المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب السبق - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٤

[أحمد الخليل]

الفصل: ‌ باب السبق

- وقياساً على النكاح الفاسد.

وهذا القول نصره اثنان من علماء الحنابلة: الأول: ابن عقيل رحمه الله. والثاني: شيخ الإسلام رحمه الله.

وهو القول الصحيح إن شاء الله.

بهذا انتهينا من هذا الباب المهم وهو الإجارة وهو كتاب حري بالعناية به ويكاد يكون من أكثر العقود تعاملاً بين الناس فضبط أحكامه وتفصيلاته مفيد لطالب العلم.

وننتقل إلى‌

‌ باب السبق

.

باب السبق.

- قال رحمه الله:

- باب السبق.

السبق: يقرأ بتسكين الباء وفتحها.

قال الخطابي: والأفصح الموافق للرواية الفتح.

والسبَق هو: العوض الذي يجعل للمتسابقين. يعني: للفائز من المتسابقين.

وأما بالسكون: السبْق فهو: المناضلة والمجاراة بين اثنين: حيوان أو غير حيوان.

والسبْق يعني: والمسابقة مشروعة بالإجماع والسنة.

- أما السنة فإنه ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم: سابق بين الخيل المضمرة (أو المضَمَّرَة كلاهما صحيح إن شاء الله).

وهي الخيل التي تعلف حتى تقوى وتشتد وتتحسن ثم يقطع عنها العلف وتعطى قدر الكفاية فقط إلىن تشتد ويصلب جسدها وتقوى.

ففي هذا الحديث تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم أجرى المسابقة بين الخيل.

- وأما الإجماع. فأجمع أهل العلم على مشروعية المسابقة إلا في أشياء معينة وتفصيلات معين ستأتينا. لكن من حيث الجملة أحمعوا على مشروعية المسابقة.

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد

ص: 296

الدرس: (38) من البيع

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وذهب بعض الحنابلة وهو وجه في المذهب إلى أن المسابقات على الألعاب التي لا يستفاد منها وتضيع الأوقات بها مكروهة.

وذهب شيخ الإسلام إلى ضابط آخر فقال: كل مسابقة تؤدي غالباً إلى محرم فهي ممنوعة. وهذا الضابط صحيح إذا كانت المسابقة تؤدي غالباً إلى محرم فهي وإن كانت مباحة في أصلها إلا أنها محرمة لوصفها وهو أنها تؤدي إلى محرم.

- يقول رحمه الله:

- يصح: على الأقدام.

ص: 297

تصح المسابقة على الأقدام بالإجماع. يعني: بلا عوض.

وأنا قلت في أول الدرس أن القسم الأول: المسابقات التي ليست على عوض. فنحن نتكلم عن المسابقات التي ليست على عوض فلسنا بحاجة في كل مسابقة أن نقول: يعني بغير عوض.

أجمع الفقهاء على جواز المسابقة على الأقدام.

واستدلوا على هذا بدليلين:

- الدليل الأول: أن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه سابق بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم - سابق رجلاً من الأنصار.

- الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عائشة رضي الله عنه فسبقته ثم سابقها لما ثقلت فسبقها صلى الله عليه وسلم وقال هذه بتلك.

فهذا نص في جواز المسابقة.

واختلف الفقهاء في المسابقة على الأقدام إذا كانت على عوض:

= فذهب الجمهور: إلى أن المسابقة على الأقدام إذا كانت على عوض فلا تجوز.

واستدلوا على هذا:

- بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لاسبق إلا في خف أو حافر أو نصل).

والأقدام ليست من المذكورة في الحديث.

ووجه الاستدلال: أن الحديث جاء بصيغة الحصر فقال: (لا إلا في). وهذا من صيغ الحصر.

= والقول الثاني: أن المسابقة على الأقدام على عوض تجوز.

واستدلوا على هذا:

- بان النبي صلى الله عليه وسلم إنما أجاز السبق في هذه الثلاثة الأشياء لانها تعين على الجهاد وتقوي المتسابق والجهاد تارة يكون على الخيل وبالأسهم وتارة يكون على الرجل.

