَسَرْدَهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِمَنْ لَا يَخَافُ مِنْهُ ضَرَرًا وَلَا يُفَوِّتُ بِهِ حَقًّا بِشَرْطِ فِطْرِ يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِسَرْدِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ بَلْ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يُطِيقُ السَّرْدَ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا تَفْوِيتِ حَقٍّ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهَا أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ وَأَمَّا إِنْكَارُهُ صلى الله عليه وسلم على بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ صَوْمَ الدَّهْرِ فَلِأَنَّهُ عَلِمَ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَيَضْعُفُ عَنْهُ وَهَكَذَا جَرَى فَإِنَّهُ ضَعُفَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَكَانَ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْعَمَلَ الدَّائِمَ وَإِنْ قَلَّ وَيَحُثُّهُمْ عَلَيْهِ

[1121]

قَوْلُهُ (عَنْ أبي مراوح

ص: 237

هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ واسمه سعد

ص: 238