الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} 1.
التنبيه الثاني: ألْحَقَ الكوفيون2 (ثُم) بالواو والفاء فأجازوا النصب بعدها، [62/أ] واستدلوا بقراءة الحسن3 {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ} 4.
وزاد بعضهم5 (أو) .
1 من الآية 271 من سورة البقرة.
2 ينظر مجالس ثعلب 1/267 وشرح الكافية الشافية 3/1607 وهمع الهوامع 2/15.
3 الحسن بن يسار البصري، من كبار التابعين كان إمام زمانه علما وعملا، توفي سنة 110 هـ. ينظر غاية النهاية 1/235 وشذرات الذهب 1/136.
4 من الآية 100 من سورة النساء.
قراءة الحسن هذه في المحتسب لابن جني 1/197 والبحر المحيط 3/337.
5 أي بعض النحاة، ولم أعثر على قائل هذا القول. ينظر الارتشاف2/420.
ص:
باب في عمل الفعل
، كل الأفعال ترفع إما الفاعل أو نائبه أو المشبّه به. وتنصب الأسماء إلا المشبه بالمفعول به مطلقا، وإلا الخبر والتمييز والمفعول المطلق فناصبها الوصف والناقص والمبهم المعنى أو النسبة والمتصرف التام ومصدره ووصفه.
ش: هذا الباب عقده المصنف لبيان عمل الأفعال، وكيفية عملها
فذكر أن الأفعال كلها ترفع. وذلك لأنها أبداً مسندة فلابد لها من مسند إليه ضرورة توقف الإسناد على تحقق الطرفين1.
والمسندة هي إليه إما الفاعل فيما بني له2، ك (قَعَدَ زيدٌ) و (ماتَ عمرٌو) أو نائبه فيما بني الفعل له، ك (ضُرِب زيدٌ) و (قُتِل عمرٌو) . أو المشبّه بالفاعل3، وهو مرفوع (كان) وأخواتها، نحو كان زيدٌ قائماً وأمسى زيد مقيما4. فإنها ترفع المبتدأ، كما تقدم تشبيها بالفاعل، ويسمى اسمها.
فجميع مرفوعات الفعل منحصرة في هذه الثلاثة، الفاعل ونائبه ومشبهه5 بمعنى أن كل مرفوع6 منها له رافع خاص من الأفعال لا يرفعه غيره7 لا أن كل فعل8 يرفع كل واحد من الثلاثة.
ثم ذكر أن الأفعال كلها تنصب الأسماء، أي جميع الأسماء إلا ما
1 وهما المسند والمسند إليه.
2 في (أ) : (فيما بني إليه) . صوابه من (ب) و (ج) .
3 كان سيبويه- رحمه الله يسمّي، اسم كان وأخواتها فاعلا لأنه اسم تقدمه فعل وأسند إليه. ينظر الكتاب 1/49، 50 (هارون) .
4 في (أ) : (وأمسى عمرو زيد مقيما) ، والمثبت من (ب) و (ج) .
5 أي مشبه الفاعل، وهو مرفوع (كان) وأخواتها وكذلك مرفوع أفعال المقاربة.
6 في (ب) : (أن كل واحد منها مرفوع)، وفي (ج) :(أن كل واحد مرفوع) .
7 في (ب) : (ما لا يرفعه غيره) .
8 في (أ) : (ولأن كل فعل) ، صوابه من (ب) و (ج) .
استثنى من ذلك. وهو1 أنواع:
منها المشبّه بالمفعول به 2، فإنه من جملة الأسماء المنصوبة؛ ولا ينصبه الفعل بل الوصف، إذ لو نصبه فعل لكان مفعولا به، لا مشبها به. فلا عمل فيه للفعل أصلا، بخلاف غيره مما استثني فيعمل فيه بعض الأفعال دون بعض.
فقوله فيه 3: (مطلقا) دون غيره من المستثنيات إشارة إلى ذلك.
ومنها الخبر، فلا ينصبه كل فعل، بل لا ينصبه إلا الفعل الناقص الذي هو (كان) وأخواتها 4.
ومنها التمييز، فلا ينصبه كل فعل، بل قد ينصبه الاسم المبهم ك (رطل زيتا) فالعامل في (زيتا) النصب هو [62/ب] المبهم الذي هو (رطل) . وقد ينصبه الفعل المبهم النسبة ك (طبت نفسا) . فالعامل في (نفسا) هو الفعل الذي هو (طبت)5.
ومنها المفعول المطلق فناصبه ليس إلا الفعل المتصرف التام لا الناقص، أو مصدره، أو الوصف المشتق من مصدره، ك (ضربت ضربا) 6 وقوله
1 أي المستثنى من ذلك.
2 وهو المنصوب بالصفة المشبهة، كقولك: جاء الحسن الوجه، بنصب الوجه.
3 أي في المشبه بالمفعول به.
4 كقولك: كان زيد مسافرا وأصبح محمد مقيما.
5 وقد تقدم الكلام على ذلك بالتفصيل في باب التمييز.
6 هذا مثال للمفعول المطلق المنصوب بالفعل المتصرف التام.
تعالى1: {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} 2 وقوله: {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً} 3.
ومنها المفعول به، فإنه لا ينصبه كل فعل، بل الأفعال بالنسبة إليه على سبعة أقسام، كما سيأتي4.
وقد ظهر أن في كلام المصنف لفا ونشرا مرتبا5.
وعلم من كلامه أيضا أن الحال والمستثنى والمفعول له والمفعول معه والمفعول فيه يعمل فيها6 كل فعل، سواء كان قاصرا أو متعديا. تامّا أو ناقصا، جامدا أو متصرفا7. والله أعلم.
1 ساقطة من (أ) . وأثبتها من (ب) و (ج) .
2 من الآية 63 من سورة الإسراء، وهي مثال للمفعول المطلق المنصوب بالمصدر.
3 الآية 1 من سورة الصافات، وهذا مثال المفعول المطلق المنصوب بالوصف المشتق من المصدر.
4 سيأتي بيان هذه الأقسام بعد قليل، وذلك في قوله:(وإلا المفعول به..) .
5 اللف والنشر من أنواع البديع، وتعريفه (هو ذكر متعدد على سبيل التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه) . الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني 366 ويكون مرتبا إذا ذكر ما لكل واحد على الترتيب. وقد ظهر هذا في كلام المصنف حين قال في الشذور ص 24: (إلا المشبه بالمفعول به مطلقا وإلا الخبر والتمييز والمفعول المطلق فناصبها الوصف والناقص والمبهم المعنى أو النسبة والمتصرف التام ومصدره ووصفه) . فناصب المشبه بالمفعول به هو الوصف وناصب الخبر هو الناقص وناصب التمييز هو المبهم وناصب المفعول المطلق هو المتصرف التام أو مصدره أو وصفه.
6 في (أ) : (يعمل في) وفي (ج) : (يعمل فيه) والتصويب من (ب) .
7 هذه الأسماء الخمسة تنصبها جميع أنواع الأفعال، تقول: جاء زيد راكبا، وقابلت القوم إلا زيدا، وتصدقت تقربالله، وحضرت اليومَ، وسرت والجبلَ.
ص: وإلا المفعول به، فإنها بالنسبة إليه سبعة أقسام، مالا يتعدى إليه أصلا، كالدال على حدوث ذات، ك (حَدَث) و (نبت) أو صفة حسية، ك (طال) و (خلق)[أو عَرَض، ك (مرض) و (فرح) ] 1 وكالموازن لانفعل2، ك (انكسر) أو فَعُل، ك (ظرُف) أو فَعَل أو فَعِل اللذين وصفهما على (فعيل) نحو (ذلّ) و (سمِن) وما يتعدى إلى واحد دائما بالجار، ك (غضب) و (مرّ) .
ش: لما تقدم أن المفعول به لا ينصبه كل فعل، وأن الأفعال بالنسبة إليه على سبعة أقسام، أخذ في بيان تلك الأقسام. وتضمن هذا الكلام ذكر قسمين منها
القسم الأول ما لا يصل إلى المفعول أصلا، لا بنفسه ولا بواسطة حرف الجر3.
والقسم الثاني ما يتعدى إلى المفعول به بواسطة الجارّ. وذلك كغضب ومرّ، تقول: غضبت من زيد ومررت به.
وكلا القسمين يسمى في الاصطلاح لازما وغير متعدّ وقاصرا.
ويعرف اللازم بأمور، منها ما يرجع إلى المعنى ومنها ما يرجع
1 ما بين المعقوفين ساقط من النسخ، وأثبته من شذور الذهب ص 25.
2 في (أ) : (وكالموازن انفعل) ، والمثبت من (ب) و (ج) والشذور.
3 نلحظ أن الشارح لم يمثل هنا لهذا القسم، وقد مثل له المصنف بقوله: حَدَث ونبتَ.
إلى اللفظ.
فمما يرجع إلى المعنى الدلالة الدالة1 على حدوث ذات، ك (حدث المطر) و (نبت الزرع) .
ومنها الدلالة الدالة2 على حدوث صفة حسية، ك (طال زيد) و (خَلِق الثوب) واحترز بالحسية عن المعنوية، [63/أ] ك (عَلِمَ) و (فَهِمَ) فإنه متعد3 تقول: علم النحو وفهم المسألة.
وما4 يرجع إلى اللفظ أن يكون الفعل على وزن (انفعل) ك (انكسر) و (انجبر) أو على وزن (فَعُل) بضم العين ك (ظرف) و (شرف)5. أو على وزن. (فعَل) بفتح العين، أو على وزن (فعِل) بكسر العين. بشرط أن يكون الوصف من هذين الوزنين على (فعِيل)6.
مثال الأول (ذَل) لقولهم: يذِلّ، بكسر الذال7.
1 كلمة (الدالة) ساقطة من (أ) ، وأثبتها من (ب) و (ج) .
(الدالة) زيادة من (ب) .
