الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا]
ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ
عَلَى أَرْيَاطَ وَاخْتِلَافِهِمَا
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَأَقَامَ أَرْيَاطُ بِأَرْضِ الْيَمَنِ سِنِينَ فِي سُلْطَانِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ نَازَعَهُ أَبْرَهَةُ حَتَّى تَفَرَّقَتِ الْحَبَشَةُ عَلَيْهِمَا فَانْحَازَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا طَائِفَةٌ، ثُمَّ سَارَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ فَلَمَّا تَقَارَبَ النَّاسُ أَرْسَلَ أَبْرَهَةُ إِلَى أَرْيَاطَ: إِنَّكَ لَنْ تَصْنَعَ بِأَنْ تُلْقِيَ الْحَبَشَةَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ حَتَّى تُفْنِيَهَا شَيْئًا شَيْئًا فَابْرُزْ لِي وَأَبْرُزُ لَكَ فَأَيُّنَا أَصَابَ صَاحِبَهُ انْصَرَفَ إِلَيْهِ جُنْدُهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَرْيَاطُ أَنْصَفْتَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبْرَهَةُ وَكَانَ رَجُلًا قَصِيرًا لَحِيمًا وَكَانَ ذَا دِينٍ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ أَرْيَاطُ وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا عَظِيمًا طَوِيلًا، وَفِي يَدِهِ حَرْبَةٌ لَهُ، وَخَلْفَ أَبْرَهَةَ غُلَامٌ يُقَالَ لَهُ: عَتُودَةَ يَمْنَعُ ظَهْرَهُ فَرَفَعَ أَرْيَاطُ الْحَرْبَةَ فَضَرَبَ أَبْرَهَةَ يُرِيدُ يَافُوخَهُ فَوَقَعَتِ الْحَرْبَةُ عَلَى جَبْهَةِ أَبْرَهَةَ فَشَرَمَتْ حَاجِبَهُ وَعَيْنَهُ وَأَنْفَهُ وَشَفَتَهُ فَبِذَلِكَ سُمِّيَ: أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمَ، وَحَمَلَ عَتُودَةُ عَلَى أَرْيَاطَ مِنْ خَلْفِ أَبْرَهَةَ فَقَتَلَهُ، وَانْصَرَفَ جُنْدُ أَرْيَاطَ إِلَى أَبْرَهَةَ فَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْحَبَشَةُ بِالْيَمَنِ، وَوَدَى أَبْرَهَةُ أَرْيَاطَ فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ الَّذِي بَعَثَهُمْ إِلَى
الْيَمَنِ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا عَلَى أَبْرَهَةَ، وَقَالَ: عَدَا عَلَى أَمِيرِي فَقَتَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِي، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَدَعُ أَبْرَهَةَ حَتَّى يَطَأَ بِلَادَهُ، وَيَجُزَّ نَاصِيَتَهُ فَحَلَقَ أَبْرَهَةُ رَأْسَهُ، وَمَلَأَ جِرَابًا مِنْ تُرَابِ الْيَمَنِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى النَّجَاشِيِّ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّمَا كَانَ أَرْيَاطُ عَبْدَكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ فَاخْتَلَفْنَا فِي أَمْرِكَ، وَكُلٌّ طَاعَتُهُ لَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَقْوَى عَلَى أَمْرِ الْحَبَشَةِ، وَأَضْبَطَ لَهَا وَأَسْوَسَ مِنْهُ، وَقَدْ حَلَقْتُ رَأْسِي كُلَّهُ حِينَ بَلَغَنِي قَسَمُ الْمَلِكِ، وَبَعَثْتُ إِلَيْهِ بِجِرَابِ تُرَابٍ مِنْ أَرْضِي لِيَضَعَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَبَرَّ قَسَمَهُ فِيَّ فَلَمَّا انْتَهَى ذَلِكَ إِلَى النَّجَاشِيِّ رَضِيَ عَنْهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنِ اثْبُتْ بِأَرْضِ الْيَمَنِ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فَأَقَامَ أَبْرَهَةُ بِالْيَمَنِ.