الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما استويا لأن الرفع يتضمن عطف جملة اسمية على مثلها، وهي جملة (زيد قام) والنصب أيضا يتضمن عطف فعلية على مثلها، وهي جملة (قام) التي هي الجملة الصغرى1. فالتشاكل بين المتعاطفين حاصل على التقديرين2.
(الجملة) ساقطة من (ج) .
والجملة الصغرى هي الجملة الفعلية التي تسبق باسم قبلها، نحو زيد قام أبوه.
2 أي تقدير الرفع عطفا على الجملة الاسمية وتقدير النصب عطفا على الجملة الفعلية.
باب التوابع
…
ص: باب. يتبع ما قبله في إعرابه خمسة.
ش: لما أنهى الكلام على المعرب بالأصالة والاستقلال شرع يتكلم فيما إعرابه بتبعية غيره، ويسمى تابعا.
والتابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد1 غير خبر.
فخرج بالحاصل والمتجدد خبر المبتدأ، والمفعول الثاني، وحال المنصوب2.
1 مراده بالإعراب الحاصل والمتجدد ثبوت الإعراب وتبدله فالتابع يتبدل إعرابه بتبدل إعراب متبوعه.
وهذا التعريف هو تعريف ابن مالك للتابع. في شرح الكافية الشافية 2/1146.
2 لأنها لا تشارك ما قبلها إذا تغير العامل، فهي ملازمة لإعرابها دائما.
مثال الخبر: زيد قائم ومثال المفعول الثاني: كسوت الفقير ثوبا، ومثال الحال من المنصوب: ضربت زيدا مجردا.
وخرج بغير خبر (حامض) من قولك: (هذا حلو حامض) .
وهذا الحد لا يشمل من التأكيد ما [83/ب] كان لفظيا في حرف أو في فعل غير معرب، إذ لا إعراب1 تقع فيه المشاركة2.
وقوله: (ما قبله) يعم الاسم والفعل، فكما يتبع الاسمُ الاسمَ فكذلك يتبع الفعلُ الفعلَ3.
وقوله: (في إعرابه) يفهم أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع، وهو ظاهر مذهب سيبويه4، واختاره ابن مالك5، خلافا لمن خصّص ذلك بغير البدل6، وقال: إن العامل فيه مقدّر7.
ويفهم من قوله: (ما قبله) أن التابع لا يتقدم على المتبوع، وهو كذلك8.
1 أي في الحرف والفعل غير المعرب.
2 في (أ) : (يقع فيه المشاركة) والمثبت من (ب) و (ج) .
3 ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} فجزم الفعل الثاني لأنه تابع للأول.
4 هذا مذهب سيبويه والمبرد. ينظر الكتاب1/150، 421، 437 ـهارون والمقتضب 4/295. وفي (ب) و (ج) :(وهو مذهب سيبويه) .
5 في تسهيل الفوائد ص 163 وشرح الكافية الشافية 3/1286.
6 وهم الجمهور. وينظر شرح الكافية للرضي 1/300 والتصريح 2/108.
7 لأنهم زعموا أن العامل في البدل غير العامل في المبدل منه، فقدروا للبدل عاملا.
8 عند البصريين، وأجاز الكوفيون تقديم المعطوف بشروط تنظر في توضيح المقاصد للمرادي 3/131.
وقوله: (خمسة) هي التوكيد1 والنعت وعطف البيان والبدل وعطف النسق. ودليل الحصر فيها الاستقراء2.
ومن فصل التوكيد اللفظي عن المعنوي جعلها3 ستا. ومن أطلق العطف ليدخل فيه البيان والنسق جعلها أربعا.
ص: أحدها التوكيد، وهو تابع يقرر أمر المتبوع4 في النسبة أو الشمول، فالأول نحو5 جاءني زيد نفسه، والزيدان أنفسهما6 والزيدون أنفسهم، والهندات أنفسهنّ والعين كالنفس.
والثاني: نحو جاء الزيدان كلاهما والهندان كلتاهما، واشتريت العبد كله، والعبيد كلهم، والأمة كلها7 والإماء كلهن.
ش: إنما قدم الشيخ التوكيد على النعت، لأن التوكيد يحقق المتبوع،
1 في (ب) و (ج) : (التأكيد) .
2 وذلك لأن التابع إما أن يتبع بواسطة حرف أو لا، فإن كان بحرف فهو عطف النسق، وإن لم يكن بحرف فإما أن يكون على نية تكرار العامل أو لا، فالأول هو البدل، والثاني إما أن يكون بألفاظ مخصوصة أو لا، فالأول التوكيد، والثاني إما أن يكون مشتقا أو لا، فالأول النعت والثاني عطف البيان. ينظر التصريح 2/108.
3 أي التوابع.
4 في (ب) و (ج) : (أمر متبوعه) .
5 ساقطة من (ب) و (ج) .
6 في شذور الذهب ص 30 (والزيدان أو الهندان أنفسهما) .
7 قوله: (كلها) ساقط من (ج) .
والنعت يبين صفته، وما يدل على تحقيق الشيء متقدّم على ما يدل على صفته1.
والتوكيد والتأكيد كل منهما مصدر (أكد) 2، وسمّى به التابع3. وهو على قسمين: لفظي، وسيأتي. ومعنوي، وحدّه الشيخ بقوله:(تابع....) إلى آخره.
فقوله: (تابع) كالجنس يدخل فيه التوابع كلها.
وقوله: (يقرر أمر المتبوع) إلى آخره يخرج ما عداه من التوابع.
وقوله: (في النسبة أو الشمول) أفاد به أن التأكيد المعنوي4 نوعان:
أحدهما: ما يرفع توهم الإضافة إلى المتبوع5 وهذا معنى قوله: (يقرر أمر المتبوع في النسبة) .
وثانيهما: ما يرفع توهم إرادة الخصوص بما ظاهره العموم6،
1 من قوله: (وما يدل على تحقيق الشيء) . إلى هنا ساقط من (ب) .
2 الصحيح أن التأكيد مصدر أكد يؤكد تأكيدا، وأن التوكيد مصدر وكّد يوكد توكيدا، وهو بالواو أكثر ولذلك شاع استعماله به عند النحاة. ينظر التصريح 2/120.
3 أي صار علما على هذا التابع المعروف.
4 قوله: (المعنوي) ساقط من (ب) و (ج) . وفيهما: (أن التوكيد نوعان) .
5 أي دفع توهم أن المراد المضاف المحذوف. فمثلا قولك: جاء زيد يحتمل أن الجائي كتابه أو رسوله فإذا قلت: (جاء زيد نفسه) ارتفع الاحتمال.
6 كقولك: (جاء القوم) فإنه محتمل لكون الذين جاؤوا أكثرهم أو بعضهم، فإذا قلت: جاء القوم كلهم ارتفع ذلك الاحتمال.
وهذا معنى قوله1: [84/أ](أو الشمول) . ف (أو) للتنويع في المحدود لا للترديد2 في الحد.
وقوله: (فالأول) أي الذي يقرر أمر المتبوع في النسبة يكون بالنفس ويكون بالعين، كما يستفاد من قوله:(والعين كالنفس) .
فتقول في تأكيد المفرد: جاء زيد نفسه أو عينه، وجاءت هند نفسها أو عينها. وتقول في تأكيد3 المثنى: جاء الزيدان أنفسهما أو أعينهما، وجاءت الهندان أنفسهما أو أعينهما4. وتقول في تأكيد الجمع: جاء الزيدون أنفسهم أو أعينهم، وجاءت الهندات أنفسهن أو أعينهن.
وبيان التقرير في ذلك أنك إذا اقتصرت على قولك: (جاء زيد) احتمل أن الجائي خبره أو متاعه، وأنك ارتكبت المجاز، فإذا أتيت بالنفس أو بالعين ارتفع ذلك الاحتمال.
قوله: (والثاني) أي النوع الثاني من نوعي التوكيد المعنوي وهو ما
1 من قوله: (يقرر أمر المتبوع..) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر، وأثبته من (ب) و (ج) .
2 كذا في النسخ، ولعله يريد (لا للتردد)، وفي (ب) :(فأو للتنويع في الحدّ، لا للترديد في الحد) .
3 في (ج) : (توكيد) في جميع هذه المواضع.
4 في (أ) : (جاء الزيدان أنفسهما أعينهما، وجاء الهندات أنفسهما أعينهما) . والمثبت من (ب) و (ج) .
يفيد تقرير أمر المتبوع في الشمول، يكون بألفاظ1 ذكر المصنف منها (كِلا) نحو جاء الزيدان كلاهما و (كلتا) نحو جاءت الهندان كلتاهما. و (كُلاّ) نحو اشتريت العبد كله، والعبيد كلهم والأمة كلها والإماء كلهن.
وبيان تقرير الشمول في التوكيد بهذه الألفاظ أنك تقول: (جاءني الزيدان) ، وأنت تريد أحدهما، كما في قوله تعالى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} 2 أي من أحدهما3، فبقولك:(كلاهما) ارتفع ذلك الاحتمال.
ومن أجل ذلك لا يؤكد نحو (اختصم الزيدان) لأنه لا يصح اختصم أحد الزيدين4: وكذا تقول في (اشتريت العبد) 5 ونحوه.
1 وألفاظ القسم الثاني من أقسام التوكيد المعنوي كثيرة، منها ما ذكره المؤلف، ومنها (أجمع) و (جمعاء) و (جميعا) و (أجمعون) و (عامة) ومنها (أكتع) وأخواته، ومنها (أبصع) وأخواته. ويؤتى بها على الترتيب فيؤكد بأجمع بعد (كل) وبأكتع بعد أجمع وبأبصع بعد أكتع، وزاد الكوفيون (أبتع) بعد (أبصع) .
ينظر مجالس ثعلب 1/98 وشرح الكافية الشافية 3/1172.
2 الآية 22 من سورة الرحمن. وقوله: (والمرجان) لم يرد في (أ) و (ب) .
3 وهو البحر الملح، راجع البحر المحيط 8/ 191- 192.
4 هذا قول بعض العلماء وصححه أبو حيان والسيوطي. وذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك. انظر المسألة في شرح الكافية للرضي 1/335 والارتشاف 2/608 والهمع 2/123. وكلمة (نحو) لم ترد في (ب) و (ج) .
5 فيصح التأكيد هنا، تقول: اشتريت العبد كلّه، لأن العبد يفترق حكما بالنسبة إلى بعض الأفعال، كالبيع والشراء، فإنه يصح شراء بعض العبد دون باقيه، ولو قال الشارح:(بخلاف قولك: اشتريت العبد) لكان أوضح. ينظر شرح الكافية للرضي 1/335.
تنبيهات:
التنبيه الأول: فهم من تمثيله وجوب اتصال النفس والعين بضمير مطابق للمؤَّكد، وكذلك فهم منه وجوب اتصال (كِلَا) و (كِلتَا) بالضمير المطابق أيضا. وهو كذلك.
التنبيه الثاني: فهم منه أيضا أنه يشترط أن يكون لفظ النفس والعين طِبق المؤكد في الإفراد والجمع دون [84/ب] التثنية. فإنه تجمع فيها1 النفس والعين على (أفعل) أيضا2.
لكن ربما يتوهم من كلامه تعيُّن الجمع فيها، وليس كذلك.
فيجوز الإفراد، فتقول:(جاء الزيدان نفسهما) . والتثنية نحو (جاء الزيدان نفساهما) والإفراد أرجح من التثنية3.
التنبيه الثالث: لم يذكر من ألفاظ النوع الثاني (جميعا) و (عامة) ، لندور4 التوكيد بهما، وإن ذكرهما غيره5
1 أي في التثنية. وفي (أ) : (يجمع فيها) والمثبت من (ب) و (ج) .
2 تقول: جاء الزيدان أنفسهما، وجاءت الهندان أعينهما.
3 لكراهة اجتماع تثنيتين. ينظر التصريح 2/121.
4 في (أ) و (ج) : (لغير) وهو تحريف، والمثبت من (ب) .
5 فقد ذكرهما سيبويه وابن مالك وأبو حيان. قال ابن مالك في شرح التسهيل [ق/ 185/ أ](وذكرت مع (كل) جميعا وعامّة كما فعل سيبويه، وأغفل ذلك أكثر المصنفين سهوا أو جهلا) .
وينظر الكتاب 2/116 وشرح الكافية الشافية 3/171 والارتشاف 2/610.
وحكمهما1 في [اتصال] 2 الضمير حكم الثلاثة3.
فمن التوكيد ب (جميع) قول امرأة لولدها:
171-
فداك حيّ خولان
…
جميعهم وهمدان4
والتوكيد ب (عامة) كقولك: اشتريت العبد عامته5.
ص: ولا تؤكد نكرة مطلقا.
ش: اختلف6 هل يجوز توكيد النكرة أم لا7؟ منع
1 أي جميعا وعامّة.
2 سقطت من النسخ، وأضفتها لتوقف المعنى عليها.
3 يقصد بالثلاتة (كِلا) و (كلتا) و (كُلاًّ) .
4 البيتان من مجزوء الرجز، وقائلتها امرأة من العرب، ترقّص ولدها، وبعدهما:
وكل آل قحطان
…
والأكرمون عدنان
خولان وهمدان: قبيلتان عربيتان.
ينظر شرح الكافية الشافية 3/1171 وشرح الألفية لابن الناظم 504 والعيني 4/91 والتصريح 2/123 وهمع الهوامع 2/123 والدرر اللوامع 6/32.
والشاهد فيه استعمال (جميع) للتوكيد، فقد أكد بها (حي خولان) وهذا يدل على أنها من ألفاظ التوكيد.
5 في (ب) و (ب) : (عامة) وهو خطأ لأن التاء في (عامة) لازمة تأتي مع المذكر والمؤنث. ينظر التصريح 2/123.
6 ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
7 في هذه المسألة ثلاثة أقوال، ذكر منها الشارح قولين والثالث هو جواز تأكيد النكرة مطلقا، وهو قول بعض الكوفيين.
تنظر المسألة في الإنصاف 2/451 وشرح الكافية للرضي 1/335 وارتشاف الضرب 2/ 612 وهمع الهوامع 2/124.
ذلك1 المصنف مطلقا، أي سواء أفادت أو لم تفد، تبعا للبصريين2.
وذهب الكوفيون3 إلى الجواز إن أفادت وتبعهم ابن مالك4.
قال المصنف في التوضيح5: "وهو الصحيح، وتحصل الفائدة بأن يكون المؤكد محدودا والتوكيد من ألفاظ الإحاطة، ك (اعتكفت أسبوعا كلَّه) . وعليه جاء قول الشاعر:
172-
لكنه شاقه أن قيل ذا رجب ياليت عدّة حول كلِّه رجب6
1 في (ب) : (هل يجوز توكيد النكرة فمنع ذلك) .
