الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأسماء التي تعمل في عمل الفعل
…
ص: باب الأسماء التي تعمل عمل الفعل. وهي 1 عشرة، أحدها المصدر، وهو اسم الحدث الجاري على الفعل 2 ك (ضرْب) و (إكرام) . وشرطه أن يخلفه فعل مع (أن) أو مع (ما)3.
ش: لما أنهى الكلام على عمل الفعل أخذ يذكر ما يعمل عمله من الأسماء وهي عشرة أشياء4 وبدأ بالمصدر لأنه أصل الفعل في الاشتقاق5.
والمصدر هو اسم الحدث الجاري على الفعل. ف (اسم الحدث) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم المصدر.
وقوله: (الجاري على الفعل) 6 معناه أنه مساو للفعل في استيفاء حروفه، وهو كالفصل7 مخرج لاسم المصدر، فإنه يخالف المصدر بخلوه
1 هذه الكلمة ليست في شذور الذهب.
2 في (ج) : (على فعله) .
3 هذا الشرط متأخر في الشذور، وقد ذكر قبله شروطا سيذكرها الشارح فيما بعد.
4 قوله: (وهي عشرة أشياء) ساقط من (ب) .
5 هذا على مذهب البصريين، وعند الكوفيين أن المصدر مشتق من الفعل وقيل: كلاهما أصل، وقيل: الأفعال مشتقة من المصادر وبقية المشتقات مأخوذة من الفعل. والراجح مذهب البصريين. وهذه المسألة وأدلة الفريقين في الإنصاف لابن الأنباري 1/235 والتبيين للعكبري 143 وهمع الهوامع 2/12.
6 من قوله: (فاسم الحدث) إلى هنا ساقط من (ب) .
7 في (ج) : (كالجنس) .
من بعض حروف الفعل، ك (عطاء) فإنه خال من همزة (أعطى) .
وتمثيله ب (ضرْب) و (إكرام) إشارة إلى أنه لا فرق في عمل المصدر بين ما كان مصدرا لثلاثي ك (ضرْب) أو لأكثر منه ك (إكرام) .
وقوله: (وشرطه) أي شرط عمل المصدر أن يكون مقدرا ب (أن)[69/أ] والفعل أي إذا أريد المضي أو الاستقبال. نحو عجبت من ضربك زيدا أمس أو غدا.
والتقدير من أن ضربت زيدا أمس أو من أن تضرب زيدا غدا.
أوب (ما) والفعل إن أريد الحال1. نحو (عجبت من ضربك زيدا الآن) ، والتقدير: مما تضرب زيدا الآن2.
ويوجد في بعض النسخ3 (وشرطه ألا يصغر، ولا يُتبع قبل العمل ولا يحد بالتاء4، وأن يخلفه فعل مع (أن) أو مع (ما) .
وشرح ما في هذه النسخة من الزيادة أن تقول:
من شروط إعمال المصدر ألا يكون مصغرا، فلا يقال: أعجبني ضُرَيبُك زيدا. ويظهر أن يعلل بأن التصغير من خصائص الأسماء، فلا
1 ينظر التصريح 2/ 62 وهمع الهوامع 2/ 92.
2 ومن ذلك قوله تعالى: {كذكركم آباءكم} أي كما تذكرون آباءكم.
3 أي نسخ شذور الذهب، وهذه الزيادة التي ذكرها موجودة في شذور الذهب المطبوع. ص 26.
4 في (أ) : (ولا يجر بالياء) وهو تصحيف، صوابه من (ب) و (ج) . وبعد هذا في شذرر الذهب:(نحو ضربته ضربتين أو ضربات) .
يناسب الأفعال. فلما جاء على حالة لا تناسب الأفعال امتنع أن يعمل عملها.
وهذا التعليل، وإن لم أره مصرحا به1، لكن كلامهم يفهمه.
ومنه2 ألا يُتبع بتابع قبل العمل، سواء كان نعتا أو غيره، لأن المصدر ومعموله عندهم كموصول وصلته، فلا يحال بينه وبين معموله كما لا يحال بين الموصول وصلته. فلا يقال: أعجبني أكل الرغيفِ السريعُ زيدٌ3. على أن السريع نعت للمصدر.
ولا: عرفتُ سوقك العنيفَ الإبلَ4.
ومنه ألا يكون محدودا بالتاء5، فلا تقول: أعجبني ضربتك عمرا لأن6 دخول التاء عليه دالة على المرة يجعله بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال. ومما لم يذكره من شروطه ألا يكون مجموعا.
قال ابن مالك7، رحمه الله: (المصدر المجموع حقه ألا يعمل، لأن
1 في (أ) : (وإن كان مصرحا به) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج) .
2 أي من شرط عمل المصدر.
3 في (ب) : (أعجبني أكل الرغيف الربع زيد) . وهو تحريف. وقوله: (على أن السريع نعت للمصدر) ساقط من (ب) .
4 ومثله: أعجبني ضربك المبرح زيدا. ينظر التصريح 2/63.
5 عرف ابن مالك المحدود بالتاء في شرح التسهيل [ل 156/ ب] بأنه المردود إلى فعله قصدا للتوحيد والدلالة على المرة.
6 في (أ) : (أعجبتني) والمثبت من (ب) و (ج)، في (ج) :(إلا أن) .
7 شرح الكافية الشافية 2/1015، مع تصرف يسير في العبارة.
لفظه إذا جُمع مغاير للفظ1 المصدر الذي هو أصل الفعل) قال: (فإن ظفرنا في كلام العرب بإعمال المحدود أو المجموع قبلناه ولم نقس عليه2) . وأنشد مما ورد عاملا فيه المجموع قول الشاعر:
153-
قدْ جربوه فما زادت تجاربُهم
…
أبا قدامة3........
بنصب (أبا قدامة) ب (تجاربهم) وهو مصدر مجموع.
ومما لم يذكره أيضا ألا يكون مضمرا. [69/ب] ومعناه أن ضمير المصدر لا يعمل عمله4. فلا تقول: مروري بالمحسن حسن وهو بالمسيء قبيح.
1 في (ج) : (مغايرا) بالنصب وهو خطأ، ومن قوله: (المصدر المجموع
…
) إلى هنا ساقط من (ب) .
2 في (ج) : (بإعمال المجموع والمحدود) ولم يذكر قوله: (ولم نقس عليه) .
3 جزء بيت من البسيط، وهو من قصيدة للأعشى الكبير في مدح هوذة الحنفي.
والبيت في الديوان ص 159، وهو بتمامه:
وجربوه فما زادت تجاربهم
…
أبا قدامة إلا الحزم والفنعا
الفنع: الفضل، والمعنى ما كشفت تجاربهم إلا عن الحزم والفضل.
ينظر الخصائص 2/208 وشرح الكافية الشافية 2/1016 وتوضيح المقاصد 3/9 واللسان 8/257 والأشباه والنظائر 2/394 والأشموني 2/287.
والشاهد: إعمال المصدر المجموع عمل الفعل، حيث نصب (أبا قدامة) ب (تجاربهم) وهو جمع تجربة. وهذا قول ابن جني وابن عصفور وابن مالك.
قال ابن جني في الخصائص 2/209: (وقد يجوز أن يكون (أبا قدامة) منصوبا ب (زادت) أي فما زادت أبا قدامة تجاربهم إياه إلا المجد، والوجه أن ينصب ب (تجاربهم) لأنه العامل الأقرب) .
4 هذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون ذلك استدلالا ببيت من الشعر وقد تأوله البصريون. راجع ذلك في همع الهوامع 2/92.
ولا: ضربك المسيءَ حسن وهو المحسنَ1 قبيح. تريد: وضربك المحسن قبيح2 وذلك لعدم حروف الفعل. ولأجل ذلك لم يعمل محذوفا أيضا. ومنه ألا يكون مؤخرا عن معموله.
ولك أن تقول: هذا الشرط مستفاد من جعله مع معموله كموصول وصلته فكما أن الصلة لا تتقدم على الموصول، كذلك معمول المصدر لا يتقدم عليه.
ص: وعمله منونا أقيس، نحو {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} 3 ومضافا للفاعل أكثر، نحو {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ} 4 ومقرونا بأل ومضافا للمفعول ضعيف 5.
ش: أخذ يبين حالات المصدر العامل وأحكامها.
فمن حالاته أن يكون مجردا من الألف واللام والإضافة وهو المراد
1 في (أ) : (للمحسن)، وفي (ج) :(بالمحسن) ، صوابه من شرح الكافية الشافية 2/1014.
2 من قوله: (ولا: ضربك
…
) إلى هنا ساقط من (ب) .
3 الآيتان 14 و15 من سورة البلد.
4 من الآية 251 من سورة البقرة و40 من سورة الحج.
5 الذي في الشذور ص 26 (ومضافا لمفعول ذكر فاعله ضعيف) . وفي (ج) : (أضعف) بدل (ضعيف) .
بالمنوّن. وعمله حينئذ أقيس، لأنه نكرة فقوي شبهه بالفعل1.
ومثاله قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا} 2 ف (يتيما) مفعول ل (إطعام) .
ومنها أن يكون مضافا إلى الفاعل، ناصبا للمفعول. وعمله حينئذ أكثر. لأن نسبة الحدث3 إلى من وقع منه أكثر منها4 لمن وقع عليه.
ومثاله قوله تعالى: {وَلَوْلا دِفَاعُ اللهِ النَّاسَ} 5.
ف (الناس) منصوب ب (دفاع) المضاف إلى الفاعل.
ومنها أن يكون مقرونا بأل. وعمله ضعيف6. كقوله:
154-
ضعيف النكاية أعداءَه
…
يخال الفرار يراخي الأجل7
1 ينظر التصريح2/63.
2 من الآيتين 14، 15من سورة البلد.
3 في (ب) : (لأنه يشبه الحدث) وهو تحريف.
4 أي من نسبة الحدث، وكلمة (منها) ساقطة من (ج) .
5 من الآية 251 من سورة البقرة هذه قراءة نافع وأبي جعفر ويعقوب، في الموضعين. وقرأ الباقون من العشرة (دفع الله) . ينظر السبعة لابن مجاهد 187 والتذكرة لابن غلبون 2/336 والنشر 2/230.
6 وذلك لبعده عن مشابهة الفعل لاقترانه بأل. وقد منع عمله الكوفيون وبعض البصريين. ينظر الارتشاف 3/176.
7 البيت من المتقارب، ولم يعرف قائله، وعجزه غير وارد في (أ) و (ج) .
النكاية: التأثير، مصدر نكيت العدو أي أثرت فيه، يراخي: يباعد ويطيل. والمعنى أن هذا الرجل ضعيف التأثير في أعدائه ويفر من الحرب ظانا أن الفرار يؤخر أجله. والبيت من شواهد سيبويه المجهولة القائل. ينظر الكتاب 1/192- هارون والإيضاح للفارسي 186 وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 1/394 والمنصف 3/71 وشرح المفصل 6/59 والمقرب 1/131 وشرح الكافية الشافية 2/1013 وتوضيح المقاصد 3/5 والمساعد 2/235 وشفاء العليل 2/649 والعيني 3/500 والتصريح2/63 والخزانة 8/127.
والشاهد فيه إعمال المصدر المقترن بأل، حيث نصب (أعداءه) على أنه مفعول به.
ومنها أن يكون مضافا إلى المفعول رافعا للفاعل، كقوله:
155-
أفنى تلادي وما جمّعت من نَشَب
…
قرعُ القواقيزِ أفواهُ الأباريق1
وعمله ضعيف أيضا2. وقيل3: إنه ضرورة.
1 البيت من البسيط، وقائله الأقيشر الأسدي. ولم يرد صدر البيت في (أ) و (ب) .
التلاد: المال القديم، النشب: المال والعقار، القواقيز: جمع قاقوزة وهي آنية الخمر، الأباريق: جمع إبريق وهو الإناء الذي له عروة.
والبيت من شواهد المقتضب 1/21 والإنصاف 1/233 والمقرب 1/130 ومغني اللبيب 694 وشرح شذور الذهب 383 والعيني 3/508 والتصريح 2/64 وهمع الهوامع 2/94 والأشموني 2/289 وخزانة الأدب 4/491.
والشاهد فيه إضافة المصدر إلى مفعوله ورفع الفاعل بعده.
2 وقد أجازه سيبويه والجمهور. ينظر الكتاب 1/190- والارتشاف 3/174.
3 أي الإتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر للمفعول، وهذا قول بعض العلماء ولم أجد من صرّح باسم القائل بذلك. ينظر الارتشاف 3/175 والتصريح 2/64 والهمع 2/94.
ورُد َّبقوله عليه السلام: "وحجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليهِ سبيلاً" 1، لأن تقديره: وأن يحجَّ البيتَ المستطيعُ.
ومن حالاته أن يضاف إلى الفاعل ولا يذكر المفعول، نحو قوله تعالى:{رَبَّنا وتقَبَّل دعائي} 2.
وأن يضاف إلى المفعول ولا يذكر الفاعل، نحو [70/أ] قوله تعالى:{لا يسْأَمُ الإنسانُ مِنْ دعاءِ الخيرِ} 3 وهما كثيران.
ومنها أن يضاف إلى الظرف فيرفع وينصب4، نحو عجبتُ من ضرْبِ يومِ الجمعة زيدٌ عمرًا.
قلت5: هذا كله في المصدر الذي ليس بدلا من اللفظ بفعله.
1 جزء من الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم عن أنس بن مالك في كتاب الإيمان 1/42 والترمذي 3/ 5- 6 والنسائي 4/ 122.
وفي النسخة (ب) : (ورد بقوله تعالى) ثم ذكر هذا الحديث، وهو خطأ.
2 من الآية 40 من سورة إبراهيم.
