المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المجلد الثاني ‌ ‌باب المنصوبات … ص: باب المنصوبات خمسة عشر، أحدها المفعول به، - شرح شذور الذهب للجوجري - جـ ٢

[الجوجري]

الفصل: ‌ ‌المجلد الثاني ‌ ‌باب المنصوبات … ص: باب المنصوبات خمسة عشر، أحدها المفعول به،

‌المجلد الثاني

‌باب المنصوبات

ص: باب المنصوبات خمسة عشر، أحدها المفعول به، وهو ما وقع عليه فعل الفاعل، ك (ضربت زيدا) .

ش: لما فرع من المرفوعات شرع في ذكر المنصوبات.

وبدأ منها بالمفاعيل، لأنها الأصل في النصب، وغيرها محمول عليها كما1 ذكرنا مثل ذلك في الفاعل2. وبدأ من المفاعيل بالمفعول به.

قال3: "لأنه أحوج إلى الإعراب لإزالة التباسه4 بالفاعل".

وحدّه بقوله: (هو ما وقع عليه.) إلى آخره. وهو5 بعينه حد ابن الحاجب6، رحمه الله تعالى.

وفسَّر الوقوع في الشرح7 تبعا له أيضا8 بتعلقه بما لا يعقل إلا به.

وأُورد على هذا التفسير أمران9:

الأول: أنه يقتضي أن يكون المجرور في قولك: (قربت من زيد)

1 في (ج) : كما ذكر.

2 تقدم ذلك في ص 331.

3 أي ابن هشام في شرح شذور الذهب ص 213.

4 في (ج) : التابة، وفي (ب) : النيابة، وهو تحريف.

5 في (ج) فقط: (وهذا) .

6 في الكافية ص 87.

7 شرح شذور الذهب ص 213.

8 أي تبعا لابن الحاجب في الإيضاح في شرح المفصل 1/244.

9 أورد هذين الاعتراضين الرضي في شرح الكافية 1/127، ولم يجب عنهما.

ص: 405

و (بعدت من عمرو) 1 و (سرت2 من البصرة إلى الكوفة) مفعولا به3، وليس في الاصطلاح مفعولا به، وإن صحّ أن يقال: إنه مفعول به بواسطة حرف الجر.

الأمر الثاني: أنه يقتضي أن يكون (عمرو) من قولك: اشترك زيد وعمرو4 مفعولا به لأن معنى (اشترك) 5 لا يفهم بعد إسنادك6 إياه إلى (زيد) إلا بعد ذكر (عمرو) وليس (عمرو) 7 في هذا المثال بمفعول به.

وقد يجاب عن الأمرين معا بأن المفهوم من قوله: (تعلقه) تعلقه8 بنفسه من غير واسطة، وهذا ظاهر، فيخرجان لأنهما بواسطة حرفي الجر والعطف. والله أعلم.

وخرج بقوله: (ما وقع عليه فعل الفاعل) بقية المفاعيل.

فإن المفعول المطلق هو نفس فعل الفاعل، والمفعول له وقع لأجله

1 في (ب) و (ج) : (قريب من زيد ويقرب من عمرو) .

2 في (أ) : (صرت) . وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج) .

3 كلمة (به) ساقطة من (أ) .

4 في (أ) : (اشترك عمرو زيد) والمثبت من (ب) و (ج) .

5 قوله: (مفعولا به لأن معنى اشترك) ساقط من (ب) و (ج) .

6 في (ب) و (ج) : (استنادك) وصوابه من شرح الكافية للرضي 1/127.

7 من قوله: (لا يفهم بعد إسنادك) إلى هنا ساقط من (أ) وصيغة العبارة فيه: (لأن معنى اشترك عمرو وزيد في هذا المثال بمفعول به) .

8 كلمة (تعلقه) الثانية ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .

ص: 406

فعل الفاعل، والمفعول معه وقع الفعل معه1، والظرف وقع فيه.

ولا يعترض على هذا الحد بنحو (ما2 ضربت زيدا) .

لأن الفعل إن أريد به لفظه الذي هو (ضَرَب) فهو مندفع عن المفعول3 وإن أريد به4 لفظ5 الفاعل والمفعول، فلا شك في اندفاعه أيضا6.

تنبيهان:

الأول: قوله (المفعول به) الضمير فيه يعود على الألف واللام، أي الذي 32/أيفعل به فعل ويوقع عليه7. وكذا الكلام في بقية المفاعيل.

الثاني: العامل في المفعول به الفعل أو شبهه على الأشهر8، وإليه

1 قوله: (وقع الفعل معه) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .

2 ساقطة من (ج) ، وقد ذكر هذا الاعتراض الرضي في شرح الكافية 1/127.

3 كذا في (ب) و (ج) والذي في (أ) : (فهو قد وقع على المفعول) وهو غير مناسب للمقام لأن المراد نفي إيقاع الحدث على المفعول.

4 كلمة (به) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .

5 كذا في النسخ، ولعل الصواب (فِعْل) أي عمل الفاعل.

6 هذا بيان لوجه الاعتراض، وليست إجابة عنه. وقد أجاب الرضي في شرح الكافية 1/127 عن هذا الاعتراض بأن المراد أنه قد وقع عليه عدم الفعل، وبذلك يبطل الاعتراض.

7 وقال العدوي في الحاشية على شرح الشذور 2/31: "والوجه أنه لا مرجع له، لأن الكلمة كلها صارت علما على الكلمة المخصوصة" ويقصد بالكلمة المفعول به.

8 وهذا مذهب البصريين، ينظر الكتاب 2/148 هارون والتصريح 1/309 والهمع 1/165.

ص: 407

يشير كلام المصنف، كما سيأتي1.

وقال الفراء2: هو الفعل والفاعل3.

وقال بعض الكوفيين4: إن عامله كونه مفعولا به.

ص: ومنه ما أضمر عامله جوازا، نحو5 {قَالُوا خَيرًا} 6 ووجوبا في مواضع منها باب الاشتغال7 نحو {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} 8.

ش: لما قرر أن المفعول به ما وقع عليه فعل الفاعل، وكان في هذه

1 سيأتي ذلك في ص 409.

2 هو أبو زكريا، يحي بن زياد الفراء، ولد بالكوفة سنة 144 هـ، وتعلم بها على الكسائي ويونس وغيرهما، وصار إمام الكوفيين في عصره، أخذ عنه سلمة بن عاصم وأبو عبد الله الطوال وأبو عبيد وابن السكيت. له مؤلفات كثيرة في العربية أهمها معاني القرآن والحدود والمذكر والمؤنث والأيام والليالي، توفي سنة 207 هـ.

ينظر طبقات النحويين ص 131 وإنباه الرواة 4/7 ومعجم الأدباء 20/9 وبغية الوعاة 2/333.

3 ينظر قوله هذا في شرح الكافية للرضي 1/128 والهمع 1/165.

4 وهو خلف الأحمر الكوفي، ينظر الهمع 1/165.

5 كلمة (نحو) ساقطة من (ج) .

6 من الآية 30 من سورة النحل.

7 قوله: (باب الاشتغال) ، ساقط من (ب) و (ج) .

8 من الآية 13 من سورة الإسراء واقتصر في (ب) و (ج) والشذور ص 14 على موضع الشاهد من الآية.

ص: 408

العبارة إشعار بأنه العامل فيه، على ما هو الأشهر، كما بيّنا، أخذ يفرع1 على ذلك أن الفعل الذي هو العامل قد يحذف يعنى إذا علم.

وحذفه على ضربين جائز وواجب:

فالضرب الأول إما أن يكون لقرينة حالية، كقولك للمتأهب2 للحج، مكَّةَ بإضمار (تريد) . أو مقالية، كقولك:(زيدًا) لمن قال: من ضربت؟ أي ضربت زيدًا، ومنه قوله تعالى:{قَالُوا خَيرًا} 3 أي أنزل ربُّنَا خيرا4، جوابا ل {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} 5.

والضرب الثاني واقع في ستة مواضع:

الأول: المنصوب في باب الاشتغال، وهو الذي أشار إليه الشيخ بقوله نحو:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ} 6.

وهو المنصوب بمفسَّر بعامل مشتغل بملابس المنصوب المذكور عنه7 ف (كل إنسان) عامله محذوف وجوبا وهو مفسَّر بأَلزَم وهم لا يجمعون

1 في (أ) : (أخذ يبين ويفرع) والمثبت من (ب) و (ج) .

2 أي المتجهز المستعد.

3 من الآية 30 من سورة النحل.

4 في (ب) و (ج) : (أنزل ربنا خيرا، المنصوب في خيرا جوابا) ولا شك أن هذه العبارة مقحمة إذ لا معنى لها هنا.

5 من الآية 30 من سورة النحل.

6 من الآية 13 من سورة الإسراء.

7 ينظر تعريف الاشتغال في التصريح 1/296.

ص: 409

بين المفسِّر والمفسَّر. وإنما جعل العمل للمحذوف لاشتغال1 المذكور بالعمل في الضمير. ومثله (زيداً ضربته) 2 و (عمرًا مررت به) و (خالدًا ضربت رجلا يحبه)3.

وقال الفراء: الفعل المذكور عامل في الظاهر وضميره4.

ورُدَّ عليه بأن المتعدّي لواحد يصير متعديا لاثنين5.

وقال الكسائي6: هو العامل في الظاهر والمضمر7 ملغى.

ورُدَّ عليه بأن الشاغل قد يكون ظاهرا لا ضميرا، نحو زيداً ضربت غُلَامَه، فلا يستقيم إلغاؤه عن عمل العامل.

وسيأتي في باب عمل الفعل الكلام على هذا الباب مستوفى8، إن

1 من قوله: (ف"كل إنسان") إلى آخره ساقط من (ب) و (ج) .

2 في (أ) : (ضربت زيدا) وهو لا يصح مثالا للاشتغال والمثبت من (ب) و (ج) . الاشتغال هو أن يتقدم اسم ويتأخر عنه عامل مشتغل عن العمل في ذلك الاسم بالعمل في ضميره أو في سببه. ينظر التصريح 1/296.

3 في (ب) و (ج) : (تحته) .

4 ينظر معاني القرآن للفراء 2/95، 207 وشرح الكافية للرضي 1/163.

5 نحو (زيدا ضربته) فالفعل (ضرب) متعد لواحد. وعلى قول الفراء يكون متعديا لاثنين الضمير والاسم السابق عليه.

6 ينظر شرح المفصل لابن يعيش 2/30 وشرح الكافية 1/163 والهمع 2/114.

وهذه المسألة من المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين. ينظر تفصيل ذلك في الإنصاف لأبي البركات الأنباري 1/82.

7 في (ب) و (ج) والضمير.

8 سيأتي هذا في ص 747.

ص: 410

شاء الله تعالى1.

تنبيه:

قوله: (في مواضع) أراد به المنصوبات أنفسها، كما قررنا لا أبوابها، بدليل قوله2:(والمنادى، والمنصوب بأخص، والمنصوب باتّق) إلى آخره والله أعلم.

ص: والمنادى وإنما يظهر نصبه إذا كان مضافا أو شبهه أو نكرة نحو يا عبدَ الله ويا طالعًا جبلاً، وقول الأعمى يا رجلاً خذ بيدي.

ش: الموضع الثاني من المواضع الستة التي يجب فيها حذف عاملها3 المنادى أي مطلقا، سواء كان مفردا أو غير مفرد، معرفة أو نكرة.

لكن بعضه يَظهر نصبه، وبعضه يُقَدَّر نصبه.

فالمقدر النصب هو المبني على الضم، وقد تقدم في المبنيات4.

والظاهر5، المضاف، ك (يا عبدَ الله) ومثله (يا غلامَ زيدٍ) وشبه المضاف، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه، ك (يا طالعًا جبلاً) ومثله (يا رفيقاً بالعباد) . والنكرة غير المقصودة، كقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي.

1 ساقطة من (ج) .

2 في شذور الذهب ص 14، 15.

3 في (ج) : (عامله) .

4 في ص 265.

5 أي والظاهر النصب.

ص: 411

وانتصاب المنادى على أنه مفعول به، وناصبه الفعل المقدر، وهو مذهب سيبويه1.

وأصله: ياأدعو زيدا، فحذف الفعل حذفا لازما، لكثرة الاستعمال، ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته.

وجعل المبرد2 الناصب له حرف النداء. وعلى هذا3 لا4 يكون مما حذف عامله.

وعلى المذهبين5 (يازيد) جملة، وليس المنادى أحد جزءي الجملة، فعند سيبويه جزءا الجملة وهما الفعل والفاعل مقدّران6.

وعند المبرد حرف النداء سدَّ مسدَّ الفعل فقط، والفاعل مقدر، وهذا مفهوم من تقديرهما7، فتفطن له.

1 هذا مذهب سيبويه والجمهور، ينظر الكتاب 1/291 هارون وشرح المفصل 1/127. من قوله:(وانتصاب المنادى) إلى هنا، ساقط من (ج) .

2 ليس هذا القول للمبرد، بل هو قول ابن جني في اللمع ص 169. جاء في المقتضب 4/202 (وانتصابه على الفعل المتروك إظهاره) . فهذا نص منه على موافقته للجمهور. وقد نسب له القول بذلك أيضا الرضي في شرح الكافية 1/131.

3 أي القول المنسوب للمبرد.

4 في (ج) : فلا.

5 أي مذهب سيبويه ومذهب المبرد كما ذكر.

6 لأن التقدير عنده (أدعو زيدا) فحذف الفعل وهو (أدعو) والفاعل وهو الضمير المستتر فيه.

7 ينظر الكتاب 1/291 والمقتضب 4/202.

ص: 412

ص: والمنصوب ب (أَخصّ) بعد ضمير المتكلم،1 32/ب ويكون بأل، نحو نحن العربَ أقرى الناس للضيف، ومضافا نحو "نحن معاشرَ الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة"2. و (أَيًّا) فيلزمها ما يلزمها في النداء، نحو أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجل وعَلَماً قليلا، فنحو (بك اللهَ أرجو الفضل) شاذ من وجهين.

ش: الثالث مما حذف عامله وجوبا المنصوب على الاختصاص.

وهو اسم معمول ل (أَخُصُّ) واجب الحذف3.

ويكون بأل نحو (نحن العربَ أقرى الناس للضيف) .

ويكون مضافا، نحو "نحنُ مَعَاشرَ الأنبياءِ لا نُورثُ." 4 ويظهر فيهما النصب.

ويكون5 (أيًّا) و (أيّةً) فيلزمهما ما يلزمهما6 في النداء7،

1 في (أ) : (والمنصوبات بأخص بعد ضمير متكلم) والمثبت من (ب) و (ج) وشذور الذهب.

2 ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) .

3 الواجب الحذف هو الفعل (أخصّ) العامل في الاسم المنصوب.

4 هذا حديث أخرجه الإمام أحمد في المسند، عن أبي هريرة بلفظ "إنا معشرَ الأنبياء لا نورث." مسند أحمد 2/463.

5 ساقطة من (ب) و (ج) .

6 في (أ) فيلزمهما ما يلزم.

7 وهو البناء على الضم والوصف باسم مقترن بأل، ينظر تفصيل ذلك في حاشية العدوي على شرح الشذور 2/35.

ص: 413

فيُضَمَّان وجوبا ويُوصفان لزوما باسم واجب الرفع محلى بأل.

نحو (أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجل) . و (اللهم اغفر لنا أيَّتها العصابة) .

ويفارق1 المنادى في أحكام لفظية، وفي المعنى أيضا2.

فأما الأحكام اللفظية:

فمنها أنه ليس معه حرف نداء، لا لفظا ولا تقديرا3.

ومنها أنه لا يقع في أول الكلام، بل في أثنائه، نحو4 (نحن معاشرَ الأنبياء) أو بعد تمامه كما في5 (أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجلُ) .

ومنها أنه يشترط أن يتقدم عليه اسم بمعناه، ويغلب في ذلك الاسم كونه ضمير متكلم، ولهذا قال المصنف:(بعد ضمير متكلم) .

ومنها أنه يقلّ كونه علما6، ولهذا قال:(وعلما قليلا) .

ومنها نصبه مع كونه مفردا7، كما في (نحن العربَ) و (بِك اللهَ) .

ومنها أن8 يكون بأل قياسا9.

1 أي المنصوب على الاختصاص.

2 تنظر هذه الفروق وغيرها في توضيح المقاصد 4/65.

3 بخلاف المنادى فيلزمه حرف النداء لفظا أو تقديرا.

4 في (ب) و (ج) : كما في.

5 في (ب) و (ج) : نحو.

6 من قوله: (ولهذا قال المصنف) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج) بسبب انتقال النظر.

7 والمنادى إذا كان مفردا، سواء كان علما أم نكرة مقصودة، بني على الضم.

8 كذا في النسخ: (أن) وهو جائز.

9 بخلاف المنادى فإنه لا يجمع بينه وبين (أل) قياسا إلا في مواضع خاصة سيأتي ذكرها في باب المنادى.

ص: 414

وقوله: (بك الله أرجو1 الفضل، شاذ من وجهين) .

الوجهان هما كونه بعد ضمير مخاطب، وكونه علما.

وأما مفارقته للمنادى في المعنى فلأن الغرض من ذكره تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه، ف (أيها الرجل) مثلا، و (أيتها العصابة) لم يرد بهما المخاطب، بل أريد بهما ما دل عليه ضمير المتكلم السابق2، وهو (أنا) و (نحن) 3 في المثالين السابقين4. فتأمّل ذلك.

ص: والمنصوب بالزم أو باتّق إن كرر أو عطف عليه أو كان إياك 5 نحو السلاحَ السلاحَ 6، ونحو السيفَ والرمحَ، ونحو الأسدَ الأسد 7،

1 في (أ) : (نرجو) .

2 لأن مراد المتكلم بقوله: (أيها الرجل) نفسه، ومراد المتكلم بقوله:(أيتها العصابة) نفسه وعشيرته. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1374.

3 كذا ذكر الشارح (نحن) مع أن المثال السابق، وهو (اللهم اغفر لنا أيتها العصابة) لم تكن فيه كلمة (نحن) ، وإنما فيه (نا) الفاعلين فلعله لما أراد ذلك فصل الضمير، فجاء بنحن بدلا من (نا) لأنه في معناه.

4 ومن الفروق بين المنادى والمختص أيضا أن الكلام مع الاختصاص خبر ومع النداء إنشاء، وأن الاختصاص مفيد لفخر أو تواضع أو زيادة بيان، بخلاف النداء. وهناك فروق لفظية كثيرة، ينظر التصريح 2/191 وحاشية العدوي على الشذوو 2/35

5 في (ب) : (أو كان بأن) وفي (ج) : (أو كان بأل) وهو تحريف.

6 بعده في الشذور ص 15: (الأخ الأخ) . وفي (أ) : (السلاح والسيف) والمثبت من (ب) و (ج) .

7 بعده في الشذور: (أو نفسك نفسك) ولعل هذه الكلمات لم تكن في نسخة الشذور التي كانت بين يدي الشارح.

ص: 415

ونحو {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} 1 وإياك من الأسد.

ش: الرابع والخامس مما حذف عامله وجوبا المنصوب ب (الزم) والمنصوب ب (اتَّقِ) . أما المنصوب ب (الزم) فالمراد به المنصوب على الإغراء.

والإغراء تنبيه المخاطب على فعل محمود ليفعله2.

وأما المنصوب ب (اتَّقِ) فالمراد به المنصوب على التحذير.

والتحذير تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليجتنبه3.

ويشترك الأمران4 في وجوب الحذف فيهما عند العطف أو التكرار، وينفرد التحذير بوجوب الحذف فيه إذا كان بلفظ (إياك) 5 وما عدا ذلك يجوز فيه إظهار العامل.

مثال التكرار في الإغراء، نحو السلاحَ السلاحَ.

ومثال العطف فيه: (السيفَ والرمحَ) . ومثال التكرار في التحذير الأسدَ الأسدَ6.

ومثال العطف فيه قوله تعالى: {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا} 7.

1 من الآية 13 من سورة الشمس.

2 في (أ) : (على أمر محمود ليعمله) والمثبت من (ب) و (ج) .

3 ينظر شرح الحدود في النحو للفاكهي ص 206، 207.

4 وهما المنصوب على الإغراء والمنصوب على التحذير.

5 راجع شرح الألفية لابن الناظم ص 607.

6 قوله: (ومثال العطف فيه) إلى آخره ساقط من (ج) .

7 قال أبو حيان في البحر المحيط 8/481: "هو منصوب على التحذير مما يجب إضمار عامله، لأنه قد عطف عليه، فصار حكمه بالعطف حكم المكرر. أي احذروا ناقة الله وسقياها، فلا تفعلوا ذلك".

ص: 416

ومثال (إياك) قولهم: إياك من الأسد.

ومثال الجائز1 في الإغراء قولك: (الصلاةَ جامعةً) وإن شئت ذكرت فقلت: احضروا الصلاة أو نحوه.

ومثاله في التحذير قولك: الأسدَ، وإن شئت ذكرت العامل2، فقلت: احذر الأسد.

تنبيهات:

الأول: لما كان في الإغراء حث على الفعل قدِّر عامله (الزم) ونحوه3 (افعل) و (ائْت) .

ولما كان التحذير عكسه قُدِّر عامله (اتّق) ونحوه (اجتنب) و (باعد) إشارة إلى حقيقتهما مع الاختصار4.

الثاني: قد عُلم مما 33/أقدمناه5 أن التحذير إذا كان ب (إياك) أو إحدى أخواتها6 فإنه لا فرق في حذف العامل بين أن تعطف أو

1 أي الجائز حذف عامله وذكره.

2 كلمة (العامل) ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .

3 في (ب) و (ج) : (ونحو) .

4 في (ب) و (ج) : (الاختصاص) .

5 كذا في (ب) و (ج) . والذي في (أ) : (مما ذكره) .

6 أخوات (إياك) هي إياكِ وإياكما، وإياكم وإياكنْ.

ص: 417

تكرر1 أوْلا2.

ولكن لابد من اعتبار حذف آخر مع حذف الفعل العامل.

فإذا قلت: إياك والأسد، فالأصل: احذر تلاقي نفسِك والأسد، ثم حذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول3 وأنيب الثاني، ثم الثاني4 وأنيب الثالث فانتصب الضمير5 وانفصل.

وإذا قلت: إياك من الأسد، فالأصل باعد نفسك من الأسد، ثم حذف الفعل وفاعله6 والمضاف، فانفصل الضمير7.

وقيل: التقدير (أحذرك من الأسد)8.

فنحو (إياك الأسد) يمتنع9 على التقدير الأول، وهو مذهب

1 في (ب) و (ج) : (من أن يعطف أو يكرر) .

2 لأنه محذوف وجوبا في هذه المواضع جميعا.

3 وهو (تلاقي) .

4 أي ثم حذف المضاف الثاني وهو (نفس) .

5 وهو الكاف.

6 من قوله: (ثم المضاف الأول) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر. وأثبته من (ب) و (ج) .

7 هذا قول الجمهور، حيث قدروا الفعل في هذا الموضع (باعد) ينظر أوضح المسالك 3/112.

8 هذا قول أبي البقاء العكبري وابن الناظم، بتقدير الفعل (أحذرك) ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 607 والتصريح 2/193.

9 في (ب) و (ج) : (ممتنع) .

ص: 418

الجمهور1 وجائز على التقدير الثاني2.

ونحو (إياك أن تفعل) جائز على المذهبين3، لكون (أنْ) يحذف معها الجارّ4 قياسا مطردا5.

الثالث: فهم أيضا مما تقد أن (إيًّا) في هذا الباب لا تكون لمتكلم ولا لغائب وشذّ نحو قوله6: (وإيَّايَ وأن يحذفَ أحدُكم الأرنب)7.

1 نص على ذلك سيبويه، حيث قال في الكتاب 1/279- هارون: ولو قلت: إياك الأسد، تريد من الأسد لم يجز، كما جاز في (أن) .

وسبب ذلك أن الجمهور قدروا الفعل العامل كلمة (باعد) وهي لا تتعدى إلى المفعول الثاني بنفسها. ولا يجوز نصب (الأسد) هنا بنزع الخافض وهو (من) لأن ذلك سماعي فقط في غير (أنْ) و (أنَّ) و (كي) . تنظر حاشية الصبّان 3/189.

2 في (ب) و (ج) : (وجائز على الثاني) ، وهو قول ابن الناظم ومن معه، لأنهم قدروا العامل (احذر) وهو يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه.

3 مذهب الجمهور ومذهب ابن الناظم.

4 في (أ) : (الجايز) وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج) .

5 فيكون التقدير: إياك من أن تفعل.

6 في (أ) : (قوله نحو) .

7 هذا أثر منسوب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو بتمامه:"لِتذكِّ لكم الأسلُ والرماح وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب". والأصل إياي باعدوا عن حذف الأرنب وباعدوا أنفسكم عن أن يحذف أحدكم الأرنب. فحذف من الأول المحذور وهو حذف الأرنب، ومن الثاني المحذَّر وهو (أنفسكم) . هذا ما ذكره النحاة، ولم أجد هذا الأثر بهذه الرواية في كتب الآثار.

وجاء في غريب الحديث لأبي عبيد 3/310 بهذا اللفظ: "هاجروا ولا تهجروا، واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا، ولكن ليذك لكم الأسل والرماح والنبل". فلا يكون في هذه الرواية شاهد للمسألة. وينظر الفائق للزمخشري 3/298.

ص: 419

وقول بعضهم1: (إذا بلغ الرجل الستين فإيَّاه وإيَّا الشوابّ)2.

ص: والواقع في مَثَلٍ أو شبهه، نحو (الكلابَ على البقر) و (انته خيرًا لك) .

ش: السادس3 من المواضع التي يحب حذف عاملها المفعول4 الواقع في مَثَل أو شبهه محذوف العامل، فإنه لا يجوز ذكر عامله، لأن الأمثال لا تُغيَّر، وكذا ما جرى مجراها.

والمثل قول مركب مشهور شُبِّه مضربه بمورده5.

وهو من الاستعارة التمثيلية6.

1 أي بعض العرب، كما حكاه سيبويه عن الخليل في الكتاب 1/279، وينظر لسان العرب 14/60.

2 والتقدير (فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب) فحذف الفعل مع فاعله ثم المضاف الأول وهو (تلاقي) وأنيب عنه الثاني وهو (نفس) ثم حذف الثاني فانفصل الضمير وانتصب وأقام (إيا) مقام (أنفس) وفيه ثلاثة شذوذات أولها اجتماع حذف الفعل المجزوم بلام الأمر وحذف حرف الأمر والثاني إقامة الضمير وهو (إيا) مقام الظاهر وإضافته إلى الأسماء الظاهرة والثالث تحذير الغائب وهو الشاهد هنا. ينظر التصريح 2/194.

3 ساقطة من (ب) و (ج) .

4 في (ب) و (ج) : المعمول.

5 مضرب المثل هو الواقعة الجديدة التي شبهت بالواقعة التي وقع فيها المثل، ومورد المثل هو الحالة الأولى التي وقع فيها المثل.

6 في (ب) و (ج) : الاستعارات، والاستعارة التمثيلية هي ما يسميه البلاغيون بالمجاز المركب وهو اللفظ المركب المستعمل فيما شُبّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل.

ينظر الإيضاح للقزويني ص 153.

ص: 420

كقولهم: (الكلابَ على البقر) 1 و (الصيفَ ضيَّعتِ اللبنَ) 2 و (كِلَيهما وتمرا) 3 و (امرءًا ونفسه)4.

وأما5 ما جرى مجرى المثل فهو كل كلام اشتهر، فبسبب شهرته شُبّه بالمثل فأعطي حكمه، من أنه لا يغير، نحو {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} 6.

وقد قدّر سيبويه7 العامل8 في هذه الآية (انتهوا عن التثليث وائتوا

1 أي أرسل الكلاب على البقر، وهو مثل يضرب عند تحريش القوم بعضهم على بعض. ينظر المستقصى للزمخشري 1/341 ومجمع الأمثال 2/142.

2 هذا مثل يضرب في من يطلب شيئا قد فوته على نفسه، وله قصة وقعت، وأول من قاله عمرو بن عمرو بن عدس لامرأته.

ينظر المثل في الأمثال لأبي عبيد ص 247 ومجمع الأمثال 2/68.

3 روي هذا المثل بروايتين هما (كليهما) بالنصب و (كلاهما) بالرفع، فالنصب على تقدير (أطعمك كليهما) والرفع على تقدير (كلاهما وأزيدك تمرا) .

ينظر المثل في الكتاب 1/280 ومجمع الأمثال 2/151 والمستقصى 2/231.

4 ليس هذا من الأمثال وإنما هو مما يجري مجرى الأمثال، وقد قدر سيبويه العامل فيه بقوله:(كأنه قال: دع امرأً مع نفسه) . ينظر الكتاب 1/274.

5 سقطت كلمة (أما) من (ج) .

6 من الآية 171 من سورة النساء.

7 ذكر سيبويه هذه الآية فيما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره ثم قدر العامل بعد ذلك بقوله: ائت خيرا لك. ينظر الكتاب 1/282-284 هارون، والمقتضب 3/283.

8 في (ج) : (العوامل) وهو تحريف، لأنه ليس معنا إلا عامل واحد.

ص: 421

خيرا لكم) 1.

والكسائي قدره: (انتهوا2 يكن خيرا لكم) .

قال بعضهم3: "وليس ذلك بوجه، لأن (كان) لا تقدر قياسا" أي4 في مثل هذا التركيب.

وقال الفراء5:"لو كان على تقدير (كان) لجاز اتق الله محسنا"6.

ص: الثاني المفعول المطلق، وهو المصدر الفضلة المؤكد لعامله أو المبيّن لنوعه أو عدده، ك (ضربت ضربًا) أو (ضربَ الأميرِ) أو (ضربتين) .

ش: الباب الثاني من المنصوبات المفعول المطلق.

وقيل له: (مطلق) لعدم تقييده بالجار، إذ يصدق عليه لفظ (مفعول) من غير7 صلة تُضَمّ إليه، بخلاف غيره من المفاعيل، إذ يقال: مفعول به وله وفيه ومعه. وعرّفه بقوله: (المصدر) إلى آخره.