2 هذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وعلل ذلك سيبويه بقوله:(كرهوا أن يكون (أجمعون) و (نفسه) معطوفا على النكرة في قولهم: مررت برجل نفسه، ومررت بقوم أجمعين) . ينظر الكتاب 2/386- هارون وشرح المفصل 3/44 وهمع الهوامع 2/124.
3 والأخفش من البصريين.
ينظر مذهبهم في مجالس ثعلب 1/98 والإنصاف 2/451 وشرح الكافية للرضي 1/335.
4 قال ابن مالك: (وإجازته أولى بالصواب لصحة السماع بذلك، ولأن في ذلك فائدة) . ينظر شرح الكافية الشافية 3/1177 وشرح عمدة الحافظ ص 563.
5 أوضح المسالك 3/22.
6 البيت من البسيط، وهو من قصيدة لعبد الله بن مسلم الهذلي، والرواية في ديوان الهذليين (رجبا) بالنصب لأنه من قصيدة منصوبة فتكون على لغة نصب الجزأين بـ (ليت) . لم يرد صدر البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) . وفي (أ) أيضا (ياليت عدة حولي) .
وينظر شرح أشعار الهذليين للسكري 2/910 والإنصاف 2/451 وأسرار العربية ص 60 وشرح المفصل ص 3/44 وشرح الألفية لابن الناظم ص 507 وشرح الشذور لابن هشام ص 29 والعيني 4/96 والتصريح 2/125 والأشموني 3/77.
والشاهد فيه تأكيد النكرة المحدودة وهي (حول) بلفظ (كل) وهو من ألفاظ الإحاطة.
ولا يجوز (صمت زمنا كله) لكون المؤكد غير محدود، ولا (شهرا نفسه) 1 لكون التوكيد2 ليس من ألفاظ الإحاطة.
واعلم أن ألفاظ التوكيد كلها معارف3. أما ما كان منها مضافا إلى الضمير فتعريفه واضح4 وأما ما لم يضف، ولم يذكره المصنف، نحو (أجمع) وتوابعه5 فقيل: بنية الإضافة6، ونُسب إلى
1 أي ولا صمت شهرا نفسه.
2 وهو (نفس) .
3 باتفاق العلماء، ولأجل ذلك جرت على المعرفة. ينظر همع الهوامع 2/124.
4 لأنه معرف بالإضافة، مثل (كلهم) و (كلاهما) و (كلتاهما) .
5 في (أ) : (جمع) والمثبت من (ج) ولم ترد هذه الكلمة في (ب) . وتوابع (أجمعَ) هي أكتع وأبصع وأبتع بمعنى (كل) والمؤنث منها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء.
وتقول في جمعها للمذكر: أجمعون وأكتعون وأبصعون وأبتعون وللمؤنث: جُمع وبُصع وبُتع. ينظر ارتشاف الضرب 2/ 611.
6 هذا قول السهيلي وابن مالك.
ينظر نتائج الفكر ص 286 وشرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 863.
سيبويه1 وقيل2: بالعلمية3، فإنه علق على معنى الإحاطة والله أعلم.
ص: ويؤكد بإعادة اللفظ4 أو مرادفه، نحو {دَكّاً دَكّاً} 5 و {فِجَاجاً سُبُلاً} 6. ولا يعاد ضمير متصل ولا حرف غير جوابي إلا مع 7 ما تصل به.
ش: هذا مثال التوكيد اللفظي. وهو اللفظ المكرر به ما قبله، لفظا ومعنى، نحو {دَكّاً دَكّاً} 8. أو معنى فقط، نحو {فِجَاجاً سُبُلاً} 9. لأن معنى الفجاج والسّبل واحد، وإن اختلفا لفظا10 ولهذا
1 قال سيبويه في الكتاب 3/224: (وسألته عن جُمع وكُتع فقال: هما معرفة بمنزلة (كلهم) وهما معدولان عن جمْع جمْعاء وجمْع كتْعاء) .
2 هذا قول ابن الحاجب في أماليه، ونسبه أبو حيان لأبي سليمان السعدي ومحمد بن مسعود الغزني في كتابه البديع. ينظر الأمالي النحوية لابن الحاجب 4/99 وارتشاف الضرب 2/611.
3 أي أنه معرف تعريفًا علميًا كتعريف (أسامة) ونحوه من أعلام الأجناس.
4 في (ب) : (بإعادة بعينه) .
5 من الآية 21 من سورة الفجر.
6 من الآية 31 من سورة الأنبياء.
7ساقطة من (ج) .
8 من الآية 21 من سورة الفجر.
9 من الآية 31 من سورة الأنبياء.
10 معنى الفجاج في اللغة الطرق الواسعة بين الجبال، والسّبل هي الطرق أيضا. ينظر اللسان 2/338 وتاج العروس 2/82. (فجج- سبل) .
قال: 1 [85/أ](بإعادة اللفظ أو مرادفه) . ثم إن هذا التأكيد قد يكون في الاسم، كما مثل به. وقد يكون في الفعل، كقوله:
فأيْنَ إلى أيْن النَّجَاةُ ببغلتي.......
…
أتاكِ أتَاكِ اللاّحقون احْبِسِ احْبِسِ2
وفي الحرف، نحو (نَعَمْ نَعَم) و (لا لا)3.
ويكون في المفرد كهذه الأمثلة، وفي الجملة، والأكثر اقترانها حينئذ بالعاطف، نحو {كَلَاّسَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَاّسَيَعْلَمُونَ} 4 وقد لا تقترن به، نحو قوله: عليه الصلاة السلام: "والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً والله لأغزونَّ قريشاً"5.
1 قوله: (لفظا ولهذا قال) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
2 البيت من الطويل، وقد سبق بيانه والكلام عليه في باب التنازع ص 739 ولم يرد صدر البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
وجاء به هنا شاهدا على التأكيد اللفظي في الفعل. فقوله: (أتاكِ أتاك) من التوكيد اللفظي، وليس من التنازع، كما سبق. وكذلك قوله:(احبس احبس) من التوكيد اللفظي، لكنه توكيد جملة بجملة.
3 أورد النحاة قول جميل بثينة الآتي شاهدا على تكرار الحرف الجوابي للتأكيد، وهو:
لالا أبوح بحبِّ بثنة إنها
…
أخذت عليّ مواثقا وعهودا
ينظر ديوانه ص 79 والتصريح 2/129.
4 الآيتان 4 و5 من سورة النبأ.
5 الحديث أخرجه أبو داود في باب الإيمان عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشاً والله لأغزون قريشا، ثم قال: إن شاء الله" فالحديث مرسل، لكن قال أبو داود: إنه روي مسندا من أوجه.
انظر سنن أبي داود 3/23.
وقد يتعين ترك العاطف إذا توهم التعدد، نحو ضربت زيدا ضربت زيدا1.
ولمّا كان التوكيد اللفظي يجري في جميع الألفاظ، وكان يعتبر في بعض الألفاظ إذا جاءت مؤكدة اتصالها بما اتصل بمتبوعها أشار إلى ذلك بقوله:(ولا يعاد ضمير متصل) إلى آخره.
وبيانه أن التأكيد إذا كان2 لضمير متصل وجب أن يتصل به ما اتصل بمتبوعه3، فتقول:(عجبت منك منك) و (قمت قمت) و (ضربتك ضربتك) .
وكذلك إذا كان بحرف غير جوابي4 وجب أن يتصل بالمؤكِّد ما اتصل بالمؤكد من ظاهر أو ضمير5. نحو (إن زيدا إن زيدا قائم) ، أو
1 لأنه مع العطف يوهم تكرار الضرب، وليس مرادا.
2 في (ب) و (ج) : (أن التوكيد) وقد سقطت كلمة (كان) من (ج) .
3 علل الشيخ خالد الأزهري ذلك بأن إعادته مجردا عما وُصل به تخرجه من الاتصال إلى الانفصال، والغرض كونه متصلا. ينظر التصريح 2/128.
4 الحرف الجوابي هو ما وقع جوابا لسؤال متقدم، مثل (نعم) و (لا) و (جَيْرِ) و (أجل) وغير الجوابي ما ليس كذلك. تنظر حاشية الصبان 3/82.
5 قوله: (أو ضمير) غير مناسب، لأنه إن كان المتصل بالحرف غير الجوابي ضميرا وجب الفصل بينهما وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد، نحو {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} . وقوله:(ما اتصل بالمؤكد) ساقط من (ب) .
(إن زيدا إنه قائم) .
فعلى هذا قوله: (ما اتصل به) أي أن ما اتصل بالمؤكد يعاد بلفظه ومعناه، أو بمعناه دون لفظه.
ص: الثاني النعت، وهو تابع مشتق أو مؤول به، يقتضي1 تخصيص متبوعه أو توضيحه أو مدحه أو ذمه أو توكيده أو الترحم عليه.
ش: الثاني من التوابع النعت، ويقال له: الوصف والصفة2 وحدّه المصنف بما ذكره. فقوله: (تابع) جنس يشمل الخمسة3.
وقوله: (مشتق أو مؤول به) مخرج لما كان من التوابع بغيرهما.
والمراد بالمشتق ما دل على حدث وصاحبه، ك (ضارب) و (مضروب) و (حسن) و (أفضل)4.
والمراد بالمؤول به المشبه للمشتق في المعنى، كاسم الإشارة و (ذو) بمعنى (صاحب) ، وأسماء النسب5.
1 كذا في النسخ، والذي في شذور الذهب ص 30 (يفيد) .
2 النعت مصطلح الكوفيين والصفة مصطلح البصريين، ثم كثر استعمال الأول.
3 أي التوابع الخمسة.
4 من قوله: (والمراد بالمشتق..) إلى آخره ساقط من (ب) و (ج) .
5 قال في التصريح 2/110: (فاسم الإشارة يُنعت المعارف، و (ذو) بمعنى صاحب ينعت بها النكرات، وأسماء النسب ينعت بها النكرات والمعارف) .
فتقول: مررت بزيد [85/ب] هذا، أي الحاضر، وبرجل ذي مال، أي صاحب مال1، وبرجل دمشقي، أي منسوب إلى دمشق.
وقوله: (يقتضي) إلى آخره يخرج ما كان من التوابع مشتقا أو شبهه، كقولك: زيد قائم قائم، وشجاع شجاع2. وقولك: زيد أسد وشجاع، وعمرو طويل وفاضل.
فإن المشتق وشبهه في هذه الأمثلة لا يقتضي تخصيصا ولا توضيحا ولا غيرهما من الأمور المذكورة في الحدّ.
وأتى فيه ب (أو) لينبه على أنواعه. أي أن من النعت ما يكون لتخصيص المتبوع3، كقولك: جاءني رجل4 تاجر، أو تاجر أبوه.
ومنه ما يكون لتوضيح المتبوع5، كقولك: جاءني زيد التاجر أو التاجر أبوه.
ومنه ما يقتضي مدح المتبوع، كقولك:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 6.
ومنه ما يقتضي ذمُّه، كقولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
1 كلمة (مال) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
2 في (ب) و (ج) : (أو شجاع شجاع) .
3 وذلك إذا كان المنعوت نكرة.
4 في (ج) : (زيد) وهو خطأ ظاهر، لأن المعرفة لا توصف بالنكرة.
5 وذلك إذا كان المنعوت معرفة.
6 الآية 2 من سورة الفاتحة.
ومنه ما يقتضي تأكيده، نحو قوله تعالى:{نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 1.
ومنه ما يقتضي الترحم عليه، كقولك: اللهم إني عبدُك المسكين2.
وذكر بعضهم3 أن النعت قد يكون للتعميم، نحو (إن الله يرزق عباده الطائعين والعاصين) . وقد يكون للتفصيل، نحو (مررت برجلين عربي وعجمي) . أو الإبهام نحو (تصدّق بصدقة قليلة أو كثيرة) . انتهى.
وقد يُدّعى دخول الأولين4 في التوضيح، والثالث5 في التأكيد، فليتأمل.
تنبيه 6:
قد ينعت بالجملة، ولكن بشروط:
أن يكون المنعوت نكرة لفظا ومعنى7 أو معنى فقط8. وأن تكون
1 من الآية 13 من سورة الحاقة، وذلك لأن (نفخة) تدل على واحدة لأنها اسم مرة، ثم جاءت (واحدة) فكأنه تكرير للتأكيد.
2 في (ب) : (اللهم ارحم عبدك المسكين) .
3 هو ابن مالك في شرح التسهيل [ق 187/ ب] .
وذكر ذلك أيضا أبوحيان في الارتشاف 2/579 وابن عقيل في المساعد 2/401.
4 وهما التعميم والتفصيل.
5 وهو الإبهام.
6 ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
7 كلمة (نكرة) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
وقوله: (ومعنى) ساقط من (ب) . ومثال ذلك قولك: رأيت رجلا يقرأ.
8 المراد بالنكرة في المعنى المعرف بأل الجنسية، كقول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
…
....................................
فجملة (يسبني) صفة للئيم مع أنه مقترن بأل الجنسية، وذلك لأنه نكرة في المعنى. ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 491.
الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف. وأن تكون خبرية، أي محتملة للصدق والكذب. نحو قوله تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} 1.
وقد ينعت بالمصدر، ولكنه سماعي2. قالوا: هذا رجل عدل أو رضا3. واختلف في تخريجه البصريون والكوفيون:
فقال الكوفيون4: هو على التأويل بالمشتق، أي عادل ومرضي.
وقال البصريون5: هو على تقدير مضاف، أي ذو عدل وذو رضا6 فهو راجع إلى المؤول بالمشتق. فدخوله في كلام
1 من الآية 281 من سورة البقرة.
وجملة {تُرْجَعُونَ فِيهِ} نعت لـ (يوم) وقد اشتملت على الشروط المذكورة.
2 باتفاق، وللنعت به ثلاثة شروط، الأول ألا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع، الثاني أن يكون مصدر ثلاثي أو بزنة مصدر ثلاثي، الثالث ألا يكون المصدر ميميا.
3 وامرأة عدل أو رضا، ورجلان عدل أو رضا ورجال عدل أو رضا.
4 ينظر معاني القرآن للفراء 2/38، 205 وتوضيح المقاصد 3/145 والتصريح 2/113.
5 ينظر الكتاب 2/120- هارون- والارتشاف 2/587 والأشموني 3/64.
6 وهناك قول ثالث في تخريج ذلك بأن يكون على المبالغة، كأنهم جعلوا الموصوف ذلك المعنى لكثرة حصوله منه. ينظر شرح المفصل 3/50.
الشيخ1 واضح.
وكذلك دخول الجملة، لأنها أيضا تؤول بالمشتق2.
