المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف الدكتورمن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع - الانتصار للسلف الأخيار

[محمد محب الدين أبو زيد]

الفصل: ‌موقف الدكتورمن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع

‌موقف الدكتور

من الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع

قال الدكتور (ص: 47) في معرض رده على الشيخ علوي السقاف -حفظه الله- في إحصائه للأسماء الحسنى وقد أدخل الأعز فيها:

«أما الأعز؛ فلم يرد مرفوعا، وإنما ورد موقوفا على ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما: «رب اغفر وارحم أنت الأعز الأكرم» . واعتباره الموقوف في حكم المرفوع عند بعض المحدثين لا يكفي لإثباته، وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة التي صحت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورواها الإمام البخاري في «صحيحه» عندما قرأ {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} في آية الكرسي:«الحي القيام» وهي من حيث الصحة أثبت من رواية الأعز

» اهـ (1).

أقول:

في هذا الكلام -على وجازته- عدة أخطاء وبيانها كالتالي:

أولا: زعم الدكتور أن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع ليس حجة في إثبات الأسماء الحسنى. وهذا قول باطل لا دليل عليه، ولا أعلم أحدا من علماء السلف والخلف قال به، ولم يذكر الدكتور أحدا

(1) وانظر كذلك (ص: 56) من كتاب الدكتور.

ص: 49

سبقه إلى هذا القول، ويتضح من ذلك، ومما سبق، ومما سيأتي: أن الدكتور مغرم باختراع قواعد لم يسبق إليها. والله المستعان.

• كما أن قوله هذا به تناقض ظاهر؛ فكيف يكون له حكم الرفع ولا يكون حجة؟ ! لأنه إذا ثبت أن له حكم المرفوع ثبت أنه حجة، إذ إن المرفوع حجة في إثبات الأسماء الحسنى. فإذا تحققنا أن هذا الأثر الثابت عن الصحابي له حكم الرفع وجب العمل به في جميع أبواب العقيدة والأحكام وأصبح كالمرفوع تماما (1).

قال الحافظ بن حجر في «نزهة النظر» (ص: 106 - 108):

«ومثال المرفوع من القول حكما لا تصريحا: أن يقول الصحابي الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات ما لا مجال للاجتهاد فيه، ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح غريب، كالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وأخبار الأنبياء، أو الآتية كالملاحم والفتن وأحوال يوم القيامة، وكذا الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص. وإنما كان إخباره له حكم المرفوع؛ لأن إخباره بذلك يقتضي مخبِرا له، وما لا مجال للاجتهاد فيه يقتضي مُوقفا للقائل به، ولا موقف للصحابة إلا النبي صلى الله عليه وسلم أو بعض من يخبر عن الكتب القديمة، فلهذا وقع الاحتراز عن القسم الثاني. وإذا كان كذلك فله حكم ما لو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مرفوع سواء كان ما سمعه منه أو عنه بواسطة» اهـ.

(1) هذا إذا لم يخالفه حديث آخر مصرَّح برفعه. والله أعلم.

ص: 50

• فهذا كلام الحافظ رحمه الله يبين أن الحديث الموقوف الذي يُحكم له بالرفع هو مثل المرفوع تصريحا، لكن بعد أن تتوفر فيه ثلاثة شروط:

الأول: أن لا يكون الصحابي ممن يأخذ عن الإسرائيليات.

الثاني: أن يكون قوله مما لا يقال من قبل الاجتهاد.

الثالث: أن لا يكون له تعلق ببيان لغة أو شرح غريب.

وهذه الشروط الثلاثة متوفرة هنا:

فالبنسبة للشرط الأول: فإن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما كانا لا يأخذان عن الإسرائيليات بل إن ابن مسعود رضي الله عنه كان ينهى عن الأخذ من كتب أهل الكتاب، كما في «فتح المغيث» (1/ 152).

