المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لكن اشترط المؤلف رحمه الله شرطاً: - فقال رحمه الله: - على - شرح زاد المستقنع - أحمد الخليل - جـ ٤

[أحمد الخليل]

الفصل: لكن اشترط المؤلف رحمه الله شرطاً: - فقال رحمه الله: - على

لكن اشترط المؤلف رحمه الله شرطاً:

- فقال رحمه الله:

- على مُعَيَنِيْنَ يحسنون الرمي.

تجوز المسابقة في السهام بشرطين:

ـ الشرط الأول: تعيين المتسابقين.

ـ الشرط الثاني: أن يكون كل فرد من المجموعتين يحسن الرمي.

فإن وجد فرد في إحدى المجموعتين لا يحسن الرمي فإنه يجب وجوباً إخراجه. ويجب تبعاً لذلك إخراج المقابل له من المجموعة الثانية. فإذا تم الإخراج صح العقد وتصحيح العقد هنا مبني على مسألة تفريق الصفقة. ونحن تقدم معنا أن الحنابلة يصححون العقد مع تفريق الصفقة.

كذلك هنا يصححون عقد المسابقة بالرمي مع إخراج أحد المتسابقين لعدم حذقه. ولا يجوز أن يبقى أحدهم وهو لا يحسن الرمي.

ويشترط في مسابقة الرمي بالسهام: أن يكون قائد كل مجموعة يختلف عن الأخرى. فلا يجوز أن يكون قائد المجموعتين واحد. والعلة في ذلك:

- أن المقصود من المسابقة هي تمرين القائد على القيادة وتمرين المتسابقين على الإصابة. وإذا كان القائد واحد فإنه لا يكترث فازت هذه المجموعة أو تلك لأنه يقود المجموعتين. فلا يجوز ولا يصح.

ونبهتكم مراراً إلى أن المسابقة وغيرها من العقود التي تقدمت معنا عقد شرعي لا كما يتصور بعض الناس أنه نوع من اللعب أو النزهة. عقد شرعي. عقد يصح ويبطل ويحتاج إلى إيجاب وقبول وشروط كما تقدمة معنا.

فهذا العقد لا يصح إلا بهذه التفاصيل.

إذاً نقول يجب أن يكون قائد كل مجموعة يختلف عن الآخر.

ولا يشترط أن يكون قائد امجموعة مترك معهم في الرمي بل له أن يكون موجهاً فقط.

فإذا تمت الشروط جازت المسابقة بالرمي ومن المعلوم أنه لابد من الحذر من إصابة أحد الفرقتين لرجل من الفرقة الأخرى بمقتل أو بما يؤذي.

ولذلك أشار الإمام أحمد رحمه الله أنه في مسابقة السيوف ينبغي أن يتخذ الإنسان سيفاً من خشب أو شيفاً من حديد لكن ليس مصلتاً وليس حاداَ كذلك في السهام غما أن يتخذ سهم من خشب أو يتخذ سهم ليس له مقدمة حادة. المهم تتخذ الإجراءات التي تأمن سلامة المجموعتين. بهذا انتهى الكلام عن باب السبق وننتقل إلى الباب الذي بعده.

‌باب العارية

- قال رحمه الله:

- باب العارية.

العارية: مشتقة في لغة العربمن عار إذا ذهب وجاء.

ص: 306

وجه الاشتقاق: أن الشيء المعار يتردد بين المعير والمستعير. فهو يذهب ويجيء.

وقيل مشتق من العري وهو التجرد لأن هذا العقد يتجرد من العوض.

وقيل: ماق من العار لأن من يطلب يلحقه عار. من يستعير يلحقه عار.

وهذا الاشتقاق الثالث باطل وخطأ وأتعجب ممن قاله لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعار وسادة الناس من أصحابه ومن بعدهم من أئمة الناس استعاروا وليس في الاستعارة أي حرج.

والعارية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.

ـ أما الكتاب فقوله تعالى: (ويمنعون الماعون).وفسرها اثنان من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من العلماء وهما: ابن عباس وابن مسعود بأنها العارية يعني يمنعون: ما يستعار عادة كالماعون.

ـ ومن السنة: ان النبي صلى الله عليه وسلم استعار فرساً ليركب عليها واستعار من صفوان بن أمية أدرعاً ليستعملها في الجهاد صلى الله عليه وسلم.

ـ وأحمعت الأمة على مشروعية العارية.

وأما شرعاً فلم نذكره لأنه المؤلف رحمه الله ذكره.

- قال رحمه الله:

- وهي إباحة نفع عين تبقى بعد استيفائه.

هذا هو التعريف الاصطلاحي للعارية.

فهي: (إباحة) ويفهم من هذا أنها ليست تمليك. وهي كذلك. فالعارية هي عبارة عن إاحة وليست تمليكاً للعين المعارة.

وهي إباحة للمنفعة وليست تمليكاً أيضاً للمنفعة. ليست تمليكاً لا للعين ولا للمنفعة.

ولابد أن تبقى العين بعد استيفائها فإن أعاره كا لا يبقى بعد استيفائه فهو هبه وليست عارية.

