المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب المجزومات [ - شرح شذور الذهب للجوجري - جـ ٢

[الجوجري]

الفصل: ‌ باب المجزومات [

ص:‌

‌ باب المجزومات [

56/ب] الأفعال المضارعة الداخل عليها جازم وهو ضربان، جازم لفعل، وهو لَمْ ولَمّا ولام الأمر ولا في النهي.

ش: لما أنهى القول في المجرورات تكلم على المجزومات.

وأخرها عن1 المجرورات، لكون المجرورات أعلى رتبة فإنها الأسماء.

والمجزومات هي الأفعال المضارعة بشرطها2، على ما عُرف في أول الكتاب، إذا دخل عليها جازم.

والجازم ضربان، ضرب يجزم فعلا واحدا، وضرب يجزم فعلين.

فأما الجازم لفعل فهو أربعة:

الأول والثاني (لم) و (لَمَّا) ، ويشتركان بعد كونهما أداتي جزم3 من أوجه ويفترقان من أوجه.

فأما أوجه الاشتراك، فمنها الحرفية، فكل واحد منهما حرف.

ومنها النفي، فكل منهما يفيده.

ومنها القلب للمضي، فكل منهما يقلب المضارع للمضي4، بحيث لا يفهم منه الحال والاستقبال.

1 في (ج) : (على) .

2 وهو عدم اتصال نون التوكيد المباشرة بها.

3 في (أ) و (ج) : (أداة جزم) والمثبت من (ب) .

وينظر الفرق بين (لَم) و (لَمّا) في الجنى الداني ص 268، ومغني اللبيب ص 367 وهمع الهوامع 2/56.

4 في (ج) : (يقبل المضارع للماضي) . تحريف.

ص: 591

وأما أوجه الافتراق، فمنها أن المنفي1 بلَم لا يلزم اتصاله بالحال2، بل قد يكون متصلا، نحو {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} 3.

وقد يكون منقطعا، نحو {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُورًا} 4 بخلاف (لَمَّا) فإنه يجب اتصال نفيها بالحال.

ومنها أن الفعل5 بعد (لَمَّا) يجوز حذفه اختيارا6، ولا يحذف بعد (لم) إلا ضرورة، كقوله:

121-

احفظْ وديعتك التي استُودِعتها

يومَ الأعازبِ إن وُصلتَ وإنْ لم7

ومنها أن (لمَّا) ، لا تصحب شيئا من أدوات الشرط، وتصحبها (لم)

1 في (أ) و (ج) : (أن يكون المنفي) والمثبت من (ب) .

2 بل يجوز انقطاع نفي منفيها بدليل أنك تقول: لم يأت زيد ثم أتى.

3 من الآية 4 من سورة مريم.

4 الآية 1 من سورة الإنسان.

5 في (أ) و (ج) : (أن يكون الفعل) والمثبت من (ب) .

6 كقولك: (قاربت المدينة ولمّا) أي ولمّا أدخلها.

7 البيت من الكامل، وقائله إبراهيم بن هَرمة في شعره ص 191، يوم الأعازب يوم من أيام العرب. والبيت من شواهد توضيح المقاصد 4/ 234 والجنى الداني ص 269 والعيني 4/443 والتصريح 2/247 والأشباه والنظائر 4/ 114 وشرح الأشموني 4/6 والخزانة 9/8 وشرح أبيات المغني 5/151 والدرر اللوامع 5/66.

والشاهد فيه حذف الفعل المجزوم بعد (لم) . وذلك ضرورة شعرية.

ص: 592

نحو إنْ لم ولو لم.

ومنها أن (لم) قد يُرفع الفعل بعدها في لغة قوم1، كما صرح به ابن مالك في شرح التسهيل2. وعليها جاء قوله:

122-

........

يومَ الصُّلَيفاءِ لم يُوفُونَ بالجارِ3

ولم تُحْك4 هذه اللغة في (لمّا) .

الثالث لام الأمر، نحو قوله:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} 5 ومنه الدعاء6، نحو {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} 7.

1 لم يعين هؤلاء القوم أحد من العلماء، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن ذلك ضرورة لا لغة، ينظر الجنى الداني ص 266 ومغني اللبيب ص 365.

2 ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/29.

3 عجز بيت من البسيط، ولم ينسب لقائل، وصدره:

لولا فوارس من ذُهل وأسرتهم

..... ....

...

... .. .. .

ينظر المحتسب 2/42 وشرح المفصل 7/8 وشرح التسهيل لابن مالك 1/29 والجنى الداني ص 266 وتوضيح المقاصد 4/237 والمغني ص 365 والعيني 4/446 والهمع 2/ 56 وشرح الأشموني 4/ 6 والخزانة 9/ 3.

والشاهد رفع الفعل المضارع الواقع بعد (لم) ، وذلك على لغة فيها أو أنه من الضرورات الشعرية.

4 في (أ) : (ولم يحك) ، والمثبت من (ب) و (ج) .

5 من الآية 7 من سورة الطلاق.

6 الأمر يكون من الأعلى للأدنى وكذلك النهي، والدعاء يكون من الأدنى للأعلى.

7 من الآية 77 من سورة الزخرف.

ص: 593

الرابع (لا) في النهي نحو {لَا تَحْزَنْ} 1. ومنه الدعاء، نحو {لَا تُؤَاخِذْنَا} 2.

تنبيهات:

الأول: قيّد بعضُهم3 (لمّا) فقال: (لَم ولَمّا أختها) واحترز بذلك من (لَمّا)[57/أ] التي بمعنى (إلا) و [مِن لَمّا] 4 التي هي حرف وجود لوجود5.

واستغنى الشيخ عن هذا التقييد لأن التي بمعنى (إلا) يليها ماضي اللفظ مستقبل المعنى6، والتي هي حرف وجود يليها7 ماضي اللفظ والمعنى8، فلا يليها المضارع.

الثاني: قال ابن مالك9: زعم بعض الناس10 أن (لَم) تنصب في

1 من الآية 40 من سورة التوبة.

2 من الآية 286 من سورة البقرة.

3 هو ابن مالك في التسهيل ص 235 وكذلك ابن الناظم في شرح الألفية 689.

4 زيادة لابد منها، وهي في توضيح المقاصد للمرادي 4/238.

5 في (أ) : (حرف وجوب لوجوب) وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج) .

6 وذلك مثل قولك: (عزمت عليك لَمّا فعلت كذا) أي إلا فعلت.

7 من قوله: (ماضي اللفظ) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.

8 وتسمى (لَمّا) الحينية، كقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً} .

9 شرح الكافية الشافية 3/1575، 1576.

10 هو أبو الحسن اللحياني من الكوفيين، حكى ذلك في نوادره. البحر المحيط 8/488.

ص: 594

لغة، مستدلا بقراءة بعضهم1:{ألَمْ نشرَح لكَ صدرَك} 2، بفتح (نشرح) 3، وهو عند العلماء محمول على أنه مؤكد بالنون الخفيفة، ففتح لها ما قبلها، ثم حذفت ونُويت.

الثالث: مذهب الجمهور4 أن (لَمّا) مركبة من (لَم) و (ما) . وقيل5: بسيطة.

الرابع: اللام الطلبية محركة بالكسر، وفتحها لغة6.

هذا إن خَلَت عن عاطف قبلها، فإن وَلِيتْ عاطفاً جاز تسكينها بعد الواو والفاء وثمّ، بل تسكينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها7.

الخامس: منع الجمهور8 حذف لام الأمر، وخصّوه بالشّعر.

1 هو أبو جعفر المنصور. كما في المحتسب 2/366 والبحر المحيط 8/487.

2 الآية (1) من سورة الشرح.

3 في (ب) و (ج) : (بنصب نشرح) . وفي شرح الكافية: (بفتح الحاء) .

4 ينظر المخصص لابن سيده 14/62 وشرح المفصل 8/110 والأشموني 4/ 8.