وأما الشرط الثاني: فإن هذا القول الذي ثبت عنهما مما لا يقال بالاجتهاد والرأي، وذلك لسببين:

الأول: أنهما رضي الله عنهما قالا ذلك في مناسك الحج أو العمرة، وقد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا عنه مناسكهم، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح (1)، فالراجح أنهما أخذاه من النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أنهما رضي الله عنهما أطلقا هذا الاسم على الله عز وجل ودعوا به، ويستحيل أن يسمياه به وهو غير ثابت له سبحانه وتعالى، فهما أتقى لله من ذلك.

(1) أخرجه: مسلم (4/ 79) وغيره من حديث جابر رضي الله عنه.

ص: 51

وأما الشرط الثالث: فهو متحقق هنا؛ فإن هذا الكلام لا تعلق له ببيان لغة أو شرح غريب، كما هو ظاهر.

• وقد استفاض الإمام ابن القيم رحمه الله في «إعلام الموقعين» (4/ 67 - 91) في بيان حجية أقوال الصحابة رضي الله عنهم وذكر ستة وأربعين وجها في الجواب على من زعم أن أقوال الصحابة ليست بحجة، أقتصر هنا على بعضها، قال رحمه الله:

«الوجه الثالث والأربعون: أن الصحابي إذا قال قولا أو حكم بحكم أو أفتى بفتيا فله مدارك ينفرد بها عنا ومدارك نشاركه فيها، فأما ما يختص به فيجوز أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم شفاها أو من صحابي آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يحاط به، فلم يرو كلٌ منهم كلَّ ما سمع، وأين ما سمعه الصديق رضي الله عنه والفاروق وغيرهما من كبار الصحابة رضي الله عنهم إلى ما رووه؟ ! فلم يُروَ عن صديق الأمة مائة حديث، وهو لم يغب عن النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من مشاهده، بل صحبه من حين بعث، بل قبل البعث، إلى أن توفي، وكان أعلم الأمة به صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وهديه وسيرته. وكذلك أجلة الصحابة روايتهم قليلة جدا بالنسبة إلى ما سمعوه من نبيهم وشاهدوه، ولو رووا كل ما سمعوه وشاهدوه لزاد على رواية أبي هريرة أضعافا مضاعفة؛ فإنه إنما صحبه نحو أربع سنين، وقد روى عنه الكثير، فقول القائل: «لو كان عند الصحابي في هذه الواقعة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لذكره» . قول من لم يعرف سيرة القوم وأحوالهم، فإنهم كانوا يهابون الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعظمونها ويقللونها خوف الزيادة والنقص، ويحدثون بالشيء الذي سمعوه من

ص: 52

النبي صلى الله عليه وسلم مرارا ولا يصرحون بالسماع، ولا يقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتلك الفتوى التي يفتي بها أحدهم لا تخرج عن ستة أوجه:

أحدها: أن يكون سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أن يكون سمعها ممن سمعها منه.

الثالث: أن يكون فهمها من آية من كتاب الله فهما خفي علينا.

الرابع: أن يكون قد اتفق عليها ملؤهم ولم يُنقل إلينا إلا قول المفتي بها وحده.

الخامس: أن يكون لكمال علمه باللغة ودلالة اللفظ على الوجه الذي انفرد به عنا، أو لقرائن حالية اقترنت بالخطاب، أو لمجموع أمور فهمومها على طول الزمان من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ومشاهدة أفعاله وأحواله وسيرته وسماع كلامه والعلم بمقاصده وشهود تنزيل الوحي ومشاهدة تأويله بالفعل، فيكون فهم ما لا نفهمه نحن. وعلى هذه التقادير الخمسة تكون فتواه حجة يجب اتباعها.

السادس: أن يكون فهم ما لم يرده الرسول صلى الله عليه وسلم وأخطأ في فهمه، والمراد غير ما فهمه، وعلى هذا التقدير لا يكون قوله حجة.

ومعلوم قطعا أن وقوع احتمال من خمسةٍ أغلب على الظن من وقوع احتمال واحد معين، هذا ما لا يشك فيه عاقل، وذلك يفيد ظنا غالبا قويا على أن الصواب في قوله دون ما خالفه مِن أقوال مَن بعده، وليس المطلوب إلَّا الظن الغالب، والعمل به متعين، ويكفي العارف هذا الوجه» اهـ.

