المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في رجوعه عليه السلام من بدر إلى المدينة - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 3

-

- ‌بَابُ كَيْفَ بَدَأَ الْوَحْيُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله

- ‌فَصْلٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ فتر الوحي

- ‌فَصْلٌ فِي مَنْعِ الْجَانِّ وَمَرَدَةِ الشَّيَاطِينِ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ حِينَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إِتْيَانِ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل أوَّل من أسلم من متقدمي الإسلام والصحابة وغيرهم

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ ضِمَادٍ

- ‌بَابُ الأمر بإبلاغ الرسالة إلى الخاص والعام، وَأَمْرِهِ لَهُ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْجَاهِلِينَ الْمُعَانِدِينَ الْمُكَذِّبِينَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَإِرْسَالِ الرَّسُولِ الْأَعْظَمِ إِلَيْهِمْ، وَذِكْرِ مَا لَقِيَ مِنَ الْأَذِيَّةِ مِنْهُمْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي تَأْلِيبِ الْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌فَصْلٌ فِي مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْأَذِيَّةِ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌بَابُ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإقامة الحجة الدامغة عليهم

- ‌باب هجرة أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الحبشة

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُخَالَفَةِ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ ثُمَّ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ قِصَّةَ فَارِسَ وَالرُّومِ

- ‌فَصْلٌ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ مَكَّةَ إلى بيت المقدس

- ‌فَصْلٌ [فِي] انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ [فِي] وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل موت خديجة بنت خويلد وذكر شئ من فضائلها ومناقبها رضي الله عنه وَأَرْضَاهَا

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها[بِعَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رضي الله عنهما]

- ‌فَصْلٌ فِي ذَهَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الطَّائِفِ

- ‌فَصْلٌ فِي عَرْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ عَلَى أحياء العرب

- ‌فَصْلٌ [فِي] قُدُومِ وَفْدِ الْأَنْصَارِ عَامًا بَعْدَ عَامٍ حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَدْءِ إِسْلَامِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌فَصْلٌ يَتَضَمَّنُ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ الثانية ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ

- ‌باب الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌بَابُ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِهِ عليه السلام الْمَدِينَةَ وَأَيْنَ استقر منزله [

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ شُرِّفَتِ الْمَدِينَةُ أَيْضًا بِهِجْرَتِهِ عليه السلام إِلَيْهَا

- ‌ السنة الأولى من الْهِجْرَةِ

- ‌فصل ولما حل الركاب النبوي بالمدينة

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ

- ‌فصل ولما ارتحل عليه السلام مِنْ قُبَاءَ

- ‌ذِكْرُ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومئذٍ

- ‌فصل في بناء مسجده الشريف ومقامه بدار أبي أيوب

- ‌فَصْلٌ وَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَوْلَ مَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ حُجر

- ‌فَصْلٌ فِيمَا أَصَابَ الْمُهَاجِرِينَ من حمى الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي عَقْدِهِ عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار

- ‌فَصْلٌ فِي مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَوْتِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بن زرارة

- ‌فَصْلٌ فِي مِيلَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌فصل في الأذان ومشروعيته

- ‌فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ المطَّلب رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فَصْلٌ [فِي سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار]

- ‌فَصْلٌ وَمِمَّنْ وُلِدَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْمُبَارَكَةِ - وَهِيَ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌وممَّن تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهجرة

- ‌كِتَابُ الْمَغَازِي

- ‌فصل [في إسلام بعض أحبار يهود نفاقاً]

- ‌فَصْلٌ [فِي سَرِيَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌بَابُ سرية عبد الله بن جحش التي كان سببها لِغَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى (2) وَذَلِكَ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ التقى الجمعان والله على كل شئ قَدِيرٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر

- ‌فَصْلٌ فِي فريضة شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ

- ‌فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْأُسَارَى أَيُقْتَلُونَ أَوْ يُفَادَوْنَ عَلَى قَوْلَيْنِ

- ‌فَصْلٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا سَبْعِ

- ‌فَصْلٌ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمَغَانِمِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌مَقْتَلُ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعَقَبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ

- ‌ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه

- ‌بَابُ الْكُنَى

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌فصل [في غزوة السويق]

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل جمل من الحوادث سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ

الفصل: ‌فصل في رجوعه عليه السلام من بدر إلى المدينة

إِلَيْنَا، فَتَنَازَعُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الانفال لله وللرسول فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(1) .