5 لم أجد من نسب هذا القول لمعين. وينظر الارتشاف 11/544 والهمع 2/56.

6 وهي لغة بني سليم، حكاها الفراء عنهم في معاني القرآن 1/285.

7 ولذا أجمع القراء على التسكين بعد الفاء والواو في قوله تعالى {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} .

8 ينظر مذهبهم في الكتاب 3/8 والأصول 2/174 وشرح المفصل 7/59.

وقد منع المبرد حذف اللام حتى في الشعر، المقتضب 2/ 132، 133.

ص: 595

وقال ابن مالك1: إن حذف لام الأمر وإبقاء عملها على ثلاثة أضرب كثير مطرد، وذلك بعد الأمر بالقول، نحو {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} 2 وقليل3 جائز في الاختيار، وذلك بعد قول غير أمر، نحو قوله:

123-

قلتُ لبوَّابٍ لديهِ دارها

تِيْذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُها4

وقليل مخصوص بالضرورة، وذلك دون تقدم قول، كقوله:

1 شرح الكافية الشافية 3/ 1569. وقد اختصر الشارح كلام ابن مالك.

2 من الآية 31 من سورة إبراهيم.

قال الصبان في حاشيته على الأشموني 3/310: (ويعجبني ما ارتضاه المصنف في هذه الآية أن (يقيموا) مجزوم بلام أمر مقدرة من غير أن يكون جوابا، فيكون مقول القول، إلا أنه محكي بالمعنى إذ لو حكاه بلفظه لقال:(لتقيموا) .

3 في (ج) : (وقيل) ، وهو تحريف.

4 البيتان من الرجز، وهما لمنظور بن مرثد الأسدي.

تيذن: أي لتأذن، حذف لام الأمر ثم كسر حرف المضارعة ثم قلبت الهمزة ياء.

والبيتان من شواهد شرح الكافية الشافية 3/ 1570 والمغني ص 298 والمساعد 3/123 والهمع 2/ 56 والأشموني 4/ 4 والخزانة 9/13.

والشاهد قوله: (تيذن) فهو فعل مضارع مجزوم بلام الأمر المقدّرة والأصل أن يقول: لتيذن، وليس هذا بضرورة لتمكنه من أن يقول:(إيذن) .

ص: 596

124-

فلا تسْتطِل منّي بقائي ومدّتي

ولكن يكنْ للخير منك نصيبُ1

السادس: احترز الشيخ بتقييد اللام بالأمر و (لا) بالنهي عن اللام غير الطلبية كالتي ينصب المضارع بعدها2، وعن (لا) غير الناهية كالزائدة والنافية3.

ص: وجازم لفعلين، وهو أدوات الشرط، (إنْ) و (إذما) لمجرد التعليق وهما حرفان، و (مَنْ) للعاقل، و (ما) و (مهما) لغيره، و (متى) و (أيّان) للزمان، و (أين) و (أنّى) و (حيثما) للمكان، و (أيّ) بحسب ما تضاف إليه. ويسمى أولهما شرطا، ولا يكون ماضي المعنى ولا إنشاءً ولا جامدا، ولا مقرونا بتنفيس ولا ب (قد) 4 ولا ناف غير (لا) و (لم)

1 البيت من الطويل، قيل: إن الشاعر يخاطب به ابنه حين تمنى موته، ولم أجد أحدا نسب البيت إلى قائله. وهو من شواهد معاني القرآن للفراء1/159 ومجالس ثعلب 2/456 وشرح الكافية الشافية 3/1570 وتوضيح المقاصد 4/233 والمغني ص 297 والمساعد 3/123 والعيني 4/ 420 والأشمونى 4/5.

والشاهد فيه قوله: (يكن) فهو فعل مجزوم بلام الأمر المقدرة، ولم يتقدم عليها قول، فالحذف هنا للضرورة الشعرية.

2 وهي لام التعليل نحو قولك: جئت لأتعلّم.

(لا) الزائدة كقوله تعالى: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} أي ليعلم. والمراد بها هنا التأكيد، والنافية كقوله تعالى:{لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} .

4 كذا في النسخ، وفي الشذور:(ولا قد) .

ص: 597

وثانيهما جوابا وجزاء.

ش: ذكر في هذا [57/ب] الكلام ما يجزم فعلين. وتسمى أدوات الشرط، لإفادتها أن ما يليها شرط وسبب لما يليه، وقسمها ستة أقسام.

لأن منها ما وضع للدلالة على مجرد التعليق1، وهو (إنْ) و (إذما) وهما حرفان.

أما (إنْ) فبالاتفاق. وأما (إذ ما) فعلى الأصح2، لأنه مسلوب الدلالة على معناه الأصلي، مستعمل3 مع (ما) المزيدة4 بمعنى (إن) فكان حرفا. وقيل5: لم تسلب الدلالة على معناها الأصلي، الذي هو الزمان، فتكون6 اسما. ومنها ما وضع للدلالة على من يعقل، ثم ضمّن معنى الشرط، وهو (مَن) . ومنها ما وضع للدلالة على ما لا يعقل7، ثم ضمّن

1 أي تعليق تحقق الجواب على تحقق الشرط.

2 وهو قول سيبويه والجمهور، الكتاب 3/56 وشرح الجمل لابن عصفور 2/195 وارتشاف الضرب 2/547.

3 في (أ) : (يستعمل) والمثبت من (ب) و (ج) .

4 كلمة (ما) ساقطة من (ب)، وفي (ج) :(ما الزائدة) .

5 هذا القول مذهب ابن السراج والفارسي، ونسب القول بذلك للمبرد لكنه في المقتضب قد نص على حرفيتها. المقتضب 2/46 والأصول 2/159 والإيضاح العضدي ص 332 وشرح الكافية الشافية 3/ 1622.

6 في (أ) و (ج) : (فيكون) بالياء، والمثبت من (ب) .

7 في (ج) : (من لايعقل) وهو خطأ.

ص: 598

معنى الشرط1، وهو (ما) و (مهما) .

ومنها ما وضع للدلالة على الزمان، ثم ضمّن معنى الشرط2، وهو (متى) و (أيّان) .

ومنها ما وضع للدلالة على المكان، ثم ضمن معنى الشرط، وهو (أين) و (أنّى) و (حيثما) .

ومنها ما هو متردد بين المعاني الأربعة الأخيرة، وهو (أيّ) فإنها بحسب ما تضاف إليه، فتكون لمن يعقل في نحو (أيُّهم تقمْ أقمْ مَعه) ولما لا يعقل في نحو (أيَّ الدّوابِّ تركبْ أركبْ) ، وللزمان في نحو (أيَّ يومٍ تصمْ أصمْ) وللمكان في نحو (أيَّ مكان تجلسْ أجلسْ) .

ثم إن هذين الفعلين اللذين يجزمان بهذه الأدوات يسمى أولهما شرطا وثانيهما جوابا وجزاء.

فقوله: (وثانيهما) معطوف على (أولهما) .

ووسّط بين المتعاطفين ذكر ما يعتبر في فعل الشرط.

فيعتبر فيه ألاّ يكون ماضي المعنى، بل يكون مستقبلا في المعنى، وإن كان ماضيا في اللفظ لنكتة3. لأنه مفروض الحصول في الاستقبال فيمتنع

1 في (أ) : (ثم ضمن الشرط) . والمثبت من (ب) و (ج) .

2 من قوله: (وهو (ما) و (مهما) إلى آخره ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.

3 أي لسبب بلاغي، كقوله تعالى:{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ} . ينظر دلائل الإعجاز للجرجاني ص 534.

ص: 599

ثبوته1 ومضيه.

وكذلك الجزاء أيضا لا يكون ماضي المعنى.

لأن حصوله معلق على حصول مضمون الشرط في المستقبل، ويمتنع تعليق الحاصل الثابت على حصول ما يحصل في المستقبل2.