فات المؤلف رحمه الله قيد مهم جداً وهو في صميم التعريف وهو أن يقول: (بلا عوض). لأن هذا في حقيقة العارية. فإن الشيء الذي يميز العارية عن باقي العقود أنه بلا عوض.

وفاته رحمه الله أن يقول: (بلا عوض).

- قال رحمه الله:

- وتباح إعارة كل ذي نفع مباح.

أفادنا المؤلف رحمه الله أن الإعارة مباحة فيباح للإنسان أن يعير أخاه ويباح له أن يستعير. يعني: يباح لأخيه أن يستعير منه.

= والقول الثاني: أن الإعارة مستحبة.

- لأن الله أمر بالإحسان والبر وهي من البر والإحسان.

= القول الثالث: أنها واجبة على الغني. فيجب على الغني وجوباً أن يبذل ما لاحاجة له به.

ص: 307

وإلى هذا القول ذهب شيخ الإسلام واستدل بالآية. فإن الله ذم الذين يمنعون.

وكلام شيخ الإسلام رحمه الله ليس فيه قيد أن يكون المستعير محتاجاً وهو قيد مهم لم أره في كلامه والواقع أنه لابد أن نقيد بهذا القيد.

فإذا كان المستعير مستكثراً فإنه لا يجب على المالك الغني البذل. فلابد إذاً للوجوب من ثلاثة شروط:

ـ الأول: ان يكون الباذل غنياً.

ـ الثاني: ان لاتكون حاجته متعلقة بهذا الشيء.

ـ الثالث: أن يكون المستعير بحاجة إلى هذه العين.

من وجهة نظري أنه لابد من تحقق الشروط للوجوب. يعني: للقول بالوجوب.

- يقول رحمه الله في ضابط ما يمكن أن يستعار:

- تباح إعارة كل ذي نفع مباح.

تباح إعارة كل عين لها نفع مباح.

والدليل على هذا:

- أن النبي صلى الله عليه وسلم استعا فرساً واستعار أدرعاً فقيس عليها سائر الأموال. تقاس على هذين النوعين من الأموال،

وفهم من كلام المؤلف أنه تجوز إباحة مباح النفع ولو لم يجز بيعه كالكلب. إذا أبيح نفعه جازت إعارته.

فإذاً الحنابلة يرون أن باب العارية أوسع من باب الإجارة لأنهم في الإجارة يشترطون أن يكون مباح النفع مطلقاً وهنا لا. يكتفون بأن يكون مباح النفع فقط. فلا يجوز عند الحنابلة إجارة الكلب مباح النفع وتجوز إعارته.

إذاً: الخلاصة أن هذه هي القاعدة: كل عين مباحة النفع فإنه يجوز أن تعار.

معلوم أن مفهوم هذا الكلام أن كل عين محرمة النفع فإن إعارتها محرمة فلا يجوز إعارة آلات اللهو ولا أشرطة الموسيقى ولا الحرير للرجل الذي سيلبسه بلا سبب ومسوغ شرعي ولا الذهب الذي سيلبسه. ولا كل عين لا تباح منفعتها.

- قال رحمه الله:

- إلاّ البضع.

تقدم معنا أن طريقة الفقهاء بعد تقرير القاعدة بيان المستثنيات.

فالمستثنى الأول معنا: (البضع).

البضع هو: الفرج. لا يجوز إعارة المرأة للانتفاع بفرجها. والانتفاع بالفرج هو الزنا.

الدليل على المنع:

- أن الله سبحانه وتعالى لم يبح الفروج إلا بأحد سببين: ـ النكاح. ـ وملك اليمين. والعارية ليست داخلة في هذين السببين.

- ولأنه لو أبيح إعارة الفروج لصار هذا من أعظم ابواب إباحة الزنا واختلاط المياه.

ص: 308

ولهذا صار هذا الحكم مجمع عليه بين الفقهاء فلا يجوز بالإجماع أن نعير الفروج لهذا القصد.

- قال رحمه الله:

- وعبداً مسلماً لكافر.

لا يجوز أن نعير العبد المسلم للكافر للخدمة.

والحنابلة قيدوا هذا بقولهم: (للخدمة).

ودليل التحريم:

- أن في إعارته إذلال له ولا يجوز إذلال المسلم لا سيما عند الكافر.

فهم من قيد للخدمة جواز إعارة العبد المسلم للكافر لعمل في الذمة. لأنه لا إذلال في ذلك.

الحنابلة يعللون المنع بالإذلال. فهل نقول إذا ذهب العبد المسلم لخدمة الكافر خدمة لا إذلال فيها أنه يجوز؟

الأقرب. نعم يجوز لأن هذه المسألة ليس فيها نص من كتاب الله وسنة رسوله وإنما فيها الاعتماد على القواعد العامة فإذا أمكن ذلك بلا إذلال جاز بلا حرج.

من أمثلته المعاصرة: أن ندفع المسلم لكافر لخدمة (يعني: تسمى خدمة في عرف الفقهاء) لكن مثلاً: لعمل مكتبي مرموق قد يكون في وجود هذا المسلم بهذا العمل عزة - وهي عكس الاذلال وإن كانت في عرف الفقهاء خدمة.

فمثل هذه الصورة منعها فيه بعد. يعني بالنظر إلى هذا التعليل.

