المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب نواقض الوضوء - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٢

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب نواقض الوضوء

‌باب نواقض الوُضُوء

60 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

"كان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده ينتظرون العِشَاءَ حتى تخفُقَ رؤوسُهم، ثم يُصلُّونَ ولا يتوضؤون". أخرجه أبو داود، وصححه الدارقطني، وأصله في مسلم (1).

وأخرج الترمذي من (أ) حديث شعبة: "لقد رأيتُ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يوقَظُونَ للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطًا، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون".

قال ابنُ المبارك: "هذا عندنا وهم جلوس"(2).

قال البيهقي (3): وعلى هذا حَمَلَهُ عبد الرحمن بن مهدي والشافعي.

وقال ابنُ القَطَّان: هذا الحديثُ سياقُهُ في مسلم يحتمل أن يُنَزَّل على نومِ الجالس وعلى ذلك نَزَّلَه أكثُر الناس، لكن فيه زيادة على ذلك رواها يحيى القطان عن شعبة عن قتادة عن أنس، قال:

(أ) في جـ: في.

_________

(1)

أخرجه أبو داود كتاب الطهارة باب في الوضوء من النوم 1/ 137 ح 200 بلفظ: "على عهده"، مسلم الحيض باب الدليل على أن نَوْمَ الجالس لا ينقض الوضوء 1/ 284 ح 125 - 376 م، الدارقطني نحوه باب ما رُوي في النوم قاعدا لا ينقض الوضوء 1/ 131، والبيهقي كتاب الطهارة باب ترك الوُضُوء من النوم 1/ 19، والترمذي بمعناه الطهارة باب ما جاء في الوضوء من النوم 1/ 113 ح 78.

(2)

قلتُ: بهذا اللفظ عند الدارقطني إلا قوله: "ثم يقومون"، وليس في سنن الترمذي بهذا اللفظ، ولفظ الترمذي:"كان أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون". الدارقطني 1/ 131، والترمذي 1/ 113 ح 78، التحفة 1/ 331.

(3)

سنن البيهقي 1/ 120.

ص: 5

"كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينامُ ثم يقومُ إلى الصلاة"(1). رواها قاسم بن أصبغ عن محمد بن عبد السلام (أ) الخشني عن بندار عن محمد بن بشار -عنه (ب) وقال ابن دقيق العيد: يُحمل (جـ) هذا على النومِ الخفيفِ، لكن يعارضه رواية الترمذي (2) (د) التي فيها ذِكر الغطيط. قال: وروى هذا الحديث أحمدُ بن حنبل عن يحيى القَطان بسنده، وليس فيه:"يضعون جُنُوبَهم"، وكذا أخرجه الترمذي (3) عن بندار بدونها، وكذا أخرجه البيهقي (4) من طريق تمتام (هـ) عن بندار، ورواه البزار والخَلَّال من طريق عبد الأعلى عن سعيد (و) عن قتادة، وفيه:"فيضعون (ز) جنوبهم"(5).

وقال أحمد بن حنبل: لم ينقل (ح) شعبة قط: "وكانوا يضطجعون".

وقال (ط): وقال هشام: "كانوا ينعسون".

(أ) ساقطة في جـ، ومثبتة في هامش الأصل، ومصححة في هـ، ومثبتة ومصححة في ب.

(ب) الواو ساقطة في جـ.

(جـ) في ب: حمل.

(د) في جـ: للترمذي.

(هـ) في هـ: مصححة: هشام.

(و) في هـ: شعبة، وكذلك في التلخيص 1/ 119 ونصب الراية 1/ 47.

(ز) في هـ: يضعون.

(ح) في هـ: يقل.

(ط) ساقطة من هـ.

_________

(1)

كشف الأستار 147 ح 282، ولفظة "فمنهم من يتوضأ ومنهم من لايتوضأ" من طريق ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس، المحلى لابن حزم 1/ 224.

(2)

في السنن والعلل من رواية ابن عباس "حتى غط" السنن 1/ 111 ح 77، العلل 148.

(3)

الترمذي 1/ 113 ح 78.

(4)

سنن البيهقي 1/ 120.

(5)

كشف الأستار 1/ 147 ح 282، زوائد أبي يعلى 226، 227 ح 143 كلاهما من طريق سعيد عن قتادة.

ص: 6

قال الخلال: قلت لأحمد في حديث سعيد (أ): كانوا يضعون (ب)، فتبسم فقال: هذا ثمرة "يضعون جنوبهم".

والحديث يدل على أنَّ مَيَلَان الرأس لأجل النوم لا ينقض (جـ) الوضوء، وهذا هو حد الخَفْقَة، ولكن حديث الترمذي فيه زيادة على ذلك القدر وهو قوله:"لأحدهم غطيطا" فإن الغطيط والإيقاظ إنما يكون من النوم المستغرِق، وقد اختلف العلماءُ (1) في ذلك على مذاهب:

أحدها: أنَّ النوم لا ينقض الوضوء على أي حال كان، وهذا محكيّ عن أبي موسى الأشعري، وسعيد بن المسيّب، وأبي بِجْلَز، وحُمَيد الأعرج، وظاهر حديث الترمذي ويحيى القطان حُجَّةٌ لهم. والتأويل بنَوْم القاعد خلاف الظاهر.

الثاني: أن النوم ينقض الوضوء بكل حال، وهو مذهب الحسن البصري، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وإسحاق بن راهَوَيْه، وهو قَولٌ غريبٌ للشافعي (2).

قال ابن المنذر: وبه أقول، وروى معناه (د) عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا: لعموم حديث صفوان (3) بن عسال الذي صححه ابن خزيمة وغيره ففيه: "إلا من غائط أو بول أو نوم" فسوى بينها (هـ) في الحكم.

المذهب الثالث: أنَّ كثير النوم ينقض بكل حال، وقليله لا يَنْقُص بحال،

(أ) في هـ: شعبة، وكذا التلخيص 1/ 119، وفي المحرر 1/ 116.

(ب) بهامش هـ.

(ب) زاد في هـ: و.

(د) في جـ: سفيان.

(هـ) في هـ: فحذى بينهما، وفي جـ: فسوى بينهما.

_________

(1)

انظر: شرح مسلم فقد ساق المذاهب التي ساقها الشارح 1/ 677 - 678.

(2)

نص عليه في البوطي (المجموع 1/ 15)، ولأصحابه تأويل ذكره النووي في المجموع.

(3)

سبق تخريجه في ح 54.

ص: 7

وهذا مذهب الزهْرِيّ وربيعة والأوْزَاعِيّ ومالك (1) وأحمد في إحدى الروايَتَيْن عنه، قالوا: لأن النوم ليس بناقِضٍ بنفسِهِ، وإنما هو مظنة الحَدَث، وحُجتهم ما تقدم من حديث أنس فإنه محمولٌ على القليل، وروى في "أصول الأحكام" أيضًا (أ) عن عائشة أنه قال صلى الله عليه وسلم: "مَن استجمع نَوْمًا

"، والاستجماع هو المبالغة في النوم، إذ هو مَأخُوذ مِنْ قولهم: "استجمع الفرس جَرْيًا" إذا بَالَغَ.

وفي "التلخيص"(2) مَنْسُوبًا إلى البيهقي من رواية أبي هريرة: "مَن اسْتَحَقَّ النومَ وَجَبَ عليه الوُضُوءُ"، وقال البيهقي: لا يصح رفعه، [وفسر الراوي استحق النوم قال: هو أن يضع جنبه، كذا في سنن البيهقي (3)] (ب) وما رواه فِي "الشفاء" من حديث علي رضي الله عنه ونوم مضطجع يؤيد ذلك، فإن نوم المضطجع في الأغلب لا يكون إلا كثيرًا مبالغًا فيه.

المذهب الرابع: أنه إذا نام على هيئةٍ من هيئات المُصلِّين كالراكع (جـ) والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض (د) وضوءه سواء كان في الصلاة أو لم يكن، فإن نام مضطجعا أو على قفاه انتقض، وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وقول غريب للشافعي (4)، هكذا حكى مذهب أبي حنيفة النوويُّ (5) في "شرح مسلم" وفي "البحر"(6) في تحقيق مذهب أبي حنيفة، قال زيد بن علي وأبو حنيفة:

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) في جـ: بالراكع.

(د) في جـ، هـ: لا ينقض.

_________

(1)

المغني 1/ 173، الكافي 1/ 146 - 147.

(2)

التلخيص 1/ 127.

(3)

سنن البيهقي 1/ 119.

(4)

المجموع 2/ 15.

(5)

و (6) شرح مسلم 1/ 678، والبحر 1/ 88، وحكى في بداية المجتهد وشرح فتح القدير: لا وضوء إلا على مَنْ نام مضطجعا أو متكئا أو مستندا لو أزيل عنه لسقط. المغني 1/ 174، بداية المجتهد 1/ 36، شرح فتح القدير 1/ 47.

ص: 8

لا ينقض (أ) في الصلاة لقوله: "إذا نام العبدُ في سجوده باهى اللهُ به الملائكةَ يقول: عبدي روحه عندى وجسده ساجد بين يدي"(1). رواه البيهقي وغيره، وقد ضُعِّف.

المذهب الخامس: أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، وروى هذا عن أحمد (2) بن حنبل ولعل وجهة الحديث المذكور وقاس الركوع على السجود.

المذهب السادس: أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال، وينقض خارج الصلاة، وهو قول ضعيف للشافعي (3)، ولعل وجهة الحديث، وقيس باقي أفعال الصلاة على السجود (ب).

المذهب السابع: أنه إذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض، وإلا انتقض سواء قل أو كثر سواء كان في الصلاة أو خارجها، وهذا مذهب الشافعي، لأن النوم إنما هو مظنة الحدث، فإذا كان على هذه الكيفية لم يكن مظنة، والأصل بقاء الطهارة، وإذا كان على خلافها فهو مظنة خروج الريح، واستدل على ذلك بما رواه أبو داود وغيره من حديث علي رضي الله عنه:"العين (ب) وكاء السه، فمن نام فليتوضأ"(4) حسنه المنذري وغيره، وفيه بقية

(أ) في جـ: لا ينتقض.

(ب) زاد في جـ: و.

(جـ) في ب: النوم.

_________

(1)

أخرجه البيهقي في الحلافيات من حديث أنس المختصر 1/ 149 وقال: ليس بالقوي، وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ، والدارقطني في العلل، وحديث البيهقي قال الحافظ: فيه داود بن الزبرقان الرقاشي البصري متروك، التقريب 96، الميزان 712، ورواية ابن شاهين فيها: المبارك بن فضالة: صدوق مدلس، التقريب 328 ورواية الدارقطني من رواية الحسن عن أبي هريرة وهو لم يسمع من أبي هريرة.

التلخيص 1/ 130.

(2)

المغني 1/ 74.

(3)

المجموع 2/ 15.

(4)

أخرجه ابن ماجه 1/ 161 ح 477، وأبو داود بلفظ:"وكاء السه العينان" 1/ 140 ح 203، والبيهقي بزيادة "إنما" 1/ 118، وأعله أبو زرعة بالانقطاع أيضًا فقال:(ابن عائذ عن علي مرسل) =

ص: 9

ابن الوليد (1) وقد عنعنه، وهو مدلس، فإذا قال: عن "فليس بحجة".

قال الشافعي: معناه أن النوم مظنة لخروج شيء من غير شعور به (أ) فالنوم ناقض لا لعينه، بل لكونه مظنة لذلك.

والسه (2): بالسين المهملة والهاء هي الدبر.

والوكاء: بالكسر والمد هو ما يربط به الخريطة وغيرها.

وحَمْل الشافعي ما مر من الحديث على نوم المُمَكِّن مقعدته جَمْعًا بينها (ب) وبين حديث "العينان وكاء السه" ونحوه، ومذهب الهادوية (3) يعفى الخفقتان ولو توالتا، ولا يعفى عن الخَفَقَات المتواليات، والخَفْقَةُ (4): هي ميلان الرأس من النعَاس، وحد الْخَفْقَةِ أن لا يستقر رأسه من الميل حتى يستيقظ، ومن لم يَمِل رأسه عُفِيَ له عَنْ قَدْر خفقة وهي مَيْلُ الرأس فقط حتى يصل (جـ) ذَقْنُهُ صَدْرَه قياسا على نوم الخَفْقَةِ ويحملون الأحاديث المتقدمة على النعاس الذي لا يزول معه التمييزُ.

واتفقوا على أن زوال العقل بالجنون والإِغماء والسكر بالخمر أو (د) النبيذ، أو (و) البنج، أو (هـ) الدواء ينقض الوضوءَ سواء قلَّ أو كثر سواء كان مُمَكِّن

(أ) في ب: شعوره.

(ب) في ب، جـ: بيهما.

(جـ) ساقطة في هـ.

(د، و، هـ) في هـ: و.

_________

= علل الحديث 1/ 47، ولكن ابن حجر يقول: فيه نظر لأنه يروي عن عمر، قلت: ولا يمنع أن يروي عن عمر ولا يروي عن علي، التلخيص 1/ 27.

وفيه الوضين، ستأتي ترجمته في ح 73 وللحديث شاهد آخر من حديث معاوية وهو ضعيف أيضًا، وقد حَسَّنَ الحديثَ جماعة وسيأتي في ح 73.

(1)

بقية بن الوليد صدوق يدلس عن الضعفاء. مر في ح 12.

(2)

قال في النهاية: السه حلقة الدبر، وهو من الاست. النهاية 2/ 429.

(3)

و (4) البحر 1 / وأصله من الخفق، يقال: خفق الليل إذا ذهب أكثره أو خفق إذا نعس تخفق رؤوسهم أي ينامون حتى تسقط أذقانهم على صدورهم وهم قعود.

وقيل: هو من الخفوق: الاضطراب. النهاية 2/ 56.

ص: 10

المقعدة أو غير ممكنها. والله أعلم.

قيل: وكان من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ينْتقضُ وضوؤُه بالنوم مضطجعا لحديث ابن عباس: " .. حتى سمعت غَطيطَه، ثم صلَّى ولم يتوضَّأ"(1)، والسر في ذلك أنه (أ) لا ينام قلبه صلى الله عليه وسلم وإن نامت عينه فهو في حُكْم اليَقْظَان والله أعلم.