والآية بإثبات الياء في الوصل قراءة ابن كثير وحمزة وأبي عمرو، وحفص عن عاصم في رواية هبيرة عن حفص. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 363. والشاهد في الآية إضافة المصدر إلى فاعله دون ذكر المفعول والتقدير: دعائي إياك.
3 من الآية 49 من سورة فصلت، والتقدير: من دعائه الخير.
4 أي فيرفع الفاعل وينصب المفعول. ينظر همع الهوامع 2/94.
5 في (ب) و (ج) : (تنبيه) بدل قوله: (قلت) .
أما ما هو بدل1 من اللفظ بفعله فإنه يعمل وإن لم يخلفه (أنْ) والفعل، ولا (ما) والفعل. نحو قول الشاعر:
156-
....... ........
…
فَنَدْلاً زُريقُ المَالَ نَدْلَ الثّعالبِ2
وكذلك قولك: ضربا زيدا. ف (زيدا) منصوب ب (ضربا) 3، وفيه ضمير مرفوع4 لأنه لما صار بدلا من الفعل عَمِل عمله وقام مقامه.
1 كلمة (بدل) ساقطة من (ج) .
2 عجز بيت من الطويل، وصدره:
على حين ألهى الناس جلّ أمورهم
…
............................... .....
وقد اختلف في قائله، فنسبه المبرد لأعشى همدان وهو في ديوانه ص 90 ونسبه الغندجاني في فرحة الأديب ص 88 لرجل من الأنصار ولم يعينه، ونُسب أيضا للأحوص وهو في ملحقات ديوانه ص 215. والظاهر أنه لأعشى همدان. الندل هو الأخذ بخلسة، زريق: اسم رجل، وهو منادى بحرف نداء محذوف. والبيت من شواهد سيبويه 1/116 والكامل للمبرد 1/239 والأصول 1/167 والخصائص 1/120 والإنصاف 1/293 وشرح الكافية الشافية 2/659 والارتشاف3/170 والمساعد 2/242 والعيني 3/46 والتصريح 1/331 والأشموني 2/116، 285.
والشاهد عمل المصدر النائب مناب فعله في المفعول به دون تقديره ب (أن) والفعل، أو (ما) والفعل.
3 في (ج) : (منصوب بضرب) وهذا القول مذهب سيبويه والجمهور.
وذهب المبرد والسيرافي إلى أن النصب في المفعول هو بذلك الفعل المضمر الناصب للمصدر. ينظر الكتاب 1/231 والكامل 1/241 والارتشاف 3/171 وهمع الهوامع 2/94.
4 على أنه فاعل للمصدر، وهو خاص بهذا النوع من المصادر.
يراجع شرح الكافية الشافية 2/1024.
ص: الثاني اسم الفاعل، وهو ما اشتق من فعل لمن قام به على معنى الحدوث، ك (ضارب) و (مكرم)1. فإن كان صلة لأل عمل مطلقا. وإلاّ عمل إن كان حالا أو استقبالا أو اعتمد، ولو تقديرا، على نفي أو استفهام أو مخبر عنه أو موصوف.
ش: الباب الثاني مما يعمل عمل الفعل اسم الفاعل. والكلام فيه من وجهين:
الوجه الأول في تعريفه، والوجه الثاني في أحكامه.
أما تعريفه فقال الشيخ: (وهو2 ما اشتق....) إلى آخره.
فقوله: (ما اشتق من فعل) المراد- كما قال3-: من مصدر فعل وهو كالجنس يدخل فيه كل مشتق.
وقوله: (لمن قام به) كالفصل يخرج ما اشتق لمن وقع عليه4 أو فيه5 أو نحو ذلك.
وقوله: (على معنى الحدوث) كفصل ثان يخرج اسم التفضيل والصفة المشبهة باسم الفاعل، فإنهما على معنى الثبوت.
1 بعده في شذور الذهب ص 27: (فإن صُغّر أو وصف لم يعمل) وسيذكر الشارح هذه العبارة ويشرحها.
2 في (أ) و (ب) : (إنه) ، والمثبت من (ج) لأنه الموافق لما في الشذور..
3 أي ابن هشام في شرح شذور الذهب ص 385. وكلمة (المراد) ساقطة من (أ) .
4 وهو اسم المفعول.
5 وهي أسماء المكان والزمان..
وأما أحكامه فتارة يكون بأل، وتارة يكون مجردا منها.
فإن كان صلة لأل، فإنه يعمل مطلقا، أي سواء كان بمعنى الحال أو الاستقبال أو المضي، وسواء اعتمد أو1 لم يعتمد2
فتقول: (جاء الضارب زيداً أمسِ أو الآن أو غداً) . وهذا معنى قوله: (مطلقا) .
وإن كان مجردا من (أل) فإنه يعمل بشرطين.
أحدهما أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال، لا بمعنى المضيّ3.
ثانيهما أن يعتمد [70/ب] إما على نفي، نحو ما ضارب زيدٌ عمرا، أو استفهام، نحو (أضارب زيد عمرا) ، أو على مخبر عنه، نحو (زيد ضارب عمرا) ، أو موصوف، نحو (مررت برجل ضارب عمرا)4.
والاعتماد على المقدر كالاعتماد على الملفوظ، نحو (مهين ٌزيدٌ عمرا أم مكرمه) أي أمهين. ونحو {مُخْتَلِفٌ ألوَانُهُ} 5 أي صنف مختلف. ولهذا قال الشيخ:(ولو تقديرا) .
1 كذا في هذه المواضع، والأولى (أم) لمعادلة الهمزة المقدرة..
2 هذا هو المشهور من أقوال النحويين، وسيأتي الخلاف في ذلك.
3 هذا هو مذهب الجمهور، وسيأتي الخلاف في ذلك.
4 وخالف الأخفش والكوفيون في شرط الاعتماد، فأجازوا إعماله دون أن يعتمد على شيء. ينظر همع الهوامع 2/95.
5 من الآية 28 من سورة فاطر. وقد اعتمد اسم الفاعل فيها على موصوف مقدر.
تنبيهات:
الأول: إنما عمل اسم الفاعل إذا لم يكن صلة لأل حيث كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه حينئذ يكون مشبها للمضارع في معناه، كما أشبهه في لفظه، لجريانه عليه في الحركات والسكنات 1.
ولم يعمل إذا كان بمعنى الماضي لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه، وهو الماضي فهو مشبه له معنىً لا لفظا 2.
وقال الكسائي 3 بجواز عمله إذا كان بمعنى الماضي أيضا فجوّز (أنا ضارب زيداً أمس) . متمسكا بقوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} 4 ف (ذراعيه) منصوب ب (باسط) وهو بمعنى المضي.
وخرّجه الجماعة على حكاية الحال5.
قال بعض المحققين6: ومعنى حكاية الحال أن يُفْرضَ ما كان واقعا
1 في (أ) حصل تقديم وتأخير في هذه العبارة والمثبت من (ب) وكذلك من (ج) .
2 هذا هو مذهب الجمهور وتعليلهم. ينظر شرح الكافية الشافية 2/1028 وهمع الهوامع 2/95.
3 ينظر قوله في شرح المفصل لابن يعيش 6/77 وشرح المفصل لابن الحاجب 1/640
4 من الآية 18 من سورة الكهف.
5 ينظر الإيضاح العضدي ص 172 وشرح الكافية 2/201وهمع الهوامع
2/95.
6 لم أعثر عليه، وهذه العبارة قريبة من عبارة الرضي في شرح الكافية 2/201.
في الزمن الماضي واقعا في هذا الزمان، فيعبر عنه بلفظ المضارع.
وإنما عمل مطلقا إذا كان صلة لأل لأنه حينئذ واقع موقع الفعل إذْ حق الصلة أن تكون جملة.
وعمله حيث كان صلة مطلقا هو المشهور من قول النحويين1.
ومن ادّعى الإجماع عليه2 حينئذ فدعواه مردودة بحكاية غيره3 عن جماعة من النحويين أنه لا يعمل مطلقا4. وعن جماعة آخرين أنه لا يعمل إلا إذا كان بمعنى المضي5.
التنبيه الثاني: تثنية اسم الفاعل وجمعه تذكيرا وتأنيثا كالمفرد عملا وشرطاً6 فتقول: جاء الضاربان زيداً أمس أو غدا أو الآن، وجاء رجلان ضاربان زيدا الآن أو غدا. وتقول: جاء الضاربون [71/أ] زيدا الآن أو
1 أي أنه قول أكثر النحويين لا جميعهم، كما في توضيح المقاصد 3/18.
2 ممن ادعى الإجماع على ذلك ابن الناظم في شرح الألفية ص 425- 426..
3 حكى الخلاف في ذلك جماعة من العلماء منهم ابن مالك وأبو حيان والمرادي. ينظر تسهيل الفوائد 137 وارتشاف الضرب 3/185 وتوضيح المقاصد 3/18.
4 هذا قول الرمّاني وهو أن ما بعد اسم الفاعل المقترن بأل منصوب بفعل مضمر.
ينظر الارتشاف 3/285.
5 نسب هذا القول للرماني أيضا.
ينظر شرح التسهيل لابن مالك [ق 151/ أ] والارتشاف 3/185.
6 قال أبو حيان في الارتشاف 3/181: (اسم الفاعل يعمل مفردا ومثنى ومجموعا جمع سلامة وجمع تكسير) .
غدا أو أمس 1. وجاء رجال ضاربون زيدا الآن أو غدا [لا] 2 أمس. وتقول: جاءت الضاربات زيدا الآن أو غدا أو أمس 3، وجاء نساء 4 ضاربات زيدا الآن أو غدا.
التنبيه الثالث: إذا وجدت الشروط المذكورة لعمل اسم الفاعل، فإنه لا يتعين عمله، بل يجوز العمل المذكور، وتجوز الإضافة أيضا 5 فتقول: هذا ضاربٌ زيداً الآن أو غدا. وهذا ضاربُ زيدٍ الآن أو غدا 6.
وقد قرىء بالوجهين {إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} 7. النصب8 على الإعمال والجر 9 على الإضافة.
1 في (أ) : (أو الآن) بدل أمس وهو تكرار والمثبت من (ب) و (ج) .
2 في (ب) و (ج) : (أو) وهو خطأ، لأن اسم الفاعل هنا غير مقترن بأل، وإذا كان كذلك فإنه لا يعمل في الماضي، كما سبق بيانه. وقوله:(لا أمس) ساقط من (أ) .
3 من قوله: (وتقول جاء
…
) إلى هنا ساقط من (ج)، ومن قوله:(أو أمس) إلى آخر هذا التنبيه ساقط من (أ) والمثبت من (ب) .
4 كذا، وهو جائز، لأن (نساء) اسم جمع فيجوز معه تأنيث الفعل وتذكيره.
5 والإعمال أولى عند سيبويه، وقال الكسائي: هما سواء.
ينظر الكتاب 1/168- هارون وهمع الهوامع 2/96.
6 قوله: (وهذا ضارب زيد) إلى هنا ساقط من (أ) والمثبت من (ب) و (ج) .
7 من الآية 3 من سورة الطلاق.
8 وهو قراءة الجمهور.
9 وبه قرأ حفص عن عاصم. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 639 وحجة القراءات لابن زنجلة ص 712 وإتحاف فضلاء البشر ص 418.
التنبيه الرابع: يوجد في بعض النسخ: (فإن صُغّر أو وصف لم يعمل)1.
وهذه الزيادة إن ثبتت فهي مأخوذة من التسهيل2، مقيدة لعمله بشرطين3 آخرين، هما عدم التصغير وعدم الوصف.
أما الشرط الأول فخالف فيه الكسائي 4، مستدلا بقول بعضهم:(أظنني مرتحلا وسويّرا فرسخا)5.
قال ابن أم قاسم 6: (ولا حجة فيه لأن (فرسخا) ظرف، والظرف يكفيه رائحة الفعل) .
وأما الشرط الثاني 7 فخالف أيضا فيه الكسائي8، فأجاز
1 هذه الزيادة ثابتة في شذور الذهب المطبوع ص 27.
2 قال في التسهيل ص 136: (يعمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف) .
3 في (ب) و (ج) : (مفيدة لعمله شرطين) .
4 أجاز الكسائي والكوفيون إلا الفراء إعمال اسم الفاعل المصغر.
المسألة في ارتشاف الضرب 3/181 والتصريح 2/65 والهمع 2/952.
5 هذا القول نقله الكسائي عن بعض العرب و (سوير) تصغير (سائر) وهو اسم فاعل، وقد أعمل في الظرف وفي (ب) :(سائرا) وهو خطأ، وفي شرح الكافية الشافية (سويئرا) بدل (سويرا) . ينظر شرح الكافية الشافية 2/1042.
6 توضيح المقاصد 3/16. ونصه (.... والظرف يعمل فيه رائحة الفعل) .
وهذا الرد سبقه إليه ابن مالك في شرح التسهيل [ق 151/ أ] . وفي نسختي (أ) و (ب) : (ابن قاسم) ، والمثبت من (ج) .
7 وهو عدم الوصف.
8 أجاز الكسائي عمل اسم الفاعل الموصوف، نحو هذا ضارب عاقل زيداً.
ينظر قوله في معاني القرآن للفراء 2/81 والمساعد لابن عقيل 2/191.
إعماله مطلقا.
وقيل: 1 يجوز إن كان العمل قبل الصفة 2، لأن ضعفه يحصل بعد ذكرها لا قبله. والله أعلم.
ص: الثالث المثال، وهو ما حول [للمبالغة] 3 من فاعل إلى فَعّال أو مفعال أو فعول بكثرة، أو فعيل أو فعل بقلة.
ش: الباب الثالث مما يعمل عمل الفعل أمثلة المبالغة4.