الخلاصة: نقول: إذا أمكن إعارة العبد المسلم للكافر في عمل لا إذلال فيه مطلقاً بوجه من الوجوه فالأقرب الجواز.

((الأذان)).

- قال رحمه الله:

- وصيداً ونحوه لمحرم.

يعني: ولا يجوز عارة الصيد للمحرم.

- لأنه لا يجوز للمحرم استدامة القبض على الصيد. فلا يجوز بناء على هذا أن نعيره إياه.

في الحقيقة هذا الحكم مستفاد من العبارة السابقة وهي: (كل ذي نفع مباح) ونفع الصيد مباح للمحرم أو ممنوع منه؟ ممنوع منه. فهي في الحقيقة داخلة فيه لكن أراد المؤلف رحمه الله التأكيد عليها.

- قال رحمه الله:

- وأمة شابة لغير امرأة أو محرم.

ولا يجوز إعارة أمة شابة لغير امرأة أو محرم للأمة.

التعليل: - أنه لا يؤمن من وقوع المفسدة. وهي الفتنة الواقعة بين هذه الأمة الشابة والمستعير.

وفهم من كلام المؤلف رحمه الله أنها إذا لم تكن شابة يجوز.

والقاعدة العامة: أنه إذا أمنت الفتنة جاز إعارة الأمة للخدمة. لكن يشترط مع ذلك عدم النظر إليها لأن النظر إلى المرأة الأجنبية محرم وعدم الخلوة بها لأن الخلوة بها محرمة.

ص: 309

وأشار الشيخ ابن عقيل رحمه الله إلى قيد مهم ومفيد جداً وهو أنه لابد أن يكون عند المستعير نساء إما زوجات أو محارم ليجوز له أن يستعير أمة سواء كانت صغيرة أو كبيرة.

وفي الحقيقة هذا القيد ممتاز جداً وهو يدل على ذكاء الشيخ رحمه الله لأن غالب المفاسد تقع مع الخلوة وعدم وجود نساء محارم في البيت. فهذا السبب أعظم من السبب الآخر وهو كونها شابة جميلة.

يعني بعبارة أخرى: وقوع المفاسد مع عدم وجود المحارم في البيت أكثر منه مع وجود المحارم وإن كانت المرأة شابة.

وهذا قيد جميل واشتراطه صحيح.

بناء على هذا نقول: لا يجوز استقدام الخادمة إذا لم يكن مع الرجل في بيته محارم. محرم ولا يجوز مطلقاً. لأنه يؤدي غالباً إلى المفاسد.

والقاعدة تقول: أن كل عمل يؤدي غالباً أو دائماً إلى المفاسد فهو محرم وإن كان في أصله جائز.

-

قال رحمه الله:

- ولا أجرة: لمن أعار حائطاً حتى يسقط.

يعني: إذا أعار الإنسان حائطه لجاره ووضع الجار خشبه على الحائط وبنى عليه.

كل واحد من هذه شرط.

لابد: أن يعيره ولابد أن يضع الجار خشبه على جدار جاره ولابد أن يبني عليه.

إذا اكتملت هذه الشروط فإنه لا يجوز للجار - يعني: صاحب الحائط - أخذ الأجرة على وضع جاره خشبه على جداره ولو رجع عن الإعارة.

فإذا أعار زيد عمراً جداره ووضع الخشب وقام عمرو بالبناء على الخشب ثم بعد مضي شهر قال المعير العارية أنا لست ملزماً بها ورجعت عن العارية وبقاء الخشب من الآن فصاعداً بأجرة.

تقول لا يستحق الجار هذه الأجرة لأنه رجع بعد أن بنى الجار على الخشب وأصبح قلع الخشب يسبب ضرراً على المستعير.

بناء على هذا نقول: لا يجوز له أن يأخذ أجرة وهو ملزم بالبقاء إلى أن يسقط الجدار فإذا سقط الجدار حيتئذ ليس للجار أن يضع خشبه إلا بإذن أو بأجرة في الأحوال التي لا يلزم فيها الجار.

في الحقيقة هذه مسألة. والقاعدة العامة لهذه المسألة أنه لا يجوز للمعير أن يسحب ما أعاره إذا ترتب على ذلك ضرر على المستعير.

هذه هي القاعدة وما ذكره المؤلف رحمه الله مثال.

ص: 310

مثال يوضح الأمر أكثر: لو استعار زيد من عمرو قطعة حطب ووضعها كمغلقة لفتحة في السفينة فإنه ليس للمعير إذا توسطت السفينة البحر فال أنا رجعت عن الإعارة.

وعلى هذا المثال قس والقاعدة ذكرتها وهي واضحة والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد

ص: 311

الدرس: (39) من البيع

قال شيخنا حفظه الله:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

((مسألة أنه بعد سقوط الجدار لابد من استئذان الجار تقدمت وشرحناها)).

- وتوقفنا على كلام المؤلف رحمه الله:

- وتضمن العارية.

هذه المسألة من أمهات مسائل الباب ومن أهم المسائل التي)).

- يقول المؤلف رحمه الله:

- ولا يرد إن سقط إلا بإذنه.

يعني: إذا وضع الجار خشبه على جدار جاره وبنى عليه ثم سقط الجدار فحينئذ ليس للجار أن يعيد الخشب على الجدار إلا بإذن المالك.