قال الشافعي (2): لا ينتقض الوضوء بالنعاس، وهو السِّنة، وينتقض بالنوم.

قالوا: وعلامة النوم أن فيه غلبة على العقل، وسقوط حاسة البصر وغيرها من الحواس، وأما النعاس فلا يغلب على العقل وإنما تفتر عنه الحواس من غير سقوطها.

ولو شك هل نام أو نعس فلا وضوء عليه، ويستحب أن يتوضأ إذا شك هل نام ممكنا مقعدته أم لا، وكذلك إذا نام جالسا وزالتا أليتاه أو إحداهما عن الأرض، فإن (ب) زالت قبل الانتباه انتقض وضوؤه لأنه مضى عليه لحظة وهو نائم غير مُمَكِّن المقعدة، وإن زالت بعد الانتباه أو معه أو شك في وقت زوالها لم ينتقض وضؤوه، ولو نام ممكنا مقعدته من الأرض مستندا إلى حائط لم ينتقض وضوؤه، سواء كان بحيث لو وقع (جـ) الحائط لسقط أو لم يكن.

لو نام محتبيا ففيه ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي: أحدها: (د) لا ينتقض كالمتربع، الثاني: ينتقض كالمضطجع، الثالث: إن كان نحيف البدن بحيث لا

(أ) في هـ: لأنه.

(ب) في ب، جـ: فإذا.

(جـ) في ب: دفع.

(د) زاد في ب: أنه.

_________

(1)

صحيح البخاري 1/ 212 ح 117 - 238 ح 138.

(2)

الأم 1/ 12 - 14.

ص: 11

تنطبق (أ) أليتاه على الأرض انتقض وإن كان لحيم (ب) البدن تنطبق (جـ) أليتاه لم ينتقض، كذا حققه النووي في شرح مسلم (1).

61 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

"جاءت فاطمةُ بنت أبي حُبَيْش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني: امرأة أُستحَاضُ فلا أطهَرُ، أفَأدَعُ الصلاة؟ تال: لا إنما ذلكِ عِرْق، وليس بحيَض، فإذا أقبلت حيضتك فدَعِي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي". متفق عليه (2).

وللبخاري: "ثم توضئي لكل صلاة" وأشار مسلم إلى أنه (د) حذفها عَمْدًا.

هي فاطمة بنت أبي حُبَيْش (3) -بضم الحاء المهملة، وفتح الباء الموحدة وسكون الياء والشين المعجمة- ابن المطلب، القرشية الأسَدِيَّة، وهي التي اسْتُحِيضَتْ.

[واسم أبي حبيش قيس، وليست فاطمة بنت قيس المطلقة بائنا](هـ).

رَوَى عنها عُروة بن الزبير -وقيل: عروة عن عائشة عنها وأم سلمة- وهي زوجة عبد الله بن جحش.

(أ) في جـ: لا تلصق.

(ب) في ب: شحيم.

(جـ) في ب: تلصق.

(د) في جـ: أن.

(هـ) في الأصل وهـ مثبتة من الهامش، وفي جـ بعد قوله:"وهي التي استحيضت".

_________

(1)

شرح مسلم 1/ 679.

(2)

البخاري كتاب الوضوء باب غسل الدم 1/ 331 ح 228، ومسلم بلفظ:"أقبلت الحيضة" الحيض باب المستحاضة وغسلها وصلاتها 1/ 262 ح 62 - 333، أبو داود بنحوه كتاب الطهارة باب في المرأة تستحاض ومن قال تَدَع الصلاة 194 ح 282، والترمذي في أبواب الطهارة باب ما جاء في المستحاضة 1/ 217 ح 125، والنسائي كتاب الطهارة باب ذكر الأقراء 1/ 100، وابن ماجه بنحوه كتاب الطهارة باب ما جاء في المستحاضة التي قد أعدت أيام أقرائها 1/ 204 ح 624، والزيادة عند الترمذي 1/ 218، والنسائي 1/ 152، والدارمي 1/ 199.

(3)

الاستيعاب 13/ 109، الإصابة 13/ 79.

ص: 12

• قوله: في الحديث "استحاض" الاستحاضة: جرَيَانَ الدم من فَرْج المرأة في (أ) غير أوانه.

• وقولها: "أفأدع الصلاة؟ قال: لا"، فيه دَلَالَة على أن المستحاضة تصلي أبدا إلا في الزمن المحكوم بأنه حَيْض، وهذا مُجْمَعٌ عليه.

• وقوله: "إنما ذَلِكِ عِرْق"، [ذَلِكِ: بكسر الكاف خطاب للمؤنث] (ب)، والعِرْق: بكسر العيْن المهملة وسكون الراء، ويسمى ذلك العِرْق "العاذِل" بكسر الذال وبالعين المهملة، وفيه إشارة إلى الفَرْق بينه وبين الحَيْض بالنظر إلى المَخْرَج، فإن الحَيض يخرج من قعر رحم المرأة. وأما ما وقع كثيرا في كتب الفقه:"إنما ذلك عرق انقطع أو انفجر" فهي (جـ) زيادة لا تُعْرَفُ في الحديث وإنْ كان لها معنى صحيح.

• وقوله: "فإذا أقبلت إلحَيْضَةُ"، قال النووي: يجوز في الحَيضة الفتح والكسر (1) وقال المصنف (2) -رحمه الله تعالى- الذي في روايتنا الفتح.

• وقوله: "وإذا (د) أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي"، المراد بالإدبار: انقطاع الحيض، وقوله: ثم صلي: أي بعد الغسل، وقد صرح به البخاري من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة في هذا الحديث قال في آخره:"ثم اغتسلي وصلي"(3) ولم يذكر غسل الدم، وهذا الاختلاف واقع بين أصحاب هشام، منهم مَنْ ذَكَرَ غسل الدم ولم يذكر الاغتسال، ومنهم من ذكر الاغتسال ولم يذكر غسل الدم، وكلهم أحاديثهم في الصحيحَيْن، فَيُحْمَلُ على

(أ) في الأصل وب، جـ: من، وهي مصححة من الفتح، وكذلك النووي في شرح مسلم 1/ 409، الفتح 1/ 630.

(ب) بهامش الأصل وهـ، ولفظه:"ذلك" ساقطة من هـ.

(جـ) في ب: فهو.

(د) في ب: فإذا.

_________

(1)

شرح مسلم 1/ 634.

(2)

فتح الباري 1/ 409، قال النووي: بكسر الحاء أي الحالة وبفتحها وهو الأظهر الحيض. شرح مسلم 1/ 633.

(3)

البخاري الحيض باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض 1/ 425 ح 325.

ص: 13

أن كل فريق اختصر أحد الأمَرْين (أ) لوضوحه عنده.

وفيه اختلاف ثالث من رواية أبي معاوية وهو بزيادة: "ثم توضئي لكل صلاة"(1)، وليست مُدْرجَةً كما وَهِمَ بعضُهم، إذ لو كانت كذلك لقال: ثم تتوضأ بلفظ الخبر، ولم يأت به بلفظ الأمر فهو قرينة على أنه من تمام الحديث (2).

وكذلك وَهِمَ مَنْ قال: إنها موقوفة على عروة، بل هي بالإِسناد المذكور في أول الحديث، وحَصلَ الوهم من قول البخاري:"وقال" -أي: هشام ابن عروة-: "وقال أبي" بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة، أي عروة بن الزبير، فادعى بعضهم أن هذا تعليق، وليس بصواب بل هو بالإِسناد المذكور عن محمد عن (ب) أبي معاوية عن هشام، وقد بين ذلك الترمذي (3) في روايته.

ولم ينفرد أبو معاوية بذلك فقد رواه من طريق حماد بن زيد عن هشام، وادعى أن حمادا تفرد بهذه الرواية، وأومأ مسلم أيضًا إلى ذلك، [قال مسلم:"في حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره"(4). قال القاضي عِيَاض (5): "الحرف الذي تركه: قوله: "اغسلي عنك الدم وتوضئي"، ذَكَر هذه الزيادة النسائي وغيره وأسقطها مسلم، لأنها مما انفرد به حماد. قال النسائي (6): لا نعلم أحدًا قال: "وتوضئي" في الحديث غير حماد، يعني

(أ) في هـ: أمرين.

(ب) ساقطة من جـ.

_________

(1)

البخاري باب غسل الدم 1/ 331 ح 228.

(2)

ويؤيده رواية الترمذي: "توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت" 1/ 218، وتابعه بهذه الزيادة النسائي والدارمي وابن حبان في صحيحه.

(3)

سنن الترمذي 1/ 218.

(4)

مسلم 1/ 263.

(5)

شرح مسلم 1/ 634.

(6)

لفظه: قال أبو عبد الرحمن: قد روى هذا الحديث غيرُ واحد عن هشام بن عروة ولم يذكر فيه "وتوضئي" غير حماد والله تعالى أعلم. اهـ سنن النسائي 1/ 152.

ص: 14

والله أعلم- في حديث هشام، وقد روى أبو داود وغيره ذِكْر الوضوء من رواية عَدِيّ بن ثابت وحبيب بن أبي ثابت وأيوب بن أبي مِسْكِين، قال أبو داود (1): وكلها ضعيفة، والله أعلم] (أ)، وليس (ب) كذلك فقد رواها الدارمي من طريق حماد بن سلمة (2) والسراج من طريق يحيى بن سليم: كلاهما عن هشام.

* وفي الحديث دلالة على أن المستحاضة إذا مَيَّزتْ أيام الحَيْض من أيام الاستحاضة تعمل على ذلك، فإن تعليق الحكم بالإِقبال والإِدبار يقضي بمعرفتهما (جـ)، وهي لا تعرفهما إلا بعلامة مميزة، إما عادة أو صفة الدم، (فإذا انقضى الحيضُ اغتسلت منه وصار دم الاستحاضة في حكم الحَدَث، فصرح بالحديث بالوضوء لكل صلاة، وبهذا قال الجمهور (3)، وعند الهادوية والحنفية (4) أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة، فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من النوافل وتجمع بين فريضتَيْن على وجهِ الجَوَاز عند مَنْ يُجِيْزُ ذلك أو لعذره، وتأولوا لفظ الحديث بأنه على تقدير (هـ) مضاف وهو (و) لوقتِ كل صلاة).

فإن كانت مميزة بالصفة، وإقبالها (ز) بدون الدم الأسود وإدبارها إدبار

(أ) بهامش الأصل وفيه بعض السقط استدركته من نسخة هـ.

(ب) في هـ: وكيس.

(جـ) في جـ: يقتضي بمعرفتهما، وفي ب: يقضي بمعرفتها.

(د) بهامش هـ.

(هـ) في ب: مقدر.

(و) ساقطة من هـ.

(ز) في هـ: فإقبالها.

_________

(1)

سنن أبي داود 1/ 210.

(2)

سنن الدارمي 1/ 199.

(3)

شرح مسلم 1/ 630.

(4)

البناية 1/ 672، شرح فتح القدير 1/ 179 - 181.

ص: 15

ما (أ) هو بصفة الحَيْض وإن كانت معتادة ردت إلى العادة فإقبالها (ب) وجود الدم في أول أيام العادة وإدبارها انقضاء أيام العادة، وقد ورد في حديث فاطمة هذه ما يقتضي الرد إلى التمييز.

وحمل قوله: "فإذا أقبلت الحيضة" على الحَيْضة المألوفة التي هي بصفة الدم المعتاد، وأقوى الروايات في الرد إلى التمييز (جـ) الرواية التي فيها:"دم الحيض أسود يُعْرَفُ" وسيأتي، وأما الرد إلى أيام العادة فقد صرح يها في رواية لحديث فاطمة:"ولكن دعي الصلاة قَدْر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي (د) وصَلِّي"(1)، وسيأتي من حديث أم حبيبة.

وهذه الرواية استدل بها من يرى الرد إلى أيام العادة سواء كانت مميزة بالصفة للدم أم لا، وهو اختيار الهادوية وأبي حنيفة (2) وأحد قولَي الشافعي، قالوا: لأن عدم الاستفصال في قضايا الأحوال ينزل منزلة عموم الأقوال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسألها هل الدم يتميز (هـ) أم لا؟

والجواب عنه بأن ذلك إنما يتم لو لم يثبت الرجوع إلى صفة الدم، فبعد (ر) ثبوته يجب الجَمْع بين الروايَتَيْن فيُعمل بهما، وأيضًا فباحتمال أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترك (ز) السؤال لمعرفته بحال السائل (ح)، وهو مِن مَجَاز الحذف، ولا يجوز إلا مع

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في هـ: بإقبالها.

(جـ) زاد في هـ: و.

(د) في هـ: اغسلي.

(و) في هـ: متميز.

(و) في ب: فعند.

(ز) في ب: يترك.

(ح) زاد في هـ: فإذا انقضي الحيض اغتسلت منه وصار دم الاستحاضة في حكم الحدث فصرح في =

_________

(1)

البخاري 1/ 425 ح 325.

(2)

الهداية، شرح فتح التقدير 1/ 171.

ص: 16

القرينة، ولعله يُسْتَأنس لذلك التقدير بما سيأتي في (أ) حديث حمنة، وهو قوله: "فإنْ قَوِيتِ على أنْ تؤخري الظهْرَ وتعجّلي العصر ثم تغتسلي (ب) حين تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعا، ثم تؤخرين المغرب

" إلخ (1)، فإن فيه ذِكْر الجَمْع، وإن كان المصرح في الحديث إنما هو بالغُسل إلا أن الغُسل لما كان على جهة الاستحباب -وقد أشار فيه إلى أن الصلاتَيْن يكفي لهما هذا الغُسل وهو مشروط بالقوة عليه- فمفهومه: فإذا لم تَقْوَ عليه تركته، وَصَّلت الصلاتيْن، ولم يأمرها بإعادة الوضوء، فدل على أن الوضوء (جـ) للوقت لا للصلاة.

وعند المالكية (2) يستحب لها الوضوء لكل صلاة، ولا يجب إلا بحَدَثٍ (د) آخر، وقال (3) أحمد وإسحاق: إن اغتسلت لكل صلاة فهو أحوط.