لأن قولك: مررت برجل قام أبوه، في معنى (قائم أبوه) . والله أعلم.
[86/أ] ص: ويتبعه 3 في واحد من أوجه الإعراب، وفي التعريف والتنكير، لا يكون أخص منه. فنحو (مررت بالرجل صاحبك) بدل، ونحو (بالرجل الفاضل) و (بزيد الفاضل) نعت. وأمره في الإفراد والتذكير وأضدادهما كالفعل، ولكن يترجح نحو 4 جاءني رجل قعود غلمانه على (قاعد) . وإما (قاعدون) فضعيف.
ش: لما قدّم حدّ النعت أخذ يتكلم على حكمه من جهة تبعيته للمنعوت في الإعراب5 وغيره، فقال: إن النعت يتبع المنعوت في واحد من أوجه الإعراب الثلاثة: الرفع والنصب والجر، ويتبعه في واحد من التعريف والتنكير فلا تنعت معرفة بنكرة6، ولا عكسه7. فتقول: جاءني
1 أي قول ابن هشام في الشذور: (النعت تابع مشتق أو مؤول به) .
2 من قوله: (فدخوله في كلام الشيخ) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
3 في (أ) : (وتبعه) والمثبت من (ب) و (ج) والشذور ص 30.
4 ساقطة من (أ) و (ج) ، وأثبتها من (ب) والشذور.
5 في (ب) : (من جهة التبعية في الإعراب) .
6 في (ب) : (فلا تنعت نكرة بمعرفة) .
7 هذا مذهب جمهور العلماء، وأجاز ابن الطراوة وصف المعرفة بالنكرة بشرط كون الوصف خاصا بالموصوف، كقوله:(في أنيابها السمّ ناقع) . الارتشاف 2/580.
الرجل الفاضل، ورجل فاضل.
وهذان الأمران1 لابد منهما في كل نعت، سواء رفع ضمير المنعوت كما مثّلنا، أو رفع الظاهر، كجاءني رجل قائم أبوه، أو الرجل القائم أبوه.
ثم إنه لما بين أنه يتبعه في التعريف والتنكير شرط فيه ألا يكون أخص، أي أعرف من المنعوت2.
فإذا قلت: مررت بالرجل صاحبك، كان صاحبك3 بدلا لا نعتا لأنه4 مضاف إلى الضمير، فهو أعرف من المحلّى بأل.
ودخل في كلامه النعت بمساوي المنعوت في التعريف، وبدونه فيه. وإلى ذلك أشار بقوله:(ونحو بالرجل الفاضل وبزيد الفاضل نعت)5.
فالأول مثال للمساوي، والثاني مثال للأدْون6، لأن العَلَم أعرف
1 وهما تبعية النعت للمنعوت في واحد من أوجه الإعراب وواحد من التعريف والتنكير.
2 وهو قول الجمهور، وأجاز ابن خروف نعت المعرفة بالمعرفة مطلقا.
ينظر ارتشاف الضرب 2/582.
3 قوله: (كان صاحبك) ساقط من (ج) .
4 أي صاحبك.
5 كلمة نعت ساقطة من (ج) .
6 كذا في النسخ، ومعلوم أن اسم التفضيل لا يشتق مما ليس له فعل.
قال في اللسان 13/164 (دون) : (ولا يشتق منه فعل، وبعضهم يقول منه: دان يدون دونا) . فلعل الشارح ذكره بناء على هذا، والأولى أن يقول:(للأدنى) .
من ذي الأداة.
وقوله: (وأمره في الإفراد) إلى آخره إشارة إلى كيفية تبعية النعت للمنعوت في غير المذكورات من الإفراد وضديه، وهما التثنية والجمع، ومن التذكير وضدّه، وهو التأنيث، فقال: إن أمر النعت في ذلك كالفعل.
وبيان ذلك أن النعت إن رفع ضمير المنعوت طابقه في ذلك1 أيضا، سواء كان معناه له أو لسببيه. نحو مررت برجل حسن، أو حسن الوجه2.
وإن رفع سببيه، أي المتحمل لضميره3 أفرد مطلقا لرفعه [86/ب] الظاهر4، ووافق في التذكير والتأنيث5 مرفوعه لا متبوعه. نحو مررت برجلين حسنة جاريتهما. كما أن الفعل كذلك6.
1 أي في الإفراد وضديه والتذكير وضده.
2 وتقول: جاءت امرأة كريمة، ومررت برجلين كريمين وشاهدت رجالا كراما.
3 وذلك هو الاسم الظاهر الذي اتصل به ضمير.
4 قوله: (لرفعه الظاهر) ساقط من (ب) وكلمة (الظاهر) ساقطة من (ج) .
5 قوله: (والتأنيث) ساقط من (ج) .
6 فالوصف يعطى حكم الفعل الذي يقع موقعه، ولا يعتبر حال الموصوف. فتقول: مررت برجل قائم أبوه، وبرجل قائمة أمّه، وبرجلين قائم أبواهما. كما تقول: مررت برجل قام أبوه، وقامت أمّه، وقام أبواهما.
لكن يستثنى من كونه كالفعل في الإفراد مسألة واحدة وهي أن يكون السببي جمعا، فإنه يجوز أن يكون النعت جمع تكسير فتقول: مررت برجل كرام غلمانه. بل يكون أرجح من الإفراد1. ولهذا قال: (ولكن يترجح) إلى آخره.
وقوله: (وأما قاعدون فضعيف) يعني أن النعت إذا رفع جمعا قوي كونه مفردا أو جمع تكسير، كما تقدم. وأما كونه جمع سلامة، نحو (مررت برجال حسنين غلمانهم) فهو ضعيف. لأنه خاص بلغة طيئ2 دون غيرهم من العرب.
ص: ويجوز قطعه إن عُلم متبوعه بدونه بالرفع أو النصب.
ش: هذه مسألة متعلقة بالنعت ختم بها بابه. وهي أن المنعوت متى عُرف دون3 النعت جاز في النعت القطع، بأن يرفع أو ينصب. فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والنصب على أنه مفعول لفعل محذوف. فيقطع من الجر إليهما. فيصير في نعت المجرور ثلاثة أوجه، نحو مررت بامرىء القيس الشاعر، بالأوجه الثلاثة4 ومن النصب إلى
1 هذا مذهب سيبويه، وذهب الشلوبين وجماعة إلى أن الإفراد أرجح.
ينظر الكتاب 2/43- هارون والتوطئة ص 179 والارتشاف 3/ 250.
2 وهي المعروفة بلغة (أكلوني البراغيث) التي تلحق بالفعل علامتي التثنية والجمع مع الفاعل الظاهر. راجع التصريح2/110.
3 في (ب) : (علم بدون) وفي (ج) بدون.
4 وهي الجر على أنه صفة لامرىء القيس والرفع على القطع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو) والنصب على القطع فيكون مفعولا به لفعل محذوف.
الرفع، ومن الرفع إلى النصب، فيصير في نعت كل من المرفوع والمنصوب وجهان1.
ومتى احتاج المنعوت إلى النعت في تخصيصه أو توضيحه فلا يجوز قطعه.
وإذا تعددت النعوت واستغني عنها كلها جاز قطعها كلها2. وإن احتاج إليها كلها وجب إتباعها كلها3.
وان استغنى عن بعضها دون بعض جاز في البعض المستغنى عنه الإتباع والقطع، وتعين الإتباع في غيره4. والله أعلم
ص: الثالث عطف البيان، وهو تابع غير صفة يوضح متبوعه أو يخصصه5، نحو (أقسم بالله أبو حفص عمر) . ونحو {كفارةٌ طعامُ مساكينَ} 6.
1 وهما مع المرفوع الرفع على التبعية والنصب على القطع بتقدير فعل ومع المنصوب النصب على التبعية والرفع على القطع بجعله خبراً لمبتدأ محذوف.
2 لتعين مسماه بدونها، نحو قولك: هو الله العلي العظيم الكريم.
3 من قوله: (وإن احتاج إليها كلها) إلى آخره ساقط من (ج) .
4 في (أ) : (وغيره) والمثبت من (ب) و (ج) . ومثال ذلك قولك: جاء زيد التاجر الفقيه الكاتب، برفع (التاجر) على التبعية ويجوز فيما بعده الرفع على التبعية والنصب على القطع، لأنه معروف بدونهما.
5 في النسخ: (تخصيصه) وهو تحريف، والتصويب من شذور الذهب ص 31.
6 من الآية 95 من سورة المائدة.
ش: الثالث [87/أ] من التوابع عطف البيان. قال الشيخ: (وهو تابع
…
) إلى آخره.
فقوله: (تابع) يشمل الخمسة. وقوله: (غير صفة) يخرجها1.
وقوله: (يوضح
…
) إلى آخره يعني أن عطف البيان يؤتى به لتوضيح متبوعه أو تخصيصه كالصفة، إلا أن هذا2 في الجامد وتلك3 في المشتق. وبهذا تخرج بقية التوابع4. ومثل له بمثالين أحدهما لتوضيح المعرفة، وهو5:
173-
أَقسمَ باللهِ أبو حفصٍ عمر6
…
1 أي يخرج الصفة، وهي النعت.
2 أي عطف البيان.
3 أي الصفة، والمراد أن عطف البيان كالصفة يؤتى به لتوضيح المتبوع أو تخصيصه، والفرق بينهما أن عطف البيان يكون بالأسماء الجامدة، والصفة تكون بالمشتقات أو المؤول بها، ولذلك قال النحويون: إن عطف البيان في الجامد بمنزلة النعت في المشتق. ينظر شرح الأشموني 3/88.
4 وهي التأكيد والبدل والعطف، لأنها لا يؤتى بها للتوضيح ولا للتخصيص.
5 في (ب) و (ج) : (نحو) .
6 البيت من الرجز، وهو أول أبيات قالها أعرابي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين قال له: إن ناقتي دبراء عجفاء فاحملني، فامتنع عمر من ذلك فقال هذا البيت، وبعده:
ما مسها من نقب ولا دبر
…
فاغفر له اللهم إن كان فجر
وقد ذكر ابن حجر في الإصابة أن اسم هذا الأعرابي عبد الله بن كيْسَبه.
ينظر شرح المفصل 3/71 وشرح الكافية الشافية 3/1191 وشرح الألفية لابن الناظم ص 514 وأوضح المسالك 3/32 والعيني 4/115 والإصابة 3/93 والخزانة 5/154.
والشاهد فيه مجيء عطف البيان وهو (عمر) لتوضيح المعرفة وهي (أبو حفص) .
فعمر بيان لأبي حفص، ذكر لإيضاحه.
وثانيهما: لتخصيص النكرة، وهو قوله تعالى:{أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} 1. ف (طعام) بيان ل (كفارة) ذكر لتخصيصها.
وفهم من ذلك أن البيان والمبين لا يكونان مختلفين في التعريف والتنكير.
وتجويز عطف البيان في النكرات مذهب الكوفيين2 وجماعة3 ومشى عليه المصنف4 تَبَعًا لهم. وغيرهم5 يخصّه بالمعارف.
ص: ويتبعه في أربعة من عشرة. ويجوز إعرابه بدل كل إن لم يجب
1 من الآية 95 من سورة المائدة. القراءة، بتنوين (كفارة) ورفع (طعام) قراءة عاصم وابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي من السبعة ويعقوب الحضرمي وخلف من العشرة. وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر (كفارةُ) بالضم دون تنوين و (طعامِ) بالخفض على الإضافة. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 248 والتذكرة لابن غلبون 2/390 والنشر 2/255.
2 لم أجد هذا القول في معاني القرآن للفراء ولا في غيره من كتب الكوفيين وقد نسبه لهم المرادي في توضيح المقاصد 3/185 والسيوطي في همع الهوامع 2/121.
3 من النحاة منهم أبو علي الفارسي والزمخشري وابن عصفور وابن مالك. ينظر الإيضاح العضدي ص 292 والكشاف 2/297 وشرح الجمل لابن عصفور 1/294 وشرح الكافية الشافية 3/1193 والتصريح 2/131.
4 شرح شذور الذهب ص 436 وأوضح المسالك 3/33.
5 وهم جمهور البصريين، ولهذا اشترطوا كون البيان أعرف من المبين أو مساويا له. ولم يجعل سيبويه عطف البيان إلا ما كان معرفة، وكذلك المبرد.
ينظر الكتاب 2/184، 194 هارون، والمقتضب 4/209، 220، 222 وأسرار العربية ص 296 والارتشاف 2/605 والتصريح 2/131 والأشموني 3/86.
ذكره، ك (هند قام زيد أخوها) 1 و [لم يمتنع] 2 إحلاله محل الأول3، نحو يا زيد الحارث و (أنا ابن التارك البكري بشر) . و (يا نصر نصرٌ نَصْرَا) . ويمتنع في نحو:{مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} 4 و (يا سعيدُ كرز) و (قرأ قالون عيسى) .
ش: يعني أن عطف البيان يتبع المبيّن في أربعة من عشرة، واحد من أوجه الإعراب الثلاثة، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع وواحد من التعريف والتنكير، وواحد من5 التذكير والتأنيث.
وقوله: (ويجوز) أشار به إلى قاعدة، وهي أن كل ما أعرب بيانا جاز أن يعرب بدل كلٍّ من كلّ6. واستثنى منها ثلاث مسائل:
الأولى7: أن يكون واجب الذكر غير مستغنى عنه كقولك: هند قام زيد أخوها. ف (أخوها) بيان ل (زيد) 8 ولا يصح أن يعرب بدلا9، لأن البدل في نية تكرار العامل، فيصير من جملة أخرى10 فيبقى المبتدأ بلا رابط.
1 أي فإن وجب ذكره فلا يصح إعرابه بدلا، كهند قام زيد أخوها.
2 في النسخ: (أو امتنع) والمثبت من شذور الذهب ص 31.
3 فإن امتنع إحلاله محل الأول فلا يعرب بدلا، نحو يا زيد الحارث.
4 من الآية 97 من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى:{فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيم} .
(من) ساقطة من (ج) .
6 هذه القاعدة في شرح عمدة الحافظ ص 597 والتصريح 2/132.
7 في (أ) : (الأول) والتصويب من (ب) و (ج) .
8 في (أ) : (بيان من زيد) والمثبت من (ب) و (ج) .
9 في (ب) و (ج) : (أن يكون بدلا) .
10 لأن التقدير هو (هند قام زيد قام أخوها) فتكون جملة (قام أخوها) جملة أخرى مستقلة، وتكون جملة (قام زيد) هي خبر (هند) ولا رابط فيها، وذلك لا يصح.