1 ينظر شرح السيرافي بحاشية الكتاب 1/284 - هارون، وشرح الرضي على الكافية

1/129.

2 كلمة: (انتهوا) ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .

3 هو الرضي في شرح الكافية 1/129.

4 قوله: (أي) زيادة من (ب) و (ج) .

5 معاني القرآن للفراء 1/296.

6 على تقدير (تكن محسنا) ولما لم يجز ذلك فليس التقدير في الآية كما قال الكسائي.

7 قوله (من غير) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .

ص: 422

فقوله: (المصدر) كالجنس.

وقوله: (الفضلة) يخرج ما كان عمدة من المصادر، نحو ركوعك ركوع حسن1.

وقوله: (المؤكِّد) إلى آخره يخرج ما عداه2 من المصادر الواقعة فضلة في الكلام، نحو قمت إجلالاً لك، وكرهت قيامك.

فإن (إجلالا) و (قيامك) مصدران3 فضلتان، ولكنهما غير مؤكدين ولا مبينين لنوع ولا عدد4.

ويخرج ما كان من المصادر مؤكِّدا5 لموافقه، نحو كرهت الفجورَ الفجورَ، فإنه وإن كان مؤكِّدًا لكن6 لا لعامله7.

واستفيد من قوله: (المؤكد) إلى آخره أن المفعول المطلق ثلاثة أقسام8:

مؤكِّد لعامله، ك (ضربت ضربًا) .

1 لأن المصدرين في هذا المثال أولهما مبتدأ وثانيهما خبر، وكلاهما عمدة.

2 في (ب) و (ج) : (مخراج لما عداه)

3 قوله: (مصدران) ساقط من (أ) . وأثبته من (ب) و (ج) .

4 فالأول مفعول لأجله والثاني مفعول به.

5 في (ج) : (مؤكد) وهو خطأ ظاهر.

(لكن) ساقطة من (ب) و (ج) .

7 أي فهو مؤكد لموافقة لا لعامله، وعامله هو الفعل، لكنه في المثال المذكور جاء مؤكدا للمصدر الأول لا للعامل.

8 ينظر التصريح 1/323، 324.

ص: 423

ومبيِّن لنوعه، ك (ضربت ضربَ الأمير) .

ومبين لعدده، ك (ضربت ضربتين) .

ومعنى كونه مؤكدا لعامله1 أنه مؤكد للمصدر الذي تضمنه العامل من غير زيادة، لأنك إذا قلت:(ضربت) فكأنك2 قلت: أحدثت ضربًا، فإذا قلت: ضربًا صار مجموع ذلك بمنزلة قولك: أحدثت ضربًا ضربًا3.

فظهر أنه تأكيد للمصدر المتضمَّن4 خاصة، لا للإخبار5 والزمان اللذين تضمَّنهما6 الفعل أيضا.

والمراد بمبيِّن النوع هو المختص، واختصاصه إما بإضافة، ك (ضرب الأمير) أو بنعت، نحو (ضربًا شديدًا) أو بالألف واللام، نحو (ضربته الضربَ) أي الضرب الذي تعرفه7، ونحو ذلك.

ومعنى كونه مبينا لعدده أنه دال على عدد المرات، معينا كان،

1 من قوله: (كضربت ضربا) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر، وأثبته من (ب) و (ج) .

2 في (أ) : (فإنك) تحريف، صوابه من (ب) و (ج) .

3 كلمة (ضربا) الثانية ساقطة من (أ) .

4 أي الذي تضمنه الفعل، لأن الفعل هوالمتضمن للمصدر، كما بينه الشارح.

5 في (ب) و (ج)(الإخبار) والمراد بالإخبار النسبة.

6 في (ب) و (ج) : (نصبهما) وهو تحريف.

7 كلمة (تعرفه) لم ترد في (أ) وترك لها فراغا بقدرها. وينظر توضيح المقاصد 2/77.

ص: 424

ك (ضربت ضربتين) أو1 لا، ك (ضربت ضرباتٍ) فإنه دال على عدد 33/ب من الضربات مبهم.

تنبيهان:

أحدهما 2: أن المصدر المؤكد يسمى المبهم3، والمبين للعدد يسمى المعدود، والمبين للنوع يسمى المختص.

وجعل المعدود مقابلا للمختص هي طريقة لبعضهم4.

والظاهر كما في التسهيل5 إدراجه تحت المختص6.

وعلى هذا فالمصدر قسمان مبهم ومختص، والمختص قسمان معدود وغير معدود.

ثانيهما في نسبته7 كغيره من النحاة التأكيد للفعل توسع، لأنه

1 في (ج) فقط: (أم) .

2 في (ب) و (ج) : (الأول) .

3 سمي مبهما لأنه يدل على الجنس مبهما من غير دلالة على كيفيته ولا كميته.

4 وهي طريقة الجزولي وأبي علي الشلوبين، تنظر المقدمة الجزولية ص 84 والتوطئة ص 208.

5 تسهيل الفوائد ص 87.

6 في (ج) : (اندراجه) وهذه طريقة جمهور النحاة حيث جعلوا المصدر قسمين: مبهما ومختصا، ينظر اللمع لابن جني ص 102 والملخص لابن أبي الربيع 1/354 والمساعد 1/465 والهمع 1/186.

7 أي في نسبة المصنف التأكيد للفعل، وذلك قوله في الشذور:(المؤكد لعامله) وهذا هو الذي سار عليه النحويون.

ص: 425

ليس إلا تأكيدا للمصدر الذي في ضمنه، كما علمت.

ص: وما بمعنى المصدر مثله نحو 1 {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} 2 {وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً} 3 {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} 4.

ش: لما قرر الشيخ أن المفعول المطلق هو المصدر، وكان بعض ماليس بمصدر مما له دلالة على المصدر ينتصب مفعولا مطلقا، ذكر ذلك بقوله:(وما بمعنى المصدر مثله) أي في الانتصاب على المفعولية المطلقة.

فمن ذلك (كل) 5 وهو مما ناب عن المصدر المبيِّن للنوع6، نحو قوله تعالى:{فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْل} 7 وقول الشاعر:

53-

وقد يجمع الله الشتيتينب عدما

يظنان كلّ الظن ألاّ تلاقيا8

1 سقطت كلمة (نحو) من (ج) .

2 من الآية 129 من سورة النساء.

3 من الآية 39 من سورة التوبة.

4 من الآية 4 من سورة النور.

5 ساقطة من (ج) .

6 ذكر المرادي أن المصدر المبين ينوب عنه أحد ثلاثة عشر شيئا توضيح المقاصد 2/79.

7 من الآية 129 من سورة النساء.

8 البيت من الطويل، وقائله قيس بن الملوح المشهور بمجنون ليلى، وهو من قصيدته المؤنسة، ينظر ديوانه ص 293. والبيت في الخصائص 2/448 وأوضح المسالك 2/34 والعيني 3/42 وشرح الأشموني 2/113.

والشاهد فيه نصب (كل الظنّ) على أنه نائب عن المصدر المبين للنوع.

ص: 426

ومنه أيضا ما دل على المصدر من النكرات المفيدة للعموم، لكونها في سياق النفي أو شبهه1 نحو {وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً} 2 أي لا تضروه بنوع من أنواع الضرر3.

ومنه وهو مما4 ناب عن المصدر المبيّن للعدد وهو نفس العدد نحو قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة} 5 ونحو ضربته ثلاثين ضربة.

تنبيهان:

الأول6: ما ذكره المصنف من أمثلة ما ناب عن المصدر في الانتصاب مفعولا مطلقا خاص بقسمي7 المبيِّن كما علمت والمصدر المؤكِّد كالمبيِّن في أن ما يدل عليه ينتصب مفعولا مطلقا نائبا عنه.

فمن ذلك المرادف، نحو قعدت جلوسًا.

ومنه المشارك له في مادّته، نحو {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} 8 ونحو

1 في (ج) : (أو نحوه) وأسقط كلمة (نحو) التي بعدها.

2 من الآية 39 من سورة التوبة.

3 في (ج) : (الضروب) وهو تحريف واضح، وفي (ب) :(الضر) .

4 في (أ) : (وهو ما ناب) والمثبت من (ب) و (ج) .

5 من الآية 4 من سورة النور.

6 في (أ) : (أحدهما) والمثبت من (ب) و (ج) .

7 في (ب) و (ج) : (بقسم) .

8 من الآية 17 من سورة نوح، وذلك لأن (نباتا) مصدر (نَبَتَ) لا مصدر (أنبت) .

ص: 427

{تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} 1.

الثاني: ظهر مما ذكره المصنف رحمه الله أن بين المصدر والمفعول المطلق2 عموما وخصوصا من وجه، فيجتمعان في نحو (ضربت ضربا) 3 ويوجد المصدر بدون المفعول المطلق في نحو (قعودك حسن) ويوجد المفعول المطلق بدون المصدر في نحو4 (ضربته سوطا أو عصا)5. والله أعلم.

ص: الثالث المفعول له، وهو المصدر الفضلة المعلِّل لحدث شاركه في الزمان والفاعل، كقمت إجلالا لك.

ش: الثالث من المنصوبات المفعول له، يقال له: المفعول لأجله ومن أجله. وحدّه الشيخ بقوله: (المصدر) إلى آخره.

فالمصدر كالجنس، وخرج به نحو6 جئتك للسمن والعسل.

و (الفضلة) كالفصل، مخرج لما كان عمدة من المصادر.

وقوله: (المعلل لحدث) يخرج المفعول المطلق وغيره من المفعولات،

1 من الآية 8 من سورة المزمل.

وذلك لأن (تبتيلا) مصدر (بتَّل) لا مصدر (تبتّل) .

2 في (ب) و (ج) : (أن بين المفعول المطلق والمصدر) .

3 سقطت كلمة (نحو) من (ب) و (ج) . و (ضربا) هنا مفعول مطلق وهو مصدر.

4 كلمة (في) ساقطة من (أ) وكلمة (نحو) ساقطة من (ج) . والمثبت من (ب) .

5 في هذا المثال نابت عن المصدر آلته، والأصل: ضربتُهُ ضربةً بسوط أو ضربتُهُ ضربةَ سوط، ذكر ذلك الرضي في شرح الكافية 1/115.

6 كلمة (نحو) ساقطة من (ج) .

ص: 428

فإنه لا تعليل فيها1.

وقوله: (شاركه2 في الزمان والفاعل) مخرج ما اختلف فيه زمان العلة والمعلول، نحو:

54-

...... وقد نضّت لنوم ثيابها3

...........................

وما اختلف فيه فاعلهما، نحو:

55-

وإني لتعروني لذكراكِ هِزةٌ4..

............................

1 في (أ) : (فيهما) والمثبت من (ب) و (ج) .

2 في (ب) و (ج) : (يشاركه) .

3 جزء من صدر بيت من الطويل، وهو لامرئ القيس الكندي، وهو بتمامه:

فجئت وقد نضّت لنومِ ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضِّلِ

نضّت: نزعت، المتفضل: اللابس ثوبا واحدا.

ينظر ديوان امرئ القيس ص 14.

والبيت من شواهد المقرب لابن عصفور 1/161 والارتشاف 2/223 والعيني

3/66 والتصريح 1/336 والهمع 1/194 وشرح الأشموني 2/124.

والشاهد قوله: (لنوم) حيث جُرّ باللام لاختلاف زمن نزع الثياب والنوم.

4 صدر بيت من الطويل، وهو لأبي صخر الهذلي، وعجزه:

..................................

كما انتفض العصفور بلله القطر

.والبيت بهذه الرواية ثابت في ديوان مجنون ليلى أيضا ص 130، وهو في شرح أشعار الهذليين برواية:(إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها) . ينظر شرح أشعار الهذليين2/957 وهو في الإنصاف 1/253 والمقرب 1/162 والارتشاف 2/222 وشفاء العليل 1/462 والتصريح 1/336 والهمع 1/194 وشرح الأشموني 2/124.

والشاهد جر (ذكراك) باللام لاختلاف فاعل الفعل والمصدر لأن فاعل الفعل الهزة وفاعل المصدر المتكلم.

ص: 429

فإنه وإن صدق عليهما أنه فُعِل لأجلهما [فهما] 1 علتان له، لكن ليسا في الاصطلاح مفعولا لهما، فأخرجهما2 بقيد المشاركة في الزمان والفاعل3.

تنبيهان:

الأول: فهم من اقتصاره على ما ذكره من القيود أنه لا يشترط كونه قلبيا كالرغبة ونحوها، وهو مذهب الفارسي4.

وخالف 34/أفي ذلك ابن الخباز5، فشرط كونه قلبيا6، واعتمده

1 في (ب) و (ج) : (فضدهما) وهذا ضد المراد فما أثبته هو المناسب.

2 من قوله (أنه فعل) إلى آخره ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .

3 قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 2/671: "فإن فقد اتحاد الفاعل أو الزمان مع قصد التعليل، فلابد من اللام أو ما يقوم مقامها".

4 ينظر الإيضاح العضدي للفارسي ص 218.

والفارسي هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، كان إمام وقته في علم النحو، طاف كثيرا من البلدان، وصحب عضد الدولة وألف له كتبا، وكان قد أخذ العلم عن ابن مجاهد والزجاج وابن السراج وغيرهم، ومن أشهر تلاميذه ابن جني والجوهري وابن عباد، ترك مصنفات كثيرة منها التذكرة والإيضاح والتكملة والحجة في القراءات وكثير من المسائل، توفي ببغداد سنة 377 هـ.

تنظر ترجمته في نزهة الألباء ص 232 وإنباه الرواة 1/308 ومعجم الأدباء 7/232 وبغية الوعاة 1/496.

5 تقدمت ترجمته في ص 220.

6 نص على ذلك في كتابه الغرة المخفية في شرح الدرة الألفية 1/281.

ص: 430

المصنف في غير هذا الكتاب1.

فنحو (جئتك قراءةَ العلمِ) يتعين2 جره عند ابن الخباز3، ويجوز نصبه عند غيره.

الثاني أن المفعول له على نوعين:

نوع لا يتقدم في الوجود4 على ما جعل علة له.

ونوع يتقدم في الوجود على ما جعل علة [له]5.

والمثال الذي ذكره المصنف وهو (قمتُ إجلالا لك) من النوع الأول.

ومثال النوع6 الثاني: قعد عن الحرب جبنًا.

ص: ويجوز فيه [أن يجر بحرف التعليل] 7 ويجب في معلَّل فقد شرطا أن يُجرّ باللام أو نائبها.

ش: ذكر في هذا الكلام مسألتين:

1 اشترط ذلك في أوضح المسالك 2/44 وشرح اللمحة البدرية 2/209.

2 كلمة (يتعين) لم ترد في (أ) وترك لها فراغا بقدرها.

3 لأن قوله: (قراءة) ليس فعلا قلبيا.

4 في (ب) و (ج) : (الوجوب) وهو تحريف.

5 زيادة أوجبها المقام، وقوله:(ونوع يتقدم) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج) .

6 ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .

7 ما بين المعقوفين ساقط من النسخ وأثبته من شذور الذهب ص 15

ص: 431

المسألة الأولى: أن1 المستوفي للشروط2 المذكورة لا يتعين نصبه، وإنما يجوز، لأنها شروط لجواز النصب، لا لتعيينه، لكن يكثر جره إن كان بأل، نحو ضربته للتأديبِ، ويقلّ إن كان بدونها، وليس مضافا، نحو:

56-

مَن أَمَّكم لرغبةٍ فيكم ظَفَر3

.................................

ويستوي الجر والنصب في المضاف، نحو {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ} 4 {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} 5.

المسألة الثانية: أن ما فقد شرطا من الشروط مع كونه معلّلا به يجب جرّه باللام أو بغيرها مما يدل على التعليل6.

1 ساقط من (ب) و (ج) .

2 في (أ) : (في الشروط) ، والمثبت من (ب) و (ج) .

3 البيت من الرجز المشطور ولم ينسب لقائل، وبعده:

ومن تكونوا ناصريه ينتصر

وهو من شواهد شرح عمدة الحافظ ص 399 وأوضح المسالك 2/47 والعيني

3/70 وشرح الأشموني 2/124.

والشاهد فيه جر (رغبة) باللام وهو مفعول لأجله مستوف للشروط ومع ذلك جُرَّ باللام مع أنه غير مقترن بأل ولا مضاف، وذلك قليل.

4 من الآية 265 من سورة البقرة.

5 من الآية 74 من سورة البقرة.

6 الحروف الدالة على التعليل هي اللام والباء و (في) و (مِنْ) والكاف، وقد ذكر أمثلتها ابن مالك في شرح عمدة الحافظ ص 396 وشرح الكافية الشافية 2/672.

ص: 432

وأشار بقوله: (أو نائبها) إلى أن الأصل في إفادة التعليل هو اللام وأن غيرها من الحروف وإن أفاد التعليل فهو كالنائب عنها.

ففاقد المصدرية نحو قوله1: {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ} 2.

وتقدم التمثيل لفاقد غيره3 من الشروط4. والله أعلم.

ص: الرابع المفعول فيه، وهو ما ذكر فضلةً لأجل أمر وقع فيه من زمان مطلقا، أو مكان مبهم، أو مفيد مقدارًا، أو مادته مادة عامله كصمت يومًا أو يومَ الخميس، 34/ب وجلست أمامك، وسرت فرسخا، وجلست مجلسك.

ش: الرابع من المنصوبات المفعول فيه، وهو المسمّى ظرفا.

وقد عرفه الشيخ بقوله: (ما ذكر فضلة) إلى آخره5.

فقوله: (ما ذكر فضلة) كالجنس يدخل فيه المفاعيل وغيرها من الفضلات.

1 عبارة (نحو قوله) ساقطة من (ج) وكلمة (قوله) ساقطة من (ب) .

2 الآية 10 من سورة الرحمن.

فقوله: للأنام، علة للوضع، لكنه ليس مصدرا فلذلك جر باللام.

3 في (ب) و (ج) : لما فقد غيره.

4 تقدمت أمثلة ذلك في 429 و430.

وبقي عليه مثال فاقد القلبية إن عددناها شرطا، نحو {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} .

5 وقال الرضي في شرح الكافية 1/184: والأولى أن يقال: هو المقدّر بفي من زمان أو مكان، فُعل فيه فِعْل مذكور) واعترض على تعريف ابن الحاجب.

ص: 433

وقوله: (لأجل أمر وقع فيه) كالفصل يخرج به بقية المفاعيل، كما في قوله تعالى:{يَخَافُونَ يَومًا} 1 وقوله تعالى: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه} 2 فإنهما3 ذكرا لأجل أمر وقع عليهما لا فيهما، فهما من المفعول به.

وقوله: (من زمان) إلى آخره مخرج لنحو قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنّ} 4 إذا قدّر ب (في) 5 أي في نكاحهن6

فإنه فضلة ذكر لأمر وقع فيه، وهو الرغبة، لكنه ليس بزمان ولا مكان، وفيه تنويع للظرف7 إلى نوعين:

ظرف زمان8، وأنه يكون مبهما9، كيوم وحين ولحظة وساعة

1 من الآية 37 من سورة النور ومن الآية 7 من سورة الإنسان.

2 من الآية 134 من سورة الأنعام، وفي نسختي (ب) و (ج) :(رسالاته) بالألف على قراءة نافع.

3 الضمير يرجع إلى (يوم) و (حيث) في الآيتين السابقتين.

4 من الآية 127 من سورة النساء.

5 قوله: ب (في) ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .

6 هذا أحد التقديرين في الآية، وهو الأولى، والثاني تقديره ب (عن) أي عن نكاحهن، قال في التصريح 1/339:"أما إذا قدّر بعن فليس مما نحن فيه"، وتنظر الفتوحات الإلهية 1/429، والبحر المحيط 3/362.

7 في (ج) : (يتنوع الظرف) .

8 في (ب) و (ج) : (الزمان) .

9 ظرف الزمان المبهم هو ما دل على قدر غير معين من الزمان، والمختص هو ماله نهاية تحصره أو مقدار معين من الزمان. ينظر شرح الكافية 1/184.

ص: 434

ومختصا، كيوم الخميس ويوم عرفة، وفهم ذلك من قوله:(مطلقا) .

وظرف مكان، وأنه1 ثلاثة أقسام:

مبهم وهو ما افتقر إلى غيره في بيان صورة2 مسماه، كأسماء الجهات3.

ومفيد مقدارا، نحو بريد وميل وفرسخ4.

وما اتحدت مادته ومادة عامله، ك (جلست مجلسَك) و (قعدت مقعدَك) .

تنبيهان:

الأول: مقتضى العطف5 في قوله: (مبهم أو مفيد مقدارا) أن المفيد للمقدار ليس داخلا في المبهم، وبه قال بعض النحويين6.

1 في (ج) فقط: (وهو) .

2 في (أ) : (ضرورة) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج) .

3 أسماء الجهات هي أمام وخلف ويمين وشمال وشرق وغرب، وقد ألحق بها أسماء منها: عند ولدى وبين ووسط الدار، وقد اختلف في تفسير المبهم من المكان على أقوال. تنظر في شرح الكافية للرضي 1/184.

4 إنما عُدت هذه الأسماء مبهمات من حيث إن مكانها غير معروف وإن كانت معلومة المقدار.

5 في (ب) : (الأول العطف في قوله) وفي (ج) : (الأول أفهم في قوله) .

6 هذا قول الجزولي وأبي علي الشلوبين والرضي، حيث جعلوا ظرف المكان ثلاثة أقسام مبهم ومختص ومعدود، تنظر الجزولية ص 87 والتوطئة ص 210 وشرح الكافية 1/184.

ص: 435

وقال الشلوبين1: إنه داخل فيه2.

وصحح بعضهم3 أنه شبيه بالمبهم لا مبهم.

قال المصنف: "وحقيقة الأمر أن فيه إبهاما واختصاصا، وعلى هذا يصح فيه القولان"4. انتهى.

الثاني دخل في قوله5: (أو مادته مادة عامله) نحو سرني جلوسي مجلسك، وأعجبني قعودي مقعدك، وأنه لا فرق في العامل بين الفعل، كما

1 هو الأستاذ أبو علي عمر بن محمد الأشبيلي الأزدي، المعروف بالشلوبيني، وبعضهم يقول: الشلوبين بدون ياء النسب وهي تعني الأشقر والأبيض، ولد بأشبيلية، وتعلم فيها على كبار العلماء، ثم صار إماما في العربية، وتخرج على يديه جماعة من أهل الأندلس منهم ابن أبي الربيع وابن عصفور، صنف كتبا في العربية منها التوطئة وشرح الجزولية، توفي سنة 645 هـ. ينظر إنباه الرواة 2/332 واختصار القدح المعلى ص 152 وإشارة التعيين ص 241 والبغية 2/224 وشذرات الذهب 5/232.

2 هكذا نسب الشارح هذا القول للشلوبين، والصحيح عنه أنه يقول: إن المقدر ليس داخلا في المبهم، لأنه جعل الأقسام ثلاثة، قال في التوطئة: ظرف المكان مبهم ومعدود ومختص، التوطئة ص 210، وقد نسب له هذا القول أبو حيان في الارتشاف 2/250 والمرادي في توضيح المقاصد 2/93.

3 هو أبو حيان، قال في الارتشاف 2/250:"والصحيح أنه شبيه بالمبهم، ولذلك وصل إليه بنفسه".

4 شرح شذور الذهب ص 234.

5 في (أ) كرر العبارة من قوله (وجلست مجلسك وسرت فرسخا) إلى قوله: (الثاني دخل في قوله) ثم وضع كلمة (خط) بجانب المكرر إشارة إلى إلغائه.

ص: 436

مثَّل به المصنف وبين الاسم، كهذين المثالين، وما أشبههما.

واحترز بذلك عما لا يتحد فيه 35/أمادة العامل والظرف، نحو: ذهبت في مرمى زيد1 ورميت في مذهب عمرو2.

فلا يجوز في القياس جعل شيء من ذلك ظرفا، وما سمع من ذلك منصوبا ظرفا، كقولهم:(هو مني مقعَد القابلة، ومزجَر الكلب، ومناطَ الثريا) 3 فشاذ إن قدّر عامله الاستقرار4.

فإن قدّر العامل في (المقعد) قَعَد، وفي (المزجر) زجر5، وفي (المناط) ناط لم يكن شاذا6.

ص: والمكاني 7 غيرهن يجر ب (في) كصليت في المسجد.

1 في (أ) : (ذهبت مرمى زيد) والمثبت من (ب) و (ج) .

2 في (ج) : (مريت) وهو تحريف.

3 قولهم: (مقعد القابلة) كناية عن القرب، والقابلة هي التي تكون أمام المرأة وقت الولادة، و (مزجر الكلب) مكان زجره أي هو بعيد مني كبعد الزاجر للكلب عن مزجره وتقال في الذم، و (مناط الثريا) متعلّقُها من ناط ينوط إذا تعلق والمعنى هو بعيد مني كبعد الشخص من مناط الثريا، وتقال في المدح.

ينظر القول في الكتاب 1/142 هارون، وشرح الكافية الشافية 2/677.

4 أي العامل المستقر في الجار والمجرور وهو (مني) .

5 في (ب) و (ج) : (في مقعد قعد وفي مزجر زجر) .

6 لأنه حينئذ تكون مادته من مادة عامله، وهذا قياسي. ينظر شرح الكافية الشافية

2/677.

7 في (أ) : (المكان) والمثبت من (ب) و (ج) .

ص: 437

ونحو (قالا خيمتي أم معبد) وقولهم: (دخلت الدار) على التوسع.

ش: لما ذكر أن ظرف المكان يكون أحد الأقسام الثلاثة المذكورة فيما سبق وكان مقتضاه أن غيرها من الأماكن لا ينتصب ظرفا صرح بقضية ذلك، فقال:(والمكاني1 غيرهن) أي من الأقسام الثلاثة.

(يجر بفي) أي لا ينتصب على الظرفية، بل يستعمل مجرورا ب (في) كما تقول: صليت في المسجد وأقمت في الدار وسكنت في البيت.

ثم إنه استشعر سؤالا يرد على ذلك، وهو أنه قد ورد نصب المكاني2من غير المذكورات، وذلك في نحو قوله:(قالا خيمتي أم معبد) وأراد به قول الشاعر:

56-

جزى اللهُ ربُّ الناس خير جزائه

رفيقين قالا خيمتي أمِّ معبد3

1 في (أ) : (المكان) والمثبت من (ب) و (ج) .

2 في (أ) : (المكان) والمثبت من (ب) و (ج) .

3 البيت من الطويل من أبيات تنسب لرجل من الجن يذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وقت الهجرة. تنظر قصة هذه الأبيات في السيرة النبوية لابن هشام 1/487 وقد جاء في (ج)(رب العرش) بدل (رب الناس) .

والبيت من شواهد المقرب لابن عصفور 1/147 والارتشاف 2/254 وشرح الشذور ص 235 والمساعد 1/523 والهمع 1/200.

والشاهد فيه نصب (خيمتي) على التوسع بحذف حرف الجر والأصل في خيمتي.

ص: 438

وفي نحو دخلت الدارَ، وسكنت البيتَ.

وأجاب1 عنه بأن النصب فيه ليس على الظرفية، حتى يرد على ما قرره، بل إنما هو على التوسع بإسقاط الخافض وإجراء القاصر مجرى المتعدي فيكون المنصوب شبيها بالمفعول به.

وهذا الذي ذكره المصنف هو مذهب الفارسي2 واختاره ابن مالك3، ونسبه إلى سيبويه4.

والثاني: أنه منصوب على الظرفية، وهو مذهب الشلوبين5 ونسبه إلى سيبويه6 وإلى الجمهور7 واختاره ابن الحاجب8.

والثالث: أنه مفعول به و (دخل) يتعدى تارة بنفسه وتارة بحرف

1 في (ب) و (ج) : (أجابه) .

2 قال الفارسي في الإيضاح ص 206: وقد يُتَّسع فيحذف حرف الجر فيصل الفعل الذي لا يتعدى إلى ما كان مخصوصا من الأماكن.

3 ينظر شرح الكافية الشافية 2/683.

4 قال سيبويه في الكتاب 1/35 – هارون: وقد قال بعضهم: ذهبت الشام، يشبهه بالمبهم، إذْ كان مكانا يقع عليه المكان والمذهب، وهذا شاذ.

5 تنظر التوطئة ص 211.

6 ينظر الكتاب 1/35- هارون.

7 ينظر شرح الكافية للرضي 1/186 وتوضيح المقاصد للمرادي 2/90 وهمع الهوامع للسيوطي 1/200.

8 في الكافية ص 100.

وقد سقط القول الثاني كاملا من نسخة (ج) .

ص: 439

الجر1 وهو مذهب الأخفش2. 35/ب والله أعلم.

ص: الخامس المفعول معه، وهو الاسم الفضلة التالي واو المصاحبة مسبوقا بفعل أو ما فيه معناه وحروفه، كسرت والنيلَ وأنا سائر والنيلَ.

ش: الباب الخامس من المنصوبات باب المفعول معه، وهو آخر المفاعيل الخمسة، وجُعل آخرها للتردد في كونه قياسيا أو سماعيا3.

ولكون العامل لا يصل إليه إلا بواسطة الواو ذكره المصنف4.

وحدّه بقوله: (الاسم الفضلة) إلى آخره.

فالاسم كالجنس، والفضلة مخرج للعمدة.

وقوله: (التالي واو المصاحبة) يخرج غيره من المفاعيل، فإنه ليس شيء منها بعد الواو.

ومعنى المصاحبة كونه مشاركا لذلك المعمول الذي قبل الواو في ذلك الفعل في وقت واحد.

1 في (ج) : (الجار) وهو تحريف.

2 وبه قال الجرمي، والمبرد.

ينظر المقتضب 4/337 وشرح الكافية للرضي 1/186 والارتشاف 2/253 وهمع الهوامع 1/200.

3 فقد ذهب الأخفش إلى أن هذا الباب سماعي، لا يقاس عليه، وذهب الجمهور إلى أنه قياسي. ينظر شرح الأشموني 2/141.

4 ينظر شرح شذور الذهب ص 237.