(علم) الذي بمعنى (عرف) متعد لواحد، كما مثل له الشارح والذي بمعنى (تيقن) متعد لاثنين، نحو علمت زيدا فاضلا. أما (فهم) فهو متعد لواحد.
4 كذا في النسخ.
5 وتسمى هذه الأفعال أفعال السجايا، ومثلها (جَبُن) و (شَجُع) و (حَسُن) .
6 هذا الشرط احتراز من نحو (ضرب) و (علِم) لأن الوصف منهما ليس على (فعيل) فهما متعديان.
7 أي في المضارع فدل ذلك على أن الماضي منه على وزن (فَعَل) لأن عين المضارع تخالف عين الماضي غالبا.
ومثال الثاني (سَمِن) .
وقد جاء وصف الفاعل منهما على (فعِيل) فقيل: ذليل وسمين.
ومما يدل على اللزوم أيضا - غير ما ذكر المصنف هنا كون الفعل لا يبنى منه اسم مفعول تام، أي مستغن عن صلة1، نحو (خرج) فإنه لا يقال: مخروج، بل: مخروج به. وكونه لا يتصل به ضمير غير المصدر، فلا تقول: زيد خرجه عمرو، وإنما يقال: الخروج خرجه عمرو.
وكونه يدل على عَرَض2، وهو ما ليس حركة جسم من وصف غير ثابت ك (مَرِض) و (كسِل) و (نهِم) إذا شبع3.
وأن يكون موازنا ل (افعللّ) كاكْوهدّ4 الفرخ إذا ارتعَد، أو ل (افعنلل) ك (احرنجم) و (اقعنسس)5. أو ل (افعنلى) كاحرنْبَى الديك6.
1 في (ج) : (عن صفة) والمراد بالصفة هنا الجار والمجرور، وهذا مصطلح كوفي، ينظر معاني القرآن للفراء1/119. وعبارة ابن مالك في ذلك أدق حيث قال في شرح الكافية 2/629:((والمراد بالتمام الاستغناء عن حرف جر)) .
2 زاد العلماء أيضا ما دل على نظافة ك (نظُف) أو على دنس، ك (نَجُس) أو على مطاوعة نحو كسرته فانكسر. ينظر التصريح1/310.
3 ينظر أوضح المسالك لابن هشام 2/15 والتصريح 1/310.
4 اكوهدّ على وزن افْوَعَلّ، وقيل: وزنه افعلَّل ينظر الأفعال للسرقسطي 2/204.
5 احرنجم بمعنى اجتمع واقعنْسس بمعنى امتنع. ينظر لسان العرب 6/178 و12/130 (قعس) و (حرجم) .
6 ساقطة من (ب) واحرنبى الديك أي نفش ريشه وتهيأ للقتال. ينظر المنصف لابن جني 3/14 ولسان العرب 1/307
تنبيه:
جعل المصنف العلامات1 التي ذكرها دالة على النوع الأول من نوعي اللازم، وهو ما لا يصل إلى المفعول به أصلا، لا بنفسه ولا بحرف جر صرّح بذلك في المتن والشرح2. وضم في غيرهما3 إليها ما ذكرناه زيادة على ما ذكره هنا.
وجعل الجميع دالاًّ على مطلق اللزوم4. وهذا يفيد علامة النوع الثاني التي لم يذكرها هنا.
ص: أو دائما بنفسه كأفعال الحواسّ، أو تارة وتارة ك (شكر) و (نصح) و (قصد) وما يتعدى [له] 5 بنفسه تارة ولا يتعدى إليه أخرى، ك (فغر) و (شحا) وما يتعدى إلى اثنين، فإما أن يتعدى إليهما تارة ولا يتعدى أخرى، ك (نقص)[وزاد]6. أو يتعدى إليهما دائما، فإما ثانيهما كمفعول [63/ب] شكر، ك (أمر) و (استغفر) واختار وصدق وزوّج وكنى وسمّى، ودعا بمعناه7 و (كال) و (وزن) أو أولهما فاعل في
1 في (ب) و (ج) : (العلامة) .
2 شرح شذور الذهب لابن هشام ص 354، 355.
3 أي في غير شذور الذهب وشرحه وذلك في كتابه أوضح المسالك 2/15.
4 أي سواء أكان لازما لا يصل إلى المفعول به أصلا أم كان لازما يصل إليه بحرف.
5 قوله: (له) ساقط من النسخ وأثبته من شذور الذهب ص 25.
6 سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 25.
7 أي بمعنى (سمّى) وسيأتي بيان معاني هذه الكلمات.
المعنى ك (أعطى) و (كسى)1. أو أولهما وثانيهما مبتدأ وخبر في الأصل.
ش: شرع في ذكر ما بقي من أقسام الأفعال بالنسبة إلى المفعول. وقد تقدم أنها سبعة، ذكر منها فيما سبق قسمين، وبقي خمسة.
القسم الثالث من الأفعال ما يتعدى إلى المفعول به بنفسه دائما، وذلك كأفعال الحواس الخمس.
السمع2، تقول: سمعت كلام زيد، قال الله تعالى:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ} 3.
والبصر، تقول: رأيت الهلال، قال الله تعالى:{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ} 4 والشم، تقول: شممت الطيب5.
1 في (أ) : (وكنا)، ومن قوله: (أو أولهما
…
) إلى آخره ساقط من (ب) .
2 قال ابن السيد في كتابه الحلل في شرح أبيات الجمل ص 389: (حاسة السمع بمنزلة الحواس الخمس في تعديها إلى مفعول واحد) . وهو يرد بذلك على الفارسي الذي زعم أن (سَمع) إذا وقع على مالا يسمع تعدى إلى مفعولين، نحو سمعت زيدا يقول كذا.
3 من الآية 6 من سورة التوبة، وفي (أ) :(قال تعالى) في هذا الموضع وما بعده.
4 من الآية 22 من سورة الفرقان.
5 وفيه لغتان، تقول شَمِمْته أشَمّه وشمَمْته أشُمُّه. لسان العرب 12/325 (شمم) .
والذوق، تقول: ذقت الطعام، قال الله تعالى:{لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} 1.
واللمس، تقول: لمست الثوب، قال الله تعالى:{أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} 2.
القسم الرابع: ما يتعدى بنفسه إلى المفعول تارة، وبواسطة حرف الجر أخرى. ك (شكر) 3 تقول: شكرت زيدا وشكرت له، و (نصح) كنصحته ونصحت له و (قصد) كقصدت زيدا4 وقصدت له وقصدت إليه5.
القسم الخامس: ما يتعدى إلى المفعول بنفسه تارة، ولا يتعدى، لا بنفسه ولا بحرف الجر تارة أخرى. وذلك كفغرفاه، وشحاه، ومعناهما فتحه. وفغرفوه وشحافوه، ومعناهما انفتح.
1 من الآية 56 من سورة الدخان.
2 من الآية 6 من سورة المائدة.
3 ساقط من (ب) و (ج) .
4 في (أ) : (كقصدت يزيدا) وفي (ب) : (كصدت زيدا) ، والمثبت من (ج) .
5 أكثر علماء اللغة يرون أن هذه الأفعال تتعدى بنفسها وبحرف الجر وتوصف بالتعدي واللزوم، لاستعمالها بالوجهين. وذهب بعضهم إلى أن أصلها أن تستعمل بالحرف ثم كثر استعمالها بدونه، وقيل أيضا: الأصل فيها التعدية بنفسها وحرف الجر زائد. ينظر لسان العرب 4/423 (شكر) وهمع الهوامع 2/80.
قال في الصحاح 1: (يتعدِّيان ولا يتعديان) .
القسم السادس: ما يتعدى إلى مفعولين، وهذا القسم أضرب:
ضرب يتعدى إليهما بنفسه تارة ولا يتعدى إليهما أخرى، لا بنفسه ولا بحرف الجر. تقول من الأول2: نقصت المال دينارا. ومن الثاني 3: نقص المال. وكذلك (زاد) .
قال في الصحاح: (تقول: زاد الشيء أي ازداد، وزاده الله خيراً) 4 انتهى. وهو ظاهر في ذلك.
وضرب يتعدى إلى اثنين دائما ويكون ثاني مفعوليه 5 كمفعول (شكر) يصل إليه بنفسه تارة وبحرف الجر أخرى.
[64/أ] ووقع في بعض نسخ الشرح6 (ما ثاني مفعوليه كثاني مفعول7 شكر) والصواب (كمفعول شكر) كما عبّرنا.
1 عبارة الجوهري في الصحاح 2/782: فغر فاه أي فتحه وفغرفوه أي انفتح، يتعدّى ولا يتعدى. وينظر أيضا الصحاح 6/2390.
2 وهو ما يتعدى إلى المفعولين بنفسه، (كنقص) .
3 وهو ما لا يتعدى إلى المفعولين لا بنفسه ولا بحرف الجر من الضرب الأول.
4 الصحاح 2/481.
5 في (ج) : (مفعوله) وهو تحريف.
6 الذي في شرح الشذور المطبوع ص 357: (ما ثاني مفعوليه كمفعول شكر) .
7 في (ب) و (ج) : (كمفعولي شكر)
فمنه (أمر) تقول أمرتك الخير1 وبالخير. و (استغفر) تقول: استغفرت الله ذنبا ومن ذنب. و (اختار) تقول: اخترت زيدا القوم2 ومن القوم. و (صدق) تقول: صدقته الحديث وفي الحديث. و (زوّج) تقول: زوّجته هندا وبهند. و (كنَى) بتخفيف النون، تقول: كنيته أبا عبد الله وبأبي عبد الله 3. و (سمّى) تقول: سمّيته محمدا وبمحمد. و (دعا) بمعنى (سمّى) تقول: دعوته زيدا وبزيد. و (كال) تقول: كلت زيداً طعامه 4 ولزيد طعامه. و (وزن) تقول: وزنت زيدا دراهمه ولزيد دراهمه.
