الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معهم) الْآيَاتِ حِينَ مَالُوا فِي الْبَاطِنِ إِلَى بَنِي النضير.
فصل [في إسلام بعض أحبار يهود نفاقاً]
(1) ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ فَكَانُوا كُفَّارًا فِي الْبَاطِنِ فَأَتْبَعَهُمْ بِصِنْفِ الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ مِنْ شَرِّهِمْ، سَعْدُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ حِينَ ضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَأْتِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ، وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا فَهِيَ فِي هَذَا الشِّعْبِ قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا " فَذَهَبَ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَدُوهَا كَذَلِكَ.
قَالَ وَنُعْمَانُ بْنُ أَوْفَى، وَعُثْمَانُ بْنُ أَوْفَى، وَرَافِعُ بْنُ حُرَيْمِلَةَ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَاتَ - فِيمَا بَلَغْنَا -:" قَدْ مَاتَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ " وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ: وَهُوَ الَّذِي هَبَّتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ يَوْمَ مَوْتِهِ عِنْدَ مَرْجِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَبُوكَ (2) فَقَالَ: " إِنَّهَا هَبَّتْ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْكُفَّارِ " فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَجَدُوا رِفَاعَةَ قَدْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَسِلْسِلَةُ بْنُ بَرْهَامَ وَكِنَانَةُ بْنُ صُورِيَا.
فَهَؤُلَاءِ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ مُنَافِقِي الْيَهُودِ قَالَ: فَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ يَحْضُرُونَ الْمَسْجِدَ وَيَسْمَعُونَ أَحَادِيثَ الْمُسْلِمِينَ وَيَسْخَرُونَ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِدِينِهِمْ، فَاجْتَمَعَ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا مِنْهُمْ أُنَاسٌ فَرَآهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ خَافِضِي أَصْوَاتِهُمْ، قَدْ لَصَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُخْرِجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ إِخْرَاجًا عَنِيفًا، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ أَحَدِ بَنِي النَّجَّارِ - وَكَانَ صَاحِبَ آلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - فَأَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَحَبَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ وَهُوَ يَقُولُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - أَتُخْرِجُنِي يَا أَبَا أَيُّوبَ مِنْ مِرْبَدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ؟ ثُمَّ أَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ إِلَى رَافِعِ بْنِ وَدِيعَةَ النَّجَّارِيِّ فَلَبَّبَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ نَتَرَهُ نَتْرًا شَدِيدًا (3) وَلَطَمَ وَجْهَهُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يَقُولُ: أُفٍ لَكَ مُنَافِقًا خَبِيثًا.
وَقَامَ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ إِلَى زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو - وَكَانَ طَوِيلَ اللِّحْيَةِ - فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَادَهُ بِهَا قَوْدًا عَنِيفًا حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ جَمَعَ عُمَارَةُ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَلَدَمَهُ بِهِمَا لَدْمَةٍ فِي صَدْرِهِ خَرَّ مِنْهَا قَالَ يَقُولُ: خَدَشْتَنِي يَا عُمَارَةُ، فَقَالَ عُمَارَةُ.
أَبْعَدَكَ اللَّهُ يَا مُنَافِقُ، فَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْعَذَابِ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَامَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَسْعُودُ بْنُ أَوْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ - وَكَانَ بَدْرِيًّا - إِلَى قَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ وَكَانَ شَابًّا - وَلَيْسَ في المنافقين شاب سواه - فجعل يدفع
(1) زيادة استدركت لمزيد من التوضيح.
(2)
في ابن هشام: من غزوة بني المصطلق.
(3)
في النهاية: النتر جذب فيه قوة وجفوة.
(*)
فِي قَفَاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ.
وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي خُدْرَةَ (1) إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو - وَكَانَ ذَا جُمَّةٍ - فَأَخَذَ بِجُمَّتِهِ فَسَحَبَهُ بِهَا سَحْبًا عَنِيفًا عَلَى مَا مرَّ بِهِ مِنَ الْأَرْضِ حَتَّى أَخْرَجَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ الْمُنَافِقُ: قَدْ أَغْلَظْتَ يَا أَبَا (2) الْحَارِثِ، فَقَالَ: إِنَّكَ أَهْلٌ لِذَلِكَ أَيْ عدوَّ اللَّهِ لِمَا أُنْزِلَ فِيكَ، فَلَا تَقْرَبَنَّ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّكَ نَجَسٌ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِلَى أَخِيهِ زُوَيِّ بْنِ الْحَارِثِ فَأَخْرَجَهُ إِخْرَاجًا عَنِيفًا وَأَفَّفَ مِنْهُ وَقَالَ: غَلَبَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ وَأَمْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مَا نَزَلَ فِيهِمْ من الآيات من سورة البقرة، وَمِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ، وَتَكَلَّمَ عَلَى تَفْسِيرِ ذَلِكَ فأجاد وأفاد رحمه الله (3) .