ص: 440

[ف (زيد) في] 1 قولك: سرتُ وزيدًا مشارك للمتكلم2 في السير في وقت واحد، أي وقع سيرهما معا.

وفي قولك: سرت أنا وزيدٌ بالعطف مشارك3 في السير، لكن لا يلزم كون سيرهما في وقت واحد.

وقوله: (مسبوقة) أي واو المصاحبة.

وقوله: (بفعل) إلى آخره مخرج4 لنحو (هذا لك وأباك) 5 فلا يتكلم به بالنصب، وأما بالجر6، بدون إعادة الجار ففيه الخلاف الآتي في باب العطف7.

وقوله: (كسرت والنيل) مثال للفعل.

وقوله: (وأنا سائر والنيل) مثال لما فيه معنى الفعل وحروفه.

1 في (أ) و (ج) : (فتريد أن) وفي (ب) : (فتريد أني) وهو تحريف والصواب ما أثبته.

2 في (ج) : (شارك المتكلم) .

3 في (أ) : (يشارك) والمثبت من (ب) و (ج) .

4 الأولى أن يكون الإخراج بالمحترزات كما يلي: خرج بالاسم نحو لا تأكل السمك وتشربَ اللبن ونحو سرت والشمسُ طالعة، وخرج بقوله:(فضلة) نحو اشترك زيد وعمرو، وخرج بقوله:(تال لواو) جئت مع زيد، وخرج بقوله:(المصاحبة) جاء زيد وعمرو قبله.

5 في (ج) : (وإياك) وهو تحريف.

6 في (ج) : (بالجار) وهو تحريف.

7 سيأتي ذلك 817.

ص: 441

فإن قيل: فقد قالوا: (ما أنت وزيدا) 1 و (كيف أنت وزيدا) 2 فنصبوه على المفعول معه مع عدم الفعل والاسم الذي بمعناه وحروفه.

فالجواب أن الفعل موجود تقديرا، لأن (أنت) فاعل بفعل محذوف، والتقدير: ما تكون3 وكيف تصنع4 ثم حذف الفعل وحده فبرز الضمير وانفصل.

فإن قيل: مثل ذلك في نحو (هذا لك وأباك) 5 ويتكلم به بالنصب على المفعول معه، ويراعى فيه6 التقدير كما روعي في قولهم: (مالك 36/أ

1 هذا قول من أقوال العرب حكاه سيبويه في الكتاب 1/303 _ هارون حيث قال: "وزعموا أن ناسا من العرب يقولون: (كيف أنت وزيدا) و (ما أنت وزيدا) وهو قليل، حملوه على الفعل. كأنه قال: كيف تكون وقصعة من ثريد، وما كنت وزيدا". انتهى.

وقد جاء في (ج) : (ما أنا وزيدا) .

2 قوله: (وكيف أنت وزيدا) ساقط من (ج) .

(تكون) هنا ناقصة وخبرها (ما) مقدما عليها و (أنت) اسم تكون الناقصة فقول الشارح: إن (أنت) هنا فاعل أي اسم لكان، واسم كان وخبرها يطلق عليهما فاعل ومفعول به، تنظر حاشية الصبان 1/266.

4 هذا تقدير للفعل الناصب في قولك: (كيف أنت وزيدا) ف (كيف) في محل نصب حال و (أنت) فاعل للفعل المحذوف. ونلحظ في تقدير سيبويه في المثال الأول أنه قدره بقوله: (كيف تكون) فيصح هنا في (تكون) أن تكون تامة وفاعلها ضمير و (كيف) حال، ويصح أن تكون ناقصة واسمها ضمير، و (كيف) خبرها.

5 في (ب) و (ج) : (هذا لك وإياك) وهو تحريف.

6 سقطت كلمة (فيه) من (ب) و (ج) .

ص: 442

وزيدا) 1 حيث أوجبوا فيه النصب على المفعول معه.

فالجواب2 الفرق بينهما قوة الداعي إلى تقدير الفعل في (مالك وزيدا) بسبب تقديم (ما) الاستفهامية التي هي بالأفعال أولى. وتأخر الجار والمجرور لاقتضائه ما يتعلق به وجوبا، فصار كأنه مذكور، ولم يوجد في نحو (هذا لك) إلا داع واحد، وهو تأخر الجار والمجرور، ولا يلزم من اعتبار أمر عند قوة الداعي إليه اعتباره عند عدم قوته3.

فائدة:

العامل في المفعول معه ما سبقه من فعل أو شبهه4.

وقال الجرجاني5: الواو6.

1 والتقدير (ما كان لك وزيدا) ينظر حاشية الصبان على شرح الأشموني 2/136.

2 ذكر هذا الجواب الفاكهي في شرحه على القطر 2/131. ولم ينسبه للجوجري، بل قال: (قال بعض العلماء) .

3 في (أ) : (قربه) وهو تحريف والمثبت من (ب) و (ج) .

4 هذا مذهب البصريين. ينظر الكتاب 1/297 هارون وشرح المفصل لابن يعيش 2/49 وتوضيح المقاصد 2/97 والتصريح 1/343.

5 هو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، إمام البلاغيين وعالم البيان والنحو، أخذ النحو عن ابن أخت الفارسي، وصنف كتبا كثيرة في النحو والبلاغة والأدب، منها المغني في شرح الإيضاح والمقتصد والجُمل وأسرار البلاغة ودلائل الإعجاز. توفي بجرجان سنة 471 هـ. تنظر نزهة الألباء ص 264 وإنباه الرواة 2/188 وبغية الوعاة 2/106 وشذرات الذهب 3/340 والأعلام 4/48.

6 أي أن العامل في المفعول معه هو واو المعية، وقد ذكر الجرجاني هذا في كتابه الجُمل ص 20 قال فيه: الضرب الثاني مما ينصب فقط، وهي سبعة، الأول الواو بمعنى (مع) نحو قولك:(استوى الماء والخشبة) . لكنه نص في كتابه المقتصد على أن الناصب له الفعل بوساطة الواو، ينظر المقتصد في شرح الإيضاح 1/659.

ص: 443

وقال الزجاج1: العامل فيه محذوف، والتقدير (سرت2 ولابست النيلَ) فيكون حينئذ مفعولا به.

وقال الكوفيون3: هو منصوب على الخلاف4.

فيكون العامل فيه معنويا.

والأولى إحالة العامل5 على اللفظي ما لم يُضطر إلى المعنوي6.

ص: السادس المشبّه بالمفعول به، نحو زيدٌ حسن وجهَه، وسيأتي.

ش: السادس من المنصوبات المنصوب على التشبيه بالمفعول به.

وهو معمول الصفة المشبهة باسم الفاعل.

وهي الصفة التي استُحسنت إضافتها لفاعلها في المعنى ك (حسن الوجه) و (طاهر العِرض)7.

1 ينظر قوله في الإنصاف 1/248 وشرح المفصل لابن يعيش 2/49.

2 في (ج) : (وسرت) ولا موضع للواو هنا.

3 ينظر مذهبهم في الإنصاف 1/248 وشرح الكافية للرضي 1/195 وهمع الهوامع 1/220.

4 مرادهم بالخلاف مخالفة الثاني للأول رفعا ونصبا، كما في الظرف عندهم إذا كان خبرا، نحو (زيد عندك) ينظر الإنصاف 2/557.

5 في (أ) : (الأول) وهو خطأ، صوابه من (ب) و (ج) .

6 في (أ) : (على اللفظين ما لم يضطر المعنوي) وفيه تحريف.

7 في (أ) و (ب) : (وظاهر العرض) والمثبت من (ج) . وقد مثل الشارح بمثالين، الأول منهما للصفة التي ليست جارية على حركات المضارع وهذا هو الأكثر فيها، والثاني للصفة الجارية على حركات المضارع، وهذا قليل، وسيأتي تفصيل ذلك في باب الصفة المشبهة.

ص: 444

فخرج نحو (زيد ضارب أبوه عمرا) فليس منها1.

لأنه يمتنع أن يقال فيه: (ضارب أبيه) لالتباسه بالمفعول به2 ونحو (زيد كاتبٌ أبوه) فإنه لا يحسن فيه إضافة (كاتب) إلى (الأب) وإن فات اللبس3.

وسبب عدم حسن ذلك أن الصفة لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل4 إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها.

والدليل على ذلك أمران:

أحدهما: أنهم لو لم يقدّروا ذلك لزم إضافة الشيء إلى نفسه5.

والثاني: أنهم يؤنثون6 الصفة في نحو (هند حسنة الوجه) فحينئذ لم يحسن أن يقال: (كاتب الأب) لأن من كتب أبوه لان يصح إسناد الكتابة

1 في (ج) : (فليس منهما) .

2 وذلك لأن الوصف هنا يحتمل أن يكون مضافا للمفعول، فيكون اسم فاعل لا صفة مشبهة.

3 قوله: (وإن فات اللبس) ساقط من (ب) و (ج) .

4 سقطت هذه الكلمة من (ج) .

5 ولا تصح إضافة الشيء إلى نفسه.

6 في النسخ: (أنهم لا يؤنثون) بزيادة (لا) وذلك يعكس المعنى المراد، والتصحيح من شرح الشذور لزكريا الأنصاري [الورقة 31/ب] وحاشية العدوي 2/51.

ص: 445

إليه وحسن أن يقال: (حسن الوجه) لأن من حسن وجهه صح1 إسناد الحسن إلى جملته، / فيقال:(زيد حسن) فيكون في (حسن) ضمير عائد على (زيد) هو فاعل، ويصح لك حينئذ أن تذكر بعده2 (الوجه) أو (وجهه) منصوبا3.

ولا يصح أن يكون تمييزا4 لتعريفه، فيكون منصوبا على أنه مشبه بالمفعول به، لأن عامله وهو الصفة وإن كان قاصرا5، شُبّه باسم فاعل الفعل المتعدي.

ووجه الشبه بينهما الوصفية وقبول التثنية والجمع والتأنيث وطلب كل منهما بعد استيفاء فاعله ما بعده6.

ص: السابع الحال، وهو وصف فضلة مسوق لبيان هيئة صاحبه أو تأكيده أو تأكيد عامله7 أو مضمون الجملة قبله، نحو {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} 8 {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ

1 في (أ) و (ب) : (حسن) والمثبت من (ج) .

2 في (أ) : (هذا) بدل (بعده) والمثبت من (ب) و (ج) .

3 نقل الشيخ زكريا الأنصاري هذا النص بتمامه عن الجوجري ولم ينسبه إليه، ينظر شرح الشذور للأنصاري [الورقة 31/أ] .

4 لأن التمييز لا يكون معرفة عند البصريين. وفي (أ) : (تمييز) بالرفع وهو خطأ.

5 أي غير متعد، لأنه مشتق من فعل لازم.

6 ينظر في ذلك شرح الكافية للرضي2/205 وشرح الشذور لابن هشام ص 244.

7 في (أ) : فاعله وفي (ب) : (علته) وهو تحريف والمثبت من (ج) وشذور الذهب ص 16.

8 من الآية 21 من سورة القصص.

ص: 446

جَمِيعاً} 1 {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً} 2 {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} 3 وقوله 4: أنا ابن دارة معروفا بها نسبي.

ش: السابع من المنصوبات الحال، وهي5 قسمان:

مؤسِّسة، وهي مالا يستفاد معناها6 بدونها.

ومؤكِّدة، وهي بخلاف ذلك، أي ما استفيد معناها من غيرها7.

وكان الأحسن تقسيمها وإفراد8 كل قسم بحدّ.

لكن المصنف كثيرا ما يراعى الاختصار، ويحدّ الشيء المختلف الأقسام بحد واحد ويأتي فيه ب (أو) الدالة على تنويع المحدود وانقسامه، ومنه ما ذكره في هذا المحل.

فقوله: (وصف) كالجنس، يدخل فيه الخبر في نحو (زيد قائم) والمبتدأ ك (القائم أخوك) والنعت في (جاءني رجلٌ راكبٌ) والتمييز في نحو (لله دَرّه9 عالماً)

1 من الآية 99 من سورة يونس.

2 من الآية 19 من سورة النمل.

3 من الآية 79 من سورة النساء.

4 زيادة من (ب) و (ج) .

5 في (ب) و (ج) : (وهو) ولفظ (الحال) صالح للتذكير والتأنيث.

6 في (ج) : (وهي التي لا يستفاد) .

7 مثال المؤسسة (جاء زيد راكبا) ومثال المؤكدة {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} .

8 في (ج) : (وأفرد) .

9 في (ب) و (ج) : (درك) .

ص: 447

ويخرج به (القهقرى) 1 في نحو (رجع زيد القهقرى) فإنه ليس بوصف.

وقوله: (فضلة) كالفصل مخرج للخبر والمبتدأ.

وقوله: (مسوق) إلى آخره فصل أخرج به النعت والتمييز المذكورين، فإن النعت مذكور لتخصيص المنعوت، والتمييز لبيان جنس المتعجب منه2 وبيان الهيئة وقع بهما ضمنا لا قصدا3.

وقوله: (هيئة صاحبه أو تأكيده) بيان لأنواع الحال4، وهي كما تقدم مؤسِّسة وهي المسوقة لبيان هيئة 37/أصاحبها.

ومؤكِّدة وهي أنواع:

مؤكِّدة لصاحبها، ومؤكِّدة لعاملها، ومؤكِّدة لمضمون جملة قبلها.

مثال المبيِّنة للهيئة {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} 5 ومثله قولك: جاء زيدٌ راكباً.

ومثال المؤكِّدة لصاحبها قوله تعالى: {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} 6.

(القهقرى) اسم بمعنى الرجوع إلى الخلف. ينظر لسان العرب 5/121 (قهر) .

2 وذلك في التمييز المشتق نحو (لله درك عالما) أما الجامد فخرج بقوله: (وصف) .

3 ينظر في ذلك شرح اللمحة البدرية 2/177 وأوضح المسالك 2/78.

4 ينظر في أنواع الحال التصريح 1/378 وهمع الهوامع 1/245.

5 من الآية 21 من سورة القصص، وكلمة (يترقب) لم ترد في (أ) و (ب) .

6 من الآية 99 من سورة يونس.

ص: 448

ومثال المؤكِّدة لعاملها قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا} 1 وقوله2 {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} 3.

وذكر لها المصنف هذين المثالين إشارة إلى أن المؤكدة لعاملها قد تكون مؤكِّدة له معنى فقط، كالمثال الأول4، أو لفظا ومعنى كالمثال الثاني.

ومثال المؤكِّدة لمضمون الجملة قولك: زيد أبوك عطوفا، وقول سالم بن دارة اليربوعي5:

58-

أنا ابنُ دارةَ معروفاً بها نسبي

وهل بدارةَ يالَلناسِ من عارِ6

1 من الآية 19 من سورة النمل، واقتصر في (أ) على موضع الشاهد (فتبسم ضاحكا) .

2 في (ج) : (وقولك) وهو سهو.

3 من الآية 79 من سورة النساء.

4 حيث اختلف لفظ العامل مع لفظ الحال.

5 هو سالم بن مسافع بن عقبة اليربوعي، و (دارة) اسم أمه، وهو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وكان هجاء. ينظر الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/408 والمؤتلف والمختلف ص 116 وخزانة الأدب 2/142.

6 البيت من البسيط، من قصيدة لسالم يهجو بها بني فزارة، ولم يذكر في (أ) الشطر الثاني، وأثبته من (ب) و (ج) .

وهو من شواهد سيبويه 2/79 هارون، والخصائص2/268 والأمالي الشجرية 2/285 وشرح المفصل لابن يعيش 2/64 وشرح الكافية الشافية 2/756 والمساعد 2/41 والعيني3/186 والهمع 1/245 وشرح الأشموني2/185 والخزانة 3/265.

والشاهد فيه وقوع (معروفا) حالا مؤكدة لمضمون الجملة التي قبله وعامل الحال فعل مقدر والتقدير: (أحقني) أو (أعرفني) .

ص: 449

فقوله: (عطوفا) مؤكد1 لمضمون جملة (زيد أبوك) .

وقوله: (معروفا) مؤكد2 لمضمون جملة (أنا ابن دارة) .

ولابد في هذه الجملة أن يكون جزآها اسمين معرفتين جامدين، ولابد أن يتأخر الحال عنها، فلا يتقدم عليها، ولا يتوسط بين جزءيها3.

وعامل هذه الحال محذوف وجوبا4، لتنزيل الجملة المذكورة بدلا من اللفظ به، وتقديره في نحو (زيد أبوك عطوفا) مما المبتدأ فيه (أنا) : أَحُقّه5 أو أعرفه وفي نحو (أنا ابن دارة) 6 مما المبتدأ فيه غيرُ (أنا) : أحق أو أعرف، أو أحقني أو أعرفني.

تنبيهان:

الأول: يؤخذ اعتبار شروط الجملة المذكورة من المثال.

1 في (ب) و (ج) : (مؤكدة) أي: حال مؤكدة.

2 في (ب) و (ج) : (مؤكدة) أي: حال مؤكدة.

3 تنظر هذه الشروط في التصريح على التوضيح 1/387، 388.

4 وهذا قول سيبويه، وهو الراجح، وقال الزجاج: العامل هوالخبر لتأوله ب (مسمى)، وقال ابن خروف: العامل هو المبتدأ مضمنا معنى التنبيه. ينظر الكتاب 2/78- هارون. وينظر الرد علىالقولين الأخيرين في التصريح 1/388 والهمع 1/245.

(أحقّه) بفتح الهمزة وضم الحاء، مضارع حقَقْتُ الأمر، بالتخفيف بمعنى تحققته، ولو كان مشددا لقيل: أحققه، بقافين.

6 في (ج) : (أنا ابن) فقط.

ص: 450

وقد يقال: يؤخذ اشتراط تعريف جزأيها1 من ذكر التأكيد في الحال الحاصلة عنها، لأن التأكيد إنما يكون لشيء عُرف.

ويؤخذ اشتراط الجمود من جعلها مؤكدة بالحال، لأنه إذا كان أحد جزأيها مشتقا أو شبيها به كان عاملا في الحال، وكانت مؤكدة لعاملها لا لمضمون الجملة.

ويستفاد وجوب تأخير هذه الحال من قوله: (قبله) .

التنبيه الثاني: كما تكون الحال مفردة تكون جملة اسمية أو فعلية، وظرفا، ومجرورا2.

وشمل ذلك قوله في الحدّ: (وصف) .

فإن 37/ب المراد به، كما قال3: وصف باللفظ أو بالقوة.

ص: ويأتي من الفاعل ومن المفعول، ومنهما مطلقا، ومن المضاف إليه إن كان المضاف بعضه، نحو:{لحمَ أخيهِ مَيْتاً} 4 أو كبعضه: نحو {مِلّةَ

1 في (أ) : (جزءيتها) وكذلك (ج) ، وسقط منها أيضا كلمة (تعريف) والمثبت من (ب) .

2 مثال الاسمية (سافرت والشمس طالعة) ومثال الفعلية (جاء زيد يبكي) ومثال الظرف (رأيت الهلال بين السحاب) ومثال الجار والمجرور قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} .

3 أي ابن هشام في شرح الشذور ص 254 وشرح اللمحة البدرية 2/177.

4 من الآية 12 من سورة الحجرات.

ص: 451

إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً} 1 أو عاملا فيها، نحو {إليهِ مَرجعُكمْ جَمِيعاً} 2.

ش: لما قسم الحال باعتبار وصفها القائم بها من التأسيس والتأكيد أخذ يقسمها باعتبار صاحبها، وهو تقسيم له3 أيضا، فقال:

إنها تأتي من الفاعل4، أي يكون صاحب الحال فاعلا نحو جاء زيد راكبا، ونحو {فَخَرَجَ مِنْها خَائِفاً} 5.

وتأتي من المفعول، أي يكون صاحب الحال مفعولا، نحو ضربتُ اللِّصَّ مكتوفاً، ونحو {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} 6.

ومن الفاعل والمفعول، نحو لقيته راكبين.

وقوله: (مطلقا) أي تأتي الحال من الفاعل ومن المفعول ومنهما بلا شرط.

بخلاف مجيئها من المضاف إليه، فإنه مشروط بأن يكون المضاف بعضه7، أي بعض المضاف إليه، نحو قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ

1 من الآية 135 من سورة البقرة ومن الآية 123 من سورة النحل.

2 من الآية 4 من سورة يونس.

3 أي لصاحب الحال.

4 في (ب) : (المفاعيل) وهو تحريف.

5 من الآية 21 من سورة القصص.

6 من الآية 79 من سورة النساء.

7 وأجازه بعض البصريين دون شرط، ينظر الهمع 1/240.

ص: 452

لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} 1 وقولك: أعجبني وجهها مسفرة.

ونحو2 قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا} 3.

أو يكون كبعضه، أي يكون المضاف كبعض4 المضاف إليه، بأن يستقيم الكلام بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، نحو قوله تعالى:{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} 5.

أو عاملا، أي أو يكون6 المضاف عاملا في الحال، نحو أعجبني انطلاقك منفردا، وقوله تعالى:{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} 7 ونحو هذا شاربُ السويقِ ملتوتًا.

1 من الآية 12 من سورة الحجرات، والمضاف هنا هو (لحم) والمضاف إليه هو (أخيه) واللحم بعض الإنسان.

2 كلمة (نحو) زيادة من (ج) .

3 من الآية 47 من سورة الحجر والمضاف هنا هو (صدور) والمضاف إليه الضمير (هم) والصدر بعض من الإنسان.

4 في (ج) : (بعض) وهو غير مناسب هنا لأنه سبق بيان ما هو بعض المضاف إليه.

5 من الآية 123 من سورة النحل.

6 في (ج) : (أو أن يكون) وقوله: (عاملا) معطوف على خبر (كان) في كلام المصنف في الصفحة السابقة.

7 من الآية 4 من سورة يونس، ف (مرجع) هنا مضاف والضمير مضاف إليه، والمضاف وهو (مرجع) عامل في الحال، لأنه مصدر.

ص: 453

واعلم أن بعضهم1، منع مجيء الحال من المضاف إليه في الصورتين الأولَيين2، أعني إذا كان المضاف بعضا3، أو كبعض منه.

لأنه يصير العامل في الحال غير العامل في صاحبها، وهو ممتنع4.

والصواب اعتباره5، لأنه إذا كان بعض المضاف إليه أو كبعضه كانا كالشيء الواحد، وصح مجيء الحال منه، ألا ترى أنه لو قيل في الكلام: ونزعنا ما فيهم من غِلّ6، واتَّبِعوا إبراهيمَ حنيفا، 38/ألكان سائغا حسنا.

ص: وحقها أن تكون نكرةً، منتقلةً، مشتقةً، وأن يكون صاحبُها معرفةً أو خاصا، أو عاما، أو مؤخرا، وقد يتَخَلَّفْنَ.

ش: لما فرغ7 من ذكر الحال وأقسامها أخذ يذكر لها أوصافا معتبرة فيها. فمنها أن تكون نكرة.

وإنما كان كذلك لأنه سيأتي8 أن الغالب في الحال أن تكون9

1 هو أبو حيان الأندلسي، ينظر الارتشاف 2/348 والهمع 1/240.

2 في (ب) : (الأولين) وفي (ج) : (الأولتين) .

3 في (أ) : (بعضه) والمثبت من (ب) و (ج) .

4 نقل هذا الدليل عن أبي حيان السيوطي في همع الهوامع 1/240.

5 أي اعتبار جواز مجيء الحال من المضاف إليه في الصورتين المذكورتين.

6 قوله: (من غل) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .

7 في (ج) : (ذَكَر) وهو سهو من الناسخ.

8 سيأتي ذلك في ص 457.

9 في (أ) كررت عبارة (أن الغالب في الحال أن تكون) ثم قال بعدها: (نكرة) وهو خطأ.

ص: 454

مشتقة، وصاحبها معرفة، فإذا كانت معرفة فربما توهم أنها صفة1.

وقد يتخلف كونها نكرة بأن تتعرَّف في اللفظ، إما باللام، كجاؤوا الأولَ فالأولَ2، و:

59-

أرسلَها العِراكَ3

...........................

أو بالضمير، ك (جاءَ وحدَهُ)4.

ومع ذلك فيحكم بتنكيرها معنى بتقدير (أل) زائدة، وأن الإضافة لا تفيد تعريفا.

1 وذلك إذا كان صاحب الحال منصوبا ثم حمل غيره عليه.

ينظر التصريح 1/373 وشرح الأشموني 2/172.

2 وأصله (جاؤوا أولا فأولا) بمعنى مترتبين. ينظر التصريح 1/373.

3 هذا جزء بيت من الوافر، للبيد بن ربيعة العامري، وهو:

فأرسلها العراك ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدخال

ورواية الديوان: (فأوردها العراك) ينظر ديوان لبيد ص 86.

العراك: الجماعة، أي أوردها جماعة، لم يذدها: لم يحبسها، الدخال: أن يشرب بعض الإبل، ثم يرجع فيزاحم الذي على الماء.

والمعنى: يصف عيرًا وحشيا بأنه يسوق أتنه نحو الماء جماعة ولم يحبسها عنه ولم يخش عليها من الدخال.

والبيت من شواهد سيبويه 1/372 هارون والمقتضب 3/273 وشرح المفصل لابن يعيش 2/62 والعيني 3/219 والتصريح 1/373 والخزانة 3/192.

والشاهد مجيء الحال معرفة، وهو (العراك) لكنه مؤول بنكرة أي معتركة.

(وحده) حال على تأويله بنكرة: أي منفردا، وينظر الكتاب 1/373- هارون.

ص: 455

هذا1 هو مذهب الجمهور2.

وأجاز يونس3 والبغداديون4 أن تكون معرفة5. وقاسوا على نحو (ادْخلوا الأوّلَ فالأوّلَ) .

وحينئذ فحكم المصنف بتخلف التنكير أراد به تخلفه في اللفظ، ليوافق مذهب الجمهور، ولو حُمل على التخلف لفظا ومعنى لصح ووافق المذهب الآخر.

ومنها أن تكون منتقلة، أي غير لازمة للمتصف بها، كما في جاء زيدٌ راكباً، وضربْتُ اللِّصّ مكتوفاً.

وهذا الوصف6 غالب، لا لازم، لورودها بدونه فيما إذا كانت مؤكدة لمضمون7 الجملة، ك (زيد أبوك عطوفا)8.

1 أي لزوم كون الحال نكرة.

2 ينظر الكتاب 1/372، 373 والارتشاف 2/337 والتصريح 1/373.

3 هو يونس بن حبيب الضبي، وقد سبقت ترجمته. وينظر قوله هذا في كتاب سيبويه 1/377- هارون، وتوضيح المقاصد 2/137 والهمع 1/239.

4 ينظر قولهم في التصريح 1/374 والهمع 1/239.

5 في (ج) : (نكرة) وهو سبق قلم، لأنه لا خلاف في أنها تكون نكرة، وإنما اختلفوا في كونها معرفة، فمنع ذلك الجمهور وأجازه يونس والبغداديون.

6 أي الوصف بكونها منتقلة.

7 في (أ) و (ب) : (مضمون) والمثبت من (ج) .

8 قوله: (عطوفا) حال مؤكدة لمضمون الجملة، وهي حال لازمة لأن العطف وصف ملازم للأب.

ص: 456

أو دل عاملها على تجدد صاحبها، نحو (خلقَ اللهُ الزَّرافةَ يدَيها أطوَلَ مِن رجلَيها)1. وفي غير ذلك2 أيضا، نحو قوله تعالى: {قَائِمًا بِالقِسْطِ} 3 ونحو {وخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} 4.

ومنها أن تكون مشتقة، أي مصوغة من مصدر للدلالة على متصف. وهذا الوصف أيضا غالب، لا لازم.

فتقع جامدة مؤولة بالمشتق، نحو بدت الجاريةُ قمرًا وتثنَّتْ غصنًا أي مضيئةً ومعتدلةً. وغير مؤولة بالمشتق، نحو {قُرآناً عرَبيًّا} 5 ونحو هذا حديدُك خاتَمًا وهذا مالُك 38/ب ذهباً6.

ومنها أن يكون صاحبها معرفة.

لأن الحال وصاحبها في المعنى خبر ومخبر عنه، فالأصل في صاحبها التعريف7، كما في المبتدأ. وقد8 يأتي9 نكرة بمسوّغ، كالمبتدأ.

1 هذا من أقوال العرب التي حكاها عنهم سيبويه، ينظر الكتاب 1/155.

2 في (ج) : (هذا) .

3 من الآية 18 من سورة آل عمران.

4 من الآية 28 من سورة النساء.

5 من الآية 2 من سورة يوسف، ومن الآية 3 من سورة فصلت.

6 فالحال في هذه الأمثلة جامدة ولا يصح تأويلها بالمشتق، ينظر التصريح 1/371.

7 لأنه محكوم عليه بالحال، وحق المحكوم عليه أن يكون معرفة، لأن الحكم على المجهول لا يفيد غالبا، ينظر التصريح 1/375.

(قد) مكرر في (ج) .

9 في النسخ: (تأتي) بالتاء وما أثبته هو الصواب لأن الضمير يعود إلى صاحب الحال.

ص: 457

فمن مسوغات1 تنكير صاحب الحال أن يكون خاصا أي مخصوصا، إما بوصف، نحو قول الشاعر:

60-

نجَّيتَ يا ربِّ نوحاً واستَجبْتَ له

في فُلُكٍ ماخرٍ في اليمِّ مشحُونَا2

أو بإضافة، نحو قوله تعالى:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} 3 أو بمعمول نحو (عجبتُ مِن ضَرْبٍ أخوك4 شديداً) .

ومن المسوغات لتنكيره أيضا أن يكون عاما، كأن يتلو نفيا أو شبهه وهو النهي والاستفهام.

مثال النفي قولك: ما جاء أحدٌ راكباً.

ومثال النهي قول الشاعر:

1 في (ج) : (مصوغات) بالصاد وهو تحريف ظاهر.

2 البيت من البسيط واقتصر في (أ) على الشطر الثاني والمثبت من (ب) و (ج) .

