الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّدٌ، وَقَدْ جَاوَرَ بِالْمَدِينَةِ مُدَّةَ سِنِينَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ ثَامِنَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِدِمَشْقَ صَلَاةُ الْغَائِبِ.
الشيخ نجم الدين القباني الْحَمَوِيُّ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى اللخمي القباني، قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى أُشْمُونِ الرُّمَّانِ، أَقَامَ بِحَمَاةَ في زاوية يزار ويلتمس دعاؤه، وكان عابدا ورعا زاهدا آمرا بالمعروف وناهيا عَنِ الْمُنْكَرِ، حَسَنَ الطَّرِيقَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا آخِرَ نَهَارِ الِاثْنَيْنِ رَابِعَ عَشَرَ رَجَبٍ، عَنْ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً هائلة جدا، ودفن شمالي حماة، وكان عِنْدَهُ فَضِيلَةٌ، وَاشْتَغَلَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَلَهُ كَلَامٌ حَسَنٌ يُؤْثَرُ عَنْهُ رحمه الله.
الشَّيْخُ فَتْحُ الدِّينِ بْنُ سَيِّدِ الناس
الحافظ العلامة البارع، فتح الدين بن أبى الفتح محمد بن الامام أبى عمرو محمد بن الْإِمَامِ الْحَافِظِ الْخَطِيبِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن سَيِّدِ النَّاسِ الرَّبَعِيُّ الْيَعْمُرِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ الْإِشْبِيلِيُّ ثُمَّ الْمِصْرِيُّ، وُلِدَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الحجة سنة إحدى وسبعين وستمائة، وَسَمِعَ الْكَثِيرَ وَأَجَازَ لَهُ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ جَمَاعَاتٌ من المشايخ، ودخل دمشق سنة تسعين فسمع من الكندي وغيره، وَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ فَبَرَعَ وَسَادَ أَقْرَانَهُ فِي عُلُومٍ شَتَّى مِنَ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالنَّحْوِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَعِلْمِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفُنُونِ، وَقَدْ جَمَعَ سِيرَةً حَسَنَةً فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَشَرَحَ قطعة حسنة مِنْ أَوَّلِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ، رَأَيْتُ مِنْهَا مُجَلَّدًا بِخَطِّهِ الْحَسَنِ، وَقَدْ حُرِّرَ وَحُبِّرَ وَأَفَادَ وَأَجَادَ، وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْ بَعْضِ الِانْتِقَادِ، وَلَهُ الشِّعْرُ الرَّائِقُ الْفَائِقُ، وَالنَّثْرُ الْمُوَافِقُ، وَالْبَلَاغَةُ التَّامَّةُ، وَحُسْنُ التَّرْصِيفِ وَالتَّصْنِيفِ، وَجَوْدَةُ الْبَدِيهَةِ، وَحُسْنُ الطَّوِيَّةِ، وَلَهُ الْعَقِيدَةُ السَّلَفِيَّةُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى الْآيِ وَالْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ وَالِاقْتِفَاءِ بِالْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ، وَيُذْكَرُ عَنْهُ سُوءُ أَدَبٍ في أشياء أخر [1] سامحه الله فِيهَا، وَلَهُ مَدَائِحُ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِسَانٌ، وَكَانَ شَيْخَ الْحَدِيثِ بالظاهرية بمصر، وخطب بجامع الخندق، ولم يكن في مصر فِي مَجْمُوعِهِ مِثْلُهُ فِي حِفْظِ الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ وَالْعِلَلِ وَالْفِقْهِ وَالْمُلَحِ وَالْأَشْعَارِ وَالْحِكَايَاتِ، تُوُفِّيَ فَجْأَةً يَوْمَ السَّبْتِ حَادِيَ عَشَرَ شَعْبَانَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدِ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً، وَدُفِنَ عِنْدَ ابن أبى جمرة رحمه الله.
القاضي مجد الدين بن حرمي
ابن قَاسِمِ بْنِ يُوسُفَ الْعَامِرِيُّ الْفَاقُوسِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ، وَمُدَرِّسُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، كَانَتْ لَهُ هِمَّةٌ وَنَهْضَةٌ، وَعَلَتْ سِنُّهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يحفظ ويشغل وَيَشْتَغِلُ، وَيُلْقِي الدُّرُوسَ مِنْ حِفْظِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ ثَانِيَ ذِي الْحِجَّةِ، وَوَلِيَ تَدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ بعده شمس الدين ابن القماح، والقطبية بهاء الدين ابن عقيل، والوكالة نَجْمُ الدِّينِ الْإِسْعِرْدِيُّ الْمُحْتَسِبُ، وَهُوَ كَانَ وَكِيلَ بَيْتِ الظَّاهِرِ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ وَحُكَّامُ الْبِلَادِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي التي قبلها، وناظر الجامع عز الدين ابن المنجا، والمحتسب
[1] في الشذرات «ويذكر عنه شئون أخر» .