لأنه الآن لا ضرر على الجار بنزع الخشب عن الجدار.

فإذاً لا يعيدها إلا بإذن المالك.

وقلت لكم: أن هذا التفصيل فيما إذا لم يجب على الجار تمكين جاره من وضع الخشب على ما تقدم في باب الصلح. إذاً: تحمل على هذه الحال.

فإذاً بين المؤلف رحمه الله بهذا الحكم قبل السقوط والحكم بعد السقوط.

- ثم قال رحمه الله:

- وتضمن العارية.

هذه المسألة من أمهات مسائل الباب ومن أهم المسائل.

هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها الصحابة. وممن حكى خلاف الصحابة بأسلوب مبسط وجيد الإمام الترمذي رحمه الله ولذلك أقترح على كل واحد إذا رجع أن يقرأ في سنن الترمذي كيف ساق الشيخ رحمه الله الخلاف. طبعاً ساقه مختصراً جداً لكن عبارات السلف دائماً مليئة ومفيدة لطالب العلم.

= ذهب الحنابلة وقلة من أهل العلم إلى أن العارية مضمونة مطلقاً ولو اشترط أن لا ضمان. يعني: حتى لو اشترط المستعير أن لا ضمان عليه.

واستدلوا على هذا بأدلة:

ص: 312

- الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعاً فقال صفوان أغصباً يا محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (بل عارية مضمونة).

فالنبي صلى الله عليه وسلم وصف العارية في الحديث بأنها مضمونة.

- والدليل الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه). وهذا الحديث فيه ضعف.

هذا هو استدل به الحنابلة رحمهم الله هذا أقوى ما ستدل به الحنابلة.

= القول الثاني: وهو للجمهور: أنه لا ضمان مطلقاً - عكس القول الأول -.

واستدلوا على هذا:

- بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس على المستعير غير المغل ضمان) فدل الحديث على أن المستعير الذي لا يخدع ولا يتلف ولا يخون لا ضمان عليه.

وهذا الحديث أيضاً ضعيف.

والصحيح إن شاء الله أن هذا من كلام شريح. ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

- الدليل الثاني: أنه صح عن عمر وعلي رضي الله عنهما أنه لا ضمان في العارية.

- الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العارية مؤداة).

وأيضاً هذا الحديث فيه كلام - في ثبوته كلام.

وجه الاستدلال من الحديث: ان النبي صلى الله عليه وسلم وصف العارية بأنها مؤداة والأداء يوصف للأمانات. بدليل قوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها). فالأداء إنما يكون في الأمانات فدل على أنه أمانة. والأمانة لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط.

= القول الثالث: أنه لا ضمان إلا بالشرط.

وهذا اختيار شيخ الإسلام رحمه الله وابن القيم رحمه الله.

واستدل:

- بالجمع بين النصوص.

يبقى الآن أن نرجح: الأقرب والله أعلم أنه لا ضمان. لأن من شأن العارية أنها أمانة والأمانات لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط وكما قلت لكم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في هذه المسألة. فهي ليست مسألة واضحة بل مشكلة.

ص: 313

يبقى علينا الجواب على الحديث وهو دليل الحنابلة: الجواب من وجهين: ـ الوجه الأول: أن معنى قوله: (بل عارية مضمونة) أن المقصود بالضمان هنا ضمان الرد لا ضمان التلف. بدليل أن صفوان قال للنبي صلى الله عليه وسلم أغصباً. فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين له أنها مردودة.

ـ الوجه الثاني: ان نقول: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم بل عارية مضمونة إنشاء للشرط فكأنه قال: بل عارية اشترط على نفسي أنها مضمونة. يعني وليست صفة كاشفة والصفة الكاشفة هي الصفة أو القيد التي ذكرت لبيان الحال لا لمزيد فائدة.

فالحنابلة يقولون: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بل عارية مضمونة) يعني: كأنه قال بل عارية والعارية من شأنها أن تضمن.

الجوابان المذكوران عن الحديث فيهما قوة.

ولهذا انا قلت أنه إن شاء الله أن الراجح القول بعدم الضمان لا سيما وأن من القائلين بعدم الضمان اثنين من الخلفاء الراشدين. ولقولهم مزية على باقي الصحابة.

- ثم قال رحمه الله:

- بقيمتها يوم تلفت.

العارية تضمن بالقيمة.

يعني: إذا لم تكن مثلية. فإن كانت مثلية فبمثلها.

وتقدم معنا الخلاف في حد المثلي والقيمي. ولسنا بحاجة إلى أعادة الكلام في هذه المسألة فالخلاف الذي ذكرناه في المثلي والقيمي يأتي معنا هنا.

- يقول رحمه الله:

- يوم تلفت.

يعني: أن تقدير القيمة إذا لم تكن مثلية يكون يوم التلف لا يوم القبض ولا غيره وإنما يوم التلف لأن يوم التلف هو اليوم الذي فقدت فيه العارية.

واليوم الذي فقدت فيه هو اليوم الذي وجبت القيمة في ذمة المتلف.

فنقول: ننظر إلى القيمة في ذلك اليوم.