أول المغازي وهي غزوة الأبواء أبو غزوة ودان وَهُوَ بَعْثُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي.
قَالَ الْبُخَارِيُّ " كِتَابُ الْمَغَازِي "(4) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَبْوَاءُ.
ثُمَّ بُوَاطُ، ثُمَّ الْعُشَيْرَةُ.
ثُمَّ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ سُئِلَ كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ شَهِدَ مِنْهَا سَبْعَ عَشْرَةَ أَوَّلُهُنَّ الْعُسَيْرَةُ - أَوِ الْعُشَيْرَةُ -.
وَسَيَأْتِي الْحَدِيثُ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ غَزْوَةِ الْعُشَيْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ.
وَفِي صحيح البخاري عن بريدة قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَقَاتَلَ فِي ثماني منهن.
قال الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزَا سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَقَاتَلَ فِي ثَمَانٍ، يَوْمَ بَدْرٍ، وأُحد، وَالْأَحْزَابِ، وَالْمُرَيْسِيعِ، وَقُدَيْدٍ، وَخَيْبَرَ، وَمَكَّةَ، وَحُنَيْنٍ.
وَبَعَثَ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَرِيَّةً وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ التَّنُوخِيُّ ثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غزا ثمانية عشر غَزْوَةً، قَاتَلَ فِي ثَمَانِ غَزَوَاتٍ، أَوَّلُهُنَّ بَدْرٌ، ثُمَّ أُحُدٌ، ثُمَّ الْأَحْزَابُ، ثُمَّ قُرَيْظَةُ، ثُمَّ بِئْرُ مَعُونَةَ ثُمَّ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، ثُمَّ غَزْوَةُ خَيْبَرَ، ثُمَّ غَزْوَةُ مَكَّةَ، ثُمَّ حُنَيْنٌ وَالطَّائِفُ (5) قَوْلُهُ بِئْرُ مَعُونَةَ بَعْدَ قُرَيْظَةَ فِيهِ نَظَرٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ كَمَا سَيَأْتِي.
قَالَ يَعْقُوبُ حدَّثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرْنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً أُخْرَى يَقُولُ أَرْبَعًا
(1) ذكر ابن هشام في السيرة اسم الرجل: عبد الله بن الحارث من بني الخزرج.
(2)
في ابن هشام: يا بن الحارث.
(3)
راجع سيرة ابن هشام ج 2 / 177 وما بعدها.
(4)
في البخاري: كتاب المغازي - باب غزوة العشيرة أو العسيرة ج 5 / 176.
(5)
الغزوات المذكورة تسع لا ثماني.
(*)
وَعِشْرِينَ.
فَلَا أَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ وَهْمًا أَوْ شَيْئًا سَمِعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ الدَّبَرِيِّ (1) عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً وَقَالَ عبد الرحمن بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَّامٍ ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ.
قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى وَعِشْرِينَ غَزْوَةً.
وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ مَغَازِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَرَايَاهُ كَانَتْ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ.
ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: لَعَلَّهُ أَرَادَ السَّرَايَا (2) دُونَ الْغَزَوَاتِ، فَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْإِكْلِيلِ عَلَى التَّرْتِيبِ بُعُوثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَرَايَاهُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ.
قَالَ وَأَخْبَرَنِي الثِّقة مِنْ أَصْحَابِنَا بِبُخَارَى أَنَّهُ قَرَأَ فِي كِتَابِ أَبِي عبد الله بْنِ نَصْرٍ، السَّرَايَا وَالْبُعُوثَ دُونَ الْحُرُوبِ نَيِّفًا وَسَبْعِينَ.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ غَرِيبٌ جِدًّا، وَحَمْلُهُ كَلَامَ قَتَادَةَ عَلَى
مَا قَالَ فِيهِ نَظَرٌ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ أَزْهَرَ بْنِ الْقَاسِمِ الرَّاسِبِيِّ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ مَغَازِيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَرَايَاهُ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ: أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ بَعْثًا، وَتِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً.