وهي ما حوّل عن اسم فاعل الثلاثي لقصد المبالغة، والتكثير إلى (فعّال) بتشديد العين، كغفار. أو (مِفعال) بكسر الميم، كمِنحار، أو (فَعول) بفتح الفاء، كضَروب، أو (فعيل) كعليم، أو (فعِل) كحذر.
1 هذا القول نسبه المرادي في توضيح المقاصد 3/17 لبعض البصريين دون تعيين.
2 مثل قولك: (أنا زيدا ضارب أيّ ضارب) . فـ (زيدا) منصوب بـ (ضارب) و (أيّ ضارب) صفة لـ (ضارب) .
3 سقطت من النسخ وأثبتها من شذور الذهب ص 27.
4 وقد اختلف النحويون في إعمالها، فذهب سيبويه إلى صحة إعمالها عمل اسم الفاعل، وخالفه في ذلك الكوفيون وأكثر البصريين. أما الكوفيون فمنعوا إعمالها مطلقا وجعلوا النصب فيما ورد من ذلك بتقدير فعل، وأما أكثر البصريين فأجازوا إعمال الثلاثة الأول ومنعوا الأخيرين. والحق هو مذهب سيبويه لكثرة الشواهد الدالة عليه، والتأويل خلاف الأصل.
ينظر الكتاب 1/110-115 والمقتضب 2/114 ومجالس ثعلب 1/124 وشرح المفصل 6/70.
والثلاثة الأول أكثر من الأخيرين. فتعمل العمل السابق بالشروط السابقة 1.
فإن وقعت صلة لأل عملت مطلقا. وإلاّ فبشرط الاعتماد لفظًا أو تقديراً على واحد مما سبق، وعدم المضي. قال الشاعر:
157-
أخَا الحرْبِ لَبَّاساً إلَيها جِلَالَهَا 2
…
...... .......
وحكى سيبويه3عن العرب: (إنه لمنحار بوائكها) 4 وقال الشاعر:
158-
ضَروب بنصل السيف سوقَ سمانها 5
…
... ....
1 أي الشروط التي سبق ذكرها في اسم الفاعل.
2 صدر بيت من الطويل، وقائله القلاخ بن حزن المنقري، وعجزه:
..... ...... ......
…
وليس بولاّج الخوالف أعقَلا
أخو الحرب: ملازمها، جلالها: جمع (جلّ) وهو ما يلبس في الحرب من الدروع ونحوها، ولاج: صيغة مبالغة من الولوج وهو الدخول، الخوالف: الخيام، أعقل: خائف.
والبيت من شواهد سيبويه 1/111 – هارون والمقتضب 2/113 وشرح المفصل 6/70 وشرح الكافية الشافية 2/1032 وشرح الألفية لابن الناظم 426 وشفاء العليل 2/623 والعيني 3/535 والتصريح 2/68 والأشموني 2/296 والدرر اللوامع 5/270.
والشاهد فيه إعمال (لباسا) وهو صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل فنصب (جلالها) .
3 الكتاب 1/112- هارون.
4 البوائك جمع بائكة وهي الناقة السمينة. ينظر لسان العرب (10/403- بوك) .
5 صدر بيت من الطويل، وقائله أبو طالب بن عبد المطلب، وعجزه:
........
…
إذا عدموا زادا فإنك عاقر
انظر ديوان أبي طالب ص 37.
والبيت من شواهد سيبويه 1/111- والمقتضب 2/114 والأصول لابن السراج 1/124 والجمل للزجاجي 92 والأمالي الشجرية 2/106 وشرح المفصل 6/70وتوضيح المقاصد 3/21 والعيني 3/539 والتصريح 2/68 وهمع الهوامع 2/97 والأشموني 2/297 وخزانة الأدب 4/242.
والشاهد فيه إعمال (ضروب) وهو صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل حيث إنه قد نصب (سوق) مفعولا به.
وقال:
159-
[71/ب] فَتَاتَان أمَّا منهما فَشبيهَةٌ
…
هِلالاً وأُخرى منهما تُشْبِهُ البَدْرا1
وقال:
160-
أتَاني أنّهُم مَزِقُون عِرْضي2
…
.... .... ....
1 البيت من الطويل، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات، والرواية في الديوان هي:
فتاتان أما منهما فشبيهة الـ......هلال والاخرى منهما تشبه الشمسا
ينظر ديوانه ص 34. وفي (أ) : (تشبه القمرا) والمثبت من (ب) و (ج) .
والبيت برواية الشارح في شرح الكافية الشافية 2/1037 وشرح الألفية لابن الناظم 428 وتوضيح المقاصد 3/23، وشفاء العليل 2/624 والعيني 3/543 والتصريح 2/68 والأشموني 2/297.
والشاهد فيه إعمال (شبيهة) وهي صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل.
2 صدر بيت من الوافر، وقائله زيد الخيل الطائي، رضي الله عنه، وعجزه:
.... ...... .....
…
جِحَاش الكِرْمِلَين لها فديدُ
الكرملين: اسم ماء في جبل طيء، فديد: صوت وجلبة.
ينظر شعر زيد الخيل ص 176 والحلل لابن السيد 131 وشرح المفصل 6/73 والمقرب 1/128 وشرح الكافية الشافية 2/1040 وتوضيح المقاصد 3/25 والمساعد 2/193 وشفاء العليل 2/625 وشرح الشذور 394 والعيني 3/545 والتصريح 2/68 والأشموني 2/298 والخزانة 8/169.
والشاهد فيه إعمال (مزقون) وهو جمع (مزق) صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل.
تنبيهان:
الأول: سيأتي في كلام الشيخ التصريح بأن المثال كاسم الفاعل في شروط عمله. ولو سكت عن التصريح بذلك استغنى. ولو قال هنا: ما حوّل من فاعل للمبالغة، لكفاه. إذ قضيته أن سبب التحويل إرادة المبالغة، فبقي على عمله وشروطه السابقة.
ولهذا يجري فيه كل ما أسلفناه في اسم الفاعل من إجراء التثنية وجمع المذكر والمؤنث 1 الصحيح والمكسَّر مجرى المفرد، ومن أن وجود الشروط لا توجب أن تعمل النصب، بل إما أن تعمل النصب 2 أو الجر على ما ذكر، ومن أنه يشترط عدم التصغير وعدم الوصف، على ما تقدم فيه من الخلاف من غير فرق.
الثاني: قد يبنى (فَعَّال) و (مِفْعَال) و (فَعُول) و (فَعيل) 3 من
1 قوله: (والمؤنث) ساقط من (ج) .
2 قوله: (بل إما أن تعمل النصب) ساقط من (ج) .
3 في (أ) و (ج) : (فعل) وهو خطأ، صوابه من (ب) لأن صيغة (فعل) لا تبني إلا من الثلاثي، ثم إن تمثيله بقوله:(نذير) يدل على ذلك، لأنه على وزن (فعيل) .
(أَفْعَلَ) 1 كقولهم: (درّاك) من أدرك، و (مهراق) من أهرق و (زَهُوق) من أَزْهَقَ، و (نَذِير) من أنذر. ولكنه قليل.
ولأجل ذلك سكت عنه المصنف، بل ربما يفهم كلامه نفيه 2.
ص: الرابع اسم المفعول، وهو ما اشتق من فعل لمن وقع عليه كمضروب ومكرم، وشرطهما كاسم الفاعل.
ش: الباب الرابع من الأسماء العاملة عمل الفعل اسم المفعول.
وحدّه بقوله: (وهو) إلى آخره.
فقوله: (ما اشتق من فعل) بمنزلة الجنس. والمراد (من مصدر فعل) كما قال في الشرح3.
وقوله: (لمن وقع عليه) بمثابة الفصل، مخرج للأفعال ولما وقع فيه الفعل4 ولاسم الفاعل وأفعل التفضيل والصفة المشبهة.
ومثّل ب (مضروب)، و (مكرَم) إشارة إلى أنه على نوعين: اسم مفعول الثلاثي. وقياسه أن يكون على وزن (مفعول) . وإليه أشار بقوله: (كمضروب) . واسم المفعول الزائد على ذلك.
1 مراد الشارح بذلك أن صيغ المبالغة قد تأتي من غير الثلاثي، فإن المعروف وهو الغالب فيها أنها تصاغ من الثلاثي، لكنها قد تصاغ من الرباعي أيضا.
2 وذلك في قوله ص 27: (وهو ما حوّل للمبالغة من فاعل) و (فاعل) هي صيغة اسم الفاعل من الثلاثي، ولم يذكر غيرها.
3 شرح شذور الذهب لابن هشام ص 385، 396.
4 يقصد بذلك المفعول فيه، وهو المسمى ظرفا.
وقياسه أن يكون بزنة المضارع بإبدال ميم مكان حرف المضارعة وفتح ما قبل آخره. وإليه [72/أ] أشار بقوله: (ومُكرَم) .
وقوله: (وشرطهما كاسم الفاعل) . يريد أن شرط عمل المثال واسم المفعول كشرط اسم الفاعل.
وقد قدمنا الكلام على المثال في ذلك فأغنى عن إعادته هنا.
وأما اسم المفعول فإن كان صلة لأل عمل مطلقا 1. وإلا 2 فبشرط تقدم معتمد عليه، ولو تقديرا. وبشرط ألا يكون بمعنى الماضي.
وعمله كعمل الفعل المبني للمفعول، فيرفع نائب الفاعل.
فإن كان من متعد لاثنين أو لثلاثة رفع واحدا ونصب ما سواه، فتقول: زيد مُعطى أبوه درهما الآن أو غدا3، كما تقول يُعطى أبوه درهماً4. وتقول: المعطَى دينارا زيد.
كما تقول: الذي يُعطى دينارا، أو الذي أُعطي دينارا زيد.
ويأتي فيه كل ما تقدم 5 من إعمال تثنيته وجمعه.
ص: الخامس الصفة المشبهة، وهي كل صفة صح6 تحويل
1 وذلك مثل: جاء المضروب أبوه.
2 أي إن لم يكن صلة لأل.
3 فرفع (أبوه) على أنه نائب فاعل، ونصب (درهما) على أنه مفعول به.
4 قوله: (كما تقول..) إلى هنا ساقط من (ج)، وزاد بعده في (ب) :(الآن أو غداً) .
5 في اسم الفاعل.
6 في (أ) : (يصح) والمثبت من (ب) و (ج) والشذور ص 27.
إسنادها إلى ضمير موصوفها. وتختص بالحال وبالمعمول السببي المؤخر.
ش: هذا هو الخامس مما يعمل عمل الأفعال. وهو1 الصفة المشبّهة باسم الفاعل. وميزها الشيخ بقوله: (كل صفة صحّ..) إلى آخره.
فقوله: (كل صفة) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم الفاعل والمفعول والمثال وغيرها.
وقوله: (صح تحويل إسنادها) إلى آخره بمثابة الفصل، يخرج ما عداها من الصفات.
واعلم أن اسم المفعول يصح أن يضاف إلى مرفوعه معنىً. وإضافته تستلزم تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه.
نحو زيدٌ محمودُ المقَاصِد. والأصل محمودةٌ مقاصدُه، ثم حوّلت الإسناد إلى ضمير (زيد) ثم أضفت فقلت: محمود المقاصد. وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة2، فلا يضر دخوله في مميّز الصفة3.
وقد اقتضى كلام المصنف أن اسم الفاعل لا يصح تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه. وقد تقدم الكلام في ذلك مستوفى في باب المشبّه بالمفعول به من المنصوبات فليراجع.
1 في (ج) : (وهي) .
2 لأنه يدل على اللزوم والثبوت.
3 أي في حدّها. وفي (ب) : (في مميزها) .
[72/ب] وقوله: (وتختص..) إلى آخره يريد به بيان ما فارقت الصفة فيه اسم الفا عل. وهو1 أمور2:
منها أنها للحال، أي للزمن الحاضر الدائم، دون الماضي المنقطع، ودون المستقبل3 وهو4 يكون لأحد الأزمنة الثلاثة5.
ومنها أن معمولها لا يكون إلا سببيا6، أي متصلا بضمير موصوفها، إما لفظا، نحو زيدٌ حسنٌ وجْهُهُ. وإما معنى، نحو زيد حسن الوجه، أي منه.
ولا يكون إلا مؤخرا7. فلا يجوز (زيدٌ وجهُهُ حسنٌ) .
والمراد بمعمولها ما عملت فيه بحق الشبّه8. فلا يَرِد (زيدٌ بكَ فرِحٌ) . لأن عملها في ذلك بما فيها من معنى الفعل9.
1 أي الفرق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل. وكلمة (الفاعل) ساقطة من (ب) .
2 الفروق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة في شرح الشذور ص 397 والأشباه والنظائر 4/74- 78.
3 وذلك لأن الصفة المشبهة لم توضع لإفادة معنى الحدوث فتحتاج إلى زمن وإنما وضعت لنسبة الحدث إلى الموصوف به على جهة الثبوت.
4 أي اسم الفاعل.
5 لأنه كالفعل في إفادة معنى الحدوث.
6المراد بالسببي المتلبّس بضمير صاحب الصفة لفظا أو تقديرا.
7 وذلك لضعفها في العمل بخلاف اسم الفاعل.
8 أي بحق شبهها باسم الفاعل المتعدي فعله إلى واحد.
9 يردّ الشارح بذلك على ابن الناظم الذي اعترض على النحويين بهذا المثال على أنه ينقض ما اتفق عليه النحاة من أن معمول الصفة لا يكون إلا سببيا، فرد عليه بأنها لم تعمل هنا لشبهها باسم الفاعل، بل عملت فيه لما فيها من رائحة الفعل.
ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 446 والتصريح 2/83.