* واعلم أن المستحاضة يجوز لزوجها وَطْوها في حال جَرَيَان الدم عند جمهور (4) العلماء، وحكاه ابن المنذر في "الإشراف" عن ابن عباس، وابن المسيب، والحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جُبَيْر، وقتادة، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد الله المزني، والأوزاعي، والثوري، ومالك، وإسحاق، وأبي ثور.

(أ) في ب: من.

(ب) ساقطة من جـ وفيها "حتى" بدل "حين".

(د) بالهامش في هـ.

(د) في ب: لحدث.

= الحديث بالوضوء لكل صلاة، وبهذا قال الجمهور، وعند الهادوية والحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما ضاءت من النوافل، ويجمع بين فريضتين على وجه الجواز عند من يجيز ذلك أو لعذره، وتأولوا لفظ الحديث بأنه على تقدير مضاف وهو: لوقت كل صلاة.

_________

(1)

أبو داود 1/ 199 - 201 ح 287.

(2)

الكافي 1/ 189.

(3)

أحمد: يلزم الوضوء لوقت كل صلاة. المغني 1/ 341.

(4)

شرح مسلم 1/ 630.

ص: 17

قال ابن المنذر: وبه أقول، قال: ورَوَيْنَا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لا يأتيها زوجها"(1)، وبه قال النَّخَعي والحَكَم، وكرهه ابن سيرين، وقال أحمد: لا يأتيها إلا أن يطول ذلك بها، وفي رواية عنه: أنه لا يجوز وطؤها إلا أن يخاف زوجها العَنَت، والمختار قول الجمهور.

وقد روى عكرمة عن حَمنة بنت جحش: "أنها كانت مُسْتَحاضة، وكان زوجها يجامعها"(2)، رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما بهذا اللفظ بإسنادٍ حَسَن، وقال البخاري في "صحيحه": قال ابن عباس: "المُستحاضة يأتيها زوجها إذا صَلَّتْ، الصلاة أعظم"(3).

ولأن المستحاضة كالطاهر (أ) في الصلاة والصوم وغيرهما، وكذا في الجِمَاع، ولأن التحريم إنما يثبت بالشرع ولم يرد الشرع بتحريمه، وأما في سائر العبادات فهي كالطاهر إجماعًا.

والمستحاضة تؤمر بالاحتياط في طهارة الحَدَث والنَّجَس فتغسل فرجها قبل الوضوء أو قبل التيمم وتحشو فرجها بقطنة أو خرقة دفعا للنجاسة وتقليلًا لها، فإن كان دمها قليلا يندفع بذلك فلا شيء عليها غيره، وإن لم يندفع بذلك شدت مع ذلك على فرجها وتلجمت، وهو أن تشد على وسطها خرقة أو خيطا أو نحوه على صورة التكة، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفَيْن، فتدخلها بين فخْذَيها

(أ) في جـ: كالطاهرة.

_________

(1)

سنن البيهقي بلفظ: "لا يغشاها زوجها" 1/ 329.

(2)

أبو داود باب المستحاضة يغشاها زوجها 1/ 216 ح 310، البيهقي كتاب الحيض باب صلاة المستحاضة والإباحة لزوجها أن يأتيها 1/ 329.

(3)

باب إذا رأت المستحاضة الطهر 1/ 428، وقد وصل أثر ابن عباس عبدُ الرزاق في المصنف باب المستحاضة هل يصيبها زوجها 1/ 310، الدارمي 1/ 206، 207.

ص: 18

وأليتيها (أ) وتشد الطرفَيْن بالخرقة التي في وسطها إحديهما (ب) قدامها عند سرتها والأخرى خلفها، وتُحكم ذلك الشد وتلصق هذه الخرقة المشدودة بين الفخْدَين بالقطنة التي في الفرج إلصاقا جيدا، وهذا الفِعل يُسَمَّى تَلَجُّمًا واسْتِثْفارا وتعصِيبًا (جـ)، وهذا واجب عند الناصر والشافعية (1)، إلا إذا تأذت بالشد وأحرقها الدم فلا يلزمها ذلك، وإلا إذا كانت صائمة (عند الشافعية)(د) فتترك الحشو في النهار، وتكتفي بالشَّد وتتوضأ عقيب (هـ) الشد والتلجم، فإن تأخر ذلك وتراخى الوُضُوءُ ففي صحة (و) الوضوء وجهان، الأصح عند الشافعية أنه لا يصح.

وإذا خرج الدم بعد ذلك من غير تفريط لم تبطل طهارتها ولا صلاتها، وتصلي بعد الفرض ما شاءت من النوافل، وإن (ز) كان خروجه لتقصير منها بطلت طهارتها.

وقال الفقيه يوسف بن عثمان: الأصح بمذهب الهادي أن الشد ونحوه غير واجب عليها، والأول أولى، إذ الواجب تقليل النجاسة والبعد منها ما أمكن، وإذا أمرتم بأمر فأتوا به ما استطعتم.

والمستحاضة ليس لها أن تتوضأ قبل دخول وقت الصلاة عند (2) الجمهور،

(أ) في هـ: وإليتها.

(ب) في ب: أحدهما.

(جـ) في جـ: وتعصبا.

(د) في الأصل: "لكون الحقنة مفسدة للصوم عندهم" من الحاشية.

(هـ) في جـ: عقب.

(و) زاد في هـ: ذلك.

(ز) في جـ: وإذا.

_________

(1)

شرح مسلم 1/ 631، المجموع 2/ 489.

(2)

في شرح مسلم حكى قول أصحاب الشافعي 1/ 631، وعند الحنابلة كذلك المغني 1/ 341.

ص: 19

إذ طهارتها ضرورية فلا تجوز قبل وقت الحاجة، وقال أبو حنيفة (1): يجوز، قال أصحاب الشافعي: وإذا توضأت بادرت إلى الصلاة عقيب طهارتها، وإن أخرت (أ) بأن توضأت في (ب) أول الوقت وصلت في وسطه، إنْ كان ذلك للاشتغال بأعمال الصلاة كسَتْر العورة والاجتهاد في القِبْلَة ونحو ذلك جاز على الصحيح المشهور، ووجه ضعيف أنه تبطل طهارتها (جـ).

وأما إذا أخرت لغير عذر، ففيه ثلاثة أوجه، أصحها: لا يجوز وتبطل طهارتها، والثاني: يجوز ولا تبطل طهارتها (جـ) ولها أن تصلي بها ولو بعد خروج الوقت، والثالث: لها التأخير ما لم يخرج وقت الفريضة، وإن خرج الوقت (د) فليس لها أن تصلي بتلك الطهارة، ولها أن تصلي بعد الفريضة ما شاءت من النوافل على أصح الوجهَيْن عندهم (2).

62 -

وعن علي رضي الله عنه قال: "كنتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فأمرتُ المِقْدادَ أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله، فقال: فيه الوضوء"(3). متفق عليه، واللفظ للبخاري.

(أ) في هـ: تأخرت.

(ب) في جـ: من.

(جـ) بهامش ب.

(د) زاد في هـ: فلها.

_________

(1)

شرح فتح القدير 1/ 181.

(2)

انظر شرح مسلم 1/ 631.

(3)

البخاري كتاب العلم باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال 1/ 230 ح 132، مسلم بنحوه كتاب الحيض باب المذي 1/ 247 ح 18 - 303 م، أبو داود كتاب الطهارة- باب في المذي =

ص: 20

أخرجه بهذا اللفظ من حديث مسدد عن محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه، وأخرجه من حديث أبي الوليد عن أبي عبد الرحمن عن علي بلفظ:"فأمرْتُ رجلا"، وزيادة:"لمكان ابنته". ثم قال: "توضأ، واغْسل ذَكَرَك"(1).

* والمَذَّاء، صيغة مبالغة من المَذْي، يقال: مَذَى يَمْذِي مِثْل مضى يمضي ثلاثيا، ويقال أيضًا: أمذَى يُمْذِي بوزن أعطى يُعْطِي رباعيا.

وفي المَذْي لغات أفصحها: بفتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء، ثم بكسر الذال وتشديد الياء، وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة، أو تذكر الجماع أو بإرادته، وقد لا يحس بخروجه.

والرجل: هو المقداد.

وفي قوله: "لمكان ابنته" أدب في ترك مواجهة الأصهار بذكْرِ ما يتعلق بجماع المرأة، ورعاية حُسن الأدب في ترك ما يُسْتَحْيَا منه عرفًا.

* واعلم أنه قد (أ) وقع اختلاف في السائل مَنْ هو، فأطبق أصحابُ المسانيد والأطراف على إيراد هذا الحديث في مسند علي، والظاهر أن السؤال وقع من

(أ) ساقطة من هـ.

_________

= 1/ 247 ح 18 - 303 م، أبو داود كتاب الطهارة- باب في المذي 1/ 142 ح 206، والترمذي بمعناه أبواب الطهارة باب ما جاء في المذي 1/ 193 ح 114، النسائي كتاب الطهارة باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي 1/ 80 - وابن ماجه كتاب الطهارة باب الوضوء من المذي 1/ 168 ح 504.

(1)

البخاري كتاب الغسل باب غسل المذي والوضوء منه 1/ 379 ح 269.

ص: 21

المقداد وعليّ حاضر، وعلى هذا ففي رواية:"توضأ"، الخطاب للمقداد أو (أ) لعلي أو لمبهم إذا كان سؤال المقداد لمبهم، ويدل على حضور عليّ أنه لولا ذلك لذكره أهل المسانيد في مسند المقداد، وأيضًا. فإن في رواية النسائي (ر) عن علي:"فقلتُ لرجل جالس إلى جنبي: سله"(و)، فسأله (1)، ووقع في رواية لأبي داود والنسائي (ب). (د) وابن خزيمة بزيادة: "

فجعلتُ أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري (2)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تفعل"، ولأبي داود أيضًا أنه سأل بنفسه (3). وللنسائي أنه أمر عمارا (4)، وجمع ابن حبان (5) بين (هـ) هذا الاختلاف: أنه أمر عمارا وأمر أيضًا المقداد ثم سأل بنفسه، ويخدش في الأخير حديث الاستحياء، [وهو قوله: "فاستحييت (و) أن أسأل رسول الله"، وهو متفق عليه، وفي الموطأ (6) أيضًا] (ز).

وأحسن منه أن نسبة السؤال إليه مجاز لكونه آمرًا.

وأما أمرهما فهو ممكن، ويؤيده ما رواه عبد الرزاق (7):

أنه تذاكر علي والمقداد وعمار (ح) المذي فذكر الحديث، وصحح

(أ) في جـ: و.

(ب، ب) في ب: سل.

(جـ) في هامش هـ.

(د) في هـ: والنساء.

(هـ) في حـ: أمر.

(و) في هـ: فاستحيت.

(ز) بهامش الأصل.

(ح) زاد في: عن.

_________

(1)

النسائي 1/ 80.

(2)

ابن خزيمة باب الأمر بغسل الفرج مع المذي 1/ 15 ح 20، وعند أبي داود بدون لفظ "في الشتاء" 1/ 142 ح 206.

(3)

1/ 142 ح 206.

(4)

1/ 81.

(5)

ابن حبان -الموارد- باب ما جاء في المذي 83 - 84 ح 239 - 241، 244.

(6)

الموطأ باب الوضوء من المذي 1/ 50.

(7)

المصنف باب المذي 1/ 154.

ص: 22

ابن بشكوال أن السائل منهما هو المقداد، وعلى هذا فنسبة السؤال أيضًا على (أ) عَمّار مجاز لكونه مأمورًا به.

والحديث يدل على أن المذْي لا يوجب الغُسْل، وهو إجماع (1)، وعلى أنه يوجب الوضوء كالبول، وَليس في تقديم "توضأ" على قوله:"واغسل ذكرك" دليل (ب) على أنه يجوز تقديم الوضوء ثم غسله مِنْ بعد إذ العطف بالواو وهي لا تقتضي الترتيب، فيرد ذلك إلى غيره من الدلائل، فأما على مَنْ جعل مَسَّ الذكر نَاقِضًا فالأمر ظاهر أنه يتعين التقديم إلا إذا مسه بآلة فَيُحْملَ على الأولوية (جـ).

وأما على أصلِ مَنْ قال: إنه يجب تقديم غسل نجاسته (د) توجيه على الوضوء فكذلك، وغسل الذكر يحتمل أنه محل الخروج فلا يجب مجاوزة الخرج إذ المقتضي له إنما هو الخارج، وعلى هذا الجمهور، ويؤيده ما عند الإِسماعيلي في رواية: فقال: "توضأ فاغسله"(5)، فأعاد الضمير على الذي، وذهب (و) بعض الحنابلة وبعض المالكية (2) إلى وجوب استيعاب غسله عملا بظاهر الحديث، [ويؤيده ما عند أحمد وأبي داود (3):"يغسل ذكره، وأنثيَيْهِ ويتوضأ".

وعن عبد الله بن سعد قال: سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن (ز) الماء يكون بعد الماء؟ فقال: "ذاك الذي، وكل فحل يَمذي فيغسل (ح) من ذلك فرجك

(أ) هـ، ي: إلى.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ) في ب: الأولية.

(د) في ب: نجاسة.

(هـ) في ب: واغسله.

(و) ساقطة في ب.

(ز) ساقطة في جـ.

(ح) في هـ: فتغسل، وهو أيضًا بالتاء في سنن أبي داود.

_________

(1)

المغني 1/ 170 - 171.

(2)

رواية عن الإمام أحمد، المغني 1/ 171، الاستذكار 1/ 300 - 302.

(3)

أحمد 1/ 124، أبو داود 1/ 143، ح 207، 208.

ص: 23

وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة" (1). رواه أبو داود] (أ).

واختلفوا هل المعنى معقول أو هو حُكْمٌ تَعَبدِيّ، وعلى الثاني تجب النية فيه عندهم.

وقال الطَّحَاوِيّ (2): الأمر بغسله كله ليتقلص فيبطل خروجه كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرق اللبن إلى داخل الضرع فينقطع خروجه، واستدل بالحديث على تعين الماء دود الأحجار عند (ب) من يقول بكفايتها.

وبنى على هذا النووي في "شرح مسلم"(3)، وصحح في باقي كتبه الاكتفاء بالأحجار قياسا له على البول، وحمل الحديث على الاستحباب، أو على أنه خرج مخرج الغالب، وهو المشهور عند الشافعية.