المسألة الثانية: أن يمتنع إحلاله محل الأول، نحو (يا زيد [87/ب] الحارث) . فإنه لو أعرب بدلا لحل محل الأول، فقيل: يا الحارث ولا يصح ذلك، لأن (أل) وحرف النداء لا يجتمعان1. ومنه:
174-
أنا ابن التارك البَكري بِشْر عليه الطير ترقبه وقوعا2
فإنه لا يصح أن يعرب (بشر) بدلا من (البكري) لأنه لا يحل محله لأنه يلزم إضافة (التارك) إلى (بشر) فيضاف ما فيه الألف واللام إلى الخالي عنها، وعن الإضافة لتاليها، وليس معربا بالحروف. وهو لا يجوز عند الجمهور3، ويجوز عند الفراء4.
1 إلا في مواضع، ليس هذا منها، وقد سبق بيان ذلك.
2 البيت من الوافر، وهو للمرار بن سعيد الأسدي، ولم يرد عجز البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
بشر: هو بشر بن عمرو بن مرثد من بني بكر بن وائل، ترقبه: تنتظر موته. وينظر شعر المرار ص 169 وفرحة الأديب 37.
والبيت من شواهد سيبويه 1/182 والأصول 1/135 وشرح المفصل 3/74 والمقرب 1/248 وشرح الكافية الشافية 3/1196 وشرح عمدة الحافظ 597 والعيني 4/121 والتصريح 2/133 والأشموني 3/87 وخزانة الأدب 4/284 والدرر اللوامع 6/27.
والشاهد فيه وجوب إعراب (بشر) عطف بيان لا بدلا، لئلا يلزم المحذور المذكور.
3 أي لا يجوز عند الجمهور إضافة ما فيه (أل) إذا لم يكن معربا بالحروف مثل (الضاربو زيد) إلى اسم غير مقترن بأل. وقد تقدمت المسألة في باب الإضافة.
4 ينظر قول الفراء في شرح المفصل لابن يعيش 2/123، والتصريح 2/30.
المسألة الثالثة نحو1 قول الشاعر:
175-
إنّي وأسْطارٍ سُطِرن سطراً
…
لَقائلٌ يا نصْرُ نصْرٌ نصْراَ2
مما وقع فيه البيان منوّنا والمبين منادى. ف (نصر) الأول هو المبين، و (نصر) الثاني عطف بيان على اللفظ3 والثالث عطف بيان على المحل4. ولا يصح إعرابهما بدلا، لأنهما منوّنان والمنادى لاينوّن5.
وقد استُشكل جعلهما بيانا6، لأنه لابد من مخالفة بين المبيّن
1 في (أ) : (المسألة الثانية) وهو سهو، والمثبت من (ب) .
2 البيتان من الرجز، وهما لرؤبة بن العجاج، ونسبا لذي الرمة وليسا في ديوانه. ولم يرد البيت الأول في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
وأسطار أي وحق أسطار، ويعني بها آيات القرآن الكريم. سُطرن: كُتبن.
نصر: هو نصر بن سيّار أمير خراسان. والذي في ديوان رؤبه:
يانصر نصراً نصراً
…
بنصب (نصر) الثانية. ينظر ملحقاته ديوان رؤبة ص 174.
والبيت من شواهد سيبويه 2/185 والمقتضب 4/209 والأصول 1/334 وأسرار العربية 297 وشرح المفصل 2/3 وشرح الكافية الشافية 3/1195 وارتشاف الضرب 2/607 وشرح الشذور 437 ومغني اللبيب 597 والمساعد لابن عقيل 2/517 والعيني 4/116 وخزانة الأدب 2/219 والدرر اللوامع 6/26.
والشاهد: مجيئ (نصر) الثانية عطف بيان، وليس بدلا وقد بين الشارح سبب ذلك.
3 أي عطفا على لفظ (نصر) الأول.
4 أي عطفا على محل (نصر) الأول، وذلك لأنه في محل نصب لأنه منادى.
5 والبدل على نية تكرار العامل، فيكرر مع الثاني وهو منوّن والمنادى لا ينوّن.
6 وممن استشكل هذا الإعراب ابن مالك والرضي، وأعرباه توكيدا لفظيا.
ينظر شرح الكافية الشافية 3/1195 وشرح الكافية للرضي 1/138. وهذا البيت من الأبيات المشكلة، فقد روي بروايات مختلفة، وله توجيهات إعرابية متعددة.
ينظر المقتضب 4/209 والإفصاح للفارقي 202 وخزانة الأدب 2/219.
والمبيِّن، فينبغي أن يعربا توكيدا لفظيا. ويكون أحدهما تابعا على اللفظ والآخر على المحل1.
قوله: (ويمتنع) إشارة إلى مسائل لا يجوز أن يكون التابع فيهابيانا، ويتعيّن أن يكون بدلا. وهي أيضا ثلاث2:
المسألة الأولى، نحو قوله تعالى:{آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} 3 فيجب أن يعرب (مقام إبراهيم) بدلا لا بيانا، لأن (آيات بينات) نكرة، وهو4 معرفة. وانفرد بتجويز ذلك الزمخشري5.
المسألة الثانية: قولك: (يا سعيد كرزُ) بغير تنوين فيعرب بدلا، لا بيانا. لأن البدل في باب النداء حكمه حكم المستقل، و (كرز) إذا نودي يضم ولا ينون، بخلاف البيان في باب النداء6 فيرفع وينصب، ولا يجوز ضمّه من غير تنوين.
وسيأتيك بيان هذا في باب تابع المنادى7 إن شاء الله تعالى.
1 في (أ) و (ج) : (على المعنى) والمثبت من (ب) وهو الصواب.
2 في (أ) : (ثلاثة) والمثبت من (ب) و (ج) ، وهو الأولى.
3 من الآية 97 من سورة آل عمران.
4 أي (مقام إبراهيم) .
5 قال في الكشاف 1/203: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} عطف بيان لقوله {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}
6 من قوله: (حكمه حكم المستقل) إلى آخره ساقط من (ب) و (ج) .
7 سيأتي هذا في ص 821.
المسألة الثالثة نحو قولك1: (قرأ قالون عيسى) 2 مما الأول فيه فيه أعرف من الثاني3.
فيعرب بدلاً، ولا يعرب بيانا4. لأن [88/أ] البيان لا يكون أدْون5 في التعريف من لمبيّن6.
بل إما أن يكون أعرف أو مساويا7.
وقد شرط بعضهم8 أن يكون أعرف.
(قولك) ساقطة من (ب) و (ج) .
2 قالون لقب عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي ويقال: المرّي، مولى بني زهرة، قاريء المدينة ونحويّها. أخذ القراءة عن نافع، واختص به، وهو الذي لقبه بقالون لجودة قراءته ومعناه بالرومية (جيد) توفي سنة 220 على الصحيح.
ينظر التيسير للداني ص 4 وغاية النهاية لابن الجزري1/615.
3 إنما كان الأول في هذا المثال أعرف من الثاني لأن هذا اللقب أشهر من الاسم.
تنظر حاشية العدوي على الشذور 2/185.
4 قوله: (بيانا) ساقط من (ب) .
5 أي أدنى، وقد سبق للشارح أن استعمل هذه الكلمة وقد بينت ما فيها، وذلك في ص 643.
6 كلمة (من) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج) .
7 اشترط ذلك بعض البصريين، والصحيح عدم اشتراطه.
انظر شرح الجمل لابن عصفور 1/294 وارتشاف الضرب 2/65.
8 هذا مذهب الجرجاني والزمخشري.
انظر المقتصد للجرجاني 2/927 والمفصل للزمخشري 122.
وقد رد ابن مالك على من اشترط ذلك، في شرح الكافية الشافية 3/1193.
ص: الرابع البدل، وهو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة.
ش: الرابع من التوابع البدل. وتسميته بذلك طريقة البصريين1.
والكوفيون يسمونه الترجمة والتبيين2. وربما سمّوه بالتكرير3.
قوله: (التابع) جنس دخل فيه الخمسة4.
وقوله: (المقصود) يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان فإن كلاّ منها مكمّل5 للمقصود، وليس مقصودا6.
ويخرج أيضا المعطوف ب (لا) وب (بل) بعد النفي وب (لكن) نحو جاء زيد لا عمرو، وما جاء زيد بل عمرو، ولكن عمرو.
ويخرج أيضا المعطوف بالواو، نحو جاء زيد وعمرو، وما جاء زيد ولا عمرو.
وإنما قلنا: إن المعطوف بالواو خرج بقوله: (المقصود) حملا له على
1 ينظر الكتاب 1/150، 432- هارون وشرح المفصل 3/63 والتصريح 2/155.
2 ينظر معاني القرآن للفراء 2/178 ومجالس ثعلب 1/20.
3 ذكر السيوطي في الهمع 1/125 عن الأخفش أن الكوفيين يسمون التبيين وذكر عن ابن كيسان أنهم يسمونه التكرير. والصحيح أن الكوفيين قد استعملوا كلا التعبيرين. ينظر معاني القرآن للفراء 2/178 و3/279.
4 أي التوابع الخمسة.
5 في (ب) و (ج) : (مكملا) بالنصب، وهو خطأ، لأنه خبر (إن) .
6 لأن المقصود بالحكم في النعت والتوكيد وعطف البيان المتبوع لا التابع.
المستقل1 بالقصد، فإن المعطوف بالواو، وإن كان مقصودا فليس مستقلا بالقصد، بل المعطوف والمعطوف عليه مقصودان.
ولم يبق سوى المعطوف ب (بل) بعد الإثبات، نحو جاء زيد بل عمرو، فإنه مستقل بالقصد بالحكم فخرج بقوله:(بلا واسطة)2.
ص: وهو إما بدل كل، نحو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 3 أو بعض نحو:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 4 أو اشتمال نحو {قتالٍ فيه} 5
أو إضراب، نحو (ما كتب له نصفها ثلثها ربعها)6. أو نسيان أو غلط، كجاء زيد وعمرو7. والأحسن عطف هذه الثلاثة ب (بل) .
ش: لما فرغ من حدّ البدل أخذ يبين أقسامه، وجعلها ستة:
1 في (أ)(المستقبل) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج) .
2 أي فخرج المعطوف ب (بل) بعد الإثبات بقول المصنف في التعريف: (بلا واسطة) والواسطة هنا (بل) .
3 من الآية 7 من سورة الفاتحة. وقوله تعالى {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} لم يرد في (أ) ولا في الشذور.
4 من الآية 97 من سورة آل عمران.
5 من الآية 217 من سورة البقرة.
6 هذا جزء من حديث وسيأتي تخريجه والكلام عليه فيما بعد. وقوله: (ربعها) ساقط من (ب) وأثبته من (ج) والشذور ص 32.
7 بعده في شذور الذهب ص 32: (وهذا زيد حمار) ولم ترد في النسخ.
الأول: بدل الكل من الكل، وسماه ابن مالك المطابق1 نحو قوله تعالى:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 2 فإنه بدل كل من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} 3.
الثاني بدل البعض من الكل، سواء كان ذلك البعض نصفا أو أقل أو أكثر، على الصحيح4. نحو (أكلت الرغيف نصفه أو ثلثه أو ثلثيه) خلافا لمن زعم أنه لا يكون إلا فيما دون [88/ب] النصف5. نحو قوله تعالى:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 6
فإنه بدل بعض من (الناس) في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} 7.
1 ينظر شرح الكافية الشافية 3/1276.
وقد علل ابن مالك هذه التسمية بقوله: (وذكر المطابقة أولى لأنها عبارة صالحة لكل بدل يساوى المبدل منه في المعنى، بخلاف العبارة الأخرى فإنها لا تصدق إلا على ذي أجزاء، وذلك غير مشترط للإجماع على صحة البدلية في أسماء الله تعالى) .
2 من الآية 7 من سورة الفاتحة.
3 من الآية 6 من سورة الفاتحة.
4 وهو قول جمهور العلماء.
ينظر الكتاب 1/150- هارون وشرح المفصل 3/64 والتصريح 2/156.
5 وهو قول الكسائي وهشام من الكوفيين. ينظر التصريح 2/156.
6 من الآية 97 من سورة آل عمران.
7 من الآية 97 من سورة آل عمران.
الثالث: بدل الاشتمال، وهو ما صحّ الاستغناء عنه بالأول، وليس مطابقا ولا بعضا1 نحو قوله تعالى:{قِتَالٌ فِيهِ} 2. فإنه بدل اشتمال من {الشَّهْرُ الْحَرَامُ} في قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَام} .
الرابع: بدل الإضراب. وهو ما يقصده ذكر متبوعه كما تقدم ذكره3، ويسمى أيضا بدل البَداء4. نحو قوله عليه السلام:(ثلثها) إلى (عشرها) من حديث "إِنَّ الرجلَ ليصلي الصلاة وما كتب له نصفُها ثلثُها
…
إلى عشرها" 5. ف (ثلثها) وما بعده أبدال إضراب، و (نصفها) مبدل منه.
الخامس بدل النسيان وهو ما يقصد ذكر متبوعه أيضا، ولكن يتبين فساد قصده.
1 عرفه العلماء بأنه ما كان بينه وبين الأول ملابسة بغير الكلية والجزئية. ينظر شرح الحدود في النحو للفاكهي ص 265.
2 من الآية 217 من سورة البقرة. وكلمة (تعالى) ساقطة من (أ) في الموضع الثاني.
3 عند تعريف البدل في ص 785.
4 سمي بذلك لأن المتكلم بدا له ذكره، قصدا بعد ذكر الأول جاء في اللسان 14/66 (بدا) :(البداء استصواب شيء عُلم بعد أن لم يُعلم) .
وينظر أيضا شرح الكافية للرضي 1/340.
5 هذا الحديث لم أجده بهذا اللفظ، وإنما وجد في مسند أحمد عن عمار بن ياسر بلفظ " إن العبد ليصلي الصلاة، وما يُكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها ". مسند الإمام أحمد بن حنبل 4/321.
فهو حينئذ بدل عن لفظ، ذلك اللفظ ذُكر نسيانا كقولك: جاء زيد عمرو. فإنه يصح أن تكون1 قصدت ذكر (زيد) ثم تبين لك فساد هذا القصد، وأنه لم يجىء، وأن الجائي إنما هو عمرو، فذكرته2.
السادس: بدل الغلط. وهو ما لم يقصد ذكر متبوعه، ولكن سبق إليه اللسان.
فهو حينئذ بدل عن اللفظ الذي ذكر غلطا. ويصح أن يمثل له أيضا بنحو (جاء زيدٌ عمرو)3. بأن يكون إنما قصد4 الإخبار بالمجيء عن (عمرو) ولكن سبق اللسان إلى (زيد) 5.
وقوله (والأحسن) إلى آخره أي الأحسن في هذه الثلاثة الأخيرة، وهي بدل الإضراب وبدل النسيان وبدل الغلط، أن يعطف فيها التابع ب (بل) فيكون من عطف النسق6.
