المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر إسلام أبي ذر رضي الله عنه - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 3

-

- ‌بَابُ كَيْفَ بَدَأَ الْوَحْيُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله

- ‌فَصْلٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ فتر الوحي

- ‌فَصْلٌ فِي مَنْعِ الْجَانِّ وَمَرَدَةِ الشَّيَاطِينِ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ حِينَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إِتْيَانِ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل أوَّل من أسلم من متقدمي الإسلام والصحابة وغيرهم

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ ضِمَادٍ

- ‌بَابُ الأمر بإبلاغ الرسالة إلى الخاص والعام، وَأَمْرِهِ لَهُ بِالصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الْجَاهِلِينَ الْمُعَانِدِينَ الْمُكَذِّبِينَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَإِرْسَالِ الرَّسُولِ الْأَعْظَمِ إِلَيْهِمْ، وَذِكْرِ مَا لَقِيَ مِنَ الْأَذِيَّةِ مِنْهُمْ هُوَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي تَأْلِيبِ الْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابه

- ‌فَصْلٌ فِي مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْأَذِيَّةِ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل

- ‌بَابُ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإقامة الحجة الدامغة عليهم

- ‌باب هجرة أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الحبشة

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُخَالَفَةِ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ ثُمَّ أَوْرَدَ الْبَيْهَقِيُّ قِصَّةَ فَارِسَ وَالرُّومِ

- ‌فَصْلٌ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ مَكَّةَ إلى بيت المقدس

- ‌فَصْلٌ [فِي] انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ [فِي] وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل موت خديجة بنت خويلد وذكر شئ من فضائلها ومناقبها رضي الله عنه وَأَرْضَاهَا

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها[بِعَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رضي الله عنهما]

- ‌فَصْلٌ فِي ذَهَابِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهْلِ الطَّائِفِ

- ‌فَصْلٌ فِي عَرْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ الْكَرِيمَةَ عَلَى أحياء العرب

- ‌فَصْلٌ [فِي] قُدُومِ وَفْدِ الْأَنْصَارِ عَامًا بَعْدَ عَامٍ حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ بَدْءِ إِسْلَامِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌فَصْلٌ يَتَضَمَّنُ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ الثانية ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ

- ‌باب الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌بَابُ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِهِ عليه السلام الْمَدِينَةَ وَأَيْنَ استقر منزله [

- ‌فَصْلٌ وَقَدْ شُرِّفَتِ الْمَدِينَةُ أَيْضًا بِهِجْرَتِهِ عليه السلام إِلَيْهَا

- ‌ السنة الأولى من الْهِجْرَةِ

- ‌فصل ولما حل الركاب النبوي بالمدينة

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ

- ‌فصل ولما ارتحل عليه السلام مِنْ قُبَاءَ

- ‌ذِكْرُ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومئذٍ

- ‌فصل في بناء مسجده الشريف ومقامه بدار أبي أيوب

- ‌فَصْلٌ وَبُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَوْلَ مَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ حُجر

- ‌فَصْلٌ فِيمَا أَصَابَ الْمُهَاجِرِينَ من حمى الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي عَقْدِهِ عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار

- ‌فَصْلٌ فِي مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَوْتِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بن زرارة

- ‌فَصْلٌ فِي مِيلَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌فصل في الأذان ومشروعيته

- ‌فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ المطَّلب رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فَصْلٌ [فِي سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار]

- ‌فَصْلٌ وَمِمَّنْ وُلِدَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْمُبَارَكَةِ - وَهِيَ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌وممَّن تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّحَابَةِ

- ‌ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهجرة

- ‌كِتَابُ الْمَغَازِي

- ‌فصل [في إسلام بعض أحبار يهود نفاقاً]

- ‌فَصْلٌ [فِي سَرِيَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ]

- ‌بَابُ سرية عبد الله بن جحش التي كان سببها لِغَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى (2) وَذَلِكَ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ التقى الجمعان والله على كل شئ قَدِيرٌ

- ‌فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر

- ‌فَصْلٌ فِي فريضة شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ

- ‌فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي الْأُسَارَى أَيُقْتَلُونَ أَوْ يُفَادَوْنَ عَلَى قَوْلَيْنِ

- ‌فَصْلٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا سَبْعِ

- ‌فَصْلٌ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمَغَانِمِ

- ‌فَصْلٌ فِي رُجُوعِهِ عليه السلام مِنْ بَدْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌مَقْتَلُ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعَقَبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ

- ‌ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه

- ‌بَابُ الْكُنَى

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌فصل [في غزوة السويق]

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَى زَوْجَتِهِ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل جمل من الحوادث سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ

الفصل: ‌ذكر إسلام أبي ذر رضي الله عنه

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ رَجَعَ حَمْزَةُ إِلَى بَيْتِهِ فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: أَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ اتَّبَعْتَ هَذَا الصَّابِئَ وَتَرَكْتَ دِينَ آبَائِكَ، لَلْمَوْتُ خير لك مما صنعت.