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ آثارا أخر يطول بسطها ههنا وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ الْأَنْفَالَ مَرْجِعُهَا إِلَى حُكْمِ الله ورسوله يحكما فِيهَا بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِلْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثمَّ ذَكَرَ مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ وَمَا كَانَ مِنَ الْأَمْرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ من شئ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى والمساكين وابن السَّبِيلِ) الآية فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُبَيِّنَةٌ لِحُكْمِ اللَّهِ فِي الْأَنْفَالِ الَّذِي جَعَلَ مَرَدَّهُ إِلَيْهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيَّنَهُ تَعَالَى وحكم فيه بما أراد تعالى، وهو قول أبي زَيْدٍ وَقَدْ زَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ رحمه الله أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسَمَ غَنَائِمَ بَدْرٍ عَلَى السَّوَاءِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا.

ثُمَّ نَزَلَ بَيَانُ الْخُمُسِ بَعْدَ ذَلِكَ نَاسِخًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَهَكَذَا رَوَى الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَفِي هَذَا نَظَرٌ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنَّ سِيَاقَ الْآيَاتِ قَبْلَ آيَةِ الْخُمُسِ وَبَعْدَهَا كُلُّهَا فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ فَيَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ جُمْلَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُتَفَاصِلٍ بِتَأَخُّرٍ يَقْتَضِي نَسْخَ بَعْضِهِ بَعْضًا، ثُمَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أنه قال فيّ قصة شار فيه اللَّذَيْنِ اجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا حَمْزَةُ إِنَّ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَ بَدْرٍ مَا يَرُدُّ صَرِيحًا عَلَى أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ لَمْ تُخَمَّسْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

بَلْ خُمِّسَتْ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَابْنِ جَرِيرٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ

الرَّاجِحُ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ

وَمَا كَانَ مِنَ الْأُمُورِ فِي مَسِيرِهِ إِلَيْهَا مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْعَةَ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ،

(1) أخرجه البيهقي من طريق وهب بن بقية، وزاد في آخره: يقول: فكان ذلك خيرا لهم، فكذلك أيضا أطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم.

وأخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب في النفل ح 2737 عن وهب وح 2738 عن زياد بن أيوب عن هشيم عن داود..وح 2739 عن هارون بن محمد بن بكار بن بلال.

وأخرجه النسائي في التفسير عن المعتمر بن سليمان.

ونقله الصالحي في السيرة الشامية 4 / 89 عن ابن حبان وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر.

(*)

ص: 369

وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَدْ أقام عليه السلام بِعَرْصَةِ بَدْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ رَحِيلُهُ مِنْهَا لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، فَرَكِبَ نَاقَتَهُ وَوَقَفَ عَلَى قَلِيبِ بَدْرٍ فَقَرَّعَ أُولَئِكَ الَّذِينَ سُحِبُوا إِلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، ثُمَّ سَارَ عليه السلام وَمَعَهُ الْأُسَارَى وَالْغَنَائِمُ الْكَثِيرَةُ وَقَدْ بَعَثَ عليه السلام بَيْنَ يَدَيْهِ بَشِيرَيْنِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ عَلَى مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَجَحَدَهُ وَبِهِ كَفَرَ، أَحَدُهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ إِلَى أَعَالِي الْمَدِينَةِ، وَالثَّانِي زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ (1) إِلَى السَّافِلَةِ.

قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَتَانَا الْخَبَرُ حِينَ سَوَّيْنَا [التُّرَابَ] عَلَى رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ زَوْجُهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه قَدِ احْتَبَسَ عِنْدَهَا يمرِّضها بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِسَهْمِهِ وَأَجْرِهِ فِي بَدْرٍ.

