المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أسباب إجابة الدعاء - الاعتداء في الدعاء صور وضوابط ونماذج من الدعاء الصحيح

[سعود العقيلي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمة

- ‌شكرٌ وتقديرٌ

- ‌تمهيد

- ‌تعريف الدعاء:

- ‌شروطُ الدُّعاء وآدابُه

- ‌إجابةُ الدُّعاء

- ‌ أسباب إجابة الدعاء

- ‌ أوقات وأماكن وأوضاع يُستجاب فيها الدُّعاء

- ‌الباب الأولحقيقة الاعتداء في الدُّعاء

- ‌الفصل الأولتعريف الاعتداء في الدُّعاء

- ‌المبحث الأولتعريف الاعتداء في الدُّعاء في اللُّغة

- ‌المبحث الثَّانيتعريفُ الاعتداء في الدُّعاء في الاصطلاح

- ‌الفصل الثانيأنواع الاعتداء في الدُّعاء

- ‌المبحث الأولالاعتداءُ في المعاني

- ‌المبحث الثَّانيالاعتداء في ألفاظ الدُّعاء

- ‌المبحث الثالثالاعتداء في الهيئة والأداء

- ‌المبحث الرابعالاعتداء في الدعاء المكاني

- ‌المبحث الخامسالاعتداء في الدعاء الزماني

- ‌الباب الثانيالاعتداء في الدعاء في العبادة

- ‌الفصل الأولالاعتداء في الدعاء في الصلاة

- ‌المبحث الأولالاعتداء في الصلاة المكتوبة

- ‌المبحث الثانيالاعتداء في الدعاء في صلاة النافلة

- ‌الفصل الثانيالاعتداء في الدعاء في الحجالاعتداء في الدعاء في الإحرام والطوافوالسعي ويوم عرفة

- ‌الاعتداء في الدعاء في الإحرام والطوافوالسعي ويوم عرفة

- ‌الفصل الثالثالاعتداء في الدعاء في الصيامالاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور

- ‌الاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور

- ‌الباب الثالثنماذج من الدعاء الصحيحمن الكتاب والسنة

- ‌الفصل الأولنماذج من الدعاء من القرآن الكريم

- ‌الفصل الثانينماذج لأدعية نبوية

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌ أسباب إجابة الدعاء

عاجلاً أو آجلاً؛ بأن يرفع عنه من السُّوء مثلَها، أو يدَّخرَ له في الآخرة خيراً ممَّا سأل؛ لحديث أبي سعيد الخدريّ:«ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته وإما أن يؤخرها له في الآخرة، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها» . قالوا: إذاً نُكْثر. قال: «الله أكثر» (1).

المطلبُ الأوَّلُ:‌

‌ أسباب إجابة الدعاء

1 -

الإخلاص لله- عز وجل حالَ الدُّعاء: فهو السَّببُ الأعظمُ لإجابة الدُّعاء؛ فكلَّما اشتدَّ الإخلاصُ وقوي كانت الإجابةُ أولى وأحرى.

قال ابنُ عقيل (2) رحمه الله: (يقال: لا يُستجاب الدُّعاء بسرعة إلَّا لمخلص أو مظلوم)(3).

2 -

قوَّةُ الرَّجاء، وشدَّةُ التَّحرِّي في انتظار الفرج: فكلَّما قوي الرَّجاء واشتدَّت الحاجة، وتطلَّعت النُّفوس للإجابة، وبلغ بها انتظار الفرج ذُرْوتَه كلَّما جاء الفرجُ.

(1) أخرجه التِّرمذيُّ باب انتظار الفرج وغير ذلك برقم 3573 (5/ 566)، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابنُ أبي شيبة (6/ 22) برقم (29170)، وأحمد (3/ 18) برقم (11149) والحاكم: كتاب الدعاء والتكبير والتهليل والتسبيح (1/ 670) برقم (1816) وقال: صحيح الإسناد.

(2)

ابن عقيل عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل بن عبد الله الحنبلي نزيل القاهرة ولد سنة 700 وقرأت بخطب الشيخ بدر الدين الزركشي ولد سنة 694 لازم ابن حيان حتى كان من أجل تلاميذه وحتى صار يشهد له بالمهارة في العربية، وسمع عن أبي المهدي أحمد بن محمد، ومن حسن بن عمر الكردي وابن الصاعد، ولازم القونويّ والقزوينيّ، مات سنة (769هـ). الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة (1/ 276).

(3)

الدعاء للحمد ص85.

ص: 33

قال عليه الصلاة والسلام: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» (1)، وقال عليه الصلاة والسلام:«أنا عند ظنِّ عبدي بي» (2)؛ فاليقين بإجابة الله لدعائه وحسن الظَّنِّ به من أسباب الإجابة.

قال الشَّاعرُ:

وإنِّي لأرجو الله حتى كأنَّني

أرى بجميل الظَّنِّ ما الله صانع (3)

3 -

التَّوبة وردُّ المظالم: كما قال– تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 - 12]؛ أي ارجعوا إليه وارجعوا عمَّا أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب؛ فإنَّه مَن تاب إليه تاب عليه، ولو كانت ذنوبه مهما كانت في الكفر والشِّرك (4).

4 -

اغتنام الفرص: وذلك بتحرِّي أوقات الإجابة، والمبادرة لاغتنام الأحوال والأوضاع والأماكن التي هي مظانُّ إجابة الدُّعاء.