فالراجلة من الجنود كلهم يجاهدون بلا ركوب أما المسابقة على الاقدام تقوي الرجل ليتمكن من الجهاد على رجليه فتقاس على المذكورة في الحديث.

وهذا القول الثاني هو الصحيح إن شاء الله ورجحانه ليس رجحاناً بيناً قوياً لكنه هو الراجح.

والسبب في عدم قوة ترجح هذا القول أن المسابقة بالأقدام والجهاد بالرجل موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فهذا سلمة سابق بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك حصر النبي صلى الله عليه وسلم جواز أخذ العوض في هذه الثلاثة أشياء.

فهذا في الحقيقة يشير ولو من بعيد إلى حصر الأمر في هذه الثلاثة أشياء.

ص: 298

لكن باعتبار أن طريقة التفقه السليمة هي النظر إلى معنى النص وروح النص وأخذ العلة التي حكم النبي صلى الله عليه وسلم بناء عليها من هذا المنطلق نقول الراجح قياس المسابقة بالاقدام على المسابقة بالخيل والرمي بالسهام.

ويكون هذا القول إن شاء الله هو الراجح.

* * مسألة/ هل يعني هذا جواز أخذ العوض في لعبة كرة القدم لأنها تشبه المسابقة على الأقدام. لأنهم يتسابقوع على الكره ويجرون خلفها وفي هذا تقوية للقدم كما أن في المسابقة على الأقدام تقوية على القدم؟

الجواب: أن لعبة كرة القدم ليس من ذلك في شيء مطلقاً ولا يجوز أخذ العوض عليه مطلقاً.

والسبب: ان المقصود بجواز أخذ العوض على المسابقة بالأقدام أي المسابقة التي تقوي على الجهاد وتساعد عليه من غير ضرر.

والواقع في لعبة كرة القدم أن فيها أضراراً كثيرة جداً وليست تتخذ للتقوية على الجهاد فلا تقاس أبداً على المسابقة على الأقدام.

أبرز أضرار هذه اللعبة ضرران:

ـ الأول: كثرة الإصابات لا يكاد يخلو لاعب من إصابه فصارت عكس المقصود ليست تقوي وإنما تعيق أحياناً.

ـ الثاني: وهو أعظم من الأول: أن اللاعب بها يتعلق قلبه بهذه اللعبة ويكثر من المتابعة لها وتتبع أخبارها وهذا عكس مقصود الشارع الحكيم لا يحب أي لعبى تشغل القلب عن ذكر الله وهذه من أعظم الألعاب التي تشغل القلب عن ذكر الله فأنى لها أن تقاس على الجري على الأقدام بالكاد تكون جائزة فكيف نقول يجوز العوض عليها.

- ثم قال رحمه الله:

- وسائر الحيوانات.

يعني: ويجوز المسابقة بسائر الحيوانات فيجوز أن يسابق على الخيل والجمال والفيلة والبغال والحمر وكل الحيوانات.

والدليل على ذلك:

- أن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم معنا في أول الباب سابق بين الخيل صلى الله عليه وسلم فيقاس عليها المسابقة بين باقي الحيوانات.

* * مسألة/ وهب يجوز أخذ العوض في المسابقة على غير المذكورة في النص؟ كالمسابقة على البغال أو المسابقة على الفيلة.

الجواب: الجمهور يقولون لا يجوز إلا في المذكورة بالنص. وما عداها لا يجوز.

واستدلوا:

- بما استدل به أصحاب القول الأولر في المسألة السابقة وهي الحديث فإن الحديث حصر الجواز في الثلاثة.

ص: 299

= والقول الثاني: الجواز.

واستدلوا على هذا:

- بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر الخيل لأنها مركوب العرب وعليها يجاهدون. والفيلة لم تكن موجودة في المدينة ربما ولا في شبه جزيرة العرب. فلم تذكر في النص لهذا. فإذا استخدمت للجهاد وصارت الناس يتسابقون عليها للتقوي على الجهاد جاز أخذ العوض عليها.

واستدلوا على ذلك بأمر آخر وهو:

- أن الفيلة في الحروب أبلغ نكاية من الجمال ومن الخيل أيضاً عند التحام الصفين وإن كان الخيل أبلغ في الكر والفر.