خَرَجَ فِي ثَمَانٍ منها بنفسه، بدر، وأُحد، والأحزاب، والمريسيع، وَخَيْبَرَ، وَفَتْحِ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهري: هَذِهِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي قَاتَلَ فِيهَا، يَوْمَ بَدْرٍ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ أُحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ - وَهُوَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ - فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ، ثُمَّ قَاتَلَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَبَنِي لِحْيَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ سَنَةَ سِتٍّ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَحَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ (3) ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ، ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الْوَدَاعِ سَنَةَ عَشْرٍ، وَغَزَا ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ، وَكَانَتْ أَوَّلُ غزاة غزاها
(1) في الاصل: الدري، والصواب الدبري وهو إسحاق بن إبراهيم الدبري.
(2)
اتفق أصحاب السير والرواة أن الغزوة هي الحرب التي يحضرها رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ ويقاتل فيها، وأما البعث أو السرية فيكلف فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه أو طائفة منهم.
وقد اختلف أصحاب السير في عدد غزواته وسراياه.
والاقرب للصحة أنه خرج في سبع وعشرين غزوة قاتل في تسع منها - وقال ابن سعد ويقال قاتل في بني النضير ووادي القرى وقاتل في الغابة - وبلغ عدد بعوثه وسراياه سبعا وأربعين.
وذكر الصالحي أسماء الغزوات في السيرة الشامية 4 / 16 قال هي: غزوة الابواء - (ودان) - غزوة بواط - غزوة سفوان - بدر الأولى - غزوة العشيرة - غزوة بدر الكبرى - غزوة بني سليم - (قرقر الكدر) غزوة السويق، غزوة غطفان، غزوة الفرع، غزوة بني قينقاع، غزوة أحد، غزوة حمراء الاسد، غزوة بني النضير، غزوة بدر الموعد، غزوة دومة الجندل، غزوة المريسيع، غزوة الخندق، غزوة بني قريظة، غزوة بني لحيان، غزوة الحديبية، غزوة ذي قرد، غزوة خيبر، غزوة ذات الرِّقاع، غزوة عمرة القضاء، غزوة فتح مكة، غزوة حنين، غزوة الطائف، غزوة تبوك.
(3)
قال الواقدي في المغازي 1 / 6: وحج الناس سنة ثمان، ويقال أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ عتاب بن أسيد على
الحج، ويقال حج الناس أوزاعا (متفرقين) بلا أمير.
(*)
الأبواء.
وقال حنبل بن هلال عن إسحاق بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرفى (الرَّقِّيِّ) عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَازِنٍ الْيَمَانِيِّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية بَعْدَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ يَوْمَ الْجُمْعَةِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ، إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ غَزَا بَنِي النَّضِيرِ، ثُمَّ غَزَا أُحُدًا فِي شَوَّالٍ - يَعْنِي مِنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ - ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ (1) ، ثُمَّ قَاتَلَ بَنِي لِحْيَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ (2) ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ سَنَةَ سِتٍّ (3) ، ثُمَّ قَاتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي شَعْبَانَ (4) سَنَةَ ثَمَانٍ، وَكَانَتْ حُنَيْنٌ فِي رَمَضَانَ (5) سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى عَشْرَةَ غَزْوَةً لَمْ يُقَاتِلْ فيها، فكانت أول غزوة غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَبْوَاءَ.
ثُمَّ الْعُشَيْرَةَ، ثمَّ غَزْوَةَ غَطَفَانَ، ثُمَّ غَزْوَةَ بَنِي سُلَيْمٍ، ثُمَّ غَزْوَةَ الْأَبْوَاءَ (6) ثمَّ غَزْوَةَ بَدْرٍ الْأُولَى، ثُمَّ غَزْوَةَ الطَّائف، ثُمَّ غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ غَزْوَةَ الصَّفْرَاءِ، ثمَّ غَزْوَةَ تبوك آخر غزوة.
ثم ذكر البعوث، هكذا كَتَبْتُهُ مِنْ تَارِيخِ الْحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، وَالصَّوَابُ مَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُرَتَّبًا.
وَهَذَا الْفَنُّ مِمَّا يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِأَمْرِهِ وَالتَّهَيُّؤُ لَهُ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: كُنَّا نُعَلَّمُ مَغَازِيَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا نُعَلَّمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ عَمِّي الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: فِي عِلْمِ الْمَغَازِي عِلْمُ الآخرة والدنيا وقال محمد بن إسحاق (رح) فِي الْمَغَازِي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا سقناه عنه من تعيين رؤس الْكُفْرِ مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ وَجَمَعَهُمْ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَهَيَّأَ لِحَرْبِهِ وَقَامَ فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّهِ وَقِتَالِ مَنْ أَمَرَهُ بِهِ مِمَّنْ يَلِيهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: وَقَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ اشْتَدَّ الضَّحَاءُ وَكَادَتِ الشَّمْسُ تَعْتَدِلُ لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومئذٍ ابْنُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَعَثَهُ اللَّهُ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَقَامَ بَقِيَّةَ شهر ربيع الأول، وشهر ربيع الآخر وجمادين وَرَجَبًا وَشَعْبَانَ وَشَهْرَ
رَمَضَانَ وَشَوَّالًا وَذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ وَوَلِيَ تِلْكَ الْحَجَّةَ الْمُشْرِكُونَ.
وَالْمُحَرَّمَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَازِيًا فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ اثْنَيْ عَشَرَ (7) شَهْرًا مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ.
قَالَ ابْنُ
(1) في مغازي الواقدي: في ذي القعدة سنة خمس.
(2)
في الواقدي: في ربيع الأول سنة ست.
(3)
في الواقدي: في جمادى الأولى سنة سبع.
(4)
في الواقدي: لثلاث عشرة مضت من رمضان.
(5)
في الواقدي: في شوال.
(6)
كذا في الاصل: كرر غزوة الابواء مرتين، وفي ابن هشام: الابواء، بواط، العشيرة..الخ.
(7)
في الواقدي: أحد عَشَرَ شَهْراً، وفي كامل ابن الأثير أنه صلى الله عليه وسلم عقد لسعد بن أبي وقاص وسيره إلى الايواء في ذي القعدة من السنة الأولى لمقدمه المدينة.
وقال الطبري في تاريخه: غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في قول جميع أهل السير فيها؟ - أي في السنة الثانية - في ربيع الأول بنفسه غزوة الابواء.
وقال الواقدي: غاب خمس عشرة ليلة.
(*)
هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَتَّى بَلَغَ وِدَّان (1) وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ (2)، قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَيُقَالُ لَهَا غَزْوَةُ وَدَّانَ أَيْضًا، يُرِيدُ قُرَيْشًا وَبَنِي ضَمْرَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ، فَوَادَعَتْهُ فِيهَا بَنُو ضَمْرَةَ وَكَانَ الَّذِي وَادَعَهُ (3) مِنْهُمْ مَخْشِيَّ بْنَ عَمْرٍو الضَّمْرِيَّ، وَكَانَ سَيِّدَهُمْ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ.
وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ صَفَرٍ وَصَدْرًا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهِيَ أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا عليه السلام.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَكَانَ لِوَاؤُهُ مَعَ عَمِّهِ حَمْزَةَ، وَكَانَ أَبْيَضَ.
[سرية عبيدة بن الحارث](4) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُقَامِهِ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ فِي سِتِّينَ - أَوْ ثَمَانِينَ - رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ أَحَدٌ، فَسَارَ حَتَّى بَلَغَ مَاءً بِالْحِجَازِ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ الْمَرَةِ فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا عَظِيمًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ
قِتَالٌ إِلَّا أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَاصٍّ قَدْ رَمَى يومئذٍ بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ رُمِيَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ انْصَرَفَ الْقَوْمُ عَنِ الْقَوْمِ، وَلِلْمُسْلِمِينَ حَامِيَةٌ.
وَفَرَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ الْمَازِنِيُّ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا خَرَجَا لِيَتَوَصَّلَا بِالْكُفَّارِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ يومئذٍ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ.
وَرَوَى ابْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ (5) عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمَدَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ عَلَيْهِمْ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ حِكَايَةِ الْوَاقِدِيِّ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِكْرَزٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ أَبُو سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَنَّهُ رَجَّحَ أَنَّهُ أَبُو سُفْيَانَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ الْقَصِيدَةَ الْمَنْسُوبَةَ إِلَى أَبِي [بَكْرٍ] الصِّدِّيقِ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ الَّتِي أَوَّلُهَا: أَمِنْ طَيْفِ سَلْمَى بِالْبِطَاحِ الدَّمَائِثِ * أَرِقْتَ وَأَمْرٌ فِي الْعَشِيرَةِ حادث
(1) ودان: بفتح الواو: قرية جامعة من أمهات القرى من عمل الفرع، وقيل: واد على الطريق يقطعه المصعدون من حجاج المدينة.
وتبعد عن الابواء ستة أميال هي بحذائها: قاله الطبري.
(2)
الابواء: قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهة المدينة ثلاثة وعشرون ميلا.
(3)
في مغازي الواقدي: وادعهم على ألا يكثروا عليه، ولا يعينوا عليه أحدا، ثم كتب بينهم وبينه كتابا.