واسم الفاعل1 بخلافها في ذلك، فيكون معموله سببيّا وغيره، ومقدما ومؤخراً.
ومن وجوه الافتراق2، غير ما ذكره الشيخ، أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي، وهو يصاغ منهما3.
ومنها أنها تكون مجارية للفعل، ك (طاهر) 4 وغير مجارية له، وهو الأغلب5 في المبنية من الثلاثي، ك (حَسَنَ) ، و (جميل) و (ضخم) ، واسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا.
1 في (أ) : (واسم الفعل) صوابه من (ب) و (ج) .
2 في (أ) : (الافتقار) وهو تصحيف، والتصويب من (ب) و (ج) .
3 أي من اللازم والمتعدي.
4 ذهب بعض النحويين إلى أن الصفة المشبهة غير مجارية للفعل ورده ابن مالك، قال في التسهيل ص 139:(وموازنتها للمضارع قليلة إن كانت من ثلاثي، ولازمة إن كانت من غيره) . فيعلم من ذلك أن الأكثر في الصفة عدم مجاريتها للمضارع إن كانت مأخوذة من الثلاثي وأنها تلازم وزن المضارع إن كانت مأخوذة من غيره.
5 في (ج) : (وهو الغالب) .
تنبيه1:
قوله: (وتختص بالحال) يقتضي أنهما يشتركان. وذلك من أوجه2:
أحدها أن كلا منهما يدل على حدث ومن قام به.
الثاني أنهما يذكّران ويؤنثان3.
الثالث أن كلاّ منهما يثنّى ويجمع4.
الرابع أن عملهما مشروط بالاعتماد المشروط في عمله، على ما تقدم فيه، من غير فرق. لأنه إذا شُرط في اسم الفاعل الذي هو الأصل المشبَّه به ففي الفرع المشبّه الذي هو الصفة أولى.
ص: وترفعه فاعلا أو بدلا، أو تنصبه مشبّها أو تمييزا أو تجّره بالإضافة، إلا إن كانت بأل وهو عار منها.
ش: الصفة المشبهة واسم الفاعل مشتركان في العمل، ومختلفان في التوجيه في الجملة5.
1 في (أ)(تنبيهات: الأول) ، والمثبت من (ب) و (ج) وهو الصواب لأنه لم يذكر إلا تنبيهاً واحدا.
2 أوجه الاشتراك والافتراق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل في الأشباه والنظائر 4/74.
3 تقول في اسم الفاعل: (جاء الضارب زيدا وجاءت الضاربة عمرا) . وتقول في الصفة المشبهة: (جاء الحسن الوجه وجاءت الجميلة الخلق) .
4 تقول في التثنية: الضاربان زيدا والحسنان الوجه وتقول في الجمع: جاء الضاربون زيدا والكريمو الخلق) .
5 أي في الغالب، والمعنى أنهما مختلفان في التوجيه غالبا.
فوجه الرفع فيها الفاعلية أو الإبدال من الضمير1. ووجه النصب في المعرفة التشبيه بالمفعول به2، وفي النكرة التمييز3
ووجه الجر الإضافة.
فقوله: (فاعلا أو بدلا)[73/أ] أي في كل مرفوع.
وقوله: (مشبها أو تمييزا) أي مشبّها في المعرفة وتمييزا في النكرة.
وقوله: (بالإضافة) أي أن الجر بسبب الإضافة4. فلا ينافي ذلك كون العامل المضاف5.
وهذه العبارة6 تكررت للمصنف ولغيره من النحاة7. واعتُرض على ظاهرها. وقد علمت اندفاعه.
وقوله: (إلا) إلى آخره بيان لما يستثنى8 من عمل الصفة للجر وهو
1 أجاز أبو علي الفارسي في مرفوع الصفة أن يكون بدلا من الضمير المستتر لأن في الصفة من قولك: (زيد حسن وجهه) ضميرا مستترا. الإيضاح العضدي ص 180.
2 نحو: زيد حسن الوجه، ولا يعرب تمييزا، لأنه معرفة خلافًا للكوفيين.
3 نحو محمد حسن وجها.
4 في (ب) : (بحسب الإضافة) .
5 في (أ) و (ج) : (الإضافة) وهو خطأ، صوابه من (ب) لأن المراد نفي كون الإضافة هي العامل وإثبات العمل للمضاف كما هو مذهب سيبويه، وقد رجحه ابن هشام في باب الإضافة. ص 468.
6 أي عبارة (الجر بالإضافة) .
7 ينظر شرح اللمحة البدرية 2/267.
8 في (ج) : (لما يستوفى) .
يحتاج إلى تمهيد، فنقول: إن الصفة تارة تكون بأل وتارة تكون مجردة منها، وهي إما رافعة أو ناصبة أو جارة.
فهذه ثلاثة أحوال مضروبة في حالتي اقترانها بأل وتجردها منها تصير ستة، والمعمول له مع كل من هذه الستة ست حالات:
لأنه إما بأل (كالوجه) أو مضاف1لما هو بأل (كوجه الأب) أو مضاف للضمير (كوجهه) . أو مضاف لمضاف للضمير كوجه أبيه أو مجرد من أل والإضافة (كوجه) أو مضاف إلى المجرد (كوجه أب)2.
فتصير الصور ستا وثلاثين3صورة، وكلها تؤخذ من إطلاقه.
إذا علمت ذلك، فقوله:(إلا إن كانت بأل وهو عار منها) استثناء من قوله: (أو تجرّه) 4فقط. أي أنك ترفع معمول الصفة وتنصبه مطلقا وتجره4 إلا أن كان إلى آخره، فدخل تحته أربع صور ممنوعة:
الأولى: أن تكون الصفة5 بأل والمعمول مجرور مضاف إلى ضمير، نحو (الحسن وجهه) .
الثانية: أن تكون بأل والمعمول مجرور6 مضاف إلى مضاف إلى'
1 في النسخ: (أو مضافا) بالنصب في كل هذه المواضع.
2 من قوله: (أو مجرد من أل) إلى هنا، ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب) .
3 في (أ) و (ج) : (ستة وثلاثين) صوابه من (ب) .
4 في (ج) : (أو تجرده) في الموضعين، وهو تحريف.
5 في (أ) : (أن تكون الصلة) وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج) .
6 في (أ) و (ب) : (أن يكون بأل وهو مجرور) والمثبت من (ج) .
الضمير، نحو (الحسن وجه أبيه) .
الثالثة: [أن تكون بأل والمعمول مجرور مجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجه) .
الرابعة] 1: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى المجرد من أل والإضافة نحو (الحسن وجه أب) .
لأن الصفة في كل من هذه الصور بأل والمعمول في كل منها عارٍ من أل 2.
واعلم أن بعض المتأخرين3 أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة.
لأنه جعل الصفة إما بأل أو بغير أل، هذه حالتان. ومعمولها إما [73/ب] بأل أو مضاف أو مجرد. وجعل المضاف ثمانية أنواع:
الأول مضاف إلى ضمير الموصوف، نحو حسن وجهه.
والثاني مضاف إلى مضاف إلى ضميره، نحو حسن وجه أبيه.
والثالث: مضاف إلى المعرَّف بأل، نحو حسن وجه الأب.
1 مابين المعقوفين ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
2 وسبب منع الإضافة في هذه الصور أنها لا تفيد هنا تعريفا ولا تخصيصا ولا تخفيفا ولا تخلصا من قبح، فلذلك منعت. راجع التصريح 2/84.
3 هو عبد الرحمن المكودي في شرحه على ألفية ابن مالك ص 124، وقد ذكر هذا القول في التصريح 2/84 دون تعيين لقائله، أما السيوطي فقد نقل عن بعضهم أنه أوصل هذه الصور إلى مائتين وثلاث وأربعين صورة. الأشباه والنظائر 3/274.
والرابع مضاف إلى مجرّد، نحو [حسن] 1 وجه أب.
والخامس: مضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو (جميلة أنفه) من قولك: مررت بامرأة حسن وجه جاريتها جميلة أنفه2.
والسادس: مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى، نحو (جميل خالها) من قولك: مررت برجل حسن الوجنة3 جميل خالها4.
والسابع: مضاف إلى موصول. نحو (الطيبي كلِّ ما التاثت به الأزر) من قوله:
161-
فعُج بها قبل الأخيار منزلة
…
والطيبي كلِّ ما التاثت به الأزر5
1 زيادة أوجبها المقام.
2 الأنف هنا مضاف إلى ضمير الوجه والوجه مضاف إلى الجارية والجارية مضافة إلى ضمير الموصوف. وقد ذكر ذلك ابن مالك في شرح التسهيل [ق 154/ أ] .
3 الوجنة: ما ارتفع من الخدين في الوجه، والخال هنا الشامة السوداء في البدن. ينظر تهذيب اللغة 11/202 ولسان العرب 11/229 و13/443 (وجن) .
4 فالخال هنا مضاف إلى ضمير (الوجنة) والخال معمول لـ (جميل) والوجنة معمولة لصفة أخرى وهي (حسن) . قال المرادي في توضيح المقاصد 3/49: (وهو تركيب نادر) .
5 البيت من البسيط، وهو للفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز، والذي في الديوان والمصادر (فعجتها) بدل (فعج بها) . يقال: عجت الناقة إذا عطفت رأسها بالزمام، قبل: جهة. التاثت: اختلطت، وهذا كناية عن عفتهم. ينظر ديوان الفرزدق 1/183. والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 154/ أ] وارتشاف الضرب 3/254 وتوضيح المقاصد 3/50 وشفاء العليل 2/636 والعيني 3/625 والتصريح 2/85 والأشموني 3/6.
والشاهد فيه إضافة معمول الصفة المشبهة إلى الموصول.
والثامن مضاف إلى موصوف بجملة. نحو (رأيت رجلاً حديداً1 سنانُ رمحٍ يَطعَن به)2.
والمجرد من الإضافة و (أل) يشمل ثلاثة أنواع:
الموصول، نحو قوله:
162-
أسِيلاتُ أبْدانٍ رقاقٍ خُصُورُها
…
وثيراتُ ما التفّتْ عليه المآزِرُ3
والموصوف، نحو (جمّ نوالٌ أعدّه) من قوله:
1 في (أ) و (ب) : (حديد) وفي (ج) : (جديد) وهو تحريف صوابه من شرح المكودي على الألفية ص 122.
2 جملة (يطعن به) صفة لـ (رمح) الذي أضيف إليه معمول الصفة.
3 البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة. لكن البيت في الديوان ص 464 برواية (الملاحف) بدل (المآزر) .
أسيلات جمع أسيلة وهي الطويلة، وثيرات جمع وثيرة وهي اللّيّنة.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 154/ أ] وتوضيح المقاصد 3/51 وشفاء العليل 2/635 والعيني 3/629 والتصريح 2/86 والأشموني 3/6.
والشاهد مجيء معمول الصفة موصولا، وهو قوله:(ما التفت) وهو مجرد من أل والإضافة، وقد أضيفت الصفة فيه إلى معمولها من إضافة الصفة إلى فاعلها.
163-
تَزورُ امرأً جَمّا نوالٌ أعَدَّه
…
لمن أمَّهُ مستكفياً أزْمَةَ الدّهرِ1
وغيرهما2، نحو (مررت برجل حسن وجه3) .
هذه اثنتا عشرة صورة4، مضروبة في الحالتين، أعني حالتي الصفة المتقدمتين من كونها بأل أو بغير أل5 تصير أربعا وعشرين6.
وكل من هذه الأربع والعشرين7 إما مع الرفع أو مع النصب أو مع الجر، تصير اثنتين وسبعين صورة8.
ويضم إليها صور ما إذا كان معمول الصفة ضميرا، وهي،
1 البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه، وفي أكثر المصادر (أزور) .
جمّا: كثيرا وهو صفة مشبهة، نوال: عطاء، أمّه: قصده.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 154/ أ] وتوضيح المقاصد 3/51 وشفاء العليل 2/636 وشرح المكودي ص 123 والعيني 3/631 والتصريح 2/86 والأشموني 3/6.
والشاهد مجيء معمول الصفة المشبهة موصوفا بجملة (أعدّه....) .
2 أي غير الموصول والموصوف.
3 في شرح المكودي ص 123: (مررت برجل حسن وجهه) .
4 في (أ) و (ج) : (اثنا عشر صورة) صوابه من (ب) .
5 في (ج) : (من كونها بغير أل أو بغير الضمير) ، وأسقط كلمة (تصير) التي بعدها.
6 في (ج) : (أربعة وعشرين) .
7 في (ب) : (الأربع وعشرين) وفي (ج) : (الأربعة وعشرين) وهو خطأ ظاهر.
8 في النسخ (اثنين) والصواب ما أثبته وكلمة (صورة) ساقطة من (أ) و (ج) .
ثلاث1:
الأولى: أن يكون مجرورا، وذلك إذا باشرته الصفة وخلت من (أل) نحو قولك:(مررت برجل حسن الوجه جميله) .
الثانية: أن تفصل الصفة من الضمير، وهي مجردة من الألف واللام نحو (قريشُ نُجَبَاءُ النّاسِ2 ذرِّيةً وكرامُهُمُوها)3.
الثالثة: أن تتصل به، ولكن تكون الصفة بالألف [74/أ] وإلا نحو (زيد الحسن الوجه الجميلُهُ) .
والضمير في هاتين الصورتين منصوب4. فصارت خمسة وسبعين5.
والصفة إما أن تكون لمفرد مذكر أو لمثناه أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير. أو لمفرد مؤنث أو لمثناة أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير6 هذه ثمانية في خمسة وسبعين تصير ستمائة.
وإذا نوّعت نفس الصفة إلى مرفوعة ومنصوبة ومجرورة وضربتها في الستمائة تصير ألفا وثمانمائة.