ويعتبر فيه3 أيضا ألَاّ يكون إنشاءً. فلا تقُلْ4 [58/أ] : (إن قم) ولا (إن لا تقم)5. وألَاّ يكون فعلا جامداً، كعسى وليس6 وألا يكون مقرونا بتنفيس كالسين وسوف فلا تقل7: (إنْ سيَقُمْ) ولا (إنْ سوف يقمْ أقمْ) .

ولا مقرونا بقد. فلا تقل: (إنْ قد قام زيد قمْتُ) . وألا يكون مقرونا بأداة نفي غير (لا) و (لم) . فلا تقل8: (إنْ ما قام زيد9 أقم) . ولا

1 أي حصوله في الزمن الحاضر.

2 من قوله: (ويمتنع تعليق الحاصل) إلى آخره ساقط من (ج) بسبب انتقال النظر.

3 أي في فعل الشرط.

4 في (أ) و (ب) : (فلا تقول) والمثبت من (ج) .

5 كذا مثل الشارح، وهو على اعتبار (لا) هنا ناهية لا نافية حتى يصح كونها مثالا للطلب، وقد مثل ابن هشام في الشرح ص 340 بقوله (إن يقم) و (إن لايقم) .

6 في (أ) و (ب) : (فلا تقول) صوابه من (ج) .

7 فلا يقال: (إن عسى) ولا (إن ليس) .

8 من قوله: (إن سيقم) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.

9 من قوله: (قمت) إلى آخر قوله: (إن ما قام زيد) ساقط من (ج) .

ص: 600

(إنْ لمّا تقم أقم)1. وتقول: (إنْ لم تقم أقم) 2 و (إن لا تقم أقم) 3.

تنبيهات:

الأول في قوله: (وجازم لفعلين) تصريح بأن أدوات الشرط هي الجازمة لهما. وهو كذلك، لكن في الشرط بالاتفاق، ولا عبرة بمن شذ4.

وفي الجزاء على الأصح المنسوب لسيبويه5، وهو مذهب محققي البصريين6. ومقابله ثلاثة أقوال:

أحدها للأخفش7 أنه مجزوم بفعل الشرط.

والثاني بالأداة والفعل معا. ونسب إلى سيبويه أيضا والخليل8.

1 في (ب) : (إن لما يقم أقم) وفي (ج) : (إن لما يقم زيد أقم) .

2 في (ب) : (إن لم يقم) فقط.

3 و (لا) هنا نافية، كقوله تعالى:{إِنْ لا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ} .

4 هذه إشارة إلى ما روي عن المازني أنه جعل فعلى الشرط والجزاء مبنيين. مذهبه في مجالس العلماء للزجاجي ص 68، وشرح الكتاب للسيرافي 1/89.

5 هذا القول عزاه السيرافي لسيبويه، لكن جاء في الكتاب:(واعلم أن حروف الجزاء تجزم الأفعال، وينجزم الجواب بما قبله) . الكتاب 3/62 وشرح الكتاب للسيرافي 1/89.

6 وإليه ذهب الجمهور. ينظر ارتشاف الضرب 2/557 وتوضيح المقاصد4/244 وهمع الهوامع 2/ 61.

7 مذهبه في مجالس العلماء للزجاجي ص 68، واختار ابن مالك هذا المذهب.

8 قال سيبويه 3/63: (وزعم الخليل أنك إذا قلت: إن تأتني آتك، ف (آتك) انجزمت بإن تأتني) .

ص: 601

والثالث أن الجزم بمجاورة الشرط، قياسا على الجر، وهو مذهب الكوفيين1.

الثاني: أفهم كلامه أن (حيث) و (إذْ) لا يجزمان إلا إذا اقترنا ب (ما) 2 كما لفظ به. وأجاز الفراء 3 الجزم بهما مجردتين. وهو ضعيف4.

وأما غيرهما5 فهو قسمان:

قسم لا تلحقه (ما) وهو (مَن) و (مهما) و (ما) و (أنّى) .

وقسم يجوز فيه الأمران، وهو (إنْ) و (أيّ) و (متى) و (أيّان)6.

الثالث: إنما لم يذكر من الجوازم (إذا) و (كيف) و (لو) لأن المشهور في (إذا) أنها لا تجزم إلا في الشعر، وإن زيد بعدها لفظة (ما)

1 مذهب الكوفيين في الإنصاف 2/602 وشرح الكافية للرضي 2/254.

2 في (أ) : (إلا إذا اقترنا بلا) . وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج) . وهذا القول مذهب جمهور العلماء. الكتاب 3/56- 66 وشرح المفصل 7/46 والهمع 2/58.

3 ينظر معاني القرآن للفراء 1/85 وتوضيح المقاصد للمرادي 4/242.

4 وسبب ضعف هذا القول أن (حيثما) و (إذما) إذا تجردتا لزمتهما الإضافة، والإضافة من خصائص الاسم فكانت منافية للجزم المختص بالفعل.

5 أي غير (حيث) و (إذ) .

6 وكذلك (أين) يجوز فيها التجرد والاقتران. وجعل الرضي (ما) هذه مع (إن) و (حيث) كافة، ومع غيرهما زائدة وهو تقسيم حسن. شرح الكافية للرضي 2/254.

7 هذا مذهب البصريين، وعند الفراء أن الجزم بإذا لغة لبعض العرب. الكتاب 3/61 ومعاني القرآن للفراء3/158 والارتشاف 2/549.

ص: 602

وفي (كيف) عدم الجزم، خلافا للكوفيين 1 وإنما تقع بها المجازاة معنى لا عملا2 و (لو) لا يجزم بعدها إلا في الشعر على قول3.

وقيل4: لا يجزم بعدها أصلا.

الرابع: يؤخذ من تنصيصه على حرفية (إن) و (إذما) وسكوته عما عداهما أن5 ما عداهما أسماء. وهو كذلك. وإن كان في (مهما) خلاف ضعيف6.

وحينئذ فلا بدأن يكون لها محل من الإعراب، وهو إما النصب أو

1 ذهب البصريون إلى عدم الجزم ب (كيف) ، وذهب الكوفيون وقطرب إلى جواز ذلك، تقول: كيفما تكن أكن، قياسا على (أينما) .

ينظر الإنصاف 2/643 والارتشاف 2/511 والمغني 270 والهمع 2/58.

2 قال سيبويه في الكتاب 3/60: (وسألت الخليل عن قوله: (كيف تصنع أصنع) فقال: هي مستكرهة، وليست من حروف الجزاء، ومخرجها على الجزاء، لأن معناها على أيّ حال تكن أكن) . وينظر المساعد 3/173.

3 لبعض العلماء، منهم ابن الشجري، الأمالي الشجرية1/187، 333.

4 هذا قول جمهور العلماء، وقد درّ ابن مالك على ابن الشجري إجازته لذلك. ينظر شرح الكافية الشافية 3/ 1632 والأشموني 4/ 42.

5 في (أ) : (وأن) وفي (ج) : (أي أن) والمثبت من (ب) .

6 نسب إلى السهيلي أنه يرى أن (مهما) تأتي حرفا في بعض المواضع والجمهور على أنها اسم دائما لعود الضمير عليها في قوله تعالى: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} والضمير لا يعود إلا على الأسماء، ينظر المغني 435.

ص: 603

الرفع لأنها إما1 معمولة لفعل الشرط، أو الابتداء لا غير 2.

فما كان منها اسم زمان أو مكان فهو أبدا في موضع نصب بفعل الشرط على الظرفية.

وما كان غير ذلك فهو في موضع رفع3 بالابتداء إن كان فعل الشرط مشغولا عنه بالعمل في ضميره، كما في (منْ تُكرِمْهُ [58/ب] أُكرِمْهُ) و (ما تأمرْ به أفعلْه) . وإلا 4 فهو في موضع نصب 5 بفعل الشرط لفظا كما في (مَن تَضْرِب أضربْ) و (مَهْمَا تَصْنعْ أصنَعْ مِثْلَهُ) . أو محلا 6 كما في نحو (بِمَن تمرُرْ أَمْرُرْ) .