وقد يتبادر إلى الفهم أن (زيدا) في هذين التركيبين هو المفعول الأول5 فيكون مما دخل الحرف فيه على الأول، لا على الثاني، فلا يكون من باب الأفعال التي قبله. وليس كذلك، فقد نص المعربون6 كما ذكره المصنف في الشرح7 على أن المحذوف في قوله تعالى {وَإِذَا كَالُوهُمْ
1 كقول الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب.
2 ومنه قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} .
3 ينظر اللغات الواردة في ذلك في لسان العرب 15/233 (كنى) .
4 في (ب) : (وأكل، تقول: أكلت زيدا طعامه) وهو تحريف.
5 لأنه وقع متقدما في الكلام.
6 المراد بالمعربين هنا المعربون للقرآن الكريم. ينظر إعراب القرآن للنحاس 5/174 والتبيان في إعراب القرآن 2/1276.
7 شرح شذور الذهب ص 376.
أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} 1 هو المفعول الأول. انتهى.
وكأن أصل هذا التركيب، والله أعلم كالوا الطعام للناس ثم توسع2 فيه بحذف الجار. فلأجل ذلك جعل المحذوف من الآية المفعول الأول الذي هو الطعام.
وضرب يكون أول مفعوليه فاعلا في المعنى، نحو كسوته جبّة وأعطيته درهما فالأول فاعل وآخذ3.
وضرب يكون مفعولاه في الأصل مبتدأ وخبرا 4 ك (ظننت زيداً قائما) . فإن أصل مفعوليه (زيد قائم) وهما مبتدأ 5 وخبر.
وقد أخذ في تفصيل القول فيه، فقال:
ص: وهو أفعال القلوب، (ظنّ) لا بمعنى (اتّهم) وعَلِِم لا بمعنى عرف، ورأى لا من الرأي، ووجد لا بمعنى حزن أو حقد وحجا لا بمعنى قصد، وحسب وزعم وخال وجعل ودرى في لغيّة. وهبْ وتعلم،
1 الآية 3 من سورة المطففين.
2 في (ب) و (ج) : (ثم توسعوا) .
3 أي أن المفعول الأول فاعل معنى لا إعرابا، لأنه في المثال الأول هو اللابس للجبة وفي الثاني هو الآخذ للدرهم.
4 هذا قول الجمهور، ووافقهم السهيلي. ينظر نتائج الفكر ص 339 والتصريح 1/246.
5 من قوله: (وخبرا
…
) إلى هنا ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .
بمعنى اعلم ويلزمان الأمر. وأفعال التصيير، ك (جعل) وتخذ 1 و (اتخذ) و (رد) و (ترك) .
ش: يعني [64/ب] أن الذي يتعدى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر منه ما يسمى أفعال القلوب، ومنه ما يسمى أفعال التصيير.
وإنما قيل للأول ذلك لأن معانيه قائمة بالقلب2. وقيل للثاني أفعال التصيير لأنها للتحويل من حالة إلى حالة ك (صيرت الطين خَزَفا) ، فأردت انتقاله عن الطينية إلى الخزفية.
فقوله: (وأفعال التصيير) مرفوع عطفا على قوله: (أفعال القلوب) .
فمن أفعال القلوب (ظنّ) لا بمعنى (اتّهم) فإنها إذا كانت بمعنى (اتّهم) تعدت إلى واحد فقط3، كقوله:{وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينَ} 4 أي بمتهم. وترد لليقين، كقوله تعالى:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} 5
1 قوله: (وتخذ) ساقط من (ب) و (ج) .
2 ينظر شرح الأشموني 2/19 وحاشية العدوي على الشذور 2/130.
3 وهذا من باب التضمين، حيث ضمن (ظن) معنى (اتّهم) فتنصب مفعولا واحدا. ينظر كتاب سيبويه 1/126- هارون.
4 الآية 24 من سورة التكوير. قرىء (بظنين) بالظاء المشالة بمعنى (بمتهم) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ورويس، وقرىء (بضنين) بالضاد أي (ببخيل) وهي قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة وأبي جعفر ويعقوب وخلف. ينظر السبعة لابن مجاهد 673 والتذكرة لابن غلبون 2/756 والنشر لابن الجزري 2/398.
5 من الآية 46 من سورة البقرة.
وللرجحان، وهو الغالب فيها، كقوله:
131-
ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا1
…
.... .....
ومنها (عَلِم) لا بمعنى عَرَف، فإنها إذا كانت بمعنى (عَرَف) تتعدى إلى واحد، نحو قوله تعالى:{وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا} 2. وترد لليقين، وهو الغالب فيها، كقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ} 3 وللرجحان، كقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} 4.
ومنها (رأى) لا من الرأي أي المذهب. فإنها إذا كانت منه تعدت إلى واحد، كقولك: رأى أبو حنيفة5 حل
1 صدر بيت من الطويل، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه، وعجزه:
...... ........
…
فعردت فيمن كان عنها معرّدا
صاليا: داخلا فيها، عرّدت: فررت، معرّدا: هاربا.
وقد ورد البيت في شرح التسهيل لابن مالك [78/ أ] وشفاء العليل 1/394 والعيني 2/ 381 والتصريح 1/ 248 والأشموني 2/21.
والشاهد فيه استعمال (ظن) للرجحان، وهو الأصل فيها، وقد نصبت مفعولين الأول (الكاف) والثاني (صاليا) .
2 من الآية 78 من سورة النحل.
3 من الآية 19 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
4 من الآية 10 من سورة الممتحنة.
5 هو النعمان بن ثابت، المعروف بأبي حنيفة، إمام المذهب الحنفي كان من كبار العلماء في الفقه، نشأ بالكوفة، وتوفي ببغداد سنة 150 هـ.
ينظر شذرات الذهب 1/227 والأعلام 8/36.
كذا1 ورأى الشافعي2 حرمته. وهي مثل (علم) في كونها يغلب استعمالها في اليقين.
وتستعمل3 في الرجحان، ويجمعهما قوله تعالى:{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً} 4.
منها (وَجَد) لا بمعنى حزِن، ولا بمعنى حقد5. فإنها إذا كانت بأحد المعنيين لا تتعدى. وهي تفيد في الخبر يقينا، قال تعالى:{تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً} 6.
ومنها (حجا) لا بمعنى قصد. لأنها إذا كانت بمعنى قصد تعدت
1 في (ب) و (ج) : (حلّية كذا) والثابت الأول. جاء في اللسان 11/167: (الحل والحَلال والحِلال والحَليل، نقيض الحرام) .
2 هو محمد بن إدريس الشافعي القرشي، إمام المذهب الشافعي، وأحد الأئمة الأربعة، توفي بمصر سنة 204 هـ.
ينظر سير أعلام النبلاء7/147 والأعلام 6/26.
3 أي رأى.
4 الآيتان 6 و7 من سورة المعارج. فهي في قوله: (يرونه) للرجحان أي يظنونه، وفي قوله:(نراه) لليقين.
5 يقال: وَجَد زيد إذا حزن ومصدره الوجد، وهو لازم، ويقال: وجد زيد إذا حقد والمصدر. مَوجدة، وهو أيضا لازم. ينظر التصريح1/250.
6 من الآية 20 من سورة المزمل.
لواحد، نحو حجوت بيت الله، أي قصدته1.
وهي [65/أ] تفيد في الخبر رجحانا، كقوله:
132-
قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة
…
حتى ألمت بنا يوما ملمات2
ومنها (حسِبَ) وترد لليقين، كقوله:
133-
حسبت التقى والجود خير تجارة3
…
...
…
...
…
.... ....
…
1 ينظر لسان العرب 14/166 (حجا) .
2 البيت من البسيط، وهو لأبي شبل الأعرابي، يهجو أبا عمرو الشيباني وقيل: هو لتميم بن مقبل. ولم يرد عجز البيت في (أ) وهو ثابت في (ب) و (ج) .
أحجو: أظن، ملمات: جمع ملمة وهي المصيبة. ينظر معجم الأدباء 6/80.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/543 وشرح الألفية لابن الناظم ص 199 وتخليص الشواهد ص 440 والعيني 2/376 والتصريح 1/248 والأشموني 2/23 والدرر اللوامع 2/237.
والشاهد فيه نصب (أحجو) لمفعولين أولهما (أبا عمرو) وثانيهما (أخاً ثقةً) وهي هنا تفيد الرجحان. ويروى (أخا ثقة) بالتنوين.
3 صدر بيت من الطويل، وقائله لبيد بن ربيعة العامري وعجزه:
....... ........................
…
رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا
رباحا: أي ربحا، ثاقلا: ميتا، لأن البدن يثقل إذا فارقته الروح.
والرواية في الديوان: (رأيت التقى والحمد) ينظر ديوان لبيد ص 246.
والبيت في الأضداد لابن الأنباري ص 21 والبحر المحيط 2/134 وارتشاف الضرب 3/59، والعيني 2/384 والتصريح 1/249 وهمع الهوامع 1/149 وشرح الأشموني 2/21. ولم يرد هذا البيت في (ب) .
والشاهد فيه ورود (حسب) لليقين ونصبها لمفعولين أولهما (التقى) وثانيهما (خير) .
وللرجحان، وهو الغالب فيها1، كقوله:
134-
وكنّا حسبنا كلَّ بيضاء شحمةً
…
عشية لاقينا جذامَ وحِمْيرا 2
ومنها (زعم) وتفيد في الخبر رجحانا، كقوله:
135-
زعمتني شيخا ولست بشيخ
…
إنما الشيخ من يدبّ دبيبا3
والأكثر فيه4 وقوعه على (أنْ) و (أنّ) وصلتهما، كقوله تعالى:
1 قوله: (كقوله....) إلى هنا ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
2 البيت من الطويل، وهو لزفر بن الحارث الكلابي. ولم يرد عجز البيت في (أ) .
وصدر البيت من الأمثال، يقال: لا تحسب كل بيضاء شحمة. وفي (ج) : (لاقينا جذاما وحميرا) . وجذام وحمير: قبيلتان عربيتان. والبيت من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 197 ومغني اللبيب 833 وتخليص الشواهد ص 435 وشفاء العليل 1/394 والعيني 2/382 والتصريح 1/249.
