المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر) - شرح النووي على مسلم - جـ ٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌(قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ

- ‌(كِتَاب الزَّكَاةِ هِيَ فِي اللُّغَةِ النَّمَاءُ وَالتَّطْهِيرُ فَالْمَالُ

- ‌(باب زَكَاةِ الفطر)

- ‌(باب اثم مَانِعِ الزَّكَاةِ)

- ‌(بَابُ إِرْضَاءِ السُّعَاةِ)

- ‌(أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ) الْمُصَدِّقُونَ بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَهُمُ السُّعَاةُ

- ‌(باب تَغْلِيظِ عُقُوبَةِ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ وَتَبْشِيرِ الْمُنْفِقِ بِالْخَلَفِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ والمملوك)

- ‌(باب الِابْتِدَاءِ فِي النَّفَقَةِ بِالنَّفْسِ ثُمَّ أَهْلِهِ ثُمَّ الْقَرَابَةِ)

- ‌(باب فَضْلِ النَّفَقَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقْرَبِينَ وَالزَّوْجِ

- ‌(باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه)

- ‌(ضَبَطْنَاهُ نَفْسَهَا وَنَفْسُهَا بِنَصَبِ السِّينِ وَرَفْعِهَا فالرفع)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ)

- ‌(قَالَ وَقِيلَ عَبَّرَ بِالْيَمِينِ هُنَا عَنْ جِهَةِ الْقَبُولِ وَالرِّضَا إِذِ

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)

- ‌(باب الْحَمْلِ بِأُجْرَةٍ يُتَصَدَّقُ بِهَا وَالنَّهْيِ الشَّدِيدِ)

- ‌(باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ)

- ‌(باب مَثَلِ الْمُنْفِقِ وَالْبَخِيلِ)

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ وَقَعَتِ الصَّدَقَةُ فِي يَدِ فَاسِقٍ

- ‌(باب أَجْرِ الْخَازِنِ الْأَمِينِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا تَصَدَّقَتْ مِنْ بَيْتِ

- ‌(وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ سَوَاءً لِأَنَّ

- ‌(باب فضل من ضم إلى الصدقة غيرها من أنواع الْبِرِّ)

- ‌(باب الحث على الانفاق وكراهة الاحصاء)

- ‌(باب الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلَا تَمْتَنِعُ مِنْ

- ‌(باب فَضْلِ إِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ)

- ‌(باب بَيَانِ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَأَنَّ

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ)

- ‌(باب من تحل له المسألة)

- ‌(باب جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع)

- ‌(باب كَرَاهَةِ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا)

- ‌(باب فضل القناعة والحث عليها)

- ‌(باب التحذير من الاغترار بزينة الدنيا وما يبسط مِنْهَا)

- ‌(باب فضل التعفف والصبر والقناعة والحث على كُلُّ ذَلِكَ)

- ‌(باب اعطاء المؤلفة ومن يخاف على ايمانه ان لم يعط)

- ‌(قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْحَدِيثِ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ كَذَلِكَ

- ‌(وَهُوَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ

- ‌(باب تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب إِبَاحَةِ الْهَدِيَّةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب الدُّعَاءِ لِمَنْ أَتَى بِصَدَقَتِهِ)

- ‌(باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ)

- ‌(باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وَصِغَرِهِ)

- ‌(باب بَيَانِ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرَا عِيدٍ لَا

- ‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

- ‌(باب فضل السحور وتأكيد استحبابه)

- ‌(باب بَيَانِ وَقْتِ انْقِضَاءِ الصَّوْمِ وَخُرُوجِ النَّهَارِ)

- ‌(باب النَّهْيِ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(أَيْ أَظَلُّ عَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلَالَةٌ لِلْمَذْهَبِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْقُبْلَةَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ لَمْ

- ‌((باب صِحَّةِ صَوْمِ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ))

- ‌(بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى الصَّائِمِ)

- ‌(بَابُ جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْمُسَافِرِ فِي غَيْرِ

الفصل: ‌(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

(باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر)

(وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر وبيان صفة الفجر الذي تتعلق به الأحكام)(من الدخول في الصوم ودخول وقت صلاة الصبح وغير ذلك وهو الفجر الثاني)(ويسمى الصادق والمستطير وأنه لا أثر للفجر الأول في الأحكام وهو الفجر الكاذب)(المستطيل باللام كذنب السرحان وهو الذئب)

[1090]