ومن المعلوم كما تقدم معنا في أبواب كثيرة أن تحديد زمن القيمة له دور كبير جداً وليس من المسائل التي لا أهمية لها بل مسألة مهمة. لماذا؟ لأنه قد تكون القيمة يوم التلف أضعاف القيمة يوم القبض أو قد يكون العكس فتحديد الفقيه متى يكون في أي زمن تحدد القيمة أمر مهم.

- ثم قال رحمه الله:

- ولو شرط نفي ضمانها.

يعني: حتى لو شرط نفي الضمان فإن الضمان ثابت.

ص: 314

وعللوا هذا: - بقاعدة جميلة عند الفقهاء وهي: ((أن كل ما دل العقد على أنه مضمون فإن هذا الضمان لا ينفى بالشرط - وكل ما دل العقد على أنه أمانة فإنه لا يضمن بالشرط)). العكس - يعني: كل قاعدة عكس الأخرى.

بناء على هذه القاعدة: نحن نقول: كل ما كان مضمونا فإن ضمانه لا ينتفي بالشرط وكل ما كان أمانة فإنه لا يضمن بالشرط.

لو قال المضارب: أنا أضمن لك رأس المال. مالحكم؟ لا يجوز. لماذا؟ لأن رأس المال عند المضارب أمانة. ونحن نقول: (كل ما هو أمانة فإنه لا يضمن بالشرط). بهذه القاعدة استدل الحنابلة.

دليل هذه القاعدة: - أن هذا الشرط شرط ينافي مقتضى العقد. والشرط إذا نافى مقتضى العقد بطل.

وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية ثانية: أنه ينفى بالشرط فإذا اشترط أن لا ضمان فلا ضمان.

والرواية الثانية هذه هي الصحيحة. بدليل: - حديث: (بل عاريو مضمونة).

ولولا هذا الحديث لكان ما قاله المؤلف رحمه الله صحيح لأن القاعدة التي ذكرت صحيحة. وإنما استثنينا العارية من القاعدة بدلالة النص.

إذاً: يجب أن تفهم أن القاعدة صحيحة وأن ترجيح القول الثاني هو بمثابة الاستثناء من القاعدة وأن سبب الاستثناء هو النص. فلولا النص لكان كلام الحنابلة سليم.

- قال رحمه الله:

- وعليه مؤونة ردها.

أي: وعلى المستعير مؤونة رد العين المستعارة. - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه).

وهذه المسألة لا إشكال فيها. أنه على المستعير رد العين.

* * المسألة الثانية/ التي تتعلق بهذه المسألة أن رد العين على المستعير لكن مؤونة العين - في زمن الإعارة - على المعير.

وإلى هذا - أي: إلى أنه على المعير - ذهب الجمهور.

واستدلوا على هذا:

- بأن الأصل أن الإنسان ينفق على ملكه. وهذه العين لم تخرج عن ملكه فعليه نفقتها.

بناء عليه: إذا استعار زيد من عمرو سيارة لمدة أسبوع وذهب بها في كل مكان فإنه إذا أراد أن يسلم السيارة فإنه يطلب من المعير قيمة البنزين والزيت وكل شيء. لأن مؤونة العين على المعير فيقول: أنا انتفعت من السيارة لكن أريد قيمة البنزين التي صرف والزيت

وهذا مذهب الجمهور وهو عجيب.

ص: 315

= القول الثاني: وهو مذهب الأحناف. أن مؤونة العين على المستعير لا على المعير.

واستدلوا على هذا:

- بأن المعير محسن. والشرع جاء بمكافئة المحسن. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صنع إليكم معرةفاً فكافئوه).

فدل احديث على أن الأصل الشرعي مكافأة المحسن لا تحميله نفقات زائدة لم ينتفع منها هو بشيء.

وظاهر جداً إن شاء الله أن القول الثاني أقرب وأرجح كما أنه عليه العمل.

- قال رحمه الله:

- لا المؤجرة.

فإن العين المؤجرة مؤونة فيها الرد على المؤجر لا المستأجر.

وقالوا: إنما على المستأجر إذا انتهت مدة الإجارة أن يرفع يده فقط وليس عليه إيصال العين إلى المؤجر بل نفقة الإيصال على المؤجر.

- لأنه: أي المستأجر: قبض العين لمصلحة المؤجر فلا يجب عليه أن يعود بالعين إليه.

وهذا القول صحيح. لكن جرى العرف الآن وهو كالشرط أن المستأجر عليه إيصال العين المستأجرة والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً. فضلاً عما إذا اشترط المؤجر صراحة أن على المستأجر مؤونة رد العين. فإذا شرط فلا إشكال أن عليه مؤونة رد العين.

إذاً: بدون شرط الأصل أن مؤونة رد العين ليست على المستأجر فله إذا استأجر سيارة لمدة شهر وانتهى الشهر وهو يبعد عن المؤجر مسافة عشرات الكيلوات فله أن يبقي السيارة في المكان الذي انتهى فيه الوقت ويرفع يده عنها ويقول للمؤجر عليك بسيارتك.

وهذا صحيح لولا الشرط.