وقد نسبه أبو بكر بن الأنباري لعمران بن حطان، ينظر المذكر والمؤنث لأبي بكر ابن الأنباري ص 227. والبيت من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 319 وأوضح المسالك 2/84 وشرح ابن عقيل للألفية 2/259 وشفاء العليل 2/525 والعيني 3/149 وشرح الأشموني 2/175.والشاهد فيه نصب (مشحونا) على الحال من (فلك) وهي نكرة وسوغ ذلك وصفها ب (ماخر) .

3 من الآية 10 من سورة فصلت، وقوله (للسائلين) لم يذكر في (أ) و (ب) .

و (سواء) حال من (أربعة) وهي نكرة وقد خصصت بإضافتها إلى (أيام) .

4 في (ج) : (من ضرب أخيك) وهو لا يصلح مثالا لما ذكره لأنه مضاف لمعرفة، ف (ضرب) هو صاحب الحال لاختصاصه بالعمل في الفاعل وهو (أخوك) .

ص: 458

61-

لا يركنَنْ أحدٌ إلى الإحجَامِ

يومَ الوَغَى مُتخوِّفاً لحِمامِ1

ومثال الاستفهام قول الشاعر:

62-

يا صاحِ هلْ حُمَّ عيشٌ باقياً فترى

لنفسك العذرَ في إبعادِها الأملا2

ومن المسوغات لتنكيره3 أيضا أن يتأخر [عن] 4 الحال، نحو في

1 البيت من الكامل، وهو لقطرئ بن الفجاءة، وقد ورد في (ج) :(لا تركننْ أبدا) وهو لا يصح

شاهدا لأن صاحب الحال فيه يكون معرفة.

الإحجام: التأخر عن لقاء العدو، الوغى: الحرب، الحمام، بالكسر: الموت.

ينظر شعر الخوارج ص 171.

والبيت من شواهد شرح العمدة لابن مالك ص 423 وشرح الألفية لابن الناظم ص 320 والمساعد 2/18 والعيني 3/150 والتصريح 1/377 والهمع 1/240 وشرح الأشموني 2/175 والخزانة 10/160. والشاهد نصب (متخوفا) على الحال من (أحد) وهو نكرة وسوغ ذلك سبقه بالنهي.

2 البيت من البسيط، وقد نسبه ابن مالك لرجل من طيء ولم يعينه.

حُم: قضي وقدر، العذر: المعذرة.

ينظر شرح عمدة الحافظ ص 423 وشرح الألفية لابن الناظم ص 321 وأوضح المسالك 2/87 وشفاء العليل 2/526 والعيني 3/153 والهمع 1/240 وشرح الأشموني 2/176.

والشاهد قوله: (باقيا) حيث جاء حالا من النكرة وهي (عيش) وسوغ ذلك وقوع النكرة بعد استفهام إنكاري بمعنى النفي.

3 أي تنكير صاحب الحال.

4 زيادة أوجبها المقام.

ص: 459

الدار جالسا رجل، وقول الشاعر:

63-

لِمَيَّة مُوحشاً طَلَلُ

يَلوحُ كأنّه خَلَلُ1

وقد يأتي صاحب الحال نكرة بغير مسوّغ، كقوله:(عليه مائةٌ بِيضاً) 2 وفي الحديث3: "صلّى رجالٌ قياماً"4.

تنبيهان:

الأول: أشار إلى تخلف الأوصاف المذكورة، أو تخلف بعضها بقوله:

1 البيت من مجزوء الوافر، ولم يرد الشطر الثاني في (أ) . وهو لكثير عزة.

والصحيح في روايته: (لعزّة موحشا طلل) ينظر ديوانه ص 506.

وقد وقع الخلط بينه وبين بيت آخر لذي الرمة أوله: (لمية موحشا طلل قديم) .

والبيت من شواهد سيبويه 2/123- هارون، ومعاني القرآن للفراء 1/167 والخصائص 2/492 والأمالي الشجرية 1/26 وأسرار العربية ص 147 وشرح المفصل 2/64 والعيني 3/163 والتصريح 2/375 وشرح الأشموني 1/174 والخزانة 3/211. والشاهد نصب (موحشا) على الحال من (طلل) وهو نكرة وسوغا ذلك تقديمه عليها.

2 فقوله: (بيضا) حال من (مائة) وهي نكرة، ولا مسوغ لذلك، وقال بعض العلماء: إن المسوغ له هو تقدم الجار والمجرور عليه، كما في المبتدأ.

ينظر: الكتاب 2/112- هارون، والتصريح 1/378.

3 قوله: (في الحديث) ساقط من (ج) .

4 ورد حديث بهذا المعنى، وهو ما أخرجه مالك في الموطأ بلفظ:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وهو شاك، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا ". ينظر الموطأ 1/135 والبخاري 1/176، وهذا فيه شاهد أيضا، فقوله:(قياما) حال من (قوم) وهو نكرة بلا مسوغ.

ص: 460

(وقد يتخلفْنَ) أي وقد تتخلف1 جميع الأوصاف المذكورة وقد يتخلف2 مجموعها في حال من الأحوال، لكنها ليست سواء في تخلفها. فإن منها ماتخلفه شاذ، ومنها ما تخلفه مطّرد، وإن كان قليلا.

الثاني: يؤخذ من قوله: (مشتقة) 3 بالمعنى الذي عرفته أن الحال لا يكون مصدرا، لأن المصدر ليس بمشتق، بل مشتق منه. ولئلا يلزم الإخبار عن الذات بالمعنى.

وإنما كان كذلك لأن الحال وصاحبها في المعنى خبر ومخبر عنه، كما تقرر4، فحق الحال أن تدل على ما يدل عليه نفس صاحبها، كالخبر بالنسبة إلى المبتدأ، فلذلك يصح (جاء زيد ضاحكا) 5 ويمتنع (جاء ضِحكًا)6.

لكن قد ورد من كلامهم ما وقع فيه المصدر حالا، قليلا في المعارف ك (جاء وحدَه) 7 39/أو (أرسلها العراكَ) وكثيرا في النكرات، ك (طَلَع

1 كذا في (ب) و (ج)، وفي (أ) :(وقد يتخلف) .

2 في (ج) : (بتخلف مجموعا) .

3 في (ب) و (ج) : (مشتقا) .

4 في ص 457.

5 في (ب) و (ج) : (جاء زيد راكبا ضاحكا) .

6 في (أ) و (ج) : (ضاحكا) وهو تحريف، لأن هذا ليس مصدرا، والتصويب من (ب) .

(وحده) حال من الفاعل، وقد تعرف بالإضافة، لكنه على تأويله بنكرة أي جاء منفردا وهناك أقوال أخرى، ينظر الكتاب 1/373 والارتشاف 2/340.

ص: 461

بغتةً) و (جاء ركْضًا) 1 وأُوِّلَ بالوصف، أي مباغتا2 وراكضا.

وأجمع الفريقان البصريون3 والكوفيون4 على عدم اطراده إلا المبرد5 فقاسه فيما كان نوعا من العامل، ك (جاء سرعة) بخلاف (جاء ضِحكا)6.

وقاسه ابن مالك7 أيضا في مثل (أمّا علمًا فعالم) وفي نحو (زيدٌ زهيرٌ شعرًا) ، وفي مثل (أنت الرجل علمًا)8.

1 يراجع شرح الكافية الشافية لابن مالك 2/735.

2 في (ب) و (ج) : (بمباغتا) وهو تحريف.

3 قال سيبويه 1/370- هارون: "وليس كل مصدر، وإن كان في القياس مثل ما مضى من هذا الباب يوضع هذا الموضع. ألا ترى أنه لا يحسن أتانا سرعةً ولا أتانا رَجْلةً" فهذا يدل على أن هذا غير مقيس عنده، وينظر التصريح 1/374.

4 ينظر الارتشاف 2/342 والتصريح 1/374.

5 قال في المقتضب 3/234: "ومن المصادر ما يقع في موضع الحال فيسد مسده، فيكون حالا. وذلك قولهم: قتلته صبرا إنما تأويله صابرا أو مصبرا، وكذلك جئته مشيا." ثم قال: "ولو قلت جئته إعطاء لم يجز لأن الإعطاء ليس من المجيء." وينظر 4/599.

6 لأن السرعة نوع من المجيء والضحك ليس نوعا منه، وفي نسختي (أ) و (ب) :(جاء ضاحكا) وهو خطأ، صوابه من (ج) .

7 تسهيل الفوائد ص 109.

8 أي قاسه ابن مالك في ثلاث مسائل بعد (أمّا) وبعد خبر شبِّه به المبتدأ، وبعد خبر اقترن بأل الدالة على الكمال.

ص: 462

وقد يعرب المنصوب في هذه الثلاثة تمييزا1.

ص: الثامن التمييز، وهو اسم نكرة فضلة، يرفع إبهامَ اسمٍ أو إجمال نسبة

ش: الباب الثامن من المنصوبات التمييز.

وهو لغة فصل الشيء من غيره، وفي الاصطلاح ما قاله المصنف.

فقوله: (اسم) إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة.

وقوله: (نكرة) فصل2 مخرج لنحو (زيدٌ حسنٌ وجهَهُ) 3 وأما قوله:

64-

. ................................

صددت وطِبْتَ النّفسَ ياقيسُ عن عمرٍو4

1 وقد رجح أبو حيان إعرابه تمييزا في المسألتين الأخيرتين.

أما المسألة الأولى وهي ما إذا وقع بعد (أَمَّا) فلم أجد من أعربه تمييزا إلا الرضي في شرح الكافية 1/210 وإنما ذكروا أن فيها ثلاثة أقوال، إما أن يكون المنصوب حالا، كما أعربه سيبويه أو أنه مفعول مطلق، كما أعربه الأخفش، أو أنه مفعول به، كما أعربه الكوفيون وهذا أحسن ما قيل فيه، على تقدير: مهما ذكرت علما فالمذكور عالم. ينظر الارتشاف 2/343 والتصريح 1/374.

2 كلمة (فصل) ساقطة من (ج) .

3 بنصب (وجه) على أنه مشبه بالمفعول به، وليس تمييزا لأنه معرفة.

4 عجز بيت من الطويل، لراشد بن شهاب اليشكري، وصدره:

رأيتك لَمَّا أن عرفت وجوهنا

........................................

والبيت مع قصيدته في المفضليات ص 310.

وهو من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/292 وشرح عمدة الحافظ ص 496 وشرح الألفية لابن الناظم ص 102 وشفاء العليل 2/558 وشرح اللمحة البدرية

2/186 والعيني 3/225 والتصريح 1/151 والهمع 1/80 وشرح الأشموني 1/182.

والشاهد فيه نصب (النفس) علىالتمييز باعتبار أن (أل) زائدة لإقامة الوزن.

ص: 463

فخُرّج على زيادة (أل)1.

وقوله: (فضلة) مخرج لنحو قائم من (زيد قائم) فإنه اسم نكرة ولكنه2 ليس فضلة.

وقوله: (يرفع إبهام اسم) إلى آخره يخرج الحال، نحو (جاء زيدٌ راكباً) . فإنه ليس رافعا لإبهام اسم ولا لإجمال نسبة، وإنما هو مبيّن للهيئة، ويفيد أن التمييز على نوعين3:

نوع رافع إبهام اسم، ك (رَطْلٌ زيتاً) .

ونوع رافع إجمال نسبة، ك (طبتَ نفساً) .

وقد أُورد على هذا الحد (طويلا) من قولك: رأيتُ رجلا طويلاً4 فإنه اسم نكرة رافع إبهام اسم، وهو (رجل) لأنه ذات مبهمة

1 هذا تخريج البصريين، لأنهم لا يرون أن التمييز يكون معرفة، وذهب الكوفيون وابن الطرواة إلى جواز وقوع التمييز معرفة، تمسكا بظاهر البيت، وغيره من الشواهد.

ينظر شرح اللمحة البدرية 1/186 وهمع الهوامع 1/80.

2 في (ب) و (ج) : (لكنه) .

3 ينظر شرح المفصل لابن يعيش 2/70 والتسهيل ص 114.

4 أورد هذا الاعتراض الرضي في شرح الكافية 1/206، ولم يجب عنه.

ص: 464

بالوضع صالح لكل فرد من أفراد الرجال، فبذكر أحد أوصافه تمييز1 عما يخالفه.

ويمكن أن يجاب بأن الإبهام المرتفع بالتمييز هو فيما يرجع إلى الجنس.

ألا ترى أنك إذا قلت: (عندي رطلٌ) ولم تذكر تمييزا تُرُدّد في جنس ذلك الرطل، فإذا قلت:(زيتا) ارتفع ذلك الإبهام، بخلاف (رأيت رجلا طويلا) فإن الإبهام المرتفع بالوصف بالنسبة إلى أمر زائد على الجنس فإن2 (رجلا) 3 يفيده4 ، الله أعلم.

ص: فالأول بعد 39/ب العدد، الأحد عشر فما فوقها إلى المائة، و (كم) الاستفهامية نحو 5 كَمْ عبداً ملكْتَ، وبعد المقادير، ك (شبر أرضاً) و (قفيز بُرًّا) وشبههن، نحو {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا} 6 و (نحيٌ سمْناً) و (مثلُها زُبداً) و (مَوضعُ 7 راحةٍ سحاباً) وبعد فرعه، نحو (خاتمٌ حديداً) .

1 في (ب) : (يُميز) وفي (ج) : (تمييزا) بالنصب وهو خطأ ظاهر.

2 في (ج) : (فإنه) .

3 في (ج) : (رجل) بالرفع وهو خطأ.

4 أي يفيد الجنس، ومراده بذلك أن قولك:(رجل) قد أفاد الجنس ثم تأتي الصفة بعد ذلك تقلل شيوع ذلك الجنس أما التمييز فإنه يرفع إبهام الجنس ذاته، فلا يعلم الجنس إلا بذكر التمييز.

5 كلمة (نحو) ساقطة من (ج) .

6 من الآية 7 من سورة الزلزلة.

7 في (أ) : (نوع) وهو تحريف.

ص: 465

ش: لما ذكر أن التمييز نوعان أخذ يبين كل نوع على جهة التفصيل فذكر هنا النوع الأول، وهو الرافع إبهام1 اسم.

فمنه الواقع بعد عدد، صريحا كان ذلك2 العدد، كالأحد عشر والإحدى عشرة وأخواتها3 والعشرين وأخواتها إلى آخر التسعين وهو المراد بقوله:(إلى المائة) كقوله تعالى {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} 4 وقوله: {اثْنَي عَشَرَ نقيباً} 5 وقوله: {ثلاثينَ ليلةً} 6 و {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} {سَبْعِينَ رَجُلاً} 8 و {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} 9.

أو غير صريح، وهو (كم) الاستفهامية، كقوله: كمْ عبداً ملكتَ وكمْ شخصا رأيت 10.

1 في (ج) : (لإبهام) .

2 كلمة (ذلك) ساقطة من (ج) .

3 المراد ب (أخواتها) العدد المركب من أحد عشر إلى تسعة عشر.

4 من الآية 4 من سورة يوسف، وهو مثال للتمييز الواقع بعد العدد المركب.

5 من الآية 12 من سورة المائدة، وقد كتبت في (أ) و (ج) :(اثنا عشر) وهو خطأ.

6 من الآية 142 من سورة الأعراف، وهو مثال للتمييز الواقع بعد العقود.

7 من الآية 142 من سورة الأعراف.

8 من الآية 155 من سورة الأعراف.

9 من الآية 23 من سورة ص وقد وردت في (ب) : (تسعة) بالتاء وهو خطأ.

10 بخلاف (كم) الخبرية فإن تمييزها يكون مجرورا بإضافتها إليه في قول البصريين، وب (مِنْ) مقدرة في قول الكوفيين. ينظر الكتاب 2/161 هارون ومعاني القرآن للفراء 1/169 والتصريح 2/279.

ص: 466

ومنه1 الواقع بعد ما يفيد مقدارا، وهو المراد بقوله:(بعد المقادير) . وهو إما أن 2 يفيد مساحة3 ك (شبر أرضا) أو كيلا، نحو (قفيز بُرًّا) أو وزنا نحو4 (مَنَوانِ عَسَلاً)5.

ومنه الواقع بعد ما يفيد شبه المقادير، وهو المراد بقوله:(وشبههنّ) .

وهذا تارة يشبه الوزن، نحو {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً} 6 أو يشبه الكيل، نحو (نحْي سَمْنًا)7.أو يشبه المساحة، نحو (موضعُ راحةٍ سَحَابًا) 8 أو يحتمل مشابهة المساحة والوزن، نحو (على التمرةِ مثْلُها زُبْدًا) 9.

ومنه الواقع بعد ما هو فرع له، نحو (خَاتَمٌ حَدِيداً) . فإن الخاتم فرع

1 في (ج) : (وهو) .

2 سقطت كلمة (أن) من (ج) .

3 في (أ) و (ج) : (مسافة) وهو تحريف، صوابه من (ب) .

4 كلمة (نحو) ساقطة من (ج) .

5 في (ج) : (منوين عسلا) . والمنوان مثنى (مَنَا) وهو ميزان يوزن به السمن، يساوي رطلين. ينظر لسان العرب 15/297 وتاج العروس 10/351.

6 من الآية 7 من سورة الزلزلة. وإنما قيل لهذا النوع: إنه مشبه للوزن لأن مثقال الذرة ليس اسما لشيء يوزن به في العرف.

7 النّحْي اسم لوعاء السمن، وإنما أشبه الكيل لأنه ليس له مقدار عرفا.

ينظر تهذيب اللغة 5/253 ولسان العرب 15/311 (نحا) .

8 موضع الراحة غير مقدر، فلذلك شُبّه بالمساحة، ينظر شرح الشذور ص 256.

9 شبه المِثْل بالمساحة والوزن لأنه يحتمل أن يكون المراد منه المقدار وهو المساحة أو الكمية وهو الوزن. ينظر ارتشاف الضرب 2/381.

ص: 467

الحديد. ومثله (بابٌ سَاجًا) 1 و (جُبّةً خَزًّا) .

وقيل في هذا: إنه حال 2.

تنبيهان:

الأول تمثيله في (كم) الاستفهامية ب (كم عبدا ملكت) يفهم أمرين:

أحدهما تعيّن إفراده 3، وهو الصحيح 4.

وقيل: يجوز جمعه مطلقا 5.

وقيل: يجوز إن كان السؤال عن الجماعات، نحو كم غلمانا لك.

إذا أردت أصنافا من الغلمان. وهذا مذهب الأخفش 6.

ثانيهما تعين نصبه7، وهو مذهب بعض النحويين8، سواء جُرَّت

1 في (ج) : (بابا ساجا) .

2 هذا قول سيبويه، قال في الكتاب 2/118:(ويكون حالا، فالحال قولك: هذه جبتك خزاً) . وإنما الذي أعربه تمييزا المبرد واختاره ابن مالك، ينظر المقتضب

3/272 وتسهيل الفوائد ص 114.

3 أي تعين إفراد تمييز (كم) الاستفهامية.

4 هذا مذهب البصريين. ينظر الكتاب 2/159 والإيضاح العضدي ص 239 والتسهيل ص 124.

5 وهذا قول الكوفيين. ينظر شرح الكافية للرضي 2/96 والهمع 1/254

6 ينظر قوله في التصريح 2/279 وشرح الأشموني 4/79.

7 أي تعين نصب تمييز (كم) الاستفهامية.

8 نسبه أيضا أبو حيان في الارتشاف 1/378 لبعض النحويين دون تعيين.

ص: 468

(كَمْ) أم لم تُجَرّ.

وقيل: يجوز جره مطلقا، 40/أسواء أيضا جُرَّتْ أَمْ لَا1، حملا على (كَمْ) الخبرية.

وقيل: يجوز إن جُرَّتْ2، ويمتنع إن لم تجر، وهذا هو الصحيح3، وينبغي حمل كلام الشيخ عليه لتمثيله ب (كم) غير مجرورة.

الثاني: الناصب للتمييز الرافع لإبهام الاسم هو ذلك الاسمُ المبهمُ4. والله أعلم.

ص: والثاني إما محولٌ 5 عن الفاعل، نحو {واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا} 6 أو عن المفعول، نحو {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} 7 أو عن غيرهما، نحو {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً} 8. أو غير محول، نحو لِلهِ دَرُّهُ فَارِسًا.

1 هذا قول الفراء والزجاج وابن السراج، ينظر الأصول في النحو1/317 والمغني لابن هشام ص 245.

2 أي إن جرت (كم) بحرف جر، نحو (بكم درهمٍ اشتريت) .

3 وهو مذهب سيبويه وجمهور البصريين. ينظر الكتاب 2/160- هارون والتسهيل ص 124 والتصريح 2/279.

4 لا خلاف في ذلك، لكن اختلف في صحة إعماله مع أنه جامد فقيل: لشبهه باسم الفاعل، وقيل: لشبهه بأفعل التفضيل وهو أولى. ينظر التصريح 1/395.

5 في (ج) : (محولا) بالنصب.

6 من الآية 4 من سورة مريم.

7 من الآية 12 من سورة القمر.

8 من الآية 34 من سورة الكهف.

ص: 469

ش: هذا بيان للنوع الثاني وهو الرافع لإبهام النسبة.

وهو على نوعين 1: محوّل وغير محوّل2.

النوع الأول المحوَّل، وهو أقسام.

لأن النسبة المبهمة إما نسبة الفعل إلى الفاعل، نحو قوله تعالى:{واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا} 3 أي اشتعل من جهة الشيب.

والأصل: واشتعل شيبُ الرأسِ، فحوّل الإسناد إلى الرأس، ونصب (شيب) 4 على التمييز.

ومثله (طاب زيد نفسا) أصله طابت نفسُ زيد.

وإما نسبة الفعل إلى المفعول، نحو قوله تعالى:{وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} 5 والأصل: وفجرنا عيونَ الأرض، ثم أوقع الفعل على (الأرض) ونصب (العيون) على التمييز 6.

1 في (ج) : (فرعين) .

2 تراجع أقسام التمييز في التصريح 1/397 والهمع 1/251.

3 من الآية 4 من سورة مريم.

4 في (ب) : (شيبا) بالنصب.

5 من الآية 12 من سورة القمر.

6 أجاز أكثر العلماء ومنهم الجزولي وابن عصفور وابن مالك تحويل التمييز عن المفعول، وأنكر ذلك الشلوبين وابن أبي الربيع وأوّل الشلوبين (عيونا) في الآية على أنها حال مقدرة، وجعلها ابن أبي الربيع بدل بعض من كل على حذف الضمير أي عيونها أو أنها مفعول به على إسقاط الجارّ، أي بعيون. وقد رد عليهما العلماء.

تنظر الجزولية ص 222 والتوطئة ص 314 والملخص لابن أبي الربيع 1/396 وشرح الجمل لابن عصفور 2/284 وشرح عمدة الحافظ ص 468 وشرح اللمحة 2/190 والهمع 1/251.

ص: 470

ومنه غَرَسْتُ الأَرْضَ شَجَراً، أصله غرست شجرَ الأرضِ

وإما نسبة الخبر إلى المبتدأ، نحو (زيدٌ أكثرُ مالاً) .

والأصل: مال زيد أكثر، ثم حول الإسناد إلى (زيد) ونصب (مالا) على التمييز ومثله (عمرو أطيب نفسا) ، أصله نفس عمرو أطيب1.

النوع الثاني غير المحوَّل، وهو الواقع بعد ما يفيد التعجب، نحو (لِلهِ دَرُّهُ فارِساً) و (ما أَحْسَنَه رَجُلاً) و (أحْسِنْ به أباً) .

تنبيه:

الناصب للتمييز الرافع لإبهام النسبة2 هو المسند من الفعل أو شبهه3.

خاتمة:

يجوز في التمييز الرافع لإبهام الاسم أن يجُرّ بإضافة ذلك الاسم إليه ك (شبر أرض) و (قفيز برٍّ)4. إلا أن يكون الاسم عددا، نحو (عشرين

1 قوله: (أصله نفس عمرو أطيب) ساقط من (ج) .

2 في (ب) : (لإجمال النسبة) .

3 هذا قول سيبويه والجمهور، وذهب ابن عصفور إلى أن العامل في تمييز النسبة الجملة التي انتصب الكلام عن تمامها.

ينظر الكتاب 1/204 - هارون والمقتضب 3/32 والأصول لابن السراج 1/222 والمقرب لابن عصفور 1/163 والارتشاف 2/377 والتصريح1/395.

4 قال الرضي في شرح الكافية 1/219: (إنما جازت، أي الإضافة، إيثارا للتخفيف) .

ص: 471

رجلا) أو مضافا، نحو (مثلها زبدا)1.

ويجوز أيضا أن تجرّه ب (مِنْ) ك (رطل من زيت) و (قفيز من برّ) 2 إلا في 40/ب العدد، كما تقدم.

وأما الرافع لإبهام النسبة 3 فلا يجر بالإضافة أصلا.

ويجر ب (مِنْ) في نحو (ما أحسنه رجلا) و (لله دره فارسا) 4 لا في5 نحو (ما أحسنه أدبا) و (طاب نفسا){فَجَّرْنَا الأَرْضَ} 7.

ص: التاسع المستثنى ب (ليس) أو ب (لا يكون) 8 أو ب (ما

1 امتنع الجر إذا كان الاسم مضافا لوجود المضاف إليه، لأنه لا يضاف اسم إلى اسمين بدون عطف، وإن حذف المضاف إليه فإنه لا يصح المعنى، إذ لا يقال: عندي مثل زبد. ينظر التصريح 1/397.

2 لأن التمييز في الأصل مقدر بمعنى (من) فيصح إظهارها إن صلح المعنى.

3 في (ب) : (لإجمال النسبة) .

4 أي يجرّ ب (من) إذا كان غير محول، فإن قوله:(ما أحسنه رجلا) ليس محولا عن المفعول، فيصح فيه ما أحسنه من رجل، وقوله:(لله دره فارسا) التمييز فيه فاعل في المعنى لكنه غير محول، فيصح فيه: لله دره من فارس.

5 في (أ) : (إلا في) والمثبت من (ب) و (ج) .

6 لم يصح الجر بمن هنا، لأن هذه الأمثلة محوَّلة، فقوله:(ما أحسنه أدبا) محول عن المفعول وأصله ما أحسن أدب زيد، وكذلك قوله تعالى:{وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} والمحول عن المفعول لا يجر بمن وقوله: طاب محول عن الفاعل صناعة، إذ أصله طابت نفسه، والمحول عن الفاعل لا يجوز جره أيضا.

7 من الآية 12 من سورة القمر.

8 سقط قوله (بليس) من (أ)، وفي (أ) و (ب) :(أولا يكون) وفي (ج) : (ولا يكون) والمثبت من الشذور ص 18.

ص: 472

خلا) أو ب (ما عدا) مطلقا.

ش: الباب التاسع من المنصوبات المستثنى. وهو المذكور بعد (إلا) أو إحدى أخواتها.

والمستثنى من حيث هو قد يكون منصوبا، وقد يكون غير منصوب، وقد ذكر هنا مع المنصوب غيره استيفاء للأقسام، وتتميما للفائدة.

والأدوات التي يستثنى بها ثمانية ألفاظ1.

حرفان وهما (إلَاّ) عند الجميع2 و (حاشا) عند سيبويه 3وفعلان، وهما (ليس) و (لا يكون) .

ومترددان4 بين الحرفية والفعلية5، وهما (خلا) و (عدا) 6 واسمان، وهما (غير) و (سوى) .

1 تنظر أدوات الاستثناء في التصريح 1/347 والاستغناء في الاستثناء للقرافي ص 29.

2 أي أن (إلا) حرف باتفاق العلماء.

3 في النسخ: (عند غير سيبويه) ولا يصح ذلك، لأن سيبويه هو الذي يقول بحرفية (حاشا) دائما، جاء في الكتاب 2/349- هارون:"وأما حاشا فليس باسم، ولكنه حرف يجر ما بعده، كما تجر (حتى) ما بعدها، وفيه معنى الاستثناء" وقال ابن هشام في أوضح المسالك 2/60: (وحاشا عند سيبويه) .

4 في (ب) : (ومتردد) .

5 في (ج) : (الفعلية والحرفية) .

6 فتارة ينصب ما بعدهما على أنهما فعلان، وتارة يجر ما بعدهما على أنهما حرفان وذلك إذا لم تسبقا ب (ما) . فإن سبقتا ب (ما) فهما فعلان، لأن (ما) مصدرية.

ص: 473

وبدأ بالكلام على المستثنى ب (ليس) وما ذكر معها في هذا الكلام لتعين نصبه على كل تقدير، وفي كل حال، على ما سنبينه، ولذلك قال:(مطلقا) فكان تقديمه أهمّ.

فأما المستثنى ب (ليس) و (لايكون) فهو واجب النصب، كقولك: قام القوم ليس زيدا ولا يكون زيدا.

وإنما وجب نصبه لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر فيهما عائد إما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، أي ليس هو أي1 القائم زيدا أو على البعض المدلول عليه بكلّه السابق، أي ليس هو أي بعض القائمين زيدا، والأول مذهب الكوفيين2، والثاني مذهب البصريين3.

واختلفوا في جملة الاستثناء 4، هل لها محل أم لا 5؟

فقيل: محلها النصب على الحالية 6.

1 سقطت كلمة (أي) من (ب) .

2 ينظر مذهبهم في شرح المفصل لابن يعيش 2/78 والتصريح 1/362.

3 وهو الأولى، لعدم اطراد مذهب الكوفيين، لأنه قد لا يسبق بفعل، نحو القوم إخوتك إلا زيدا. وينظر مذهب البصريين في الكتاب 2/337 والمقتضب 8/424 والارتشاف2/320.

4 أي جملة الاستثناء مع هذه الأدوات الأربع.

5 قوله: (أم لا) من (ب) والمناسب العطف هنا ب (أو) لأن السؤال ب (هل) .

6 هذا قول السيرافي، واقتصر عليه ابن عصفور في المقرب. وهناك أقوال أخرى في شرح المفصل لابن يعيش 2/79 والمقرب 1/173 وشرح الكافية للرضي 1/230 وشرح الأشموني 2/ 163.

ص: 474

وقيل: لا 1، لأنها مستأنفة 2، وصححه ابن عصفور 3.

وأما المستثنى ب (خلا) و (عدا) الواقعتين بعد (ما) فهو متعين النصب4 لتعين فعليتهما حينئذ، لأن (ما) مصدرية ولا يليها حرف جر.

