الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدِّمة
إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد:
فإنَّ الدُّعاءَ نعمةٌ كبرى، ومنحةٌ عظمى، جاد بها المولى- تبارك وتعالى وامتنَّ بها على عباده؛ حيث أمرهم بالدُّعاء، ووَعَدَهم بالإجابة والإثابة.
فشأن الدُّعاء عظيمٌ، ونفعُه عميمٌ، ومكانتُه عاليةٌ في الدِّين، فما استُجْلبت النِّعَم بمثله، ولا استُدفعت النِّقم بمثله؛ وذلك أنَّه يتضمَّن توحيدَ الله وإفرادَه بالعبادة دون من سواه، وهذا رأس الأمر وأصلُ الدِّين.
فما أشدَّ حاجة العباد إلى الدُّعاء؛ بل ما أعظم ضرورتهم إليه؛ فالمسلمون- بل ومَن في الأرض كلهم جميعاً- بأمسِّ الحاجة للدُّعاء؛ ليصلوا بذلك إلى خيري الدُّنيا والآخرة.
لكنَّ كثيراً من الدَّاعين لا يحسنون الدُّعاء فيقعون في خطأ الاعتداء في الدُّعاء فتردّ دعوتُهم ولا يُستجاب لهم؛ لأنَّهم أصبحوا من المعتدين الذين لا يُحبُّهم الله؛ قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].
وقد تأمَّلتُ كثيراً في هذا الموضوع وكان يَشغلُ بالي على أعوام مَضَت؛ خصوصاً أنَّني لم أجد مصنَّفات مستقلَّةً تتكلَّم عن هذا الموضوع تحديداً إلَّا أشتاتاً مفرَّقة هنا وهناك؛ فَسَمَت همَّتي لبحث هذا الموضوع، فاستعنتُ بالله في جمع مادَّته.
مشكلةُ البحث:
مع ابتعاد كثير من الناس عن المنهج الصَّحيح الذي كان عليه الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم في عباداتهم بعامَّة وفي الدُّعاء بخاصَّة وقع كثير من التَّجاوُزات والاعتداء في الدُّعاء وهجر الدُّعاء المشروع من الكتاب والسُّنَّة بأدعية مفقرة وكلمات مسجّعة قد وجدها في كراريس لا معوَّلَ عليها ولا أصل لها، ويترك ما دعا به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ وكلُّ هذا يَمنع من استجابة الدُّعاء." (1)
حدودُ البحث:
يَقتصر البحثُ على التَّجاوُزات في الدُّعاء والاعتداء فيه والأخطاء التي تقع، وكذلك ذكرُ الأدعية، والتي يكثر الدُّعاءُ بها مع أنَّها لم ترد لا في الكتاب ولا في السُّنَّة، وكذلك نتناول نماذجَ وصورَ هذه التَّجاوُزات، ثمَّ نَذكر الضَّوابطَ التي تَمنع من الوقوع في هذه التَّجاوزات.
مصطلحات البحث:
1 -
الاعتداء في الدُّعاء: هو التَّجاوُزُ في الحدِّ الذي حدَّه الشَّرعُ المطهَّر، فيحصل في الدُّعاء من الخلل بحسب ما يحصل من التَّجاوُز قوَّةً وضعفاً (2).
2 -
ضوابطُ الاعتداء في الدُّعاء: مجموعةٌ من القواعد التي تحدِّدُ تجاوزات الدُّعاء وبها يُعرفُ ما يُعدُّ مشروعاً وما لا يشرع.
3 -
نماذج الاعتداء في الدُّعاء: صور وأمثلة على الاعتداء والأخطاء في الدُّعاء.
(1) تفسير القرطبي، الجزء 7 ص:218.
(2)
بدائع الفوائد ج3، ص13.
أهميَّةُ البحث:
قمتُ باختيار هذا الموضوع للأسباب التَّالية:
1 -
أهميَّةُ موضوع الاعتداء في الدُّعاء؛ خصوصاً مع كثرة الأدعية المخالفة للمشروع.
2 -
انتشارُ كتيِّبات ومطويَّات تَذْكُرُ أدعيةً لا أصلَ لها تجعل الناس يهجرون المشروع ويأخذون بها.
3 -
دراسة الأحكام الشَّرعية المرتبطة بهذه التَّجاوُزات وما يترتَّب عليها من مسائل تحتاج إلى تأصيل شرعيٍّ.
4 -
خُلُوُّ موضوع الاعتداء في الدُّعاء فيما اطَّلَعتُ عليه من دراسة علميَّة شاملة للموضوع.
الدِّراساتُ السَّابقة:
بعد الاطِّلاع والبحث لم أعثر على دراسة علميَّة تتناول هذا الموضوع شاملةً لعناصر هذه الخطَّة، وغالبُ الكتب والدِّراسات على الدُّعاء عموماً من جهة فضله، دون التَّركيز على الاعتداء والتَّجاوُز في الدُّعاء.