نسينا أن ننبه إلى مسألة مهمة بمسألة ضمان العارية: وهي أن الشيخ رحمه الله يقول: أن ضمان العرية على: المستعير. لكن نبه الشيخ منصور إلى قيد مهم ومفيد وهو: أنه يستثنى من هذا ما إذا تلفت فيما استعيرت فيه.

فإذا تلفت فيما استعيرت فيه بلا تعد ولا تفريط فإن الحنابلة أيضاً لا يضمنونه.

واستدلوا على هذا:

- بأن الإذن في الاستعمال إذن في الإتلاف.

صورة المسألة/ إذا استعار زيد من عمرو منشار واستخدم المنشار في نشر الخشب ونشر كمية كبيرة من الخشب هذا يؤدي إلى تلف أسنان المنشار لكن هل تلف في غير ما استعمل فيه أو فيما يستعمل فيه؟

[الثاني]: وقد أذن له أن يستخم المنشار في النشر.

فإذا تلف ولم يبق فيه أي أسنان تصلح للعمل فلا ضمان لأنه تلف فيما استعير له.

ص: 316

فيما عدا هذا فإنه يضمن.

فإذا أخذ الإناء للطبخ وطبخ فيه وانتهى وسقط وانكسر هل الإناء يستخدم للسقوط؟ إنما يستخدم للطبخ. فإذا سقط فيضمنه على الخلاف السابق.

- قال رحمه الله:

- ولا يعيرها.

يعني: ولا يجوز للمستعير أن يعير ما استعار.

الدليل:

- قالوا: الدليل: أنه تقدم معنا: أن حقيقة العارية إباحة المنافع لا تمليك المنافع.

فالمعير أباح للمستعير أن ينتفع بالعين فقط ولم يملكه المنفعة.

وإذا ثبت أن المستعير لم يملك المنفعة فإنه لا يجوز للإنسان أن يتصرف فيما لا يملك.

= والقول الثاني: ان له أن يعير - إذا استعار له أن يعير.

وهذا القول مبني على أن المستعير يملك المنفعة. وأن حقيقة العقد هبة المنافع لا إباحة المنافع. والإنسان إذا ملك الشيء فله أن يتصرف فيه.

= القول الثالث: وهو رواية عن الإمام أحمد: أنه يجوز أن يعير في العارية المؤقتة. فإذا أعاره شيئاً لمدة شهر هذه عارية مؤقتة فإنه يجوز له في خلال هذا الشهر أن يعير ما استعار. لماذا؟ قالوا:

- لأنه إذا أقتت العارية أصبحت المنفعة مملوكة في هذا الزمن فله أن يعير ما ملك.

والراجح أنه لا يعير مطلقاً. ليس له ان يعير مطلقاً إلا بإذن المالك. سواء كانت مؤقتة أو غير مؤقته لأن هذا في الحقيقة نوع من الاعتداء.

وسواء كان المستعير الثاني يستعمل كاستعمال الأول أو أشد أو أقل فلا يجوز أن يعير. لأن هذه العين أمانة في يده ولا يجوز له أن يتصرف فيها هذا التصرف بلا إذن المالك.

لكن مع ذلك بين المؤلف رحمه الله ما يترتب على ما لو خالف وأعار.

- فقال رحمه الله:

- فإن تلفت عند الثاني: استقرت عليه قيمتها.

يعني: وإذا خالف المستعير الأول وأعارها للمستعير الثاني وتلفت عند المستعير الثاني فإن الضمان على المستعير الثاني.

الدليل: - قالوا: لا يخلو الأمر من أن يكون المستعير الثاني عالماً بأن الأول أعاره ما لا يملك إعارته فحينئذ يكون غاضب. والغاصب ضامن كما سيأتينا اليوم إن شاء الله.

الحال الثانية: أن لا يعلم أن المعير أعاره ما لايملك إعارته فحينئذ هو أخذها على أنها عارية والعارية عند الحنابلة مضمونة. إذاً تبين أنه بكل حال الضمان على الثاني. لأن العين تلفت تحت يده.

ص: 317

ولا يخفى عليكم أنه في الصورة الثانية يأتي معنا الخلاف في العارية هل تضمن أو لا تضمن؟

يعني: بعبارة أخرى: إذا أخذها ولم يعلم أن المعير لا يملك هذه العين وإنما ظن أنها ملك له فإنه عند الحنابلة يضمن لأنه أخذها على أنها عارية وعلى القول الثاني لا يضمن لأن العارية لا تضمن.

- قال رحمه الله:

- وعلى معيرها أجرتها.

يعني: على المستعير الأول الذي أعارها الأجرة. - لأنه هو الذي سلط المستعير الثاني على هذه العين.

ويستثنى من ذلك ما إذا كان المستعير الثاني يعلم بالحال وتقدم معنا ما هو معنى قول الفقهاء يعلم بالحال يعني: يعلم أن العين ليست ملكاً للمعير. حينئذ يكون على الثاني الضمان والأجرة.

إذاً: إذا قيل لك متى يكون الضمان والأجرة جميعاً على المستعير الثاني فتقول: إذا كان عالماً بالحال.

- قال رحمه الله:

- ويضمن أيهما شاء.

يعني: وللمالك أن يطالب - فمعنى: (يضمن): يطالب - أيهما شاء.

