الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّدْرُ الرَّئِيسُ شَرَفُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ جَمَالِ الدين إبراهيم
ابن شَرَفِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَمِينِ الدِّينِ سَالِمِ بْنِ الْحَافِظِ بَهَاءِ الدِّينِ الْحَسَنِ بْنِ هبة الله بن محفوظ بن صصريّ، ذهب إِلَى الْحِجَازِ الشَّرِيفِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَرَدَى اعْتَرَاهُ مَرَضٌ وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَاتَ، تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مُلَبٍّ، فَشَهِدَ النَّاسُ جِنَازَتَهُ وَغَبَطُوهُ بِهَذِهِ الْمَوْتَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ النَّهَارِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَدُفِنَ ضُحَى يوم السبت بمقبرة بباب الْحَجُونِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.
ثُمَّ دخلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة
الْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ هُمَا هُمَا، وَكَذَلِكَ النُّوَّابُ وَالْقُضَاةُ سِوَى الْمَالِكِيِّ بِدِمَشْقَ فَإِنَّهُ الْعَلَّامَةُ فَخْرُ الدِّينِ ابن سَلَامَةَ بَعْدَ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الزَّوَاوِيِّ رحمه الله. وَوَصَلَتِ الْأَخْبَارُ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَبِلَادِ الشَّرْقِ سِنْجَارَ وَالْمَوْصِلَ وَمَارِدِينَ وَتِلْكَ النَّوَاحِي بِغَلَاءٍ عَظِيمٍ وَفِنَاءٍ شَدِيدٍ، وَقِلَّةِ الْأَمْطَارِ، وخوف التَّتَارِ، وَعَدَمِ الْأَقْوَاتِ وَغَلَاءِ الْأَسْعَارِ، وَقِلَّةِ النَّفَقَاتِ، وَزَوَالِ النِّعَمِ، وَحُلُولِ النِّقَمِ، بِحَيْثُ إِنَّهُمْ أَكَلُوا مَا وَجَدُوهُ مِنَ الْجَمَادَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَيْتَاتِ، وَبَاعُوا حَتَّى أَوْلَادَهُمْ وَأَهَالِيَهُمْ، فَبِيعَ الْوَلَدُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وأقل من ذلك، حتى إن كثيرا كانوا لا يشترون من أولاد المسلمين، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُصَرِّحُ بِأَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ لِيُشْتَرَى مِنْهَا ولدها لتنتفع بثمنه ويحصل له مَنْ يُطْعِمُهُ فَيَعِيشُ، وَتَأْمَنَ عَلَيْهِ مِنَ الْهَلَاكِ، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 ووقعت أَحْوَالٌ صَعْبَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَتَنْبُو الْأَسْمَاعُ عَنْ وَصْفِهَا، وَقَدْ تَرَحَّلَتْ مِنْهُمْ فَرْقَةٌ قَرِيبُ الْأَرْبَعِمِائَةِ إِلَى نَاحِيَةِ مَرَاغَةَ فَسَقَطَ عَلَيْهِمْ ثَلْجٌ أَهْلَكَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ، وَصَحِبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِرْقَةً مِنَ التَّتَارِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى عَقَبَةٍ صَعِدَهَا التَّتَارُ ثُمَّ مَنَعُوهُمْ أَنْ يَصْعَدُوهَا لِئَلَّا يَتَكَلَّفُوا بِهِمْ فَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.