الخامس يؤخذ أيضا7من قوله: (ويسمى أولهما شرطا وثانيهما جوابا وجزاء) أن الجزاء لا يتقدم على الشرط، ولا على أداته 8.

فإن تقدم على أداة الشرط شبيه بالجواب فهو دليل عليه وليس إياه،

1 قوله: (لأنها إما) ساقط من (ج) .

2 تفصيل الإعراب لهذه الأسماء في شرح الجمل لابن عصفور 1/134

3 في (ج) : (في موضع مرفوع) .

4 أي وإن لم يكن فعل الشرط مشغولا عنه.

5 في (ج) : (في موضع منصوب) .

6 يعني به أن اسم الشرط يكون في محل نصب لأن المجرور في الأصل منصوب.

7 وقع في (ج) تكرار لكلمة (أيضا) حيث جاء فيه (أيضا يؤخذ أيضا) .

8 بسبب أن لأداة الشرط صدر الكلام، فلا يتقدم شيء من معمولات فعل الشرط ولا فعل الجواب عليها.

ص: 604

هذا هو مذهب جمهور البصريين 1.

وذهب الكوفيون2 والمبرد3 وأبو زيد4 إلى أنه هو الجواب نفسه. وهو ضعيف.

ص: وقد يكون واحدا من هذه فيقترن بالفاء، نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} 5 الآية. {يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً} 6 أو

1 مذهبهم في الكتاب 3/66-70 وشرح الكافية 2/257 والهمع 2/61.

2 مذهب الكوفيين في الإنصاف 2/623.

3 قال في المقتضب 2/68: (فإن كان الفعل ماضيا بعد حرف الجزاء جاز أن يتقدم الجواب) وينظر أيضا 2/69.

4 هو الإمام سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير، أبو زيد الأنصاري صاحب النحو واللغة، كان إماما في العربية وغلبت عليه اللغة والنوادر، روى عن أبي عمرو بن العلاء وأبي الخطاب الأخفش وغيرهما ومن تلاميذه التوزي والسجستاني وأبو عبيد القاسم بن سلام واللحياني والجاحظ، وترك جملة من المؤلفات أشهرها النوادر والمطر والنبات والشجر والهمز، توفي رحمه الله سنة 215 هـ على الصحيح.

ترجمته في مراتب النحويين 73 وطبقات النحويين 165 وإنباه الرواة 2/30 ومعجم الأدباء 11/212 وبغية الوعاة 1/582 وشذرات الذهب 2/34.

قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/1611: (ومذهب أبي زيد أن الذي تقدم هو الجواب نفسه ولذلك جاء مقرونا بالفاء في قول الشاعر، ثم ذكر بيتا من الشعر وهذا البيت موجود في نوادر أبي زيد ص 283، وينظر الأشموني 4/15.

5 من الآية 26 من سورة يوسف.

6 من الآية 13 من سورة الجن، ولم تذكر في النسخ كلمة (بخسا) .

ص: 605

جملة اسمية فيقترن بها، أوبإذا الفجائية، نحو {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 1 {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} 2.

ش: هاتان مسألتان متعلقتان بالجزاء.

إحداهما أنه إذا كان 3 واحدا من الأمور التي لا تصح أن تقع شرطا وجب اقترانه بالفاء.

فقوله4: (وقد يكون) الضمير فيه يعود على الجزاء.

والإشارة في قوله: (هذه) تعود على الأمور الممتنع جعل واحد منها شرطا، وذكر من أمثلة ذلك مثالين:

أحدهما مثال ماضي المعنى، وهو الآية الأولى، وهي قوله تعالى 5:{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} 6.

وثانيهما مثال ما إذا وقع الجزاء نهيا، وهو قوله:{فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا} 7 في قراءة من جزم (يخف) وجعل (لا)

1 من الآية 17 من سورة الأنعام.

2 من الآية 36 من سورة الروم. وفي (ج) : (فإذا هم) وهو تحريف للآية.

3 أي الجزاء. وقد سبق ذكر هذه الأمور التي لا تصح أن تقع شرطا في ص 595.

4 في (أ) : (وقوله) ، والمثبت من (ب) و (ج) .

5 في هذه الآية وقع الجزاء ماضيا في اللفظ والمعنى فوجب اقترانه بالفاء.

6 من الآية 26 من سورة يوسف.

7 من الآية 13 من سورة الجن.

ص: 606

ناهية 1.

ومثال ما إذا وقع أمرا، نحو {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي} 2.

ومثال ما إذا وقع فعلا جامدا قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً فَعَسَى رَبِّي} 3.

والمقرون بقد، نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} 4 وبالتنفيس قوله تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} 5 وب (لن) نحو قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} 6. و (ما) نحو {فَإِنْ

1 وهي قراءة شاذة وبها قرأ يحيى بن وثاب، ينظر المختصر في شواذ القرآن ص 163. وأما قراءة الجمهور (فلا يخاف) بالرفع، ف (لا) نافية، والتقدير (فهو لا يخاف) .

2 من الآية 31 من سورة آل عمران.

والشاهد في الآية اقتران الجواب بالفاء لأنه طلبي.

3 من الآية 40 من سورة الكهف. وفي (ج) : (قوله تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ} .

4 من الآية 77 من سورة يوسف.

5 من الآية 28 من سورة التوبة. وقوله تعالى: {من فضله} لم يرد في (أ) .

6 من الآية 115 من سورة آل عمران. وهي بالتاء قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر. تنظر السبعة لابن مجاهد ص 215 والنشر 2/241.

ص: 607

تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} 1.

وقد تحذف [59/أ] هذه الفاء في الضرورة، كقول الشاعر:

125-

ومَنْ لا يَزَلْ ينقاد للغَي والصِّبا

سيُلْفَى على طولِ السلامةِ نادِما2

المسألة الثانية إذا وقع 3 جملة اسمية فإنه يجب اقترانها إما بالفاء وإما بإذا الفجائية، نحو قوله تعالى:{فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} 4 وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} 5.

وإنما قامت (إذا) الفجائية6 مقام الفاء لأنها لا يبتدأ بها ولا تقع إلا

1 من الآية 72 من سورة يونس. وفي (ب) و (ج) : {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ} . وهو خطأ في الآية.

2 البيت من الطويل، وهو من الشواهد التي لم يعرف قائلها.

وقد ورد في شرح الكافية الشافية 3/1598وشرح الألفية لابن الناظم 702 والعيني 4/433 والتصريح 2/250 والأشموني 4/21.

الشاهد خلو جواب الشرط من الفاء مع أنه مسبوق بحرف تنفيس.

3 أي جواب الشرط.

4 من الآية 17 من سورة الأنعام.

5 من الآية 36 من سورة الروم.

6 اختلف العلماء في حقيقة إذا الفجائية، فعند الأخفش وابن مالك هي حرف، وعند المبرد هي ظرف مكان، وعند الزجاج هي ظرف زمان، راجع المغني ص 120.

ص: 608

بعد ما هو معقب بما بعده1 فأشبهت الفاء 2، فقامت مقامها.

وقد تأتي في الضرورة بدونهما، كقول الشاعر:

126-

مَنْ يَفعلِ الحسناتِ اللهُ يَشكُرُها3

................................ ..

تنبيهان:

الأول: لابد في الجملة الاسمية التي تقترن بإذا ألا تكون طلبية نحو (إن عصا فويل له) . وألاّ تدخل عليها أداة نفي، نحو (إن قام زيد فما عمرو قائم) . وألا تدخل عليها (إنَّ) نحو (إنْ قام زيد فإنَّ عمرا قائم)4.

1 في (ب) : (متعقب بما بعده) . وفي (ج) : (معقب بما بعدها) .