وهذا القول الثاني هو الصحيح ورجحانه بين وظاهر. لأن تخصيص النص على هذه الثلاثة الأشياء يظهر جلياً أنه لعدم وجود الفيلة ونحوها بين يدي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

-

ثم قال رحمه الله:

- والسفن والمزاريق.

السفن: معروفة.

والمزاريق: هي الرماح القصيرة.

فالمسابقة على السفن وعلى المزاريق جائز: قياساً على أمرين:

- المسابقة على الأقدام. وفيه نص.

- والمسابقة على الخيل وفيها نص.

والخلاف الذي مر معنا في المسابقة على الأقدام والمسابقة على الحيوانات من حيث أخذ العوض يأتي معنا في المسابقة على السفن تماماً.

= فالقول الأول: لا يجوز.

- للنص.

= والقول الثاني: يجوز.

- لأن الناس يقاتلون تارة على الدواب والأقدام في البر. وتارة على السفن في البحر.

وإذا كانت تستخدم في القتال البحري بل هي آلة القتال البحري الأساسية جاز المسابقة عليها تقوية لهذا الأمر.

والقول الثاني إن شاء الله هو الراجح.

- قال رحمه الله:

- ولا تصح بعوض: إلاّ في إبل وخيل وسهام.

لما انتهى المؤلف رحمه الله من المسابقات التي لا يجوز أخذ العوض عليها انتقل إلى المسابقات التي يجوز أخذ العوض عليها.

- فيقول رحمه الله:

- ولا تصح بعوض إلا في إبل وخيل وسهام.

تجوز المسابقة بعوض على هذه الثلاثة أشياء بالإجماع فإنه لم يخالف أحد من الفقهاء في جواز المسابقة عليها بعوض لورود النص الصريح الصحيح فيها.

وسواء كان المخرج للعوض أحد المتسابقين أو أجنبي.

وسواء كان هذا الأجنبي الحاكم أو رجل آخر.

في جميع هذه الصور يجوز بالاتفاق.

ص: 300

الصورة الأخيرة: إذا كان المخرج للعوض أحد المتسابقين جميعاً لا أقول أحد المتسابقان جميعاً هم الذين أخرجوا العوض.

ففي هذه الصورة وقع الخلاف.

إذاً: قبل ذكر الخلاف في الصورة الأخير: عرفنا الصور الآن:

ـ أن يكون المخرج أحدهما.

ـ الصورة الثانية: أن يكون المخرج أجنبي وهو الحاكم.

ـ الصورة الثالثة: أن يكون المخرج أجنبي من غير الحاكم.

ـ الصورة الرابعة: أن يكون المخرج للعوض المتسابقان.

= فذهب الجماهير - جماهير اهل العلم وحكي إجماعاً أنه لا يجوز أخذ العوض في هذه الحالة إلا إذا دخل مع المتسابقين محلل.

والمحلل هو من يدخل في المسابقة مع المتسابقين ويربح إن فاز ولا يدفع شيئاً من العوض ولا يؤمن أن يسبق.

هذا هو المحلل عند الجمهور.

واستدلوا على اشتراط المحلل بأدلة:

- الدليل الأول: وهو العمدة وهو دليل مهم: أن المسابقة بلا محلل تصبح من القمار. والقمار معلوم التحريم.

وجه ذلك: أنه بلا محلل يدور الأمر بين المتسابقين بين الغنم والغرم وكل معاملة دار الأمر فيها بين الغنم والغرم فهي من القمار.

والمقصود بالغنم والغرم: يعني: المترتب على المخاطرة فكل واحد منهما يخاطر بدخول مسابقة ربما يفوز فيأخذ العوضين وربما يخسر فيدفع العوض الذي عليه.

- الدليل الثاني: أن المسابقة إذا دفع العوض المتسابقان خرجت من عقد المسابقة إلى عقد المعاوضة. فخرجت عن المقصود الشرعي الذي من أجله أجاز الشارع بذل العوض.

الدليل الثالث: الإجماع المحكي.

فائدة: ليس في هذه المسألة حديث صحيح. يمكن المصير إليه والاعتماد عليه.

= القول الثاني: أنه يجوز بذل المتسابقين للعوض بلا محلل.