وقد قال قبل ذلك بخصوص أقوال ابن مسعود رضي الله عنه (4/ 84):

«الوجه الخامس والثلاثون: ما رواه منصور عن زيد بن وهب عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رضيت لأمتي ما رضي لها

ص: 53

ابن أم عبد» (1)

ومَن قال ليس قوله بحجة وإذا خالفه غيره ممن بعده يجوز أن يكون الصواب في قول المخالف، لم يرض للأمة ما رضيه لهم ابن أم عبد ولا ما رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم» اهـ باختصار.

قلت: ونحن نُشهِد الله أننا رضينا بما رضيه لنا ابن مسعود رضي الله عنه وبما رضيه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل يرضى الدكتور أم لا؟ !

هذا بخصوص عبد الله ابن مسعود، فكيف إذا انضم إليه عبد الله بن عمر الذي كان من أشد الصحابة اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم؟ ! ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة فيما أعلم، وقد روي ذلك أيضا عن جمع آخر من السلف منهم: عروة والمسيب، كما ذكر ذلك العلامة الألباني في «مناسك الحج والعمرة» (ص: 28).

وممن عد هذا الاسم من الأسماء الحسنى: الإمام ابن حزم في «المحلى» (8/ 31)، والشيخ علوي السقاف في «صفات الله عز وجل» (ص: 248).

* * *

(1) أخرجه: الحاكم في «المستدرك» (3/ 317 - 318)، والطبراني في «الأوسط» (6879).

وراجع: «السلسلة الصحيحة» (1225).

ص: 54

ثانيا -من الأخطاء في النقل السابق-: قوله: «وشأنه في ذلك شأن القراءة الشاذة

».

قلت:

مَن الذي قال: إن الموقوف الذي له حكم الرفع شأنه شأن القراءة الشاذة؟ ! بل إن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع يختلف تماما عن القراءة الشاذة؛ فالحديث الموقوف الذي له حكم الرفع لا أعلم خلافا في حجيته ووجوب العمل به -كما أوضحتُ سابقا- أما القراءةُ الشاذة فقد اختلف العلماء في حجيتها، وذهب جمع منهم إلى عدم حجيتها وعدم جواز العمل بها (1).

فالدكتور فيما سبق يفرق بين المتماثلين، وذلك في ادعائه أن الحديث الموقوف الذي له حكم الرفع ليس هو كالمرفوع، وهو هنا يسوي بين المختلفين (وقد نفى الله سبحانه عن حكمه وحكمته التسوية بين المختلفين في الحكم، فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35، 36] فأخبر أن هذا حكم باطل في الفطر والعقول، لا تليق نسبته إليه سبحانه. وقال تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: 21]، وقال تعالى:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28]. أفلا تراه

(1) انظر: «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (1/ 228)، و «مذكرة في أصول الفقه» للشنقيطي (ص: 67 - 68).

ص: 55

كيف ذكَّر العقول ونَبَّه الفطر بما أودع فيها من إعطاء النظير حكم نظيره وعدم التسوية بين الشيء ومخالفه في الحكم؟ ! وكل هذا من الميزان الذي أنزل الله مع كتابه وجعله قرينه ووزيره، فقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: 17]) (1).

* * *

• ثالثا: قوله: «ورواها الإمام البخاري في «صحيحه» عندما قرأ {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} في آية الكرسي: «الحي القيام»

».

أقول: لم يروها البخاري في «صحيحه» إنما ذكرها تعليقا بصيغة الجزم، فقال البخاري (6/ 199):«دَيَّارا: مِن دور، ولكنه فيعال من الدوران، كما قرأ عمر: «الحي القيام»

» اهـ.

وفرق كبير بين ما رواه البخاري من الأحاديث بسنده متصلا من شيخه إلى الصحابي وبين ما ذكره معلَّقًا (2). فالأول صحيح، والثاني لا يستفاد منه الصحة إلا بشروط فمنه الصحيح ومنه الضعيف. وهذا معروف مشهور في كتب مصطلح الحديث.