1 في النسخ: (ثلاثة) . والأولى ما أثبته.
2 وقع تحريف غريب لهذه العبارة في (ج) ، حيث جاء فيه (قريش محب النار.....) .
3 ينظر هذا القول في توضيح المقاصد 3/53 وشرح المكودي ص 124.
4 إنما جعل الضمير فيهما منصوبا لئلا تلزم إضافة الشيء إلى نفسه.
5 كذا في النسخ بالتاء مع أن المعدود مؤنث، ولعل لها وجها لأن المعدود إذا حذف جاز في العدد التذكير والتأنيث على رأي، تنظر حاشية الصبان 4/61.
6 من قوله: (أو لمفرد مؤنث..) إلى آخره ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
وإذا نوعت [معمول] 1 الصفة أيضا من وجه آخر إلى مفرد مذكر ومثناه وجمعيه، وإلى مفرد مؤنث ومثناه ومجموعيه كانت ثمانية2.
فإذا ضربت فيها3 الألف وثمانمائة تصير أربعة عشر ألفا وأربعمائة.
قال: ويستثنى من هذه الصور الضمير4، فإنه لا يكون مجموعا جمع تكسير ولا جمع سلامة. وجملة صوره مائة وأربع وأربعون.
فالباقي أربعة عشر ألفا ومائتان وستة وخمسون. بعضها جائز وبعضها ممتنع، فيخرج منها الممتنع5 على ما تقدم6 0 انتهى
وفي قوله: (ويستثنى) إلى آخره نظر7.
ص: السادس اسم الفعل، نحو (بله زيدا) بمعنى دعة و (عليكه)
1 سقطت من النسخ وأضفتها من شرح المكودي ص 124 وهي متعينة.
2 أي ثمانية أوجه.
3 في (ج) : (فإذا ضربتها في) .
4 كلمة (الضمير) ساقطة من (ب) ، وكلمة (قال) التي قبلها ساقطة من (ج) .
5 في (ج) : (ممتنع) بدون أل.
6 تقدم ذكر هذه الصور في ص 699.
7 النظر الذي أراده الشارح هنا هو أن المكودي عدّ صور الضمير مائة وأربعا وأربعين صورة، وهي في الحقيقة مائتان وثمان وثمانون صورة، وذلك لأن جمع التكسير يكون للمذكر والمؤنث وجمع السلامة يكون أيضا لمذكر ولمؤنث فهذه أربعة أوجه في اثنتين وسبعين. وقد أجاب الملوي عن هذا الاعتراض. تنظر حاشية الملوي على شرح المكودي ص 124.
وقد نقل صاحب التصريح 2/85 هذا الكلام عن الجوجري ولم يصرح باسمه.
و (به) بمعنى الزمه والصق، و (دونكه) بمعنى خذه و (رويدَه) و (تيده) بمعنى أمهله، و (هيهات) و (شتان) بمعنى بعد وافترق و (أوّه) و (أفّ) بمعنى أتوجّع وأتضجّر.
ش: هذا هو السادس مما يعمل عمل الفعل، وهو اسم الفعل. وهو عبارة عمّا ناب عن الفعل، وليس معمولا ولا فضلة1.
فقولنا: (ما ناب عن الفعل) بمنزلة الجنس.
ويدخل فيه مع اسم الفعل المصادر وأسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبّهة والحروف ك (ليت) و (لعل) ونحوهما2.
وقولنا: (وليس معمولا) كالفصل يخرج المصادر والصفات العاملة فإنها نائبة، عن الفعل مع أنها معمولة3.
وقولنا: (ولا فضلة) يخرج الحروف العاملة.
قال ابن مالك4: [74/ب] (لأن كل جملة بعض أجزائها حرف فإنه5 يتم بدونه كونها6 جملة، فثبت كون الحرف أبدا فضلة، لأن غير الفضلة
1 هذا تعريف ابن مالك لاسم الفعل في شرح الكافية الشافية 3/1382.
2 مثل (كأن) و (لكن) . ونابت عن الفعل لأنها بمعنى الأفعال فـ (ليت) بمعنى أتمنى، و (لعل) بمعنى أرجو، و (كأن) بمعنى أشبّه.
3 أي تتأثر بالعوامل الداخلة عليها، وأسماء الأفعال لا تتأثر بالعوامل.
4 شرح الكافية الشافية 3/1384.
5 في شرح الكافية: (فإنها) .
6 في (ج) : (كونه) .
أبداً1 عمدة، والعمدة مسند أو مسند إليه2 وذلك ينافي الحرفية) . انتهى
إذا علمت ذلك فاسم الفعل3 على ثلاثة أنواع:
النوع الأول بمعنى الأمر، وهو الأكثر، ومن أجل ذلك بدأ به.
ومنه (بلْه) بفتح الأول وسكون الثاني مبنيا على الفتح، بمعنى (دعْ) .
فإذا قلت: بله زيدا. فكأنك قلت: دع زيدا.
ومنه (عليك) منقول من جار ومجرور، هما (على) والكاف4 ويأتي تارة ومعناه (الزم) .
فإذا قلت: عليكه فكأنك قلت: الْزَمْه.
وتارة ومعناه (الْصق) . فإذا قلت: عليك به، فكأنك قلت: الصق به.
ومنه (دونك) منقول من ظرف مضاف إلى ضمير المخاطب، ومعناه (خذ) . فإذا قلت: دونكه، فكأنك قلت: خذه.
ومنه (رويد) وهو منقول من مصدر (أرود) 5 مصغرا تصغير
1 كلمة (أبدا) ليست في شرح الكافية الشافية.
2 في (ج) : (والعمدة مستند أو مستند) .
3 في (أ) : (فاسم الفاعل) وهو خطأ صوابه من (ب) و (ج) .
4 اختلف في هذه الكاف، فمذهب الكسائي أنها في موضع نصب ومذهب الفراء أنها في موضع رفع، ومذهب البصريين أنها في موضع جر، وهو الصحيح.
يراجع توضيح المقاصد للمرادي 4/83.
5 معنى العبارة أن (رويدا) منقول من مصدر الفعل (أرود) وهو (إرواد) بعد تصغيره تصغير ترخيم.
الترخيم1 ومعناه (أمهل) .
فإذا قلت: رويدا زيدا، فكأنك قلت: أمهل زيدا. ومنه (تيْد) بمعنى (أمهل) أيضا2. فإذا قلت: تيدَ زيدا، فكأنك قلت: أمهل زيدا3.
والنوع الثاني: بمعنى الماضي، وهو أكثر من الذي بمعنى المضارع.
ومنه (هيهات) ومعناه بعد.
وتاؤه مفتوحة عند الحجازيين4 ومكسورة عند تميم5 وبعضهم6 يضمها.
ومن فتح وقف بالهاء، ومن كسر وقف بالتاء7 واختلف على الضم8.
1 عرف العلماء تصغير الترخيم بأنه تصغير الاسم بعد حذف الزوائد الصالحة للبقاء مثل (حميد) في تصغير محمد وأحمد وحامد ومحمود
…
الخ. ولكن قال الرضي في شرح الشافية 1/248: (وتصغير الترخيم شاذ قليل) .
2 الظاهر أن معنى (تيد)(ارفق)، فقد جاء في اللسان 3/101 (التيد: الرفق، يقال: تيدك يا هذا أي اتئد) .
3 قوله: (ومنه تيد..) إلى هنا ساقط من (ب) .
4 تنظر لغتهم في شرح المفصل 4/65-66 والبحر المحيط 6/404.
5 وعند بني أسد أيضا، ينظر المفصل للزمخشري ص 160.
6 أي بعض العرب يضم التاء من (هيهات) كما في المفصل ص 160.
7 تنظر كل هذه اللغات بالتفصيل وصلا ووقفا في المحتسب 2/91، 92 ويراجع الكتاب 3/291 والمذكر والمؤنث للأنباري 172 والمخصص 16/116.
8 أي اختلف في لغة الضم في هيهات هل يوقف عليها بالتاء أو بالهاء
فقيل1: يوقف بالتاء، وقيل: يوقف بالهاء2.
وفيها ست وثلاثون لغة3، حكاها الصّغاني4.
ومنه (شتّان) بفتح أوّله وتشديد ثانيه، مبنيا على الفتح، ومعناه (افترق) .
النوع الثالث بمعنى المضارع.
ومنه (أوّه) بفتح الهمزة وتشديد الواو المفتوحة. ومعناه (أتوجّع) .
1 هذا قول الفارسي. ينظر توضيح المقاصد 4/81.
2 وهذا القول لابن جني في المحتسب 2/91.
3 وهي هيهات وأيهات وهايهات وآيهات وهيهان وأيهان وكل واحدة من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته بالتنوين وعدمه، فبلغت ستا وثلاثين لغة. وقد أوصلها أبو حيان إلى أكثر من أربعين لغة، وفي القاموس: فيها إحدى وخمسون لغة.
ينظر البحر المحيط 6/405 والقاموس (هيه 4/289) .
4 في التكملة والذيل والصلة 6/361 (هيه) .
والصغاني هو الحسن بن محمد العدوي، أبو الفضائل الصغاني ويقال: الصاغاني، وهو من ذرية عمر بن الخطاب، ولد بلاهور سنة 577 هـ. ونشأ بغزنة، ثم انتقل إلى بغداد، وكان فاضلا عالما باللغة والحديث كثير التصانيف في اللغة وغيرها، ومن مؤلفاته العباب الزاخر والتكملة على الصحاح ومجمع البحرين والشوارد، توفي سنة 650 ودفن بمكة.
ترجمته في معجم الأدباء 9/189 وإشارة التعيين 98 وبغية الوعاة 1/519. وشذرات الذهب 5/250.
وفيها لغات1، منها (أوّاه) ومنها (أوّه) بتشديد الواو مضمومة ومكسورة.
ومنه (أف) بمعنى (أتضجر)2.
[75/أ] تنبيهان3:
الأول: ترك الشيخ حدّ أسماء الأفعال كأنه لما قيل4 في حقيقتها من الاختلاف. فإن بعض البصريين5 ذهب إلى أنها أفعال، واستعملت استعمال الأسماء6.
وذهب الكوفيون7 إلى أنها أفعال حقيقة.
والصحيح أنها أسماء8 لقبولها التنوين والتعريف، ولمخالفة أوزانها
1 وردت فيها اثنتان وعشرون لغة. تنظر في تاج العروس 9/377.
2 وفي (أفّ) عشرة أوجه، ذكرها صاحب اللسان (6/9- أفف) .
3 في (أ) : (تنبيهات) والمثبت من (ب) و (ج) وهو الصواب، لأنهما تنبيهان لا أكثر.
4 قوله (كأنه) ساقط من (ج) وكلمة (قيل) ساقطة من (أ) و (ج) .
5 أشار أبو حيان إلى هذا القول دون تعيين لقائله الارتشاف 3/197.
6 حيث جاءت على أبنية الأسماء واتصلت بها الضمائر ودخل بعضها التنوين.
7 هذا مذهب الكوفيين عدا الفراء، فإنه نص على اسميتها.
ينظر معاني القرآن للفراء 1/323 والبسيط لابن أبي الربيع 1/163 والهمع 2/105.
8 هذا مذهب جمهور البصريين، وقد استوفى ابن جني الأدلة على اسمية هذه الألفاظ في الخصائص 3/44- 45.
وينظر الكتاب1/241- هارون والمقتضب 3/202 والأصول1/141 والارتشاف 3/197 وتوضيح المقاصد 4/75 والتصريح 2/195.
أوزان الأفعال.
ثم القائلون باسميتها اختلفوا في مدلولها فقيل1: مدلولها لفظ الفعل.
وقيل2: مدلولها المصدر. وقيل3: مدلولها مدلول الفعل وهو الحدث والزمان
فإذا قلت: (صه) مثلا فعلى الأول4 هو اسم لقولك: اسكت. وعلى الثاني اسم لقولك: سكوتا. وعلى الثالث اسم لمعنى الأول5. إلا أن دلالة الفعل على الزمان بالصيغة ودلالتها على الزمان بالوضع.
واختلفوا أيضا في إعرابها:
فقيل: لا موضع لها من الإعراب، ونسب إلى الجمهور6.
وقيل: في موضع نصب7.
1 نسب هذا القول إلى جمهور البصريين.
وقد ضعّفه الرضي وردّه، شرح الكافية للرضي 2/67 والتصريح 2/195.
2 هذا قول جماعة من البصريين. ينظر التصريح 2/195.
3 هذا قول ابن أبي العلج صاحب البسيط، قال وهو ظاهر قول سيبويه.
ينظر التصريح 2/195 وهمع الهوامع 2/105.
4 أي على القول الأول.
5 وهو الفعل (اسكت) ، وينظر توضيح المقاصد 4/75.
6 وهو قول الأخفش واختاره ابن مالك والرضي. شرح الكافية الشافية 3/1383 وشرح الكافية للرضي 2/67 والأشموني 3/196.
7 نسب هذا القول لسيبويه والمازني، ولم أجده في الكتاب.
ينظر ارتشاف الضرب 3/214 والتصريح 2/195 والأشموني 3/196.
وقيل: إنها في موضع رفع بالابتداء، وأغنى مرفوعها عن الخبر1 كما في (أقائم الزيدان) .
التنبيه الثاني: قد علم من الأمثلة التي ذكرها المصنف وشرحناها أن اسم الفعل على قسمين:
أحدهما: ما وضع من أول الأمر كذلك، ك (شتّان) و (صهْ) 2. وثانيهما: ما نقل من غيره، وهو إما منقول3 من ظرف أو جار ومجرور4 أو مصدر5.
