المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامسالاعتداء في الدعاء الزماني - الاعتداء في الدعاء صور وضوابط ونماذج من الدعاء الصحيح

[سعود العقيلي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدِّمة

- ‌شكرٌ وتقديرٌ

- ‌تمهيد

- ‌تعريف الدعاء:

- ‌شروطُ الدُّعاء وآدابُه

- ‌إجابةُ الدُّعاء

- ‌ أسباب إجابة الدعاء

- ‌ أوقات وأماكن وأوضاع يُستجاب فيها الدُّعاء

- ‌الباب الأولحقيقة الاعتداء في الدُّعاء

- ‌الفصل الأولتعريف الاعتداء في الدُّعاء

- ‌المبحث الأولتعريف الاعتداء في الدُّعاء في اللُّغة

- ‌المبحث الثَّانيتعريفُ الاعتداء في الدُّعاء في الاصطلاح

- ‌الفصل الثانيأنواع الاعتداء في الدُّعاء

- ‌المبحث الأولالاعتداءُ في المعاني

- ‌المبحث الثَّانيالاعتداء في ألفاظ الدُّعاء

- ‌المبحث الثالثالاعتداء في الهيئة والأداء

- ‌المبحث الرابعالاعتداء في الدعاء المكاني

- ‌المبحث الخامسالاعتداء في الدعاء الزماني

- ‌الباب الثانيالاعتداء في الدعاء في العبادة

- ‌الفصل الأولالاعتداء في الدعاء في الصلاة

- ‌المبحث الأولالاعتداء في الصلاة المكتوبة

- ‌المبحث الثانيالاعتداء في الدعاء في صلاة النافلة

- ‌الفصل الثانيالاعتداء في الدعاء في الحجالاعتداء في الدعاء في الإحرام والطوافوالسعي ويوم عرفة

- ‌الاعتداء في الدعاء في الإحرام والطوافوالسعي ويوم عرفة

- ‌الفصل الثالثالاعتداء في الدعاء في الصيامالاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور

- ‌الاعتداء في الدعاء في الإفطار والسحور

- ‌الباب الثالثنماذج من الدعاء الصحيحمن الكتاب والسنة

- ‌الفصل الأولنماذج من الدعاء من القرآن الكريم

- ‌الفصل الثانينماذج لأدعية نبوية

- ‌الخاتمة

- ‌التوصيات

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌المبحث الخامسالاعتداء في الدعاء الزماني

‌المبحث الخامس

الاعتداء في الدعاء الزماني

تعريفه: التعبد لله باتخاذ أزمنة معينة تخص بالدعاء دون دليل شرعي.

فالأصل أن الدعاء مستحب في كل وقت وفي كل زمن حتى في وقت النهي وورد الشرع باستحبابه في أزمنة معينة (1).

قال الشاطبي: (في الاعتصام) عن الكلام عن البدع الإضافية

) ومن ذلك تخصيص الأيام الفاضلة بأنواع من العبادات التي لم يشرع لها تخصيص كتخصيص اليوم الفلاني بكذا وكذا من الركعات أو بصدقة كذا وكذا أو الليلة الفلانية بقيام كذا وكذا

ثم قال: ولا حجة لمن يقول: إن هذا الزمان ثبت فضله على غيره فيحسن فيه إيقاع العبادات لأنا نقول: هذا الحسن هل ثبت له أصل أم لا؟ فإن ثبت فمسألتنا كما ثبت الفضل في قيام ليالي رمضان وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام الاثنين والخميس فإن لم يثبت فما مستندك فيه والعقل لا يحسن ولا يقبح ولا شرع يستند إليه؟ فلم يبق إلا أنه ابتداع في التخصص (2).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن العبادات المشروعة التي تتكرر بتكرر الأوقات حتى تصير سننًا ومواسم، قد شرع الله فيها ما فيه كفاية للعباد فإذا حدث اجتماع زائد على هذه الاجتماعات كان ذلك مضاهاة لما شرعه الله وسنَّه)(3).

(1) سبق الكلام عنها في المطلب الثاني من المبحث الثالث.

(2)

الاعتصام (2/ 12).

(3)

اقتضاء الصراط المستقيم ص306.

ص: 99

أولا: دعاء ليلتي أول يوم من السنة وآخرها:

فقد اخترع بعض المبتدعة دعاء ليلتي أول يوم من السنة وآخرها وصار العامة في بعض البلدان الإسلامية يرددونها مع أئمتهم في بعض المساجد وهذا الدعاء لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن التابعين ولم يرو في مسند من المسانيد (1).

وهذا نصه: (اللهم ما عملته في هذه السنة ما نهيتني عنه ولم ترضه ونسيته ولم تنسه وحلمت عليَّ في الرزق بعد قدرتك على عقوبتي ودعوتني إلى التوبة بعد جراءتي على معصيتك، اللهم إني أستغفرك منه فاغفر لي وما عملته فيها من عمل ترضاه ووعدتني عليه الثواب فأسألك يا كريم يا ذا الجلال والإكرام أن تقبله مني ولا تقطع رجائي منك يا كريم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

يقولون: فإن الشيطان يقول: قد تعبنا معه سائر السنة فأفسد عملنا في ليلة واحدة ويحثو التراب على وجهه (2).