قال الإمام النووي في «التقريب» (1/ 144 - تدريب):

«ما روياه -يعني: البخاري ومسلما- بالإسناد المتصل فهو المحكوم

(1)«إعلام الموقعين» (1/ 127 - 128).

(2)

المعلَّق: هو ما حُذِف مِن مبتدأ إسناده راوٍ أو أكثر.

ص: 56

بصحته وأما ما حُذِف مِن مبتدأ إسناده واحد أو أكثر؛ فما كان منه بصيغة الجزم، كقال، وفعل، وأمر، وروى، وذكر فلان، فهو حكم بصحته عن المضاف إليه. وما ليس فيه جزم، كيُروَى، ويُذكَر، ويُحكَى، ويقال، ورُوي، وذُكِر، وحُكِي، عن فلان كذا، فليس فيه حكم بصحته عن المضاف إليه، وليس بواهٍ لإدخاله في الكتاب الموسوم بالصحيح» اهـ.

فقول الدكتور: «رواها البخاري في «صحيحه»

» خطأ، وصواب العبارة:«رواها البخاري تعليقا بصيغة الجزم» . والله أعلم.

* * *

• قال الدكتور (ص: 86): «ومن الأسماء التي لم ينطبق عليها شرط الإطلاق ..... وكذلك المستعان في قوله عن يعقوب عليه السلام: {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]، وقد يظن البعض أن الاسم ورد مطلقا فيما رواه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم عن عثمان رضي الله عنه: «افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه. فإذا عثمان، فأخبرْتُه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، ثم قال: الله المستعان» . والأمر ليس كذلك لأمور منها: أن الإطلاق في المستعان ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دار الأمر بين الصحابيين. ومنها أن المقصود هو طلب عثمان رضي الله عنه الاستعانة والصبر على إنجاز مقتضى الوعد أخذا من قول يعقوب عليه السلام: والله المستعان. ولذلك شك أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في قول عثمان رضي الله عنه هل قال: الله المستعان.

ص: 57

أم طلب الصبر من الله؟ ففي رواية مسلم عنه أنه قال: «فذهبت فإذا هو عثمان بن عفان، قال: ففتحت وبشرته بالجنة، قال: وقلت الذي قال صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم صبرا أو الله المستعان» . وفي رواية أحمد: «اللهم صبرا وعلى الله التكلان»

» اهـ.

أقول:

في هذا الكلام نظر من وجهين:

• الأول: قوله: «الإطلاق في المستعان ليس مِن كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقد دار الأمر بين الصحابيين» .

قلت: نعم، ليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه صلى الله عليه وسلم أقره، ولو كان خطأ لأنكره ولرده عليه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يسكت على باطل. والسنة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: قولية، وفعلية، وتقريرية. فالإطلاق في المستعان سنة تقريرية. والله أعلم.

فإن قال قائل: لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع كلام عثمان رضي الله عنه.

قلت: إذا سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمع كلام عثمان رضي الله عنه، فإن الله سبحانه وتعالى قد سمعه. والله سبحانه لا يُقِرُّ أحدا على باطل في زمن الوحي.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين» (1/ 202):

«وقد كان الصحابة يستدلون على إذن الرب تعالى وإباحته بإقراره وعدم إنكاره عليهم في زمن الوحي، وهذا استدلال على المراد بغير لفظ، بل

ص: 58

بما عُرِف من موجَب أسمائه وصفاته، وأنه لا يُقِرُّ على باطل حتى يبينه» اهـ.

• الثاني: قوله: «ولذلك شك أبو موسى في قول عثمان رضي الله عنهما

».

قلت: لا يوجد دليل على أن أبا موسى هو الذي شك، فقد يكون أحد الرواة في سلسلة الإسناد هو الذي شك. وهذا هو الراجح؛ لأن النقاد الحفاظ في مثل هذه الحالة ينصون أن الشك وقع من أحد الرواة، وذلك لأن الصحابي قد شهد الحادثة فيصعب أن يشك في شيء منها، أما الرواة عنه فيطرأ عليهم الشك بسهولة؛ لبعدهم الزمني عن الحادثة. والله أعلم.

* * *

ص: 59