قَالَ أُسَامَةُ: فَلَمَّا قَدِمَ أَبِي - زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ - جِئْتُهُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْمُصَلَّى وَقَدْ غَشِيَهُ النَّاسُ وَهُوَ يَقُولُ: قُتِلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ.

وَأَبُو جَهْلِ بْنُ

هِشَامٍ، وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ الْعَاصُ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَنُبَيْهٌ وَمُنَبِّهٌ ابْنَا الْحَجَّاجِ.

قَالَ قلت: يا أبة أَحَقٌّ هَذَا؟ قَالَ إِي وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَلَّفَ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى [رُقَيَّةُ](2) بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [أيام بدرٍ](3) ، فَجَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى الْعَضْبَاءِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبِشَارَةِ، قَالَ أُسَامَةُ: فَسَمِعْتُ الْهَيْعَةَ (4) فَخَرَجْتُ فَإِذَا زَيْدٌ قَدْ جَاءَ بِالْبِشَارَةِ، فَوَاللَّهِ مَا صَدَّقْتُ حَتَّى رَأَيْنَا الْأُسَارَى.

وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ بِسَهْمِهِ (5) وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مرجعه مِنْ بَدْرٍ الْعَصْرَ بِالْأُثَيْلِ (6) فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً تَبَسَّمَ فَسُئِلَ عَنْ تَبَسُّمِهِ فَقَالَ: مرَّ بِي (7) مِيكَائِيلُ وَعَلَى جَنَاحِهِ النَّقْعُ فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ وَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ فِي طَلَبِ الْقَوْمِ، وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ بَدْرٍ، عَلَى فرس أنثى معقود الناصية وقد عصم ثنييه الْغُبَارُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبِّي بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أُفَارِقَكَ حَتَّى تَرْضَى، هَلْ رَضِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ قَالُوا: وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة من الأثيل فجاءا يوم الأحد حين

(1) زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ، أبو أسامة الكلبي، الامير الشهيد، سيد الموالي وأسبقهم إلى الاسلام.

وحب رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَلِمَ يسم الله تعالى في كتابه صحابيا باسمه إلا زيد بن حارثة وعيسى بن مريم عليه السلام، عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الناس وقدمه على الامراء في غزوة مؤتة فقاتل وقتل فيها طعنا بالرماح.

(2)

من دلائل البيهقي.

(3)

من دلائل البيهقي.

(4)

الهيعة: كل ما أفزع من صوت، قال أبو عبيد: هي صيحة الفزع.

(5)

أخرجه البيهقي في الدلائل 3 / 130 - 131.

والحاكم في المستدرك 3 / 217 عن أبي أمامة قَالَ: لَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ بدر بعث بيشيرين..الخ وقال في آخره: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

(6)

الاثيل: موضع بالصفراء، قال الواقدي: واد طوله ثلاثة أميال وبينه وبين بدر ميلان.

(7)

من الواقدي، وفي الاصل: يرى وهو تحريف.

(*)

ص: 370

اشْتَدَّ الضُّحَى، وَفَارَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مِنَ الْعَقِيقِ، فَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يُنَادِي عَلَى رَاحِلَتِهِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَبْشِرُوا بِسَلَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْرِهِمْ، قُتِلَ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَابْنَا الْحَجَّاجِ، وَأَبُو جَهْلٍ، وَقُتِلَ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.

قَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ: فقمت إليه فنحوته فقلت: أحقاً يا ابن رَوَاحَةَ؟ فَقَالَ إِي وَاللَّهِ وَغَدًا يَقْدَمُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَسْرَى مُقَرَّنِينَ.