والشاهد ورود (حسب) للرجحان وهو المعنى الغالب في استعمالها وقد نصبت مفعولين الأول (كل) والثاني (شحمة) .
3 البيت من الخفيف وهو لأبي أمية أوس الحنفي. ولم يرد عجز البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) . وهو من شواهد مغني اللبيب ص 775 وتخليص الشواهد ص 428 والعيني 2/379 والتصريح 1/248 وهمع الهوامع 1/148 وشرح الأشموني 2/22.
والشاهد نصب (زعم) لمفعولين الأول ياء المتكلم والثاني (شيخا) .
4 أي الأكثر في (زعم) استعماله مع (أنْ) و (أنّ) وصلتهما فتسد مسد المفعولين. قال ابن هشام في المغني ص 774: (ولم يقع في التنزيل إلا كذلك) .
{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} 1. وقول الشاعر:
136-
وقد زعمت أنّي تغيرت بعدها
…
ومن ذا الذي يا عَزّ لا يتغير2
ومنها (خال) وتفيد في الخبر رجحانا، كقوله:
137-
إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى3
…
............................. ....
ومنها4 (جعل) وهو للرجحان كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ
1 من الآية 7 من سورة التغابن. و (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر سد مسد مفعولي زعم والتقدير في الآية (عدم بعثهم) .
2 البيت من الطويل، من قصيدة لكثيرة عزة. وعجز البيت لم يرد في (أ) وهو ثابت في (ب) و (ج) . ينظر ديوانه ص 328 قصة هذه الأبيات في خزانة الأدب 5/222. وقد ورد البيت في شرح شذور الذهب ص 359 وتخليص الشواهد ص 428 والعيني 2/380 والتصريح 1/248 وشرح الأشموني 2/22.
والشاهد وقوع (زعم) على (أن) وصلتها فسدت مسد المفعولين وهذا هو الأكثر.
3 صدر بيت من الطويل، ولم أجد من نسبه لقائله، وعجزه:
....... .......
…
يسومك مالا يستطاع من الوَجْد
إخالك: بكسر الهمزة، والقياس فتحها، لأنها حرف المضارعة، وهو مفتوح.
والبيت في شرح التسهيل لابن مالك [ق 78. أ] وأوضح المسالك 1/307 وشفاء العليل 1/394 والمساعد 1/360 والعيني 2/385 والأشموني 2/20.
والشاهد فيه مجيء (خال) للظن الراجح وقد نصبت مفعولين أولهما كاف المخاطب والثاني (ذا هوى) .
4 من قوله: (خال....) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر. بما في ذلك البيت المذكور، وأثبته من (ب) و (ج) .
الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} 1.
ومنها (درى) وهو لليقين2، كقوله:
138-
دُريت الوفيّ العهد يا عروَ فاغتبط
…
فإن اغتباطا بالوفاء حميد3
هذا في لغة قليلة4. والأكثر فيه أن يتعدى بالباء لواحد5. فإن دخلت عليه الهمزة تعدّى لآخر بنفسه، نحو قوله تعالى:{وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ} 6.
1 من الآية 19 من سورة الزخرف.
2 في (ب) و (ج) : (وهي لليقين) .
3 البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه. ولم يرد عجز البيت في (أ) وورد في (ب) و (ج) . وجاء في (ج) :(يا عمرو) بدل (يا عرو) وهو تحريف، و (عرو) ترخيم (عروة) .
والبيت من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 196 وشرح شذور الذهب ص 360 وشفاء العليل 1/393 والمساعد 1/358 والعيني 2/373 والتصريح 1/247 وهمع الهوامع 1/ 149 وشرح الأشموني 2/23.
والشاهد مجيء (درى) لليقين ونصبها لمفعولين أولهما تاء المخاطب التي وقعت نائب فاعل وثانيهما (الوفي) .
4 هذه اللغة في التصريح 1/247 وهمع الهوامع 1/149.
5 وذلك كقولك: دَريت بالخبر أي علمته.
6 من الآية 16 من سورة يونس.
وقد تعدى (درى) في الآية لمفعولين أولهما الكاف وذلك بهمزة التعدية وثانيهما الهاء وذلك بحرف الجر.
ومنها (هَبْ) وهو للرجحان، كقوله:
139-
....... ........
…
وإلَاّ فهبْنِي امرأً هالكاً1
وهذا2 ملازم لصيغة الأمر.
ومنها (تعلّمْ) بمعنى (اعلم) ، وهو لليقين، كقوله:
140-
تعلمْ شفاءَ النفس قهرَ عدوِّها
…
...... ...... 3
1 عجز بيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي،. وصدره:
فقلت أجرني أبا خالد
…
....... ........
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/546 وشرح الألفية لابن الناظم 199 والعيني 2/378 والتصريح 1/248 والأشموني 2/24 والهمع 1/149.
والشاهد فيه مجيء (هب) فعلا للرجحان، وقد نصبت مفعولين الأول ياء المتكلم والثاني (امرأً) .
2 أي (هب) ملازم لصيغة الأمر، فلا يأتي منه الماضي والمضارع.
3 صدر بيت من الطويل، وهو لزياد بن سيار، وعجزه:
........ .......
…
فبالغ بلطف في التحيّل والمكر
تعلم: اعلم، شفاء النفس: قضاء مآربها، بلطف: برفق.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/546 وشرح الألفية لابن الناظم ص 196 وشفاء العليل 1/393 وتعليق الفرائد 4/147 والعيني 2/374 والتصريح 1/247 والهمع 1/149 والأشموني 2/24 وخزانة الأدب 9/129.
والشاهد نصب (تعلم) التي بمعنى (اعلم) لمفعولين أولهما (شفاء) وثانيهما (قهر) .
وهذا أيضا1 ملازم لصيغة الأمر كالذي قبله.
وأما أفعال التصيير فذكر منها خمسة:
أحدها (جعَل) نحو قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} 2.
ثانيها (تَخِذ)، قال الشاعر:
141-
تَخِذت غُراز إثرهم دليلا3
…
..........................
1 من قوله: (ملازم لصيغة الأمر..) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج) .
2 من الآية 23 من سورة الفرقان.
3 صدر بيت من الوافر، وهو لأبي جندب الهذلي، وعجزه:
....... ........
…
وفروا في الحجاز ليعجزوني
تخذت: اتخذت بلغة هذيل، يعجزوني: يفوتوني ويغلبوني، وفي (أ) :(غرازا) بالألف. وغراز بالزاي اسم واد، وهذه رواية بعض المراجع. وفي شرح أشعار الهذليين للسكري وكثير من المراجع (غران) بالنون وهو أيضا اسم واد ضخم في الحجاز بين ساية ومكة كما في معجم البلدان 4/191. قال العيني في شرح الشواهد الصغرى 2/25:(غراز) بضم الغين وتخفيف الراء وفي آخره زاي معجمة اسم واد، وقد حرف من فسره بأنه اسم رجل وصحّف من قال: في آخره نون، وهو موضع بناحية عمان وهو لا ينصرف للعلمية والتأنيث) وينظر أيضا معجم البلدان 4/ 190.
البيت في شرح أشعار الهذليين 1/354 وشرح الكافية الشافية 2/549 وارتشاف الضرب 3/61 وشفاء العليل 1/395 والعيني 2/400 والتصريح 1/252 وشرح الأشموني 2/25.
والشاهد فيه نصب (تخذ) ، لمفعولين أولهما (غراز) وثانيهما (دليلا) .
ثالثها (اتّخذ) قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} 1.
رابعها (رد) كقوله تعالى: {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً} 2. خامسها (ترك) كقوله تعالى3: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْض} 4.
تنبيهات:
الأول: قد تحرر أن ما ذكره المصنف من أفعال على أربعة أقسام:
ما يفيد اليقين، وهو (وَجَد)[65/ب] و (تعلّمْ) بمعنى اعلم و (دَرَى) .
وما يفيد الرجحان، وهو (جَعل) و (حجا) و (هبْ) و (زعم) .
وما يأتي لهما5 والغالب اليقين، وهو (رأى) 6 و (علم) ، وما يأتي لهما والغا لب7 الرجحان، وهو (ظنّ) و (حسب) و (خال) .
1 من الآية 125 من سورة النساء.
2 من الآية 109 من سورة البقرة.
3 ساقطة من (أ) ، وأثبتها من (ب) و (ج) .
4 من الآية 99 من سورة الكهف، وجملة (يموج في بعض) في موضع نصب المفعول الثاني ل (ترك) .
5 أي لليقين والرجحان.
6 في (أ) : (وهو درى) وهو تحريف.
7 من قوله: (اليقين وهو رأى) إلى هنا ساقط من (ب) لانتقال النظر.
التنبيه الثاني 1: تأتي (رأى) بصرية، كقولك: رأيت الهلال أي أبصرته، فلا تتعدى إلا إلى واحد2.
وكذلك من أفعال الباب ما يأتي لمعان أخر غير قلبية3.
ولم يحترز الشيخ عن ذلك لأنه لا يشملها قوله: (أفعال القلوب) . والمعاني التي احترز عن ورود الأفعال بمعناها كلها قلبية.
التنبيه 4 الثالث: ألحقوا (رأى) الحلمية5 برأى العلمية في التعدي لاثنين6، كقوله:
142-
أراهم رُفقتي حتى إذا ما
…
تجافى الليل وانخزل انخزالا7
1 قوله: (التنبيه) ساقط من (ب) وقوله: (الثاني) ساقط من (ج) .
2 لأنها إذا كانت بصرية تكون من أفعال الحواس، هي لا تتعدى إلا لواحد.
3 من ذلك قولهم: (عَلِم الرجل) إذا كان مشقوق الشفة العليا و (رأى) بمعنى أبصر، و (حجا) بمعنى غلب في المحاجة و (وَجَدَ) بمعنى أصاب و (عد) بمعنى حسب، و (زَعَم) بمعنى كفل و (درى) بمعنى خدع و (خال) بمعنى تكبّر وغير ذلك. التصريح 1/250.