إن شاء طالب المستعير الأول.

وإن شاء طالب المستعير الثاني.

أما المستعير الأول فلأنه هو السبب في وقوع اعين تحت يد المستعير الثاني.

وأما المستعير الثاني: فلأنه تلفت العين تحت يده.

لكن كيف يقول الشيخ: (يضمن أيهما شاء) وهو يقرر أن الضمان على الأول أو الى الثاني - حسب الحال.؟

ما معنى هذا؟

إذاص: يكون معنا: (يضمن) يطالب.

ولو قال المؤلف رحمه الله في الحقيقة: (ويطالب أيهما شاء) لكان أوضح وأدق لأنه هو في الحقيقة لا يضمن وإنما يطالب والضمان يرجع إلى من عليه الضمان حسب التفسير السابق.

- قال رحمه الله:

- وإن أركب منقطعاً للثواب: لم يضمن.

يعني: وإذا أركب شخص منقطعاص في السفر لا مال معه ليركب به فتصدق عليه وأركبه على دابته فإنه في هذه الحال لا يضمن الراكب ولو تلفت تحت يده.

إذاً: - مرة أخرى - معنى هذه العبارة: أنه إذا تبرع شخص لمنقطع لا مال معه وأركبه على دابته ثم تلفت تحت هذا الراكب فإنه لا ضمان عليه.

التعليل: عللوا هذا بأنه: - أولاً: أركبه تقرباً إلى الله.

- ثانياً: وهو الأهم: وهو العلة احقيقية: أن يد المالك ما زالت على الدابة ولم يرفع يده عنها.

ص: 318

وهذا الحكم لا يختص بالمنقطع بل يشمل كل من اعطى غيره دابة ونحوها وبقيت يد المالك عليها.

مثاله/ حتى تتضح القضية: لو أركب خلفه شخص رديفاً له ففي هذه الحالة لو تلفت الدابة فإن الرديف لا يتعبر ضامناً.

وإن كان المردف أعاره نفع الجابة بإركابه لكن ما زالت يد المالك على الدابة. إذاً: لا يضمن.

المثال الثاني وهو مثال مشهور/ لو سلم الدابة للسائس ليقوم بتمرينها وتلفت تحت يده فإنه لا يضمن. لأن يد المالك ما زالت على هذه الدابة.

وليس معنى قول الفقهاء يده ما زالت أنه راكب أو ممسك باللجام وإنما مقصود أنها باقية في حوزته.

- قال رحمه الله:

- وإذا قال: ((آجَرْتُكَ)) قال: ((بَلْ أَعَرْتَنِي)) أو بالعكس عقب العقد: قبل قول مدعي الإعارة.

بدأ المؤلف رحمه الله في الكلام على الاختلافات التي تقع بين القابض والمالك.

يقول رحمه الله: (وإذا قال: ((آجَرْتُكَ)) قال: ((بَلْ أَعَرْتَنِي)) أو بالعكس عقب العقد: قبل قول مدعي الإعارة.)

إذا اختلفوا: فقال أحدهما أجرتك وقال الآخر بل أعرتني: بعد العقد ومقصود المؤلف رحمه الله هنا: (ببعد العقد) يعني: وقبل مضي مدة يؤخذ على مثلها أجره وهذا هو معنى [[قبل]] العقد في كلام المؤلف رحمه الله حينئذ إذا اختلفا فإن القول قول مدعي العارية مطلقاً. فإن كان مدعي العارية المالك فالقول قوله.

وغن كان مدعي العارية القابض ولا نقول المستعير - لانا لم نحكم له إلى الآن هل هو مستعير أو مستأجر - فالقول قول القابض.

إذاً: بعبارة أخرى: إذا اختلفوا: يزعم أحدهما أن العقد عقد إجارة والآخر قال: العقد عقد عارية فالقول قول من؟ المالك أو القابض؟ مدعي العارية. سواء كان القابض أو المالك.

التعليل: - قالوا: السبب في ذلك: أن مدعي العارية ينفي عقد الإجارة والأصل عدم وقوع عقد الإجارة. وكان هذا هو الأصل لأن الأصل براءة الذمة. وبراءة الذمة تتحقق في عقد العارية لا في عقد الإجارة.

لأنه في عقد الإجارة يترتب الأجرة وفي عقد العارية لا يترتب على ذمة المستعير أجرة.

إذاً: إذا اختلفوا فالقول قول مدي العارية مهما كان حتى لو كان القابض. لأن الأصل معه.

- قال رحمه الله:

ص: 319

- وبعد مضي مدة: قول المالك في ماضيها بأجرة المثل.

وبعد مضي مدة فالقول قول المالك.

الآن أنت تعرف ما معنى بعد مضي مدة؟ يعني: تؤخذ على مثلها الأجرة.

وليس المقصود أي مدة وإنما المدة التي يؤخذ على مثلها أجرة.

بعد مضي هذه المدة القول قول المالك.

/ فإذا أخذ المستعير العين وبعد مضي شهر جاء فاختلفوا فقال: المالك أجرتك وقال المستعير أعرتني فالقول قول المالك. لأنه مضت مدة يؤخذ على مثلها أجرة.