2 قوله: (فأشبهت الفاء) ساقط من (ج) .

3 صدر بيت من البسيط، وعجزه:

..........................

والشر بالشر عند الله مِثلانِ

وقد اختلف في قائله، فنسبه سيبويه لحسان بن ثابت، وهو في زيادات ديوانه 1/516 ونسب أيضا لعبد الرحمن بن حسان، ولكعب بن مالك. والظاهر أنه لكعب بن مالك، فقد ورد في ديوانه مع أبيات أخرى. ينظر ديوان كعب ص 28.

والبيت من شواهد سيبويه 3/65 والمقتضب 2/72 والخصائص 2/281 وشرح المفصل 9/3 والمقرب 1/276 وضرائر الشعر ص 160 وشرح الكافية الشافية 3/1597 ومغني اللبيب ص 80 والعيني 4/ 433 والتصريح 2/250 والأشموني 4/20 والخزانة 9/49 والدرر اللوامع 5/81.

والشاهد فيه حذف الفاء من جواب الشرط وذلك ضرورة عند الجمهور.

4 تنظر هذه الشروط في ارتشاف الضرب 2/553 وتوضيح المقاصد 4/254.

ص: 609

فهذه المواضع الثلاثة تتعين فيها الفاء، ولا يجوز فيها (إذا) .

فإن قيل: فكيف أطلق المصنف؟ 1.

قلنا: معنى كلامه أن الجزاء حيث امتنع أن يكون شرطا، فهو فيما عدا الجملة الاسمية يتعين ربطه بالفاء، وفيها2 لا يتعين بل إما هي وإما (إذا) الفجائية بحسب ما يقتضيه فلا يحتاج إلى ذكر شرط.

على أنه يجوز أن يلاحظ خصوص3 المثال الذي مثل به، فإنه جامع للشروط الثلاثة.

فإذا وُقف معه كان فيه إيماء إليها.

الثاني: ظاهر كلامه أن (إذا) يربط بها الجواب بعد (إن) وغيرها من أدوات الشرط. وهو موافق لإطلاق النحويين 4. وظاهر عبارة التسهيل تخصيصه ب (إن)

وصرّح به في التوضيح 6 تبعا له.

1 أي قوله في الشذور ص 23: (أو جملة اسمية فيقترن بها أو بإذا الفجائية) فقد أطلق القول في الجملة الاسمية ولم يقيدها بالشروط المذكورة.

2 أي في الجملة الاسمية.

3 قوله: (خصوص) ساقط من (ج) .

4 وكذا ذكر المرادي في توضيح المقاصد 4/254 قال: (نصوص النحوبين على الإطلاق) . وينظر أيضا ارتشاف الضرب 2/552 وما بعدها.

5 قال في التسهيل ص 238: (وقد تنوب بعد (إنْ) إذا المفاجأة عن الفاء في الجملة الاسمية غير الطلبية) فخص ذلك الحكم ب (إن) .

6 أوضح المسالك 3/195.

ص: 610

والمعتمد 1 إطلاقهم لقوله تعالى: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} 2.

ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم من أن (إذا) ليست من الجوازم، فإنه لا يلزم من نفي الجزم عنها نفي إفادتها الشرطية 3. والله أعلم.

ص: ويجوز [59/ب] حذف ما عُلم من شرط بعد (وإلاّ) نحو إفعل وإلا عاقبتك. أو جواب شرطه ماض، نحو {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْض} 4، أو جملة شرط وأداته إن تقدمها طلب ولو باسمية أو باسم فعل 5، أو بما لفظه الخبر، نحو {قُلْ تَعَالَوْا أَتْل} 6 ونحو أين بيتك أزرك 7، و (حسبك حديث ينم الناس)، وقال:

1 أي الراجح.

2 من الآية 48 من سورة الروم.

3 وذلك لأن (إذا) هذه اسم شرط غير جازم وتختص بالدخول على الجمل الفعلية.

ينظر مغني اللبيب ص 127.

4 من الآية هـ 3 من سورة الأنعام.

5 في (أ) : (ولو باسم فعل) والمثبت من (ب) و (ج) والشذور ص 23.

6 من الآية 151 من سورة الأنعام.

7 في (ج) : (أزورك) بالواو.

ص: 611

مكانك تحمدي أو تستريحي

وشرط ذلك بعد النهي كون الجواب محبوبا، نحو:(لا تكفر تدخل الجنة) .

ش: تضمن كلامه هذا ثلاث مسائل:

الأولى: أنه يجوز حذف فعل الشرط إذا عُلم، ووقع بعد (وإلا) 1 نحو (افعل كذا وإلا عاقبتك) 2 تقديره وإلا تفعل عاقبتك، ومنه قول الشاعر:

127-

فطلِّقْها فلستَ لها بكفءٍ

وإلاّ يعلُ مِفرَقك الحُسامُ3

الثانية أنه يجوز حذف جواب الشرط إذا عُلم، وكان شرطه ماضيا،

1 في (أ) و (ب) : (بعد إلا) والمثبت من (ج) .

2 في (أ) : (وإلا قتلتك) ، والمثبت من (ب) و (ج)، وقوله:(تقديره وإلا تفعل عاقبتك) ساقط من (ج) .

3 البيت من الوافر، وهو للأحوص الأنصاري يخاطب به رجلا اسمه مطر ويأمره بأن يطلق امرأته.

المفرق: وسط الرأس، الحسام: السيف. والرواية التي في الديوان:

........... فلست لها بأهل

وإلا شق.............................

ينظر ديوان الأحوص ص 190، وهو من شواهد المرتجل لابن الخشاب ص 273 والإنصاف 1/72 والأمالي الشجرية 1/341 والمقرب 1/276 وشرح الكافية الشافية 3/ 1069 والمغني 848 والعيني 4/ 435 والتصريح 2/ 252 وشرح الأشموثي 4/ 25 والخزانة 2/151.

والشاهد حذف فعل الشرط بعد (وإلا) لدلالة ما قبله عليه والأصل وإلا تطلقها.

ص: 612

نحو قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْض} 1 الآية. تقديره فافعل. وقد فهم من كلامه أن ما لم يعلم من شرط أو جواب لكونه لا دليل عليه لا يجوز حذفه وهو واضح.

وينبغي أن يعلم أن حذف الشرط أقل من حذف الجزاء، وإن كانا جائزين. وكلام المصنف2 لا يأبى هذا.

وأنه لا يشترط في حذف الشرط تعويض (لا) من المحذوف3.

وأنه لا يشترط في حذف الشرط أن تكون أداته (إنْ) بل يجوز في غيرها. وكلام المصنف ربما يفهم خلاف هذين4.

الثالثة: أنه يجوز حذف الشرط وأداته مع جزم الجواب وذلك بعد الطلب، سواء كان5 الأمر أو النهي أو الدعاء أو الاستفهام أو التمني أو العرض أو التحضيض، إذا قصد معنى الجزاء وأسقطت الفاء نحو زرني أزرك، ومثله {قُلْ تَعَالَوْا أَتْل} 6 و (لا تدن من الأسد تسلمْ7) ، ورَبِّ

1 من الآية 35 من سورة الأنعام.

2 في شرح الشذور.

3 اشترط هذا الشرط ابن عصفور والأبّدي. ينظر المقرب 1/276 والارتشاف2/561.

4 لأنه قال في الشذور ص 23: (ويجوز حذف ما علم من شرط بعد (وإلاّ) .

5 قوله: (كان) زيادة من (ج) .

6 من الآية 151 من سورة الأنعام، وهو مثال للجزم بعد الأمر.

7 وهذا مثال للجزم بعد النهي.

ص: 613

اغفرْ لي أدخلْ الجنة1 وهل تكرمْ زيدا يكرمْك2، وليت لي مالا أنفقْه3 وألا تنزلْ عندنا تُصبْ خيرا4 ولولا تأتينا تحدثْنا5.