وعلم أيضا من الأمثلة أن اسم الفعل يعمل عمل الفعل6. فكما تقول: بعد زيد، كذلك تقول: هيهات زيد. وكما تقول: دع زيدا، كذلك تقول: بلْه زيدا. إلى غير ذلك مما تقدم. والله أعلم.
ص: ولا يضاف، ولا يتأخر عن معموله، ولا ينصب في جوابه،
1 هذا قول أبي إسحاق الزجاج. في معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/12.
وقد اختار هذا القول أيضا ابن الحاجب في شرح المفصل 1/505.
2 ويسمى هذا القسم مرتجلا، كما يسمى القسم الثاني منقولا.
3 في (ج) : (وهو ما نقل) .
4 مثل (دونك الكتاب) و (عليك زيدا) فالكلمة الأولى مركبة من الظرف (دون) والكاف والثانية مركبة من حرف الجر (على) والمجرور الكاف.
5 وذلك مثل (رويد زيدا) فإن أصل هذا المصدر.
6 أي عمل فعله الذي هو بمعناه، فإن كان فعله لازما كان لازما وإن كان متعديا كان متعديا. ينظر الملخص لابن أبي الربيع 1/348.
وما نوّن منه فنكرة.
ش: ذكر في هذا الكلام لأسماء الأفعال أربعة أحكام.
الحكم الأول أنها لا تضاف.
قال المصنف1: (كما أن مسماها2، وهو الفعل، كذلك، ومن ثمّ، قالوا: إذا قلت: (بلْه زيدٍ) و (رويدَ زيدٍ) بالخفض كانا مصدرين، والفتحة فيهما فتحة [75/ب] إعراب) انتهى.
ويحتاج إلى معرفة المعنى في عدم إضافتها على القولين الأخيرين في مسماها3.
الحكم الثاني: أنها لا تتأخر عن معمولاتها. لأنها ضعيفة في العمل4.
وقال الكسائي5: بجواز تقديمه. مستدلا بقوله تعالى: {كِتَابَ اللهِ
1 شرح شذور الذهب ص 407.
2 في شرح الشذور (مسماه) .
3 لعل مراد الشارح بذلك أنه يلزم الناظر معرفة السبب الذي منع الإضافة على القولين الأخيرين في مسمى أسماء الأفعال وهما أن مسماها المصدر أو أن مسماها الحدث والزمان فمسماها على هذين القولين اسم والأسماء لا تُمنع إضافتها.
4 هذا مذهب البصريين والفراء من الكوفيين. ينظر الكتاب 1/252- ومعاني القرآن للفراء 1/323 وشرح المفصل 1/117 وشرح الكافية للرضي 2/68 والتصريح 2/199.
5 ذكر هذا المذهب الفراء في معاني القرآن 1/260 ولم يصرح بذكر صاحبه وينظر الإنصاف 1/228 وشرح المفصل 1/117 وهمع الهوامع 2/105.
عَلَيْكُمْ} 1. وبقول الشاعر:
164-
أيُّها المائح دلوي دونكا
…
إنّي رأيت الناس يمدحونكا2
ولا حجة له فيهما. أما الآية فلكون (كتاب الله) يحتمل أن يكون مصدرا مؤكدّا لأن قبله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
…
} 3 إلى آخره. فدل على أنه مكتوب عليكم، فكأنه قال: كتب الله عليكم ذلك كتابا4.
وأما البيت فلاحتمال أن يكون (دلوي) مبتدأ، خبره (دونكا) أو مفعولا ب (خذ) مضمرا5. ولا يجوز أن يكون منصوبا ب (دونكا) مضمرا6. لأن
1 من الآية 24 من سورة النساء.
2 البيتان من الرجز، وهما لراجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم.
المائح: الذي ينزل البئر ويملأ الدلو ماءً. ولم يرد البيت الثاني في (أ) و (ب) .
ينظر معاني القرآن للفراء 1/260 والمرتجل لابن الخشاب 257 والإنصاف 1/228 وشرح المفصل 1/117 والمقرب 1/137 وشرح الكافية الشافية 3/1394 والمغني 794 والتصريح 2/200 والأشموني 3/206 وخزانة الأدب 6/200.
والشاهد تقديم معمول اسم الفعل عليه، وقد أجاز ذلك الكسائي، ورده الجمهور وأجابوا عن البيت بما ذكره الشارح.
3 من الآية 23 من سورة النساء.
4 ينظر التبيان في إعراب القرآن للعكبري 1/346.
5 في (ب) : (بفعل مضمر) .
6 وقد أجاز ذلك ابن مالك، ينظر شرح الكافية الشافية 3/1394.
اسم الفعل لا يحذف دون معموله، ذكره الشيخ في المغني1.
الحكم الثالث أن الفعل المضارع لا ينصب في جواب اسم الفعل، إذا قلت مثلا:(صهْ فينام الناس) .
هذا هو مذهب الجمهور2. والمخالف فيه الكسائي وغيره3.
وقد تقدمت المسألة في المنصوبات مبسوطة، فراجعها4.
الحكم الرابع ما نوّن من هذه الأسماء فهو في حال تنوينه نكرة وما لم ينوّن فهو في حال عدم تنوينه معرفة.
وقد التزم في بعضها التنكير5 فنونت أبدا، ك (واهاً) و (ويهاً) 6 كما التزم التنكير في (أحد) ونحوه7.
والتزم في بعضها التعريف، فترك تنوينه، كما في (نَزَالِ) و (دَرَاكِ)
1 ينظر مغني اللبيب ص 794.
2 ينظر همع الهوامع 2/11 وقد تقدمت هذه المسألة.
3 أجاز الكسائي النصب في جواب اسم الفعل قياسا، وأجازه ابن جني بعد اسم الفعل المشتق. وقد تقدم بيان ذلك بالتفصيل.
4 ينظر ما سبق في ص 534.
5 في (أ) : (التنوين) صوابه من (ب) و (ج) .
(واها) كلمة تعجب من حسن أي شيء، وقد نص صاحب القاموس على جواز ترك تنوينه. و (ويها) كلمة إغراء وحث وتحريض وهي ملازمة للتنوين، ينظر تاج العروس 9/422.
7 أي في كل ما وضع نكره.
كما التزم التعريف1 في المضمرات والإشارات ونحوهما.
وقد جاء بعضها بالوجهين، فنوّن حال تنكيره ك (إيهٍ) إذا أردت أن يزيدك مخاطبك من حديث أي حديث كان.
وترك تنوينها حال تعريفها، ك (إيهِ) إذا أردت أن يزيدك من حدّثك2 من حديث معين.
كما جاء بالوجهين نحو (كتاب) و (فرس)3. والله أعلم.
ص: السابع والثامن الظرف والمجرور المعتمدان. وعملهما عمل استقرّ.
ش: السابع والثامن [76/أ] مما يعمل عمل الفعل الظرف والجار والمجرور، وذلك إذا وقع بعدهما مرفوع على أحد الأقوال.
وتفصيل القول في ذلك أنه متى تقدم4 على واحد منهما نفي أو استفهام أو موصوف أو موصول أو صاحب خبر5 أو حال، نحو قولك: ما في الدار أحد، وأفي الدار6 زيد؟ ومررت برجل معه صقر، وجاء الذي في الدار أبوه، وزيد عندك أخوه، ومررت بزيد عليه
1 كلمة (التعريف) لم تذكر في (أ) وهي ثابتة في (ب) و (ج) .
2 في (ج) : (حديثك) وهو تحريف. ولم ترد هذه الكلمة في (ب) .
3 أي أن هاتين الكلمتين جاءتا نكرتين بدون أل ومعرفتين بأل فلهما حالتان.
4 كذا في النسخ، والأولى أن يقول:(متى ما تقدم) .
5 ساقط من (ج) .
6 في (أ) : (وإن في الدار) وفي (ب) : (وفي الدار) والتصويب من (ج) .
جبّة1، ووقع بعده مرفوع ففي وجه رفعه ثلاثة مذاهب:
أحدها: الأرجح كونه مبتدأ مخبرا2 عنه بالظرف أو المجرور، ويجوز كونه فاعلا3.
ثانيها: الأرجح كونه فاعلا، ويجوز كونه مبتدأ. وهو مختار الشيخ جمال الدين بن مالك4، وهو ظاهر كلام الشيخ5. ووجهه أن الأصل عدم التقديم والتأخير.
ثالثها: أنه يجب كونه فاعلا، وهو منقول عن الأكثرين6.
وحيث أعرب فاعلا، إما وجوبا أو راجحا أو مرجوحا، فهل عامله الفعل المحذوف أو الظرف أو المجرور لنيابتهما عن (استقر) ، وقربهما من الفعل لاعتمادهما، فيه خلاف7.
1 ذكر الشارح هذه الأمثلة على أسلوب اللف والنشر المرتب فالأول مثال للاعتماد على النفي، والثاني مثال للاعتماد على الاستفهام والثالث مثال الاعتماد على الموصوف والرابع مثال للاعتماد على الموصول، والخامس مثال للاعتماد على صاحب الخبر والسادس مثال للاعتماد على صاحب الحال.
2 في (ج) : (مخبر) بالرفع، وهو خطأ.
3 نسب السيوطي هذا القول لقوم لم يعينهم. ينظر همع الهوامع 2/107.
4 ينظر شرح عمدة الحافظ ص 182 وشرح التسهيل لابن مالك [ق 82/ ب] .
5 في شرح شذور الذهب ص 410، فقد قال فيه:(والأول- أي كونه فاعلا- أولى، لسلامته من مجاز التقديم والتأخير) .
6 أي جمهور العلماء. ينظر همع الهوامع 2/107.
7 على قولين، وقد اختار ابن مالك أن العامل هو الفعل المحذوف المقدر بـ (استقر) لأن الأصل في العمل للفعل. ينظر التسهيل ص 49.
والمذهب المختار الثاني لوجهين:
أحدهما: امتناع تقديم الحال في نحو (زيد في الدار جالسا) ولو كان العامل الفعل لم يمتنع1.
ثانيهما: قول الشاعر:
165-
فإن يك جُثماني بأرضِ سواكم
…
فإنّ فؤادي عندكِ الدهرَ أجمعُ2
حيث3 رفع (أجمع) الذي هو توكيد للضمير المستتر في الظرف.
ووجه الدلالة منه أن الضمير لا يستتر إلا في عامله.
ولا يصح أن يكون توكيدا لضمير محذوف مع الاستقرار، لأن التوكيد والحذف متنافيان، ولا توكيداً لاسم (إن) على محله من الرفع بالابتداء4
1 لأنه يجوز أن تقول: (جالسا ضرب زيد) .
2 البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة، وقد نسب أيضا لكثير عزة، والبيت موجود في ديوانيهما. ينظر ديوان جميل بثينة ص 119 وديوان كثير عزة ص 404. ولم يرد صدر البيت في (أ) ، وأثبته من (ب) و (ج) . وقد ورد البيت في الأمالي الشجرية 1/5 وارتشاف الضرب 2/55 ومغني اللبيب 579 والتصريح 1/166 والهمع 1/99 والأشموني 1/201 وخزانة الأدب 1/395.
والشاهد استتار الضمير في الظرف (عندك) مما يدل على أن العامل في المرفوع هو الظرف نفسه، لأن الضمير لا يستتر إلا في عامله.
(حيث) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
4 في (أ) : (للابتداء) ، والمثبت من (ب) و (ج) .
لأن الطالب للمحل قد زال بوجود الناسخ1.
هذا كله إذا اعتمد الظرف والمجرور على ما ذكر.
أمّا إذا لم يعتمد، نحو (في الدار زيد) و (عندك عمرو) فالجمهور2 يوجبون3 الابتداء.
والأخفش4 والكوفيون5 يجوّزون الابتداء والفاعلية؛ لأن الاعتماد عندهم ليس بشرط، كما تقدم [76/ب] في المبتدأ أنهم يجيزون في نحو (قائم زيد) أن يكون (قائم) مبتدأ و (زيد) فاعلا. وغيرهم6 يوجب كونهما على التقديم والتأخير7.
ص: التاسع اسم المصدر، والمراد منه اسم الجنس المنقول عن موضوعه إلى إفادة الحدث، كالكلام والثواب. وإنما يعمله الكوفي والبغدادي 8. وأمّا نحو (إن مُصابك الكافر حسن) فجائز إجماعا، لأنه مصدر وعكسه نحو فَجَارِ وحَمَادِ.
1 وكذلك لا يصح أن يكون الضمير توكيدا لاسم (إن) أو الدهر لأنهما منصوبان.
2 أي جمهور البصريين، ينظر الكتاب 2/127- هارون وهمع الهوامع 2/107.
3 فيكون الظرف خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا.
4 ينظر قوله في همع الهوامع 2/107.
5 ينظر مذهبهم في شرح الكافية للرضي 1/94 والهمع 2/107.
6 وهم جمهور البصريين.
7 فيكون (قائم) خبرا مقدما و (زيد) مبتدأ مؤخرا.
8 في شذور الذهب ص 28: (الكوفيون والبغداديون) .
ش: التاسع مما يعمل عمل الفعل اسم المصدر، وهو يطلق في الاصطلاح على ثلاثة أشياء1.
الأول ما كان اسما لغير الحدث، ثم نقل إلى الحدث، كالكلام والعطاء.
فإنهما في الأصل لما يُتكلم به ولما يُعطى، ثم نقلا إلى الإعطاء والتكلم وهو فعل الفاعل2. وهذا هو المراد بقوله:(اسم الجنس) إلى آخره. وهو الذي اختلف في عمله3:
فأعمله الكوفيون والبغداديون4، ودليلهم قوله:
166-
أكُفْراً بعدَ ردّ الموتِ عنِّي
…
وبعدَ عطائِكَ المائَةَ الرّتاعَا5
1 تفصيل ذلك في التصريح 2/62. وفي (ب) : (على أربعة أشياء) ثم ذكر ثلاثة.