4 هذه الكلمة ساقطة من (أ) و (ب) .
5 رأى الحلمية هي قول النائم: رأيت في منامي كذا، وذلك كما في الآية:{إني أراني أعصر خمرا} .
6 قوله: (لاثنين) ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) .
7 البيت من الوافر، وقائله عمرو بن أحمر الباهلي، يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام، فرآهم في منامه. والضمير في قوله:(أراهم) يرجع إلى هؤلاء القوم.
تجافى: ارتفع، انخزل: ذهب وانقطع، ينظر شعر ابن أحمر ص 130.
والبيت في الأمالي الشجرية 1/137 وشرح الألفية لابن الناظم ص 210 وتوضيح المقاصد 1/387 وشفاء العليل 1/396 والعيني 2/421 والتصريح 1/250 وهمع الهوامع 1/150 وشرح الأشموني 2/34.
والشاهد فيه نصب (رأى) الحلمية لمفعولين وهما الضمير في قوله: (أراهم) و (رفقتي) وذلك إجراء لها مجرى (رأى) القلبية، لأن كلا منهما إدراك بالباطن.
الرابع: أدخل الكاف على أفعال التصيير1 ليشير به2 إلى أنها لا تنحصر فيما ذكره من الأفعال، وكأنه اقتصر على ما ذكره منها لشهرته3.
ص: ويجوز إلغاء القلبية المتصرفة، متوسطة أو متأخرة.
ش: لما ذكر أن أفعال القلوب وأفعال التصيير مشتركة في نصب المفعولين، وكانت أفعال القلوب مختصة عن أفعال التصيير4 بحكمين آخرين، وهما الإلغاء والتعليق أراد بيان ذلك. فبدأ بالإلغاء، وذكر أنه جائز5 لا واجب.
وهو إبطال العمل لفظا ومحلا، لضعف العامل إما بسبب تأخره عن
1 وذلك قول ابن هشام الشذور 25: (وأفعال التصيير كجعل وتخذ
…
) .
2 في (ب) : (إدخال الكاف على أفعال التصيير يشير به) .
3 ومما لم يذكره من أفعال التصيير (صير) و (وَهَب) تقول: صيرت الورق كتابا، ووهبني الله فداءك.
4 من قوله (مشتركة في نصب
…
) إلى هنا ساقط من (ب) .
5 كلمة (جائز) ساقطة من (ج) .
المفعولين1، وإما بسبب توسطه بينهما2.
فقوله: (القلبية) احترز به عن أفعال التصيير، فلا تلغى، كما علمت.
وقوله: (المتصرفة) احترز به عن ما كان من أفعال القلوب غير متصرف، ك (هَبْ) و (تعلّمْ) فإنهما ملازمان لصيغة الأمر، كما تقدم، فلا يدخل فيهما الإلغاء3.
مثال المؤخر4 عنهما زيد قائم أظن5 ويجوز الإعمال، فتقول: زيدا6 قائما أظن7.
ومثال المتوسط زيد أظن قائم8. ويجوز الإعمال، فتقول: زيدا
1 في (ب) : (عن المعمولين) وينظر تفصيل ذلك في شرح المفصل لابن يعيش 7/86 وارتشاف الضرب 3/63.
2 قال سيبويه 1/191- هارون: (فإن ألغيت قلت: عبد الله أظن ذاهب وهذا أخال أخوك، وفيها أرى أبوك، وكلما أردت الإلغاء فالتأخير أقوى وكل عربي جيد) .
3 في (أ) : (إلغاء) والمثبت من (ب) و (ج) .
4 في (ب) : (مثال ذلك المؤخر)، وفى (ج) :(مثال المتأخر) .
5 وذلك على الإلغاء، والغالب أنه إذا تأخر العامل ألغي عمله، لأنه قد بُني الكلام على اليقين، فالإلغاء أقوى.
6 في (ج) : (زيد) بالرفع وهو خطأ ظاهر.
7 وهو ضعيف لتأخر العامل، ينظر تعليل ذلك في أسرار العربية ص 161، 162.
8 على الإلغاء، لأنه قد توسط العامل بين المعمولين فضعف عن العمل.
أظن قائما1.
[66/أ]
تنبيهات:
الأول: أفهم كلامه أن المتأخر والمتوسط2 سواء في جواز إلغائهما أي عدم امتناعه. وهو كذلك، لكن يتفاوتان في العمل.
فإعمال المتأخر مرجوح وإلغاؤه راجح3، وإعمال المتوسط راجح وإلغاؤه مرجوح4. وقيل: هما سواء5.
الثاني: أفهم أيضا كلامه أنه لا يجوز إلغاء العامل المتقدم على المفعولين وتحته صورتان:
الأولى أن يتقدم عليه شيء من الكلام يخرجه عن أن يبتدأ به. والثانية أن يبتدأ به 6 ولا يتقدم عليه شيء.
1 من قوله: (ومثال المتوسط
…
) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
2 في (أ) : (المتوخر والمتوسط) وفي (ج) : (المتوسط والمتأخر) والمثبت من (ب) .
3 هذا مذهب سيبويه والجمهور، ومذهب الأخفش وجوب إلغاء العامل المتأخر.
ينظر الكتاب 91/119 و120 وشرح المفصل 7/84 وهمع الهوامع 1/153.
4 هذا قول بعض العلماء، ومنهم أبو بكر محمد بن عبد الملك المعروف بابن سراج في كتابه تلقيح الألباب ص 72 وابن أبي الربيع في الملخص 1/256.
5 هذا القول يرجع للمتوسط أي قيل: إن إعمال المتوسط وإلغاؤه سواء، وهذا قول جمهور العلماء وعلى رأسهم سيبويه.
ينظر الكتاب1/119 والإيضاح العضدي 1/167 وشرح الكافية للرضي 2/280.
6 قوله: (والثانية أن يبتدأ به) ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب) .
فأما الصورة الأولى فتارة يكون المتقدم على العامل فيها لفظة (متى) ، وتارة يكون غير (متى) .
فإن كان لفظة (متى) كقولك: متى ظننت زيداً قائما فصرح ابن أم القاسم1 بجواز الإلغاء فيها، لكن الإعمال أرجح2.
وهو أيضا مقتضى عبارة المصنف في توضيح الألفية3، بل مقتضاها جواز إلغاء العامل الذي لم يبتدأ به، سواء تقدم عليه (متى) أو غيرها4.
وإن كان غير (متى) امتنع إلغاؤه عند البصريين5.
وأما الصورة الثانية6 فيمتنع الإلغاء فيها عندهم أيضا7.
وجوّزه الأخفش والكوفيون8
1 في (أ) و (ب) : (ابن قاسم) والمثبت من (ب) .
2 توضيح المقاصد للمرادي 1/380.
3 أوضح المسالك 1/322.
4 قال ابن هشام في أوضح المسالك 1/322: (التوسط المبيح للإلغاء ليس التوسط بين المعمولين فقط، بل توسط العامل في الكلام مقتض أيضا) .
5 لم يخص البصريون (متى) بهذا الحكم، بل قالوا: إن تقدم على الفعل معمول الخبر جاز الإلغاء بضعف، نحو متى ظننت زيد فاضل، وإلا لم يجز أصلا) . راجع شرح التسهيل لابن مالك [لوحة 79/ أ] وهمع الهوامع 1/153.
6 وهي ألا يتقدم شيء من الكلام على الفعل القلبي، نحو ظننت زيدا قائما.
7 أي عند البصريين، ينظر الكتاب 1/119 وأسرار العربية 160 والتصريح 1/258.
8 أي أجاز الأخفش والكوفيون إلغاء العامل المتقدم. ينظر أوضح المسالك 1/320 وهمع الهوامع 1/153.
والمسألة خلافية ولم يذكرها من أصحاب كتب الخلاف إلا الزَّبيدي في كتابه: (ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة) ص 134.
فيهما1. واستدلوا بنحو قوله:
143-
…
...
…
... أنّى وجدت ملاك الشيمة الأدب2
وبقوله:
144-
.... .... .......
…
وما إخال لدينا منك تنويل3
1 أي في الصورتين، وهما فيما إذا تقدم على الفعل غير (متى) وإذا لم يتقدم عليه شيء أصلا.
2 عجز بيت من البسيط، نسبه أبو تمام في الحماسة لبعض الفزريين، وصدره:
كذاك أدبت حتى صار من خلقي
…
....................................
ملاك بكسر الميم: أي قوام، الشيمة: الخلق. والرواية في الحماسة: (ملاك الشيمة الأدبا) بنصب الجزأين على الإعمال. ينظر شرح الحماسة للمرزوقي 3/1146.
والبيت بالرواية الأولى في المقرب 1/117 وشرح الكافية الشافية 2/558 وشرح الألفية لابن الناظم 206 وتوضيح المقاصد 1/382 والعيني 2/411 والتصريح 1/258 والأشموني 2/29 والخزانة 9/139 والدرر اللوامع 2/257.
والشاهد إلغاء عمل الفعل القلبي، وهو (وجد) مع تقدمه على المفعولين فهو شاهد على صحة مذهب الأخفش والكوفيين في ذلك. وقد أجاب عنه البصريون بثلاثة أجوبة، ذكر منها الشارح جوابين، والثالث هو: أن الفعل هنا ملغى لتوسطه في الكلام، لأنه قد سبق بكلمة (أنّي) . راجع أوضح المسالك 1/ 322.
3 عجز بيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير، رضي الله عنه، من قصيدته المشهورة بالبردة، وصدره:
أرجو وآمل أن تدنو مودتها
…
...... ...... ......
وهذه رواية النحويين، والرواية في الديوان ص 9 كذا:
أرجو وآمل أن يعجلن في أبد...... ومالهن طوال الدهر تعجيل
وعلى هذه الرواية، فلا شاهد للكوفيين في هذا البيت.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/557 وشرح الألفية لابن الناظم 205 وتخليص الشواهد 449 والعيني 2/412 والتصريح 1/258 وهمع الهوامع 1/153 وشرح الأشموني 2/29 وخزانة الأدب 9/143.