وهذا قول لبعض الفقهاء - عدد قليل - واحد أو اثنين منهم واختيار شيخ الاسلام وابن القيم.

واستدل هؤلاء بأدلة:

- الدليل الأول: ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا سبق إلا في خف ونصل وحافر). ولم يقيد ذلك بأنه إذا كان المخرج المتسابقان لزم دخول المحلل.

- الدليل الثاني: أنه لم ينقل عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشترط في المسابقة المحلل.

= القول الثالث: انه لا يجوز مطلقاً لا بمحلل ولا بغير محلل. وهو مذهب المالكية.

واستدلوا على هذا:

ص: 301

- بأن الأحاديث التي أجازت المسابقة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أن المخرج للعوض أجنبي. فلا يجوز أن يكون المخرج هم المتسابقون.

وهذه المسألة وهي اشتراط المحلل من المسائل التي تبناها شيخ الغسلام وتبناها ابن القيم بقوة ونصرزوها بأدلة كثيرة بل إن ابن القيم سجن من أجل هذه المسألة لأنه تمسك بعد اشتراط المحلل وأيضاً بعد إخراجه من السجب عقدت له مجالس للمناظرة حول هذه المسألة - أكثر من مجلس أثبتها ابن كثير رحمه الله وذلك لما فيها من مخالفة الاجماع.

الراجح من حيث الدليل: كلام الشيخ الفقيه ابن القيم. فكلامه وجيه ولا يجد الإنسان جواباً لتعليلاته وأدلته.

لكن الاشكال فقط هو المخالفة لجمهور العلماء من القرن الثالث إلى وقت ابن القيم.

يعني هذه الفتوى مروية عن سعيد بن المسيب من الفقهاء السبعة. ومن بعده لم يخالف من بعده أحد من أهل العلم. الأئمة الأربعة وفقهاء المسلمين. حكي إجماعاً.

فمثل هذه المسألة لاشك أن الإنسان لابد أن يكون عنده نوع من التردد مهما كانت أدلة ابن القيم في الجزم بصويبه والاستقرار على ذلك استقرار مريحاً.

ولذلك أقول أنه من حيث الأدلة كلامه قوي وسديد لكن من حيث مخالفة الناس بهذا الشكل - يعني يجعل عند الإنسان نوع توقف. والأحوط أن لا يفعل الإنسان مسابقة مبذولة العوض من الطرفين إلا مع وجود محلل.

فإنه بهذا يخرج من مخالفة جماهير العلماء.

- ثم قال رحمه الله:

- ولابد من تعيين المركوبين واتحادهما.

لما قرر المؤلف رحمه الله: جواز أخذ العوض في هذه الأشياء انتقل إلى الشروط فلا يجوز أخذ العوض في المسابقات التي أجاز الشارع فيها أخذ العوض إلا بخمسة شروط ذكرها المؤلف.

ـ الشرط الأول: تعيين المركوبين. يشترط تعيين المركوبين قبل المسابقة.

ولا يشترط تعيين الراكب. تعيين الراكبين لا يشترط إنما يشترط تعيين المركوبين.

فيجب أن نقول أن المسابقة سوف تكون بين هذا الخيل وهذا تعييناً محدداً.

تعليل ذلك: أن العلة التي من أجلها أجاز الشارع المسابقة معرفة نجابة وقوة الخيل المشاركة في المسابقة.

وهذا لا يحصل بدون تعيين الخيلين.

ص: 302

فإذا قال رجل لآخر: فلنتسابق على خيلين بلا تعيين ثم ذهبا وركبا أي خيلين وتسابقا فالعقد باطل ولا يجوز للفائز أخذ العوض. لابد من التعيين قبل إجراء المسابقة.

- ثم يقول رحمه الله:

- واتحادهما.

يعني: لابد من أن يتحد المركوبان في الجنس والنوع.

ـ في الجنس: أن تكون المسابقة بين الخيل أو بين الإبل.

ـ أيضاً في النوع: أن تكون المسابقة بين خيلين عربيين أو بين خيلين هجينين.

فلا يجوز بناء على هذا المسابقة بين خيل عربي وخيل هجين.

