المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقشة الدكتور في شرط الإطلاق - الانتصار للسلف الأخيار

[محمد محب الدين أبو زيد]

الفصل: ‌مناقشة الدكتور في شرط الإطلاق

‌مناقشة الدكتور في شرط الإطلاق

قال الدكتور (ص: 65): «من الشروط الأساسية اللازمة لإحصاء الأسماء الحسنى أن يرد الاسم في سياق النص مفردا مطلقا دون إضافة مقيدة أو قرينة ظاهرة تحد من الإطلاق، وذلك بأن يفيد المدح والثناء على الله بنفسه؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، والله عز وجل ذكر أسماءه باللانهائية في الحسن، وهذا يعني الإطلاق التام الذي يتناول جلال الذات والصفات والأفعال» اهـ.

أقول:

كلامه يدل على أن التقييد والإضافة يحدان من إطلاق الحسن والجمال وأسماء الله سبحانه لا نهائية في الحسن والكمال، فلا تكون الأسماء المقيدة أو المضافة من الأسماء الحسنى.

ثم وجدته يقول (ص: 713): «فهذه أسماء مضافة أو مقيدة يصح تسمية الله بها على الوضع الذي ورد في النص كسائر الأسماء المضافة الأخرى، لكن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة المطلقة التي تفيد المدح والثناء على الله بنفسها» اهـ.

قلت:

فهنا قد أثبت أن الأسماء المضافة أو المقيدة يصح تسمية الله بها على

ص: 40

الوضع الذي ورد في النص، وهناك قد قرر أن هذه الأسماء ليست نهائية في الحسن والكمال. فكلامه يدل على أنه يجوز أن يسمى الله عز وجل بأسماء ليست بالغة في الحسن والكمال، وهذا كلام خطير، وأسماء الله كلها سواء كانت مفردة أو مطلقة أو مقيدة هي لا نهائية في الحسن والكمال. فالأسماء المقيدة حسنها وكمالها فيما قيدت به.

ثم إن قوله: «لكن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة الطلقة

». قول لا دليل عليه، فما أدراه أن الأسماء المعنية في حديث التسعة والتسعين هي الأسماء المفردة دون المقيدة؟ ! وإذا ثبت بكلامه أن الأسماء المقيدة أو المضافة هي أسماء لله عز وجل، فما المانع أن تكون من الأسماء الحسنى المعنية في حديث التسعة والتسعين؟ !

وقد رد العلامة الدكتور عمر بن سليمان الأشقر - حفظه الله - على من أخرج الأسماء المضافة من دائرة الأسماء الحسنى حيث قال في «أسماء الله وصفاته» (ص: 62):

«لا يجوز استثناء الأسماء المضافة من دائرة أسماء الله الحسنى إذا وردت في الكتاب والسنة، فلا يقر من أخرج من أسمائه تبارك وتعالى: عالم الغيب والشهادة، ومالك الملك، وبديع السماوات والأرض، ونور السماوات والأرض، وغافر الذنب، وعلام الغيوب، وفاطر السماوات والأرض؛ إذ لا حجة لهؤلاء إلا أن هذه الأسماء مضافة. وهذه ليست بحجة، فما الإشكال في أن تكون أسماء الله مضافة؟ !

» اهـ.

ص: 41

وقد قرر شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (22/ 482 - 485) أن في الكتاب والسنة أسماء أخرى غير الأسماء التسعة والتسعين المشهورة التي جاءت مدرجة في حديث الوليد بن مسلم، وعد من تلك الأسماء بعض الأسماء المضافة، فقال:

«ومن أسمائه التي ليست في هذه التسعة والتسعين اسمه: السبوح

وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسنة وثبت في الدعاء بها بإجماع المسلمين، وليس من هذه التسعة والتسعين» اهـ.

وقد أدخل كثير من أهل العلم الأسماء المضافة في جملة الأسماء الحسنى منهم: الإمام الإقليشي (1)، والإمام ابن القيم (2)، والإمام ابن العربي (3)، والحافظ ابن حجر (4). والله الموفق.

* * *

(1)«الإنباء في شرح الصفات والأسماء» (ق: 7/ أ).

(2)

«بدائع الفوائد» (2/ 249). وانظر «جهود الإمام ابن القيم في تقرير توحيد الأسماء والصفات» للدكتور وليد بن محمد العلي (3/ 1425 - 1436).

(3)

«أحكام القرآن» (2/ 802).

(4)

«التلخيص الحبير» (4/ 339 - 340).

ص: 42