ثمَّ إنَّ الاعتداءَ في الدُّعاء لا يَزال يَظهر بصور متجدِّدة عمَّا كان عليه في السَّابق، ومن الدِّراسات والأبحاث السَّابقة ما تناولته كتبُ التَّفسير لقوله:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].
وقد عثرتُ على دراسة بعنوان "الدُّعاء ومنزلتُه في العقيدة الإسلامية" للشَّيخ جيلان العروسي، ومن خلال العنوان يتبيَّن أنَّ البحثَ يقتصر على الجانب العَقَديّ في الدُّعاء دون غيره، وبعد الاطِّلاع عليها تبيَّن لي أنَّه لم يتناول موضوع الاعتداء في الدُّعاء إلَّا باقتضاب شديد، وهو لا يخرج عن ضرب بعض الأمثلة.
وكذلك هناك كتابٌ بعنوان: "الأزهيةُ في أحكام الأدعية" لمحمَّد بن بهادر الزَّركشيّ، ذَكَرَ الاعتداءَ في الدُّعاء تحت أخطاء الدُّعاء، وذَكَرَ بعضَ الصُّوَر والنَّماذج وبعض القواعد.
وكذلك كتاب "الدعاء، مفهومه، أحكامه، أخطاء تقع فيه"، تَعَرَّضَ للاعتدال في الدُّعاء بشكل مختصر.
وهناك كتابٌ اسمُه "الدُّعاء" للإمام الحسين إسماعيل المحامدي تحقيق عمر عبد المنعم نَشَرَتْه مكتبةُ ابن تيمية عام 1414هـ؛ ولكنَّه تكلَّم عن أدعية السَّفَر وآدابه فقط، ولم يتعرَّض لموضوع الاعتداء في الدُّعاء.
كذلك هناك كتابٌ آخرُ اسمُه "شأن الدُّعاء" للخَطَّابيِّ تحقيق أحمد يوسف الدَّقاق نشرته دار المأمون للتُّراث، ط1404هـ، تكلَّم عمَّا يكره في الدُّعاء؛ كالسَّجع والتَّكَلُّف في الكلمات وغرابتها، وكذلك اللَّحن فيه، ولكن بشكل مختصر جدًّا.
كذلك هناك كتاب "الدُّعاء" للطَّبرانيِّ، تحقيق وتخريج الدُّكتور محمد سعيد محمد البخاري؛ وهو عبارةٌ عن رسالة علميَّة تقدَّم بها الباحثُ لنَيل درجة الدُّكتوراة من جامعة أمِّ القرى– مكَّة المكرَّمة- وقد طبعتْه دارُ البشائر 1407هـ، تكلَّم في كراهية السَّجع في الدُّعاء والاعتداء فيه، ثمَّ ذَكَرَ حديثَ سعد بن أبي وقَّاص عندما سمع ابنَه يدعو ويقول: "اللهمَّ إنِّي أسألك الجنَّةَ ونعيمَها وبهجتَها وأنهارَها وقصورَها
…
" الحديث.
كذلك هناك كتابُ الدُّعاء لمحمَّد بن فضل بن غزوان الضَّبِّيّ، تحقيق الدكتور عبد العزيز سليمان البعيمي، وهو يجمع الأحاديث الواردةَ في عمل اليوم واللَّيلة، ولم يتعرَّض لموضوع الاعتداء في الدُّعاء.
وهناك كتاب آخر باسم "فقه الأدعية والأذكار" للشَّيخ عبد الرَّزَّاق بن عبد المحسن البدر، نشرتْه دارُ ابن القَيِّم 1425هـ تعرَّض للاعتداء في الدُّعاء باقتضاب شديد.
وهناك كتابٌ آخر اسمُه "الدُّعاءُ في الإسلام" لسعيد الشَّيبانيّ، مكتبة دار المعرفة، ط1414هـ، لم يتكلم إلَّا عن الدُّعاء الشِّركيِّ فقط، ولم يتجاوزه إلى غيره.
وهكذا عامَّةُ كتب الدُّعاء من رسائل وبحوث؛ إنَّما تتكلَّم عن فضله والحثّ عليه وأسباب إجابة الدُّعاء وموانع إجابة الدُّعاء بدون التَّعَرُّض بعمق لموضوع الاعتداء في الدُّعاء.
أهدافُ البحث:
1 -
التعريف بالاعتداء في الدُّعاء.
2 -
توضيح نماذج وصور للاعتداء في الدعاء.
3 -
إيضاح الحكم الشرعي لهذه التجاوزات والاعتداءات في الدعاء.
4 -
بيان ضوابط الاعتداء.