فأقبل حمزة على نفسه وَقَالَ: مَا صَنَعْتُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ رُشْدًا فَاجْعَلْ تَصْدِيقَهُ فِي قَلْبِي، وَإِلَّا فَاجْعَلْ لِي مِمَّا وَقَعْتُ فِيهِ مَخْرَجًا فَبَاتَ بِلَيْلَةٍ لَمْ يَبِتْ بِمِثْلِهَا مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، حَتَّى أَصْبَحَ فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فقال: يا ابن أخي إني قد

وقعت في أمر ولا أَعْرِفُ الْمَخْرَجَ مِنْهُ، وَإِقَامَةُ مِثْلِي عَلَى مَا لا أدري ما هو أرشد أم هو غَيٌّ شَدِيدٌ؟ فَحَدِّثْنِي حَدِيثًا فَقَدِ اشْتَهَيْتُ يَا ابن أَخِي أَنْ تُحَدِّثَنِي، فَأَقْبَلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذكَّره وَوَعَظَهُ، وخوَّفه وبشَّره، فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فقال: أَشْهَدُ أَنَّكَ الصَّادِقُ شَهَادَةَ الصِّدْقِ، فَأَظْهِرْ يَا ابن أَخِي دِينَكَ فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مَا أَظَلَّتْهُ السَّمَاءُ، وَأَنِّي عَلَى دِينِيَ الْأَوَّلِ.

فَكَانَ حَمْزَةُ مِمَّنْ أعزَّ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ بِهِ (1) .

‌ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ [قال] : حدَّثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الحافظ، [قال] : حدثنا الحسين بن محمد بن زياد [قال] : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مَالِكِ (2) بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ.

قَالَ: كُنْتُ رُبُعَ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ قَبْلِي ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَأَنَا الرَّابِعُ، أَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله (3) ، فرأيت الاستبشار في وجه اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

هَذَا سِيَاقٌ مختصر (4) .

وقال البخاري

= حمدت الله حين هدى فؤادي * إلى الاسلام والدين الحنيف لدين جاء من رب عزيز * خبير بالعباد بهم لطيف إذا تليت رسائله علينا * تحدر دمع ذي اللب الحصيف رسائل جاء أحمد من هداها * بآيات مبينة الحروف وأحمد مصطفى فينا مطاع * فلا تغسوه بالقول الضعيف فلا والله نسلمه لقوم * ولما نقض فيهم بالسيوف (1) قصة اسلام حمزة في سيرة ابن هشام 1 / 311 - 312 ببعض تغيير، ودلائل البيهقي ج 2 / 213 وطبقات ابن سعد ج 3 / 9.

(2)

في دلائل البيهقي: ملك، وهو تحريف والصواب ما أثبتناه، وهو مالك بن مرثد ذكره العجلي في الثقات.

(كاشف الذهبي 3 / 102) .

(3)

في دلائل البيهقي: عبده ورسوله، بدلا من رسول الله.

(4)

الخبر في دلائل النبوة للبيهقي 2 / 212.

وما بين معكوفين من الدلائل.

وأخرجه الحاكم في المستدرك: 3 / 341 والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 327.

(*)

ص: 45

إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أنَّه نبي يأتيه الخبر من السماء.

فاسمع من قوله ثم ائتني فانطلق الآخر حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ.

فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ.

فَتَزَوُّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَعْرِفُهُ وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ اضْطَجَعَ فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أنه غريب، فلما رآه تبعه ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فمرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ أَمَا إنَّ لِلرَّجُلِ يَعْلَمُ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شئ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَادَ عَلِيٌّ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَقَامَ مَعَهُ فَقَالَ أَلَا تُحَدِّثُنِي بالذي أَقْدَمَكَ؟ قَالَ إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ.

فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ.

قَالَ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَإِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتَّبِعْنِي فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ، وَإِنْ مَضَيْتُ فَاتَّبِعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي، فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ.

فَقَالَ لَهُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: " ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي " فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بأعلا صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، فَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَالَ وَيَلْكُمُ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارَتِكُمْ إِلَى الشَّامِ.

فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ.

ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا

إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.

وَقَدْ جَاءَ إِسْلَامُهُ مَبْسُوطًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حدَّثنا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ [قَالَ] : قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ - وَكَانَ يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ - أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ذِي مَالٍ وَذِي هَيْئَةٍ، فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ خَلَفَكَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ.

فَجَاءَ خالنا فنثى مَا قِيلَ لَهُ (1) فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ، وَلَا جِمَاعَ لَنَا فِيمَا بَعْدُ.

قَالَ: فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا (2) فَاحْتَمَلْنَا عليها وتغطى خالنا بثوبه وَجَعَلَ يَبْكِي، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا حَضْرَةَ مكة، قال: فنافر أنيس من صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا (3) ، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا.