والتقدير إن تزرني أزرك، وإن لاتدن من الأسد تسلم وإن تغفر لي أدخل [60/أ] الجنة، وإن تكرم زيدا يُكرمك، وإن أرزق مالا أنفقه، وإن تنزل تُصب، وإن تأتنا تُحدثنا6.

وسواء الطلب بالفعل كما تقدم أو بالجملة الاسمية نحو أين بيتُك أزرك، أو باسم الفعل، نحو:

128-

....................................

مكانك تُحمدي أو تستريحي7

1 هذا مثال للجزم بعد الدعاء.

2 هذا مثال للجزم بعد الاستفهام.

3 هذا مثال للجزم بعد التمني.

4 في (أ) : (ألا تنل) والمثبت من (ب) و (ج) ، وهذا مثال للجزم بعد العرض.

5 هذا مثال للجزم بعد التحضيض.

6 هذا التقدير على مذهب أكثر المتأخرين الذين يرون أن الجزم هنا بأداة شرط مقدرة مع فعل الشرط. وسيأتي الخلاف في ذلك قريبا.

7 عجز بيت من الوافر، وهو لعمرو بن الأطنابة، يخاطب نفسه ويحثها على القتال. وصدره:

وقولي كُلَّما جشأتْ وجاشتْ

... ....................................

جشأت وجاشت: أي نهضت وارتفت من الفزع، مكانك تحمدي: اثبتي مكانك.

ينظر الكامل للمبرد 3/1434 ومجالس ثعلب 1/67 والخصائص 3/35 والاقتضاب 1/124 وشرح الجمل لابن عصفور 1/133 والعيني 4/415 والتصريح 2/243 وهمع الهوامع 2/13 والأشموني 3/ 312.

والشاهد جزم (تحمدي) في جواب اسم الفعل (مكانك) فإنه في معنى (اثبتي) .

ص: 614

أو بما لفظه الخبر، نحو (حسبُك حديثٌ يَنَمْ الناسُ)1.

وشرط الجزم بعد النهي أن يكون الجزاء محبوبا2. نحو (لا تدنُ من الأسد تسلمْ) ، فالسلامة منه أمر محبوب. وكذا في (لا تكفر تدخلْ الجنة) فدخولها أمر محبوب. وعلى هذا فلا يصح أن تقول: لا تدن من الأسد يأكلْك، ولا تكفرْ تدخلْ النار3.

ويعبر عن هذا أيضا بأن شرط جزم الجواب بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي مقامه.

وخالف الكسائي4 في هذا الشرط، فجوّز الجزم في نحو لا تدن من الأسد يأكلْك، ولا تكفر تدخلْ النار، بتقدير:(إنْ تدنُ) و (إنْ تكفرْ) .

1 أي اكفف عن الحديث ينم الناس، (فحسبك) لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر.

2 وقد جعل له العلماء ضابطا، هو وضع (إنْ) الشرطية قبل (لا) مع صحة المعنى.

3 أي بالجزم، قال سيبويه 3/97:(فإن قلت: لا تدن من الأسد يأكلك فهو قبيح إن جزمت، وليس وجه كلام الناس، لأنك لا تريد أن تجعل تباعده من الأسد سببا لأكله فإن رفعت فالكلام حسن) . وهذا هو مذهب جمهور العلماء.

ينظر المقتضب 2/83 وشرح المفصل 7/48 وهمع الهوامع 2/14.

4 قول الكسائي في شرح الكافية للرضي 2/267، وفيه قال الرضي:(وليس ما ذهب إليه الكسائي ببعيد لو ساعده نقل) . قلت: وقد ذهب السهيلي إلى ما ذهب إليه الكسائي. ينظر أمالي السهيلي ص 85 وتوضيح المقاصد 4/214.

ص: 615

فلم يشترط في الشرط المقدر أن يكون منفيا.

واستدل بقوله عليه الصلاة السلام1: "لا ترْجعوا بعدِي كفّارًا يضرِبْ بعضُكم رقاب بعض"2. فإنه لا يصح تقدير (لا) فيه3، مع أنه ورد مجزوما. وبقول أبي طلحة4 للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5 (لا تُشْرفْ يُصبْك سهمٌ) 6 وتقديره إن تشرف يصبك سهم، ولا يصح تقديره: إلَاّ تشرف. وحمل الجماعة7 ذلك ونحوه على إبدال الفعل من الفعل8.

1 في (أ) و (ج) : عليه السلام ، والمثبت من (ب) .

2 الحديث أخرجه البخاري في كتاب العلم عن جرير البجلي رضي الله عنه. ينظر صحيح البخاري 1/41 وصحيح مسلم 2/55 وسنن الترمذي 4/486.

3 لأنه سيكون التقدير (إن لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) وهذا عكس المعنى المراد.

4 هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري الخزرجي، مشهور بكنيته، شهد بدرا وما بعدها، مات سنة 51 هـ على الأصح. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 1/566.

5 في (أ) : عليه السلام والمثبت من (ب) و (ج) .

6 هذا الأثر أخرجه البخاري في باب مناقب الأنصار 5/46 وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن في قوله: (يصبك) روايتين الجزم والرفع. ينظر فتح الباري 7/362.

7 ينظر توضيح المقاصد 4/214 والتصريح 2/243 والأشموني 3/311.

8 وحمله ابن عصفور في شرح الجمل 2/193 على أنه من تسكين المرفوع الذي لا يجوز إلا في ضرورة أو قليل من الكلام.

وقد أجاب بعض العلماء عن الجزم في الحديث الأول، بأن الأصل:(يضربُ) بالرفع، ثم حصل إدغام الباء فيما بعده. ينظر الملخص لابن أبي الربيع 1/157.

ص: 616

تنبيهان:

أحدهما: لم يصرح المصنف باشتراط إسقاط الفاء، ولا بقصد معنى الجزاء اعتمادا على سياق الكلام، وعلى ما ذكره من الأمثلة.

الثاني: اختلفوا في عامل الجزم بعد إسقاط الفاء في هذه المواضع.

فقيل: إن لفظ الطلب ضمّن معنى حرف الشرط فجزم1.

واختاره ابن مالك2، ونسبه لسيبويه والخليل3.

وقيل: إن الطلب ناب عن حرف الشرط بعد حذفه فجزم، ونسب إلى السيرافي4 والفارسي5 وابن عصفور6.

وقيل: الجازم حرف شرط مقدر دل عليه الطلب، وهو مذهب

1 في (ج) : (مجزوم) وهو تحريف.

2 ينظر شرح الكافية الشافية 3/ 1551.

3 قال سيبويه في الكتاب 3/93: (فأما ما انجزم بالأمر فقولك: (ائتني آتك) . فهذا نص من سيبويه على أن الجزاء مجزوم بالأمر. وقال عن الخليل: (وزعم الخليل أن هذه الأوائل كلها فيها معنى (إن) فلذلك انجزم الجواب) .

4 ينظر قوله في ارتشاف الضرب لأبي حيان 2/419.

5 ينظر الإيضاح العضدي ص 333.

6 صحح ابن عصفور هذا القول في شرح الجمل 2/192.

ص: 617

أكثر المتأخرين1 وهو2 الراجح. وهو [60/ب] ظاهر كلام المصنف3 فإنه وإن لم يصرح بالجزم فقد صرح بأن جملة الشرط وأداته محذوفان، وذلك يقتضي جزم الجواب بالشرط المقدر. ولعل هذا هو عذره في عدم التصريح بالجزم.

وقيل4: الجزم بلام مقدرة، فإذا قيل: ألا تنزل عندنا تُصبْ خيرا، فالتقدير لتصب خيرا.

ص: ويجب الاستغناء عن جواب الشرط بدليله متقدما لفظا نحو هو ظالم إن فعل، أو نية نحو إن قمت أقوم. ومن ثَم امتنع في النثر إن تقم أقوم. وبجواب ما تقدم من شرط مطلقا، أو قسم إلاّ إن5 سبقه ذو خبر فيجوز ترجيح6 الشرط المؤخر.

