المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي - الانتصار في حجية قول الصحابة الأخيار

[عبد العزيز الريس]

الفصل: ‌تحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي

‌المبحث الأول

‌تحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي

وتحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي في أمور أربعة:

الأمر الأول: ألا يخالف الصحابي نصا، فإذا خالف الصحابي نصا، فإن قوله مردودٌ، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى»

(1)

، وابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين»

(2)

، والعلائي في كتابه «إجمال الإصابة»

(3)

، بل حكى الإمام الشافعي على ذلك الإجماع، حيث قال ـ رحمه الله تعالى ـ:«أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فليس له أن يدعها لقول أحد كائنا من كان»

(4)

.

الأمر الثاني: ألا يخالف الصحابي صحابيا آخر، فإذا خالف الصحابي صحابيا آخر، فليس قول أحدهم أولى من الآخر، إلا ما سيأتي في مبحث الخلفاء الراشدين ـ إن شاء الله ـ.

وعلى هذا إجماع أهل العلم، حكى الإجماع الآمدي

(5)

، وشيخ الإسلام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى»

(6)

،، والعلائي في كتابه «إجمال الإصابة»

(7)

وأصله ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين»

(8)

.

(1)

انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (1/ 283 - 284).

(2)

انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (6/ 36 - 37).

(3)

انظر: «إجمال الإصابة» للعلائي (ص: 90 - 91).

(4)

انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (2/ 11).

(5)

انظر: «الإحكام» للآمدي (4/ 149).

(6)

انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (1/ 283 - 284)، و (20/ 14).

(7)

انظر: «إجمال الإصابة» للعلائي (ص: 78).

(8)

انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (5/ 546).

ص: 11

الأمر الثالث: ألا يكون لقول الصحابي حكم الرفع، فقد يقول الصحابي قولا، أو يفعل فعلا، وله حكم الرفع، فما كان له حكم الرفع، فمثله حجةٌ؛ لأنه وَحْيٌ لا لأنه قول الصحابي، وقد بيَّن هذا الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه «إعلام الموقعين»

(1)

.

الأمر الرابع: ألا يكون قول الصحابي مهجورًا، بمعنى: أن يتابع الصحابيَ أهلُ العلم، فلو ذهب الصحابي إلى مذهب، وأجمع العلماء على عدم العمل بهذا القول، فإن هذا القول ليس حجة، ويجب أن يترك، بل لو أجمع العلماء على ترك حديث نبوي، فإنه لا يعمل بهذا الحديث؛ لأن هذا الإجماع إما يدل على ضعف هذا الحديث، أو على أن الحديث منسوخٌ، فقول الصحابي من باب أولى.

ومن أمثلة ذلك: ما روى البزار بإسناد صحيح، أن أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه أكل البرد، وهو صائم، وقال: ليس طعاما ولا شرابا

(2)

.

هذا الأثر وهو أن البرد لا يفسد صوم الصائم، قد أجمع العلماء على خلافه، حكى الإجماع ابن الصلاح في كتابه «شرح مشكل الوسيط»

(3)

، والشاطبي في كتابه «الموافقات»

(4)

.

(1)

انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (6/ 31 - 33).

(2)

أخرجه البزار في «المسند» (7428)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (5/ 115) وغيرهما، موقوفًا على أبي طلحة.

وصححه موقوفًا ابن حزم في «المحلى» (4/ 304)، و «الإحكام» (6/ 83 - 84)، وكذلك الألباني في «السلسلة الضعيفة» (4/ 154).

وجاء مرفوعا من طريق ضعيف كما عند أبي يعلى في «المسند» (1424)، و (3999) وغيره، وضعفه الألباني في «السلسلة الضعيفة» (63).

(3)

انظر: «شرح مشكل الوسيط» لابن الصلاح (3/ 198 - 199).

(4)

انظر: «الموافقات» للشاطبي (3/ 274 - 275).

ص: 12

فإذا أجمع العلماء على عدم العمل بمذهب الصحابي سواء كان قولا أو فعلا أو تقريرا، فإنه لا يعمل به على ما تقدَّم تقريره.

وبعد تحرير محل النزاع في حجية مذهب الصحابي يتضح: أن قول الصحابي حجة مطلقًا، فإذا تنازع العلماء في مسألة على قولين، وكان في أحد القولين قول الصحابة، فإن هذا القول يكون راجحًا؛ لأن الصحابي قد ذهب إلى هذا القول.

* * *

ص: 13