والشاهد إلغاء عمل (إخال) مع تقدمه على المفعولين، ويخرج على أنه ملغى لتقدم (ما) النافية عليه.
والبصريون1 يجعلون ذلك ونحوه إما من الإعمال، وأن المفعول الأول ضمير الشأن محذوفا2، أو من التعليق على إضمار لام الابتداء3. والله أعلم.
ص: ويجب تعليقها قبل لام الابتداء أو القسم أو استفهام أو نفي بما مطلقا، أو بلا أو إنْ في جواب القسم أو لعل أو لو أو (كم) الخبرية.
ش: لما فرغ من الإلغاء شرع في التعليق، فقال:(ويجب تعليقها) أي القلبية المتصرفة، فصرّح بوجوبه، بخلاف [66/ب] ما تقدم في الإلغاء حيث صرّح بجوازه.
1 ينظر شرح الكافية الشافية 2/55 وشرح الأشموني 2/28.
2 فيكون التقدير في البيت الأول (إني وجدته أي الحال والشأن) وفي الثاني (وما إخاله) أي الحال والشأن.
3 فيكون التقدير في الأول (إني وجدت لملاك) وفي الثاني (وما إخال لَلَدَيْنا) .
وهو1 إبطال العمل في اللفظ فقط دون المحل، لمجيء ماله صدر الكلام بعد العامل المذكور.
فمن ذلك2 لام الابتداء، نحو قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} 3.
ومنه لام القسم، نحو علمت والله ليقومنّ زيد. وقول الشاعر:
145-
ولقد علمت لتأتينَّ منيتي
…
إنّ المنايا لا تطيش سهامها4
1 أي التعليق، وسمي تعليقا تشبيها له بالمرأة المعلقة التي ليست مطلقة ولا ممسكة.
قال ابن الخشاب: (ولقد أجاد أهل هذه الصناعة في وضع هذا اللقب لهذا المعنى واستعارته له كل الإجادة) . ينظر الأشباه والنظائر للسيوطي 4/41.
2 أي مماله صدر الكلام، ومن هنا أخذ في عدّ المعلقات.
3 من الآية 102 من سورة البقرة، وهي {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} فاللام للابتداء و (من) اسم موصول مبتدأ وجملة (اشتراه) صلة الموصول و (ما) نافية و (له) خبر مقدم (من خلاق) من صلة للتأكيد وخلاق مبتدأ مؤخر، وجملة (ماله من خلاق) خبر المبتدأ الأول وهو (من) والجملة كلها في محل نصب سدت مسد مفعولي (علم) المعلقة باللام، لأن لام الابتداء لها الصدر فلا يتخطاها العامل.
4 البيت من الكامل، وهو من معلقة لبيد بن ربيعة العامري المشهورة. ولم يذكر عجز البيت في (أ) و (ب) وأثبته من (ج) . وقد اختلفت رواية البيت في الديوان عن رواية النحويين له، فقد جاء صدر البيت في الديوان ص 308 كذا:
صادفن منها غِرّة فأصبنها
…
........ .............................
والبيت بالرواية التي ذكرها الشارح في الكتاب 3/110 وسر الصناعة 1/400 وتوضيح المقاصد 1/383 والعيني 2/405 والتصريح 1/254 والهمع 1/154 والأشموني 2/30 والخزانة 9/159.
والشاهد فيه تعليق (علم) عن العمل لوجود ماله الصدر وهو لام القسم.
ومنه الاستفهام، وهو إما بأن يعترض حرف الاستفهام1 بين العامل والجملة، نحو قوله تعالى:{وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ} 2.
وإما بأن يكون في الجملة اسم استفهام عمدة كان3 نحو قوله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} 4. أو فضلة، نحو قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} 5 وهو6 مفعول مطلق، لا مفعول به لأن اسم الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله لأنه يخرجه عن الصدر7.
ومنه النفي ب (ما) نحو علمت ما زيد قائم. سواء كان ذلك في غير جواب قسم، كما مثلنا، أو في جوابه، نحو علمت والله ما زيد قائم. ولهذا
1 قوله: (حرف الاستفهام) ساقط من (ج) .
2 من الآية 109 من سورة الأنبياء.
3 قوله: (عمدة كان) ساقط من (ج) . و (كان) ساقطة من (أ) والمثبت من (ب) .
4 من الآية 12 من سورة الكهف، و (أيّ) في الآية عمدة لأنها مبتدأ.
5 من الآية 227 من سورة الشعراء.
6 أي اسم الاستفهام وهو (أي) مفعول مطلق، والتقدير ينقلبون أي انقلاب، وجملة (ينقلبون) في محل نصب ب (يعلم) المعلقة.
7 هذا تعليل لعدم إعمال (يعلم) فيما بعده.
قال الشيخ: (مطلقا) .
ومنه النفي ب (لا) أو (إنْ) لكن لا مطلقا، بل في جواب قسم ملفوظ به أو مقدر، نحو علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو، وعلمت إن زيد قائم1.
ومنه (لعل) نحو قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} 2 نقله المصنف3 من التذكرة لأبي علي4.
ومنه (لو) الشرطية، كقوله:
146-
وقد علم الأقوام لو أن حاتما
…
أراد ثراء المال كان له وفر5
1 مثل الشارح للنفي ب (لا) مع القسم الملفوظ به، وللنفي ب (إن) مع القسم المقدر، والتقدير فيه علمت والله إن زيد قائم.
2 من الآية 111 من سورة الأنبياء.
والشاهد فيها تعليق (أدري) عن العمل ب (لعل) والجملة من (لعل) واسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي (أدري) .
3 في شرح شذور الذهب ص 366.
4 التذكرة كتاب كبير في النحو لأبي علي الفارسي، وقد اختصره تلميذه أبو الفتح بن جني، ينظر كشف الظنون 1/384 وارتشاف الضرب 3/71.
5 البيت من الطويل، من قصيدة لحاتم الطائي. في ديوانه ص 202
والبيت قد ورد في الكامل 1/37 وجمهرة اللغة 2/798 وارتشاف الضرب 3/70 وشرح شذور الذهب 367 وهمع الهوامع 1/154 والأشموني 2/31.
والشاهد فيه تعليق (علم) عن العمل لوجود (لو) الشرطية بعدها، وجملة (لو أن حاتما أراد.....) في محل نصب سدت مسد مفعولي (علم) .
ومنه (كم) الخبرية، كما نقله1 عن بعضهم2، وأنه حمل عليه3 قوله تعالى:{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ} 4.
ونقل المصنف5 عن بعض المغاربة6 أن من المعلقات (إنّ) التي في خبرها اللام نحو (علمت إنَّ زيدا لقائم) . ثم بحث7 أن الظاهر أن المعلق اللام، لا (إنّ)، ثم نقل عن ابن الخباز8 أن مذهب سيبويه9 أنه يجوز (علمت [67/أ] إنّ زيدا قائم) بالكسر10 مع عدم اللام. ثم قال: (فعلى هذا
1 أي ابن هشام، في شرح شذور الذهب ص 367.
2 ومنهم ابن الحاجب في أماليه. ينظر الأمالي النحوية 1/125.
(عليه) ساقط من (أ) و (ج) ، وأثبته من (ب) .
4 من الآية 31 من سورة يس.
5 شرح شذور الذهب ص 367، وفيه:(ذكره جماعة من المغاربة) .
6 منهم أبو حيان في ارتشاف الضرب 3/69.
7 في (ب) : (ثم قال) . والمعنى أن ابن هشام ناقش هذا القول وذكر بعد البحث أن الظاهر أن المعلق هو اللام.
8 هو أحمد بن الحسين المعروف بابن الخباز، وقد ترجمت له فيما سبق. ولم أجد هذا القول فيما طبع من كتبه.
9 هذا المذهب أجازه سيبويه، ولكنه ضعفه، فقد قال في الكتاب 3/151:(.... ومثل ذلك في الضعف علمت إن زيدا ذاهب) .
10 أي بكسر همزة (إن) مع عدم اللام، كما تقدم في مثال سيبويه.
المعلق (إن) . انتهى. أي فلما حكم بأنها1 المعلقة دون اللام2 كانت هي المعلقة مع وجودها.
تنبيه:
قد علم مما سبق أن الفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين3:
أحدهما: أن الإلغاء جائز والتعليق واجب.
والثاني: أن الإلغاء إبطال العمل مطلقا، لفظا ومحلا. بخلاف التعليق فإنه إبطاله لفظا فقط، حتى إنه يجوز أن يعطف بالنصب في التعليق دون الإلغاء. فيعطف على الجملة التي عُلق العامل عنها مفردا في معنى الجملة4. ومن أمثلة ذلك، لا من شواهده قول الشاعر:
147-
وما كنت أدْري قَبْل عَزَّة ما البكا
…
ولا مُوجعاتِ القلبِ حتّى تولّتِ5
1 الضمير يرجع إلى (إنّ) المكسورة الهمزة. وأقول: جعل لام الابتداء هي المعلقة هو رأي جمهور العلماء، وهو الأولى ولم يذكر أكثر العلماء (إنّ) المكسورة من المعلقات.
2 في (أ) و (ب) : (بدون اللام) ، والمثبت من (ج) .
3 ذكر العلماء أوجها أخرى للفرق بينهما، تنظر في الأشباه والنظائر 4/41.
4 ذكر ذلك حتى لا يلزم عمل الفعل القلبي في مفعول واحد، وهو لا يجوز.
5 البيت من الطويل، وهو لكثير عزة. في ديوانه ص 95.
والبيت من شواهد شرح قطر الندى ص 178 وشرح الشذور ص 368 ومغني اللبيب ص 146 والعيني 2/408 والتصريح 1/257 والأشموني 2/32 وخزانة الأدب 5/214.