1 في (أ) : (يكون) بالياء، والمثبت من (ب) و (ج) .
2 في (ب) و (ج) : (فقد ذكرته) .
3 والفرق بينهما أن بدل الغلط متعلق باللسان، وبدل النسيان متعلق بالجنان.
ينظر التصريح 2/ 159.
4 في (ب) و (ج) : (بأن تكون إنما قصدت) .
5 قال العلماء: بدل الغلط لم يوجد في كلام العرب لا نثرا ولا نظما.
ينظر همع الهوامع 2/126.
6 تقول: أعطني ثوبا بل درهما، فيخرج من باب البدل إلى باب عطف النسق.
تنبيهات:
الأول: لابد في بدل البعض وبدل الاشتمال من ضمير عائد على المبدل منه1، وذلك الضمير إما مذكور، كما تقدم2، أو مقدر.
ففي بدل البعض كما في الآية السابقة {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} 3 أي منهم. وفي بدل الاشتمال كما في قوله [89/أ] تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ} 4: أي فيه.
وجعل ابن مالك5 اتصال الضمير بالمذكورين كثيرا، لا شرطا، واستدل بهاتين الآيتين.
الثاني: لابد في بدل الاشتمال6 من إمكان فهم معناه عند حذفه ومن حسن الكلام [على تقدير حذفه]7.
1 في (ج) : (يعود على المبدل منه) .
2 أي في الأمثلة المتقدّمة في ص 787.
3 من الآية 97 من سورة آل عمران.
4 الآيتان 4 و5 من سورة البروج.
5 شرح الكافية الشافية 3/ 1279، وقال فيه:(.... والصحيح عدم اشتراطه، ولكن وجوده أكثر من عدمه) .
6 كلمة (الاشتمال) ساقطة من (ج) .
7 في النسخ: (بتقدير كلامه) وهو تحريف، صوابه من توضيح المقاصد 3/248 وكذلك شرح الألفية لابن الناظم ص 555
ولأجل ذلك جُعل نحو (أعجبني زيد أخوه) بدَل إضراب1 إذ لا يصح الاستغناء عنه بالأول. وكذلك نحو (أسرجت زيدا فرسَه)2.
لأنه، وإن فهم معناه في الحذف فلا يحسن استعماله، بل لا يستعمل. وبتقدير أن يرد مثله فيحمل على الغلط3.
الثالث: زاد بعضهم4 في أقسام البدل بدل كل من بعض، كقول امرىء القيس:
176-
كأنّي غداةَ البينِ يومَ تحمَّلوا 5
…
.... ................ .... .....
1 لا بدل اشتمال، لأن الثاني لم يشتمل عليه الأول، ولأنه لو حذف الثاني، وقلت:(أعجبني زيد) لم يفهم معناه، فلا يصح، لأن الإعجاب لم يقع على (زيد) وإنما هو على (أخيه) . ينظر شرح القطر للفاكهي 2/253.
2 فيكون (فرسه) في قولك: (أسرجت زيدا فرسه) بدل غلط، لا بدل اشتمال.
3 قوله: (فيحمل على الغلط) أي على بدل الغلط.
4 ذكر العلماء هذا القول ولم ينسبوه لقائل. وقد اختار السيوطي هذا القول في همع الهوامع 2/127. فقال: (والمختار، خلافا للجمهور إثبات بدل الكل من البعض لوروده في الفصيح) .
5 صدر بيت من الطويل، وهو من معلقة امرىء القيس المشهورة وعجزه:
.... ..... .....
…
لدى سمرات الحي ناقف حنظل
البين: الفراق، سمرات جمع سمرة وهي شجرة الصمغ. والناقف: هو المستخرج حب الحنظل وهو شجر مر له حرارة تدمع العين.
ينظر ديوان امرىء القيس ص 9 وشرح القصائد الطوال للأنباري ص 23 وقد وورد البيت في مجالس ثعلب 1/82 والبسيط لابن أبي الربيع 1/393 وارتشاف الضرب 2/625 وتوضيح المقاصد 3/250 والعيني 4/201 وهمع الهوامع 2/127 وشرح الأشموني 3/126.
والشاهد قوله: (غداة البين يوم تحملوا) حيث أبدل (يوم تحملوا) من (غداة البين) بدل كل من بعض، لأن اليوم أعم من الغداة.
ونفاه الجمهور1، وتأوّلوا البيت 2.
ص: ويوافق متبوعه ويخالفه في الإظهار والتعريف وضدّيهما، لكن لا يبدل ظاهر من ضمير حاضر [إلا بدل بعض أو اشتمال، مطلقا، أو] 3 بدل كل إن أفاد4 الإحاطة.
ش: شرع في أحكام البدل. وقد علمت أنه من جملة التوابع، فيوافق متبوعه في واحد من أوجه الإعراب جزما5.
1 أي منع الجمهور مجيء بدل الكل من البعض. ينظر البسيط لابن أبي الربيع 1/393 وتوضيح المقاصد 3/250 والأشموني 3/126.
2 بتأويلات، منها أن (يوم تحملوا) يتعلق بالبين، لأنه بمعنى الفراق و (غداة) متعلق بما في (كأن) من التشبيه، وكذلك (لدى سمرات الحي) متعلق به أيضا.
ومن وجوه التأويل أيضا أن (يوما) هنا ليس اسما للوقت الممتد من الفجر إلى الغروب، ولكنه اسم للوقت مطلقا، طال أو قصر، وعلى هذا يكون بدل كل من كل، ومنها أيضا أن يكون على حذف مضاف، والتقدير (كأني غداة البين غداة يوم تحملوا) . فهو بدل كل من كل أيضا. ينظر شرح الأشموني 3/126.
3 سقطت هذه الجملة من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 32.
4 في النسخ: (بدل كل إلا إن أفاد) والمثبت من الشذور.
5 أي قطعا، بمعنى أنه يوافق متبوعه في أحد أوجه الإعراب يقينا.
وأما التعريف والتنكير فلا تلزم موافقته1 لمتبوعه فيهما.
فبدل المعرفة من المعرفة، نحو {الحَمِيدِ اللهِ} 2 في قراءة من جرّ3 والنكرة من النكرة نحو {مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً} 4. والمعرفة من النكرة نحو {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللهِ} 5. والنكرة من المعرفة نحو {بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} 6. هذا مذهب البصريين7، واشترط الكوفيون في بعض هذه الصور شروطا8 لا
1 في (أ) : (فلا يلزم موافقته) والمثبت من (ب) و (ج) .
2 من الآيتين 1 و2 من سورة إبراهيم. وقد جاءت في (أ) و (ب) : (الحمد لله) .ولا تصلح شاهدا لما نحن فيه، والمثبت من (ج) .
3 قراءة الجر هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بالرفع، على الابتداء. ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد 362 والتذكرة في القراءات 2/481 والنشر 2/298.
4 الآيتان 31، 32 من سورة النبأ.
5 من الآيتين 52، و53 من سورة الشورى.
6 الآيتان 15، 16 من سورة العلق.
7 نص على ذلك سيبويه في مواضع كثيرة من كتابه.
ينظر الكتاب 1/441 و2/9، 14، 15- هارون، والمقتضب 4/295 وشرح المفصل 3/68.
8 اشترط الكوفيون، ومعهم البغداديون والسهيلي، في النكرة المبدلة من المعرفة أن تكون موصوفة، ونُقل عن الكوفيين أيضا أنه لا يجوز إبدال النكرة من المعرفة إلا أن يكون بلفظ الأول. هكذا نقل بعض العلماء عن الكوفيين، ونصوص الكوفيين تخالف ذلك، فقد صرح الفراء، وابن خالويه بإطلاق ذلك دون تقييد.
ينظر معاني القرآن للفراء 3/279 وإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه ص 30 و140 ونتائج الفكر 298 والارتشاف 2/620 وتوضيح المقاصد 3/254.
نطيل بذكرها1.
وأما التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها، مالم يمنع مانع من التثنية أو الجمع. لكون أحدهما مصدرا2، نحو {مَفَازًا حَدَائِقَ} 3.
أو قصد التفصيل4، نحو:
177-
وكنْتُ كذِي رِجْلين رِجْلٍ صحيحةٍ
…
ورِجْلٍ رَمى فيها الزَّمانُ فشَلّتِ5
1 في (أ) : (لا نطول بذكرها) ، والمثبت من (ب) و (ج) .
2 لأن المصدر يصلح للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد.
3 من الآيتين 31، 32 من سورة النبأ.
و (مفازا) مصدر ميمي بمعنى (فوز) و (حدائق) جمع حديقة بدل منه المصدر. في 4 في (ب) : (أو يفيد التفصيل) .
5 البيت من الطويل، وهو من قصيدة لكثير عزة. ديوانه ص 99.
رمى فيها الزمان: كناية عن إصابتها ببليّة، شلّت: بطلت حركتها.
والبيت من شواهد سيبويه 1/433- هارون ومعاني القرآن للفراء1/192 ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1/87 والمقتضب 4/290 والجُمل للزجاجي 24 وشرح المفصل 3/68 وارتشاف الضرب 2/621 وتوضيح المقاصد 3/256 وشفاء العليل للسلسيلي 2/768 والعيني 4/ 04 2 والأشموني 3/128.
والشاهد إبدال المفرد من المثنى لأن هذا المفرد وهو (رجل صحيحة) قد عطف عليه (رجل) الثانية فوجب أن يؤتى باسمين، وهذا هو معنى التفصيل.
[89/ب] وإن كان غيره من أنواع البدل لم تلزم موافقته فيها1.
ويبدل الظاهر من الظاهر، كما تقدم. ويبدل المضمر من المضمر الموافق له2. ومن المُظهَر على رأي3 وخالف ابن مالك4 وجماعة5 في
1 فلا تشترط الموافقة فيها في بدل البعض وبدل الاشتمال وبدل الإضراب.
2 أي الموافق له في المحل، مثل قمت أنت ورأيتك إياك ومررت به به. هذا مذهب البصريين، وخصوا وجوب إعرابه بدلا بالضمير المنصوب فقط وعند الكوفيين وابن مالك أن المنصوب تأكيد لا بدل، كما هو الحال مع المرفوع والمجرور.
قال ابن مالك، مرجحا قول الكوفيين:(وقولهم عندي أصح من قول البصريين، لأن نسبة المنصوب المنفصل من المنصوب المتصل في نحو رأيتك إياك، كنسبة المرفوع المنفصل من المرفوع المتصل في نحو فعلت أنت، والمرفوع توكيد بإجماع فليكن المنصوب توكيدا ليجرى المتناسبان مجرى واحدا) . شرح التسهيل [187/ب] .
والمسألة في الكتاب 2/386 ومجالس ثعلب 1/133 و2/557 والتصريح 2/159.
3 هو رأي جمهور العلماء، حيث أجازوا إبدال الضمير من الظاهر، نحو رأيت زيدا إياه وقد نص عليه سيبويه والمبرد.
ينظر الكتاب 2/386- هارون والمقتضب 4/296 وشرح المفصل 3/70 وهمع الهوامع 2/128. وفي النسخة (ب) : (ومن المضمر على رأي) وهو تحريف.
4 في تسهيل الفوائد ص 172 وشرح عمدة الحافظ ص 585.
5 منهم الرضي في شرح الكافية 1/341 وابن هشام في أوضح المسالك 3/67.
ذلك، فمنعوا أن يقع الضمير بدلا1.
وأما إبدال الظاهر من المضمر ففيه تفصيل. وهو أن الضمير إن كان2 لغائب أبدل منه الظاهر مطلقا3، نحو (ضربته زيدا) ، وإن كان لحاضر أبدل منه4 بدل البعض، نحو قوله5:
178-
أوْعدني بالسجن والأداهم
…
رِجْلي فرِجلي شثنة المناسم6
وبدل7 الاشتمال، نحو:
1 مطلقا سواء أكان بدلا من الضمير أم من الظاهر، وأعربوا ما أوهم ذلك تأكيدا. ينظر شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 585.
2 ساقطة من (ج) .
3 أي بدل كل أو بعض أو اشتمال. ينظر التصريح 2/160.
4 أي أبدل الظاهر من الضمير.
5 زيادة من (ب) .
6 البيتان من الرجز، وهما للعديل بن الفرخ، وهو شاعر إسلامي وكان قد هجا الحجاج ثم هرب، منه إلى قيصر الروم.
الأداهم جمع أدهم وهو القيد، شثنة: غليظة خشنة، المناسم: جمع مَنْسِم، وهو طرف خف البعير، وقد استعاره الشاعر للإنسان. وفي (أ) :(ست المناسم) وهو تحريف.
والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/197 ومجالس ثعلب 1/227 وشرح المفصل 3/70 وشرح الكافية الشافية 3/1282 وتوضيح المقاصد 3/257 وشرح الألفية للمكودي 147 والعيني 4/190 والأشموني 3/129 والخزانة 5/188.
والشاهد إبدال الظاهر من الضمير وهو ياء المتكلم في (أوعدني) بدل بعض من كل.
7 في (ج) : (ومثال) .
179-
ذريني إن أمركِ لن يطاعا
…
وما ألفيتِني حلمي مضاعا1
وأما بدل الكل فإن أفاد معنى الإحاطة جاز، نحو (جئتم صغيركم وكبيركم)2. وإلا3 فمذهب جمهور البصريين المنع4.
تنبيه:
قوله: (يوافق متبوعه، ويخالفه
…
) إلى آخره بيّن به أن البدل والمبدل قد يتفقان في التعريف والتنكير، فتبدل المعرفة من المعرفة والنكرة من النكرة، وقد يختلفان في ذلك، فتبدل المعرفة من النكرة وعكسه. وكذا القول في الإظهار والإضمار.
وأما الإفراد وضدّه والتأنيث وضدّه فسكت عن ذكر الموافقة
1 البيت من الوافر،، وهو لعدي بن زيد العبادي، شاعر جاهلي، ينظر ديوانه ص 35 ولم يرد صدر البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
ألفيتني: وجدتني. وفي (ب) و (ج) : (حملي) وهو تحريف.
والبيت من شواهد سيبويه 1/156- هارون ومعاني القرآن للفراء2/73، 424 والأصول لابن السراج 2/51 وشرح المفصل 3/65 وشرح عمدة الحافظ 587 وارتشاف الضرب 2/623 وتوضيح المقاصد 3/258 والعيني 4/192 وهمع الهوامع 2/127 وخزانة الأدب 5/191.
والشاهد إبدال الاسم الظاهر، وهو (حلمي) من الضمير في (ألفيتني) بدل اشتمال.
2 ومنه قوله تعالى: {تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} .
3 أي وإن لم يفد معنى الإحاطة.
4 أي يمتنع عند جمهور البصريين إبدال الظاهر من الضمير، وأجاز ذلك الأخفش والكوفيون، واستدلوا عليه بأدلة من النثر والشعر.
فيها والمخالفة، لمّا كان حكمها يفهم من تقسيم البدل إلى الأقسام المتقدمة.
فإن منها ما اشتراطها1 فيه واضح، كبدل الكل، ما لم يمنع مانع كما تقدم، وبقية الأقسام عدم اشتراطها فيه واضح.
فإن بدل البعض، مثلا، قد يكون مفردا من جمع أو مثنى2، أو مؤنثا من كلٍّ مذكر3. وقس عليه4 وتأمل يتضح لك.
وقوله: (لكن..) إلى آخره أخرج به صورة لا يجوز فيها إبدال الظاهر من الضمير، وهي الصورة المتقدمة5. فاقتضى ذلك جواز المخالفة بينهما في جميع ما عداها من الصور، كما تقدم شرح ذلك. وهو صريح في مخالفة ابن مالك6.
ص: الخامس عطف النسق.
ش: الخامس من التوابع المعطوف عطف [90/أ] النسق. وحدُّه- كما قال
1 أي الموفقة.
2 مثل جاء الرجال أحدهم، وسلمت على المحمدين أحدهما.
3 كقولك: (ما أجمل زيدا يده) فاليد مؤنثة، وهي بدل بعض من (زيد) وهو مذكر.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/340.
4 في (ب) : (فقس) وكلمة (عليه) ساقطة من (ب) و (ج) .
5 وهي فيما إذا كان الظاهر بدل كل من كل ولم يفد الإحاطة.
6 وذلك لأن ابن مالك يمنع إبدال الضمير من الضمير أو من الظاهر، ويجعل ما يوهم ذلك تأكيدا لا بدلا كما ذكرت فيما سبق. أما ابن هشام فإنه أطلق في شذور الذهب جواز مخالفة البدل للمبدل منه ومن ذلك كون البدل ضميرا.
الشيخ في توضيح الألفية1-: تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف الآتي ذكرها 2.
فقوله: (تابع) جنس يدخل فيه الخمسة.
وقوله: (يتوسط) إلى آخره فصل مخرج لبقية التوابع.
فإن قيل: يرد على هذا الحد الجملة المقرونة ب (ثُم) المؤكد بها جملة أخرى، نحو قوله تعالى:{كَلاّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ} 3.
والصفة المعطوفة على صفة أخرى، كقوله:
180-
إلى المَلِك القَرْم وابنِ الهُمَام
…
وليثِ الكتيبَةِ في المُزدَحَم4
فإنه يصدق على هذين أن كلا منهما تابع متوسط بينه وبين متبوعه حرف العطف.
1 أوضح المسالك لابن هشام 3/37.
2 قوله: (الآتي ذكرها) ساقط من (ب) . وفي (ج) : (التي ذكرها) .
3 الآيتان 4، 5 من سورة النبأ. وعبارة (قوله تعالى) ساقطة من (ب) و (ج) .
4 البيت من المتقارب، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه.
القرم: السيد، الهمام: العظيم الهمّة، الكتيبة: جماعة من الجيش. المزدحم: المعركة.
والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/105، 2/58. والكشاف 1/23، والإنصاف 2/469، وشرح الكافية للرضي 1/319، وقطر الندى ص 295 وخزانة الأدب 1/451.
والشاهد فيه عطف الصفات بعضها على بعض بالواو.
فالجواب أن المراد بقوله: (يتوسط) أي في الإتباع1 فتبعية2 الثاني للأول في عطف النسق بواسطة الحرف فهو3 مُتْبع، ولا كذلك (ثم) في المثال الأول والواو في المثال الثاني، فانهما ليسا بمُتْبِعَين، إذ التبعية حاصلة في التوكيد ولو لم يكن حرف وكذلك في النعت4.
وإطلاق العاطف على هذين5 إطلاق مجازي. والله أعلم.
ص: وهو بالواو لمطلق الجمع، وبالفاء للجمع والترتيب والتعقيب وبثم للجمع والترتيب والمهلة وب (حتى) للجمع والغاية.
ش: أحرف العطف على ثلاثة أقسام: ما يشرك6 في اللفظ والمعنى من غير شرط، وما يشرك فيهما بشرط، وما يشرك في اللفظ فقط. والكلام الآن على القسم الأول، وهو أربعة حروف:
الأول: الواو، وهي لمطلق الجمع، فيعطف الشيء على مصاحبه نحو {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} 7. وعلى سابقه نحو {ولقَدْ أرْسَلنا نُوحاً
1 كلمة (في) ساقطة من (ج) . ومراده أن حرف العطف يتبع ما بعده لما قبله.
2 في (أ) و (ب) : (بتبعية) والمثبت من (ج) وهو المناسب للسياق.
3 أي حرف العطف في باب العطف.
4 وهذا الجواب الذي ذكره الجوجري جواب بديع، لم أجده في كتاب آخر.
5 وهما جملة التأكيد المعطوفة على جملة سابقة والصفة المعطوفة على صفة أخرى.
6 في (ب) و (ج) : (ما يشترك) في هذا الموضع وما بعده.
7 من الآية 15 من سورة العنكبوت.
وإبرَاهيمَ} 1 وعلى لاحقه نحو {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} 2. ووقع في شرح المصنف التمثيل لهذا بقوله: {ولقَدْ أرْسَلنا نوحاً وإبرَاهِيمَ} 3 وهو سبق قلم4.
وقال ابن مالك5: (وكونها6 للمعية راجح [90/ب] وللترتيب كثير، ولعكسه قليل) .
وقال الشيخ في المغني7: (وقول8 بعضهم9: إنها للجمع المطلق10
1 من الآية 26 من سورة الحديد. وقد جاءت الآية في (ج) : {ولقد أرسلنا نوحا} .
2 من الآية 3 من سورة الشورى.
3 من الآية 26 من سورة الحديد.
4 لم يقع هذا في شرح الشذور لابن هشام، بل لم تذكر هذه الآية في شرح الشذور أصلا، وإنما ذكرها ابن هشام في أوضح المسالك 3/39 مثالا لعطف المتأخر في الحكم، وهو صحيح.
5 تسهيل الفوائد ص 174، ونص عبارته:(وتنفرد الواو بكون متبعها في الحكم محتملا للمعية برجحان وللتأخر بكثرة وللتقدم بقلة) .
وقوله: (قال ابن مالك) ساقط من (ج) .
6 أي واو العطف.
7 مغني اللبيب 464.
8 في (ج) : (وقال) .
9 قال ذلك ابن الحاجب في الكافية 225.
10 الذي في مغني اللبيب (إن معناها الجمع المطلق) .
غير سديد، لتقييد الجمع بقيد الإطلاق، وإنما هي للجمع لا بقيد) .
الثاني: الفاء، وهي للجمع بين المتعاطفين في الحكم، وترتيب المعطوف على المعطوف عليه والتعقيب. وهو في كل شيء بحسبه1، نحو قوله تعالى:{ثُم َّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} 2 وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً} 3، وتقول: دخلت البصرة فبغداد، وتزوج فلان فولد له. ونحو ذلك. وتقتضي السببية كثيرا إن كان المعطوف جملة، نحو قوله تعالى:{فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} 4.
الثالث: (ثُمّ) وهي كالفاء في إفادة الجمع والترتيب، لكن تخالفها في أنها للمهلة، أي التراخي، نحو قوله تعالى:{ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} 5.
وذكر في التسهيل6 أن (ثُمّ) قد توضع موضع الفاء، كما توضع الفاء موضع (ثم) . فمن الأول قوله:
1 يعني أن التعقيب في كل شيء بحسب ما هو معهود فيه، فإذا قيل: تزوج فلان فولد له، فإنه يكون في ذلك تعقيب إذا لم يفصل بين الزواج ومجيء الولد أكثر من مدة الحمل، فهذا تعقيب بالمعنى المراد وإن كانت الفترة بين الأمرين طويلة.
2 من الآية 21 من سورة عبس.
3 من الآية 63 من سورة الحج.
4 من الآية 15 من سورة القصص.
5 الآية 22 من سورة عبس.
6 تسهيل الفوائد ص 175، وفيه (
…
وقد تقع موقع ثم، وثم موقعها) .
181-
كهزّ الرّديني تحت العجاج
…
جرى في الأنابيب ثم اضطرب1
ومن الثاني قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} 2 في أحد الأقوال3.
الرابع (حتى) وهي للجمع أيضا وللغاية4 أي أنها تفيد كون المعطوف بها غاية لما قبله، إما في زيادة أو نقص، وكل منهما حسّي ومعنوي.
1 البيت من المتقارب، من قصيدة لأبي دؤاد الإيادي وقد وردت في ديوان حميد بن ثور. ديوان أبي دؤاد ص 292.
الرديني: الرمح، نسبة لردينة، الأنابيب جمع أنبوبة وهي قصبة الرمح.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [195 /ب] وشرح الألفية لابن الناظم ص 525 وارتشاف الضرب 2/638 وتوضيح المقاصد 3/197 ومغني اللبيب 160 والمساعد لابن عقيل 2/449 والعيني 4/131 والتصريح 2/140 وهمع الهوامع 2/131 والأشموني 3/ 94.
والشاهد وقوع (ثم) موقع الفاء، لأن الجري في الأنابيب يعقبه الاضطراب بلا تراخ
2 الآية 5 من سورة الأعلى.
3 وهو على أنّ (أحوى) بمعنى أسود صفة (غثاء) فتكون الفاء هنا بمعنى (ثم) .
وفي الآية قول آخر، وهو إعراب (أحوى) حالا من (المرعى) على التقديم والتأخير، والفاء هنا على أصلها. لأنها حينئذ للتعقيب، والأصل:(والذي أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء) وإنما أخر (أحوى) لتناسب الفواصل.
ينظر الكشاف 4/ 204 والبحر المحيط 8/458.
4 ينظر الكلام على (حتى) في مغني اللبيب ص 166 وما بعدها والتصريح 2/141.
فالزيادة الحسية، نحو (فلان يهب1 الأعداد الكثيرة حتى الألوف) . والمعنوية نحو2 (مات الناس حتى الأنبياء) .
والنقص الحسي، نحو (المؤمن يُجزى بالحسنات حتى مثقال3 الذرة) . والمعنوي نحو4 (غلبك5 الناس حتى الصبيان) .
ص: وبأمْ المتصلة، وهي المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة يُطلب بها وبأم التعيين، وهي في غير ذلك منقطعة مختصة بالجمل، ومرادفة لبلْ، وقد تضمّن مع ذلك معنى الهمزة، وبأو بعد الطلب للتخيير أو للإباحة، وبعد الخبر للشك أو للتشكيك أو للتقسيم.
ش: هذا هو [91/أ] القسم الثاني، وهو ما يشرك بين المتعاطفين في اللفظ والمعنى، بشرط ألا يقتضي إضرابا6، وهو حرفان:
الأول (أمْ) وهي نوعان، متصلة ومنقطعة7.
النوع الأول المتصلة، وهي إما أن تكون مسبوقة بهمزة التسوية وهي8
1 في (ب) و (ج) : (يحب) .
2 ساقطة من (ب) و (ج) .
3 في (ب) و (ج) : (مثاقيل) .
4 ساقطة من (ب) و (ج) .
5 في (ب) و (ج) : (عليك) .
6 في (ب) و (ج) : (إعرابا) وهو تحريف.
7 تفصيل القول على أنواع (أم) في الأمالي الشجرية 1/333 ومغني اللبيب ص 61.
8 أي همزة التسوية.
الداخلة على جملة في محل المصدر، وتكون تلك الجملة هي والجملة المعطوفة عليها فعليتين، نحو {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} 1. أو اسميتين، نحو قوله:
182-
ولست أبالي بعد فقْدي مالكا
أموتي ناء أم هو الآن واقع2
أو مختلفتين3، نحو {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} 4.
وإما: أن تكون مسبوقة بهمزة يطلب بها وبأم التعيين نحو قوله تعالى:
1 من الآية 6 من سورة البقرة وقوله: (لايؤمنون) لم يرد في (أ) و (ب) .
2 البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة من قصيدة يرثى بها أخاه مالكا.
ينظر ديوان متمم بن نويرة ص 105.
وهو من شواهد شرح الكافية الشافية 3/1214 وشرح الألفية لابن الناظم 528 وارتشاف الضرب 2/ 653 ومغني اللبيب ص 61 والعيني 4/136 والتصريح 2/142 وهمع الهوامع 2/ 132 والأشموني 3/ 99.
والشاهد فيه وقوع (أم) المتصلة بين جملتين اسميتين. ويدل البيت على أن همزة التسوية لا يلزم أن تقع بعد لفظة (سواء) بل كما تقع بعدها تقع بعد (ما أبالي) و (ما أدري) و (ليت شعري) ونحو ذلك..
3 في (أ) : (أو مختلفين) والمثبت من (ب) و (ج) .
4 من الآية 193 من سورة الأعراف.
وهي شاهد على استعمال المتصلة واقعة بين جملتين مختلفتين اسمية وفعلية.
{أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} 1. والفرق بينهما2 من أربعة أوجه3:
الأول: الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق4 جوابا، لأن المعنى فيها ليس على الاستفهام.
والثاني: أن الكلام معها5 للتصديق والتكذيب، لأنه خبر.
الثالث: أنها لا تقع إلا بين6 جملتين.
الرابع: أن الجملتين معها في تأويل المصدر. بخلاف التي يطلب بها وبأم التعيين، فإنها تطلب جوابا، ولا يحتمل معها الجواب تكذيبا ولا تصديقا، وتقع بين مفردين وبين جملتين ليستا في تأويل المصدر.
وإنما سميت (أم) في هذين الموضعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها7 لا يستغنى بأحدهما عن الآخر8.
1 الآية 27 من سورة النازعات. وقد جاءت في (أ) : (أنتم أشد) وهو خطأ.
2 أي بين همزة التسوية والهمزة التي يطلب بها وبأم التعيين.
3 تنظر هذه الفروق في مغني اللبيب ص 61.
4 في (أ) : (ولا تسحق) ، والمثبت من (ب) ر (ج) .
5 أي مع (أم) الواقعة بعد همزة التسوية، والكلام في الأوجه الأربعة منصب على (أم) الواقعة بعد همزة التسوية.
6 في (ب) و (ج) : (بعد) .
7 في (ب) و (ج) : (لكون ما بعدها وما قبلها) .
8وتسمى أيضا المعادلة لمعادلتها للهمزة في إفادة التسوية في النوع الأول، وفي إفادة الاستفهام في النوع الثاني. ينظر مغني اللبيب ص 61.