فأتانا بصرمتنا

(1) في دلائل البيهقي: فنثا علينا ما قيل له: معناه - كما في النهاية - أظهره إلينا وحدثنا به.

(2)

الصرمة هي القطعة من الابل وتطلق أيضا على القطعة من الغنم.

(3)

نافر: من المنافرة وهي المفاخرة والمحاكمة، فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر ثم يتحاكما إلى رجل ليحكم أيهما خير وأعز نفرا - وفي الشعر - أيهما أشعر.

هنا تراهن هو وآخر أيهما أفضل، وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك فالافضل أخذ الصرمتين.

وكان الحكم: (*)

ص: 46

ومثلها [معها، قال] : وقد صليت يابن أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثِ سِنِينَ، قَالَ: قُلْتُ: لِمَنْ؟ قَالَ لِلَّهِ، قُلْتُ: فَأَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ حَيْثُ وَجَّهَنِيَ اللَّهُ.

قَالَ وَأُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيل ألفيت كَأَنِّي خِفَاءٌ (1) حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ قَالَ فَقَالَ أنيس: إن لي حاجة بمكة فألقني حَتَّى آتِيَكَ قَالَ فَانْطَلَقَ فَرَاثَ (2) عَلَيَّ، ثُمَّ أَتَانِي فَقُلْتُ مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ عَلَى دِينِكَ، قَالَ فَقُلْتُ مَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ؟ قَالَ يَقُولُونَ (3) إِنَّهُ شَاعِرٌ وَسَاحِرٌ، وَكَانَ أُنَيْسٌ شَاعِرًا.

قَالَ فَقَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ الْكُهَّانَ فَمَا يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ، وَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَوَاللَّهِ مَا يَلْتَئِمُ لِسَانَ أَحَدٍ أَنَّهُ شِعْرٌ، وَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ.

قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ هَلْ أَنْتَ كافيِّ حَتَّى أَنْطَلِقَ؟ قَالَ نَعَمْ! وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ فَإِنَّهُمْ قد شنَّعوا لَهُ وَتَجَهَّمُوا لَهُ.

قَالَ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى

قَدِمْتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفْتُ (4) رَجُلًا مِنْهُمْ فَقُلْتُ أَيْنَ هَذَا الرجل الذي يدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إلى [الصَّابِئُ](5) فَمَالَ أَهْلُ الْوَادِي عَلَيَّ بِكُلِّ مَدَرَةٍ وعظم حتى خررت مغشياً عليّ، ثم ارتفعت حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا، وَغَسَلْتُ عَنِّي الدَّمَ، وَدَخَلْتُ بين الكعبة وأستارها، فلبثت به يابن أخي ثلاثين من يوم وليلة، مالي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي (6) وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ (7) جُوعٍ قَالَ فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قمراء أضحيان وضرب الله على أشحمة (8) أَهْلِ مَكَّةَ فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ، فأتتا علي وهما يدعوان إساف ونائلة.

فقلت: انكحوا أَحَدَهُمَا الْآخَرَ فَمَا ثَنَاهُمَا ذَلِكَ، فَقُلْتُ وَهُنَّ مثل الخشبة (9) غير أني لم أركن (10) .

قال: فانطلقتا يولولان ويقولان لو كان ههنا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هابطان من الجبل فقال مالكما؟ فَقَالَتَا الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ، قَالَ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ وَصَاحَبُهُ حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى.

قَالَ فَأَتَيْتُهُ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حيَّاه بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.

فَقَالَ: " عليك السَّلام ورحمة الله من أَنْتَ؟ " قَالَ قُلْتُ مِنْ غِفَارٍ، قَالَ: فَأَهْوَى بيده

= كاهنا فحكم لانيس بأنه الافضل - وهو معنى قوله - فخير أنيسا، أي جعله الخيار والافضل.

(1)

الخفاء هو الكساء وجمع أخفية ككساء وأكسية، وفي رواية المقرئ في البيهقي: يعني الثوب.

(2)

راث: أي أبطأ علي.

(3)

في نسخة البداية المطبوعة: يقولوا وهو تحريف.

(4)

أي نظرت إلى أضعفهم فسألته.

(5)

من دلائل البيهقي، والمعنى هنا: أي انظروا وخذوا هذا الصابئ.

(6)

عكن: جمع عكنة، وهو الطي في البطن من السمن، والمعنى: انثنت وانطوت طاقات لحم بطنه.

(7)

سخفة: بفتح السين وضمها.

وهي رقة الجوع وضعفه وهزاله.

(8)

في الدلائل: أصمخة وهي هنا الآذان، أي ناموا.

(9)

المراد هنا سب وإهانة اساف ونائلة، الصنمان، وإغاظة الكفار.

(10)

في مسلم: لا أكني.

(*)

ص: 47