ش: لَما تكلم فيما سبق على جواز حذف الجواب أخذ يتكلم على وجوب حذفه، وذكر أنه يجب حذفه7 إذا كان دليله متقدما لفظا

1 هذا هو اختيار أبي حيان، ونسبه لأكثر المتأخرين. ينظر ارتشاف الضرب 2/ 419.

2 قوله: (هو) ساقط من (أ) و (ج) ، و (هو) التالية ساقطة من (ب) .

3 أي في شذور الذهب ص 23 وقد صرح بهذا القول في أوضح المسالك 3/ 179.

4 هذا قول الفراء وبعض العلماء. ينظر معاني القرآن للفراء2/77 وهمع الهوامع 2/15.

5 في (ج) : (لا إن) وهو خطأ.

6 في (ج) : (تقديم) .

7 أي جواب الشرط.

ص: 618

أو نيّة. ومثل للأول1 بقوله: (هو ظالم إن فَعَل) والجواب محذوف تقديره2 (فهو ظالم) .

وللثاني3 بقوله: (إنْ قمتَ أقومُ) لأن تقديره (أقومُ إنْ قمتَ) والجواب محذوف تقديره (أقم) . ف (أقوم) هو دليل الجواب4، وهو متقدم نية لا لفظا.

ثم ذكر أنه يمتنع أن يقال5 في النثر: إنْ تقُمْ أقوم6، فإنه خاص بالضرورة، كقوله:

129-

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنك إن يُصرع أخوك تُصرع7

1 وهو ما تقدم فيه دليل الجواب لفظا.

2 كلمة (تقديره) ساقطة من (ج) في الموضعين.

3 وهو ما تقدم فيه دليل الجواب نية أي تقديرا.

4 هذا على مذهب جمهور البصريين، وسيذكر الشارح الخلاف في ذلك قريبا.

5 في (أ) و (ج) : (يقول) وما أثبته من (ب) هو الأولى.

6 أي أنه لا يجوز في سعة الكلام رفع الجواب إذا كان فعل الشرط مضارعًا.

7 البيتان من الرجز، وقد نسبهما سيبويه لجرير بن عبد الله البجلي ونسبهما الغندجاني في (فرحة الأديب) لعمرو بن الخثارم البجلي.

وللأبيات قصة تنظر في فرحة الأديب ص 107 والخزانة 8/20 وهما من شواهد سيبويه 3/67 والمقتضب 2/72 والأصول 2/192 والإنصاف 2/623 وشرح المفصل 8/158 وارتشاف الضرب 2/555 والتصريح 2/249 والهمع 2/61.

والشاهد رفع المضارع الواقع بعد فعل الشرط لأنه دليل الجواب وليس الجواب نفسه وهو متقدم في التقدير، لأن الأصل إنك تصرعُ إن يصرع أخوك، وهذا على مذهب سيبويه. وعند المبرد هو الجواب نفسه لكن على إسقاط الفاء، والأصل إن يصرع أخوك فأنت تصرع.

ص: 619

وقوله: (وبجواب ما تقدم) إلى آخره يعني أنه إذا اجتمع في الكلام شرط وقسم فالمتقدم منهما يُستغنى بجوابه عن جواب المتأخر.

فتقول: (والله إن تقم لأقومَنّ) . فجُعل الجواب للقسم ويستغنى به عن جواب الشرط فيكون محذوفا وجوبا. وتقول: (إن تقمْ والله أقمْ) فجُعل الجواب للشرط لتقدمه، ويستغنى به عن جواب القسم، فيحذف وجوبا1.

وقوله: (مطلقا) راجع للشرط، أي أن الشرط متى تقدم استحق الجواب وحُذف جواب القسم استغناء بجوابه، سواء سبق ذو خبر2، كقولك: زيد إن يقم والله أقم، أو لم [61/أ] يسبق ذو خبر، وقد تقدم في الأمثلة.

وقوله: (إلا إن سبقه) هذا الاستثناء راجع إلى القسم، أي أن القَسَم متى تقدم استحق الجواب، وحُذف جواب الشرط استغناء عنه، إلا إن سبق في الكلام ذو خبر، فإنه يجوز في الكلام3 ترجيح الشرط بجعل الجواب له، وإن كان مؤخرا، كقولك: زيد والله إن تقم يقم

1 أي جواب القسم، للاستغناء عنه بجواب الشرط.

2 المراد بذي الخبر ما يطلب خبرا، سواء أكان مبتدأ أم اسما لكان أم اسما لإنّ.

3 قوله: (في الكلام) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .

ص: 620

معك1. ولا يتعين أن تقول: (ليقومن) جوابا للقسم2.

تنبيهات:

الأول: جعْلُه (إنْ قمتَ أقومُ) على سبيل3 التقديم والتأخير، وأن جواب الشرط محذوف، وأن (أقوم) هو دليل الجواب، وهو مؤخر من تقديم هو مذهب سيبويه4.

وذهب الكوفيون5 والمبرد6 إلى أنه الجواب بتقدير الفاء.

وذهب قوم7 إلى أنه ليس على التقديم والتأخير، ولا على تقدير الفاء بل لأنه 8 لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط، لكونه ماضيا ضعف عن العمل في الجواب.

1 كلمة (معك) زيادة من (ج) .

2 وسبب ذلك أن سقوط الشرط مخل بمعنى الجملة التي هو منها، بخلاف القسم فإنه مسوق لمجرد التأكيد، فجعل الجواب للشرط عند تقدم ذي خبر أولى. ينظر التصريح2/253.

3 في (أ) : (على تقدير) والمثبت من (ب) و (ج) وهو الأولى.

4 نص على ذلك في الكتاب 3/66 فقال: (وقد تقول: إن أتيتني آتيك، أي آتيك إن أتيتني) .

5 ينظر معاني القرآن للفراء 1/232 وهمع الهوامع 1/62.

6 ينظر المقتضب 2/ 69، 70.

7 منهم الرضي الاستراباذي، فإنه اختار هذا القول، في شرح الكافية 2/262.

8 في (ب) و (ج) : (بل إنه) .

ص: 621

الثاني: منعه (إن تقمْ أقومُ) في النثر يقتضي جوازه في الشعر1.

وقيل: إنه خاص بالضرورة، كما قدمنا2. وبه صرح في بعض نسخ التسهيل3. ووقع في بعضها أنه قليل، ويوافق هذه النسخة قولُه في شرح الكافية4: (وقد يجيء الجواب مرفوعا والشرط مجزوم، ومنه قراءة طلحة ابن سليمان5 {أينَمَا تَكُونُوا يُدْركُكُمْ الموتُ} 6. واختلفوا في تخريج الرفع في ذلك.

فذهب المبرد7 إلى أنه على حذف الفاء مطلقا. وفصّل سيبويه8 بين أن يكون قبله ما يمكن أن يطلبه9 فيكون على التقديم والتأخير أو لا10،

1 أي وقوعه في الشعر دون ضرورة تدعو إليه.

2 تقدم هذا القول في ص 619.

3 تسهيل الفوائد ص 237، وينظر المساعد لابن عقيل 3/150، 151.

4 شرح الكافية الشافية 3/1590.

5 هو طلحة بن سليمان السّمان، مقرئ متصدر، وله شواذ تُروى عنه.

تنظر ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/341.

6 من الآية 78 من سورة النساء.

تخريج هذه القراءة في شواذ القرآن لابن خالويه ص 27 والمحتسب1/193.

7 ينظر المقتضب72/2.

8 ينظر الكتاب 3/67، 68.

9 مراده بما يمكن أن يطلبه أن يكون في الجملة مبتدأ، نحو (والمرء عند الرُّشا إن يلقها ذيب) أو اسم إن، كما تقدم في قوله:(إنك إن يصرع أخوك تصرع) .