2 قوله: (وهو فعل الفاعل) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
3 هذه من المسائل الخلافية وقد ذكرها الزبيدي في ائتلاف النصرة ص 73.
4 مذهب الكوفيين والبغداديين في الأصول لابن السراج1/140 والأمالي الشجرية 2/141 وارتشاف الضرب 3/179.
والبغداديون هم علماء النحو واللغة الذين كانوا في بغداد في مطلع القرن الرابع، وكان منهجهم يقوم على اختيار الراجح من المذهبين في الغالب.
5 البيت من الوافر، وهو للقطامي من قصيدة يمدح بها زفر بن الحارث الكلابي، ينظر ديوان القطامي ص 37. وصدر البيت لم يرد في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
الرتاع: الإبل التي ترتع وترعى.
والبيت من شواهد الأصول في النحو 1/140 والأمالي الشجرية 2/142 وشرح المفصل 1/20 والارتشاف 3/179 وشرح الشذور ص 412 والعيني 3/505 والتصريح 2/64 والأشموني 2/288 والخزانة 8/136 والدرر اللوامع 5/262.
والشاهد فيه إعمال اسم المصدر، وهو (عطائك) حيث نصب (المائة) .
ف (المائة) منصوبة ب (عطائك) الذي هو اسم مصدر.
وغيرهم من البصريين1 يجعل2 العمل لفعل محذوف، ويمنع أن يكون اسم المصدر عاملا.
وإطلاق اسم المصدر على هذا حقيقي.
الثاني مما يطلق عليه اسم المصدر ما كان مبدوءا بميم زائدة لغير المفاعلة، ك (مضرب) و (مقتل) .
وهذا يعمل عمل الفعل اتفاقا، لأنه في الحقيقة مصدر3 وإطلاق اسم المصدر عليه مجاز4.
ولذلك لم يُختلف في عمله. وشاهد إعماله قوله:
167-
أظَلُومُ إنّ مُصَابَكمْ رَجلاً
…
أهْدى السّلامَ تحيّةً ظُلْمُ5
…
...
1 مذهبهم في ارتشاف الضرب 3/179 وتوضيح المقاصد 3/9 والتصريح 2/64 وهمع الهوامع 2/95.
2 في (ب) و (ج) : (يجعلون) .
3 ويسمى المصدر الميمي، ويعمل عمل الفعل. قال السيوطي في الهمع 2/94:(يعمل كمصدر اسمه، أي اسم المصدر الميمي لا العَلَم بإجماع) .
4 في (ب) و (ج) : (مجازا) بالنصب، وهو خطأ.
5 البيت من الكامل، واختلف في قائله، فقد نسب للحارث بن خالد المخزومي ولأبي دهبل الجمحي وللعرجي أيضا، وفي شعر الحارث المخزومي (أظليم) بدل (أظلوم) .
ينظر شعر الحارث ص 123. ولهذا البيت قصة عند أهل الأدب وقعت للمازني، تنظر في معجم الأدباء 7/111 والبيت في مجالس ثعلب 1/244 والأصول 1/139 والتبصرة للصيمري 1/245 والأمالي الشجرية 1/107 وشرح عمدة الحافظ 731 والمغني 697 والعيني 3/502 والتصريح 2/64 والأشموني 2/288 والدرر اللوامع 5/258.
والشاهد فيه إعمال المصدر الميمي، وهو (مصابكم) فيما بعده حيث نصب (رجلا) على المفعولية، والتقدير: إن إصابتكم رجلا.
فقوله: رجلا، مفعول (مصا بكم) باتفاق.
ولهذا قال الشيخ: (وأما نحو إلى آخره) .
الثالث مما يطلق عليه اسم المصدر ما كان علما1 على معنى كبَرَّة علما على المبرّة، و (فَجارِ) علما على الفجرة، و (حماد) علما على المحمدة2.
وهذا لا يعمل بالاتفاق3 لمخالفته المصدر في عدم قصد الشياع، وعدم الإضافة4، وعدم قبول (أل) وعدم الوقوع موقع الفعل.
ص: العاشر اسم التفضيل كأفضل وأعلم، ويعمل في تمييز5 [77/أ] وظرف وحال وفاعل مستتر مطلقا، لا في مصدر6 ومفعول به أو
1 في (أ) : (علم) في المواضع الثلاثة، صوابه من (ب) و (ج) .
2 هذه الألفاظ من أنواع علم الجنس، وهي أعلام على أمور معنوية وهي النوع الثالث من أنواع أعلام الأجناس. راجع أوضح المسالك 1/95.
3 قوله: (بالاتفاق) ساقط من (ب) و (ج) .
4 قوله: (وعدم الإضافة) ساقط من (ب) و (ج) .
5 قوله: (في تمييز) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) وشذور الذهب ص 28.
6 في شذور الذهب ص 28: (ولا يعمل في مصدر) .
معه، ولا في مرفوع ملفوظ به إلا في مسألة الكحل.
ش: العاشر مما يعمل عمل الفعل اسم التفضيل.
وهو كما قال بعض المحققين1 (المبني على (أفعل) لزيادة صاحبه على غيره في الفعل2، أي في الفعل المشتق هو منه. ويدخل في ذلك (خير) و (شرّ) لكونهما في الأصل (أخْيَر) و (أشر) ، فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال. وقد يستعملان على القياس3.انتهى
وقوله: (كأفضل) مثال لما بني من فعل قاصر4.
وقوله: (وأعلم) مثال لما بني من فعل متعدّ5.
وقوله: (ويعمل
…
) إلى آخره بيان لعمل أفعل التفضيل فذكر أنه يعمل في التمييز، نحو زيد أفضل منك أخا. وفي الظرف، نحو زيد أفضل منك اليوم. وفي الحال، نحو زيد أفضل منك متأدبا6. هذا بالنسبة إلى كونه ناصبا.
وأما بالنسبة إلى كونه رافعا، فإنه يرفع الفاعل إذا كانا ضميرا مستترا. كما ذكرنا في الأمثلة الثلاثة، إذ أفعل التفضيل في كل منها رافع
1 هو المحقق الرضي في شرح الكافية 2/212.
2 في (أ) : (في الفضل) والمثبت من (ب) و (ج) وشرح الرضي 2/212.
3 أي بالهمزة، كقول الشاعر: بلال خير الناس وابن الأخير.
4 لأن فعله (فضل) من أفعال السجايا، وهو لازم.
5 لأن فعله (علم) متعد، تقول: علمت المسألة.
6 وذلك لأن الظرف والحال والتمييز تكفيها رائحة الفعل.
لضمير مستتر1. وقوله: (إلا في مصدر....) إلى آخره فيه بيان ما لا يعمل فيه أفعل التفضيل. فذكر أنه لا ينصب المصدر، ولا المفعول به، ولا المفعول معه2 هذا بالنسبة إلى المنصوب. وأما بالنسبة إلى المرفوع فلا يرفع الفاعل إذا كان ضميرا منفصلا أو اسما ظاهرا إلا في مسألة الكحل3.
والنكتة في أنه لا يرفع الفاعل الظاهر أو المنفصل إلا فيها أنه إنما قَصُر عن رفع الظاهر، لأنه ليس له فعل بمعناه. وفي مسألة الكحل يصح أن يقع فعل بمعناه4.
وضابطها أن يلي أفعل5 التفضيل نفيا، ويكون مرفوعه6 مفضّلا على نفسه باعتبارين. نحو (ما رأيت رجلاً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيد) . فيصح أن يقع موقعه فعل بمعناه، فتقول: ما رأيت رجلا يحسن
1 وهو العائد على (زيد) في الأمثلة الثلاثة.
2 قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 2/1141: (وأجمعوا على أنه لا ينصب المفعول به، فإن ورد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر. يفسره (أفعل) .
3 أول من ذكر هذه المسألة سيبويه في الكتاب 2/31- هارون. وسميت بذلك لورود كلمة الكحل فيها، وليست خاصة بهذا المثال بل تشمل كل ما ينطبق عليه الضابط الآتي ذكره. وينظر الأشباه والنظائر 8/144.
4 هذا التعليل في شرح الكافية الشافية 2/1140. وكلمة (يصح) ساقطة من (ج) .
5 في (ج) : (أفضل) .
6 أي مرفوع أفعل التفضيل.
في عينه الكحل كحسنه في عين زيد.
وإنما [77/ب] قلنا: بأنه فاعل، لأنه لو لم يكن فاعلا لكان مبتدأ فيلزم الفصل بين أفعل و (مِن) بأجنبي1.
ص: وإذا كان بأل طابق، أو مجردا، أو مضافا لنكرة أفرد وذكر، أو لمعرفة فالوجهان.
ش: لما فرغ من بيان عمل أفعل التفضيل أخذ يذكر حكمه بالنسبة إلى مطابقته لموصوفه وعدمها. وجعله على أربعة أقسام:
القسم الأول: أن يكون بأل، نحو (الأفضل) . وذكر أنه يجب فيه أن يطابق الموصوف2.
فتقول فيه: زيد الأفضل، وهند الفضلى، والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضلون أو الأفاضل، والهندات الفضليات أو الفضّل.
القسم الثاني: أن يكون مجردا من أل والإضافة، وذكر أنه يجب فيه الإفراد والتذكير نحو قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} 3 الآية.
1 وهو (الكحل) فقد فصل بين العامل الضعيف، وهو (أحسن) ومعموله وهو (منه) ومعنى كونه أجنبيا أنه لم يتصل به ضمير يعود على الموصوف، فيخرج نحو ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه. وهذا التعليل ذكره المبرد في المقتضب 3/284 وابن الحاجب في الكافية ص 187.
2 وذلك لنقص شبهه بأفعل التعجب لاقترانه بأل. راجع التصريح 2/103.
3 من الآية 24 من سورة التوبة، والشاهد في آخر الآية في قوله تعالى: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ
…
} . فقد جاء (أحب) مفردا مذكرا مع الجمع، لأنه مجرد.
وتقول: الزيدان أفضل من عمرو، والزيدون أفضل من بكر والهندات أفضل منه.
القسم الثالث: المضاف لنكرة. نحو زيد أفضل رجل، وهند أفضل امرأة. وحكمه حكم المجرد من أل والإضافة1. ولذلك جمعهما الشيخ فقال:(أو جردا أو مضافا لنكرة أفرد وذكر) .
فتقول: زيد أفضل رجل، والزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة، والهندان أفضل امرأتين، والهندات أفضل نساء.
القسم الرابع: أن يكون مضافا لمعرفة، نحو زيد أفضل الرجال، وذكر أنه يجوز فيه الوجهان، أي المطابقة وعدمها2 نحو الزيدان أفضلا الرجال، وأفضل الرجال، والزيدون أفضلو الرجال وأفضل الرجال.
تنبيه:
محل جواز الوجهين في المضاف لمعرفة أن يكون (أفعل) مرادا به التفضيل.
1 أي يلزم الإفراد والتذكير، إلا أنه يلزم في المضاف إليه أن يطابق الموصوف.
2 وترك المطابقة في ذلك هو الغالب في الاستعمال وقد ورد القرآن بالأمرين.
فمن المطابقة بينهما قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} ومن ترك المطابقة قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} .
أما إذا لم يقصد به التفضيل، كقولهم:(الناقصُ والأشجُّ أعدلا بني مروان)1. أي عادلا بني مروان. يعنون الوليد بن اليزيد2 وعمر بن عبد العزيز3 فلابد من المطابقة للموصوف.
ولم يحتج [78/أ] المصنف إلى تقييده بذلك لأن ورود (أفعل) لغير قصد التفضيل مجاز4.
تتمّة5:
يجب مجيء (مِن) بعد أفعل التفضيل جارة للمفضول في المجرد من (أل) والإضافة، نحو زيد أفضل من عمرو.
وقد تحذف6، نحو {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} 7.
1 هذا القول في شرح المفصل لابن يعيش 3/6.
2 كذا جاء في النسخ، والمعروف أن المقصود بذلك هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك، ولقب بذلك لأنه نقص أرزاق الجند، وتوفي سنة 126 هـ. ترجمته في شذرات الذهب 1/167 والأعلام 8/190.
3 هو الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز بن مروان، لقب بالأشج لشجة كانت في رأسه، كانت مدة حكمه سنتين وتوفي سنة 101 هـ. تنظر ترجمته في شذرات الذهب 1/119 والأعلام 5/50.
4 قد ورد كثيرا استعمال (أفعل) لغير قصد التفضيل، نحو قوله تعالى:{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ} . لكن قال ابن مالك في التسهيل ص 134: والأصح قصره على السماع.
5 في (ب) و (ج) : (تنبيه) .
6 قوله: (وقد تحذف) أي (من) الجارة.
7 من الآية 17من سورة الأعلى، والتقدير (من الحياة الدنيا) فحذف الجار والمجرور. وقد جاء الإثبات والحذف في قوله تعالى:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} أي منك.
ومحل إتيان (من) بعده في ذلك ألا يكون المجرور بها اسم استفهام.
فإن كان وجب تقدم (من) ومجرورها على اسم التفضيل نحو (أنت ممّن أفضل) ؟ 1. ويمتنع دخولها2 في المقرون بأل والمضاف بقسميه3.
ص: ولا يبنى هو ولا أفعل4 التعجب، وهى5 ما أفعلَه وأفعِلْ به وفَعُل6 إلا من فعل ثلاثي مجرد لفظا أو تقديرا تام، متفاوت المعنى، غير لون ولا عيب7، ولا منفى، ولا مبنى للمفعول.
ش: لما فرغ من ذكر أحكام أفعل التفضيل شرع في بيان ما يبنى منه ولما شاركه في ذلك أفعال8 التعجب ضمّها إليه فقال: (ولا يبنى هو) أي أفعل التفضيل المتقدّم، ولا (أفعال التعجب) .