أنظر في غزوة الابواء ابن هشام ج 2 وابن سعد ج 2 والواقدي ج 1 والطبري ج 2 والدرر لابن عبد البر 96 وسبل الهدى ج 4 ودلائل البيهقي ج 3.
(4)
سقط من الاصل، عنوان استدركناه من كتب السير والمغازي.
لمزيد من التوضيح والتبويب.
(5)
في سيرة ابن هشام: قال ابن هشام: حدثني ابن أبي عمرو بن العلاء.
(*)
تَرَى مِنْ لُؤَيٍّ فِرْقَةً لَا يَصُدُّهَا * عَنِ الْكُفْرِ تَذْكِيرٌ وَلَا بَعْثُ بَاعِثِ رَسُولٌ أَتَاهُمْ صَادِقٌ فَتَكَذَّبُوا * عَلَيْهِ وَقَالُوا لَسْتَ فِينَا بِمَاكِثِ إِذَا مَا دَعَوْنَاهُمْ إِلَى الْحَقِّ أَدْبَرُوا * وَهَرُّوا هَرِيرَ الْمُحْجَرَاتِ اللَّوَاهِثِ (1)
الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، وَذَكَرَ جَوَابَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبَعْرَى فِي مُنَاقَضَتِهَا الَّتِي أَوَّلُهَا: أَمِنْ رَسْمِ دَارٍ أَقْفَرَتْ بِالْعَثَاعِثِ * بكيت بعين دمعها غير لابث (2) ومن عجيب الْأَيَّامِ - وَالدَّهْرُ كُلُّهُ * لَهُ عَجَبٌ - مِنْ سَابِقَاتٍ وَحَادِثِ لِجَيْشٍ أَتَانَا ذِي عُرَامٍ يَقُودُهُ * عُبَيْدَةُ يُدْعَى فِي الْهِيَاجِ ابْنَ حَارِثِ لِنَتْرُكَ أَصْنَامًا بِمَكَّةَ عُكَّفًا * مَوَارِيثَ مَوْرُوثٍ كَرِيمٍ لِوَارِثِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْقَصِيدَةِ وَمَا مَنَعَنَا مِنْ إِيرَادِهَا بِتَمَامِهَا إِلَّا أَنَّ الْإِمَامَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ (رح) وَكَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ ذَكَرَ أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُ هَاتَيْنِ الْقَصِيدَتَيْنِ (3) .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي رَمْيَتِهِ تِلْكَ فِيمَا يَذْكُرُونَ: أَلَا هَلَ اتَى رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي * حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي أَذُودُ بِهَا أَوَائِلَهُمْ ذِيَادًا * بِكُلِّ حُزُونَةٍ وَبِكُلِّ سَهْلِ فَمَا يَعْتَدُّ رَامٍ فِي عَدُوٍّ * بِسَهْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَبْلِي وَذَلِكَ أَنَّ دِينَكَ دِينُ صِدْقٍ * وَذُو حَقٍّ أَتَيْتَ بِهِ وَفَضْلِ (4) يُنَجَّى الْمُؤْمِنُونَ بِهِ وَيُخْزَى * بِهِ الْكُفَّارُ عِنْدَ مَقَامِ مَهْلِ فَمَهْلًا قَدْ غَوَيْتَ فَلَا تعبني * غوي الحي ويحك يا ابن جَهْلِ (5) قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِسَعْدٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَتْ رَايَةُ عُبَيْدَةَ - فِيمَا بَلَغْنَا - أَوَّلَ رَايَةٍ عَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الْإِسْلَامِ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ خَالَفَهُ الزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالْوَاقِدِيُّ فَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ بَعْثَ حَمْزَةَ قَبْلَ بَعْثِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ أَوَّلَ أُمَرَاءِ السَّرَايَا عَبْدُ الله بن جحش الأسدي.
(1) هروا: وثبوا كما تثب الكلاب: المحجرات وفي ابن هشام: المجحرات: وهي الكلاب التي أجحرت أي ألجئت إلى مواضعها.
(2)
العثاعث: واحدها عثعث وهي أكداس الرمل التي لا تنبت شيئاً.
(3)
يرجح قول ابن هشام في نفيه القصيدة ونسبتها إلى أبي بكر، ما روى عروة عن عائشة ابنة أبي بكر أنها قالت:
كذب من أخبركم أن أبا بكر قال بيت شعر في الاسلام.
(4)
في ابن هشام: وعدل مكان وفضل.
(5)
المراد عكرمة بن أبي جهل، وكان كما في رواية على القوم سيدهم وأميرهم.
(*)