واستدل به أيضًا على نجاسة المذي وهو ظاهر.

واستدل به أيضًا على وجوب الوضوء على مَنْ به سَلَس البول، (4) لأن في الحديث صِيغة المبالغة، ورده ابن دقيق العيد بأن الكثرة التي في الحديث ناشئة عن غَلَبَة الشهوة مع صحة الجسد بخلاف السلس فإنه ينشأ عن عِلة في الجسد، وأجيب عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل فدل على عموم الحكم، والله سبحانه أعلم.

(أ) بهامش الأصل.

(ب) في جـ: عن.

_________

(1)

1/ 145 ح 211 والحديث: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء .. ".

(2)

شرح معاني الآثار 1/ 46.

(3)

شرح مسلم 1/ 600.

(4)

في الفتح: "واستدل به على وجوب الوضوء على من به سلس المذي للأمر بالوضوء مع الوصف بصيغة المبالغة الدالة على الكثرة، وذكره ابن دقيق العيد أيضًا، وتعقبه بقوله: "وهو استدلال ضعيف لأن كثرته قد تكون على وجه الصحة لغلبة الشهرة بحيث يمكن دفعه، وقد تكون على وجه المرض والاسترسال، بحيث لا يمكن دفعه، وليس في الحديث بيان صِفة هذا الخارج على أي الوجهين هو".اهـ.

انظر: العدة شرح العمدة 1/ 309 - الفتح 1/ 381.

ص: 24

63 -

وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبل بعضَ نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ.

أخرجه أحمد، وضعَّفه البخاري.

وأخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1).

قال الترمذي (2): سمعتُ محمد بن إسماعيل البخاري يضعّف هذا الحديث.

وأبو داود (3) أخرجه من طريق إبراهيم التيمِيّ (4) عن عائشة، قال:"هو مرسل لأنَّ إبراهيم لم يسمع من عائشة شيئًا"، وقال النسائي:"ليس في هذا الباب حديث أحسن منه، ولكنه مرسل" وأخرجاه أيضًا من حديث عروة عن عائشة، وقالا: قال يحيى القطان في هذا الحديث: وحديث المستحاضة "تُصَلِّي وإنْ قَطر الدم على الحصير" أنهما شبه (أ) لا شيء (5)، وضعف الترمذي أيضًا (ب) كلا الطريقَيْن.

ورواه الشافعي (6) من طريق معبد بن نباته عن محمد بن عمرو بن عطاء عن

(أ) في ب: يشبه.

(ب) ساقطة في جـ.

_________

(1)

أحمد 6/ 210، أبو داود بنحوه كتاب الطهارة باب الوضوء من القُبلة 1/ 123 ح 178، والترمذي بلفظه أبواب الطهارة باب ما جاء في ترك الوضوء من القُبلة 1/ 133 ح 86، والنسائي بنحوه كتاب الطهارة باب ترك الوضوء من القُبلة 1/ 86، وابن ماجه نحوه كتاب الطهارة باب الوضوء من القبلة 1/ 186 ح 502، الدارقطني نحوه باب صفة ما ينقض الوضوء وما روي في الملامسة والقُبلة 1/ 135، البيهقي كتاب الطهارة باب الوضوء من المُلَامَسة 1/ 126.

(2)

سنن الترمذي 1/ 135.

(3)

سنن أبي داود 1/ 124.

(4)

إبراهيم بن يزيد التيمي أبو أسماء الكوفي ثقة عابد إلا أنه يرسل ويدلس، قال الدارقطني: لم يسمع من عائشة ولا أدرك زمانها. التقريب 24. التهذيب 1/ 176.

(5)

سنن أبي داود 1/ 125، الترمذي 1/ 134.

(6)

الطريقان:

أ) إبراهيم التيمي عن عائشة وقال: لا يعرف لإبراهيم التيمي سماع من عائشة.

ب) حبيب بن أبي ثابت عن عروة وقال: سمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث، وقال: حبيب ابن أبي ثابت لم يسمع من عروة. =

ص: 25

عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان يُقَبِّل ولا يتوضأ"، قال الشافعي: ولا أعرف حال معبد، فإن كان ثقة فالحجة فيما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف (1) -: رحمه الله تعالى-: رُوي من عشرة أوجه عن عائشة، أوردها البيهقي في "الخلافيات"(2)، وضعفها، قال ابن حزم (3): لا يصح في الباب شيء، وإن صح فهو محمول على ما كان عليه الأمر قبل نزول الوضوء من اللمس.

* والحديث فيه دلالة على أن لمس المرأة وتقبيلها لا ينقض الوضوء، والخلاف في ذلك واقع، فروي عن علي وابن عباس وعطاء وطاووس والعترة جميعا أن لَمْس بَشَرِ منْ لا (أ) يَحْرُم نكاحُه عليه (ب) لا ينقضُ الوضوءَ، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف (4) إلى ذلك إلا إذا تباشر الفرجان وانتشر وإن لم يُمْذِ.

وذهب ابن مسعود وابن عمر والزهري (5) والشافعي وأصحابه وزيد بن أسلم وغيرهم إلى أن ذلك ناقض، قالوا: لقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (6).

واللمس حقيقة في اليد، وأيضًا فيوضح بقاءه على معناه قراءة {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (7) فإنها ظاهرة في مجرد لمس الرجل من دون أن يكون من المرأة

(أ) في ب: لم.

(ب) ساقطة في ب.

_________

= وقد ناقش شاكر في سنن الترمذي هذين الطريقين ورجح صحة الحديث انظر حاشيته على سنن الترمذي 1/ 135.

(1)

مختصر الخلافيات 1/ 159 - 173

(2)

وانظر: سنن البيهقي 1/ 127.

(3)

المحلى 1/ 245 - 246.

(4)

انظر: البحر الزخار 1/ 94، تبيين الحقائق 1/ 12، المغني 1/ 192.

(5)

المجموع 2/ 25.

(6)

الآية 6 من سورة المائدة.

(7)

قراءة لابن مسعود، فعلى قراءة "لامستم" ينتقض اللامس والملموس؛ لأنها مفاعلة، والمفاعلة لا تكون إلا بين اثنين، وعلى قراءة "لمستم" لا ينتقض الملموس لأنه لم يلمس.

ص: 26

فِعْل، وهذا يتحقق (أ) في بقائه على معناه الحقيقي فقراءة "لامستم" كذلك إذ الأصل اتفاق معنى القراءتين.

وأجيب عن ذلك بأنه يُصرف عن بقاء اللفظ عن معناه الحقيقي القرينة، فيحمل على المجاز، والمجازي هنا هو حَمْل الملامسة على الجِماع، واللمس كذلك، والقرينة على ذلك حديث عائشة الذكور.

وأجيب بأن حديث عائشة لا يقوى على معارضة ظاهر الآية، إذ قد عرفت ما فيه.

وأجيب عن القَدْح فيه أن بعض طرقه قدِحَ فيها (ب) بالإِرسال فقط والمرْسَل يعمل به بالشرط المعروف وأيضًا فإِنَّ الضعف منجبر بما ورد فيه من الروايات، وبما أخرجه البخاري في كتاب "الصلاة" من اعتراض عائشة رضي الله عنها في قِبْلَته صلى الله عليه وسلم وغمزه لقدميها (جـ)، قالت:"فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما"، قالت:"والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح"(1).

فإنه يدل على أن اللمس ليس بناقض.

قال المصنف رحمه الله في "الفتح"(2): يحتمل أنه لسها بحائل، أو على أن ذلك خاص به. انتهى. وهو خلاف الظاهر.

واحتجوا أيضًا وأبو حنيفة بحديث معاذ، وهو أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله إني صادفت امرأة في هذا البستان فقضيت منها ما يقضى الرجل من امرأته ما خلا الجِماع، فقال صلى الله عليه وسلم:"تَوضَّأ وضوءًا حَسنًا وارْكعْ ركعتَيْنِ" {إنَّ الحسناتِ

(أ) في هـ: متحقق.

(ب) في جـ: فيها قدح.

(جـ) في جـ: لقدمها.

_________

(1)

البخاري كتاب الصلاة، الصلاة على الفراش 1/ 491 ح 382.

(2)

الفتح بمعناه 1/ 492.

ص: 27

يذهبن السيئات} (1)(2).

ويجاب عنه بأن ذلك الأمر لأجل المعصية، وقد ورد أن الوضوء والصلاة (أ) يكفران الذنب، أو لأن الغالب مع تلك الحال المذي.

وقال مالك: إنْ لمس لشهوة نقض إذ الشهوة العلة في ذلك (3)، وقال داود: لا ينتقض إلا إذا تعمدَ لرفع الخطأ (4)، قلنا: ذلك من باب تعليق الحُكْم بسببه، فلا فرق بين العَمْد والخطأ.

وللشافعي في الملموس قولان: لا يضر لِلَمْس عائشة أخمصه صلى الله عليه وسلم في الصلاة ولم يقطعها (5)، وينقض كالجِماع (6). البغداديون: والشَّعْر ونحوه، وما قد قطع لا ينقض. الخراسانيون: قولان فيهما، وفي المَحْرمِ قولان: فإنْ كانت حلالا من قبل كأم الزوجة نقضت، وقيل: قولان، وفي الميتة والتي لا تشتهى لصغر أو كبر قولان، ولا نقض مع الحائل عنه إلا بشهوة (ب)، ومذهب مالك: إن رقة (7) الحائل ولمس الخنثى لا ينقض، فإن لمس رجلا (جـ) وامرأة توضأ

(أ) في هـ: والصلوات.

(ب) في جـ: لشهوة.

(جـ) في هـ: أو امرأة.

_________

(1)

الآية 114 من سورة هود.

(2)

أخرجه الترمذي في تفسير سورة هود 4/ 291 ح 3113، الدارقطني 1/ 134، والبيهقي 1/ 125، قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ 4/ 291.

معاذ بن جبل مات في خلافة عمر، وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى ابن ست سنين وقد روى عن عمر.

(3)

الاستذكار 1/ 325 - 326، وزاد: واللامس والملموس عند مالك وأصحابه سواء التذَّ أو مَنْ التذَّ منهما، وهو مشهور مذهب الإمام أحمد، المغني 1/ 192.

(4)

وخالفه ابنه في ذلك. المجموع 2/ 30.

(5)

حديث عائشة قالت: "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان" مسلم كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود 1/ 352 ح 222 - 486، وقبل الدليل القراءتين السابقتين، المجموع 1/ 26.

(6)

المجموع 1/ 26.

(7)

وأصحاب مالك يوجبون الوضوء على من لمس مع الحائل إذا كان رقيقا وكانت اللذة موجودة مع ذلك =

ص: 28

لا هُمَا. (1).

* فائدة: "بعض النساء" المبهم هو مفسر في (أ) حديث عروة، قال عروة: فقلتُ لها: "مَنْ هي إلا أنتِ. فضحكت". أخرجه أبو داود (2).

64 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه أخرَجَ منه شيءٌ أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا" أخرجه مسلم.

وللترمذي وأبي داود نحو ذلك (3).

* وقوله: "حتى يسمع .. " إلخ، معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين.

وهذا الحديث أصل من أصول الاسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي: أنَّ الأشياء يُحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فإذا شك في الحَدَث لم يضر ذلك سواء كان داخل الصلاة أو خارجها، وهذا مذهب الجماهير (4).

(أ) في جـ: من.

_________

= اللمس، وجمهور العلماء يخالفونهم في ذلك، وهو الحق عندي. الاستذكار 1/ 326.

(1)

البحر 1/ 94 - 95، وأكثر تفصيلا في المجموع 2/ 30.

(2)

سنن أبي داود 1/ 124 ح 179.

(3)

مسلم الحيض باب الدليل على أن مَنْ تيقن الطهارة ثم شك في الحدث

إلخ 1/ 276 ح 99 - 362، أبو داود بمعناه كتاب الطهارة باب إذا شك في الحدث 1/ 123 ح 177، الترمذي بمعناه أبواب الطهارة باب ما جاء في الوضوء من الريح 1/ 109 ح 75، ابن ماجه بلفظ:"لا وضوء إلا من صوت أو ريح" كتاب الطهارة باب لا وضوء إلا من حدث 1/ 171، وأحمد 2/ 414، والدارمي باب لا وضوء إلا من حدث 1/ 183.

(4)

القاعدة أنه يُبْنَى في الحالتين على ما علمه قبل الشك، ويلغي الشك فإذا شك هل أحدث أم لا؟ بنى على أنه متطهر وإن كان محدِثًا فشك هل توضأ أم لا؟ فهو محْدِث. المغني 1/ 196.

ص: 29

وحُكي عن مالك روايتان: إحداهما: أنه يلزمه (أ) الوضوء إن كان شكه خارج الصلاة ولا يلزمه إن كان في الصلاة، والثاني: يلزمه بكل حال.

وحكى الرواية الأولى عن الحسن البصري وهو وجه شاذ، ويحكى (ب) عن بعض الشافعية.

وهذا إذا عرض الشك، وهو احتمال الأمرين من غير ترجيح، فإن رجح طرف العارض صار ظنا، وهو أيضًا كذلك، والخلاف في ذلك للمؤيد بالله (1) فإنه يعمل بالظن الغالب في الانتقال عن الأصل تحليلا وتحريما إجراء (جـ) له مجرى العلم، وكذا إذا تيقن الحدث، فإنه لا يعمل بما يطرأ له من شك إزالته أو ظنه إلا عند المؤيد بالله في الأخير، وأما إذا تيقن أنه وُجِد منه حَدَث وطهارة مثلًا بعد طلوع الشمس ولم يعرف السابق فهما، فإن كان لا يعرف حاله قبل طلوع الشمس لزمه الوضوء، وإن عرف حاله قال النووي (2) فيه أوجه لأصحابنا أشهرها عندهم: أنه يكون بضد ما كان قبل طلوع الشمس فإن كان قبلها محدِثًا فهو الآن متطهر، وإن كان قبلها متطهرا فهو الآن محدث، والثاني وهو (د) الأصح عند جماعات (هـ) المحققين أنه يلزمه الوضوء بكل حال، والثالث: يبنى على غالب ظنه، والرابع: يكون: كان قبل طلوع الشمس، ولا تأثير للأمرين الواقعين بعد طلوعها، وهذا الوجه غلط صريح وبطلانه أظهر من أن يستدل عليه، وإنما ذكرته لأنبه عليه. انتهى (3).

