المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأولابتداء الصحابي لحكم شرعي - الانتصار في حجية قول الصحابة الأخيار

[عبد العزيز الريس]

الفصل: ‌المبحث الأولابتداء الصحابي لحكم شرعي

‌المبحث الأول

ابتداء الصحابي لحكمٍ شرعيٍّ

هذا هو القسم الأول من أقسام مذهب الصحابي، ومن الأمثلة عليه ما يلي:

المثال الأول: الجلوس للتشهد في سجدتي السهو إذا كان السجود بعد السلام، فقد جاء بذلك أحاديث مرفوعة، لكن لا تصح، كما بين ذلك ابن تيمية

(1)

وغيره، وإنما ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيما أخرجه ابن أبي شيبة

(2)

.

وإلى هذا ذهب أبو حنيفة

(3)

وأحمد

(4)

ـ رحمهما الله تعالى ـ ولم يخالَف ابن مسعود، فيكون هذا القول حجة؛ لأن الصحابي قد ابتدأ حكما جديدًا، ولم يخالَف.

المثال الثاني: الزكاة في عروض التجارة،

لم يصح فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما العمدة فيه على الآثار، وعلى الثبوت عن الصحابة، كابن عمر

(5)

وغيره

(6)

رضي الله عنهم وأرضاهم ـ.

(1)

انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (23/ 48 - 51).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة (4492)، و (4493).

(3)

انظر: «الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود الحنفي (1/ 72).

(4)

انظر: «الأوسط» لابن المنذر (3/ 315).

(5)

أخرجه ابن أبي شيبة (10560)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 147).

(6)

كعمر بن الخطاب رضي الله عنه، أخرجه عبد الرزاق (7099)، وابن أبي شيبة (10557)، و (10558)، وأبو عبيد في «الأموال» (1/ 520)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 147) وغيرهم.

ص: 25

وذهب إلى هذا جماهير أهل العلم؛ لأن الصحابي لم يخالَف في ذلك

(1)

.

المثال الثالث: رفع اليدين في تكبيرات الجنازة، ما عدا تكبيرة الإحرام، تنازع فيها أهل العلم، وأصح الأقوال: أن اليدين ترفع في جميع تكبيرات الجنازة، والدليل على ذلك أنه ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما فيما رواه ابن أبي شيبة

(2)

وابن المنذر

(3)

، فيكون رفع اليدين مستحبًا؛ لأنه قول صحابي لم يخالَف.

المثال الرابع: وجوب الوضوء من تغسيل الميت: جاء فيها أحاديث مرفوعة، لكنها لا تصح

(4)

وإنما العمدة على ثبوته عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عند عبد الرزاق

(5)

.

وإليه ذهب الإمام أحمد

(6)

، وقال ابن قدامة: وليس بين الصحابة خلاف في ذلك

(7)

، فيكون حجةً.

(1)

قال ابن قدامة في «المغني» (4493): «تجب الزكاة في قيمة عروض التجارة، في قول أكثر أهل العلم. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة، إذا حال عليها الحول.

روي ذلك عن عمر، وابنه، وابن عباس. وبه قال الفقهاء السبعة، والحسن، وجابر بن زيد، وميمون بن مهران، وطاوس، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد، وإسحاق، وأصحاب الرأي».

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة (11498).

(3)

أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (3108).

(4)

قال ابن المنذر في «الأوسط» (5/ 350): «الاغتسال من غسل الميت لا يجب، وليس فيه خبر يثبت، قال أحمد: «لا يثبت فيه حديث» ».

(5)

أخرجه عبد الرزاق (6101)، وابن المنذر في «الأوسط» (2939).

(6)

انظر: «الإنصاف» للمرداوي (1/ 215).

(7)

انظر: «المغني» لابن قدامة (1/ 123)، حيث قال:«فروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء. وعن أبي هريرة، قال: أقل ما فيه الوضوء. ولا نعلم لهم مخالفا في الصحابة» .

ص: 26

المثال الخامس: عدم انتقاض الطهارة بخروج الدم غير الفاحش: ثبت هذا عند عبد الرزاق عن ابن عمر

(1)

، وعن غيره من الصحابة

(2)

، وإلى هذا القول ذهب أبو حنيفة

(3)

وأحمد

(4)

، وقال ابن قدامة: ليس بين الصحابة خلاف في ذلك

(5)

.

إذن العمدة على قول صحابي أو صحابيين أو ثلاثة في المسائل المتقدمة أو غيرها، ولم يخالفهم غيرهم من الصحابة؛ فكل قول ابتدأه الصحابي، ولم يخالَف، فإنه يكون حجةً.

* * *

ص: 27