واستدلوا على هذا:

- بأن المقصود معرفة أيهما أسرع وأنجب وأقوى. فإذا اختلف الجنس لم يحصل هذا المقصود. لأنه لا مقارنة بين مختلفين.

مثال للتوضيح فقط/ وإن كان معلوماً وبسيط لكنه للتوضيح. لا مقارنة بين مختلفين: فلا يصلح ان تقول أيهما أفضل هذا البيت أو هذه السيارة لماذا؟ لأنه لا مقارنة بين البيت والسيارة وإنما يقال أيهما أفضل هذا البيت أو هذا البيت أو هذه السيارة أو هذه السيارة.

إذاً: لا مقارنة بين مختلفين وهذه وجهة نظر الحنابلة.

= القول الثاني: الجواز مطلقاً بشرط أن يكون بينهما مقاربة في السرعة والعدو.

فإذا كان بينهما مقاربة جازت المسابقة.

فإذا أتينا بخيل عربي وخيل هجين هما في العدو واحد ولكن نريد أن نعرف أيهما أسرع: جازت المسابقة ولا حرج.

وهذا القول الثاني بهذا القيد هو الصحيح إن شاء الله.

بناء على هذا الشرط عند الحنابلة لا يجوز أن نسابق بين فرس عربي فاره سريع قوي معروف وبين فرس ضعيف مريض معروف بالبطء المسابقة باطلة عند الحنابلة ولو رضي صاحب الفرس البطيء المسابقة باطلة لأنه يشترط التكافؤ بين المركوبين هذا شرط من شروط صحة المسابقة فإن تخلف فإنه لا يجوز.

وهذا قد يقع أحياناً. تكون مسابقة بين اثنين ليس بنهما أي تكافؤ يكون المقصود يعرف إلى أي مدى يسبق القوي هذا الضعيف. هذه تجوز بلا عوض لكن بعوض لا تجوز.

* * ((الجنس يشترط: والخلاف فيه ضعيف ولذلك أعرضنا عنه ما يجوز أن نسابق بين الإبل وبين الخيل. ولا بين الإبل وبين الحمر. ولا بين الفرس والبغل وإن كان البغل أحياناً يكون - البغل الفاره القوي - أسرع من الخيل الضعيف مع ذلك لا يجوز لأنه لا مجال للمقارنة بينهما.

-

ص: 303

يقول رحمه الله: في الشرط الثالث.

- والرماة.

يعني: ويشترط تعيين الرماة.

والسبب في ذلك: ان المقصود معرفة أيهما أقدر على الإصابة وأعرف للتسديد.

وبلا تعيين لا يصح.

ويشترط في الرماة أيضاً التكافؤ.

فلا يصح أن نأتي برام قوي مجرب الإصابة متمرس في الرمي ونجعله يسابق شخصاً هذه المرة الأولى التي يرمي فيها.

هذا السباق لا يجوز. وأخذ العوض عليه محرم لأنه يشترط التكافؤ بين الرماة لأن المقصود معرفة أيهما أقدر على الإصابة ولا مقارنة بين من لا يحسن وبين من يحسن.

- ثم قال رحمه الله: في الشرط الرابع.

- والمسافة.

يعني: ويشترط تحديد المسافة.

سواء كانت المسافة التي تحدد هي التي يراد قطعها على الخيل أو المسافة التي يراد الرمي من البعد المقدر فيها.

في الصورتين يجب تحديد المسافة.

- لأن الغرض كما تقدم تحديد الأقوى والأحسن في الرمي ولا يكون إلا مع أمر محدد.

بناء عليه: لا يجوز المسابقة بين الخيلين أيهما يتعب أولاً. ولا يجوز المسابقة بين الراميين أيهما يرمي أبعد وإنما لابد من الإصابة ولابد من السبق في الخيل والإصابة في السهم.

= والقول الثاني: الجواز. بأن نقول أيهما يتعب أولاً؟ وأن نقول: أيهما يرمي أبعد؟

ومذهب الحنابلة في الحقيقة وجيه جداً في اشتراط هذا الشرط.

لأن المقصود أن نعرف أيهما أحذق وهو لا يحصل إلا بالتسديد على هدف.