5 -
ذكر نماذج من الدُّعاء الصَّحيح.
أسئلة البحث:
1 -
ما المراد بالاعتداء في الدعاء؟
2 -
ما هي صور ونماذج الاعتداء في الدعاء؟
3 -
ما الحكم الشرعي لهذا الاعتداء في الدعاء؟
4 -
ما هي ضوابط الاعتداء في الدعاء؟
5 -
ما هي نماذج الدعاء الصحيح؟
منهج البحث:
1 -
استقراءُ المعلومات المتعلِّقة بـ "الاعتداء في الدُّعاء" من مظانِّها من كتب ودوريَّات ونشرات وغيرها، وانتقاء ما يهمُّ البحث ممَّا تَمَّ جمعُه من معلومات، وترتيب أولويَّات الأخذ بالنُّصوص المجموعة.
2 -
تصنيف المعلومات المجموعة بما يتَّفق مع مخطَّط البحث، وتحليل هذه المعلومات المصنَّفة؛ تمهيداً للمقارنة والتَّرجيح.
3 -
عزوُ آيات القرآن الكريم ببيان اسم السُّورة ورقم الآية.
4 -
تخريج الأحاديث، وبيان درجتها–ما أمكن- إلَّا ما كان في الصَّحيحين أو في أحدهما فأكتفي بتخريجه.
5 -
توثيقُ النُّقولات والمذاهب والأقوال الواردة في البحث.
6 -
شرح المصطلحات والكلمات الغامضة في البحث والتي يغيب معناها عن غير المختصِّ من المثقَّفين.
7 -
عند ذكر آراء الفقهاء أبدأ– في الغالب- بقول الحنفيَّة ومن وافَقَهم، فالمالكيَّة، فالشافعية، فالحنابلة، مقتصراً عليهم، وقد أذكر آراءَ الظَّاهرية وبعض المجتهدين من الفقهاء.
8 -
أعقِّبُ عرضَ المسألة وأقوالَ الفقهاء وأدلَّتَهم بذكر الرَّاجح عندي، وقد أترك المسألةَ من غير ترجيح إذا لم يترجَّح عندي في المسألة قولٌ.
9 -
أُتَرجمُ للأعلام الوارد ذكرُهم في البحث ما عدا المشهورين.
10 -
عند الهوامش أذكر ترقيماً مستقلًّا لهوامش كلِّ صفحة في أسفلها.
11 -
في نهاية البحث أضع فهارس تشتمل على فهرس الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار، بالإضافة إلى فهرس المصادر والمراجع وفهرس الموضوعات.
خطَّةُ البحث:
عنوان البحث: الاعتداء في الدُّعاء ضوابط وصور ونماذج من الدُّعاء الصَّحيح.
المقدِّمة: وفيها بيانُ أهميَّة البحث وأسباب اختياري له، ومنهجي في إعداد هذا البحث.
تمهيد: ويتضمَّن المباحث التَّالية:
المبحث الأول: تعريفُ الدُّعاء.
المبحث الثَّاني: شروطُ الدُّعاء وآدابُه.
المبحث الثالث: إجابةُ الدُّعاء.
وفيه مطلبان:
المطلب الأوَّل: أسبابُ إجابة الدُّعاء.
المطلب الثاني: أوقات وأماكن وأوضاع يستجاب فيها الدُّعاء.
الباب الأول: حقيقةُ الاعتداء في الدُّعاء:
وفيه فصلان:
الفصل الأول: تعريفُ الاعتداء في الدُّعاء.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: تعريف الاعتداء في الدُّعاء في اللُّغة.
المبحث الثاني: تعريف الاعتداء في الدُّعاء في الاصطلاح.
الفصل الثاني: أنواعُ الاعتداء في الدُّعاء.
وفيه خمسة مباحث:
المبحث الأول: الاعتداء في المعاني.
المبحث الثاني: الاعتداء في الألفاظ.
المبحث الثالث: الاعتداء في الهيئة والأداء.
المبحث الرابع: الاعتداء في الدعاء المكاني.
المبحث الخامس: الاعتداء في الدعاء الزماني.
الباب الثاني: الاعتداء في الدُّعاء في العبادة:
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول: الاعتداء في الدعاء في الصلاة.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الصلاة المكتوبة.
المبحث الثاني: الاعتداء في الدعاء في الصلاة النافلة.
الفصل الثاني: الاعتداء في الدعاء في الحج.
وفيه مبحث واحد:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الإحرام والطواف والسعي ويوم عرفة.
الفصل الثالث: الاعتداء في الدعاء في الصيام.
وفيه مبحث واحد:
المبحث الأول: الاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور.
الباب الثالث: نماذج من الدعاء الصحيح من الكتاب والسنة.
وفيه:
خاتمة: نتائج البحث وتوصياته.
الفهارس.