قَوْلُهُ (عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسود من الفجر قَالَ لَهُ عَدِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ) هَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ أَوْ أكثرها فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ وَفِي بَعْضِهَا قَالَ عَدِيٌّ بِحَذْفِ لَهُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَمَنْ أَثْبَتَهَا أَعَادَ الضَّمِيرَ إِلَى مَعْلُومٍ أَوْ مُتَقَدِّمِ الذِّكْرِ عِنْدَ الْمُخَاطَبِ وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ أَوْ كَثِيرٍ مِنْهَا إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ وَفِي بَعْضِهَا إِنَّ وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ بِزِيَادَةِ تَاءٍ وَلَهُ وَجْهٌ أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِ عَرِيضٌ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الْوِسَادُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَعَادَ الْوَصْفُ عَلَى الْمَعْنَى لَا عَلَى اللَّفْظِ وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ شُرُوحٌ أَحْسَنُهَا كَلَامُ الْقَاضِي عِيَاضٍ رَحِمَهُ الله تعالى قال انما أخذ العقالين وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ رَأْسِهِ وَتَأَوَّلَ الْآيَةَ لِكَوْنِهِ سَبَقَ إِلَى فَهْمِهِ أَنَّ الْمُرَادَ

ص: 200

بِهَا هَذَا وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فَعَلَ فِعْلَهُ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنَ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا كَانَ حُكْمَ الشَّرْعِ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى مِنَ الفجر كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّاوُدِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ فَعَلَهُ وَتَأَوَّلَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ هُوَ مِنْ الْأَعْرَابِ وَمَنْ لَا فِقْهَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ لُغَتِهِ اسْتِعْمَالُ الْخَيْطِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَلِهَذَا أَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَدِيٍّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ إِنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ قَالَ وَفِيهِ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمُشْتَرَكَةَ لَا يُصَارُ إِلَى الْعَمَلِ بِأَظْهَرِ وُجُوهِهَا وَأَكْثَرِ اسْتِعْمَالِهَا إِلَّا إِذَا عُدِمَ الْبَيَانُ وَكَانَ الْبَيَانُ حَاصِلًا بِوُجُودِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ وَالْخَيْطُ الْأَسْوَدُ اللَّيْلُ وَالْخَيْطُ اللَّوْنُ وَفِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ هُوَ مِنَ النَّهَارِ لَا مِنَ اللَّيْلِ وَلَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَحُكِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ لَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ إِنْ جَعَلْتَ تَحْتَ وِسَادَكَ الْخَيْطَيْنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فَوِسَادُكُ يَعْلُوهُمَا وَيُغَطِّيهِمَا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَرِيضًا وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا لِأَنَّ مَنْ يَكُونُ هَذَا وِسَادَهُ يَكُونُ عِظَمُ قَفَاهُ مَنْ نِسْبَتِهِ بِقَدْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّكَ لَضَخْمٌ وَأَنْكَرَ الْقَاضِي قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنِ الْغَبَاوَةِ أَوْ عَنِ السِّمَنِ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِ إِلَى بَيَانِ الْخَيْطَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمُرَادُ بِالْوِسَادِ النَّوْمُ أَيْ إِنَّ نَوْمَكَ كَثِيرٌ وَقِيلَ أَرَادَ

ص: 201

بِهِ اللَّيْلَ أَيْ مَنْ لَمْ يَكُنِ النَّهَارُ عِنْدَهُ إِلَّا إِذَا بَانَ لَهُ الْعِقَالَانِ طَالَ لَيْلُهُ وَكَثُرَ نَوْمُهُ وَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ (رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَالْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رِئْيُهُمَا) هَذِهِ اللَّفْظَةُ ضبطت على ثلاثة أوجه أحدها رِئْيَهُمَا بِرَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ يَاءٍ وَمَعْنَاهُ مَنْظَرُهُمَا وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى أحسن أثاثا ورئيا وَالثَّانِي زِيُّهُمَا بِزَايٍ مَكْسُورَةٍ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بِلَا هَمْزَةٍ وَمَعْنَاهُ لَوْنُهُمَا وَالثَّالِثُ رَيُّهُمَا بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْقَاضِي هَذَا غَلَطٌ هُنَا لِأَنَّ الرَّيَّ التَّابِعُ مِنَ الْجِنِّ قَالَ فَإِنْ صَحَّ رِوَايَةً فَمَعْنَاهُ مَرْي وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1092]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا تَأْذِينَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ) فِيهِ جَوَازُ الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِيهِ جَوَازُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَفِيهِ جَوَازُ أَذَانِ الْأَعْمَى قَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَصِيرٌ كَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ مَعَ بِلَالٍ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَصِيرٌ كُرِهَ لِلْخَوْفِ مِنْ غَلَطِهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ أَذَانَيْنِ لِلصُّبْحِ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَ طُلُوعِهِ أَوَّلَ الطُّلُوعِ وَفِيهِ اعْتِمَادُ صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ وَسَائِرُ مَنْ يَقْبَلُ شَهَادَةَ الْأَعْمَى وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ وَلَا يَحْصُلُ عِلْمٌ بِالصَّوْتِ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَشْتَبِهُ وَأَمَّا الْأَذَانُ وَوَقْتُ الصَّلَاةِ فَيَكْفِي فِيهَا الظَّنُّ وَفِيهِ دَلِيلٌ لجواز