5 -

6 - 7: بر الوالدين والبعد عن الفواحش وردُّ الأمانة: والدَّليل في ذلك قصَّة أصحاب الغار؛ فعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما ثلاثة نفر ممَّن كان قبلكم إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار فانطبق عليهم، فقال بعضُهم لبعض: إنَّه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلَّا الصِّدق؛ فليدعُ كلُّ رجل منكم بما يعلم أنَّه قد صَدَقَ فيه.

(1) سبق تخريجه ص19.

(2)

البخاري، باب قول الله تعالى:(ويحذركم الله نفسه) برقم 6970 (6/ 2694)، مسلم باب في الحض على التوبة برقم (2675 (4/ 2099).

(3)

عيون الأخبار لابن قتيبة 1/ 93.

(4)

تفسير ابن كثير (4/ 425) ط. دار المعارف 1388هـ.

ص: 34

فقال واحد منهم: اللهمَّ إن كنتَ تعلم أنَّه كان لي أجير عَمِلَ لي على فَرَقٍ (1) من أرزّ فذهب وتركه، وأنِّي عَمَدْتُ إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أنِّي اشتريتُ منه بقراً، وأنَّه أتاني يطلب أجرَه، فقلت له: اعمد إلى تلك البقر فسُقها، فقال لي: إنَّما لي عندك فرق من أرز. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر؛ فإنها من ذلك الفرق، فساقها؛ فإن كنت تعلم أنِّي فعلتُ ذلك من خشيتك ففرِّج عنَّا. فانساخت (2) عنهم الصخرة.

فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عنهما ليلة، فجئت وقد رقدا، وأهلي وعيالي يتضاغون (3) من الجوع، وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما فَيَسْتَكِنَّا (4) لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر؛ فإن كنت تعلم أنِّي قد فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنا. فانساخت عنهم الصَّخرة حتى نظروا إلى السماء.

فقال الآخر: اللهم إن كنتَ تعلم أنَّه كان لي ابنة عمّ من أحبّ الناس إليّ، وإنّي راودتها عن نفسها فأبت إلّا أن آتيها بمائة دينار،

فطلبتها حتى قدرت، فأتيتها بها، فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها،

فلما قعدت بين رجليها فقالت: اتق الله، ولا تفض (5) الخاتم إلا

(1) فرق: بفتح الفاء، والراء بعدها قاف، وقد تسكن الراء، وهو مكيال يسع ثلاثة آصع. (تفسير غريب ما في الصَّحيحين، ص1/ 49)، لمحمد بن أبي نصير الحميدي، تحقيق د. زبيدة محمد سعيد، دار مكتبة السنة، مصر 1415هـ.

(2)

انساخت: أي غاصت في الأرض (النهاية في غرير الأثر)(2/ 1028).

(3)

يتضاغون: يصرخون ويبكون (1/ 69)، تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي.

(4)

فيستكنا لشربتهما: أي بضعفا؛ لأنه عشاؤهما، ويستكنا من الاستكانة، وقوله لشربتهما: أي لعدم شربتهما، فيصيرا ضعيفين مسكينين.

(5)

لا تفض الخاتم: لا تفض: لا تكسر، والخاتم: كناية عن عذريتها، وكأنها كانت بكرا وكنَّتْ من الإفضاء بالكسر، وعن الفرج بالخاتم.

ص: 35

بحقِّه، فقمت وتركتُ المائة دينار؛ فإن كنت تعلم أنِّي فعلت ذلك من خشيتك ففرِّج عنَّا. ففرَّجَ اللهُ عنهم فخرجوا» (1).

8 -

الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر: فهذا من أعظم أسباب إجابة الدُّعاء؛ لأنَّه من أعظم الأعمال الصَّالحة، ولأنَّ تَرْكَه موجبٌ لردِّ الدُّعاء وعدم الإجابة؛ فعن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«والذي نفسي بيده لَتَأَمُرُنَّ بالمعروف وَلَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عقاباًً منه، فتدعونه فلا يُسْتَجاب لكم» (2).

وجاء في الحديث عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «لتأمرنَّ بالمعروف ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليُسَلِّطَنَّ الله عليكم شرارَكم فيدعو خيارُكم، فلا يُستجابُ لهم» (3).

9 -

العمل الصالح: فهو سبب لرفع الدُّعاء وتَقَبُّله؛ فالدُّعاءُ من الكلم الطَّيِّب، والكلمُ الطَّيِّبُ يَصعد إلى الله، ويحتاج إلى عمل صالح يرفعه؛ قال تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} . [فاطر: 10].

قال وهب بن منبه (4) رحمه الله: (مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير

(1) رواه البخاري (3465) أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، ومسلم (2743) الذكر والدعاء باب قصة أصحاب الغار.

(2)

رواه الترمذي –كتاب الفتن- باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم (2169) وقال هذا حديث حسن. وأخرجه أحمد برقم (23349) والبغوي في شرح السنة وقال إسناده حسن (7/ 276).

(3)

رواه البزار في مسنده (1/ 135) وفيه حبان بن علي وهو متروك وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها، المجمع (7/ 266).

(4)

وهب بن منبه بن كامل بن سحار من أبناء فارس كنيته أبو عبد الله، كان ينزل ذمار على مرحلتين من صنعاء، لقي الصحابة وشافههم، وكان صاحب عبادة وصلاة، وكان شديد العناية بكتب الأولين وأخبار الأمم وقصصهم؛ بحيث أنّه كان يشبه بكعب الأحبار في زمانه، مات في المحرَّم سنة 113، وقيل 114هـ، العبر في خبر من غبر (1/ 26).

ص: 36