عماد الدين الشِّيرَازِيِّ وَغَيْرُهُمْ. وَفِي مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ يَوْمَ الْخَمِيسِ درس بأم الصالح الشيخ خطيب تبرور عوضا عن قاضى القضاة شهاب الدين ابن الْمَجْدِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ. وَفِي سَادِسِ الْمُحَرَّمِ رَجَعَ مُهَنَّا بْنُ عِيسَى مِنْ عِنْدِ السُّلْطَانِ فَتَلَقَّاهُ النَّائِبُ وَالْجَيْشُ، وَعَادَ إِلَى أَهْلِهِ فِي عِزٍّ وَعَافِيَةٍ. وَفِيهِ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعِمَارَةِ جَامِعِ الْقَلْعَةِ وَتَوْسِيعِهِ، وَعِمَارَةِ جَامِعِ مِصْرَ الْعَتِيقِ. وقدم إلى دمشق القاضي جمال الدين محمد بن عماد الدين ابن الأثير كاتب سربها عوضا عن ابن الشِّهَابِ مَحْمُودٍ. وَوَقَعَ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَالَّذِي بَعْدَهُ مَوْتٌ كَثِيرٌ فِي النَّاسِ بِالْخَانُوقِ.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مُسِكَ الْأَمِيرُ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ الزَّيْبَقِ مُشِدُّ الدَّوَاوِينِ، وَصُودِرَ وَبِيعَتْ خُيُولُهُ وَحَوَاصِلُهُ، وتولاه بعده سيف الدين ثمر مَمْلُوكُ بَكْتَمُرَ الْحَاجِبِ، وَهُوَ مُشِدُّ الزَّكَاةِ. وَفِيهِ كَمَلَتْ عِمَارَةُ حَمَّامِ الْأَمِيرِ شَمْسِ الدِّينِ حَمْزَةَ الّذي تَمَكَّنَ عِنْدَ تَنْكِزَ بَعْدَ نَاصِرِ الدِّينِ الدَّوَادَارِ، ثُمَّ وَقَعَتِ الشَّنَاعَةُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ظُلْمِهِ فِي عِمَارَةِ هَذَا الْحَمَّامِ فَقَابَلَهُ النَّائِبُ عَلَى ذَلِكَ وانتصف للناس منه، وضربه بين يديه وضربه بِالْبُنْدُقِ بِيَدِهِ فِي وَجْهِهِ، وَسَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْقَلْعَةَ ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَغَرَّقَهُ فِيهَا، وَعُزِلَ الْأَمِيرُ جَمَالُ الدِّينِ نَائِبُ الْكَرَكِ عَنْ نِيَابَةِ طَرَابُلُسَ حَسَبَ سُؤَالِهِ فِي ذلك، وراح إليها طيغال وَقَدِمَ نَائِبُ الْكَرَكِ إِلَى دِمَشْقَ وَقَدْ رُسِمَ له بالإقامة في سلخد، فلما تلقاه نائب السلطنة والجيش نزل في دار السَّعَادَةِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ بِهَا وَنُقِلَ إِلَى الْقَلْعَةِ، ثم نقل إلى صفت ثُمَّ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، ثُمَّ كَانَ آخِرُ الْعَهْدِ بِهِ.
وَفِي جُمَادَى الْأُولَى احْتِيطَ عَلَى دَارِ الْأَمِيرِ بَكْتَمُرَ الْحَاجِبِ الْحُسَامِيِّ بِالْقَاهِرَةِ، وَنُبِشَتْ وَأُخِذَ مِنْهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا، وَكَانَ جَدُّ أَوْلَادِهِ نَائِبَ الْكَرَكِ الْمَذْكُورَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ تَاسِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ بَاشَرَ حُسَامُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ ابن الأمير عز الدين أيبك التجيبي شَدَّ الْأَوْقَافِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ بَكْتَاشَ، اعْتُقِلَ، وَخُلِعَ عَلَى الْمُتَوَلِّي وَهَنَّأَهُ النَّاسُ. وَفِي مُنْتَصَفِ هَذَا الشَّهْرِ عُلِّقَ السِّتْرُ الْجَدِيدُ عَلَى خِزَانَةِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ خَزٍّ طُولُهُ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَنِصْفٌ، غُرِمَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَعُمِلَ فِي مُدَّةِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ.
وَخَرَجَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ يَوْمَ الْخَمِيسِ تَاسِعَ شَوَّالٍ وَأَمِيرُهُ عَلَاءُ الدِّينِ الْمُرْسِيُّ، وَقَاضِيهِ شِهَابُ الدين الظاهري. وفيه رَجَعَ جَيْشُ حَلَبَ إِلَيْهَا وَكَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ سِوَى مَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ التُّرْكُمَانِ، وَكَانُوا فِي بِلَادِ أَذَنَةَ وَطَرَسُوسَ وَآيَاسَ، وَقَدْ خَرَّبُوا وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا، وَلَمْ يُعْدَمْ مِنْهُمْ سِوَى رَجُلٍ واحد غرق بنهر جاهان، ولكن كان قَتَلَ الْكُفَّارُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ نحوا من ألف رجل، يوم عيد الفطر ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 وَفِيهِ وَقَعَ حَرِيقٌ عظيم بحماة فاحترق مِنْهُ أَسْوَاقٌ كَثِيرَةٌ، وَأَمْلَاكٌ وَأَوْقَافٌ، وَهَلَكَتْ أَمْوَالٌ لَا تُحْصَرُ، وَكَذَلِكَ احْتَرَقَ أَكْثَرُ مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَّةَ، فَتَأَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ لِذَلِكَ. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ خُرِّبَ المسجد