الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ثَانِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْعَابِدُ الزَّاهِدُ الورع أبو عمر بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ الْمَالِكِيُّ إِمَامُ مِحْرَابِ الصَّحَابَةِ الَّذِي لِلْمَالِكِيَّةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَعَلَى صَلَاحِهِ وَفَتَاوِيهِ النَّافِعَةِ الْكَثِيرَةِ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ أَبِيهِ وَأَخِيهِ، إِلَى جَانِبِ قبر أبى الغندلاوى المالكي قريبا من مسجد التاريخ رحمه الله، وَوَلِيَ مَكَانَهُ فِي الْمِحْرَابِ وَلَدُهُ، وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ، فَاسْتُنِيبَ لَهُ إِلَى حِينِ صَلَاحِيَّتِهِ، جَبَرَهُ اللَّهُ وَرَحِمَ أَبَاهُ.
وَفِي صَبِيحَةِ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ سَادِسِ رَمَضَانَ وَقَعَ ثَلْجٌ عَظِيمٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ بِدِمَشْقَ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَكَانَ النَّاسُ مُحْتَاجِينَ إِلَى مَطَرٍ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَتَكَاثَفَ الثَّلْجُ عَلَى الْأَسْطِحَةِ، وَتَرَاكَمَ حَتَّى أعيى النَّاسَ أَمْرُهُ وَنَقَلُوهُ عَنِ الْأَسْطِحَةِ إِلَى الْأَزِقَّةِ يُحْمَلُ، ثُمَّ نُودِيَ بِالْأَمْرِ بِإِزَالَتِهِ مِنَ الطُّرُقَاتِ فَإِنَّهُ سَدَّهَا وَتَعَطَّلَتْ مَعَايِشُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، فَعَوَّضَ اللَّهُ الضُّعَفَاءَ بِعَمَلِهِمْ فِي الثَّلْجِ، وَلَحِقَ النَّاسَ كُلْفَةٌ كَبِيرَةٌ وَغَرَامَةٌ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ صُلِّيَ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ عَلَى نائب وَهُوَ الْأَمِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ الْجَاوِلِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ تَرْجَمَتِهِ رحمه الله.
وَفِي أَوَّلِ شَوَّالٍ يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ وَقَعَ فِيهِ ثَلْجٌ عظيم بحيث لم يتمكن الْخَطِيبَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْمُصَلَّى، وَلَا خَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، بَلِ اجْتَمَعَ الْأُمَرَاءُ وَالْقُضَاةُ بِدَارِ السعادة، وحضر الخطيب فصلى بهم العيد بها، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ صَلَّوُا الْعِيدَ فِي الْبُيُوتِ.
وَفِي يَوْمِ الْأَحَدِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الحجة دَرَّسَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الشَّافِعِيُّ بالشامية البرانية عن الشيخ شمس الدين ابن النَّقِيبِ رحمه الله، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ وَالْأُمَرَاءُ وَخَلْقٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ، وَأَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ 38: 35 وَمَا بَعْدَهَا. وَفِي ذِي الْحِجَّةِ اسْتُفْتِيَ فِي قَتْلِ كِلَابِ الْبَلَدِ فَكَتَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي ذَلِكَ، فَرُسِمَ بِإِخْرَاجِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الْبَلَدِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، لَكِنْ إِلَى الْخَنْدَقِ ظَاهِرَ بَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى قَتْلَهُمْ بالكلية وإحراقهم لئلا تنتن الناس بريحهم عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ مِنْ جَوَازِ قَتْلِ الْكِلَابِ بِبَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ، إِذَا رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ، وَلَا يُعَارِضُ ذلك النهى عن قتل الْكِلَابِ، وَلِهَذَا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَأْمُرُ فِي خُطْبَتِهِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَذَبْحِ الْحَمَامِ.
ثُمَّ دخلت سنة ست وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْمُسْلِمِينَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَالْحَرَمَيْنِ وَالْبِلَادِ الْحَلَبِيَّةِ وَأَعْمَالِ ذَلِكَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ عِمَادُ الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ النَّاصِرِ بْنِ الْمَنْصُورِ، وَقُضَاتُهُ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ هم