ثُمَّ تَتَبَّعَ دُورَ الْأَنْصَارِ بِالْعَالِيَةِ يُبَشِّرُهُمْ دَارًا داراً والصبيان ينشدون مَعَهُ يَقُولُونَ: قُتِلَ أَبُو جَهْلٍ الْفَاسِقُ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى دَارِ بَنِي أُمَيَّةَ وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَصْوَاءِ يُبَشِّرُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُصَلَّى صَاحَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: قُتِلَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَابْنَا الْحَجَّاجِ، وَقُتِلَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ وَزَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَأُسِرَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ذُو الْأَنْيَابِ فِي أَسْرَى كَثِيرٍ، فَجَعَلَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يُصَدِّقُونَ زَيْدًا وَيَقُولُونَ مَا جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَّا فَلًّا (1) حَتَّى غاظ المسلمين ذلك وخافوا.

وقد زيد حِينَ سَوَّيْنَا [التُّرَابَ] عَلَى رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَقِيعِ، وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لِأُسَامَةَ: قُتِلَ صَاحِبُكُمْ وَمَنْ مَعَهُ؟ وَقَالَ آخَرُ لَأَبِي لُبَابَةَ: قَدْ تَفَرَّقَ أَصْحَابُكُمْ تَفَرُّقًا لَا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ أَبَدًا وَقَدْ قُتِلَ عِلْيَةُ أَصْحَابِهِ وَقُتِلَ مُحَمَّدٌ وَهَذِهِ نَاقَتُهُ نَعْرِفُهَا، وَهَذَا زَيْدٌ لَا يَدْرِي ماذا يَقُولُ مِنَ الرُّعْبِ، وَجَاءَ فَلًّا فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ: يُكَذِّبُ اللَّهُ قَوْلَكَ.

وَقَالَتِ الْيَهُودُ: مَا جَاءَ زَيْدٌ إِلَّا فَلًّا.

قَالَ أُسَامَةُ: فَجِئْتُ حَتَّى خَلَوْتُ بِأَبِي فَقُلْتُ أَحَقٌّ مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ إِي وَاللَّهِ حَقٌّ مَا أَقُولُ يَا بُنَيَّ فَقَوِيَتْ نَفْسِي وَرَجَعْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمُنَافِقِ فَقُلْتُ أَنْتَ الْمُرْجِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَبِالْمُسْلِمِينَ، لَنُقَدِّمَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ إِذَا قَدِمَ فَلَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، فقال إنما هو شئ سمعته من الناس يقولونه.

قال فجئ بِالْأَسْرَى وَعَلَيْهِمْ شُقْرَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ قَدْ شَهِدَ مَعَهُمْ بدراً وهم تسعة وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا الَّذِينَ أُحْصُوا.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَهُمْ سَبْعُونَ فِي الْأَصْلِ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا شكَّ فِيهِ.

قَالَ وَلَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الروحاء رؤوس النَّاسِ يُهَنِّئُونَهُ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

فَقَالَ لَهُ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْفَرَكَ وَأَقَرَّ عَيْنَكَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا كانَ تَخَلُّفِي عَنْ بَدْرٍ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّكَ تَلْقَى عَدُوًّا، وَلَكِنْ ظَنَنْتُ أَنَّهَا

عِيرٌ وَلَوْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ عَدُوٌّ ما تخلفت.

فقال له رسول الله " صَدَقْتَ "(2) .

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَافِلًا إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ الْأُسَارَى وَفِيهِمْ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَقَدْ جَعَلَ عَلَى النَّفْلِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ.

فَقَالَ رَاجِزٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [يُقَالُ إِنَّهُ] هُوَ عَدِيُّ بْنُ أَبِي الزَّغْبَاءِ -: أَقِمْ لَهَا صُدُورَهَا يَا بَسْبَسُ * لَيْسَ بِذِي الطَّلْحِ لَهَا معرس ولا بصحراء عمير محبس * إن مطايا القوم لا تحبس

(1) الفل: القوم المنهزمون ويقع على الواحد والاثنين والجمع.

عن النهايه.

(2)

الخبر في مغازي الواقدي 1 / 114 - 115 وفي دلائل البيهقي من طريق الحسين بن الفرج عن الواقدي.

ج 3 / 131 - 133.

(*)

ص: 371