ص: 202

الْأَكْلِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَلَا تَفْسُدُ نِيَّةُ الصَّوْمِ بِالْأَكْلِ بَعْدَهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَاحَ الْأَكْلَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَجُوزُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا سَابِقَةٌ وَأَنَّ الْأَكْلَ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ غَيْرِنَا وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَتَى أَكَلَ بَعْدَ النِّيَّةِ أَوْ جَامَعَ فَسَدَتْ وَوَجَبَ تَجْدِيدُهَا وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَهَذَا غَلَطٌ صَرِيحٌ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ وَتَأْخِيرِهِ وَفِيهِ اتِّخَاذُ مُؤَذِّنَيْنِ لِلْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ جَازَ اتِّخَاذُ أَكْثَرِ مِنْهُمَا كَمَا اتَّخَذَ عُثْمَانُ أَرْبَعَةً وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى زِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ فَالْأَصَحُّ اتِّخَاذُهُمْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ قَوْلُهُ (وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا) قَالَ الْعُلَمَاءُ

ص: 203

مَعْنَاهُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَتَرَبَّصُ بَعْدَ أَذَانِهِ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يَرْقُبُ الفجر فاذا قارب طلوعه نزل فأخبر بن أم مكتوم فيتأهب بن أُمِّ مَكْتُومٍ بِالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ يَرْقَى وَيَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ أَوْ نِدَاءُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ أَوْ قَالَ يُنَادِي لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ) فَلَفْظَةُ قَائِمَكُمْ مَنْصُوبَةٌ مَفْعُولُ يَرْجِعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ رجعك الله وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ لِيُعْلِمَكُمْ بِأَنَّ الْفَجْرَ لَيْسَ بِبَعِيدٍ فَيَرُدَّ الْقَائِمَ الْمُتَهَجِّدَ إِلَى رَاحَتِهِ لِيَنَامَ غَفْوَةً لِيُصْبِحَ نَشِيطًا أَوْ يُوتِرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْتَرَ أَوْ يَتَأَهَّبَ لِلصُّبْحِ إِنِ احْتَاجَ إِلَى طَهَارَةٍ أُخْرَى أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى عِلْمِهِ بِقُرْبِ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ أَيْ لِيَتَأَهَّبَ لِلصُّبْحِ أَيْضًا بِفِعْلِ مَا أَرَادَ مِنْ تَهَجُّدٍ قَلِيلٍ أَوْ إِيتَارٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْتَرَ أَوْ سَحُورٍ إِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ أَوِ اغْتِسَالٍ أَوْ وُضُوءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي صِفَةِ الْفَجْرِ (لَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَصَوَّبَ يَدَهُ وَرَفَعَهَا حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَفَرَّجَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (إِنَّ الْفَجْرَ لَيْسَ الَّذِي يَقُولُ هَكَذَا وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ نَكَّسَهَا إِلَى الْأَرْضِ وَلَكِنَّ الَّذِي يَقُولُ هَكَذَا وَوَضَعَ الْمُسَبِّحَةَ عَلَى الْمُسَبِّحَةِ وَمَدَّ يَدَهُ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى

ص: 204

(هُوَ الْمُعْتَرِضُ وَلَيْسَ بِالْمُسْتَطِيلِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا بَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا) قَالَ الرَّاوِي يَعْنِي مُعْتَرِضًا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بَيَانُ الْفَجْرِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ وَهُوَ الْفَجْرُ الثَّانِي الصَّادِقُ وَالْمُسْتَطِيرُ بِالرَّاءِ وَقَدْ سَبَقَ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ بَيَانُ الْفَجْرَيْنِ وَفِيهَا أَيْضًا الْإِيضَاحُ فِي الْبَيَانِ وَالْإِشَارَةُ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ فِي التَّعْلِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1094]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لَا يَغُرَّنَّ أَحَدَكُمْ نِدَاءُ بِلَالٍ مِنَ السَّحُورِ) ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا فَالْمَفْتُوحُ اسْمٌ

ص: 205