الثاني: المنقطعة، وهي الخالية من ذلك. وهي مختصة بالجمل، فلا تدخل على مفرد، لكن الجملة بعدها قد يكون جزآها مفردين، وقد يكون أحدهما مذكورا والآخر مقدرا1، كما سيأتي في قوله:(إنها لإبل أم شاء) . ولا يفارقها معنى الإضراب، وهذا معنى قوله:(ومرادفة لِبَلْ) فتفيده2 إما مجردا عن إفادتها الاستفهام نحوُ {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّور} 3 أي بل هل تستوي4. فليس مفاد (أم) هنا سوى الإضراب، إذ لا يدخل استفهام على استفهام. وإما5 [91/ب] مع إفادتها الاستفهام.
وهو إما حقيقي، نحو (إنها لإبل أم شاء) 6 أي بل أهي شاء7.
أو إنكاري، نحو {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} 8. أي بل آتخذ9؟
1في (ج) : (مقدّر) .
2أي الإضراب. و (أم) المنقطعة ليست من حروف العطف.
3من الآية 16 من سورة الرعد. وقوله: (والنور) لم يرد في (أ) .
4 قوله: (تستوي) زيادة من (ج) .
5 قوله: (استفهام (وإما) غير واضح في (أ) ، والمثبت من (ب) و (ج) .
6 هذا من أقوال العرب. ينظر الكتاب 3/172.
7 في (ب) : إنها لإبل شاء أي هي بل شاء) وهو تحريف.
8 من الآية 16 من سورة الزخرف.
(3)
تنظر معاني (أو) في الجنى الداني 227- 232 ومغني اللبيب 87- 95.
9 فيكون التقدير (بل آتخذ بنات؟) على الاستفهام الإنكاري، وقوله:(أي بل آتخذ) ساقط من (ب) و (ج) .
لئلا يلزم الإخبار باتخاذ البنات، وهو مُحال.
وسميت هذه منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين.
الحرف الثاني (أو)1. وتقع تارة بعد الطلب، وتارة بعد الخبر.
ومعناها بعد الأول2 إما التخيير، نحو تزوّج زينب أو أختها. ويمتنع معه الجمع. وإما الإباحة، نحو جالس العلماء أو الزهاد، ويجوز معه الجمع.
وبعد الثاني3 الشك، نحو {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} 4 أو الإبهام من المتكلم على السامع، نحو قوله تعالى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 5 وهو المراد بقوله: (أو التشكيك) .
والتقسيم نحو6 الكلمة اسم أو فعل أو حرف.
وذكر ابن مالك7 أن الواو في مثل هذا أجود من (أو)
1 ينظر معاني (أو) في الجنى الداني 227-232 ومغني اللبيب 87-95.
2 وهو الطلب.
3 وهو الخبر.
4 من الآية 19 من سورة الكهف، ومن الآية 113 من سورة (المؤمنون) .
5 من الآية 24 من سورة سبأ.
6 في (أ) : (وللتقسيم) وكلمة (نحو) ساقطة من (ج) والمثبت من (ب) .
7 ينظر شرح التسهيل لابن مالك [ق 196/ ب] .
ولم يُذكر في شرح المصنف1 ولا في شرح الزوائد2 مجيئها للتقسيم، مع كونه مذكورا في المتن3.
وقد تأتي4 للإضراب، على خلاف فيه5. ومُثّل له6 بقوله تعالى:{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 7 أي بل يزيدون.
ص: وب (بل) بعد النفي أو النهي لتقرير متلوّها وإثبات نقيضه لتاليها، ك (لكنْ) وبعد الإثبات والأمر لنقل حكم ما قبلها لما بعدها. وب (لا) للنفي.
1 وهو شرح شذور الذهب لابن هشام.
2 وهو شرح الصدور بشرح زوائد الشذور لابن عبد الدايم البرماوي، وإنما ذكره الشارح لأن البرماوي التزم في كتابه هذا أن يشرح ما ذكره ابن هشام في الشذور ولم يذكره في شرحه على الشذور، لكنه لم يشرح هذه الكلمة وهي (التقسيم) في كتابه مع ورودها في شذور الذهب.
3 أي متن شذور الذهب، ص 29.
4 أي (أو) .
5 حاصل هذا الخلاف أن الكوفيين أجازوا أن تأتي (أو) للإضراب بمعنى (بل) ووافقهم عليه أبو علي الفارسي وابن برهان وابن مالك، وأن البصريين منعوا أن تكون (أو) للإضراب إلا بعد النهي أو النفي. ينظر في هذه المسألة الكتاب 3/188 ومعاني القرآن للفراء 2/393 والمقتضب 3/304 ومجالس ثعلب 1/112 وشرح اللمع لابن برهان 1/247 والإنصاف 2/478 وتسهيل الفوائد 176 وشرح الأشموني 3/106.
6 بعده في (أ) : (من إليه) ، ولعل مراده من ذهب إليه، ولم يرد ذلك في (ب) و (ج) .
7 الآية 147 من سورة الصافات.
ش: هذا هو القسم الثالث من أقسام حروف العطف1 فمنه (بل) .
ويعطف بها بعد النفي والنهي، وبعد الإثبات والأمر.
فأما العطف بها بعد النفي فنحو ما جاء زيد بل عمرو.
وبعد النهي فنحو لا يقم زيد بل عمرو.
وتفيد حينئذ مع كل منهما تقرير حكم ما قبلها. وهو الذي عبّر عنه الشيخ بمتلوّها، وإثبات نقيضه لما بعدها2، وهو الذي عبّر عنه الشيخ ب (تاليها) .
وقوله: (كلكِنْ) أي أن (بل) فيما ذكر3 مثل (لكنْ) والمعنى أن (لكن) إذا جاءت بعد نفي أو نهي فإنها تفيد تقرير حكم ما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها. نحو قولك4: (ما جاء زيد لكن عمرو) ، و (لا تضرب زيدا [92/أ] لكن عمرا) .
فيستفاد من ذلك تقرير عدم المجيء وعدم الضرب لزيد وإثباتهما لعمرو.
وأما العطف بها5 بعد الإثبات فنحو (جاء زيد بل عمرو)6.
1 وهو ما يشترك فيه المعطوف والمعطوف عليه في اللفظ فقط أي الإعراب.
2 من قوله: (وهو الذي عبر عنه) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
3 قوله (فيما ذكر) ساقط من (ب) .
4 ساقط من (ج) .
5 أي العطف ب (بل) .
6 العطف ب (بل) بعد الإثبات مذهب البصريين ومنع ذلك الكوفيون.
ينظر الكتاب 1/439- والإيضاح العضدي ص 297 والارتشاف 2/644.
وبعد الأمر فنحو اضْرب زيدا بل عمرا.
وتفيد حينئذ نقل حكم ما قبلها، وهو المجيء في المثال الأول عن (زيد) وإثباته ل (عمرو) . وفي المثال الثاني لإزالة الأمر بضرب (زيد) وإثبات الأمر بضرب (عمرو) ويصير (زيد) في المثالين كأنه مسكوت عنه.
ومنه1 (لا) وتفيد نفي الحكم عن معطوفها. لأنه يعطف بها بعد الإثبات، نحو جاء زيد لا عمرو، وبعد الأمر، نحو (اضرب زيدا لا عمرا) وبعد النداء، على الأصح2، نحو (يا ابنَ أخي لا ابنَ عمّي) .
تنبيهات:
الأول: ظاهر كلام المصنف3 أن (لكنْ) ليست عاطفة لأنه ذكرها على وجه التشبيه بها في إفادة معناها، ولو أراد أنها عاطفة4 لقال:
1 أي من القسم الثالث من أقسام حروف العطف.
2 وهو مذهب سيبويه وجمهور العلماء. فقد قال في الكتاب 2/186: (تقول: (يا زيد وعمرو) ليس إلا لأنهما قد اشتركا في النداء في قوله: (يا) وكذلك يازيد وعبد الله ويازيد لا عمرو) فقد مثل للعطف بلا بعد النداء.
وزعم ابن سعدان، من الكوفيين، أن العطف بلا على منادى ليس من كلام العرب.
ينظر ارتشاف الضرب 2/645 وهمع الهوامع 2/137.
3 قوله (ظاهر كلام المصنف) ساقط من (ج) .
4 كلمة (عاطفة) ساقطة من (ج) .
وب (لكن) كما في أختيها1.
ويحتمل أنه أراد أن (بل) ك (لكن) في العطف والمعنى2، وعدُّه في الشرح3 لها من أدوات العطف يرجح هذا الاحتمال.
وكونها عاطفة هو مذهب أكثر النحويين4.
ومذهب يونس5 أنها ليست عاطفة6.
الثاني: يؤخذ من قوله: (وبلا للنفي) أنها لابد أن تسبق بإيجاب أو أمر، حتى يصح نفيه بها7.
وسكت الشيخ عن ذكر شروط أخرى في (لا) و (لكن) لكونها مختلفا فيها8.
1 وهما (بل) و (لا) وقد تقدم قوله فيهما ص 810.
2 هذا هو الراجح من مراد ابن هشام وقد عدها عاطفة في أكثر مؤلفاته.
ينظر أوضح المسالك 3/55 ومغني اللبيب 385 وشرح اللمحة البدرية 2/320.
3 شرح شذور الذهب لابن هشام ص 447.
4 ومنهم سيبويه وأصحابه والكوفيون.
ينظر الكتاب 1/435- هارون والمقتضب 12/1 ومعاني القرآن للفراء 1/465 وارتشاف الضرب 2/ 629 والتصريح2/146.
5 في (ج) : (يوسف) وهو تصحيف، إذ المراد يونس بن حبيب الضبي، وقد تقدمت ترجمته. مذهبه هذا في ارتشاف الضرب 2/ 629 وشرح الأشموني 3/91. ووافقه ابن مالك في التسهيل ص 174.
6 من قوله: (هو مذهب أكثر النحويين) إلى هنا ساقط من (ب) .
7 ولا يصح أن تسبق (لا) بنفي، لأن نفي النفي إثبات، وذلك يخرجها عن معناها.
8 من هذه الشروط في (لا) ما اشترطه الزجاجي وهو ألاّ يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض، نحو جاءني زيد لا عمرو، وقد خالفه العلماء في ذلك وردوا عليه، ومنها ما اشترطه السهيلي وهو وجوب تعاند معطوفيها، فلا يجوز جاءني رجل لا زيد. ومنها ما اشترطه الأكثرون في (لكن) وهو أن لا تقترن بالواو.
ينظر في ذلك حروف المعاني للزجاجي ص 8، 31 ونتائج الفكر للسهيلي ص 258 ومغني اللبيب ص 318 والتصريح 2/147 والأشموني 3/111.
الثالث: يجوز حذف المعطوف عليه ب (لا) نحو جئتك لا لتضرني1. أي جئتك لتنفعني لا لتضرني2.
الرابع: جوّز المبرد3 في (بل) بعد النفي والنهي أن تكون ناقلة معناهما لما بعدها.
فإذا قلت: ما جاء زيد بل عمرو، يكون معناه (بل ما جاء عمرو) وهو مخالف للجمهور4 في ذلك.
1 في (ب) : (جئت لا تضرني)، وفي (ج) :(جئتك لتضربني) .
2 في (أ) و (ج) : (لتضربني)، العبارة في (ب) :(من نحو جئت لتنفعني لا تضرني) .
3 جاء في المقتضب 1/12 (ومنها (بل) ومعناها الإضراب عن الأول والإثبات للثاني نحو قولك: ضربت زيدا بل عمرا وجاءني عبد الله بل أخوه وما جاءني رجل بل امرأة) . فالمثال الأخير على كلام المبرد معناه (بل جاءتني امرأة) لقوله: والإثبات للثاني، أي إثبات ما كان منفيا، وإن أريد إثبات هذا المضرب عنه يكون المعنى (بل ما جاءتني امرأة) وهذا يحتمل الأمرين من المبرد.
4 مذهب الجمهور أن (بل) بعد النفي والنهي تكون لتقرير ما قبلها على حالته وإثبات ضده لما بعدها. والمبرد وافقهم على ذلك، وأجاز القول الآخر على زعم بعضهم. ينظر شرح المفصل 8/105 والتصريح 2/148 وهمع الهوامع 2/136.
وحجتهم عليه امتناع النصب في نحو (ما زيد قائما بل قاعد) عند جميع العرب1 فما ذكره مخالف لاستعمالهم2.
ص: ولا يعطف غالبا على ضمير رفع متصل، ولا يؤكد بالنفس أو [92/ب] العين إلا بعد توكيده بمنفصل، أو بعد3 فاصل ما، ولا على ضمير خفض إلا بإعادة الخافض.
ش: لما فرغ من ذكر حروف العطف شرع يذكر أحكاما تتعلق بالباب.
منها أنه لا يعطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد توكيده بمنفصل، نحو قوله تعالى:{لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم} 4 أو بعد وجود أيّ فاصل كان، نحو قوله تعالى:{مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا} 5 للفصل ب (لا) .
وقوله: (غالبا) أيضا إشارة إلى أنه قد ورد العطف عليه من غير فصل6 نحو قول الشاعر:
1 لأن (ما) لا تعمل إلا في منفي، فيجب الرفع هنا على تقدير (هو قاعد) .
2الرد على هذا القول المنسوب للمبرد والأدلة على ذلك في شرح الكافية الشافية 3/1234 وشرح الألفية لابن الناظم ص 540 والتصريح 2/148.
3 ساقطة من (ب) و (ج) .
4 من الآية 54 من سورة الأنبياء.
5 من الآية 148 من سورة الأنعام.
6 وهو جائز، لكنه قليل. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1244.
183-
..... .....
…
ما لم يكن وأبٌ له لينا لا 1
وقول بعض العرب: (مررْتُ برجلٍ سَواءٍ والعَدَمُ) 2 أي مستو هو والعدم3.
وفي قوله: (غالبا) أيضا إشارة إلى أنه، ولو كان قليلا فهو مطرد4.
وقوله: (ضمير) فيه احتراز عن الظاهر، فيعطف عليه بلاشرط5.
وقوله: (رفع) احترز به عن ضمير النصب، فهو كالظاهر6 وعن ضمير الجر، فإنه سيذكر حكمه.
1 عجز بيت من الكامل، وهو من قصيدة لجرير بن عطية في هجاء الأخطل وصدره:
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه
…
..... ..... .....
ينظر ديوان جرير 1/57. وقد ورد البيت في الإنصاف 2/476 والمقرب 1/234 وشرح الكافية الشافية 3/1245 وشرح الألفية لابن الناظم 543 والعيني 4/160 والتصريح 2/151 وهمع 2/138 وشرح الأشموني 3/114.