(أ) في جـ: يلزم.

(ب) في جـ: وحكى أيضًا.

(جـ) في هـ: أجرى.

(د) في جـ: و.

(هـ) في جـ: جماهير.

_________

(1)

البحر 1/ 82.

(2)

شرح مسلم 1/ 658.

(3)

شرح مسلم 1/ 658.

وقال: وكيف يحكم بأنه على حاله مع تيقن بطلانها بما وقع بعدها. اهـ.

ص: 30

65 -

وعن طَلْق بن عليّ رضي الله عنه قال: "قال رجل: مسستُ ذَكَري، أو قال: الرجل يمس ذكره (أفي الصلاة أ) عليه وُضُوء؟

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، إنما هو بُضعة منك" أخرجه الخمسة، وصححه ابن حبان (1)، وقال ابن المديني (2): هو أحسن من حديث بُسْرَة.

* هو أبو علي طَلْق بن علي بن طلق بن عمرو، ويقال: طلق بن علي بن قيس بن عمرو بن عبد الله الحنفي السحيمي اليمامي، وطَلْق: بفتح الطاء المهملة وسكون اللام، وسُحَيْم: بضم السين المهملة وفتح الحاء المهملة، روى عنه ابنه قيس (3).

والحديث رواه (ب) أيضًا أحمد (4) والدارقطني، وقال الطحاوي: إسناده مستقيم غير مضطرب، وصححه الطبراني وابن حزم (5)، وضعفه الشافعي، وأبو

(أ) ساقطة من ب وجـ وهـ.

(ب) زاد في جـ: عنه.

_________

(1)

لم أقف عليه بلفظه عند أحد من الخمسة، وأقربها لفظ أحمد:"كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، رجل فقال: مسست ذكري -أو: الرجل يمس ذكره في الصلاة عليه الوضوء؟ قال: "لا إنما هو بضعة منك" أحمد 4/ 23.

أبو داود بنحوه كتاب الطهارة باب الرخصة في ذلك 1/ 127 ع 182، الترمذي بمعناه أبواب الطهارة باب ما جاء في ترك الوضوء من مس الذكر 1/ 131 ح 85، النسائي نحوه كتاب الطهارة باب ترك الوضوء من ذلك (مس الذكر) 1/ 84، ابن ماجه بمعناه كتاب الطهارة باب الرخصة في ذلك (مس الذكر) 1/ 163 ح 483، ابن حبان -الموارد- بنحوه باب ما جاء في مس الفرج 77 ح 207 - 208، والدارقطني باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر 1/ 149، والمنتقى باب ما روي في إسقاط الوضوء منه 1/ 18، الطبراني الكبير 8/ 396 ح 8233.

(2)

التلخيص 1/ 134.

(3)

الاستيعاب 5/ 258، الإصابة 5/ 240.

(4)

قول الشارح: "أخرجه أحمد" لا فائدة منه لأن الخمسة رمز لأحمد مع الأربعة كما أشار المصنف في المقدمة.

(5)

المحلى 1/ 239 وصححه عمرو بن علي الفلاس. شرح معاني الآثار 1/ 76.

ص: 31

حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، والبيهقي، وابن الجَوْزِيّ (1).

وقوله: "بَضْعَة"(أ) بفتح الباء الموحدة وسكون الضاد المعجمة، وفي رواية:"حِذْوَة" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة، وهي (ب) ما قُطِعَ من اللحم طولا، وقيل الصواب حذيه بالياء المثناة من تحت كما في "النهاية"(2).

66 -

وعن بُسْرة بنت صفوان رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ مَسَّ ذَكره فلْيتوضَّأ" أخرجه الخمسة، وصححه الترمذي وابن حبان، وقال البخاري في غير "صحيحه" (جـ): هو أصح شيء في هذا الباب (3).

هي: بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى القرشية (د) الأسدية، وهي بنت أخي ورقة بن نَوْفَل، وقيل في نسبها غير ذلك، وبُسرة بضم الباء وسكون السين المهملة، روى عنها عبد الله بن عمر، ومروان بن الحكم، وابن المسيب (4).

(أ) زاد في هـ: منك.

(ب) في هـ: وهو.

(جـ) ساقطة من جـ، ومثبته في هـ بعد قوله:"في هذا الباب".

(د) في ب: الدمشقية، ولعله تصحيف.

_________

(1)

علل الحديث 1/ 48، سنن الدارقطني 1/ 149، التحقيق 1/ 127.

(2)

النهاية 1/ 357.

(3)

أحمد 6/ 407، وأبو داود كتاب الطهارة باب الوضوء من مس الذكر 1/ 125 ح 181، الترمذي بمعناه أبواب الطهارة باب الوضوء مِنْ مَسّ الذكر 1/ 126 ح 82، النسائي بنحوه الطهارة باب الوضوء من مس الذكر 1/ 83، ابن ماجه بنحوه كتاب الطهارة باب الوضوء مِن مَسّ الذَّكَر 1/ 161 ح 479، ابن حبان -موارد- باب ما جاء في مس الفرج 78 ح 213، الموطأ باب الوضوء من مَسّ الفَرْج 51، البيهقي الطهارة باب الوضوء من مس المرأة فرجها 1/ 132، مسند الشافعي 12، وابن خزيمة باب استحباب الوضوء من مس الذَّكَر 21/ 22 ح 33، المنتقى لابن الجارود 1/ 16، الحاكم 1/ 137.

(4)

قال مالك بن أنس: أتدرون مَنْ بسرة بنت صفوان هي جدة عبد الملك بن مروان أم أمه فاعرفوها. المستدرك 1/ 138، والمجموع 2/ 36، وقال ابن حجر غير ذلك. الاستيعاب 12/ 226، الإصابة 12/ 158.

ص: 32

الحديث رواه (أ) أيضًا الشافعي عن مالك، ورواه أحمد وابن خزيمة والحاكم وابن الجارود وصححه الترمذي، وصححه أحمد في رواية أبي داود (1)، وقال الدارقطني: صحيح ثابت (2) وصححه أيضًا يحيى بن معين فيما حكاه ابن عبد البر، وأبو حامد بن الشرقي (ب) والبيهقي والحازمي ولكن الحديث فيه مقال من جهتَيْن، إحداهما: أن رواية عروة لهذا (جـ) مِن طريق مروان، ومروان مُتَكَلَّمٌ فيه (3)، وقد (د) قيل إن مروان حدث به عروة فاستراب في ذلك عروة، فأرسل مروان رجلا من حرسه إلى بُسرة، فعاد إليه بأنها ذكرت ذلك، وهذا أيضًا لا يفيد فإن ذلك الحَرَسِيّ مجهول.

وثانيا: إن هشام بن عروة (4) راويه عن أبيه لم يسمع هذا الحديث من أبيه إنما أخذه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكذا قال النسائي إن هشاما لم يسمع هذا من أبيه.

و (هـ) أجيب عن الجهة الأولى بأن عروة سمعه من مروان قبل خروجه على أخيه، وجَرْحُه إنما هو بذلك، وفيه نظر.

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: البرقي.

(جـ) في ب: بهذا.

(د) ساقطة من جـ.

(هـ) في ب: الواو ساقطة.

_________

(1)

مسائل أحمد لأبي داود 309.

(2)

1/ 146 بلفظ صحيح، الاستذكار 1/ 309، معرفة السنن والآثار 1/ 343.

(3)

مروان بن الحكم بن أبي العاص، الأموي، أبو عبد الملك، توفي منة خمس وستين، وتكلموا عليه بأمرين:

1 -

قتله طلحة رضي الله عنه.

2 -

شهره السيف وطلبه الخلافة وقد تأول العلماء له قتل طلحة، وحمل عنه بعد ذلك بالمدينة لما كان أميرها وقبل شهره السيف سهل بن سعيد الساعدي وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وعروة بن الزبير وهؤلاء روى عنهم البخاري، الميزان 4/ 89، هدي الساري 443.

(4)

هشام بن عروة بن الزبير: ثقة فقيه توفي سنة 145، التقريب 364، ثقات العجلي 459.

ص: 33

وبأن عروة سمعه من بسرة كما جزم به ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة، وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان: قال عروة: فذهبتُ إلى بسرة فسألتها فصدَّقته (1)، واستدل على ذلك برواية جماعة من الأئمة له عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بُسْرَة، قال عروة: ثم (أ) لقيتُ بسرة فصدقته، وبمثل هذا أجاب الدارقطني.

وعن الثانية بأن (ب) هشاما سمعه أيضًا من أبيه بغير واسطة.

قال الطبراني بعد أن ساق إسناده: قال يحيى: فسألتُ هشاما فقال: "أخبرني أبي"(2)، وكذا الحاكم عن هشام:"حدثني أبي"، وكذا في مسند أحمد:"حدثني أبي"(3). وطريق الجَمْع أنه سمعه من أبي بكر عن أبيه، ثم سمعه من أبيه فحدَّث به مِن كِلا الطريقَيْن، وهاتان الجهتان غير قادحَتَيْن مع ما سمعتَ (4).

وقد ذهب إلى العمل بهذا جماعة من الصحابة والتابعين، ومن الفقهاء: الشافعي وأحمد ومالك في المشهور (5)، فقالوا: إنَّ مَسَّ الذَّكَر ينقض لهذا الحديث وغيره، وكذا المرأةُ مَسُّ فرجها ينقض لحديث عائشة في ذلك (6).

(أ) ساقطة من ب.

(ب) في هـ: أن.

_________

(1)

ابن خزيمة 1/ 22، وأحمد 6/ 407، والدارقطني 1/ 148، والحاكم 1/ 37، وابن حبان- موارد -1/ 77 - 78، قلتُ: ليس في صحيح ابن خزيمة فذهب إلى بسرة، وفي ابن حبان: فسألتُ بسرة فصدقته. وفي بعض الروايات عنعنةُ وعروة بن الزبير ليس بمدلس.

(2)

الطبراني الكبير 24/ 202 ح 519، وكذلك الترمذي 1/ 126.

(3)

أحمد 6/ 406 - 407.

(4)

وللحديث شواهد ومتابعات تعضد الحديث فيروى عن جابر وأبي هريرة وأبي أيوب وعنبسة بن عمرو وسعد ابن أبي وَقَّاص وابن عباس وابن عمر وأم حبيبة وعائشة وغيرهم. الترمذي 1/ 128.

(5)

المجموع 2/ 41، المغني 1/ 178، الكافي 1/ 149، قال ابن عبد البر: مسه ببطن الكف قاصدا لذلك.

(6)

قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضئون" قالت عائشة: =

ص: 34

وذهب إلى خلاف ذلك جماعةٌ من الصحابة والتابعين، وروي عن العترة جميعا والحنفية (1)، وهو المروي عن علي -كرم الله وجهه- ودليلهم على ذلك حديث طلق بن علي المتقدم، وغيره.

قالوا: وحديث بسرة غير صحيح لما تقدم فيه من المقال، وقد عرفتَ ما فيه.

وأجيب عنه بأن حديث بُسْرَة وإنْ لم يخرج في الصحيحَيْن فرجاله قد أخرجا لهم (2).

وقال الإسماعيلي: كان يلزم البخاري إخراجه لأنه على شرطه، فإنه قد احتج بمثله، وأيضًا فإن له شواهد، ففي الباب أحاديث كثيرة فقد رُوي عن جابر، وأبى هريرة، وعبد الله بن عمر (أ)، وزيد بن خالد، وسعد بن أبي وقاص، وأم حبيبة، وعائشة، وأم سلمة، وابن عباس، وابن عمرو (ب)، وطلق بن علي، والنعمان بن بشير، وأنس، وأبي بن كعب، ومعاوية بن حيدة، وقبيصة، وأروى بنت أنيس وكل هذه الأحاديث مُخَرَّجة والروايات تُقَوِّي بعضها بعضا.

(أ) في هـ: بن عمرو.

(ب) في هـ: وابن عمر.

_________

= بأبي وأمي هذا للرجال أفرأيت النساء؟ قال: "إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة" سنن الدارقطني 1/ 147.

وهو ضعيف لأن فيه عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري المدني. قال يحيى بن معين: ضعيف، وقال أحمد: ليس يساوي حديثه شيئًا، وقال الذهبي: هالك. الميزان 2/ 571.

وله طريق أخرى عند الطحاوي شرح معاني الآثار 1/ 44 وهو ضعيف أيضًا.

(1)

تبيين الحقائق 1/ 12، ورواية عن أحمد المغني 1/ 178.

(2)

وقال البيهقي: وإنما لم يخرجا في الصحيح حديث بسرة لاختلافٍ وقع في سماع عروة من بسرة، أو هو عن مروان عن بسرة ولكنهما احتجا بسائر رواته. نصب الراية 1/ 560.

وقال أبو بكر: وكان الشافعي رحمه الله يوجب الوضوء من مَسّ الذكر اتباعا لخبر بسرة بنت صفوان لا قياسًا. قال أبو بكر: وبقول الشافعي أقول؛ لأن عروة قد سمع خبر بسرة منها لا كما تَوَهَّمَ بعضُ علمائنا أَنَّ الخبر واهٍ لطعنه في مروان. صحيح ابن خزيمة 1/ 23.

ص: 35

قالوا: معارَض بحديث طلق بن علي وما روي عن علي رضي الله عنه: "ما أبالي أَنْفِي مَسَسْتُ أم أُذُنِي أم ذَكَرِي"، حكاه في "أصول الأحكام" و "الشفاء". وفي "التلخيص" نحوه عن عائشة رفعته (1) فيتوقف عن (أ) العمل به، ويرجع إلى الأصل. والأصل أنه لا نقض.

وأجيب بأن ذلك مع عدم المرجّح وعدم النسخ، وقد ادعى أنه منسوخ ابن حبان والطبراني وابن العربي والحازمي وآخرون (2)، وبَيَّن ذلك ابن حبان وغيره، وأثبت الحازمي القول بالنسخ بأنَّ وُفُود طلق بن علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان في ابتداء الهجرة وقت عِمارة المسجد، وبُسرة وأبو هريرة وابن عمرو متأخرو الإِسلام، ويؤيد هذا أن طلقًا المذكور روى أيضًا:"من مَسَّ فَرْجَه فليتوضأ"(3).