ثانيا: دعاء ليلة النصف من شعبان:

حيث تُخص هذه الليلة بالدعاء المعروف الذي يطلب فيه من الله أن يمحو من أم الكتاب شقاوة من كتبه شقيًّا

الخ ونصه ما يلي: (اللهم يا ذا الجلال ولا يمنُّ عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا علي في الرزق فامح

اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي وثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات فإنك قلت وقولك الحق في كتابك

(1) إصلاح المساجد (129).

(2)

ينظر البدع الحولية رسالة ماجستير 1406هـ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

ص: 100

المنزل على لسان نبيك المرسل {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شعبان المكرم التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم أسألك أن تكشف عنا البلاء ما نعلم وما لا نعلم وما أنت به أعلم إنك أنت الأعز الأكرم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم.

وهذا الدعاء ليس له أصل صحيح في السنة فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن السلف، وقد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة وفقهاء المدينة وأصحاب مالك وقالوا كل ذلك بدعة (1).

ثالثا: دعاء آخر أربعاء من شهر صفر:

ورد في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر» (2) قال ابن رجب: إن المراد أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر ويقولون: أنه شهر مشئوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك (3).

فكثير من الجهال يتشائم بصفر وقد قال بعض الجهال: ذكر بعض العارفين أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفا من البليات، وكل ذلك يوم الأربعاء الأخير من صفر فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وسورة الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس عشرة مرة والمعوذتين

مرة ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء، حفظه الله بكرمه من جميع هذه البليات

(1) السنن والمبتدعات (1/ 145).

(2)

البخاري، باب الجذام برقم 5707 (19/ 136)، مسلم باب:(لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) برقم 5920 (14/ 491).

(3)

لطائف المعارف، ص81.

ص: 101

التي تنزل في ذلك اليوم ولم تحم حوله بلية في تلك السنة، ونص الدعاء هو (بعد البسملة .. اللهم يا شديد القوة ويا شديد المحال، يا عزيز، يا من ذلت لعزتك جميع خلقك اكفني من شر خلقك يا محسن يا مجمل يا متفضل يا منعم يا متكرم، يا من لا إله إلا أنت ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه (1)، اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه يا كافي المهمات ويا دافع البليات، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين) (2).

والتشاؤم من الاعتقادات الجاهلية التي انتشرت وللأسف الشديد بين كثير من جهال المسلمين نتيجة جهلهم بالدين عموما وضعف عقيدة التوحيد خصوصا.

والتشاؤم مما ينافي تحقيق التوحيد وتحقيق التوحيد فيه ما يكون واجبا ومنه ما يكون مندوبا، فالواجب تخليصه وتصفيته عن الشرك والبدع والمعاصي. فلا يكون العبد محققا التوحيد حتى يسلم من الشرك بنوعيه ويسلم من البدع والمعاصي (3).

رابعا: بدعة سرد آيات الدعاء:

ومن البدع التي في رمضان ابتداع بعض الجهلة سرد جميع ما في القرآن من آيات الدعاء في آخر ركعة من التراويح بعد قراءة سورة الناس فيطول الركعة الثانية على الأولى، ولا أصل لذلك في الشريعة بل هو مما يوهم أنه من الشرع وليس منه (4).

(1) البدع الحولية: ص122.

(2)

وهذه لا شك ألفاظ لا يُتقرب بها إلى الله.

(3)

ينظر البدع الحولية، 130.

(4)

ينظر الباعث على إنكار البدع، 86.

ص: 102

خامسا: التعريف:

المراد بالتعريف: هو اجتماع غير الحاج في المساجد عشية يوم عرفة في غير موطن عرفة، يفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء (1).

والتعريف نوعان:

الأول: اتفق العلماء على كراهته وكونه بدعة وأمرًا باطلا وهو الاجتماع في يوم عرفة عند القبور أو تخصيص بقعة بعينها للتعريف فيها كالمسجد الأقصى وتشبيه هذه الأماكن بعرفات لأن ذلك يعتبر حجا مبتدعا ومضاهاة للحج الذي شرعه الله حتى وصل بهم الأمر إلى أن زعموا أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات فإنها تعدل حجة ثم يجعلون ذلك ذريعة إلى إسقاط الحج إلى بيت الله الحرام كما ذكر الطرطوشي في كتابه الحوادث والبدع (2).

وهذا النوع الذي قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (لا أعلم بين المسلمين خلافا في النهي عنه)(3).

الثاني: ما اختلف العلماء فيه قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر فقال بعضهم محدث وبدعة وقال بعضهم: لا بأس به والراجح

والله أعلم أنه إلى البدعة أقرب منه إلى السنة وأما من رخص فيه

مستندًا إلى فعل ابن عباس أنه أول من عرف بالناس في البصرة فيفسر

شيئا من القرآن ويذكر الناس (4) فإن ابن عباس لم يكن يقصد أن

(1) الباعث على إنكار البدع والحوادث (31 - 34).

(2)

الطرطوشي في كتاب الحوادث والبدع (116 - 117).

(3)

اقتضاء الصراط المستقيم، ص309.

(4)

البداية والنهاية (8/ 302).

ص: 103

يجتمع الناس للدعاء والاستغفار مضاهاة لأهل عرفة وأن ذلك من شعائر الدين كما بين ذلك أبو شامة في كتابه الباعث وإنما كان اجتماع الناس لسماع تفسير القرآن وكذلك لم يرد أن ابن عباس رضي الله عنهما كرر ذلك الفعل مرة أخرى فكيف بمن اتخذ ذلك سنة مشروعة يفعلها كل عام؟ (1).

(1) البدع الحولية، بتصرف (1/ 369).

ص: 104