وبعضهم5 قدّرها زائدة، فجوز الجر 6.

وهو شاذ7، لأنه لم يعهد زيادة (ما) قبل حروف الجر8، وإنما عهدت الزيادة9 بعدها.

وموضع (ما) وصلتها نصب بلا خلاف.

1 أي لا محل لها من الإعراب. وقد سقطت كلمة (لا) من (أ) ، وهي متعينة.

2 هذا اختيار أكثر العلماء، والمراد بالاستئناف هنا عدم تعلقها بما قبلها في الإعراب فقط لا المعنى. ينظر الارتشاف 2/319 والتصريح 1/363.

3 قال ابن عصفور في شرح الجمل 2/261: ".. بل هي جملة مستأنفة جاءت إثر جملة لتدل على الاستثناء.. ".

4 عند سيبويه وجمهور العلماء. ينظر الكتاب 2/349 والمقتضب 4/427 وشرح المفصل لابن يعيش 2/78 والتسهيل 105 وهمع الهوامع 1/233.

5 وهو الكسائي، ووافقه الجرمي والربعي والفارسي.

ينظر إيضاح الشعر للفارسي ص 33 والارتشاف 2/318 والهمع 1/233.

6 على أن (خلا) و (عدا) حرفا جر، و (ما) زائدة.

7 أي هذا القول شاذ، قال ابن هشام في المغني ص 179: "فإن قالوا ذلك بالقياس ففاسد لأن (ما) لا تزاد قبل الجار، بل بعده

وإن قالوه بالسماع فهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه ".

8 في (ب) : (حرف الجر) .

9 كلمة (الزيادة) ساقطة من (أ) و (ب) ، وأثبتها من (ج) .

ص: 475

وإن اختلفت، 41/أهل هو على الحال 1، أو على الظرفية على حذف مضاف2 فتقدير3 (قاموا ماعدا زيدا) أي مجاوزين زيدا، أو وقت4 مجاوزتهم زيدا.

ص: أو ب (إلا) بعد كلام تام موجب، أو غير موجب وتقدَّم المستثنى نحو:{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} 5 و (مالي إلا آل أحمدَ شيعَةٌ) .

ش: للمستثنى بإلا أحوال، لأنه6 تارة يكون الكلام تاما وتارة غير تام وإذا كان تاما فتارة يكون واجب النصب، وتارة يكون راجحه، وتارة يكون مرجوحه. وسنبين هذا كله إن شاء الله تعالى.

وقدم المصنف ذكر ما يجب نصبه.

فقوله: (أو بإلا) معطوف على قوله في الكلام السابق: (بليس) أي يجب نصب المستثنى بعد (ليس) وما ذكر معها مطلقا، وبعد (إلا) في حالتين7:

1 وبه قال السيرافي وابن عصفور في المقرب. ينظر المقرب 1/173 والمغني ص 179.

2 وهو قول بعض النحويين، ينظر الإيضاح لابن الحاجب 1/365 والمقتصد للجرجاني 2/718 وهناك قول ثالث، وهو أنها في محل نصب على الاستثناء انتصاب (غير) وهو قول ابن خروف. ينظر الارتشاف 2/318.

3 في (ب) : (بتقدير) .

4 في (ج) : (وقعت) وهو تحريف ظاهر.

5 من الآية 249 من سورة البقرة.

6 كلمة (لأنه) ساقطة من (أ) ، وأثبتها من (ب) و (ج)

7 في (أ) و (ب) : (حالين) ، والمثبت من (ج) .

ص: 476

الحالة الأولى أن يكون بعد كلام تام موجب.

والكلام التام1 هو الذي اشتمل على ذكر المستثنى منه.

والموجب هو الذي لم يسبق بنفي أو شبهه، وهو النهي2 والاستفهام.

ومثل له3 بقوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ} 4 ونحوه (قام القوم إلا زيدا) .

الحالة الثانية أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه، وهذا5 على قسمين: القسم الأول أن يكون الكلام موجبا، نحو (قام إلا زيدا القوم) فهذا واجب النصب6 باتفاق.

والقسم الثاني أن يكون الكلام غير موجب، نحو (ما قام إلا زيدا القوم) . ومنه ما مثل به المصنف، وهو قول كُميت بن زيد الأسدي7 يمدح بني هاشم وأهل البيت:

1 كلمة (التام) ساقطة من (ج) .

2 في (أ) : (النفي) والمثبت من (ب) و (ج) .

3 أي للتام الموجب لأن المستثنى منه في هذه الآية مذكور وهو (واو) الجماعة التي في الفعل (شربوا) والكلام مثبت لأنه لم يسبق بنفي أو شبهه.

4 من الآية 249 من سورة البقرة.

5 في (ج) فقط: (وهو) .

6 على الاستثناء، ولا يصح كونه بدلا، لأن البدل لا يتقدم على المبدل منه.

7 هو الكميت بن زيد بن الأخنس الأسدي، يكنى بأبي المستهل، وهو من شعراء الدولة الأموية، ولد سنة 60 هـ. وله قصائد مشهورة في مدح بني هاشم تسمى الهاشميات وتوفي سنة 126 هـ في خلافة مروان بن محمد. ينظر الشعر والشعراء 2/585 والخزانة 1/144.

ص: 477

65-

ومالي إلا آلَ أحمدَ شيعةٌ ومالي إلا مذهبَ الحقِّ مذهبُ1

فإن تقديم المستثنى وقع في كل من شطريه2.

وهذا واجب النصب أيضا3.

إلا أن بعضهم4 جوّز فيه تفريغ العامل له5، وجعل المستثنى منه بدلا6.

قال سيبويه7: "حدثني يونس أن قوما يوثق بعربيتهم8 يقولون:

1 البيت من الطويل، وهو من قصيدة طويلة في مدح بني هاشم، ينظر شرح الهاشميات ص 50. والبيت من شواهد المقتضب 4/398 وشرح المفصل 2/79 وشرح الألفية لابن الناظم ص 298 والعيني 3/111 والتصريح 1/355 وشرح الأشموني 2/149 والدرر اللوامع 3/161. والرواية في الهاشميات وبعض هذه المصادر (مشعب الحق مشعب) .

والشاهد نصب المستثنى وجوبا، لتقدمه على المستثنى منه.

2 في (أ) : (شرطيه) وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج) .

3 وهذا مذهب أكثر العلماء. ينظر المقتضب 4/397 وشرح المفصل لابن يعيش 2/79.

4 وهم الكوفيون والبغداديون.

ينظر معاني القرآن للفراء 1/168 والتصريح 1/355.

5 في (ج) : (تقديم العامل له) .

6 في (أ) : (وجعل المستثنى فيه إلا) . وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج) .

7 الكتاب 2/337- هارون ونص عبارته. (حدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون: مالي إلا أبوك أحدٌ، فيجعلون (أحدا) بدلا.

8 في (ب) : (بلغتهم) .

ص: 478

(مالي إلا أبوك ناصرٌ) فيجعلون ناصراً1 بدلا" انتهى.

وهو قليل، ولذلك لم يذكره الشيخ.

تنبيهان:

الأول: اقتصاره، في غير الموجب حيث تقدّم المستثنى الذي هو محل 41/ب الخلاف، على وجوب النصب، يفهم منه الوجوب في الموجب، والحالة هذه من باب الأولى.

ويجوز أن يكون معنى الكلام: يجب نصب المستثنى ب (إلا) بعد كلام تام موجب، سواء تقدم المستثنى، والبعدية حينئذ تقديرية2 أو لم يتقدم، والبعدية حينئذ حقيقية (أو غير موجب) إذا تقدم المستثنى. ولو حذف قوله:(أو غير موجب) وقال: (أو تقدم المستثنى) لوفَّى بما ذكر مع الاختصار.

التنبيه الثاني 3: إنما وجب نصب المستثنى من الموجب التام لأن التفريغ لا يجوز فيه، والإبدال لا يجوز لأن المبدل منه في حكم الساقط فيؤدي إلى التفريغ في الإثبات4 فلم يبق إلا النصب.

واختلف في الناصب للمستثنى.

1 قوله: (ناصرا) ساقط من (ج)، وبدله في (أ) :(أبوك) وهو خطأ، والمثبت من (ب) .

وينظر شرح الكافية الشافية 2/704.

2 مراده بالبعدية التقديرية كون المستثنى بعد كلام تام موجب تقديرا لأن المستثنى في الظاهر جاء قبل الكلام التام وليس بعده، نحو جاء إلا زيدا القوم.

3 ساقط من (أ) وبدله (ش) وهو سهو، وفي (ب) لم يذكر (التنبيه) والمثبت من (ج) .

4 والتفريغ في الإثبات لا يصح، لأنه لا يكون إلا مع النفي.

ص: 479

فقيل: هو (إلا) وهو مذهب المبرد1 والزجاج2، واختاره بعض المتأخرين3 واستدل له بما يطول ذكره.

وبه يُشعر قول المصنف في الاستثناء المفرغ: (فلا أثر لإلاّ) .

وقال الكسائي4: هو منصوب ب (أن) مقدرة، محذوفة الخبر5.

وقال البصريون العامل فيه6 الفعل المتقدم أو معنى الفعل بتوسط (إلا) .

1 الظاهر من قول المبرد في المقتضب أنه يرى أن الناصب للمستثنى هو الفعل المحذوف، و (إلا) دليل عليه، لأنه قال في المقتضب 4/390:"لما قلت: إلا زيدا، كانت (إلا) بدلا من قولك أعني زيدا، وأستثني فيمن جاءني زيدا، فكانت بدلا من الفعل.. ".

قال الشيخ عضيمة في الحاشية: "فمن نسب للمبرد بأن ناصب المستثنى عنده هو (إلا) يكون مخالفا لقول المبرد في كتابيه " أي المقتضب والكامل. وقد نسب له هذا القول أيضا ابن جني في الخصائص 2/276 وابن يعيش 2/76.

2 ينظر قول الزجاج هذا في كتابه معاني القرآن وإعرابه 2/141.

3 هو ابن مالك، وقد نسبه لسيبويه والمبرد.

ينظر قوله هذا مع أدلته في شرح التسهيل [ورقة 111 و112] .

4ينظر قوله هذا في الإنصاف 1/261 وشرح الكافية للرضي 1/226.

5 والأصل في ذلك عنده: (قام القوم إلا أن زيدا لم يقم) فأضمر (أن) وحذف خبرها. قال ابن عقيل في المساعد 1/556: "ورُدَّ بأن العرب لا تضمر (أن) وأخواتها وتبقي عملها لضعفها عن العمل".

6 كلمة (العامل) ساقطة من (ج) ، وهذا قول جماعة من البصريين، منهم السيرافي والفارسي، ونسبه ابن يعيش لسيبويه. ينظر الإيضاح العضدي 225 ص وشرح المفصل 2/76 وشرح الجمل لابن عصفور 2/52.

ص: 480

وقيل1: هو منصوب بأستثنى مضمرا.

ص: وغير الموجب إن ترك فيه المستثنى منه فلا أثر فيه2 ل (إلا) ويسمى مفرغا، نحو ما قام إلا زيد.

ش: لما فرغ من ذكر حكم الاستثناء3 من الكلام التام الموجب أخذ يتكلم على الاستثناء المفرغ، وهو مقابله من الوجهين، أعني أن اللفظ السابق عليه غير تام وغير موجب.

وسمّي مفرغا لأن ما قبل إلَاّ تفرَّغ4 للعمل فيما بعدها، كما سنبين. وغير التام هو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه.

وغير الموجب كما تقدم أن يتقدمه نفي أو نهي أو استفهام.

تقول في النفي: (ما قام إلا زيد) ، فترفع (زيد) ب (قام) و (ما رأيت إلا زيدا) فتنصبه ب (رأيت) و (ما مررت إلا بزيد) فتجره بالباء وصار الحكم معها كالحكم5 بدونها.

ومثال النهي {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاّ الْحَقّ} 6. ومثال الاستفهام {فَهَلْ 42/ب

1 هذا هو قول المبرد في المقتضب 4/390، ونسب للزجاج أيضا. ينظر الهمع 1/224.

2 ساقطة من (ج) .

3 في (ج) : (المستثنى) .

4 في (أ) : (قد يفرغ)، وفي (ج) :(لأن ما قبلها) . والمثبت من (ب) .

5 في (أ) : (الحكم منها كالحكم)، وفي (ج) :(كحكم) والمثبت من (ب) .

6 من الآية 171 من سورة النساء.

ص: 481

يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} 1.

ص: وإن ذكر، وكان الاستثناء متصلا فإتباعه للمستثنى منه أرجح نحو {مَا فَعَلُوهُ إِلَاّ قَلِيلٌ} 2. أو منقطعا فتَمِيم تجيز إتباعه إن صح التفريغ.

ش: ذكر في هذا الكلام ما كان نصبه مرجوحا، وما كان نصبه راجحا من المستثنى بإلَاّ.

فأما الأول فهو المستثنى من كلام تام، وإليه أشار بقوله:(وإن ذكر) أي المستثنى منه، بشرط أن يكون غير موجب. وهذا معلوم من كونه جعله قسما من غير الموجب. وأن يكون الاستثناء متصلا، كما صرح به، أي المستثنى من جنس المستثنى منه.

والأرجح إتباعه للمستثنى منه بدل بعض عند البصريين3.

وعطف نسق4 عند الكوفيين5.

1 من الآية 35 من سورة الأحقاف.

2 من الآية 66 من سورة النساء.

3 وهذا هو الراجح، لأن (إلا) لا تكون حرف عطف.

ينظر مذهب البصريين في الكتاب 2/311 والمقتضب 4/394 وشرح المفصل لابن يعيش 2/82 والهمع 1/224.

4 في (أ) : (عطف بيان) ، والمثبت من (ب) و (ج) ، وينظر التصريح 1/ 349.

5 ينظر معاني القرآن للفراء 1/89، 166 والإنصاف 1/266 وشرح الكافية للرضي 1/232. وقولهم: عطف نسق لأن (إلا) عندهم حرف عطف.

ص: 482

ونصبه على الاستثناء مرجوح، مع أنه عربي جيد1.

مثاله قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} 2 قريء بالرفع3 على الإبدال، وبالنصب4 على الاستثناء.

وأما الثاني، وهو ما كان النصب فيه راجحا فهو المستثنى من5 كلام تام غير موجب إذا كان منقطعا، أي المستثنى من غير جنس المستثنى منه، وصح فيه التفريغ.

ومعنى صحة التفريغ أن يمكن تسلّط العامل السابق (إلا) 6 على المستثنى7. نحو قوله:

66-

وبلدَةٍ ليسَ بها أنِيسُ

إلاّ اليَعافِيرُ وإلاّ العِيسُ8

1 فقد حكاه سيبويه عن يونس وعيسى عن بعض العرب الموثوق بعربيته.

ينظر الكتاب 2/319 - هارون ومعاني القرآن للفراء 1/166.

2 من الآية 66 من سورة النساء.

3 وهي قراءة القراء السبعة إلا ابن عامر.

تنظر السبعة لابن مجاهد 235 والمبسوط في القراءات العشر 157 والنشر 2/250.

4 وهي قراءة ابن عامر وحده من السبعة.

تنظر السبعة لابن مجاهد 235 ص وحجة القراءات ص 206 وإتحاف فضلاء البشر ص 192.

5 في (أ) : (عن) ، والمثبت من (ب) و (ج) وهو الأولى.

6 كلمة (إلا) ساقطة من (ب) .

7 مثل قراءة السبعة {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ اتِّبَاعَ الظَّنّ} بالنصب.

8 البيتان من الرجز، وهما لجران العود، واسمه عامر بن الحارث.

وما ذكره الشارح هو رواية سيبويه والنحويين، والرواية في الديوان هي:

بسابسا ليس به أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

وفيها شاهد أيضا. واليعافير هي الظباء، والعيس: هي الإبل البيض.

ينظر ديوانه ص 52 والكتاب 2/322- هارون ومجاز القرآن 1/137 والمقتضب 4/414 والإنصاف 1/271 وشرح المفصل 2/80 والعيني 3/107 والتصريح 1/353 والهمع 1/225 والخزانة 10/15. والشاهد في رفع المستثنى المنقطع وهو (اليعافير) على البدلية من المستثنى منه، وهو (أنيس) وذلك على لغة تميم.

ص: 483

فإن المستثنى منه، وهو (أنيس) يصح إسقاطه وتسليط عامله وهو (ليس) على ما بعد (إلا) وهو (اليعافير) .

والنصب فيه راجح عند تميم، وواجب عند الحجازيين1.

فإن فقد الشرط الأخير، وهو صحة التفريغ نحو (ما زادَ هذا المالَ إلاّ ما نَقَصَ) 2 إذ لا يصح أن يقال3:(زاد النقصُ) تعيّن النصبُ إجماعاً4.

ص: والمستثنى بغير وسوى مخفوض، وبخلا وعدا وحاشا مخفوض

1 ينظر في ذلك الكتاب 2/319 وشرح الكافية للرضي 1/228.

2 لا يصح التفريغ هنا، إذ لا يقال: زاد النقص، فلا يجوز البدل هنا، ف (إلا) هنا بمنزلة (لكن) ومن ذلك (ما نفع زيد إلا ما ضر) إذ لا يقال: نفع الضر.

ينظر الكتاب 2/326 وشرح المفصل 2/81 والتصريح 1/352.

3 في (ج) : (إذ لا يقال)

4 من الحجازيين والتميميين. قال ابن يعيش في شرح المفصل 2/ 81: "فهذا وأشباهه لا يجوز في المستثنى فيه إلا النصب على لغة بني تميم وغيرهم، لتعذر البدل ".

ص: 484

أو منصوب، وتعرب (غير) باتفاق 1، و (سوى) على الأصح إعراب المستثنى بإلا.

ش: أخذ يتكلم على حكم المستثنى ببقية الأدوات، وهي (غير) و (سوى) و (خلا) و (عدا) مجردتين عن (ما) و (حاشا) .

وذكر أنها كلها مشتركة في خفض 42/ب المستثنى بها، وأن الخفض واجب بعد (غير) و (سوى) 2 جائز بعد الثلاثة الأخر.

ولنبدأ بالكلام على المستثنى ب (غير) و (سوى) فنقول:

أما (غير) فالأصل فيها أن تقع صفة. وقد تخرج على الصفة وتتضمن معنى (إلا) فيستثنى بها3 اسم مجرور بها لإضافتها إليه. ولا تخرج عن الجر أصلا.

ويجب في لفظ (غير) أن يُعرب بما كان يعرب به المستثنى ب (إِلَاّ) وقد عرفت تفصيله.

فيجب نصب (غير) بعد الكلام التام الموجب، نحو قاموا غيرَ زيد، وفي التام غير الموجب الذي لا يصح تفريغه، نحو (ما نفعَ هذا المالَ غيرَ الضررِ)4.

1 كذا في النسخ وفي شذور الذهب ص 18 (اتفاقا) .

2 إنما وجب جر المستثنى بعد (غير) و (سوى) لأنه مضاف إليه فحكمه الجر دائما.

3 قوله: (بها) ساقط من (ج) .

4 ينظر التصريح 1/360.

ص: 485

ويترجح على الإبدال1 في التام الغير الموجب2 إذا كان منقطعا وصح التفريغ عند تميم نحو (ما فيها أحد غيرَ حمار) . ويتعين3 عند الحجازيين.

ويترجح الإبدال على النصب في الكلام التام غير الموجب، إذا كان الاستثناء متصلا نحو (ما قاموا غيرُ زيد) بالضم و (ما رأيتهم غيرَ زيد) بالنصب و (ما مررت بهم غيرِ زيد) بالجر4.

وأما (سوى) فالمستثنى بها كالمستثنى ب (غير) في وجوب خفضه أبدا.

وأما هي نفسها فقال سيبويه5 والجمهور6: هي منصوبة على

1 أي ويترجح النصب على الإبدال.

2 كذا في النسخ، ولا يصح إدخال (أل) على (غير) لتوغلها في الإبهام وقد أجازه بعضهم. قال الحريري في درة الغواص ص 55:"والمحققون من النحويين يمنعون من إدخال الألف واللام عليه". وذكر في تاج العروس 3/ 460 أن فيه خلافا حيث منعه قوم، وأجازه آخرون، بناء على أن (أل) فيه ليست للتعريف.

3 أي النصب. ينظر أوضح المسالك 2/70 وهمع الهوامع 1/231.

4 وبجب النصب عند أكثر النحاة في نحو (ما فيها غيرَ زيدٍ أحدٌ) إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه.

5 الكتاب 2/350- هارون. وهذا مذهب الخليل أيضا، قال سيبويه:"وأما (أتاني القوم سواك) فزعم الخليل رحمه الله أن هذا كقولك: أتاني القوم مكانك، وما أتاني أحد مكانك، إلا أنَّ في (سواك) معنى الاستثناء ".

6 ينظر المقتضب 4/349 والارتشاف 2/326 والتصريح 1/362.

ص: 486

الظرفية أبدا1 ولا تخرج عنها إلا في الشعر.

وقال الرماني2 والعكبري3: هي ظرف غالبا وكغير قليلا.

قال المصنف4: (وإلى هذا القول أذهب) .

1 بدليل وصل الموصول بها، نحو جاء الذي سواك، لأن (غير) لا تدخل في مثل هذا إلا وقبلها الضمير، تقول: جاء الذي هو غيرك. فلما صارت سوى صلة بغير ضمير ادعى أنها ظرف. راجع التصريح 1/362.

2 في شرحه على كتاب سيبويه. ينظر الرماني النحوي ص 446.

والرماني هو أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، كان من أئمة العربية في بغداد، وأخذ العلم عن الزجاج وابن السراج وابن دريد، وكان في عصر أبي علي الفارسي، صنف كتبا في العربية منها شرح كتاب سيبويه وشرح المقتضب والحدود ومعاني الحروف توفي سنة 384 هـ.

تنظر ترجمته في نزهة الألباء 233 وإنباه الرواة 2/294 ومعجم الأدباء 14/73وإشارة التعيين 221 وبغية الوعاة 2/180 وطبقات المفسرين 1/423.

3 في (ج) : (العنبري) وهو تحريف، والعكبري هو أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله محب الدين العكبري البغدادي الحنبلي. ولد ببغداد سنة 538 هـ، وتعلم فيها الفقه والنحو حتى برع في ذلك، وقد أخذ عن ابن الخشاب وابن بطة وغيرهما، وكان ثقة صدوقا، وقد أصيب بالعمى في صباه، فأخذ يملي كتبه إملاءً وله من الكتب التبيان في إعراب القرآن وإعراب الحديث وشرح الإيضاح واللباب والتبيين وغيرها مات- رحمه الله سنة 616 هـ.

ينظر إنباه الرواة 2/116 ونكت الهميان ص 178 وإشارة التعيين ص 163 وبغية الوعاة 2/38 وشذرات الذهب 5/67. وينظر قوله هذا في كتابيه شرح لامية العرب ص 16 والتبيين ص 419.

4 أي ابن هشام في أوضح المسالك 2/ 72.

ص: 487

وقال الزجاجي1 وابن مالك2: سوى كغير معنى وإعرابا فيستثنى بها اسمٌ مجرور بها، لإضافتها إليه، كما تقدم، وتعرب تقديرا بما يعرب به3 (غير) لفظا، خلافا لأكثر البصريين في ادعاء4 لزومها النصب على الظرفية، أي عدم التصرف.

قال ابن مالك5 رحمه الله: "وإنما اخترت غير ما ذهبوا إليه لأمرين: أحدهما إجماع أهل اللغة على أن6 معنى قولك7: قاموا

1 في (أ) و (ب) : (الزجاج) صوابه من (ج) .

وينظر قوله هذا في كتابيه معاني الحروف ص 10 والجمل ص 61، والزجاجي هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، لقب بذلك نسبة لشيخه الزجاج. تلقى علومه في بغداد على أبي إسحاق الزجاج وابن السراج والأخفش الصغير وابن دريد وغيرهم، وهو من العلماء الذين مزجوا المذهبين واختاروا منهما مذهبا وتعلم على يديه جماعة من العلماء، وألف كثيرا من الكتب، ومنها الجُمل الذي طارت شهرته في الآفاق، والإيضاح في علل النحو، والأمالي ومعاني الحروف، مات بطبرية سنة 340 على الراجح.

تنظر نزهة الألباء ص 227 وإنباه الرواة 2/160 وبغية الوعاة 2/77 وشذرات الذهب 2/357.

2 شرح الكافية الشافية 2/716 وتسهيل الفوائد ص 107.

3 في (ب) : (ويعرب تقديرا بما يعرب به) ، وكلمة (به) ساقطة من (ج) .

4 في (أ) : (الدعاء) وهو خطأ، صوابه من (ب) و (ج) .

5 شرح الكافية الشافية 2/716، مع اختلاف يسير في العبارة.

6 كلمة (أن) ساقطة من (ج) .

7 في شرح الكافية الشافية: (قول القائل) بدل (قولك) .

ص: 488

سواك، وقاموا غيرك، واحد. فإن أحدا لا يقول: إن (سوى) هنا عبارة عن مكان أو زمان وما لم يدل على مكان ولا زمان1 43/أفهو بمعزل عن الظرفية.

ثانيهما أن من حكم بظرفيتها حكم بلزومها إياها، وأنها لا تتصرف. والواقع في كلام العرب نثرا ونظما خلاف ذلك.

فإنها قد أضيف2 إليها، وابتدىء بها وعملت فيها نواسخ الابتداء ونحوها من العوامل اللفظية". انتهى.

وقد نُظر فيهما3 من أوجه4 ليس هذا موضع ذكرها. والله أعلم.

وأما المستثنى بخلا وعدا فهو مجرور أو منصوب، لكن جره قليل. والكثير هو النصب5.

فالجر على أنهما حرفان جاران متعلقان بالفعل أو معنى الفعل6، فموضعهما نصب7 والنصب على أنهما فعلان، والمنصوب مفعولهما، وفاعلهما ضمير عائد، إما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق،

1 في (ب) : (على الزمان ولا على المكان)، وفي (ج) :(على زمان ولا مكان) .

2 في (أ) : (أضيفت) ، والمثبت من (ب) و (ج) .

3 أي في هذين الأمرين اللذين احتج بهما ابن مالك.

4 تنظر هذه الأوجه في توضيح المقاصد للمرادي 2/117- 119.

5 ينظر أوضح المسالك 2/72 وهمع الهوامع 1/232.

6 تقول: (جاء القوم خلا زيدٍ) بالجر باعتباره حرف جر.

7 لأن المجرور بالحرف في الأصل مفعول به.

ص: 489

وإما على البعض المدلول عليه بكلّه1 السابق2. كما تقدم في (ليس) و (لا يكون) 3 والتقدير4 قاموا خلا هو أي القائم أو بعضهم زيدا. والجملة إما حالية أو مستأنفة5، على ما تقدم في جملة (ليس) و (لا يكون) 6 أيضا.

وأما المستثنى بحاشا فهو أيضا مجرور أو منصوب7.

فإذا جُر كان8 حرفا، وفي متعلقها ما تقدم في متعلق (خلا) و (عدا) لا فرق بينها وبينهما في شيء من ذلك. وإن افترقا من وجه آخر،

1 في (ج) : بكلية، وهو تحريف.

2 وهذا مذهب جمهور البصريين. ينظر التصريح 1/362.

3 تقدم ذلك في ص 482.

4 أي في قولك: قاموا خلا زيدا.

5 ينظر شرح الجمل لابن عصفور 2/261 والارتشاف 2/ 319.

6 في (ب) : كما تقدم في جملة و (لا يكون) .

7 هذا على قول جماعة من النحويين منهم أبو زيد والجرمي والمازني والفراء والمبرد وهو أن (حاشا) تستعمل حرفا فتجر ما بعدها، وفعلا جامدا فينصب ما بعدها. وهذا هو الراجح لما روي من قولهم:(اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبغ) فاستعملت هنا فعلا جامدا. أما سيبويه والفارسي فهي عندهما حرف جر دائما، فما بعدها مجرور بها.

ينظر الكتاب 2/349 والمقتضب 4/391 والإيضاح العضدي ص230 والارتشاف 2/317 والهمع 1/233.

8 في (ج) : (كانت) . أي (حاشا) .

ص: 490

قال سيبويه3: "لو قلت: (أتوني ما حاشا زيدا) لم يكن كلاما".

وقد أجازه بعضهم4 على قلّة.

قال ابن مالك: (وربما قيل: ما حاشا)5.

واستشهد على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "أسامةُ أحبّ الناس إليَّ، ما حاشا فاطمةَ" 6 وقول الشاعر:

67-

رأيتُ الناسَ مَا حاشَا قريشًا

فإنّا نحنُ أفضلُهم فَعَالا7

1 هذا مذهب سيبويه والجمهور، حيث يرون عدم صحة دخول (ما) على (حاشا) ينظر الكتاب 2/350 والهمع 1/233.

2 في (ب) : (بخلاف خلا) .

3 الكتاب 2/350- هارون. وقوله: (قال سيبويه) ساقط من (ج) .

4 وهو الكسائي والأخفش وابن مالك.

ينظر التسهيل ص 106 وشرح الرضي 1/244 والارتشاف 2/318.

5 تسهيل الفوائد ص 106 وشرح التسهيل [الورقة 118/ ب] .

6 الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند عن ابن عمر 2/96 والطبراني في المعجم الكبير 1/ 159. وصححه السيوطي في الجامع الصغير، رقم 1/39.

لكن ابن هشام قال في مغني اللبيب ص 164 (إن (ما) نافية، والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام لم يستثن فاطمة، وتوهم ابن مالك أنها (ما) المصدرية و (حاشا) الاستثنائية، بناء على أنه من كلامه عليه الصلاة والسلام. ويرده أن في معجم الطبراني:(ما حاشا فاطمة ولا غيرها) . انتهى.

فيكون قوله: (ما حاشا فاطمة ولا غيرها) من كلام الراوي، وليس من الحديث.

7 البيت من الوافر، وينسب للأخطل التغلبي، وهو في ديوانه ص 164.

ما حاشا: أي أستثني،، الفعال: بفتح الفاء الأفعال الحسنة.