الدليل: قالوا الدليل على ترجيح قول المالك من وجهين:

- الوجه الأول: أن الأصل في أموال الغير المقبوضة الضمان.

- الوجه الثاني: القياس على عقد البيع. فإنه إذا وقع هذا الاختلاف في البيع فالقول قول البائع.

= والقول الثاني: أن القول قول المنكر.

فإذا كان المنكر ينكر عقد الإجارة فالقول قوله لأن الأصل براءة الذمة.

قهم يقولون الأصل براءة الذمة سواء مضت مدة أو لم تمض مدة الأصل دائماً براءة الذمة.

الراجح: - الراجح: المذهب. السبب في الترجيح: أنا نأخذ هذه الأجرة في الواقع مقابل الانتفاع والأصل في مال الإنسان أنه محفوظ ومضمون ولسنا نأخذ الأجرة مقابل عقد الإجارة تماماً وإنما مقابل الانتفاع بهذه العين.

وهذا القول في الحقيقة هو الراجح ومال إليه ابن قدامة وفيه قوة. ولكن الخلاف قوي لأن القول بأن الأصل براءة الذمة أيضاً وجيه.

- قال رحمه الله:

- وإن قال: ((أَعَرْتَنِي))، أو قال:((أَجَرْتَنِي)) قال: ((بَلْ غَصَبْتَنِي))

فالقول قول المالك.

إن قال قابض العين: أعرتني أو قال أجرتني فقال المالك: بل غصبتني. فالقول قول المالك.

لماذا؟ - لأن المالك ينطر التمليك والأصل مع المنكر دائماً.

فعلى من يدعب خلاف الإنكار الاثبات.

وتقدم معنا قاعدة: (أنه دائماً القول قول المنكر بيمينه).

وهنا المنكر هو القابض أو المالك؟ المالك وهو ينكر انتقال المنافع.

وهذا صحيح. ولو لم نقل بهذا لأمكن كل إنسان أن يأخذ متاع الناس ويقول أخذته عارية.

إذاً: لا مجال لتصحيح قول القابض مطلقاً إلا ببينة. بلا بينات فالقول قول المالك.

- قال رحمه الله:

- أو قال: ((أَعَرْتُكَ)) قال: ((بَلْ آجَرْتَنِي))، والبهيمة تالفة أو اختلفا في رد: فقول المالك.

ص: 320

انتقل المؤلف رحمه الله إلى القسم الثاني والتفصيل السابق كله فيما إذا كانت البهيمة لم تتلف.

والآن انتقل إلى حكم الاختلاف مع تلف البهيمة.

يقول رحمه الله: (أو قال: ((أَعَرْتُكَ)) قال: ((بَلْ آجَرْتَنِي))، والبهيمة تالفة فقول المالك.)

وهذه الصورة - يعني إذا تلفت البهيمة - تنقسم إلى قسمين:

ـ أن يكون التلف قبل مضي مدة: - ما معنى قبل مضي مدة؟ يؤخذ على مثلها أجرة - فإذا كانت قبل مضي مدة فالقول قول المالك سواء ادعى الإجارة أو العارية.

((إذاً: نقول: إذا كان قبل مضي المدة فالقول قول المالك سواء ادعى الإجارة أو ادعى العارية. التعليل:

- قالوا: لأنه إذا ادعى أن العقد عقد إجارة فهو في احقيقة يبرئ القابض لأنه في عقد الإجارة لا ضمان على المستأجر. تقدم معنا أن المستأجر لا ضمان عليه.

وإذا ادعى أنها عارية فهو يدعي أنها عارية والقول قوله. لماذا القول قوله؟

لأن الأصل في قبض مال الغير الضمان.

ـ ننتقل إلى القسم الثاني وهو ما إذا كان بعد مضي المدة: إذا كان بعد مضي المدة فينقسم إلى قسمين:

- القسم الأول: أن تكون قيمة العين التالفة وقيمة الأجرة متساوية. فحينئذ القول قول من؟ (لكي تتصور المسألة وتجيب عن هذا السؤال: الآن رجل قبض دابة هذه الدابة تلفت: المالك: أيهما أنفع له أن يدعي أن العقد عقد إجارة أو عقد عارية؟ عارية. لماذا؟ لأن العارية مضمونة. والأجرة غير مضمونة وهذا بخلاف المسألة السابقة فإنه من صالح المالك أن يكون العقد عقد إجارة لأن فيه أجرة أما الآن العين تالفة فمن صالح المالك أن يكون (

) نرجع إلى مسألتنا: العين تلفت واأجرة وقيمة العين التالفة واحد فالقول قولمن؟: (

نفس الشيء أو مافيه خلاف كله واحد

[غير واضح]) لماذا؟ سواء قلنا القول قول المالك أو القابض النتيجة: (

) لأن المبلغ متفق.

نأتي إلى: - الصورة الثانية وهي محل الخلاف: إذا كانت قيمة العين أكثر من الأجرة وهذا الإشكال.

إذا كانت قيمة العين أكثر من الأجرة: فالمالك سيدعي أن العقد عقد عارية القابض سيدعي أن العقد عقد إجارة.: فالقول قول: المالك.

لماذا؟ - قالوا: لما تقدم من أن الأصل في الأموال المقبوضة وهي للغير: الضمان.

ص: 321