قال الطبراني (4): يُشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا ثم سمع هذا بعدُ فوافق حديث بسرة.

قال الطبراني (5): روى هذا الحديث -يعني حديث طلق في النقض- حمادُ بن محمد عن أيوب بن عتبة وهما عندي صحيحان، وقد تعقب عليه بأن حماد بن محمد هذا ضعيف، ويقال له الفزاري، ذكره الذهبي في "الميزان" ولم يذكر أحدًا وثّقه، وذكر عن صالح بن محمد الحافظ أنه ضعيف، وليس من رجال أحد الكتب الستة (6)، ومع هذا فقد خالفه عن أيوب بن عتبة جماعة [وأيوب بن

(أ) في د وهـ: على.

_________

(1)

قالت: "ما أبالي إياه مسست فرجي أم أنفي".

في المقصد العلي باب في مس الذكر 228 قال الحافظ في التلخيص: إسناده مجهول 1/ 136.

(2)

ابن حبان -الموارد- 1/ 55 والناسخ والمنسوخ للحازمي 43 وعارضة الأحوذي 1/ 118.

(3)

الطبراني 8/ 401 - 402 ح 2852.

(4)

الطبراني 8/ 402.

(5)

معجم الطبراني الكبير 8/ 402.

(6)

حماد بن محمد الفزاري ضعفه صالح بن محمد الحافظ، قال العقيلي: لم يصح حديثه، الميزان 1/ 599، ضعفاء العقيلي 1/ 313.

ص: 36

عتبة مُخْتَلَفُ فيه، وهو إلى الضعف أقرب] (أ)(1) فتبين من هذا أَن طَلْقًا روى الناسخ والمنسوخ، وأيضًا فإنه قد ورد النهي عن مس الذكر باليمين فكيف يشبه سائر الجسد، وهو لا ينهى عن مس شيء فيه باليمين؟ ما (ب) ذلك إلا لحكمة غاب عنا معرفتها فكان طريق الاحتياط ترك المَسّ وإعادة الوُضُوء.

وقد رُوِيَ عن مالك القول بندب الوضوء من ذلك (2)، وكأنه لَمَّا تعارض عليه الأمران فرجع إلى الاحتياط ندبا والأصل عدم النقض.

[واعلم أنَّ في دَعْوَى النسخ وإثباته بما ذكر نظر فإنه يجوز أنَّ طَلْقًا سمعه بعد إسلام أبي هريرة فيحتمل أن يكون الأمر بالعكس وأنه لا يتم إلا إذا علم أن طلقا توفي قبل إسلام أبي هريرة، ومع رواية طلق للأمْريْن فكذلك لا يتم إلا بمعرفة المتقدم وإلا وجب الترجيح](جـ)، والله أعلم.

67 -

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من أصابه قَيءٌ أو رُعَاف أو قَلَس أو مَذْي، فلْيَنْصرفْ فَلْيتوضَّأ، ثم لِيَبْنِ على صلاِتِهِ، وهو في ذلك لا يتكلم". أخرجه ابن ماجه، وضعفه أحمد وغيره (3).

(أ) بهامش الأصل.

(ب) في جـ: فما.

(جـ) بهامش الأصل.

_________

(1)

أيوب بن عتبة اليمامي أبو يحيى القاضي، ضعيف. التقريب 41، المغني في الضعفاء 1/ 97.

(2)

قال ابن عبد البر: مس الرجل لذكره بباطن الكف قاصدا لذلك فإن فعل ذلك فاعل وجب عليه الوضوء، واختلف عن مالك فيمن مَسَّ فَرْجَه ناسيًا أو بظاهر كفه وهو مع ذلك يستحب منه الوضوء. الكافي 1/ 149.

(3)

ابن ماجه كتاب الصلاة باب ما جاء في الِبنَاء على الصلاة 1/ 385 ح 1221، والدارقطني باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والحجامة ونحوه 1/ 153، البيهقي كتاب الطهارة باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث 1/ 142، ابن عدي في ترجمة إسماعيل بن عياش 1/ 288.

ص: 37

الحديث أعله غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة (1)، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج، [وهم: محمد بن عبد الله الأنصاري وأبو (أ) عاصم النبيل وعبد الرزاق وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم] (ب) فرووه [عن ابن جريج](جـ) عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا (2)، وصحح هذه الطريق المرسلة:(د) محمد بن يحيى الذهلي والدارقطني. في "الِعلَل" وأبو حاتم (3) وقال: رواية إسماعيل خطأ [فوصلة (هـ) بذكر عائشة وابن أبي مليكة](و)، وقال ابن معين: حديث ضعيف (4)، وقال ابن عدي (5): رواه إسماعيل مرة، وقال مرة: عن ابن جريج عن أبيه [عبد العزيز](ز) عن عائشة وكلاهما ضعيف (ح)، وقال أحمد (6): الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورواه

(أ) في جـ: وابن.

(ب، جـ) بهامش الأصل.

(د) ساقطة من جـ.

(هـ) في هـ وب: بوصله.

(و) بهامش الأصل.

(ز) بهامش الأصل وساقطة من جـ.

(ح) في جـ: ضعيفان.

_________

(1)

إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط عن غيرهم مر في ح 8.

(2)

ضعف هذا الحديث لرواية إسماعيل عن ابن جريج عن أبيه عن عائشة بينما رواه الحفاظ من طريق بن جريج عن أبيه مرسلًا.

(3)

علل الحديث، قال أبو زرعة: هذا خطأ، الصحيح عن ابن جريج عن أبيه عن بن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. علل الحديث 1/ 179.

(4)

تاريخ ابن معين، قال ابن معين: سليمان بن أرقم أبو معاذ ليس يساوي فلسًا 2/ 228.

(5)

الكامل لابن عدي ترجمة إسماعيل بن عياش 1/ 288 - 289.

(6)

سنن البيهقي 1/ 142.

ص: 38

الدارقطني (1) من حديث إسماعيل بن عياش أيضًا عن عطاء بن (أ) عجلان (2) وعباد بن كثير (3) عن ابن (ب) أبي مليكة عائشة، وقال بعده: عطاء وعباد ضعيفان. وقال البيهقي: الصواب إرساله (4)، وقد رفعه أيضًا سليمان بن أرقم عن ابن أبي مليكة (5)، وهو متروك.

* وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أصابه قَيْءٌ"، فيه دلاله على أنَّ القَيْءَ ينقض الوضوء وفي ذلك خلاف، فذهب أكثر (جـ) العترة وأبو حنيفة (6) وأصحابه إلى أنه ينقض الوضوء لهذا الحديث وغيره، ولكن بشرط (د) أن يكون من المَعِدَة (هـ وأن يكون ملء الفم دفعة، فأما (و) كونه من المَعِدَة فلأن القَيْءَ إنما هو لما خرج من المعدة هـ)، وأما اشتراط أن يكون ملء الفم دفعة واحدة فلأنه قد ورد التقييد بذلك في قوله (ز):"قَيْءٌ ذارع ودسعة (7) تملأ الفم"، وهذا مُطْلَقٌ والمُطْلَقُ يُحْمَلُ على المُقَيَّد.

(أ) في جـ: عن.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) في ب: أكثره.

(د) في ب: شرط.

(هـ، هـ) بهامش ب.

(و) في هـ: وأما.

(ز) في هـ: بقوله.

_________

(1)

سنن الدارقطني 1/ 154.

(2)

عطاء بن العجلان الحنفي أبو محمد البصري العطار، متروك. تهذيب التهذيب 7/ 208.

(3)

عباد بن كثير الثقفي البصري متروك. قال أحمد: روى أحاديث كذب. الميزان 2/ 371، التاريخ الكبير 6/ 43.

(4)

مختصر الخلافيات 1/ 222.

(5)

سنن الدارقطني 1/ 154، وسليمان بن أرقم أبو معاذ البصري، قال أحمد: لا يروى عنه، وقال ابن معين: ليس بشيء. ضعفاء العقيلي 2/ 121، الميزان 2/ 196.

(6)

البحر 1/ 87، الهداية 1/ 14.

(7)

دسع الرجل ودسع البعير بجرته دسعا إذا نزعها من كرشه وألقاها إلى فيه، وجعلها الزمخشري حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقول منسوب لعلِيّ، وقال الحافظ: لم أجده. النهاية 2/ 116، الفائق 1/ 423، الدراية 1/ 33.

ص: 39

وعمل زيد بن علي بإطلاقه فأوجب الوضوء من قليله لإِطلاق الحديث.

والجواب ما (أ) عرفت، واستثنى أبو حنيفة ومحمد البلغم (1) قالا: لصقالته وعدم اختلاطه بالنجاسة.

والجواب: الحديث مطلق وذلك التعليل غير مقيد.

وذهب الناصر والباقر والصادق والشافعي ومالك (ب) أن ذلك (2) غير ناقض مطلقا لما رُوِيَ عن ثوبان (قال: قلتُ)(جـ): يا رسولَ الله أَيَجِبُ الوضوء من القيء؟ قال: "لو كان واجبا لوجدته في كتاب الله" حكاه في "الانتصار"(3) والجواب أنَّ ذلك مفهومٌ والأول منطوق وهو أقوى، والقيء معتبر (د) فيه ذلك الاشتراط ولو كان دما اعتبارا بالمحل (هـ)، وعن المنصور بالله أنه كالدم اعتبارا بصفته، وعنه أنه كالدم في التنجيس وكالقيء في النقض.

ودل على أن الرعاف ناقض للوضوء، ويقاس عليه الدم الخارج من سائر الجسد ولكنه بشرط أن يكون دمًا سائلًا بأن يقطر أو يكون قدر الشعيرة من

(أ) في هـ: فالجواب ما قد.

(ب) زاد في هـ: إلى.

(جـ) ساقط من الأصل. والتصحيح من ابن بهران. انظر هامش رقم 3.

(د) في جـ: يعتبر.

(هـ) في جـ: بالمخرج.

_________

(1)

البحر 1/ 88، الهداية 1/ 14.

(2)

المجموع 2/ 55، وقال البغوي: هو قول أكثر الصحابة والتابعين. الكافي 1/ 151.

(3)

وعزاه ابن بهران في تخريجه (جواهر الأخبار والأزهار) إلى الانتصار 1/ 88، والذي في السنن ما رواه ابن معدان عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، قال: فلقيتُ ثوبان في مسجد دمشق فسألته عن ذلك، فقال: نعم أنا صببتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وَضُوءَه. الترمذي 1/ 142 - 143 ح 87. الحاكم 1/ 426 وشرح معاني الآثار 2/ 96، أحمد 6/ 443 - 5/ 195. البيهقي 1/ 144.

ص: 40

موضع واحد في وقت واحد إلى ما يمكن تطهيره، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:"أو دم سائل".

وعن المؤيد بالله أن السائل هو ما جاوز المحل عند خروجه وإن قَلَّ فإن منع السيلان بقطنة نقض عنده إذا جاوز المحل، وعلى مقتضى قول الهادوية أنه لا ينقض إلا إذا كان بحيث لو لم يمنع لسال، وهذا هو المراد بقولهم:"أو" تقديرا، وهذا ما لم يخرج من السبيلَيْن، فإن خرج منهما كان له حكم المحل، خلاف الإِمام يحيى، وكون الدم ناقضا هو قول القاسمية وأبي حنيفة وصاحبيه وأحمد (1) وإسحاق، والخلاف في ذلك لزيد بن عليّ والشافعي ومالك والناصر وجماعة من الصحابة والتابعين (2) فقالوا: إن خروج الدم غير ناقض، لحديث أنس الآتي (3)، وفيه مقال، وقد أُيد بآثار عن ابن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى، وأبي هريرة، وجابر، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"لا وضوء إلا من صَوْت أو ريح"(4). أخرجه أحمد والترمذي وصححه، وأحمد والطبراني (5) من حديث السائب بن خباب بلفظ:"لا وضوء إلَّا من ريحٍ أوَ سَماعٍ". والجواب (أعن ذلك بأن حديث الباب قول وحديث أنس حكاية فِعل، والقول أقوى، وأما حديث "لا وضوء" فهو عَامٌّ مخصوص، والله سبحانه أعلم.

(أ- أ) ساقطة من ب.

_________

(1)

يفرق الإمام أحمد بين القليل والكثير فيعفي من بزق دما ومن عصر بثرة فخرج دمًا وما شابهه. المغني 1/ 185، الهداية 1/ 14.

(2)

الإمام مالك والشافعي يَرَوْنَ أَنَّ الخارجَ من غير السبيلَيْن لا ينقض كدم الفصد والحجامة وغير ذلك. المجموع 2/ 55، الكافي 1/ 151.

(3)

72 ح 317.

(4)

الترمذي 1/ 109 ح 74، أحمد 2/ 471، ابن خزيمة 1/ 18 ح 27، البيهقي 1/ 117، ابن ماجه 1/ 172 ح 515.

(5)

أحمد 3/ 426، الطبراني الكبير 7/ 166 ح 6622، ابن خلاد وقال: فيه عبد العزيز بن عبيد الله ولم أر أحدًا وثّقه 1/ 242، الطبراني 7/ 166.

وفي الصحابة خلاد، خباب. الإصابة 4/ 108 - 109.

ص: 41

* "أو قَلَس": هو بفتح القاف واللام، ويُروَى سكونها (أ)، قال الخليل بن (ب) أحمد: هو ما خرج من الحَلق ملء الفم أو دونه، وليس بقيء، وإن عاد فهو القيء.

وقال ابن بهران في شرحه على "الأثمار": القَلَس هو المراد بالدسعة في الخبر، وهو قوله (1) صلى الله عليه وسلم:"دسعة تملأ الفم"، وفي "نهاية ابن الأثير"(2) مَنْ قاء أو قلس فليتوضأ، [القلس ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقيء، فإن عاد فهو القيء](جـ).

* والمذي قد تقدم الكلام فيه (3).

* قوله: "ثم ليِبْنِ على صلاته. . ." إلخ، فيه دلالة على أنَّ الصلاة لا تفسد إذا سبقه الحدث ولم يتعمد خروجه، فإنْ تعَمّد خروجه فإجماع على أنه ناقض، وهذا القول ذهب إليه أبو حنيفة وصاحباه، ومالك.