وقد ورد البيت في الجنى الداني ص565 ومغني اللبيب ص 164 والمساعد 1/586 والعيني 3/136 والتصريح 1/365 والهمع 1/233 والأشموني 2/165 وخزانة الأدب 3/387.

والشاهد فيه: دخول (ما) المصدرية على (حاشا) الاستثنائية ونصب ما بعدها.

ومفعول (رأى) الثاني محذوف، أي: دوننا، وأجيب بأن هذا شاذ.

ص: 491

ص: والبواقي 1 خبر (كان) وأخواتها وخبر (كاد) وأخواتها، ويجب كونه مضارعا، مؤخرا عنها، رافعا لضمير أسمائها 2، مجرداً من (أنْ) بعد أفعال الشروع ومقرونا بها بعد (حَرَى) و (اخْلولق) وندر تجرد خبر (عسى) و (أوشك) 43/ب واقتران خبر (كاد) و (كرب) .

وربما رفع السببي بخبر (عسى) 3 ففي قوله: (وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده) فيمن رفع (جهده) شذوذان.

ش: اشتمل هذا الكلام على العاشر والحادي عشر من المنصوبات.

وهما خبر (كان) وأخواتها وخبر (كاد) وأخواتها.

فأما خبر (كان) وأخواتها فهو المسند إلى اسمها بعد دخولها، نحو كان زيد عالما وأصبح عمرو قائما وأمسى بكر فاضلا ولايزال قصدك ناجحا.

1 في (ج) : (والباقي) .

2 في النسخ: (اسمها) وما أثبته من شذور الذهب ص 18.

3 في (ج) : (عيسى) وهو تحريف.

ص: 492

وله أحكام منها أنه يجوز توسطه بين هذه الأفعال وبين أسمائها مطلقا1 نحو قوله تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} 2 وقول الشاعر:

68-

لا طيب للعيشِ مادامَتْ منَغَّصةً

لذاتُهُ بادِّكار الموت والهرم3

اللهم4 إلا أن يمنع مانع من ذلك، نحو {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} 5.

1 على الصحيح من أقوال العلماء، خلافا لابن درستويه في (ليس) ولابن معط في (دام) فإنه منع تقدم خبرها على اسمها أيضا.

ينظر (الفصول الخمسون) ص 181 والارتشاف 2/86.

2 من الآية 47 من سورة الروم.

3 البيت من البسيط، ولم أجد من نسبه لقائله.

ادكار أصلها: اذدكار، قلبت الذال دالا وأدغمت في الدال، وفي (ج) : باذكار.

والبيت من شواهد شرح عمدة الحافظ ص204 وتوضيح المقاصد1/289 والمساعد 1/261 وشفاء العليل 1/313 والعيني 2/20 والتصريح 1/187 والهمع 1/117 وشرح الأشموني 1/ 232.

والشاهد فيه توسط خبر (دام) وهو (منغصة) بينها وبين اسمها، وهو (لذاته) .

4 قوله: (اللهم) ساقط من (ج) .

5 من الآية 35 من سورة الأنفال، وفي (ج)(وكانت) وهو خطأ، والمانع من تقديم الخبر هنا هو قصد حصر الخبر. ومن الموانع أيضا خفاء إعرابهما، نحو (كان موسى فتاك) .

ص: 493

ومنها أنه يجوز تقديمه1 على هذه الأفعال2 إلا خبر (دام) فلا يجوز تقديمه على (ما) المقترنة بها3 بالاتفاق4.

وأما توسطه بينهما5 ففيه خلاف6، والصحيح المنع7.

وإلا خبر (ليس) فلا يجوز عند جمهور البصريين8.

1 أي تقديم خبر هذه الأفعال عليها، نحو قائما كان زيد، وهذا قول البصريين وهو الراجح. ينظر التصريح1/ 188.

2 في (أ) : (هذه الأخبار) وهو سهو، صوابه من (ب) و (ج) .

3 في (ج) : (على (ما) المصدرية) .

4 حكى أبو البركات بن الأنباري الإجماع على ذلك، فقال في أسرار العربية ص 140:"وأجمعوا على أنه لا يجوز تقديم خبر (مادام) عليها، وذلك لأن (ما) فيها مع الفعل بمنزلة المصدر ومعمول المصدر لا يتقدم عليه ". وحكاه أيضا ابن مالك في شرح العمد ص 206.

5 أي توسط الخبر بين (ما) و (دام) نحو (ما قائما دام زيد) .

6 نص على منعه ابن هشام الخضراوي وابن الناظم، وقال أبو حيان في الارتشاف

2/87: " والقياس يقتضي الجواز.. إلا إن ثبت أن (دام) لايتصرف فيتجه المنع" وينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 134 والتصريح 1/188.

7 لأنه ليس من أساليب العرب ولم يؤثر عنهم.

8 أي لا يجوز تقديم خبر (ليس) عليها، وهو قول الكوفيين وكثير من البصريين منهم المبرد وابن السراج والجرجاني، واختاره ابن مالك، وذلك قياسا على (عسى) بجامع عدم التصرف فيهما. تنظر الأصول 1/89 والمقتصد 1/408 والإنصاف 1/160 وشرح عمدة الحافظ ص 208 والهمع 1/ 117

ص: 494

واستدل لهذا الحكم1 بقوله تعالى: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} 2 لأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل3.

ومنها أن معموله4 يجوز أن يلي هذه الأفعال5 إن كان ظرفا أو مجرورا باتفاق فإن لم يكن أحدهما امتنع عند جمهور البصريين6، وجاز عند الكوفيين7.

1 في (أ) : (واستدل هذا الحديث) وهو خطأ والمثبت من (ج) .

وجواز تقديم خبر (ليس) عليها هو مذهب قدماء البصريين والفراء والسيرافي والفارسي وابن برهان والزمخشري وابن عصفور.

ينظر الإيضاح للفارسي ص 138 وشرح اللمع لابن برهان 1/58 وشرح المفصل 7/114 وشرح الجمل لابن عصفور1/388 والارتشاف 2/87.

2 من الآية 177 من سورة الأعراف. وهذه الآية شاهد للحكم الثاني، وهو جواز تقديم خبر (كان) عليها. وشاهد تقديم خبر (ليس) عليها هو قوله تعالى:{أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} فإن (يوم) في الآية ظرف معمول لمصروف الواقع خبرا لليس وقد تقدم عليها، وتقدم المعمول يشعر غالبا بتقدم العامل. وأجيب بأن المعمول هنا ظرف فيتوسع فيه.

ينظر شرح الكافية للرضي 2/297.

3 من قوله: (واستدل) إلى هنا ساقط من (ب) .

4 أي معمول خبر هذه الأفعال، نحو كان عندك زيد معتكفا.

5 كلمة (الأفعال) ، ساقطة من (ج) ، والمراد بالأفعال (كان) وأخواتها.

6 لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي. ينظر التصريح 1/189.

7 ينظر قول الكوفيين ودليلهم في شرح الكافية الشافية لابن مالك 1/403.

ص: 495

وأما خبر (كاد) وأخواتها فهو1 مثل خبر (كان) إلا أنه اختص2 باعتبار أمور زائدة فيه ولذلك3 أفرد بباب.

فمنها أنه يجب كونه جملة، وشذ مجيئه مفردا بعد (عسى) و (كاد)4.

وأن تكون الجملة فعلية، وشذ كونها اسمية بعد (جعل)5.

وأن يكون فعل هذه الجملة مضارعا، وشذ كونه ماضيا بعد (جعل) 6. وإلى ذلك كله أشار المصنف رحمه الله بقوله:(ويجب كونه مضارعا) .

ومنها أنه لا يجوز تقديمه على شيء من هذه الأفعال7.

1 في (ج) : (فإنه) .

2 ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .

3 في (ب) : (أمور زائدة فلذلك) .

4 مثال إفراد الخبر بعد (عسى) المثل المشهور (عسى الغوير أبؤسا) ومثاله بعد (كاد) قول الشاعر:

فأبت إلى فهم وما كدت آيبا

ينظر التصريح1/203.

5 كقول الشاعر:

وقد جعلت قلوص بني سهيل

من الأكوار مرتعها قريب

6 ومن ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه: "فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا". ف (أرسل) خبر (جعل) وهو فعل ماض.

ينظر شرح الكافية الشافية 1/452 والتصريح 1/205.

7 قوله: (شيء من) ساقط من (ج) .

ص: 496

ومقتضى كلامه جواز توسطه بينها وبين 44/أأسمائها مطلقا، وهو مذهب المبرد1 والسيرافي2 والفارسي3.

ومنعه الشلوبين4 فيما اقترن فيه الخبر بأنْ.

ومنها أنه يجب أن يكون فاعل هذا المضارع ضميرا يعود على اسمها ولا يخرج عن ذلك من جميع هذه الأفعال إلا (عسى) فإنه يجوز فيها5 خاصة أن يرفع خبرُها السببيَّ.

والمراد به الظاهر المتصل بضمير اسمها، نحو قول الشاعر:

69-

وماذا عسى الحَجّاجُ يبلغُ جُهدَُه6

.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..

1 المقتضب 3/ 70- 72.

2 هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، السيرافي، كان من أعلم الناس بالنحو قرأ على ابن مجاهد وابن السراج وابن دريد ومبرمان، ومن تلاميذه ابن خالويه والربعي وابن النديم، ألف كتبا نافعة أهمها شرح كتاب سيبويه لم يسبق إلى مثله وله أيضا الإقناع وأخبار النحويين البصريين. توفي سنة 368 هـ.

تنظر نزهة الألباء ص 227 ومعجم الأدباء8/145 وإشارة التعيين ص 93 وبغية الوعاة 1/507 ولم أجد قوله هذا في شرح الكتاب، وقد نسبه له أبو حيان في ارتشاف الضرب 2/122 وابن هشام في أوضح المسالك 1/235.

3 ينظر الإيضاح العضدي ص 118.

4 أي منع تقدم الخبر لضعف هذه الأفعال لعدم تصرفها، ولم أجد هذا القول في التوطئة، وينظر الارتشاف 2/ 122.

5 في (ج) : (فيه) .

6 صدر بيت من الطويل، وقائله البرج التميمي على الصحيح يقوله في الحجاج بن يوسف. وعجزه:

....................................

إذا نحن جاوزنا حفير زياد

وقد نسبه المبرد لمالك بن الريب، ونسبه العيني للفرزدق وهو في ديوانه 1/160.

ينظر الكامل 2/630 ومعجم البلدان 2/277 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/114 والعيني 2/180 والتصريح 1/205 والهمع 1/ 131 وشرح الأشموني 1/264.

والشاهد فيه رفع خبر (عسى) الاسم الظاهر، وهو (جهده) على رواية الرفع، على أنه فاعل للفعل (يبلغ) وهو واقع في جملة خبر (عسى) وذلك سائغ في (عسى) خاصة.

جهده: الجهد الطاقة والوسع، حفير زياد: اسم موضع بين الشام والعراق.

ص: 497

يروى بنصب (جهده) على الأصل، وبرفعه على خلاف الأصل، لاتصاله بضمير اسمها، وإلى ذلك أشار الشيخ بقوله:(وربما رُفع السببي بخبر عسى) .

وقوله: (ففي قوله..) إلى آخره.

الشذوذان هما تجرد خبر (عسى) من (أن) ورفعه السببي. والله أعلم.

ومنها وجوب اقترانه ب (أن) إن كان الفعل (حَرَى) 1 أو (اخْلولق) 2 نحو حرى زيد أن يأتي، واخلولقت السماء أن تمطر. فلا يجوز (حرى زيد يأتي) و (اخلولقت السماء تمطر)3.

(حَرى) بفتح الحاء والراء، وقيل إنه من باب (فرح) وهو فعل دال على الرجاء، ينظر تعليق الفرائد 3/284. والتصريح 1/203.

2 وذلك لأنهما للترجي، وهو يتراخى حصوله فاحتيج إلى (أن) المشعرة بالاستقبال.

3 من قوله: (فلا يجوز) إلى آخره ساقط من (ج) .

ص: 498

ومنها وجوب تجرده من (أن) في أفعال الشروع1.

والحكمة2 في ذلك أن (أَنْ) تخلّص الفعل للاستقبال، والشروع للحال فبينهما تناف. فتقول: أخذ يقول، وشرع ينشد.

ولا يجوز أخذ أن يقول، ولا [شرع] 3 أن ينشد.

وأما الأفعال الأربعة الأخر، وهي عسى وأوشك وكاد وكرب، فإن الكثير في الأولين منها الاقتران، نحو {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} 4 وقوله:

70-

فإنك مُوشك ألا تراها

.. .. .. 5

والتجرد6 قليل، كقوله:

1 أفعال الشروع كثيرة جدا، منها (أنشأ) و (شرع) و (طفق) و (جعل) و (علق) .

ينظر التصريح1/203.

2 في (أ) : (والفعل) وهو سهو صوابه من (ب) و (ج) .

3 سقطت من النسخ، وهي متعينة.

4 من الآية 8 من سورة الإسراء.

5 صدر بيت من الوافر، وهو من قصيدة لكثير عزّة، وعجزه:

..................................

وتعدو دون غاضرة العوادي

غاضرة اسم جارية من جواري ابنة عبد العزيز بن مروان، العوادي: عوائق الدهر.

ينظر ديوان كثير عزَّة ص 220.

والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/460 والارتشاف 2/126 والعيني 2/205 والتصريح 1/208 والهمع 1/129 وشرح الأشموني 1/265.

والشاهد فيه اقتران خبر (موشك) بأن في قوله: (ألاّ تراها) وهذا هو الكثير.

6 أي تجرد خبر (عسى) و (أوشك) من (أن) .

ص: 499

71-

عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب1

وقوله:

72-

يوشك من فرمن منيّته

في بعض غراته يوافقها2

وفي الأخيرين3 يقل الاقتران، نحو قول الشاعر:

73-

كادت النفس أن تفيض عليه4

..................................

1 البيت من الوافر، وهو لهدبة بن الخشرم العذري، من قصيدة قالها وهو في سجن معاوية، ولذلك قصة طويلة ذكرها المبرد في الكامل 3/1452.

والبيت من شواهد سيبويه في الكتاب 3/159 هارون والمقتضب 3/70 والإيضاح 120 وشرح المفصل 7/117 والمقرب 1/98 والمغني ص 203 والعيني 2/184 والتصريح 1/206 والخزانة 9/328، وينظر شعر هدبة ص 59.

والشاهد تجرد خبر (عسى) وهو (يكون وراءه فرج قريب) من (أن) وذلك قليل.

2 البيت من المنسرح، وقائله أمية بن أبي الصلت. ديوانه ص 421.

غراته: جمع غرة وهي الغفلة، يوافقها: يصيبها. والبيت من شواهد سيبويه 3/161 والأصول 2/208 وشرح المفصل 7/126 وشرح الكافية الشافية 1/456 وأوضح المسالك 1/225 والعيني 2/178 والهمع 1/130 وشرح الأشموني 1/262. والشاهد فيه تجرد خبر (يوشك) من (أن) وهو قليل.

3 وهما (كاد) و (كرب) .

4 صدر بيت من الخفيف، وهو لمحمد بن مناذر أحد شعراء البصرة يرثي عبد المجيد الثقفي وعجزه:

....................................

إذْ غدا حشو ريطة وبرود

ونسبه ابن السيد في الاقتضاب لأبي زبيد الطائي، وليس موجودا في شعره.

يقال: فاضت نفسه بالضاد والظاء لغتان حكاهما في اللسان 7/454 (فيظ) .

ريطة: قطعة من الثياب، وأراد بها هنا الكفن.

ينظر الاقتضاب 3/246 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/118 والمغني ص 868 والمساعد 1/295 والعيني 2/192 والتصريح 1/207 وشرح الأشموني 1/261.

والشاهد اقتران خبر (كاد) بأن، وهو قليل.

ص: 500

وقوله:

74-

.. .. ..

وقد كربت أعناقها أن تقطعا1

ويكثر التجرد2، نحو قوله تعالى:{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} 3 {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} 4 وقوله:

75-

كَرَبَ القلب من جواه يذوب

حين قال الوشاة هند غضوب5

1 عجز بيت من الطويل، وقائله أبو زيد الأسلمي من قصيدة يهجو فيها والى المدينة وصدره:

سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما

.....................................

ينظر الكامل 1/244 وشرح الألفية لابن الناظم ص 157 والمقرب 1/99 وأوضح المسالك 1/228 والمساعد 1/296 والأشمونى 1/262 والدرر اللوامع 2/143.

والشاهد فيه اقتران خبر (كرب) بأن، وهو قليل.

2 في (ب) : (ويكثر الجمود لتجرد) ، ولا معنى له هنا.

3 من الآية 35 من سورة النور.

4 من الآية 8 من سورة الملك.

5 البيت من الخفيف، وقائله الكلحبة اليربوعي، وقيل: رجل من طيء، ولم يرد الشطر الثاني في (أ) و (ج) ، وأثبته من (ب) .

وهو من شواهد شرح الشذور لابن هشام ص 272 وشفاء العليل 1/344 والعيني 2/189 والتصريح1/207 والهمع 1/130 والأشموني 1/262.

والشاهد فيه تجرد خبر (كرب) من (أن) وهو الغالب فيها.

ص: 501

تنبيهات:

الأول: استغنى المصنف رحمه الله تعالى1 عن التصريح باشتراط كون الخبر جملة فعلية، باشتراط 44/ب كونه مضارعا، لاستلزامه لها، لأن الفعل لابد له من فاعل.

الثاني: استثناء رفع خبر (عسى) السببي ساقط2 في بعض النسخ وثابت في كثير منها، وهي النسخة التي شرحُنا عليها، وعبارته فيه أحسن من عبارة التوضيح حيث قال:"ويجوز في (عسى) خاصة أن ترفع السببي"3. فإن الرافع له خبرها4 لا هي.

الثالث: ذكر المصنف وغيره من النحاة أن هذه الأفعال ناقصة5 وظاهر مذهب سيبويه6 رحمه الله تعالى أنها تامة، وأن (أن) والفعل

1 كلمة (تعالى) زيادة من (ج) .

2 في (ب) : (استغناء رفع خبر عسى ساقط) ، وفيه تحريف وسقط.

3 أوضح المسالك 1/221.

4 في (أ)(تجردها) ، وهو تحريف. والمثبت من (ب) و (ج) .

5 في (أ) : (ماضيه) وهو تحريف. وهذا مذهب المتأخرين من العلماء كابن مالك وغيره. ينظر شرح الكافية الشافية 1/450.

6 صريح مذهب سيبويه أن هذه الأفعال ناقصة مثل (كان)، وقد مثل للمسألة بقوله:"اخلولقت السماء أن تمطر، وعسيت أن تفعل". ثم قال: "فالفعل ههنا كالفعل في كان إذا قلت: كان يقول، وهو في موضع اسم منصوب بمنزلته ثَمّ، وهو ثَمّ خبر كما أنه ههنا خبر.. ". ينظر الكتاب 3/158-160.

ص: 502

بعدها منصوب على إسقاط الخافض.

ولعل ذلك إنما هو لأجل أَنَّ جعلهما خبرا عنها لا يستقيم إلا بتقدير المبالغة أو حذف المضاف، لأن قولنا:(عسى زيد أن يقوم) إذا جعلنا (أنْ) والفعل فيه خبرا عن (زيد) يلزم منه الإخبار عن الذات بالمعنى، وهو ممتنع فيحتاج إلى التأويل المذكور، وهو إما المبالغة بجعل (زيد) نفس القيام وإما بتقدير مضاف وكأنه قيل: عسى أمر زيد القيام1.

إذا علمت ذلك، فلا تكون هذه الأفعال على مذهب سيبويه ملحقة بكان2 لأن (أن) والفعل معها ليسا خبرا عنها.

وقال الشيخ بدر الدين بن مالك3 رحمه الله تعالى: "والحق أن

1 أو (عسى زيد صاحب قيام) ينظر مغني اللبيب ص 201، 202.

2 وعلى هذا الرأي يكون ما بعد هذه الأفعال منصوبا بنزع الخافض.

3 هو محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك، الإمام بدر الدين بن الإمام جمال الدين الطائي الجياني الشافعي، كان إماما في النحو والمعاني والعروض والمنطق، أخذ عن والده النحو واللغة والمنطق، سكن بعلبك مدّة ثم رجع إلى دمشق، وتصدر للاشتغال بها بعد موت والده. ومن تلاميذه بدر الدين بن جماعة وابن الزملكاني، وله من المؤلفات شرح الألفية وشرح لامية الأفعال وتكملة شرح التسهيل وكتاب في العروض، وغيرها. توفي بدمشق سنة 686 هـ.

تنظر ترجمته في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/198 وبغية الوعاة 1/225 وشذرات الذهب 5/398 والأعلام 7/31.

ص: 503

أفعال المقاربة ملحقة ب (كان) إذا لم يقترن الفعل بعدها ب (أن) دون ما إذا اقترن" 1. انتهى.

ووجهه أن الجار يطرد حذفه قبل (أنْ) 2 فقوي مذهب سيبويه به3 إذا اقترن الفعل ب (أن)، دون ما إذا لم يقترن بها. ص: وخبر ما حمل على (ليس) .

ش: الثاني عشر من المنصوبات خبر ما حمل على (ليس) وهي الأحرف الأربعة المتقدم ذكرها في المرفوعات، أعني (لات) ، و (لا) و (ما) الحجازية و (إن) النافية. وتقدم هناك سبب حملها على (ليس)4.

وينبغي أن يعلم هنا أن الباء تزاد بكثرة في خبر (ما) الحجازية بلا خلاف 5.

وفي خبر التميمية على الأصح 6، نحو قوله تعالى:45/أ {وَمَا رَبُّكَ

1 شرح الألفية لابن الناظم ص 155.

2 في (أ) و (ج) : (بعد أن) وهو سهو والمثبت من (ب) .

3 في (أ) : (بعدي مذهب سيبويه) وهو تحريف، وكلمة (به) ساقطة من (أ) و (ج) وقد ذكرت فيما سبق أن سيبويه يرى أن أفعال المقاربة ناقصة، وليس كما ذكر الشارح.

4 وهو مشابهتها لها في نفي الحال غالبا.

5 ينظر الارتشاف 2/117 والهمع 1/127.

6 خلافا للفارسي والزمخشري حيث منعا زيادة الباء في خبر (ما) التميمية. قال المرادي في توضيح المقاصد 1/316: "والصحيح الجواز لوجود ذلك في أشعار بني تميم ". وينظر البغداديات للفارسي ص 284 والمفصل للزمخشري ص 82.

ص: 504

بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} 1 وتزاد بقلة في خبر (لا) نحو قوله:

76-

فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغنٍ فتيلاً عن سوادِ بن قَارِبِ2

والله أعلم.

ص: واسم (إن) وأخواتها. وإن قرنت ب (ما) المزيدة ألغيت وجوبا إلا (ليت) فجوازا. وتُخفَّف ذوات النون 3. منها فتلغى (لكن) وجوبا [وكأن قليلا] 4 و (إنَّ) غالبا، ويغلب معها مهملةً اللام وكون الفعل التالي لها ناسخا، ويجب استتار اسم (أنَّ) وكون خبرها جملة، وكون الفعل [بعدها] 5 دعائيا أو جامدا أو مفصولا بتنفيس أو نفي أو شرط6 أو قد أو لو. ويغلب ل (كأنَّ) ما وجب ل (أَنَّ) إلا أن الفعل

1 من الآية 123 من سورة هود، وكذلك الآية 93 من سورة النمل.

2 البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب الدوسي، رضي الله عنه من قصيدة يخاطب بها الرسول صلى الله عليه وسلم.

والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية لابن مالك 1/440 وشرح الألفية لابن الناظم ص 148 وتوضيح المقاصد للمرادي 1/316 والمغني ص 548 والعيني 2/114 والتصريح 1/201 وشرح الأشموني 1/251 والدرر اللوامع 2/126.

والشاهد دخول الباء الزائدة على خبر (لا) العاملة عمل ليس، وذلك قليل.

3 في (أ) : (وتخفف النون)، وفي (ب) :(أو تخفيف ذوا) ، والمثبت من ج.

4 سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 19.

5 في النسخ: (معها) والمثبت من الشذور.

6 قوله: (أو شرط) ساقط من (أ) و (ب) ، وأثبته من (ج) والشذور.

ص: 505

بعدها [دائما] 1 خبري مفصول بقد أو لم 2 خاصة.

ش: الباب الثالث عشر من المنصوبات اسم (إنَّ) وأخواتها وهي (أَنَّ) و (لكنَّ) و (كأنَّ) و (ليت) و (لعلَّ) .

وذكر الشيخ رحمه الله لهذه الأحرف حالتين، وأردف كل حالة منهما ببيان حكمها.

فأما الحالة الأولى فهي اتصال (ما) المزيدة بهذه الأحرف.

وحكمها أنها تلغى، أي يبطل عملها.

ولهذا سميت (ما) هذه كافة لأنها كفَّت ما اتصلت به من الأحرف عن العمل. وهذه الأحرف بالنسبة إلى هذا الإلغاء3 على قسمين:

قسم يلغى وجوبا، وهو ماعدا (ليت) .

وذلك لأنها قد أزالت اختصاصه بالأسماء4، فوجب إهماله.

وقسم يلغى جوازا، وهو (ليت) .

وذلك لأن (ليت) لم يَزُل اختصاصها5 بالأسماء بسبب اتصال (ما) بها6.

1 سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 19.

2 في (أ) : (لو) ، صوابه من (ب) و (ج) والشذور.

3 في (أ) و (ج) : (الأفعال) ولا معنى لها هنا، وما أثبته من (ب) .

4 فصح دخولها على الأسماء والأفعال، فتكون غير مختصة، والحرف إذا كان غير مختص لا يعمل.

5 في (ج) : (اخصاصها) وهو تحريف.

6 كلمة (ما) ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .

ص: 506

وإنما جاز إلغاؤها نظرا إلى أن (ما) كافة في الجملة.

هذا مذهب سيبويه1، وهو الصحيح.

وقيل2: إلغاؤها كلها على سبيل الجواز، وهو ضعيف.

مثال ما عدا (ليت) : {قُل إِنّما يُوحَى إليّ أَنّما إلهُكم إلهٌ واحِدٌ} 3، وقوله:{كأَنّما يُساقُون إلى الموتِ وهُم ينظُرُون} 4.

وقول الشاعر:

77-

.... ...................

ولكنَّما يُقْضَى فَسوْف يكون5

1 قال في الكتاب 2/137- هارون: (وأما ليتما زيدا منطلق، فإن الإلغاء فيه حسن) .

وينظر الكتاب 2/138 و3/116 وشرح الجمل لابن عصفور 1/433 وهمع الهوامع 1/143.

2 هذا قول ابن السراج والزجاجي والزمخشري وابن مالك، تنظر الأصول 1/232 والجُمَل للزجاجي ص 304 والمفصل ص 293 والتسهيل ص 65.

3 من الآية 108 من سورة الأنبياء.

4 من الآية 6 من سورة الأنفال. ولم تكمل الآية في (أ) و (ب)، ثم كرر ذكرها في (ب) بعد قوله:(وقول الشاعر) .

5 عجز بيت من الطويل، وصدره:

فوالله ما فارقتكم قاليا لكم

...................................

وقد نسبه صاحب الدرر اللوامع للأفوه الأودي، ولم أجده في ديوانه الذي جمعه الميمني، وفي معجم البلدان أنه لأبي المطواع بن حمدان، في وصف دمشق.

ينظر معجم البلدان 2/467 وأوضح المسالك 1/249 وشرح قطر الندى ص 149 والعيني 2/315 وشرح الأشموني 1/284 والدرر اللوامع 2/40. ولم يرد هذا الشاهد في (ب) .

وهذا البيت استشهد به الشارح على إلغاء عمل (لكنّ) لاتصالها ب (ما) . وهذا خلاف الظاهر، لأن (ما) هذه اسم موصول وليست كافّة، وهي اسم (لكن) وخبرها جملة (فسوف يكون) والصحيح أن يستشهد لذلك بقول الشاعر:(ولكنما أسعى لمجد مؤثل) . ولذلك قال ابن هشام في أوضح المسالك 1/249: (بخلاف قوله: ولكنما يقضى

إلخ) لأن (ما) موصولة وهذا فيه شاهد آخر وهو زيادة الفاء في خبر (لكن) وقد منعه الأخفش، وهو محجوج بهذا البيت.

ص: 507

وقوله:

78-

...لًعلَّما

أضَاءَتْ لك النّارُ الحِمارَ المُقيّدا1

ومثال (ليت) قول الشاعر:

79-

قَالتْ ألا لَيْتما هذا الحمامُ لنا2

.... .... ..........................

1 جزء بيت من الطويل، وقائله الفرزدق، وهو بتمامه:

أعد نظرا يا عبد قيس لعلما أضاءت لك النار الحمار المقيدا

ولكن الذي في ديوانه هو (أعد نظرا يا عبد قيس فربّما) فلا شاهد فيه إذن.

ينظر ديوانه 1/180 وطبقات فحول الشعراء1/399. وهو من شواهد الإيضاح للفارسي ص 161 وشرح المفصل 8/57 والمغني ص 378 والهمع 1/143 وشرح الأشموني 1/284.

والشاهد فيه إلغاء عمل (لعل) لدخول (ما) الزائدة عليها.

2 صدر بيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني، وعجزه:

................................

إلى حمامتنا ونصفه فَقَد

وذلك في معلقته المشهورة، ويعني بذلك زرقاء اليمامة. ينظر ديوانه ص 24.

والبيت من شواهد سيبويه 2/137- هارون والإنصاف 2/479 وشرح المفصل

8/58 والعيني2/254 والتصريح 1/225 والهمع 1/143 وشرح الأشموني1/284 والخزانة 10/251.

والشاهد فيه جواز إعمال (ليت) وإلغائها بعد اتصالها ب (ما) الكافة.

ص: 508

يروى بنصب (الحَمَام) على الإعمال وبرفعه على الإلغاء.

وأما 45/ب الحالة الثانية فهي تخفيف ذوات النون منها.