أما أيهما أكثر بعداً فإنه لا ينفع كثيراً في الجهاد. لماذا؟ لأنه مالفائدة أنه يرمي بعيداً لكنه لا يصيب ماذا نستفيد من إنسان يرمي بعيد لكن لا يصيب؟ ليس له أي فائدة.

هذا بالنسبة للرمي.

بالنسبة للخيل: معرفة أيهما يجري وقتاً أطول مفيد.

لماذا؟ لأنه يفيد في إيصال الرسائل في الأوقات الحرجة وفي الهرب عند أعطاء ولي الأمر الأمر بالانهزام. حينئذ يفيد الأسرع.

ولذلك نقول: الأقرب إن شاء الله القول الوسط.

فيجوز في الخيل أيهما يجري أكثراً ولا يجوز في الرمي أيهما يرمي أبعداً لأنه لا فائدة فيكون قولاً وسطاً بين القولين.

- ثم قال رحمه الله:

- بقدر معتاد.

يعني: يجب أن نجعل المسافة معتادة في العرف يمكن الجري إليها. ومسافة الرمي المعتادة في العرف يمكن الإصابة فيها.

ص: 304

بناء على هذا: إذا جاء اثنان متسابقان للمسابقة في الرمي بالسهم على بعد ثلاثة كيلو. هذا لا يجوز. لماذا؟ لأنهم لا يرون الهدف فضلاً عن أن يصيبوه.

ثم مالفائدة من أن يتباريا على هدف بعيد لا يمكن إصابته والمقصد من المسابقة معرفة أيهما أكثر إصابة.

إذاً: لابد أن تكون المسافة معتاد عرفاً.

ترك المؤلف رحمه الله الشرط الخامس: والشرط الخامس هو: معرفة العوض.

لابد من معرفة العوض ولا يكون مطلقاً غير معين لأن المقصود بعد الفوز أخذ العوض وعدم تحديده يؤدي إلى الاختلاف العظيم لا سيما إذا كانت المسابقة شاقة.

إذاً: الشرط الخامس اشتراط تحديد العوض في المسابقة - ولا أعلم خلافا.

- قال رحمه الله:

- وهي جعالة.

يعني والعقد. وعقد المسابقة جعالة. وصرح المؤلف بالفائدة:

- فقال رحمه الله:

- لكل واحد فسخها.

أي يجوز لكل منهما الفسخ. ومقصود المؤلف رحمه الله بجواز الفسخ يعني: ما لم يظهر تفوق أحدهما على الآخر.

فيجوز الفسخ في صورتين:

- قبل البداية.

- وبعد البداية إذا تساويا في السبق.

أما إذا ظهر الفضل لأحدهما فلا يجوز للآخر أن يفسخ العقد.

الدليل أن عقد المسابقة عقد جعالة: - أنه مترتب على أمر قد يقع ويحصل وقد لا يحصل.

وما ترتب على أمر قد يحصل وقد لا يحصل فهو جعالة.

بدليل: أنه في الجعالة يقول: من رد عليَّ عبدي فله كذا وكذا. ربما تمكن من رد العبد وربما لم يتمكن.

فكذلك المسابقة ربما حصل الشيء وربما لم يحصل. فهو كالجعالة.

= والقول الثاني: أنه إذا بذل العوض المتسابقان فهو إجارة. وإذا بذل العوض أحدهما فهو جعالة.

والدليل على ذلك: - أنه إذا بذل العوض المتسابقان صار منفعة في مقابل العوض وهذه حقيقة الإجارة.

والراجح أنها جعالة. فهي أقرب في مفهومها العام إلى عقد الجعالة منه إلى عقد الإجارة.

- قال رحمه الله:

- وتصح المناضلة على مُعَيَنِيْنَ.

المناضلة هي: المسابقة في السهام. تصح بين مجموعتين ولذلك الأحسن في ضبط اللفظ: (على مُعَيَنِيْنَ) لا على: (مُعَيَّنَيْنِ).

يعني بكسر النون لا بفتحها. فالمسابقة بالسهامة جائزة.

بدليل: - النص الذي تقدم معنا وهو قوله: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل). والنصل هو: السهم.

ص: 305