ورُوِيَ (4) عن زيد بن علي وقديم قولي الشافعي ذكره في "المهذَّب"، ولكن بشرط ألا يفعل شيئًا يُفسد الصلاة، والحلاف في ذلك للهادي والناصر والشافعي في أخير (د) قوليه، فقالوا: إنَّ الحدث (هـ) يوجب استئنافها لحديث علي بن طلق وسيأتي (5)(و) قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا فَسَا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليُعِد الصلاة" هذه رواية أبي داود، وروي عن علي - رضي

(أ) في جـ وب: بسكونها.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) هـ: آخر.

(هـ) في هـ: الحديث.

(و) ساقطة من جـ.

_________

(1)

قلنا: إن هذا من كلام الإمام علي رضي الله عنه.

(2)

النهاية 4/ 100.

(3)

انظر ح 62.

(4)

انظر تفصيل المسألة والكلام عليها في ح 154.

(5)

سيأتي في ح 154.

ص: 42

الله عنه - أنه (أ) قال: "من رعف -وهو في صلاته- فلينصرف وليتوضأ، وليستأنف الصلاة"، وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إذا قاء أحدكم في صلاته أو رعف فلينصرف وليتوضأ". حكىَ هذَيْن الحديثَيْن في "أصول الأحكام"(1)، وهذه الأحاديث متعارضة من الجانبين، ومع ذلك يرجع إلى الترجيع، وحديث استئناف الصلاة أرجح لأنه مثبِت حكم استئناف الصلاة، والآخر ناف، ولأن فيه زيادة تشديد وهي (ب) أرجح.

68 -

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لُحُوم الغَنَم؟ قال: إنْ شئتَ.

قال: أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال نعم" أخرجه مسلم (2).

* هو أبو عبد الله -ويقال أبو خالد- جابر بن سَمُرَة بن جنادة العامري السُّوَائيّ -بضم السين المهملة وتخفيف الواو- نسبة إلى سُوَاء -بضم السين المهملة والواو المفتوحة المخففة وبعدها ألف وبعد الألف همزة مفتوحة- من أجداده، وجابر ابن أخت سعد بن أبي وقاص، وأمه خالدة (جـ)، نزل الكوفة ومات بها سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة (د) ست وستين (3). روى عنه سِمَاك بن حرب، وعامر الشعبي، وحصين (هـ) بن عبد الرحمن.

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في هـ: وهو.

(ب) زاد في ب هامش هـ: بنت أبي وقاص.

(د) ساقطة من هـ.

(هـ) في جـ: وحضير.

_________

(1)

انظر تخريج الحديث.

(2)

مسلم ولفظه: "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا توضأ. ." كتاب الطهارة باب الوضوء من لحوم الإبل 1/ 275 ح 97 - 360، وابن ماجه كتاب الطهارة باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل 1/ 166 ح 495، وأحمد بنحوه 5/ 92.

ابن خزيمة باب الأمر بالوضوء من أكل لحوم الإبل 1/ 21 ح 31.

(3)

الاستيعاب 2/ 117، سير أعلام النبلاء 3/ 186، الإصابة 2/ 42، كرر الشارح الترجمة في 553 ح 144.

ص: 43

* والحديث رَوَى نحوه أبو داود والترمذي وابن ماجه (1) وغيُرهم من حديث البَرَاء بن عازب. قال (أ) صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا من لحوم الإِبل، ولا توضؤوا من لحوم الغنم" قال ابن خزيمة في "صحيحه": لم أر خلِافًا بين علماء الحديث أنَّ هذا الخبر صحيح (ب) من جهة النقل لعدالة نَاقِلِيْهِ (2).

* والحديثان فيهما دلالة على أنَّ أكل لحوم الإِبل يوجب استئناف الوضوء، وقد ذهب إلى هذا أحمد بن حنبل، وإسحاق ابن رَاهَوَيْه ويحيى بن يحيى وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة، وهو قول قديم للشافعي (3)، واختاره الحافظ البيهقي، وحُكي عن أصحاب الحديث مطلقا، وحكي عن الشافعي أنه قال: إن صح الحديث في لحوم الإِبل قلتُ به، قال البيهقي: قد صح فيه حديثان: حديث جابر وحديث البَرَاء.

وذهب الجماهير من العلماء إلى أنه لا ينقض، ومنهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأُبَيّ بن كعب وابن عباس وأبو الدَّرْدَاء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أُمامه وجماهير التابعين ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم، وهو المروي عن العترة عليهم السلام (4). قالوا: والحديثان منسوخان بحديث تَرْك الوضوء مما

(أ) في هـ وجـ: قال قال.

(ب) في هـ: لخبر.

_________

(1)

أبو داود 1/ 128 ح 184، والترمذي 1/ 122 ح 81، وابن ماجه 1/ 166 ح 494، وابن خزيمة 1/ 22 ح 32.

(2)

صحيح ابن خزيمة 1/ 22.

(3)

المغني 1/ 187، شرح مسلم 1/ 657، المجموع 2/ 57، 58، ورجحه النووي وقال: يعضده الدليل.

(4)

المجموع 2/ 58، الاستذكار 1/ 226، 227، البحر 1/ 95 - 96، شرح معاني الآثار 1/ 71 - 72.

ص: 44

مست النار (1). قال النووي (2): ودعوى النسخ باطل لأن هذا الحديث الأخير عام وذلك خاص، والخاص مُقَدَّم على العام. ويجاب عنه بأن ذلك وارد على قول من يقول: إن العام المتأخر مخصص بالخاص المتقدم كما هو مذهب الشافعي، وأما على قول من يقول إنه ناسخ فهو مستقيم دعوى النسخ (3).

وأقرب ما يستروح له من تقوية النسخ موافقة الخلفاء الأربعة وأكابر الصحابة والتابعين، وأظهر من ذلك ما رواه في "الشفاء" عن علي رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العَشْر الأواخر من شهر رمضان المُعَظَّم، فلما نادى بلال بالمغرب أُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكَتِف جَزُور مشوية، فأمر بلالا فكَفَّ هنيهة، فأكل عليه السلام وأكلنا، ثم دعا بلبن إبل قد مذق له (أ)، فشرب وشربنا، ثم دعا بالغسل فغسل يده من غمر اللحم ومضمض فاه ثم تقدم فصلى بنا ولم يحدث طهورا.

والجزور اسم لما يجزر (ب) من الإبل والبقر ولعله في الإبل أظهر. وقد أوّل

(أ) ساقطة من ب.

(ب) في جـ: لما جزر.

_________

(1)

حديث جابر: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار" ابن خزيمة 1/ 28، أبو داود 1/ 133 ح 192، النسائي 1/ 90، والبيهقي 1/ 155، والمنتقى 21 - 22. وفي الباب أحاديث أخرى.

(2)

شرح مسلم 1/ 657 - المجموع 2/ 60.

(3)

وذكر ابن قدامة في المغني أنه لا يصح لوجوه أربعة:

الأول: إن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل متأخر عن نسخ الوضوء مما مست النار أو مقارن له بدليل أن قرن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم وهي مما مست النار فإما أن يكون النسخ حصل بهذا النهي، وإما أن يكون بشيء قبله، فإن كان به والأمر بالوضوء من لحوم الإبل مقارن لنسخ الوضوء مما غيرت النار، فكيف يكون منسوخا به؟ ومن شروط النسخ تأخر الناسخ وإن كان الناسخ قبله لم يجز أن ينسخ بما قبله.

الثاني: إن أكل لحوم الإبل إنما نقض لكونه من لحوم الإبل لا لكونه مما مست النار ولهذا ينقض وإن كان نيئا.

الثالث: إن خبرنا صحيح مستفيض ثبتت له قوة الصحة والاستفاضة والخصوص، وخبرهم ضعيف لعدم الوجوه الثلاثة.

الرابع: ذكره الشارح. المغني 1/ 187.

ص: 45

حديث الوضوء (أ) من لحم الإبل بأنه يحتمل (ب) أن يراد الوضوء اللغوي، وهو غسل اليد بقرينة الأكل لشدة الزهومة في لحوم (جـ) الإبل وليس حدثا في نفسه (1)، والله أعلم، وقد عده الدميري مستحبا فذكره في "شرح المنهاج" من جملة الأنواع التي يستحب الوضوء بعدها.

69 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَسَل ميتا فلْيَغتَسِل، ومَنْ حَمَلَهُ فلْيَتوضَّأ".

أخرجه أحمد، والنسائي، والترمذي و (5) حَسَّنه، وقال أحمد: لا يصحّ في هذا الباب شيء. (2)

أخرجه أحمد والبيهقي من رواية ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وصالح ضعيف (3)، وأخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد العزيز

(أ) في هـ: للوضوء.

(ب) في هـ: يحمل.

(جـ) في ب: لحم.

(هـ) في جـ: الواو ساقطة.

_________

(1)

وهذا فيه نظر؛ لأن الأمر من الشارع للوجوب والحكم صريح في وجوب الوضوء لأنه سئل عن الحكم ففرق بين الإبل والغنم فتفريقه له معنى، ثم لو كانت العلة الزهومة لكانت موجودة أيضًا في الغنم.

(2)

أحمد 2/ 454، الترمذي بمعناه كتاب الجنائز باب ما جاء في الغسل من غسل الميت 3/ 318 ح 993، أبو داود كتاب الجنائز باب في الغسل من غسل الميت 3/ 511 ح 3160، ابن ماجه ولم يذكر "ومن حمله" كتاب الجنائز باب ما جاء في غسل الميت 1/ 470 ح 1463، والبيهقي الطهارة باب الغسل من غسل الميت 1/ 303 وقال: صالح مولى التوأمة ليس بالقوي، ابن حبان -موارد- كتاب الجنائز باب غسل الميت وإجماره 191 ح 751.

(3)

صالح بن نبهان سمع منه ابن أبي ذئب قبل الاختلاط قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب. التقريب 150، ميزان الاعتدال 2/ 302، المغني في الضعفاء 1/ 305.

ص: 46

ابن المختار وابن حبان. من رواية حماد بن سلمة كلاهما عن سُهَيل بن أبي صالح (1) عن أبيه عن أبي هريرة، وهذا الحديث حَسَّنَهُ الترمذي وصححه ابن حبان (2)، وقد خرج هذا الحديث من طرق كثيرة يمكن تصحيح بعضها وأقل مراتبها الحَسَن حتى ذكر الماوردي أَنَّ بعضَ أصحاب الحديث خرج لهذا مائة وعشرين طريقا (3)، وإنما أجاب أحمد عن هذا بأنه منسوخ وكذا أبو داود، ودليل النسخ ما رواه البيهقي (4) عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس عليكم في غَسْلِ مَيِّتكم غُسْل إذا غَسّلْتُموهُ، إنَّ ميتكم لمؤمن طاهر (أ) وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"، وضعفه البيهقي بأبي شيبة (5)، وأبو شيبة المذكور في إسناد هذا الحديث -هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة- احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومن فوقه من رجال إسناد الحديث، احتج بهم البخاري، وقد يجعل هذا الحديث قرينة على حَمْل الأمر بالغسل والوضوء على النَّدْب، أو الراد بالغسل للأيدي كما صرح به في هذا، ويدل على (ب) الندب ما أخرجه عبد الله بن أحمد عن ابن عمر (6):"كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل".

قال المصنف (7) رحمه الله: وهذا إسناد صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث وسيأتي زيادة (جـ) تحقيق في باب الغسل.

(أ) في النسخ يموت طاهرًا والتصحيح من البيهقي. انظر هامش 4.

(ب) زاد في ب: هذا.

(جـ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

سهيل بن أبي صالح -ذكوان السمان- أبو يزيد المدني اختلط بأخرة، اختلف فيه روى عن الجماعة، والبخاري استشهادا. الميزان 2/ 243، التقريب 139.

(2)

الترمذي 3/ 319 - ابن حبان- موارد- الجنائز 1921 ح 751.

(3)

التلخيص 1/ 145.

(4)

البيهقي 1/ 306 بلفظ: "إن ميتكم لمؤمن طاهر".

(5)

إبراهيم بن عمان أبو شيبة العبسي الكوفي قاضي واسط، قال شعبة: كذوب، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث، قال ابن حجر: متروك الحديث. الميزان 1/ 47، التقريب 22، المغني في الضعفاء 1/ 20.

قال المؤلف في ح 93 إسناده حسن، ولعله نظر إلى احتجاج النسائي وتوثيق الناس له.

(6)

أورده الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخرومي، التاريخ 5/ 424.

(7)

التلخيص 1/ 146.

ص: 47

70 -

وعن عبد الله بن أبي بكر (1) رضي الله عنهما: "إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: أن لا يمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ".

رواه مالك مرسلًا، ووصله النسائي وابن حبان، وهو مَعْلُول (2).

هو عبد الله بن أبي بكر الصديق القرشيّ التَّيْمِيّ شهد الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُمِي بسهم، رماه أبو محجن الثقفي فبرئ ثم انتقض عليه فمات منه في أول خلافة أبيه في شوال سنة إحدى عشرة وكان أسلم قديما ولم يسمع له بمشهد إلا شهوده الفتح وحُنَينا والطائف (3).

الحديث رواه أبو داود في "المراسيل"(4) عن ابن شهاب، فال: قرأتُ في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران. . .، وهو الكتاب الطويل المشتمل على ذِكْر الديات، ووصله النسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي (5) وفي الإِسناد سليمان بن داود قال: حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزم عن أبيه عن جده، وسليمان بن داود هذا متفقٌ على تركه، كذا قال ابن حزم (6)، ونقل عن أحمد أنه قال: أرجو أن يكون صحيحا (7)، قال:

(1) عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزْم الأنصاري المدني القاضي: ثقة، روى له الجماعة وهو غير عبد الله بن أبي بكر الصديق الذي ترجم له المؤلف لأن مالكًا في الموطأ يقول:(حدثني يحيى بن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم: إن في الكتاب).