والشاهد فيه قوله: (ما لم يكن وأب) حيث عطف (أبا) على الضمير المستتر في (يكن) دون فصل.
2 حكاه سيبويه في الكتاب 2/31هارون، ولكنه قال:(هو قبيح حتى تقول وهو والعدم) .
3 فقد عطف (العدم) على ضمير الرفع في (سواء) دون فصل أو توكيد.
4 عند الكوفيين وبعض البصريين، أما جمهور البصريين فيرون أنه غير مطرد.
ينظر الكتاب 2/31- هارون والإنصاف 2/474 وهمع الهوامع 2/138
5 فتقول: جاء زيد وعمرو.
6 فيعطف عليه بلا شرط، نحو رأيتك وزيدا.
وقوله: (متصل) احترز به عن المنفصل1، فيعطف عليه بلا شرط2.
ومنها3 أنه لا يؤكد هذا الضمير4 بالنفس والعين إلا بعد أن يؤكد بضمير منفصل5.
وقد يقال: إن قوله: (غالبا) راجع لمسألتي العطف والتوكيد، وقد تقدم الكلام عليه في العطف6.
وأما في مسألة التوكيد فقد صرّح بتقييدها به في التسهيل7. وهو يفيد أنه قد يؤكد بالنفس أو بالعين من غير توكيد بمنفصل وهو ما صرّح به الأخفش، حيث قال: إنه يجوز، على ضعف (قاموا أنفسُهم) 8، واقتضته عبارة الفارسي حيث قال: (لا يحسن
…
) 9.
وظاهر قوله: (أو بعد فاصل) أنه أيضا راجع للمسألتين فيقتضي
1 في (ج) : (عن ضمير المنفصل) .
2 وذلك مثل ما جاء إلا أنا وزيد.
3 أي ومن تلك الأحكام التي تتعلق بباب العطف.
4 وهو الضمير المرفوع المتصل.
5 كقولك: قوموا أنتم أنفسكم، والرجال جاؤوا هم أعينهم.
6 سبق ذلك في ص 814.
7 قال ابن مالك في التسهيل ص 164: (ولا يؤكد بهما، غالبا ضمير رفع متصل إلا بعد توكيده بمنفصل. وقوله: (به) ساقط من. ب) و (ج) .
8 ورد قول الأخفش هذا في كتابه (المسائل) وهو مفقود ذكر ذلك المرادي في توضيح المقاصد 3/171.
9 وردت عبارة الفارسي هذه في كتابه (الإيضاح العضدي) ص 284 حيث قال: لو قلت: جاؤوني أنفسهم لم يحسن حتى تؤكد فتقول: جاؤوني هم أنفسهم..)
جواز (قوموا – يا زيدون- أنفسكم) 1، لوجود الفصل بالنداء2.
ومنها أن العطف على الضمير المخفوض لابد فيه من إعادة الخافض، نحو (زيد مررت به وبعمرو) و (أنا [93/أ] صاحبك وصاحب عمرو)3.
وقد يقال: إن قوله: (غالبا) قيد في هذه المسألة أيضا، فيجوز العطف عليه من غير إعادة الجارّ.
وهو4، على هذا موافق ليونس5 والأخفش6 والكوفيين7 واختيار8 الشلوبين9 وابن مالك10.
1 في (ب) و (ج) : (قاموا- يا زيدون- أنفسهم) .
2 وقد ذكر العلماء أنه إذا فصل بين الضمير المرفوع المتصل والتأكيد بأي فاصل فلا يجب تأكيده بضمير منفصل. ينظر ارتشاف الضرب 2/608.
3 الخافض هنا هو (صاحب) لأنه مضاف، وهو العامل في المضاف إليه، فلذلك وجبت إعادته.
4 أي ابن هشام. وقد اختار هذا المذهب أيضا في أوضح المسالك 3/ 61.
5 ينظر التسهيل ص 178 والتصريح 2/151.
6 ينظر معاني القرآن للأخفش 1/224 وهمع الهوامع 2/139.
7 ينظر مذهب الكوفيين في معاني القرآن للفراء 2/86 والإنصاف 2/463 وشرح الكافية للرضي 1/320.
8 في (ج) : (واختار) .
9 لم أجد قوله هذا في التوطئة لكن نسبه له كثير من العلماء. ينظر شرح عمدة الحافظ ص 665 وارتشاف الضرب 2/658 وتوضيح المقاصد 3/231.
10 اختار ابن مالك هذا المذهب في جميع مصنفاته النحوية.
ينظر تسهيل الفوائد ص 177 وشرح التسهيل [198/ ب] وشرح الكافية الشافية 3/1246 وشرح عمدة الحافظ 659. وقد ذكر ابن مالك ثلاثة عشر دليلا على صحة استعمال ذلك.
ومذهب جمهور البصريين1 أن إعادة الجار لازمة إلا في الضرورة.
واستدل الأولون2 بقوله تعالى: {تَسَاءَلونَ بِهِ والأرْحَامِِ} 3 بالخفض4 في قراءة حمزة5، عطفا على الضمير المجرور في (به) . وبقول الشاعر:
1 ينظر الكتاب 2/381 والمقتضب 4/152 وشرح المفصل 3/77 والتصريح 2/151 وهمع الهوامع 2/139 والأشموني 3/114.
2 وهم الكوفيون ويونس والأخفش. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1246 وما بعدها.
3 من الآية 1 من سورة النساء.
4 قوله: (بالخفض) ساقط من (ج) .
5 هو حمزة بن حبيب الزيات التيمي، مولاهم، وقيل: من صميمهم أحد القراء السبعة. ولد سنة 80 هـ، أخذ القراءة عرضا عن سليمان الأعمش وحمران بن أعين وأبي إسحاق السبيعي وطلحة بن مصرف وغيرهم. وأخذ عنه إبراهيم بن أدهم وسليم بن عيسى والكسائي وغيرهم. توفي سنة 156، وقيل:154. وقد أطال ابن الجزري في ترجمته.
ينظر التيسير للداني ص 6 وغاية النهاية 1/ 161.وقراءة حمزة هذه في السبعة لابن مجاهد ص 226 والنشر 2/247 وإتحاف فضلاء البشر 185.
وبقراءة الجر قرأ أيضا النخعي وقتادة وعن الأعمش. ينظر البحر المحيط 3/157.
84-
فاليومَ قد جئْتَ تُؤذينَا وتَشتُمُنا
…
فَاذْهبْ فمَا بكَ والأيَّامِ من عَجبِ1
عطفا على الضمير المجرور في (بك) .
وقول العرب، فيما حكاه قطرب:(ما فيها غيرُه وفَرَسِه)2.
ص: [فصل] 3 وإذا أتبع المنادى ببدل أو نسق مجرد من (أل) فهو كالمنادى المستقل مطلقا. وتابع المنادى المبني غيرهما يرفع أو ينصب، إلا تابع (أيّ) فيرفع، وإلا تابع المضاف المجرد من (أل) فينصب، كتابع المعرَب
1 البيت من البسيط ولم يرد صدره في (أ) و (ج) وأثبته من (ب)، والمعروف صدره كذا:
فاليوم قرّ بت تهجونا وتشتمنا
…
..... ..... .....
وفي (ب) : (من عدم) بدل (من عجب) .
ولم يعرف قائله، وهو من أبيات سيبويه المجهولة القائل.
ينظر الكتاب 2/383- هارون والأصول 2/119 والإنصاف 2/464 وشرح المفصل 3/78 والمقرب 1/234 وضرائر الشعر ص 147 وشرح الكافية الشافية 3/1250 والبحر المحيط 3/158 وشرح الألفية لابن الناظم 545 والعيني 4/163 وهمع الهوامع 2/139 والأشموني 3/15 وخزانة الأدب 5/123.
والشاهد عطف الأيام على الضمير المجرور في (بك) دون إعادة الجارّ.
2 لم أجد هذا القول في كتب قطرب المطبوعة. وقد ورد منسوبا إليه في شرح الكافية الشافية لابن مالك 3/1250 وشرح الأشموني 3/115.
3 زيادة من شذور الذهب ص 33.
ش: لما اختص تابع المنادى عن سائر التوابع بأحكام أفرده بالذكر. وهو على أربعة أقسام:
القسم الأول: ما حكمه تابعا كحكمه لو كان منادى مستقلا، وهو البدل والمعطوف عطف النسق، إذا كان مجردا من (أل) سواء كان متبوعهما مبنيا أو معربا، كما يفهم من قوله:(إذا أتبع المنادى) حيث أطلقه ولم يقيده بالمبني، بخلاف ما بعده من الأقسام الآتية، فإنها خاصة بتابع المبني، ولذلك قال:(وتابع المنادى المبني غيرهما) .
تقول: يا زيدُ بشرُ، ويا زيد وبشرُ بالضم1 وتقول: يا زيدُ أبا عبد الله، ويا زيدُ وأبا عبد الله2 بالنصب3 وكذلك4 تقول: يا عبدَ الله بشرُ ويا عبدَ الله وبشرُ بالضم، ويا عبدَ الله أبا علي ويا عبد الله وأبا علي.
وسبب ذلك أن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن [93/ب] العامل5 هذا هو مذهب الجمهور6.
1 أي بالبناء على الضم، لأنه علم مفرد.
2 في (ج) : (ويا زيد وأبا عبد) .
3 أي بالنصب على الإعراب، لأن التابع هنا مضاف.
4 في (ب) و (ج) : (وكذا) .
5 ينظر شرح الكافية الشافية 3/1313 والتصريح 2/176.
6 وقد نص عليه سيبويه والمبرد. ينظر الكتاب 2/186 - هارون والمقتضب 4/211 وهمع الهوامع 2/142 والأشموني 3/149.
وأجاز الكوفيون1 والمازني2 النصب في النسق. وأشار ابن مالك في التسهيل3 إلى تقويته.
القسم الثاني: ما يجوز فيه الرفع والنصب، وهو شيئان:
أحدهما: النعت المضاف المقرون بأل، نحو يا زيد الحسن الوجه4.
ثانيهما: النعت أو التوكيد أو البيان المجرد عن الإضافة، والمنسوق إذا كان بأل. نحو يا زيد الحسنُ والحسنَ ويا تميم أجمعون وأجمعين ويا
1 لم أجد هذا القول في كتب الكوفيين، وقد نسبه لهم ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/1315.
2 هو بكر بن محمد بن بقية، وقيل: بكر بن محمد بن عديّ بن حبيب، أبو عثمان المازني كان من كبار علماء البصرة، أخذ العلم عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري ومن تلاميذه أبو العباس المبرد واليزيدي وغيرهما، وكان المبرد يكثر من الثناء عليه. وله من المؤلفات كتاب التصريف والألف واللام والعروض والقوافي وغيرها، وقد توفي بالبصرة سنة 249 هـ.
ترجمته في طبقات النحويين 87 ونزهة الألباء 140 وإنباه الرواة 1/281 ومعجم الأدباء 7/107وإشارة التعيين 61 وبغية الوعاة 1/463.وينظر قول المازني هذا في الأصول لابن السراج 1/372.
3 وردت هذه الإشارة في شرح التسهيل لا في التسهيل نفسه، حيث قال في الشرح [203/أ] :(وأجاز المازني والكوفيون إجراء المنسوق العاري من (أل) مجرى المقرون بها فيقولون: يا زيد وعمرا وعمرو كما يقال بإجماع: يا زيد الحارثَ والحارثُ. وما رأوه غير بعيد من الصحة
…
) .
4 وذلك في الإضافة غير المحضة. راجع همع الهوامع 2/142.
غلام بشرٌ وبشراً1.
وقال الله تعالى: {يا جِبالُ أوِّبي مَعَه والطّيرَ} 2.
قرئ بالرفع3 والنصب4.
ووجه ذلك أما النصب فالإتباع للمحل5، وأما الضم فالإتباع للفظ6، وإن كان حركة [بناء] 7 وحركة البناء لا تُتبع، فإنها لاطّرادها في باب البناء صارت كحركة الإعراب فأُتْبعت.
فإن قيل: ما الفرق بين نوعي النسق، حيث أعطي الأول حكم
1 وقد أجمع العلماء على جواز الأمرين الرفع والنصب، لكن اختلفوا في الراجح منهما، فاختار الخليل وسيبويه والمازني الرفع، واختار أبو عمرو وعيسى بن عمر ويونس والجرمي النصب. ينظر الكتاب 2/186 والمقتضب 4/212 وشرح التسهيل لابن مالك [202/ب] .
2 من الآية 10 من سورة سبأ.
3 جاء في النشر 2/349: (وانفرد ابن مهران عن هبة الله بن جعفر عن أصحابه عن روح برفع الراء من (الطير) . وهي رواية زيد عن يعقوب، ووردت عن عاصم وأبي عمرو) . المبسوط لابن مهران ص 304 والشواذ لابن خالويه ص 121 والبحر المحيط 7/263.
4 وهي قراءة جمهور القراء، ومنهم القراء الأربعة عشر.
ينظر البحر المحيط 7/263 والنشر 2/349 وإتحاف فضلاء البشر 358.
5 أي عطفا على محل (جبال) لأنها في محل نصب.
6 قوله: (فالإتباع للفظ) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) .
7 في النسخ: (إتباع) وهو سهو، والصواب ما أثبته.
المستقل وجاز في الثاني الوجهان؟
فالجواب أن (أل) في القسم الثاني1 يمنع من تقديره منادى، إذْ حرف النداء لا يجتمع معها2، فلا يعطى حكم المستقل، بخلاف القسم الأول3.
الثالث ما يتعين رفعه. وهو نعت (أيّ) وفي معناه (أيّة) لأنها مؤنثته4. نحو {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} 5 {يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ} 6.
وإنما وجب رفعه مراعاة للفظ المنادى7، وأيضا فلأنه8 هو المقصود بالنداء9.
القسم الرابع: ما يجب نصبه مراعاة لمحل المنادى وهو ما اجتمع فيه أمران:
أحدهما: أن يكون نعتا أو بيانا أو توكيدا وهو المراد بقوله:
1 وهو المقترن بأل. وفي (أ) : (في الوجه الثاني) ، والمثبت من (ب) و (ج) .
2 أي مع أل.
3 ذكر هذا الجواب المرادي في توضيح المقاصد 3/295.
4 في (أ) و (ب) : (لأنها مؤنثة) والمثبت من (ج) .
5 من الآية 1 من سورة النساء، وورد هذا النص في آيات كثيرة من القرآن الكريم.
6 من الآية 27 من سورة الفجر.
7 وهو هنا (أيّ) أو (أية) .
8 أي نعت (أي) أو (أية) هو المقصود بالنداء وإنما ذكرتا للتوصل لنداء ما فيه (أل) .
9 هذا مذهب جمهور العلماء. وأجاز المازني فيه النصب قياسا. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1318.