10 أي لم يكن في الجملة ما يطلبه، نحو (من يأتها لا يضيرها) .

ص: 622

فيكون على حذف الفاء، وجوّز عكس ذلك1.

وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء، وإلا فعلى التقديم والتأخير2.

إذا علمت ذلك فلا يظهر تعليل امتناع هذه الصورة3 إلا على القول الثالث في الأولى4، وهو أنه لما لم يظهر لأداة الشرط5 تأثير في الماضي ضعف عن العمل في الجواب. [61/ب] فليتأمل ذلك.

التنبيه الثالث: تصريحه بترجيح جعل الجواب للشرط مع تأخره عند تقدم ذي خبر هو مذهب ابن عصفور6 وجماعة7. وهو مقتضى كلام ابن مالك في الخلاصة8. ونص في التسهيل9

1 قال في الكتاب 3/71: (ولو أريد به حذف الفاء لجاز) وينظر أيضا 3/68.

2 ذكر هذا القول أبو حيان في الارتشاف 2/555 ولم يعين قائله.

3 وهي فيما إذا كان الشرط مجزوما والجواب مرفوعا، نحو (إن تقم أقوم) .

4 أي في الصورة الأولى التي تقدمت ص 621.

5 في (أ) و (ج) : (لفعل الشرط) وهو خطأ صوابه من (ب) .

6 ينظر شرح الجمل لأبن عصفور 529/1. 530.

7 ينظر ارتشاف الضرب 2/490.

8 وهي المعروفة بالألفية، سميت بالخلاصة لأنه استخلصها من الكافية الشافية، قال:

وإن تواليا وقبل ذوخبر

فالشرط رجح مطلقا بلا ضرر

أي إن توالى الشرط والقسم وسبقهما ذو خبر فرجح كون الجواب للشرط مطلقا.

9 قال في التسهيل ص 153: (وإذا توالى قسم وأداة شرط غير امتناعي استغني بجواب الأداة مطلقا، إن سبق ذوخبر) . وقال في ص 239: (ويتعين ذلك إن تقدمهما ذو خبر) .

ص: 623

والكافية1 على أن ذلك على سبيل التحتّم.

الرابع: ظاهر كلامه أنه لا يجوز جعل الجواب للشرط المؤخر مع عدم تقدم ذي خبر، وهو موافق للجمهور2 في ذلك.

وجوّزه الفراء3 وتبعه ابن مالك4، استدلالا بنحو قوله:

130-

لئن كان ما حُدّثته اليوم صادقا

أصم في نهار القيظ للشمس باديا5

فجعل الجواب، وهو (أصُمْ) للشرط، بدليل جزمه، مع تأخره عن القسم الذي آذنت به اللام، ولم يتقدم ذو خبر.

1 شرح الكافية الشافية 2/888 و3/1616.

2 مذهب الجمهور أنه إذا اجتمع شرط وقسم ولم يتقدم ذو خبر فالجواب للمتقدم منهما، ولا يجوز جعله للمتأخر.

ينظر التصريح 2/254 وهمع الهوامع 2/43.

3 ينظر معاني القرآن للفراء1/67 وما بعدها و2/130، 131.

4 شرح الكافية الشافية 2/ 889- 891 و3/1616.

5 البيت من الطويل، وقد نسبه الفراء لامرأة من بني عقيل.

ينظر معاني القرآن للفراء 1/67 و2 /131 وشرح الكافية الشافية 1/892 ومغني اللبيب 312 والمساعد 3/176 والعيني 4/438 والتصريح 2/254 وهمع الهوامع 2/43 والأشموني 4/29 وخزانة الأدب 11/336.

والشاهد قوله: (أصم) حيث جاء مجزوما على أنه جواب للشرط المؤخّر ولم يتقدم ذو خبر. ولم يجعله جوابا للقسم. وهذا على مذهب الفراء وابن مالك.

ص: 624

وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه ضرورة، أو اللام1 زائدة2.

ص: وجزم ما بعد فاء أو واو من فعل تالٍ للشرط أو الجواب قويّ، ونصبه ضعيف، ورفع تالي الجواب جائز.

ش: إذا جاء فعل عَقِب واو أو فاء بعد الشرط وقبل الجواب، أو بعد الشرط والجواب معا جاز في ذلك الفعل وجهان:

أحدهما قوي، وهو الجزم، عطفا على الشرط في الأول3، وعلى الجواب في الثاني4.

وثانيهما ضعيف، وهو النصب بإضمار (أن) وجوبا5.

وإنما أضمرت (أن) في ذلك، لأن مضمون الجزاء والشرط6 لم

1 من قوله: (ولم يتقدم) إلى هنا ساقط من (أ) . وأثبته من: (ب) ، و (ج) .

2 أي اللام التي قبل الشرط في قوله: (لئن) ، فلا يكون هنا قسم.

ينظر توضيح المقاصد للمرادي 4/ 262 والتصريح 2/2540 والأشموني 4/30.

وأقول: إن كثرة الشواهد الشعرية التي وردت في هذا الباب ترجح مذهب الفراء وابن مالك، ولا يمكن تأويلها جميعا أو حملها على الضرورة لكثرتها.

تنظر هذه الشواهد في شرح الكافية الشافية لابن مالك 2/889.

3 وهو فيما إذا كان الفعل بعد الشرط وقبل الجواب، نحو (إن تستذكرْ وتجتهدْ تنجحْ) .

4 وهو فيما إذا كان الفعل بعد الجواب، وسيأتي التمثيل لها.

5 وسبب ضعفه أنه لم يتقدم على الفاء أو الواو طلب حتى ينصب الفعل في جوابه.

6 كذا ورد قوله: والشرط هنا والظاهر أنه كتب سهوا، إذ لا معنى له هنا وقد خلت كتب النحو الأخرى منه في هذا الموضع.

ص: 625

يتحقق فأشبه الاستفهام1.

ويختص2 الواقع بعد الجواب بوجه آخر، وهو الرفع على الاستئناف، ولا يجوز ذلك فيما بعد الشرط، لأنه يمتنع الاستئناف قبل مجيء الجواب.

وحاصل ذلك أن الفعل المقرون بواو أو فاء إذا وقع بعد الشرط والجزاء جاز فيه الثلاثة3، وإذا وقع بينهما يجوز فيه الوجهان4.

تنبيهان:

أحدهما: قوله: (الجواب) 5 يشمل المجزوم وغيره6 وقد قرئ بالأوجه7 الثلاثة قوله تعالى: {ويُكَفِّرْ} 8 بعد قوله تعالى {وَإِنْ تُخْفُوهَا

1 أي فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام، كما في توضيح المقاصد 4/255.

2 في (أ) : (ومختص) والمثبت من (ب) و (ج) ، وهو الأولى.

3 أي الأوجه الثلاثة الجزم والنصب والرفع، وقد قرىء بجميع ذلك في قوله تعالى:{إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر.} بجزم (يغفر) ونصبه ورفعه، فالجزم عطفا على الجواب والنصب بإضمار (أن) والرفع على الاستئناف.

4 أي الجزم والنصب، ويمتنع الرفع، نحو (من يصبر ويحتسب يُثب) .

5 في (أ) : (للجواب) والمثبت من (ب) و (ج) .

6 يقصد بغير المجزوم غير المجزوم لفظا كالجملة الاسمية الواقعة جوابا لشرط جازم.

7 في (ب) و (ج) : (وقد روي بالأوجه) .

8 فقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر ويعقوب بالرفع على الاستئناف، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف بالجزم عطفا على محل (فهو خير لكم) ، وقرأ الأعمش بالنصب على إضمار (أنْ) .

ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 191 والتذكرة في القراءات لابن غلبون 2/342 والنشر لابن الجزري 2/236 وإتحاف فضلاء البشر 165.

ص: 626