والشاهد فيه العطف على الجملة المعلقة بالنصب، مما يدل على أن محل الجملة في التعليق النصب.
بنصب (موجعات) .
وإنما لم يجعل شاهدا لاحتمال زيادة (ما) وكون (البكاء) منصوبا1 أو غير ذلك2.
تتمة3. كل ما تصرف من هذه الأفعال فلمتصرفاته4 ما له من الأحكام فإن كان ذلك الفعل مما يثبت له الأحكام الثلاثة، أعني الإعمال والإلغاء والتعليق ثبت لمتصرفاته، كأفعال القلوب. وإن كان ذلك الفعل لا يثبت له إلا العمل كأفعال التصيير ثبت لمتصرفاته العمل. فتقول: (أنا ظانٌّ زيداً قائماً)، و (زيدٌ قائمٌ أنا ظانٌّ) و (أنا ظانّ لزيدٌ قائمٌ) 5 وتقول:(أنا اتّخذُ أو متّخذٌ الطّينَ خَزَفاً) . لا
1 على أنه مفعول به ل (أدري) و (ما) زائدة، ذكر ذلك ابن هشام في المغني 546.
2 وقيل: إن الواو واو الحال و (موجعات) اسم (لا) أي وما كنت أدري قبل عزة والحال أنه لا موجعات للقلب موجودة، ما البكا.
3 في (أ) و (ج) : (تتممة) وهو خطأ؛ إذ لم أجدها بهذا اللفظ فيما بين يدي من المعاجم، والمثبت من (ب) وهو القياس، جاء في اللسان 12/67 (وتتمة كل شيء ما يكون تمام غايته) .
4 يقصد بمتصرفات الفعل ما يتصرف منه كاسم الفاعل واسم المفعول.
5 في (ج) : (إنه ظان لزيد قائم) . والأعمال في المثال الأول لتقدم العامل، والإلغاء في الثاني لتأخره وبالتعليق في الثالث لوجود لام الابتداء.
غير1. والله أعلم.
ص: وسُليم تُجيز2 إجراء القول مُجرى الظن. وغيرهم يخصه بتقول3 بعد استفهام متصل أو منفصل بظرف أو معمول 4.
ش: لما تكلم على ما ينصب المفعولين مطلقا عند كل العرب أخذ يتكلم على ما ينصبهما عند بعض العرب، أو ينصبهما عند كل العرب ولكن لا مطلقا بل بشروط، وهو القول.
واعلم أن القول وفروعه مما يتعدى إلى مفعول واحد.
[67/ب] ومفعوله تارة يكون مفردا مؤديا معنى الجملة، كقلت: قصيدةً وشِعراً5. وتارة يراد به مجرد لفظه، نحو قلت له: يا إبراهيم6. أي أطلقت عليه هذا الاسم. وتارة يكون جملة فتحكى به، وتكون في موضع مفعوله7.
1 أي بالإعمال فقط، لأنه من أفعال التصيير وهي لا تلغى.
2 في (ب) : (تُجري) والذي في شذور الذهب ص 526 (وبنو سليم يجيزون) .
3 كذا في النسخ، وفي الشذور: بصيغة (تقول) .
4 بعده في الشذور: (أو مجرور) وقد ذكر الشارح فيما بعد أن المصنف لم يذكر المجرور والحق أنه قد ذكره لكنه ساقط من نسخة الشارح.
5 وهذا يؤدي معنى الجملة، لأن القصيدة والشعر مكونتان من جُمل.
6 كذا في النسخ بإثبات حرف النداء، والظاهر أن حرف النداء هنا لا موضع له وأن العبارة (قلت له إبراهيم) بإسقاط حرف النداء ونصب (إبراهيم) على أنه مفعول به، كما ذكر ذلك المرادي في توضيح المقاصد 1/391.
7 أي مفعول القول وهو مقول القول نحو (قال إني عبد الله) .
وقد يجرى مجرى الظن فينصب المبتدأ والخبر مفعولين عند بني سُليم مطلقا1 أي من غير شرط من الشروط الآتي ذكرها عند غيرهم.
فتقول عندهم: (قال زيد عمراً قائما) . وعند غيرهم2 لابد من شروط أربعة:
الأول: أن يكون القول فعلا ماضيا.
الثاني: أن يكون بتاء الخطاب.
وإلى هذين الشرطين أشار الشيخ بقوله: (وغيرهم) أي غير سُليم (يخصه بتقول) . فلفظ به مضارعا مبدوءا بالتاء.
الثالث: أن يكون بعد الاستفهام3. وإلى هذا أشار بقوله: (بعد استفهام) .
والرابع: أن يتصل الفعل بالاستفهام، أو يُفصل بينهما بأحد ثلاثة أمور. إما ظرف، كقوله:
1 هذه اللغة حكاها أبو الخطاب قال سيبويه في الكتاب 1/124: (وزعم أبو الخطاب وسألته عنه غير مرة، أن ناسا من العرب يوثق بعربيتهم، وهم بنو سليم، يجعلون باب (قلت) أجمع مثل (ظننت) . انتهى.
وسُليم بالتصغير قبيلة من قيس عيلان، وهو سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصَفة ابن قيس بن عيلان. جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 261.
2 أي غير بني سليم، وهم جمهور العرب.
ينظر الكتاب 1/122 وشرح الكافية للرضي 2/289 وتسهيل الفوائد ص 73.
3 مثل له سيبويه 1/122 بقوله: (متى تقول زيدا منطلقا) .
148-
أبَعْد بُعْدٍ تقولُ الدّارَ جامِعةً
…
شَمْلي بِهم أمْ تقولُ البُعدَ محتوماً1
وإما2 مجرور، نحو أفي الدار تقولُ عمراً جالساً.
وإما معمول، نحو قوله:
149-
أجُهّالاً تقولُ بَنِي لُؤَيّ
…
......لَعَمْر أبيكَ أمْ مُتجاهِلينا3
وإلى هذا الشرط أشار بقوله: (متصل أو منفصل بظرف أو معمول) \
1 البيت من البسيط، وقائله مجهول. ولم يرد عجز البيت في (أ) و (ب) .
وهو من شواهد مغني اللبيب 909 وتخليص الشواهد 457 والمساعد 1/376 وشفاء العليل 1/405 والعيني 2/438 والتصريح 1/263 والأشموني 2/36.
والشاهد فيه إعمال (تقول) عمل (تظن) بعد الاستفهام المفصول بالظرف.
2 في (أ) : (أو) والمثبت من (ب) و (ج) .
3 البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد الأسدي، من قصيدة طويلة يذكر فيها فضل مضر على اليمن. وهذه رواية سيبويه والنحويين للبيت، والرواية في شرح الهاشميات كذا:
أنوامٌ تقول بني لؤي
…
قعيد أبيك أم متناومونا
وعليها فلا شاهد في هذا البيت. ينظر شرح هاشميات الكميت ص 309.
والبيت من شواهد سيبويه 1/123 والمقتضب 2/349 وشرح المفصل 7/78 وشرح الكافية الشافية 2/568 وشرح الألفية لابن الناظم 212 وتوضيح المقاصد 1/392 والمساعد 1/376 وشفاء العليل 1/405 والعيني 2/429 والتصريح 1/263 وهمع الهوامع 1/157 والأشموني 2/37 وخزانة الأدب 9/183.
والشاهد إعمال (تقول) عمل (تظن) بعد الاستفهام المفصول بالمعمول.
ولم يذكر المجرور1، لأنه في معنى الظرف، إذ هما أخوان.
تنبيهان:
الأول: إذا عمل2 القول عمل الظن فهل هو باق على معناه، أو صار بمعنى الظن. فيه خلاف3. قال ابن أم قاسم4: والظاهر أنه ضُمِّن معنى الظن.
الثاني: هذه الشروط المذكورة لعمله عمل الظن عند غير بني سُليم إنما هي شروط لجواز العمل، لا لوجوبه5 فتجوز الحكاية6 مع استيفاء الشروط، نحو قوله تعالى:{أمْ تقوُلونَ إِنَّ إبْرَاهِيمَ} 7 الآية في قراءة
1 ذكرت فيما سبق أن المصنف قد ذكر المجرور، وهذا يدل على اختلاف النسخة المطبوعة من الشذور عن النسخة التي كانت عند الشارح.
2 كلمة (عمل) ساقطة من (ج) .
3 على قولين، الأول مذهب الجمهور وهو اختيار ابن جني وابن الناظم أنه لا يعمل عمل الظن حتى يضمن معنى الظن. والثاني، وهو قول الأعلم وابن خروف، إجراء القول مجرى الظن في العمل دون المعنى ينظر شرح الألفية لابن الناظم 212 وارتشاف الضرب 3/80 والهمع 1/157.
4 توضيح المقاصد 1/394، وفيه (والظاهر أنه مضمّن معنى الظن) . وفي (أ) و (ب) :(ابن القاسم) والمثبت من (ج) .
5 ينظر الكتاب 1/124- هارون والتصريح 1/264 وهمع الهوامع 1/158.
6 الحكاية في الجمل هي إيراد الجملة على هيئتها من غير تغيير بعد دخول العامل عليها وتكون الجملة في موضع المفعول.
7 من الآية 140 من سورة البقرة، والشاهد فيها كسر همزة (إن) على الحكاية مع توفر الشروط لإعمال القول عمل الظن.
الخطاب1. وقد روي قول الشاعر:
150-
عَلام تقولُ الرُّمحَُ يُثقلُ عَاتقي2
…
..... ......................
[68/أ] بالوجهين، النصب على الإعمال لاستيفاء الشروط3 والرفع على عدمه4.
ص: وما يتعدى إلى ثلاثة 5، وهو أَعْلَم وأَرَى، وما ضمّن 6
1 أي بتاء الخطاب في (تقولون) . وهذه قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم من السبعة ورويس وخلف والأعمش. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 171 والنشر 2/223 والإتحاف ص 148.
2 صدر بيت من الطويل، وهو لعمرو بن معديكرب الزبيدي، وعجزه:
...... ..........