وذوات النون كما علمت أربعة 1، وحكمها مختلف بعد تخفيفها. فمنها (لكنّ) وحكمها إذا خفّفت أن تهمل وجوبا.

نحو قوله تعالى: {وَلَكِن اللهُ قَتَلَهُمْ} 2 في قراءة 3.

هذا مذهب الجمهور4، وأجاز الأخفش ويونس5 إعمالها حينئذ6.

ومنها (إنّ) المكسورة، ويجوز بعد تخفيفها إعمالها وإهمالها، لكن

1 وهي (إنّ) و (أنَّ) و (لكنَّ) و (كأنَّ) .

2 من الآية 17 من سورة الأنفال.

3 وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف، قرؤوا بتخفيف (لكن) ورفع لفظ الجلالة. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 168 والنشر 2/219 وإتحاف فضلاء البشر ص 236.

4 ينظر الكتاب 3/116 وشرح المفصل 8/80 وشرح الكافية للرضى 2/360 والارتشاف 2/ 151. وقوله: (هذا مذهب الجمهور) ساقط من (ب) .

5 ينظر قول الأخفش ويونس في شرح المفصل 8/80 وهمع الهوامع 1/143.

6 قياسا على (أن) إذا خففت، وهو قياس مع الفارق. ينظر التصريح 1/235.

ص: 509

إهمالها أكثر، وإليه أشار بقوله:(وإن غالبا) أي وتهمل (إن) غالبا.

وإنما أهملت في الغالب لزوال اختصاصها بالأسماء.

وإنما أعملت قليلا استصحابا لما كان1، نحو {وَإِنْ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ..} 2 ثم إنها لمّا أن أهملت صارت بصورة (إنْ) النافية، فخيف اللبس فجيء بعدها باللام فارقة بينهما.

وهذه اللام إنما تجيء إذا لم تغن عنها قرينة لفظية، نحو (إنْ زيدٌ لن يقوم 3 أو معنوية، نحو قوله:

80-

أنَا ابْنُ أُباة الضَّيْمِ مِن آلِ مالِكٍ

وإِنْ مالكٌ كانتْ كِرامَ المَعَادِنِ4

1 أي استصحابا للأصل فيها وهو الإعمال في (إنّ) المشددة والاستصحاب من الأدلة المعتبرة. ينظر لمع الأدلة لابن الأنباري ص 141.

2 من الآية 111 من سورة هود، وهذه القراءة بتخفيف (إنْ) و (لما) ونصب (كلاّ) على أنها عاملة، و (كلَاّ) اسمها و (ما) موصولة خبر (إن) واللام في (ليوفينهم) لام القسم وما بعدها جواب القسم والجملة صلة (ما) .

وهي قراءة نافع وابن كثير. ينظر السبعة لابن مجاهد 339 والإتحاف 260.

3 القرينة هنا كون الخبر منفيا ب (لن) والنافية لا تقع هذا الموقع فلا يقال: ما زيد لن يقوم.

4 البيت من الطويل، وقائله الطرمّاح بن حكيم الطائي. الأباة جمع أبيّ وهو الممتنع، الضيم: الظلم كرام المعادن: كرام الأصول.

ينظر ديوان الطرماح ص 173. والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/509 وشواهد التوضيح ص51 وشرح الألفية لابن الناظم ص 179 والارتشاف 2/150 والعيني 2/276 والتصريح 1/231 والهمع 1/141والأشموني 1/289.

والشاهد فيه عدم مجيء اللام الفارقة في خبر (إن) المخففة اعتمادا على القرينة المعنوية، وهي الفخر بقومه إذ لا يعقل أن تكون (إن) هنا نافية.

ص: 510

وإلى هذا أشار الشيخ بقوله: (ويغلب 1معها مهملةً اللام) .

وقوله: (وكون الفعل التالي2 لها ناسخا) هو معطوف على قوله: (اللام) أي يغلب مع (إنْ) المهملة أمران اللام وكون الفعل ناسخا.

والأكثر في هذا الناسخ أن يكون ماضيا، نحو {وإنْ كانَتْ لكَبيَرةً} 3 ويكون مضارعا كثيرا، نحو {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ} 4.

ووقوع غير الناسخ بعدها ماضيا أكثر من وقوعه مضارعا، مثال الأول قوله:

81-

شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قتلْتَ لَمُسلِماً

حلّتْ عليك عُقُوبَةُ المُتَعَمّدِ 5

1 في (أ) : (وبغلت) وهو تصحيف، صوابه من (ب) و (ج) .

2 في (أ) : (الثاني) وهو تحريف، وكلمة (الفعل) ساقطة من (ج) .

3 من الآية 143 من سورة البقرة.

4 من الآية 51 من سورة القلم. وقوله: (ليزلقونك) لم يرد في (أ) و (ب) .

5 البيت من الكامل، وهو لعاتكة بنت زيد بن عمرو، ترثي زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه وتدعو على قاتله.

ولم يرد الشطر الثاني في (أ) و (ب) ، وأثبته من (ج) .

والبيت ورد في سر صناعة الإعراب 2/548 والإنصاف 2/641 وشرح المفصل 8/76 والمغني ص 37 والمساعد 1/327 والعيني2/278 والتصريح 1/231 والهمع 1/142 والخزانة 10/373.

والشاهد فيه وقوع الفعل الماضي غير الناسخ بعد (إنْ) المخففة، وذلك قليل.

ص: 511

ومثال الثاني1 قوله: (إِنْ يَزينُك لنفْسُك وإنْ يَشِينُك لَهِيَهْ)

ومنها (أن) المفتوحة. وحكمها بقاء عملها.

ولكن يجب في اسمها كونه ضميرا، ويجب في خبرها أن يكون جملة.

وأشار إلى الأمور الثلاثة3 بقوله: (ويجب استتار اسم (أنْ) وكون خبرها جملة) . ثم إن هذه الجملة قد تكون اسمية نحو قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 4

وقد تكون فعلية 46/أفعلها جامد، نحو قوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلَاّ مَا سَعَى} 5 أو دعاء، نحو قوله تعالى: {والخَامِسةَ أنْ غَضِبَ الله

1 وهو كونه مضارعا غير ناسخ.

2 هذا من أقوال العرب التي حكاها الكوفيون عنهم. الأصول لابن السراج 1/260.

3 يقصد بالأمور الثلاثة كون اسم (أنْ) ضميرا مستترا وكون خبرها جملة ولعل الناسخ قد أسقط كلمة (مستترا) وأصل الكلام (يجب في اسمها كونه ضميرا مستترا) كما في أوضح المسالك 1/265.

4 من الآية 10 من سورة يونس

5 الآية 39من سورة النجم

ص: 512

عليْها} 1 فلا تحتاج لفاصل. وقد يكون غير ذلك فيجب حينئذ الفصل بأحد أمور2:

إما بتنفيس إما3 بالسين، نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} 4، أو بسوف، كقوله:

82-

واعلم فعلم المرء ينفعه

أن سوف يأتي كل ما قدرا5

وإما6 بنفي إما بلا، نحو {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} 7.

أو بلن، نحو {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} 8.

1 من الآية 9 من سورة النور، وهي بتخفيف (أن) وكسر الضاد في (غضب) على أنه فعل ماض، قراءة نافع المدني. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 453 والنشر2/330

2 ليكون ذلك الفاصل عوضا من حذف إحدى النونين والاسم

3 في (ب) و (ج) : (أو)

4 من الآية 20 من سورة المزمل

5 البيت من الكامل، وهو مجهول القائل ولم أجد من نسبه

وقد ورد في المغني ص520 وشرح الألفية لابن عقيل1/387 والعيني2/313 والهمع 1/248 وشرح الأشموني 1/292

والشاهد فيه الفصل بين (أنْ) المخففة جملة الخبر بسوف، لأنها جملة فعلية فعلها مشتق.

6 في (أ) : (أو) ، والمثبت من (ب) و (ج) ، وهو الأولى

7 من الآية 71 من سورة المائدة، والشاهد فيها على قراءة الرفع في (تكون) على أن (أنْ) مخففة من الثقيلة، وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف ينظر السبعة لابن مجاهد 247 وحجة القراءات لابن زنجلة 233 والإتحاف 202

8 من الآية 5 من سورة البلد.

ص: 513

وإما بقد نحو قوله تعالى: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} 1 أو (لو) نحو {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} 2.

ومنها (كأن) وحكمها بقاء عملها3.

ويجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها.

وإذا حذف اسمها، وكان خبرها جملة اسمية لم تحتج لفاصل 4 وإن كانت فعلية وجب في فعلها5 أن يكون خبريا لا دعائيا، وفصلت ب (لم) أو (قد)6.

تنبيهان:

الأول اعتباره للفاصل في الفعل الذي ليس بدعائي ولا جامد يؤخذ منه عدم الاحتياج إليه مع الجملة الاسمية كالفعلية التي فعلها جامد أو دعاء كما تقدم.

1 من الآية 113 من سورة المائدة.

2 من الآية 100 من سورة الأعراف.

3 هذا مذهب البصريين، وهو الصحيح، وعند الكوفيين إذا خففت بطل عملها.

ينظر الكتاب 2/134، وشرح الكافية 2/360، وهمع الهوامع 1/143.

4 كقول الشاعر: (كأنْ ثدياه حقان) .

5 كذا في (ب) ، وهو الأولى، وفي (أ) و (ج) : لفعلها.

6 في (ج) : (بقد أولم) . ومثال ذلك: قوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ..} . وقولك: (كَأَنْ قَدْ سَارَ القَومُ) .

ص: 514

الثاني قوله: (ويغلب لكأنْ ما وجب لأنْ) 1 يقتضي أن إعمالها غالب وأنه يجوز إهمالها، كما شرحناه. وهو 2مذهب الزمخشري 3خلافا للجمهور 4.

ص: واسم (لا) النافية للجنس، وإنما يظهر نصبه إن كان مضافا أو شبهه، نحو لا غلامَ سفرٍ عندنا ولا طالعاً جبلاً حاضرٌ.

ش: الباب الرابع عشر من المنصوبات اسم (لا) النافية للجنس وهو5 على قسمين:

مبني، وهو المفرد المتقدم ذكره بشروطه 6، وهو منصوب المحل لا

1 أي من العمل، فالعمل الواجب لأنْ المخففة غالب لكأنْ المخففة وليس واجبا.

2 أي إهمالها مذهب الزمخشري لأنه يرى أن (كأن) إذا خففت بطل عملها، ولكن ابن يعيش تأول قوله: يبطل عملها بأن المراد به أنها تعمل في ضمير الشأن. وهذا كلام غريب. ينظر المفصل ص 301 وشرح المفصل 8/82.

3 هو محمود بن عمر الزمخشري، من أهل خوارزم، كان واسع العلم، متبحرا في أكثر العلوم، ولد سنة 497 هـ، وجاور بمكة فسمي جار الله، صنف كتبا نافعة منها الكشاف والمفصل والفائق في غريب الحديث وأساس البلاغة. توفي سنة 538 هـ.

ينظر نزهة الألباء ص290 وإنباه الرواة 3/265 ومعجم الأدباء 19/126 وبغية الوعاة 2/279.

4 مذهب الجمهور هو إعمال (كأن) إذا خففت وجوبا.

ينظر التصريح 1/234 وهمع الهوامع 1/143 وشرح الأشموني 1/293.

5 في (ج) : (وهي) .

6 تقدم ذلك في المبنيات ص 246.

ص: 515

غير. وغير مبني، وهو ما ليس بمفرد، وهو المضاف والشبيه به وهو الذي اتصل به شيء من تمام معناه 1. ويظهر النصب في لفظه.

فالمضاف نحو (لا غلامَ سفرٍ عندنا) .

والشبيه به 2نحو: (لا طالعا جبلا حاضر) .

وقوله: (اسم (لا) النافية للجنس) تصريح بأن المفرد وغيره معدودان من المنصوبات، لكن المفرد منصوب محلَاّ لا غير 3 وغيره4 منصوب لفظا أيضا وهو ظاهر.

46/ب ص:5 والمضارع بعد ناصب، وهو لن أو كي المصدرية مطلقا، أو إذن إن صُدرت وكان الفعل مستقبلا متصلا أو منفصلا بقسم أو بلا أو [بعد] 6 أن المصدرية [نحو {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي

1 هذا تعريف الشبيه بالمضاف ويسمى أيضا مطوّلا وممطولا، وهو ما اتصل به شيء من تمام

معناه، سواء أكان مرفوعا به نحو (لا حسنا وجهه حاضر) أم منصوبا به، نحو (لا طالعا جبلا حاضر) أم متعلقا به نحو (لا ثمرا بشجرة موجود) أم معطوفا عليه نحو (لا ثلاثة وثلاثين عندنا) في من سمي بذلك.

2 كلمة (به) زيادة من (ب) .

3 لأنه مبني، فلا تظهر عليه علامة الإعراب.

4 وهو المضاف والشبيه بالمضاف فإنهما معربان لفظا ومحلا. ينظر تعليل ذلك في أسرار العربية لابن الأنباري ص 251.

5 في (ج) ترك الناسخ كتابة هذين الرمزين وهما (ص) و (ش) .

6 زيادة من شذور الذهب ص 20.

ص: 516

خَطِيئَتِي} 1 إن لم تسبق بعلم، نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} 2.

فإن سبقت بظن فوجهان، نحو {وَحَسِبُوا أَلَاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} 3.

ش: الباب الخامس عشر من المنصوبات المضارع الداخل عليه أحد أدوات النصب الأربعة المذكورة، وهي لن وكي المصدرية وإذن وأنْ.

وقدم (لن) لأنها لا تكون غير ناصبة، وأخر (أنْ) وإن كانت هي4 أم الباب وأقوى من غيرها في العمل، إذ تعمل ظاهرة ومقدرة، لانتشار الكلام فيها، واستتباعه ما يطول.

فأما (لن) فهي لنفي المستقبل، ولا تقتضي تأبيد النفي5 ولا تأكيده6

1 من الآية 82 من سورة الشعراء، ولم ترد في النسخ وأضفتها من الشذور ص 20.

2 من الآية 20 من سورة المزمل، وفي (أ) و (ب) اقتصر على قوله:(علم أن سيكون) .

3 من الآية 71 من سورة المائدة، وفيها قراءتان سيأتي بيانهما.

4 قوله: (هي) ساقطة من (ج) .

5 نُسب للزمخشري أنه يقول: إن (لن) لتأبيد النفي وأنه قال ذلك في الأنموذج والتحقيق أنه لم يقل بالتأبيد فيها كما هو واضح في تفسيره، وأما ما ورد في الأنموذج فقيل: وضع التأبيد مكان التأكيد تصحيفا، والموجود في (الأنموذج) المطبوع (أنها للتأكيد) . ينظر الأنموذج 102 وشرح الأنموذج للأردبيلي 233.

6 خلافا للزمخشري حيث ادّعى أنها تفيد تأكيد النفي، ينظر المفصل ص 307 والأنموذج ص 102.

ص: 517

ولا تقع دعائية1 وليس أصلها (لا) 2 ولا3 (لا أن)4.

وأما (كي) فلا بد أن تكون مصدرية، كما صرّح به الشيخ، احترازا من التعليلية فإن الناصب بعدها (أنْ) مضمرة، وليس هي الناصبة.

وتتعين مصدريتها إن سبقتها اللام، نحو {لِكَيْلا تَأْسَوْا} 5 وتعليليتها6 إن تأخرت اللام أو (أن) نحو جئتك كي لتقضيني حقي7 وقوله:

83-

.. ..

.. كيما أن تغر وتخدعا 8

1 أي أنه لا يراد بالفعل الذي بعدها الدعاء، خلافا لابن السراج وابن عصفور، ينظر التصريح 2/229.

2 خلافا للفراء حيث زعم أن اصل (لن)(لا) أبدلت الألف منها نونا مع أن المعهود إبدال النون ألفا لا العكس، نحو (لَنَسْفَعَا) . ينظر شرح المفصل 8/112.

3 في (أ) : (وليس أصلها لا ولا أن) وفي (ج) : (وليس أصلها لا ولا ولا لا أن) وهو تكرار بلا فائدة، والمثبت من (ب) .

4 هذا قول الخليل بن أحمد وهو أن أصل (لن)(لا أن) حذفت الهمزة تخفيفا ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين ينظر قوله هذا في كتاب العين 8/350 وكتاب سيبويه 3/5

5 من الآية 23 من سورة الحديد.

6 في (ب) : (وتعليلية) .

7 ف (كي) هنا تعليلية حرف جر واللام تأكيد لها و (أن) مضمرة بعدها، وهذا التركيب نادر.

8 جزء بيت من الطويل، وقائله جميل بثينة، وهو بتمامه:

فقالت أكل الناس أصبحت مانحا لسانك كيما أن تغر وتخدعا

ينظر ديوان جميل ص 126.

والبيت من شواهد شرح المفصل 9/14 وشرح الكافية الشافية 3/1533 وشرح الألفية لابن الناظم ص 667 والمغني 242والمساعد 3/68 والعيني 4/379 والتصريح 2/231 والهمع 2/5 والأشموني 3/279 والخزانة 8/481.

والشاهد اعتبار (كي) فيه تعليلية لظهور (أن) المصدرية بعدها.

ص: 518

لأنه لا يفصل بين الحرف المصدري وصلته، والتوكيد خلاف الأصل فلا يرتكب 1 لغير ضرورة.

ويصح الأمران في2 نحو قوله: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً} 3، وكذا في قول الشاعر:

84-

أردتَ لِكيما أَنْ تَطِير بِقِرْبتي

..................................... 4

1 في (ج) : (فلا يؤكد) .

2 كلمة (في) ساقطة من (أ) . والأمران هما كون (كي) مصدرية وكونها تعليلية.

3 من الآية 7 من سورة الحشر.

4 صدر بيت من الطويل، ولم أجد من نسبه لقائله، وعجزه:

..............................

فتتركها شنّا ببيداء بلْقع

وفي (ج) : (أطير بقربة) وهو تصحيف. الشن هو الجلد المخرَّق، بلقع: خالية.

ينظر الإنصاف 2/580 وشرح المفصل 7/19 وشرح الكافية الشافية 3/1533 وتوضيح المقاصد 4/177 والمغني 242 والعيني 4/405 والتصريح 2/231 وشرح الأشموني 3/280 والخزانة 8/484.

والشاهد جواز اعتبار (كي) تعليلية مؤكدة واعتبارها مصدرية، ورجح الأشموني الأول.

ص: 519

فيصح فيه اعتبار كونها تعليلية مؤكدة لللام 1 وأن تكون مصدرية و (أنْ) مؤكدة لها2.

وقوله: (مطلقا) أي ينصب بلَنْ وكي المصدرية مطلقا عن الشروط المعتبرة في نصب أختيها.

وأما (إذن) فهي حرف جواب وجزاء 3

وشرطها أن تتصدر، فلا تكون حشوا، وإليه أشار بقوله:(إن صُدرت) . ومتى وقعت حشوا أهملت 4، كقول الشاعر:

85-

لئنْ عادَ لي عبدُ العزيز بمثلِهَا وأمْكَنَني منها إذَنْ لا أقيلُها5

وحمل على الضرورة نحو قوله:

86-

.... ....

إني إذَنْ أَهْلِكَ أو أَطِيرا 6

1 في (أ) و (ج) : (باللام) ، والمثبت من (ب) .

2 ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .

3 وهو مذهب سيبويه. ينظر في ذلك الكتاب 4/234 والمغني 30 والهمع 2/6.

4 قوله: (فلا تكون حشوا) إلى آخره ساقط من (ب) وفيها: (فلو كانت حشوا) .

5 البيت من الطويل، وهو لكثير عزة يمدح عبد العزيز بن مروان. وهو في ديوانه ص 305. وكتاب سيبويه 3/15 والجُمل للزجاجي ص 195 وشرح اللمع لابن برهان 2/345 وشرح المفصل 9/13 وشرح الألفية لابن الناظم 669 والمغني ص 30 والعيني 4/382 والتصريح 2/234 والهمع 2/7 والأشموني 3/288.

والشاهد عدم إعمال (إذن) فيه لأنها لم تتصدر جملتها.

6 من الرجز، وينسب لرؤبة بن العجاج، وليس في ديوانه، وقبله:

لا تتركني فيهم شطيرا

الشطير الغريب. والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء1/274 وشرح المفصل 7/17 والمقرب 1/261 وشرح الكافية الشافية 3/1537 والارتشاف 2/397 والعيني 4/383 والتصريح 2/234، والهمع 2/7 والأشموني 3/288.

والشاهد فيه إعمال (إذن) مع أنها غير متصدرة، فيكون من الضرورات الشعرية.

ص: 520

مما وقعت فيه عاملة وهى في حشو الكلام.

ويجوز أن يقدر 47/أذلك محذوفا منه خبر (إنّ) و (إذَنْ) واقعة في الابتداء1. وبجوز النصب بها بعد الواو والفاء2.

وأن يكون المنصوب بها مستقبلا، فلو قيل لك: أنا أحبك، فقلت3:(إذَنْ تَصْدُقُ) رفعت لأنه حالّ، وأدوات النصب تخلص الفعل للاستقبال فلا تعمل في الحال.

وأن تتصل بالفعل المنصوب بها. وفي معناه4 أن يفصِل بينهما

1 مراده بذلك أنه يجوز في هذا البيت اعتبار خبر (إن) فيه محذوفا تقديره (إني لا أستطيع ذلك) ثم ابتدأ ب (إذن) فصارت واقعة في الصدر فعملت في الفعل.

2 إذا وقعت (إذن) بعد الواو أو الفاء فالأكثر إلغاؤها وعلى ذلك قراءة السبعة قوله تعالى: {وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ} الآية وقوله تعالى: {فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} ويجوز إعمالها، وقد قرىء في الشواذ {وَإِذاً لا يَلْبِثُوا خِلافَكَ} و {فَإِذاً لا يُؤْتُوا النَّاسَ} بالنصب فيهما على الإعمال. شرح الكافية الشافية 3/1536 والأشموني3/289.

3 في (ب) : (فتقول) .

4 أي في معنى الاتصال الفصل بالقسم أو بلا النافية.

ص: 521

القَسَمُ، أو (لا) كما صرح به المصنف.

ووجهه أن النافي كالجزء من المنفي، فكأنه لا فاصل.

وأما القَسَم فإنه زائد مؤكد فلم يمنع الفصل به من النصب هنا كما لم يمنع من الجر في قولهم: (إنّ الشّاةَ لتجْترُّ فتسمعُ صَوتَ واللهِ ربِّها)1.

واعلم أن سيبويه2حكى عن بعض العرب إلغاء (إذن) مع توفر الشروط. قال بعضهم3: (وهو القياس، لأنها غير مختصة والأكثرون أعملوها حملا لها على (ظن) لأنها مثلها في جواز تقديمها على الجملة وتأخرها عنها4 وتوسطها بين جزأيها، كما حملت (ما) على (ليس) وان كانت غير مختصة) 5.

وأما (أنْ) فنحو قوله تعالى: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} 6 وشرط نصبها ألَاّ تكون مخففة من الثقيلة.

وربما أهملت، حملا على (ما) المصدرية، كما أعملت (ما) المصدرية

1 حكى هذا القول عن العرب أبو عبيدة معمر بن المثنى، ينظر الإنصاف 2/431.

2 حكاه سيبويه عن عيسى بن عمر، حيث قال في الكتاب 3/16:"وزعم عيسى بن عمر أن ناسا من العرب يقولون: (إذنْ أفعلُ ذاك) في الجواب ".

3 هو بدر الدين بن مالك المعروف بابن الناظم في شرحه على الألفية ص 671.

4 في (ب) : (تقدمها على الجملة وتأخرها) وفي (ج) : (وتأخيرها) .

5 في شرح الألفية لابن الناظم ص 671: (لأنها مثلها في نفي الحال) بدل قوله (وان كانت غير مختصة) .

6 الآية 82 من سورة الشعراء. ولم تكمل الآية في (أ) و (ب) .

ص: 522

قليلا، حملا عليها1. فمن الأول2 قوله:

87-

أن تَقْرَآنِ عَلَى أَسْماءَ وَيْحَكُما

مَنّي السَّلَامَ وَأَلَاّ تُشْعِرَا أَحَدًا3

ومن الثاني4 الحديث في بعض الروايات: "كما تكونوا يولى عليكم"5.

والمخففة من الثقيلة هي الواقعة بعد ما يدل على التحقيق، سواء

1 قال ابن هشام في المغني ص 915: ومن ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام، مثل إعطاء (أنْ) المصدرية حكم (ما) في الإهمال، وإعمال (ما) حملا على (أن) .

2 وهو إهمال (أن) حملا على (ما) المصدرية.

3 البيت من البسيط، ولم أجد من نسبه إلى قائله.

وقد ورد في مجالس ثعلب 1/322 والإنصاف 2/563 وشرح المفصل 7/15وشرح الجمل لابن عصفور 1/437 وشرح الكافية الشافية 3/1527 وشرح الألفية لابن الناظم 668 والجنى الداني ص220 ومغني اللبيب ص 46 والتصريح 2/232.

والشاهد إهمال (أنْ) حملاً على (ما) المصدرية، وهو لغة.

4 وهو إعمال (ما) المصدرية حملا على أختها (أن) .

5 الحديث ضعيف، وقد ورد في كشف الخفاء 2/126برواية أخرى وهي "كما تكونون" وقد ذكره بالرواية الأولى ابن الحاجب في شرحه على المفصل 2/234.

لكن قال الدماميني في حاشية المغني 2/285: "لا حاجة أن تجعل (ما) هنا ناصبة فإن في ذلك إثبات حكم لها لم يثبت في غير هذا المحل، بل الفعل مرفوع، ونون الرفع محذوفة، وقد سمع ذلك نثرا ونظما". وتنظر حاشية الصبان 3/286.

ص: 523

كان بلفظ العلم أو الظن، والى ذلك أشار بقوله:(إن لم تُسبق بعلم) فإن المراد بالعلم ما دل على التحقيق، كما ذكرنا لا لفظ (علم) .

فإن وقعت بعد ما يفيد ظنا، سواء كان بلفظ (ظن) أو ما أشبهه من (حسب) 1 ونحوه، جاز فيه اعتبار كونها مصدرية، حملا للظن على بابه، وكونها مخففة حملا له على اليقين. والى ذلك أشار المصنف2 بقوله:(فإن سبقت بظن 47/ب فوجهان) . ومثّل له بقوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَاّ تَكُونَُ فِتْنَةٌ} 3.

فمن نصبه4 جعلها مصدرية، ومن رفعه5 جعلها مخففة من الثقيلة6.

ص: وتضمر (أنْ) بعد ثلاثة من حروف الجر، وهي (كي) نحو {كَيْلا يَكُونَ دُولَةً} 7 و (حتى) إن كان الفعل مستقبلا بالنظر إلى ما

1 في (أ) . (حسبت) والمثبت من (ب) و (ج) .

2 كلمة (المصنف) ساقطة من (ج) .

3 من الآية 71 من سورة المائدة.

4 أي نصب الفعل (تكون) والنصب قراءة عاصم ونافع وابن كثير وابن عامر. انظر السبعة 247 والنصب بعد الظن راجح عند عدم الفصل ولهذا اتفق السبعة على النصب في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} .

5 الرفع قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي. تنظر السبعة لابن مجاهد 247 واتحاف فضلاء البشر ص 202.

6 فيكون اسمها ضمير الشأن محذوفاً والجملة بعدها خبرها.

7 من الآية 7 من سورة الحشر.

ص: 524

قبلها، نحو {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} 1 [وأسلمت حتى أدخل الجنة] 2 واللام تعليلية مع المجرد من (لا) نحو {لِيَغْفِرَ لَكَ الله} 3 بخلاف {لِئَلَاّ يَعْلَمَ} 4 أو جحودية نحو ما كنت أو لم أكن لأفعل.

ش: قد أسلفا فيما سبق أن (أنْ) تعمل ظاهرة ومقدرة، وقد تقدم أمثلة ما تعمل فيه ظاهرة، والغرض الآن بيان ما تعمل فيه مضمرة.

وإضمارها على قسمين واجب وجائز.

وقد اشتمل هذا الكلام على إضمار (أنْ) بعد حروف الجر5.

ومنها ما أضمرت بعده على سبيل الوجوب ومنها ما تضمر بعده على سبيل الجواز كما سنبينه إن شاء الله تعالى

الحرف الأول مما تنصب (أنْ) المضارع بعده مضمرة هي (كي) التعليلية لا المصدرية، فإن تلك هي الناصبة كما تقدم 6

وهذا الإضمار على سبيل الوجوب فلا يظهر إلا في الشعر.

وقد سبق ذكر ما يتعين أن تكون فيه تعليلية وما يتعين أن تكون فيه

1 من الآية ا9 من سورة طه.

2 سقطت هذه العبارة من النسخ وأثبتها من شذور الذهب ص 20.

3 من الآية 2من سورة الفتح.

4 من الآية 29 من سورة الحديد.

5 كلمة (الجرّ) ساقطة من (ج) .

6 تقدم بيان ذلك في ص 518.

ص: 525

مصدرية وما يجوز فيه الأمران.

ومثالها قوله تعالى: {كَيْلا يَكُونَ دُولَةً} ف (يكون) منصوب1 بأن مضمرة لا تظهر 2.

الثاني من الحروف التي تضمر بعدها (أنْ) وجوبا (حتّى) الجارّة وهي التي تدخل على الاسم الصريح، بمعنى (إلى)

وتدخل على المضارع فيتعين حينئذ إضمار (أن) بعدها ناصبة لتكون4مع الفعل في تأويل مصدر مجرور ب (حتّى)5.

ولا يجوز إظهار (أنْ) بعدها لا في شعر ولا في نثر، ولا يكون الفعل بعدها إلا مستقبلا أو مؤولا به.

وخرج بالجارّة العاطفة، وهي التي تعطف بعضاً6 على كلٍّ، كما سيأتي في باب التوابع7.

1 في (ج) : (فيكون منصوبا) .

2 وذلك على اعتبار (كي) هنا تعليلية لعدم تقدير اللام قبلها.

وبجوز اعتبار (كي) هنا مصدرية واللام قبلها مقدرة فتكون هي الناصبة بنفسها.