أي ولا تبنى أفعال التعجب إلا مما اجتمعت فيه الشروط المذكورة.
1 كذا في النسخ، والصواب أن يقدم الاستفهام فيقول: ممن أنت أفضل؟. لأن اسم الاستفهام له حق الصدارة.
2 أي (من) الجارة.
3 وهما المضاف لمعرفة والمضاف لنكرة.
4 في (ب) : (فعلا) وفي (ج) : (فعل) .
5 في (أ) و (ب) : (وهو) ، والمثبت من (ج) والشذور.
6 كلمة (فعل) ساقطة من (ب) و (ج) .
7 هذه الفقرة ليست في شذور الذهب المطبوع.
8 في (ب) : (أفعل) وفي الموضع الثاني (فعلا) وفي (ج) : (أفعل) في الموضعين.
ولنتكلم أولا على معنى التعجب، وعلى أفعاله، ثم نعود إلى شرح الشروط المذكورة، تكميلا للفائدة، فنقول: التعجب استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها وخرج بها المتعجب منه عن نظائره، أو قلّ نظيره.
فقولنا: في وصف الفاعل1احتراز عن وصف المفعول فلا يقال: [ما أضرب] 2زيدا، تعجبا من الضرب الواقع عليه.
وقولنا: خفي سببها، احتراز من الأمور الظاهرة الأسباب فلا يتعجب منها. ولهذا قالوا: إذا ظهر السبب بطل العجب3.
واعتبرت قلة نظائره أو الخروج عنها، لأن ما تكثر نظائره في الوجود لا يُستعظم فلا يتعجب منه4.
وأما أفعاله، والمراد الصيغ المشتمل كل منها على فعله، فجعلها المصنف ثلاثة:
الأولى: (ما أفعلَه) والثانية: (أَفْعِلْ به) وهاتان [78/ب] هما الصيغتان المشهورتان له5.
1 من قوله: (خفي سببها) إلى هنا ساقط من (ج) .
2 في (أ) و (ج) : (ما أعجب) وفي (ب) : (ما أحسن) ، والمثبت من المقرب 1/71، لأن هذا النص منقول عنه دون التصريح بذلك.
3 في (أ) و (ج) : (التعجب) والمثبت من (ب) .
4 كلمة (منه) ساقطة من (ج) .
5 في (ب) : (وهاتان الصورتان) ، وقوله (هما) و (له) . ساقطان من (ج) .
فأما الصيغة الأولى، وهي (ما أفعلَه) فأجمعوا فيها على اسمية (ما) وكونها مبتدأ1.
واختلفوا في (أفعَلَ) . فقال البصريون2والكسائي3: إنه فعل بدليل اتصال نون الوقاية به4.
وقال بقية الكوفيين 5: إنه اسم6 بدليل تصغيره7.
وأما الصيغة الثانية فأجمعوا8 فيها على فعلية (أفعِلْ)9.
1 وهي عند سيبويه نكرة تامة، وعند الأخفش موصولة.
ينظر الكتاب 1/73- هارون والأصول في النحو 1/100.
2 ينظر الكتاب 1/72- هارون والمقتضب 4/173 وأسرار العربية 113 وشرح المفصل 7/ 142 والبحر المحيط 1/494 والأشموني 3/18.
3 قول الكسائي في الإنصاف 1/126 وشرح الكافية للرضي 2/308.
4 في الكتاب 4/99: (تقول: ما أبغضني له وما أمقتني له وما أشهاني لذلك) .
وهناك أدلة أخرى للبصريين ذكرها ابن الأنباري في أسرار العربية ص 113.
5 في (ج) : (الكوفيون) وهو خطأ ظاهر.
6 ينظر مذهبهم في الإنصاف 1/126 وشرح الكافية الشافية 2/1077 وشرح الكافية للرضي 2/308.
7 قال ابن خالويه: (تقول: ما أحيسن زيدا، وما أميلح بشرا، وإنما جاز ذلك لأنه لا يتصرف تصرف الأفعال فأشبه الاسم) .
(ليس في كلام العرب) لابن خالويه ص 201 وتنظر بقية أدلة الكوفيين في الإنصاف 1/126 وأسرار العربية ص 114.
8 ينظر مجالس ثعلب 1/273 وارتشاف الضرب 3/34.
(أفعل) في الأصل فعل ماض على صيغة (أَفْعَلَ) بمعنى صار كذا ثم غيرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر، فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صيغة المفعول به كامرر بزيد. ويقال في إعراب نحو (أحسن بزيد) :(أحسِنْ) فعل ماض جاء على صورة الأمر والباء زائدة، و (زيد) فاعل (أحسِنْ) مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.
ثم قال البصريون1: لفظه الأمر ومعناه الخبر2.
وقال الفراء وجماعة3: لفظه ومعناه الأمر4، وفيه ضمير والباء للتعدية. ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم5: الضمير للحُسن. وقال بعضهم6: للمخاطب7، والتزم إفراده لجريانه مجرى المثل.
وأما الصيغة الثالثة، وهي (فَعُل) فلم يشتهر عدّها من صيغه، ونقلها ابن إياز عن ابن عصفور، فقال في شرح الفصول (قال ابن عصفور8: ومن ألفاظه (فَعُل) مثل فضُل زيد، وظرُف عمرو، وضرُب الرجل، أي ما
1 مذهبهم في الكتاب 4/97 والأصول 1/101 والمرتجل ص 147 والتصريح 2/88.
2 كلمة (الخبر) ساقطة من (ج) .
3 منهم الزجاج والزمخشري وابن كيسان وابن خروف. ينظر المفصل ص 276 والتصريح 2/88.
4 من قوله: (ومعناه الخبر) إلى آخره ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
5 هو ابن كيسان. ينظر أوضح المسالك 2/274.
6 وهم الفراء والزجاج والزمخشري وابن خروف. ينظر التصريح 2/88.
7 أي أن الضمير الذي في قولك: (أحسِن بزيد) يرجع إلى المخاطب.
8 المقرب 1/77.
ضربه ويجوز [دخول] 1 الباء الزائدة على الفاعل، فيقال:(ضرُب بزيد) إجراءً له مجرى أَضرِبْ بزيد، لأنهما في معنى واحد) . انتهى كلام ابن إياز2.
وفي تمثيله ما يرشد إلى أنه لا فرق في إفادة فعل التعجب بين كونه أصلا، أو محوّلا، كظرف وضرب3. وهو كذلك.
إذا علمت ذلك فلنعد إلى شرح الشروط التي ذكرها الشيخ لما تبنى صيغ التعجب وأفعل التفضيل منه، فنقول: لا يبنى شيء من هذه المذكورات إلا مما اجتمعت فيه أمور4:
أحدها أن يكون فعلا، فلا يبنى من الجلف5 والحمار فلا يقال: ما أجْلَفه ولا هو أجلف من زيد6.
ثانيها7 أن يكون ثلاثيا، مجردا من الزيادة لفظا وتقديرا فلا يبنى من نحو (دَحْرَجَ) لأنه رباعي، ولا من نحو (استخرج) لأنه وإن كان ثلاثيا
1 في النسخ: (حذف) وهو خطأ، صوابه من المحصول والمقرب 1/78.
2 المحصول في شرح الفصول [ق 79 / أ] .
3 مراده بالأصل (ظرُف) فإنها لم تحوّل عن شيء، ومراده بالمحول (ضرُب) فإنها محوّلة عن (ضَرَب) . لإفادة التعجب.
4 ينظر لهذه الشروط أوضح المسالك 2/280 وشرح الأشموني 3/21.
5 الجلف هو الرجل الجافي، وقد وُجد له فعلٌ قال صاحب القاموس:(وقد جَلِف كفرح جلَفاً وجلافة) . القاموس المحيط 3/128.
6 في (ب) : (ولاما أجلف من زيد) .
7 في (أ) : (ثالثها) وهو خطأ صوابه من (ب) و (ج) .
لكنه ليس1 مجردا بل مزيد فيه، ولا من نحو (حَوِلَ) و (عَوِر) لأنها وإن كانت ثلاثية مجردة في اللفظ، لكنها2 [79/أ] ليست مجردة في التقدير، لأن تقديرها (احولّ) و (اعورّ) ، بدليل عدم القلب مع تحركها وانفتاح ما قبلها، فلولا أن ما قبل العين ساكن في التقدير لوجب فيها القلب المذكور.
ثالثها: أن يكون تاما، فلا يبنى من فعل ناقص، ك (كان) .
رابعها: أن يكون متفاوت المعنى، أي قابلا للتفاضل بالنسبة لمن يقوم به فلا يبنى من نحو فني ومات.
خامسها: ألا يدل على لون أو عيب، فلا يبنى من نحو (عَرِجَ)(وشهِل) ، ويعبّر عن هذا بألا يكون اسم الفاعل على أفعل فعْلاء3.
سادسها: أن يكون غير منفي، فلا يبنى من منفي4 سواء كان ملازما للنفي، نحو (ما عاج بالدواء) 5 أي ما انتفع به، أم غير ملازم،
1 في (أ) : (مجردا في اللفظ ليست) وهو خطأ، وقوله:(لأنه وإن كان ثلاثيا) ساقط من (ج) ، والمثبت من (ب) .
2 ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
3 وذلك نحو أحمر وأسود وأعرج وأعشى، فلا يقال: ما أحمر زيدا. وأجاز الكوفيون التعجب من الأسود والأبيض، قالوا: لأنهما أصل الألوان.
تنظر المسألة بأدلتها في الإنصاف 1/148 وشرح المفصل 7/146.
4 قوله (فلا يبنى من منفي) ساقط من (ب) و (ج) .
5 هذا الفعل ملازم للنفي، فلا يستعمل في الإثبات. لكن جاء في لسان العرب
2/336: (وقد يستعمل في الواجب) . أي المثبت.
ك (ما قام زيد) .
سابعها: ألا يكون مبنيا للمفعول. فلا يبنى من نحو (ضُرب) و (عُلم)1.
تنبيهات:
الأول: ما ذكره من أن للتعجب ثلاث صيغ هو بالنسبة لما يدل عليه بالوضع، لا لما يدل عليه بالقرينة. فإنه يدل عليه بها2 صيغ كثيرة3، نحو (للهِ دَرّه فارساً) 4 و"سبحانَ اللهِ إنّ المؤمنَ لا يَنْجُس"5.
الثاني: لم يذكر من شروط ما تبنى6 هذه الصيغ منه كونه متصرفا7 كما ذكره غيره8، وكما ذكره هو في غير هذا الكتاب9، استغناء بما يفهمه
1 وذلك، لئلا يلتبس التعجب من الفعل المبني للمجهول بالتعجب من فعل الفاعل.
ينظر التصريح 2/92.
2 أي يدل على التعجب بالقرينة.
3 تسمى صيغ التعجب السماعية.
4 ومن ذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} وقول العرب: (لله أنت) . ينظر التصريح 2/86.
5 جزء من حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة وقد أخرجه البخاري في صحيحه 1/79 ومسلم 1/282 وأحمد بن حنبل في المسند 2/235.
6 في (أ) و (ج) : (من الشروط ما يبنى) والمثبت من (ب) .
7 فلا يصاغ من غير المتصرف، كـ (نِعْم) و (بئس) و (عسى) وشذ قولهم: ما أعساه، وأعسِ به. ينظر توضيح المقاصد 3/65.
8 ذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية 2/1084 والمرادي في توضيح المقاصد 3/65.
9 ذكر ابن هشام هذا الشرط في أوضح المسالك 2/281.
السياق، إذ الكلام في شروط ما تبنى منه هذه الصيغ، والجامد لا يقبل ذلك.
الثالث: يتوصل إلى التعجب من الزائد على ثلاثة، ومما وصفه على (أفعَل فعلاء) ب (ما أشدّ) ونحوه1، وينصب مصدرهما بعده، أوب (اشدُد) ونحوه، ويجر مصدرهما بالباء2، فتقول: ما أشدّ استخراجه واشدُد باستخراجِه3.
وكذا المنفي والمبنى للمفعول إلا أن مصدرهما يكون مؤولا، لا صريحا، نحو ما أكثر ألَاّ يقوم، وما أعظم ما ضُرب.
وأما الناقص، فإن قيل: إن له مصدرا4 فمن النوع الأول5، وإلا فمن الثاني6.
وأما ما لا يتفاوت معناه والجامد فلا يتعجب منهما7 ألبتة8.
1 مثل (ما أكثر) و (ما أقوى) و (ما أضعف) و (ما أعظم) و (ما أقلّ) .
2 قوله: (بالباء) ساقط من (ب) و (ج) .
3 وتقول: ما أشد حمرته واشدد بحمرته.
4 في (ب) : (فإن قيل: له مصدر) .
5 أي مما يؤتي له بمصدر صريح، وعلى ذلك تقول: ما أشدّ كونه جميلا، واشدد بكونه جميلا. قال في التصريح 2/93:(وهو الصحيح) أي أن للناقص مصدرا.
6 أي إن لم نقل: إن له مصدرا فهو مما يؤتى له بمصدر مؤول تقول: ما أكثر ما كان محسنا، وأكثر بما كان محسنا.
7 وسبب ذلك أن الفعل الجامد لا مصدر له، وأما ما لا يتفاوت معناه فإنه ليس قابلا للتفاضل، إلا إن أريد وصف زائد عليه، فيقال: ما أفجعَ موته. ينظر التصريح 2/93.
8 ألبتة مصدر بتّ يبت بتّا، زيدت عليها أل والتاء، وهي بقطع الهمزة وفتح التاء، بمعنى أبدا ومطلقا. ينظر تاج العروس 1/524.