…
إذا أَنا لَم أَطعَنْ إذا الخيلُ كرَّتِ
ينظر شعر عمرو بن معديكرب ص 72 وشرح الحماسة للمرزوقي 1/159.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ل 80/ ب] والمساعد 1/376 وشفاء العليل 1/405 والعيني 2/436 والتصريح 1/263 والهمع 1/157 وشرح الأشموني 2/36.
3 وهي كون الفعل، مضارعا مسندا للمخاطب مسبوقا باستفهام.
4 أي على عدم الإعمال، وهو حكاية الجملة، وتكون في محل نصب.
5 أخر الشارح هذه الأفعال عن موضعها في الشذور، حتى يسير على طريقة النحاة من تقديم ما ينصب مفعولين أولا وما يتعلق به من باب القول، ثم ذكر ما ينصب ثلاثة مفاعيل.
أما ابن هشام فقد قدم هذه الأفعال على باب القول في شذور الذهب، وكذلك فعل في شرحه. ص 376-380.
6 في (أ) و (ج) : (تضمّن) والمثبت من (ب) والشذور ص 26.
معناهما من (أنبأ) و (نبّأ) و (أخبر) و (خبّر) و (حدّث) .
ش: هذا هو القسم السابع من أقسام الفعل بالنسبة إلى المفعول به وهو ما ينصب ثلاثة مفاعيل. وهو سبعة أفعال:
أعْلَم وأرى، وهما أصل الباب1، وما ضمّن معناهما، وهو الأفعال الخمسة المذكورة2.
مثال (أعلَم) : أعلمت زيدا عمرا قائما، ومثال (أرى)،: أريت بكرا الهلال طالعا3، ومثال (أنبأ) : أنبأت زيدا هندا مقيمة، ومثال (نبّأ) : نبّأت خالدا عمرا قائما.
ومثال (أخبر) : أخبرت زيدا عليا جالسا، ومثال (خبّر) 4: خبّرت زيدا سالما صحيحا. ومثال (حدَّث) حدّثت خالدا بكرا مسافرا.
وستأتي أحكام هذه المفاعيل في المقالة الآتية:
ص: ولا يجوز حذف مفعول في باب (ظنّ) ولا غير الأول في
1 وذلك لأن أصلهما ثلاثي مستعمل في العلم ثم نقل بالهمزة، بخلاف الخمسة الأخرى، فليس لها ثلاثي مستعمل في العلم إلا (خبر) . ينظر التصريح1/ 264.
2 أصل هذه الأفعال الخمسة أن تتعدى لاثنين إلى الأول بنفسها وإلى الثاني بحرف الجر، ثم ضمنت معنى (أعلم) و (أرى) فعملت عملهما.
3 في (ب) : ومثال (أرى) قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَات} . ولم ترد هذه الآية في (أ) و (ج) . ثم قال: (ولا يخفى أمثلة البواقي) .
4 قوله: (أخبرت زيدا) إلى هنا ساقط من (ج) .
باب (أعلم) 1 إلا لدليل.
ش: تضمن هذا الكلام مسألتين:
الأولى في بيان حذف2 المفعولين أو أحدهما في باب (ظنّ) .
وجزم الشيخ بأنه لا يجوز فيه حذف مفعول إلا لدليل، وتحته صورتان: الصورة الأولى: أن يحذف المفعولان لدليل.
الصورة الثانية: أن يحذف أحدهما أيضا للدليل3.
مثال حذفهما للدليل قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} 4 أي تزعمونهم شركائي5، أو تزعمون أنهم شركاء6.
ومثال حذف أحدهما للدليل قوله:
151-
ولقد نزلْتِ فلا تظنّي غيره
…
منّى بمنزلة المُحب المكرمِ7
1 في شذور الذهب ص 26: (في باب أعلم وأرى) .
2 في (ج) : (في باب حذف المفعولين) .
3 في (ب) : (أن يحذف إحداهما للدليل أيضا) .
4 من الآية 62 من سورة القصص.
5 فالضمير في (تزعمونهم) مفعول أول و (شركائي) مفعول ثان.
6 اختار هذا التقدير ابن هشام في شرح الشذور ص 377 قال: (والأحسن أن يقدر (أنهم شركاء) وتكون (أنّ) وصلتها سادة مسدهما بدليل ذكر ذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} . ولكنه قدره في أوضح المسالك 1/323 بالتقدير الأول وهو (تزعمونهم شركائي) .
7 البيت من الكامل، من معلقة عنترة بن شداد العبسي المشهورة. ينظر ديوان عنترة ص 191 وشرح القصائد السبع الطوال 301. والمقرب 1/117 وتوضيح المقاصد 1/389 وأوضح المسالك 1/324 والمساعد 1/353 والعيني 2/414 والهمع 1/152 والأشموني 2/35 وخزانة الأدب 9/136.
والشاهد حذف المفعول الثاني ل (ظن) للقرينة الدالة عليه، والتقدير: فلا تظني غيره واقعا. هذا عند الجمهور، لكن الرضي جعله شاهدا على أن (ظنّ) يقل نصبها للمفعول الواحد، حيث قدره بقوله:(أي لا تظني شيئا غير نزولك) . ينظر شرح الكافية 2/278. قال البغدادي في الخزانة 9/136: (وفيه رد للنحويين، فإنهم قالوا: المفعول الثاني محذوف اختصارا لا اقتصارا) .
أي لا تظنّي غيره واقعا. ويسمّى الحذف لدليل اختصارا1.
واقتضى كلامه الجزم بأنه لا يجوز حذفهما، ولا حذف أحدهما اقتصارا، أي لغير دليل. وهو في حذفهما مذهب سيبويه2 والأخفش3 واختيار ابن مالك4. وفي حذف أحدهما إجماع5. لأن أصلهما المبتدأ والخبر.
المسألة الثانية: في بيان الحذف6 [68/ب] المتعلق بباب (أعلم) .
1 والحذف لغير دليل يسمى اقتصارا. ينظر التصريح 1/ 259.
2 قال في الكتاب 1/39: (ليس لك أن تقتصر على أحد المفعولين دون الآخر، وذلك كقولك حسب عبد الله زيدا بكرا، وظن عمرو خالدا أباك
…
) .
3 ينظر معاني القرآن للأخفش 1/137، 221 والارتشاف 3/56.
4 في شرح التسهيل [ق 77/ أ] وفيه (وهو مذهب سيبويه والمحققين) .
5 على عدم جواز حذف أحد المفعولين لغير دليل. ينظر التصريح 1/260.
6 في (ج) : (في باب الحذف) .
ومقتضى كلامه أن المفعول الأول يحذف فيه مطلقا، سواء كان لدليل أم لا، وهو الصحيح عند الجمهور1.
وأن للثاني والثالث فيه 2 مالهما في باب (ظن) من حذفهما لدليل، ومنعه لغيره. وحذف أحدهما كذلك 3.
ولم يصرح بذكر المسألة الثانية4 في شرح المصنف5 ولا في شرح الزوائد6.
تنبيه7:
يجري في الثاني والثالث من مفاعيل (أعلم) و (أرى) إلغاء العامل وتعليقه بالنسبة إليهما على الصحيح8، خلافا لمن منعهما9 مطلقا10،
1 كقولهم: (أعلمت كبشك سمينا) ولا تذكر من أعلمته. ينظر الارتشاف 3/84.
2 أي في باب (أعلم) . وفي (أ) و (ب) : (وأن الثاني والثالث فيه) صوابه من (ج) .
3 فيجوز حذف أحدهما لدليل، ولا يجوز حذفه لغير دليل إجماعا.
4 وهي حذف المفعولين في باب (أعلم) وفي (ج) : (بذلك) بدل (بذكر) .
5 أي شرح شذور الذهب، وقد صرح به في أوضح المسالك 1/332.
6 وهو شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي.
7 في (ب) : (تتمة) ولم ترد هذه الكلمة في (ج) .
8 وهو اختيار ابن مالك والرضيّ وابن هشام، ينظر شرح التسهيل [ق 81/ ب] وشرح الكافية 2/ 285 وأوضح المسالك 1/333.
9 أي الإلغاء والتعليق.
10 وهذا قول ابن النحاس وابن يعيش وابن أبي الربيع ينظر شرح المفصل 7/67 والملخص لابن أبي الربيع 1/362 وهمع الهوامع 1/158.
ولمن منعهما في المبني للفاعل دون المبني للمفعول1.
وقد جاء على الإلغاء قول بعض العرب: (البركةُ أعلمنا الله مع الأكابر) 2 وقول الشاعر:
152-
وأنت- أراني الله- أمنعُ عاصم
…
وأرأفُ مُسْتكفىً وأسمحُ واهِبِ3
وعلى التعليق {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} 4 الآية.
1 هو الجزولي. كما في المقدمة الجزولية ص 83.
2 ف (البركة) مبتدأ وقد كان مفعولا ثانيا و (مع الأكابر) خبر بعد أن كان مفعولا ثالثا و (أعلم) ملغاة لتوسطها بين المبتدأ والخبر وهي مبنية للفاعل.
وينظر قول العرب هذا في توضيح المقاصد 1/395 وأوضح المسالك 1/333.
3 البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد إلى قائله.
عاصم: حافظ، أرأف: من الرأفة وهي الشفقة، مستكفى اسم مفعول من استكفيته الشيء فكفانيه، واهب: معط. وفي (ج) : (أمسح) وهو تحريف.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 82/ أ] والمساعد 1/ 381 والعيني 2/446 والتصريح 1/266 وهمع الهوامع 1/158 والأشموني 2/39.
والشاهد إلغاء عمل (أرى) لتوسطه بين مفعوليه، والأصل (أراني الله إياك أمنع عاصم) .
4 من الآية 7 من سورة سبأ، وأول الآية {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} . وكلمة (الآية) بعدها- ساقطة من (أ) . والشاهد فيها هو تعليق (ينبئكم) عن العمل لوجود اللام بدليل كسر همزة (إن) في (إنكم) .