3 كقوله تعالى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} .

4 في (أ) و (ج) : (ليكون) والمثبت من (ب) .

5هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن (حتى) هي الناصبة للفعل من غير تقدير. ينظر الجنى الداني ص 554 والمغني ص 168 والهمع 2/8.

6 في (ب) : (بعضها) .

7 سيأتي بيان ذلك في ص 803.

ص: 526

والابتدائية وهي الداخلة على جملة مضمونها غاية لشيء قبلها، كقول الشاعر:

..... .... .... .

...

حتّى ماءُ دِجلةَ أشكَلُ1

وقولهم: (شربَتْ 48/أالإبلُ حتى يجيءُ البعير يجر بطنه)

ولا يكون الفعل بعدها3 إلا حالا أو مؤولا به

بخلاف الجارّة فلا بد أن يكون الفعل الذي بعدها مستقبلا4، كما تقدم. وذلك بالنظر إلى ما قبله5 سواء كان مستقبلا بالنظر أيضا إلى زمن التكلم أم لا.

نحو قوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} 6

1 جزء بيت من الطويل، وهو لجرير بن عطية يهجو الأخطل، والبيت بتمامه:

فما زالت القتلى تمور دماؤها...........بدجلة حتى ماء دجلة أشكل

تمور: تجري، أشكل: هو الأبيض الذي خالطته حمرة. ينظر ديوان جرير 1/143.

والبيت من شواهد أسرار العربية لابن الأنباري ص 267 وشرح المفصل 8/18 وشرح الألفية لابن الناظم ص 676 والمغني ص 173 والعيني 4/386 وهمع الهوامع 2/24 والأشموني 3/300 والخزانة 9/479.

والشاهد اعتبار (حتى) فيه ابتدائية لأنها داخلة على جملة اسمية غاية لما قبلها.

2 هذا من أقوال العرب المأثورة. ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص676.

3 لم ترد كلمة (بعدها) في (ج) وبد لها في (ب) : (معها) .

4 في (ج) : (مستقبل) بالرفع، وهو خطأ.

5 في (ج) : (إلى ما قبلها)، والواو في قوله:(وذلك ساقط من (أ) و (ج) .

6 من الآية ا 9 من سورة طه.

ص: 527

وقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} 1 في قراءة النصب2.

واعلم أنه حيث انتصب المضارع ب (أنْ) بعد (حتى) فالغالب3 أن تكون (حتى) للغاية، نحو قوله تعالى4: {لَنْ نَبْرَحَ

} الآية.

وعلامتها صلوح (إلى) موضعها. وقد تكون للتعليل، كقوله:(جُد حتّى تُغني فقيرا)5. وعلامتها صلوح كي6 في موضعها.

وقال ابن مالك7 تبعا لبعضهم 8 (وقد تكون بمعنى إلَاّ أنْ) 9 كقوله:

89-

ليس العطاء من الفضول سماحة

حتى تجودَ وما لديك قليل10

1 من الآية 214 من سورة البقرة.

2 وهي قراءة جمهور القراء سوى نافع فإنه قرأ بالرفع. ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 181وإتحاف فضلاء البشر ص 156

3 في (ج) : (فالغالبة) .

4 ساقطة من (أ)، وجاءت فيها الآية كذا:(فلن....) وهو خطأ.

5 ينظر شرح الألفية لابن الناظم 676ومغني اللبيب ص 169.

6 في (أ) و (ج) : (إلى) ، وهو سهو من الناسخ. والمثبت من (ب) .

7 تسهيل الفوائد ص.23. وشرح التسهيل [ق219/أ] .

8 هو ابن هشام الخضراوي ذكر ذلك ابن هشام في المغني ص 169.

(أن) ساقطة من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) والتسهيل.

10 البيت من الكامل، وقائله المقنع الكندي، شاعر مقل من شعراء الدولة الأموية. ينظر شرح الحماسة للمرزوقي 4/1734.

والبيت من شواهد شرح التسهيل (ق 219/أ] وتوضيح المقاصد 4/203 والمساعد لابن عقيل 3/79 وشفاء العليل 2/926 والعيني 4/412 وهمع الهوامع2/9 والأشموني 3/297 وشرح أبيات المغني 3/100.

والشاهد فيه قوله: (حتى تجودَ) فإن (حتى) فيه بمعنى إلا أن، وهو قليل.

ص: 528

أي إلا أن تجود.

والذين لا يثبتون هذا المعنى يجعلون هذا البيت على معنى (إلى)1.

الثالث من الحروف الجارة التي تضمر2 بعدها (أنْ) هي اللام.

وإضمار (أنْ) بعدها إما واجب أو جائز أو ممتنع.

فإن كانت تعليلية وتجرد الفعل من (لا) فالإضمار جائز نحو جئتك لأقرأ، أي لأن أقرأ، ويجوز إظهارها.

وإن قرن الفعل ب (لا) سواء كانت نافية أو مؤكدة وجب إظهار (أنْ) بعد اللام، وامتنع الإضمار3 نحو قوله تعالى:{لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} 4.وقوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} 5.

1 قال ابن الناظم في شرح التسهيل [219/أ] : لو جعلت (إلى أن) مكان (حتى) لم يكن فاسدا. وينظر المساعد لابن عقيل 3/80 والأشموني 3/297.

2 في (أ) : (تنصب) وفي (ب) : (ينصب) والمثبت من (ج) .

3 ينظر مغني اللبيب ص 227.

4 من الآية 150 من سورة البقرة، و (لا) بعدها نافية والأصل (لأن لا) فأدغمت النون في اللام لقرب مخرجيهما.

5 من الآية 29من سورة الحديد و (لا) هنا صلة للتأكيد. وفي (ب) قدم هذه الآية على التي قبلها.

ص: 529

وان كانت لام الجحود1 وهي المسبوقة بكون منفي، ماض إما لفظا ومعنى أو معنى فقط2، وجب بعدها إضمار (أن) ولا يجوز إظهارها بحال من الأحوال3، نحو قوله تعالى:{مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ} 4 {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} 5.

تنبيهات:

الأول: أراد المصنف رحمه الله تعالى 6 بقوله: وتضمر (أن) مجرد الإضمار، أعمّ من أن يكون واجبا أو جائزا، بدليل أنه7 بعد أن استوفى ذكر مواضع الإضمار مطلقا بيّن مواضع الوجوب من مواضع الجواز.

الثاني: تقييده اللام [48/ب] بما ذكره8 ربّما يخرج لام9 العاقبة10 واللام

1 سميت بذلك لملازمتها للجحود. أي النفي.

2 المراد بالماضي معنى فقط المضارع المجزوم (بلم) لأنها نقلب معناه إلى المضي.

3 في (أ) : (بحال) فقط وفي (ب) : (بوجه) والمثبت من (ج) .

4 من الآية 179من سورة آل عمران. وفي (أ) : (ما كان ليذر) وهو سهو.

5 من الآيتين 137و 168من سورة النساء.

6 قوله: (رحمه الله تعالى) زيادة من (ب) .

7 كلمة (أنه) ساقطة من (ج) .

8 وهو قوله (اللام تعليلية أو جحودية) شذور الذهب ص20

9 وقع تكرار لهذه الجملة، في (ج) حيث جاء كذا (يخرج لام، يخرج لام) .

10 لام العاقبة هي لام الصيرورة والمآل، كقوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} . ينظر مغني اللبيب ص 282.

ص: 530

المؤكدة1 بناء على مغايرتهما لها، وهو ظاهر صنعه في الشرح2، مع أن إضمار (أنْ) بعدهما جائز3 أيضا.

ومذهب الجمهور4 رد لام العاقبة إلى التعليلية.

وقال في شرح الزوائد5: (والمختار رد المؤكدة إليها) 6أيضا.

الثالث: قوله: (أو جحودية) معطوف على قوله: (تعليلية) أي تضمر (أن) بعد اللام حال كونها تعليلية أو جحودية.

وقوله: (ما كنت أو لم أكن لأفعل) تقديره: ما كنت لأفعل أو لم أكن لأفعل. ومثّل بمثالين أحدهما للماضي في اللفظ والمعنى، والثاني للماضي في المعنى فقط وهو المنفى ب (لم)7.

ص: وبعد ثلاثة من حروف8 العطف، وهي أو بمعنى (إلى) نحو لألزمنك أو تقضيني حقي، أو (إلا) نحو لأقتلنه أو يسلم وفاء السببية

1 اللام المؤكدة هي الزائدة التي جيء بها لمجرد التأكيد ينظر المغني ص 284.

2 شرح شذور الذهب ص 296، 297.

3 في (ج) : (جائزاً) وهو خطأ ظاهر.

4 ذهب جمهور البصريين إلى إنكار لام العاقبة وعدّوا ما ورد من ذلك راجعا إلى اللام التعليلية، وأثبتها الأخفش والكوفيون وابن مالك، ينظر التسهيل ص 145.

5 وهو شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي ينظر [الورقة 62/ب] .

6 أي إلى التعليلية.

7 لأن (لم) تقلب معنى المضارع إلى المضيّ.

8 في (أ) : (أحرف) ، والمثبت من (ب) و (ج) ، وهو الموافق لما في الشذور ص 20.

ص: 531

وواو المعية مسبوقين بنفي محض أو طلب بغير اسم الفعل نحو {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} 1 ونحوه2 {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} 3 ونحو {لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 4 و (لا تَنْه عن خلق وتأتيَ مثله) .

ش: لما فرغ من ذكر5 ما أضمرت (أنْ) بعده من الحروف الجارة أخذ يذكر ما أضمرت أيضا بعده من الحروف العاطفة.

فمنها (أو) وتضمر (أنْ) بعدها وجوبا إذا صلُح في موضعها (إلى) نحو (لألزمنك أو تقضيَني حقي) أي إلى أن تقضيني حقي.

أو (إلا) نحو (لأقتلنه أو يسلمَ) أي إلاّ أن يُسلم.

والضابط في ذلك6 أن الفعل الذي بعدها إن كان مما ينقضي شيئا فشيئا فهو موضع7 (إلى) وإن لم يكن فهو موضع (إلَاّ) .

فإن لم يصلح في موضعها أحدهما، وورد المضارع منصوبا بعدها نحو قول الشاعر:

1 من الآية 36من سورة فاطر.

2 قوله: (ونحو) ساقط من (ج) .

3 من الآية 142 من سورة آل عمران.

4 من الآية 81 من سورة طه.

5 قوله: (من ذكر) ساقط من (ج) .

6 في (ب) : (وضابط ذلك) .

7 في (ب) : (فهو في موضع) .

ص: 532

90-

فلولا رجال من رزام أعِزة

وآل سُبيع أو أسوءك علقما1

جاز إظهار (أنْ) ولم يجب إضمارها.

ومنها فاء السببية، وهي التي قصد بها الجزاء، إذا كانت مسبوقة بنفي محض، والمراد به ألاّ تتلو تقريرا2، نحو (ألم 3 تأتني فأحسنُ إليك) ، وألا يكون متلوا بنفي محض4نحو (ما تزال [49/أ] تأتينا فتحدثُنا) . وألَاّ ينتقض بإلاّ نحو (ما تأتينا إلاّ فتحدثُنا)5.

1 البيت من الطويل، وهو للحصين بن الحمام المري، وبعده في المفضليات:

لأقسمت لا تنفك مني محارب

على آلة حدباء حتى تندما

وقد ورد البيت في (ج) محرفا ففيه: (لولا رجائي) .والذي في المفضليات (من رزام ابن مازن) بدل من (رزام أعزة) .

رزام هو ابن مازن، وعلقم منادى مرخم حذف منه حرف النداء، وهو علقمة بن عبيد. ينظر المفضليات ص 66، والبيت من شواهد سيبويه 3/50 والمحتسب 1/326 وتوضيح المقاصد 4/200 والعيني 4/411 والتصريح 2/244 والهمع 2/10 وشرح الأشموني 3/296 والخزانة 3/324.

والشاهد هنا نصب المضارع بأن مضمرة جوازا بعد (أو) التي بمعنى الواو وليست (أو) هنا بمعنى إلى ولا بمعنى إلاّ فلم يجب إضمار (أن) .

2 في (ب) : (أن يتلو تقديرا) وهو تحريف.

3 في (أ) و (ب) : (لم) والمثبت من (ج) ، وهو الصواب، لأنه مثال للتقرير. ينظر التصريح 2/239.

4 ساقط من (ب) و (ج) .

5 من قوله: (وألا ينتقض....) إلى آخره ساقط من (ج) . والفعل الواقع بعد الفاء في هذه الأمثلة الثلاثة مرفوع، لأن معناه الإثبات. ينظر التصريح 2/240.

ص: 533

أو كانت مسبوقة بطلب محض أيضا، وهو الذي أشار إليه الشيخ بقوله:(بغير اسم الفعل) .

والمراد به أن يكون بفعلٍ أصلٍ في ذلك، فخرج الطلب بالمصدر، نحو (سقيا) أو باسم فعل1، نحو (صه) أو بلفظ الخبر، نحو (رحم الله زيدا) . فلا ينصب الفعل بعد شيء منها2.

مثال ذلك (ما تأتينا فتحدثَنَا) بالنصب إذا قصدت معنى الجزاء والسببية، أي ما تأتينا محدثا3 فيكون المقصود نفي اجتماعها.

أو4 (ما تأتينا فكيف تحدثَنا) فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول.

وخرجت الفاء التي لمجرد العطف، نحو (ما تأتينا فتحدثُنا) على معنى فما5 تحدثنا، والاستئنافية، نحو (ما تأتينا فتحدثُنا) على معنى ما تأتينا فأنت تحدثنا.

1 في (ج) : (أو باسم الفعل)

2 هذا مذهب الجمهور، وأجاز الكسائي النصب بعد الخبر واسم الفعل قياسا، نحو حسبك الحديث فينام الناس، وصه فأحدثك، وأجازه ابن جني بعد اسم الفعل المشتق نحو نزال ودراك.

يراجع الخصائص 3/49 والارتشاف 2/408 والهمع 2/11.

3 قوله: (أي ما تأتينا محدثا) ساقط من (ج) .

4 أي أو على معنى. كما في توضيح المقاصد 4/207.

5 في (أ) و (ج) : (فكيف) ، والتصويب من (ب) وتوضيح المقاصد 4/207.

ص: 534

والفرق بينهما1 أن في الأول ما قبل الفاء وما بعدها منفيان، وفي الثاني ما قبلها منفي وما بعدها مثبت.

ومنها واو المعية، وهي التي تفيد2 معنى (مع) فإن (أنْ) مضمرة 3 بعدها وجوبا أيضا بعد النفي والطلب بشرطيهما السابقين4.

نحو (لا تأكل السمك وتشربَ اللبن)5. أي لا يكن6 منك أكل للسمك مع شرب اللبن 7 فيكون ذلك نهيا عن الجمع بينهما، فلا يمتنع الإتيان بأحدهما منفردا.

وخرجت الواو التي لمجرد العطف نحو (لا تأكلْ السمك وتشربْ اللبن) بجزم (تشرب) عطفا على (تأكل) ، فيكون ذلك نهيا عن كل واحد منهما. والاستئنافية نحو (لا تأكل السمك وتشربُ اللبن) 8، أي وأنت تشرب اللبن. فلا يجوز النصب أيضا، بل يجب الرفع، ويكون نهيا عن أكل السمك وإخبارا بشرب اللبن9

1 أي بين الفاء العاطفة والفاء الاستنئافية.

2 في (ب) : (تسد) .

3 في (ب) : (تضمر) .

4 في (أ) و (ج) : (بشروطهما السابقة) . والمثبت من (ب) وهو الأولى.

5 في الفعل (تشرب) هنا ثلاثة أوجه سيذكرها الشارح بعد قليل.

6 في النسخ: (لا يكون) والصواب ما أثبته.

7 في (ب) و (ج) : (أكل السمك) وفي (ب) أيضا: (وشرب اللبن) .

8 من قوله: بجزم (تشرب) إلى هنا ساقط من (ج) بسبب انتقال النظر.

9 في (ب)(عن شرب اللبن) .

ص: 535

ومثل المصنف للنصب بعد الفاء الواقعة بعد النفي المذكور، بقوله تعالى {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} 1. وللنصب بعد الواو الواقعة بعده بقوله2 تعالى:{وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} 3 فإن قبله النفي في قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ [49/ب] جَاهَدُوا مِنْكُمْ} .

وشمل الطلب المذكور الأمر، ومثاله بعد الفاء قوله:

91-

يا ناقُ سيري عنقا فسيحا

إلى سليمان فنستريحا4

ومثاله5 بعد الواو كقوله6:

1 من الآية 36 من سورة فاطر.

2 في (ج) : (كقوله) وهو تحريف.

3 من الآية 142 من سورة آل عمران، وقد كتبت في (ج)(ويعم) خطأ.

4 البيتان من مشطور الرجز، وهما لأبي النجم العجلي يمدح سليمان بن عبد الملك.

عنقا: أي سيرا عنقا، وهو ضرب من السير، فسيحا: واسعا. ينظر ديوان أبي النجم العجلي ص 82. والبيتان من شواهد سيبويه 3/35والمقتضب 2/14والأصول 2/183 وسر الصناعة 1/270 وشرح المفصل 7/26 وشرح الألفية لابن الناظم ص 677 وشرح الكافية الشافية 3/1544 والعيني 4/387 والتصريح 2/239 والهمع 2/10. وشرح الأشموني 3/302.

والشاهد قوله: (فنستريحا) حين جاء منصوبا بأن مضمرة لوقوعه بعد الفاء السببية المسبوقة بالأمر. والألف فيه للإطلاق.

5 قوله: (مثاله) زيادة من (ج) .

6 كقوله ساقط من (أ) وفي (ب) : (نحو قوله) .

ص: 536

92-

فقلتُ ادْعِي وأدعوَ إن أنْدى لصوتٍ أن يُنادي داعيان1

والنهي2، ومثل المصنف3 له بعد الفاء بقوله تعالى:{وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} 4، وبعد الواو بقول أبي الأسود الدؤلي 5:

92-

لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلَه

عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم6

1 البيت من الوافر وقد اختلف العلماء في قائله، فنسبه سيبويه للأعشى، وليس في ديوانه ونسبه الزمخشري لربيعة بن جشم، ونسبه ابن يعيش للحطيئة، والصحيح أنه لدثار بن شيبان النمري.

ينظر ملحق ديوان الحطيئة ص 338ومختارات ابن الشجري ق 3ص 6 والكتاب 3/45 ومجالس ثعلب 2/456 وشرح المفصل 7/33 وشرح الألفية لابن الناظم ص 681. واللسان 15/316 (ندى) والمغني ص 519 والعيني 4/392 والتصريح 2/239 وشرح الأشموني 3/307 والدرر 4/85.

والشاهد قوله (أدعو) بالنصب لأنه وقع بعد واو المعية المسبوقة بالأمر.

2 قوله: (والنهي) ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب) .

3 كلمة (المصنف) ساقطة من (ب) .

4 من الآية 81 من سورة طه.

5 هو أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، كان من التابعين، وهو أول من وضع علم النحو بأمر من الإمام علي كرم الله وجهه، وكان من الشعراء المعدودين توفي سنة 69 هـ. تنظر ترجمته في الشعر والشعراء 2/733 ومعجم الشعراء ص 151 وإنباه الرواة 1/48.

6 البيت من الكامل، والمشهور أنه لأبي الأسود الدؤلي، كما قال الشارح ينظر ديوان أبي الأسود ص 165. ونسب البيت للأخطل وللطرماح ولسابق البربري وللمتوكل الليثي. ينظر شعر سابق البربري ص 121 والمتوكل الليثي ص 74.

والبيت من شواهد سيبويه 3/42 والمقتضب 2/26 والإيضاح 323 وشرح المفصل 7/24 وشرح الكافية الشافية 3/1547 وشرح الألفية لابن الناظم ص 682 والتصريح 2/238 والأشموني 3/307 والخزانة 8/64 والدرر 4/86.

والشاهد قوله: (وتأتي) فقد نصب الفعل بعد واو المعية المسبوقة بالنهي.

ص: 537

والدعاء 1 والاستفهام والعرض2 والتمني والتحضيض3 ولا تخفى أمثلتها 4 بعد الفاء والواو5.

1 هذا معطوف على ما سبق، أي شمل الطلب المذكور الأمر والنهي والدعاء

الخ.

2 العَرْض هو الطلب برفق ولين، نحو أَلَا تأتينا فتحدثَنا.

3 التحضيض هو الطلب بشدة، نحو هلاّ زرتنا فنكرمَك.

4 أمثلتها على الترتيب كما يلي:

مثال المنصوب في الدعاء بعد الفاء: (اللهم تب علي فأتوبَ) وبعد الواو (رب وفقني للخير وأعملَ صالحا) ومثال المنصوب في الاستفهام بعد الفاء {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} وبعد الواو (ألم تزرنا ونكرمَك) ومثال المنصوب في العَرْض بعد الفاء (ألا تأتينا فتحدثَنا) وبعد الواو (أَلَا تشتري هذا وتدفعَ ثمنه) ومثال المنصوب في التمني بعد الفاء {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} وبعد الواو {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ} ومثال المنصوب في التحضيض بعد الفاء {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ..} وبعد الواو (هلا سافرت معي وأكرمَك) .

5 ألحق الفراء الترجّي بالتمني، فأجاز نصب الفعل في جوابه، ووافقه ابن مالك استدلالا بقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ

} الآية ينظر معاني القرآن للفراء 3/9 وشرح الكافية الشافية 3/1554.

ص: 538

تنبيهات:

الأول: قوله: (وهي أو بمعنى إلى أو إلا) قد يتوهم منه مرادفة (أو) للحرفين المذكورين، وليس كذلك، بل هي (أو) العاطفة التي لأحد الشيئين. فلو عبّر بصلاحية أحد الحرفين موضعها، كما عبرنا لكان أحسن.

الثاني: تقييده الطلب بغير اسم الفعل قد1 علمت أن في معنى اسم الفعل الخبر2 والمصدر، فكأنه قال: بغير اسم الفعل وما في معناه.

وكأنه إنما اقتصر عليه 3 لأن الكسائي4 جوّز النصب بعد الطلب به5 كما في الطلب بالخبر، فينتفي الطلب بالمصدر من باب أولى، إذ لم يقل بالنصب بعده أحد فيما علمت.

الثالث: قد علم مما تقرر أن النصب بعد الواو ليس على معنى النصب بعد الفاء 6، وإن اشتركا في شرطه.

الرابع: ما ذكره من أن النصب بأنْ المقدرة بعد أو والواو والفاء هو الصحيح7.

1 في (ج) : (كما) .

2 كلمة الخبر ساقطة من (ب) .

3 أي على اسم الفعل. وكلمة (عليه) ساقطة من (ج) .

4 ينظر مذهبه في الارتشاف 2/408 وهمع الهوامع 2/11.

5 أي باسم الفعل نحو (صه فأحدثك) وقد تقدم ذكر قوله في ص 534.

6 لأنه بعد الفاء على معنى الجزاء والسببية وبعد الواو على معنى المعية.

7 وهو مذهب البصريين، ينظر في ذلك الكتاب 3/41 والأصول2/153 وشرح المفصل 7/21 والارتشاف 2/407.

ص: 539

ومذهب الكسائي1 أن أو والواو والفاء [هي الناصبة]2. ومذهب الفراء وجماعة من الكوفيين3 أن النصب بالمخالفة.

ويرد على الكسائي أن هذه حروف4 عاطفة فلا تصلح للعمل لعدم اختصاصها5. وعلى الفراء ومن معه أن العامل اللفظي حيث أمكن لا يعدل عنه إلى المعنوي كما تقدم. والله أعلم.

ص: وبعد الفاء والواو وأو وثم إن عطفن على اسم خالص نحو {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} 6 ونحو (ولُبسُ عباءة وتقرَّ عيني) .

ش: يعني 50/ب أن (أن) كما أضمرت بعد ما تقدم من الحروف، وهي (أو) والواو والفاء كذلك تضمر بعدهن وبعد (ثم) لكن في محل آخر، وهو ما إذا عطف أحد هذه الحروف7 على اسم خالص، أي من تأويل الفعل.

1 وهو مذهب الجرمي أيضا. ينظر الارتشاف 2/407 وهمع الهوامع 2/10

2 في النسخ: (هو الناصب) وما أثبته أولى.

3 ينظر معاني القرآن للفراء 1/33، 221 و2/262 والإنصاف 2/557 وشرح المفصل 7/21.

4 في (ج) : (الحروف) .

5 والحرف إذا كان غير مختص لا يعمل في الأصل كحروف العطف، ينظر توضيح المقاصد للمرداوي 4/200.

6 من الآية 51 من سورة الشورى.

7 في (ب) : (الأحرف) .

ص: 540

واحترز بذلك من نحو قولهم1: (الطائر فيغضبُ زيدٌ الذبابُ) فإنه لا ينصب الفعل وان كان العطف على اسم وهو (الطائر) ،لأنه في تأويل الفعل، أي الذي يطير.

فمثال (أو) قوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} 2 في قراءة النصب3 عطفا على (وَحْيَاَ)4.

ومثال الواو قول ميسون5 زوج معاوية، رضى الله عنه:

94-

ولبسُ عباءةٍ وتقرَّ عَيني

أحبُّ إليَّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ6

1 أي النحويين، لأن هذه من مسائل التمرين التي وضعها النحاة ولم تتكلم بها العرب.

2 من الآية 51 من سورة الشورى.

3 وهي قراءة جمهور القراء سوى نافع فإنه قرأ بالرفع، واختلف فيه عن ابن ذكوان. ينظر النشر لابن الجزري 2/368 وإتحاف فضلاء البشر ص 384.

4 في أول الآية {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} .

5 هي ميسون بنت بحدل الكلبي، أم يزيد بن معاوية، تزوجها معاوية من البادية فثقلت عليها الغربة فسمعها ذات ليلة تقول أبياتا منها هذا البيت فطلقها وردها إلى قومها. ينظر الأشباه والنظائر للخالديين 2/137 وأعلام النساء 5/136.

6 البيت من الوافر، من قصيدة قالتها ميسون تشكو فيها من حياة الحاضرة.

والبيت من شواهد سيبويه 3/45 والمقتضب 2/27 والأصول 2/150 والإيضاح ص 321 وسر الصناعة 2/273 وشرح المفصل 7/25 وشرح الكافية الشافية 3/1557 وتوضيح المقاصد 4/218 والتصريح 2/244 وشرح الأشموني 3/313.

والشاهد فيه نصب الفعل (تقرّ) بأن مضمرة عطفا على الاسم الخالص، وهو (لبس) .

ص: 541

بالنصب عطفا على (لبس) . ومثال الفاء قوله:

95-

لَوْلَا تَوَقُّع مُعْتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ1

...............................

ومثال (ثم) قوله:

96-

إَنِّي وقتلي سليكا ثم أعقله2

..............................

1 صدر بيت من البسيط، وعزاه ابن مالك لرجل من طيء ولم يسمِّه، وعجزه:

...........................

ما كنتُ أُوثر إترابًا على تَرَبٍ

المعتر: المعترض لطلب حاجة دون أن يسأل. الإتراب كثرة المال، الترّب: الفقر.

والمعنى لولا توقعي وجود معتر فأعطيه ما آثرت الغنى على الفقر.

ينظر شرح الكافية الشافية 3/1558 وشرح الألفية لابن الناظم ص 676 وتوضيح المقاصد 4/220وأوضح المالك 3/172والمساعد 3/106 وشفاء العليل 2/937 والعيني 4/398والهمع 2/17وشرح الأشموني 3/314.

والشاهد نصب المضارع بعد الفاء بأن مضمرة عطفا على (توقع) وهو اسم خالص من تأويل الفعل.

2 صدر يبت من البسيط، وهو لأنس بن مدركة الخثعمي، يقوله لما قتل سليكا بن السلكة أحد العدائين العرب، وعجزه:

...............................

كالثّور يُضرب لمّا عافت البقر

أعقله: أي أدفع ديته، عافت: كرهت

ينظر شرح الكافية الشافية 3/1558 وشرح الألفية لابن الناظم ص 686 وتوضيح المقاصد4/221 والمساعد 3/107، والارتشاف 2/242والعيني 4/399 والتصريح 2/244 والهمع 2/17 وشرح الأشموني3/314.

والشاهد نصب المضارع بأن مضمرة بعد (ثم) عطفا على الاسم الصريح أي قتلي ثم عقلي.

ص: 542

تنبيه:

اقتصاره على حذف (أنْ) بعد ما ذكره من الحروف يفهم منه أنها لا تحذف في غيره، وهو كذلك. لكن قد وردت مواضع شاذه، نصب الفعل فيها ب (أنْ) محذوفة وليست مما تقدم.

فمن ذلك1 قولهم (خذ اللص قبل يأخذَك) 2 بالنصب.

وقولهم (تسمَع بالمعيدي خير من أنْ تراه) 3 بالنصب أيضا. فيحفظ ما ورد منها ولا يقاس عليه.

ص: ولك معهن ومع لام التعليل إظهار (أن) .

ش: بَيّن في هذا الكلام ما يجب فيه إضمار (أَنْ) وما لا يجب مما تقدم. فذكر أنه يجوز إظهارها4 بعد هذه الأحرف الأربعة في مسألة العطف على اسم خالص، وبعد لام (كي) وهي5 المراد بقوله:(لام التعليل) .

1 في (ج) : (ومن ذلك) .

2 هذا مثل أورده الميداني في أمثال المولّدين. ينظر مجمع الأمثال 1/262.

3 من أمثال العرب، وفي قوله:(تسمع) ثلاث روايات، بالنصب على إضمار (أن) وهذا شاذ لحذف العامل وبقاء عمله دون عوض، وبالرفع لأنه لما حذفت (أن) زال عملها فارتفع الفعل وهذا هو القياس وروي (لأن تسمع) والمثل يضرب فيمن مخبره خير من مظهره. ينظر فصل المقال للبكري ص 135ومجمع الأمثال 1/129

4 في (ب) : (لما بين الواضع التي يجب فيها إظهار (أن) وما لا يجب مما تقدم ذكر أنه يجوز إظهار (أن) .

5 في (ب) : (وهو) .

ص: 543