الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ]
ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ
إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ
كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ شِقٌّ وَسَطِيحٌ الْكَاهِنَانِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْجُ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ يُقَالَ لَهُ: دَوْسٌ ذُو ثُعْلُبَانِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، فَسَلَكَ الرَّمْلَ فَأَعْجَزَهُمْ فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى أَتَى قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ فَاسْتَنْصَرَهُ عَلَى ذِي نُوَاسٍ وَجُنُودِهِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَا بَلَغَ مِنْهُمْ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ عَلَى دِينِهِمْ فَقَالَ لَهُ: بَعُدَتْ بِلَادُكَ مِنَّا، وَلَكِنْ سَأَكْتُبُ لَكَ إِلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا الدِّينِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى بِلَادِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِنَصْرِهِ وَالطَّلَبِ بِثَأْرِهِ فَقَدِمَ دَوْسٌ عَلَى النَّجَاشِيِّ بِكِتَابِ قَيْصَرَ فَبَعَثَ مَعَهُ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْحَبَشَةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ: أَرْيَاطُ، وَمَعَهُ فِي جُنْدِهِ أَبْرَهَةُ الْأَشْرَمُ فَرَكِبَ أَرْيَاطُ الْبَحْرَ حَتَّى نَزَلَ بِسَاحِلِ الْيَمَنِ، وَمَعَهُ دَوْسٌ، وَسَارَ إِلَيْهِ ذُو نُوَاسٍ فِي حِمْيَرَ، وَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ فَلَمَّا الْتَقَوُا انْهَزَمَ ذُو نُوَاسٍ
وَأَصْحَابُهُ فَلَمَّا رَأَى ذُو نُوَاسٍ مَا نَزَلْ بِهِ وَبِقَوْمِهِ وَجَّهَ فَرَسَهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ فَدَخَلَ فِيهِ فَخَاضَ بِهِ ضَحْضَاحَ الْبَحْرِ حَتَّى أَفْضَى بِهِ إِلَى غَمْرَةٍ فَأَدْخَلَهُ فِيهَا فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ، وَدَخَلَ أَرْيَاطُ الْيَمَنَ وَمَلَكَهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ هَاهُنَا أَشْعَارًا لِلْعَرَبِ فِيمَا وَقَعَ مِنْ هَذِهِ الْكَائِنَةِ الْغَرِيبَةِ وَفِيهَا فَصَاحَةٌ وَحَلَاوَةٌ وَبَلَاغَةٌ وَطَلَاوَةٌ، وَلَكِنْ تَرْكَنَا إِيرَادَهَا خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ، وَخَوْفَ الْمَلَالَةِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.