وَفِي بُكْرَةِ الِاثْنَيْنِ السَّابِعِ مِنْ صَفَرٍ قَدِمَ الْقَاضِي كَرِيمُ الدِّينِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْعَلَمِ هِبَةِ اللَّهِ وَكِيلُ الْخَاصِّ السُّلْطَانِيِّ بِالْبِلَادِ جَمِيعِهَا، قَدِمَ إِلَى دِمَشْقَ فَنَزَلَ بِدَارِ السَّعَادَةِ وَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَأَمَرَ بِبِنَاءِ جَامِعِ الْقُبَيْبَاتِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ جَامِعُ كَرِيمِ الدِّينِ، وَرَاحَ لِزِيَارَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وتصدق بصدقات كثيرة وافرة، وشرع ببناء جامع بَعْدَ سَفَرِهِ. وَفِي ثَانِي صَفَرٍ جَاءَتْ رِيحٌ شديدة ببلاد طرابلس على ذوق تركمان فأهلكت لهم كَثِيرًا مِنَ الْأَمْتِعَةِ، وَقَتَلَتْ أَمِيرًا مِنْهُمْ يُقَالُ له طرالى وزوجته وابنتيه وَابْنَيِ ابْنَيْهِ وَجَارِيَتَهُ وَأَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا، وَقَتَلَتْ جِمَالًا كَثِيرَةً وَغَيْرَهَا، وَكَسَرَتِ الْأَمْتِعَةَ وَالْأَثَاثَ وَكَانَتْ تَرْفَعُ الْبَعِيرَ فِي الْهَوَاءِ مِقْدَارَ عَشَرَةِ أَرْمَاحٍ ثُمَّ تُلْقِيهِ مُقَطَّعًا، ثُمَّ سَقَطَ بَعْدَ ذَلِكَ مَطَرٌ شَدِيدٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ بِحَيْثُ أَتْلَفَ زُرُوعًا كثيرة في قرى عديدة نحو من أربعة وَعِشْرِينَ قَرْيَةً، حَتَّى إِنَّهَا لَا تُرَّدُ بِدَارِهَا. وَفِي صَفَرٍ أُخْرِجَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طُغَاي الحاصلى إلى نيابة صفت فَأُقِيمَ بِهَا شَهْرَيْنِ ثُمَّ مُسِكَ، وَالصَّاحِبُ أَمِينُ الدين إلى نظر الأوقاف بِطَرَابُلُسَ عَلَى مَعْلُومٍ وَافِرٍ. قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدين
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ مُنْتَصَفِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ اجْتَمَعَ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ مُسَلَّمٍ بالشيخ الامام العلامة تقى الدين بن تيمية وأشار عليه في ترك الْإِفْتَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، فَقَبِلَ الشَّيْخُ نَصِيحَتَهُ وَأَجَابَ إِلَى مَا أَشَارَ بِهِ، رِعَايَةً لِخَاطِرِهِ وَخَوَاطِرِ الْجَمَاعَةِ الْمُفْتِينَ، ثُمَّ وَرَدَ الْبَرِيدُ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى بِكِتَابٍ مِنَ السُّلْطَانِ فِيهِ مَنْعُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مِنَ الْإِفْتَاءِ في مسألة الحلف بالطلاق وانعقد بذلك مَجْلِسٌ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى مَا رَسَمَ بِهِ السُّلْطَانُ، وَنُودِيَ بِهِ فِي الْبَلَدِ، وَكَانَ قَبْلَ قُدُومِ الْمَرْسُومِ قَدِ اجْتَمَعَ بِالْقَاضِي ابْنِ مُسَلَّمٍ الْحَنْبَلِيِّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفْتِينَ الْكِبَارِ، وَقَالُوا لَهُ أَنْ يَنْصَحَ الشَّيْخَ فِي تَرْكِ الْإِفْتَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، فَعَلِمَ الشَّيْخُ نَصِيحَتَهُ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ تَرْكَ ثَوَرَانِ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ. وَفِي عاشره جاء البريد إلى صفت بِمَسْكِ سَيْفِ الدِّينِ طُغَايْ، وَتَوْلِيَةِ بَدْرِ الدِّينِ الْقَرَمَانِيِّ نِيَابَةَ حِمْصَ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَانَ مَقْتَلُ رَشِيدِ الدَّوْلَةِ فَضْلِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الخير بن عالى الهمدانيّ، كَانَ أَصْلُهُ يَهُودِيًّا عَطَّارًا، فَتَقَدَّمَ بِالطِّبِّ وَشَمِلَتْهُ السعادة حتى كان عِنْدَ خَرْبَنْدَا الْجُزْءَ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ، وَعَلَتْ رُتْبَتُهُ وَكَلِمَتُهُ، وَتَوَلَّى مَنَاصِبَ الْوُزَرَاءِ، وَحَصَلَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْلَاكِ وَالسَّعَادَةِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ وَكَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَكَانَتْ لَدَيْهِ فَضَائِلُ جَمَّةٌ، وَقَدْ فَسَّرَ الْقُرْآنَ وَصَنَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً، وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَثَرْوَةٌ عَظِيمَةٌ، وَبَلَغَ الثَّمَانِينَ مِنَ الْعُمْرِ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ جَيِّدَةٌ يَوْمَ الرَّحْبَةِ، فَإِنَّهُ صَانَعَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وأتقن القضية في رجوع ملك التتار عَنِ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ، سَنَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ يُنَاصِحُ الْإِسْلَامَ، وَلَكِنْ قَدْ نَالَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَاتَّهَمُوهُ عَلَى الدِّينِ وَتَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِهِ هَذَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ مُخَبِّطًا مُخَلِّطًا، وَلَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ نافع، ولا عمل صالح. ولما تولى أبو سَعِيدٍ الْمَمْلَكَةَ عَزَلَهُ وَبَقِيَ مُدَّةً خَامِلًا ثُمَّ اسْتَدْعَاهُ جُوبَانُ وَقَالَ لَهُ أَنْتَ سَقَيْتَ السُّلْطَانَ خَرْبَنْدَا سُمًّا؟ فَقَالَ لَهُ: أَنَا كُنْتُ فِي غَايَةِ الْحَقَارَةِ وَالذِّلَّةِ، فَصِرْتُ فِي أَيَّامِهِ وَأَيَّامِ أَبِيهِ فِي غَايَةِ الْعَظَمَةِ وَالْعِزَّةِ، فَكَيْفَ أَعْمَدُ إِلَى سَقْيِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ فَأُحْضِرَتِ الْأَطِبَّاءُ فَذَكَرُوا صُورَةَ مَرَضِ خَرْبَنْدَا وَصِفَتَهُ، وَأَنَّ الرَّشِيدَ أَشَارَ بِإِسْهَالِهِ لِمَا عِنْدَهُ فِي بَاطِنِهِ مِنَ الْحَوَاصِلِ، فَانْطَلَقَ بَاطِنُهُ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ مَجْلِسًا، فَمَاتَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الطِّبِّ. فَقَالَ: فَأَنْتَ إِذًا قَتَلْتَهُ، فَقَتَلَهُ وَوَلَدَهُ إِبْرَاهِيمَ وَاحْتِيطَ عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَمْوَالِهِ، فَبَلَغَتْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَقُطِّعَتْ أَعْضَاؤُهُ وَحُمِلَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا إِلَى بَلْدَةٍ، وَنُودِيَ عَلَى رَأْسِهِ بِتِبْرِيزَ هَذَا رَأْسُ الْيَهُودِيِّ الَّذِي بَدَّلَ كَلَامَ اللَّهِ لَعَنَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أُحْرِقَتْ جُثَّتُهُ، وَكَانَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ عَلِيَّ شَاهْ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ- أَعْنِي جُمَادَى الْأُولَى- تولى قضاء المالكية بمصر تَقِيُّ الدِّينِ الْأَخْنَائِيُّ عِوَضًا عَنْ زَيْنِ الدِّينِ بْنِ مَخْلُوفٍ تُوُفِّيَ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَلَهُ فِي الْحُكْمِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ عَاشِرِ رَجَبٍ لَبِسَ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الْمَلِكِ الْأَوْحَدِ خِلْعَةَ الْإِمْرَةِ بِمَرْسُومِ السلطان،
وَفِي آخِرِ رَجَبٍ جَاءَ سَيْلٌ عَظِيمٌ بِظَاهِرِ حمص خرب شيئا كثيرا، وَجَاءَ إِلَى الْبَلَدِ لِيَدْخُلَهَا فَمَنَعَهُ الْخَنْدَقُ. وَفِي شَعْبَانَ تَكَامَلَ بِنَاءُ الْجَامِعِ الَّذِي عَمَرَهُ تَنْكِزُ ظاهر باب النصر، وأقيمت الجمعة فيه عَاشِرِ شَعْبَانَ، وَخَطَبَ فِيهِ الشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ بْنِ يَحْيَى الْحَنَفِيُّ الْمَعْرُوفُ بالفقجازى، مِنْ مَشَاهِيرِ الْفُضَلَاءِ ذَوِي الْفُنُونِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ وَالْقُرَّاءُ وَالْمُنْشِدُونَ وَكَانَ يوما مشهودا. وفي يوم الجمعة التي يليها خَطَبَ بِجَامِعِ الْقُبَيْبَاتِ الَّذِي أَنْشَأَهُ كَرِيمُ الدِّينِ وَكِيلُ السُّلْطَانِ، وَحَضَرَ فِيهِ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَخَطَبَ فِيهِ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الواحد بن يوسف بن الرزين الْحَرَّانِيُّ الْأَسَدِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَهُوَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْكِبَارِ، ذَوِي الزَّهَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالنُّسُكِ وَالتَّوَجُّهِ وَطِيبِ الصَّوْتِ وَحُسْنِ السَّمْتِ. وَفِي حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ خَرَجَ الشيخ شمس الدين ابن النقيب إلى حمص حاكما بها مطلوبا مولى مَرْغُوبًا فِيهِ، وَخَرَجَ النَّاسُ لِتَوْدِيعِهِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ حَصَلَ سَيْلٌ عَظِيمٌ بِسَلَمْيَةَ وَمِثْلُهُ بِالشَّوْبَكِ، وَخَرَجَ الْمَحْمَلُ فِي شَوَّالٍ وَأَمِيرُ الرَّكْبِ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مَعْبَدٍ وَالِي الْبَرِّ، وَقَاضِيهِ زين الدين ابن قَاضِي الْخَلِيلِ الْحَاكِمِ بِحَلَبَ. وَمِمَّنْ حَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ: الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الفزاري وكمال الدين ابن الشريشى وولده وبدر الدين ابن العطار. وفي الحادي والعشرين مِنْ ذِي الْحِجَّةِ انْتَقَلَ الْأَمِيرُ فَخْرُ الدِّينِ أَيَاسٌ الْأَعْسَرِيُّ مِنْ شَدِّ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ إِلَى طَرَابُلُسَ أَمِيرًا. وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ أُقِيمَتِ الْجُمُعَةُ فِي الْجَامِعِ الَّذِي أَنْشَأَهُ الصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ نَاظِرُ الدَّوَاوِينِ بِدِمَشْقَ خَارِجَ بَابِ شَرْقِيٍّ، إِلَى جَانِبِ ضِرَارِ بن الأزور بِالْقُرْبِ مِنْ مَحَلَّةِ الْقَعَاطِلَةِ، وَخَطَبَ فِيهِ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ التَّدْمُرِيِّ الْمَعْرُوفُ بِالْنَّيْرَبَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّالِحِينَ ذَوِي الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَحَضَرَهُ الصَّاحِبُ الْمَذْكُورُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ.
وفي يوم الاثنين والعشرين مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بَاشَرَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ محمد بن عثمان الذهبي المحدث الحافظ بِتُرْبَةِ أَمِّ الصَّالِحِ عِوَضًا عَنْ كَمَالِ الدِّينِ بن الشريشى توفى بطريق الحجاز فِي شَوَّالٍ، وَقَدْ كَانَ لَهُ فِي مَشْيَخَتِهَا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَحَضَرَ عِنْدَ الذَّهَبِيِّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُضَاةِ. وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ صَبِيحَةَ هَذَا الدَّرْسِ أُحْضِرَ الْفَقِيهُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ عُبَيْدَانَ الْحَنْبَلِيُّ مِنْ بَعْلَبَكَّ وَحُوقِقَ عَلَى مَنَامٍ رَآهُ زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، وَفِيهِ تَخْلِيطٌ وَتَخْبِيطٌ وَكَلَامٌ كَثِيرٌ لَا يَصْدُرُ عَنْ مستقيم المزاج، كان كتبه بخطه وبعثه لي بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَاسْتَسْلَمَهُ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ وَحَقَنَ دَمَهُ وَعَزَّرَهُ، وَنُودِيَ عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ وَمُنِعَ مِنَ الْفَتْوَى وَعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ، ثُمَّ أُطْلِقَ. وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ بُكْرَةً بَاشَرَ بَدْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ بضحان مَشْيَخَةَ الْإِقْرَاءِ بِتُرْبَةِ أَمِّ الصَّالِحِ عِوَضًا عَنِ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ التُّونِسِيِّ تُوُفِّيَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ وَالْفُضَلَاءُ، وَقَدْ حَضَرْتُهُ يَوْمَئِذٍ، وَقَبْلَ ذَلِكَ باشر مشيخة الأقراء بالأشرفية عوضا عنه أيضا الشيخ