(2)

الموطأ كتاب القرآن باب الأمر بالوضوء لمن مَسَّ القرآن 141، النسائي ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول واختلاف الناقلين لها 8/ 52، ابن حبان -موارد- كتاب الزكاة باب فرض الزكاة وما تجب فيه 202 ح 793، الحاكم كتاب الزكاة 1/ 395، البيهقي كتاب الطهارة باب نهي المُحْدِث عن مس القرآن 1/ 87، والدارمي كتاب الطلاق باب لا طلاق قبل نكاح 2/ 161، والدارقطني في الطهارة باب في نهي المُحْدِث عن مس القرآن 1/ 121، وقال: مرسل ورواته ثقات، ابن الجارود في المنتقى 265.

مسند إسحاق ابن راهويه (المطالب العالية) 1/ 28 - 29.

(3)

الاستيعاب 6/ 119 الإصابة 6/ 26.

(4)

المراسيل ص 13.

(5)

النسائي كتاب الديات 8/ 52، ابن حبان -موارد 202 ح 793، الحاكم كتاب الزكاة 1/ 395 - 397، البيهقي 1/ 87.

(6)

المحلى 6/ 13.

(7)

الميزان 2/ 200.

ص: 48

وهو من رواية سليمان بن داود (1) الخولاني، وهو ثقة، والذي قال إنه سليمان بن داود (2) اليمامي الذي هو ضعيف فقد وهم، وكلا الرجلَيْن يروي عن الزهري، قال: وقد أثنى على سليمان بن داود الخولاني هذا أبو زرعة وأبو حاتم وعثمان بن سعيد وجماعة من الحفاظ (3)، وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعةٌ من الأئمة لا من حيث الإِسناد بل من حيث الشهرة، فقال الشافعي في "رسالته" (4): لم يقبلوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، (أوقال ابن عبد البر أ) أشبه المتواتر (ب) لتلقي الناس له بالقَبُول والمعرفة، وقال يعقوب بن (جـ) سفيان (5): لا أعلم كتابًا أصح من هذا الكتاب، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين يرجعون إليه، وَيَدعون رأيهم، وقال الحاكم (6): قد شهد عمر بن عبد العزيز وإمام عصره الزهري بالصحة لهذا الكتاب ثم ساق ذلك بسنده إليهما.

وفي الباب من حديث حكيم بن حِزام: "لا يمس المصحف إلا طاهر"(7)،

(أ، أ) بهامش ب.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) في النسخ يعقوب بن أبي سفيان، والصحيح المثبت.

_________

(1)

سليمان بن داود، الخولاني، دمشقي، سكن داريا، صدوق.

قال ابن معين: لا يُعْرَف، وقال ابن عدي: ويحيى بن حمزة عن سليمان بن داود الخولاني الدمشقي أحاديث كثيرة، وأرجو أنه ليس كما قال يحيى بن معين، وأحاديثه حسان كأنها مستقيمة. الكامل لابن عدي 3/ 1123، الميزان 2/ 200، التقريب 133.

(2)

سليمان بن داود اليمامي أبو الجَمَل. قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري منكر الحديث. الميزان 2/ 202، الكامل 3/ 1125.

(3)

الجرح والتعديل 4/ 110، الكامل 3/ 1123، الميزان 2/ 200.

(4)

الرسالة 422 - 423 رقم 1163.

(5)

لم أقف عليه في المعرفة والتاريخ.

(6)

المستدرك 1/ 397.

(7)

رواه الحاكم في المستدرك كتاب الفضائل 3/ 485، والدارقطني بمعناه 1/ 22.

ص: 49

وفي إسناده سويد أبو (أ) حاتم (1)، وهو ضعيف، ومن حديث ابن عمر (2) رواه الدارقطني والطبراني، وإسناده لا بأس به، وذكر الأثرم أن أحمد احتج به وغير ذلك، وفي الكل مقال: إلا أنه يقوي بعض الأحاديث بعضا.

والنهي يدل (ب) على أنه لا يجوز لَمْس المصحف لمن ليس بطاهر بأن يكون مُحْدِثًا، فإن كان بالحَدَثِ الأكبر فإجماع إلا ما يُرْوَى عن داود، وإن كان بالحَدَث الأصغر فمذهب العترة إلا الإمام يحيى وبعض الفقهاء أن ذلك جائز (جـ) وأكثر الفقهاء والإمام يحيى لا يجوز، قالوا لقوله تعالى:{لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ (79)} (3) ولما تقدم من الحديث (4)، وأجيب عن الآية بأن الضمير عائد إلى المكنون من (د) اللوح المحفوظ، وهو كذلك لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، والحديث متأول بالطهارة من الحَدَث الأكبر، والقرينة على ذلك قياس اللمس على التلاوة ودخول المسجد ومتنجس البدن، والله أعلم.

71 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أَحْيانِه" رواه مسلم وَعلَّقه البخاري (5).

(أ) في النسخ: سويد بن أبي حاتم، والصحيح المثبت.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) في هـ: فجائز.

(د) في هـ: في.

_________

(1)

هو سويد بن إبراهيم البصري العطار أبو حاتم صاحب الطعام، قال أبو زرعة: ليس بالقوي، وقال ابن حجر: صدوق سيء الحفظ له أغلاط، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، قال الذهبي: أسرف فيه. الميزان 2/ 237، التقريب 140، المجروحين 1/ 350.

(2)

أخرجه البيهقي بلفظ: "لا يمس القرآن إلا طاهر" 1/ 88، والدارقطني 1/ 22 وفيه سليمان بن موسى الأشدق أبو أيوب الدمشقي قال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، اختلط بأخرة. التقريب 136، ضعفاء العقيلي 2/ 140، الكواكب 469.

(3)

الآية 79 من سورة الواقعة.

(4)

انظر المغني 1/ 147، المجموع 2/ 69 - 70.

(5)

مسلم الحيض -باب ذِكْر الله تعالى في حال الجَنَابَة وغيرها 1/ 282 ح 117 - 373، البخاري =

ص: 50

هذا الحديث أصل في جواز ذكر الله تعالى بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد وشبهها من الأذكار في حال الجنابة والحدث، وهذا جائز بإجماع المسلمين، واختلف العلماء في جواز القراءة للقرآن (أ) للجُنُب والحائض، والجمهور على تحريم ذلك، ولا فَرْق بين آية وبعض آية، ويجوز أَنْ يُجْرِيَا القرآن على قلوبهما، وأن ينظرا في المصحف، ويستحب لهما التسمية في الغُسل، وكذا على الطعام ونحوه.

(ب ووقولها: "على كل أحيانه". (جـ مخصوص بما (د) سِوَى المواضع التي يكره الذكر فيها كحال البول ب) والغائط والجِمَاع، ويكون الراد بكل جـ) أحيانه أي المُعْظَم كحال الطهارة والحدث والقيام والقعود ونحو ذلك.

72 -

وعن أنس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وصلَّى ولم يتوضّأ". أخرجه الدارقطني (1) ولينه؛ لأن في إسناده صالح بن مقاتل (2)، وقال: إنه ليس بالقوي.

(أ) زاد في هـ: و.

(ب، ب) بهامش هـ.

(جـ، جـ) بهامش ب.

(د) في هـ: ما.

_________

= كتاب الحَيض باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت 1/ 407، أبو داود كتاب الطهارة باب في الرجل يذكر الله على غير طهر 1/ 24 ح 18، أحمد 6/ 70، الترمذي كتاب الدعاء باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة 5/ 462 ح 3381، ابن ماجه كتاب الطهارة باب ذكر الله عز وجل على الخلاء والخاتم 1/ 110 ح 303، والحديث يدل على جواز القراءة للجنب، وجمهور العلماء على أنه لا يجوز قراءة شيء من القرآن.

وقيل: يجوز، ويروى عن ابن عباس أنه يقرأ ورده، وروى عن الأوزاعي: يقرأ آية الركوب والنزول، وعن سعيد بن المسيب: يقرأ القرآن أليس هو في جوفه.

والقراءة للحائض مثل الجنب، إلا أن مالكا فَرَّق بين الحائض لطول فترتها وتعذر الطهارة عليها فربما نسيت، والجنب ليس كذلك.

المغني 1/ 143 - المجموع 2/ 160.

(1)

الدارقطني الطهارة باب في الوضوء من الخارج من البدن كالرعاف والقيء والحجامة 1/ 152 بلفظ (فصلى) بدل (وصلى)، وبقيته:"ولم يزد على غسل محاجمه" قال الدارقطني: حديث رفعه ابن أبي العشرين، ووقفه أبو المغيرة على الأوزاعي والبيهقي كتاب الطهارة باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث 1/ 141.

(2)

في صالح بن مقاتل انظر: الميزان 2/ 301، لسان الميزان 3/ 177، المجروحين 1/ 373.

ص: 51

وذكره (أ) النووي في فصل الضعيف.

وفي الباب: أن الدم لا ينقض عن ابن عمر، وعن ابن عباس، وعن ابن أبي أوفى، وعن أبي هريرة موقوفًا، وعن جابر (1) وهي كلها مخرجة موصولة إلا حديث جابر فعلقه البخاري ووصله غيره، والكلام تقدم على هذا قريبا.

73 -

وعن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فإذا نامت العَيْنانِ اسْتَطْلَقَ الوكاءُ"، رواه أحمد والطبراني (2) وزاد:"وَمَنْ نام فلْيَتَوَضَّأ"(3) وهذه الزيادة في هذا الحديث عند أبي داود من حديث علي دون قوله: استطلق الوكاء وفي كلا الإِسنادين ضعف.

ولأبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: "إنما الوضوء على مَنْ نام مضطجعا"(4) وفي إسناده ضعف أيضًا.

هو أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان، واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة ابن عبد شمس، كان هو وَأبوهْ من مُسْلِمَةِ الفتح، ثم من المؤلفة قلوبهم، قيل:

(أ) في هـ: وذكر.

_________

(1)

حديث ابن عمر رواه ابن أبي شيبة 1/ 138، البيهقي 1/ 141، عبد الرزاق 1/ 145 ح 553.

حديث ابن عباس: البيهقي في المعرفة 1/ 367، البيهقي 1/ 140.

حديث ابن أبي أوفى البيهقي في المعرفة 1/ 368.

حديث جابر أخرجه أبو داود كتاب الطهارة باب الوضوء من الدم 1/ 198 ح 136.

(2)

أحمد 4/ 97 بلفظ (إن العينين)، الطبراني الكبير بلفظ (إنما العين. .) 19/ 372 - 373، سنن الدارقطني باب في ما روي فيمن نام قاعدا أو قائما ومضطجعا وما يلزم من الطهارة في ذلك 1/ 160 ح 2.

الدارمي باب الوضوء من النوم 1/ 184، البيهقي مرفوعًا وموقوفا الطهارة باب الوضوء من النوم 1/ 118، المقصد العلي باب الوضوء من النوم 224 ح 141.

(3)

لم يذكر في مجمع الزوائد الزيادة، وذكرها الزيلعي في نصب الراية 1/ 46.

(4)

أبو داود الطهارة باب في الوضوء من النوم 1/ 139 ح 202، البيهقي الطهارة باب ما ورد في نوم الساجد 1/ 121.

ص: 52

إنه ممن كَتَبَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم الوحي، وقال الذهبي (1): إنما كَتَبَ كُتُبًا للنبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه وبين العرب، تولى الشام بعد أخيه يزيد في زمن عمر ولم يزل بها متوليا حاكمًا إلى أن مات، وذلك أربعون سنة، ومات سنة ستين في رجب بدمشق وله ثمان وسبعون سنة، وقيل: ست وثمانون سنة (2).

ضعف (أإسناد الأول ببقية (3) عن أبي بكر بن أبي مريم (4)، وهو ضعيف أ)، وإسناد الثاني (5) ببقية عن الوَضِين بن عطاء (6)، قال الجُوْزَجَانِيّ (7): واهي، وقال ابن أبي حاتم (8): سألتُ أبي عن هذين الحديثَيْن فقال: ليسا بقَوِيَّيْن، وقال أحمد: حديث علي أثبت من حديث معاوية في هذا الباب، وحَسَّنَ المنذري وابن الصلاح والنووي حديث علي (9)، وقال الحاكم في "علوم الحديث" (10): لم يَقُلْ فيه: "ومن نام فليتوضأ" غير إبراهيم بن موسى الرازي، وهو ثقة، كذا قال وقد تابعه غيره (11).

(أ، أ) بهامش ب.

_________

(1)

سير أعلام النبلاء 3/ 120.

(2)

الاستيعاب 10/ 134، الإصابة 9/ 230.

(3)

بقية بن الوليد بن صائد أبو يحمد الحميري الحمصي مر في ح 12.

(4)

أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، قيل اسمه بكير، وقيل عبد السلام، ضعيف، وكان قد اختلط، قال أبو داود: سرق لأبي بكر بن أبي مريم حلي فأنكر عقله. وقال أحمد: ليس بشيء. المجروحين 3/ 146، المغني في الضعفاء 2/ 774، التقريب 396.

(5)

أي حديث علي وقد أخرجه أبو داود وابن ماجه.

(6)

الوضين بن عطاء الشامي أبو عبد الله الخزاعي، صدوق سيء الحفظ، قال أحمد: ما به بأس، وقال ابن سعد: ضعيف الحديث. ضعفاء العقيلي 4/ 329، المغني في الضعفاء 2/ 720، التقريب 369.

(7)

لفظ الجوزجاني: متروك. أحوال الرجال 168.

(8)

علل ابن أبي حاتم 1/ 47 ح 106.

(9)

المجموع 2/ 13، المنذري في كلامه على أحاديث المهذب البدر 2/ 198، وقال في مختصر سنن أبي داود: في إسناده بقية والوضين وفيهما مقال 1/ 145.

(10)

علوم الحديث 133.

(11)

تابعه محمد بن المصفى الحمصي عند ابن ماجه 1/ 161 ح 477، وحيوة بن شريح الحمصي عند أبي داود 1/ 140 ح 203 وكلاهما من حديث علي.

ص: 53

والسَّهِ بفتح السين المهملة وكسر الهاء في هذا الحديث، وهي الدُّبُر، وفي الديوان: السَّهِ (أ) الاست، وأصلها سته فحُذِفَت العين اعتباطا، وتُرَدّ في التصغير، جعل اليقظة كالوكاء للقِرْبة، وهو الخيط الذي يشد به فوها، والكلام (ب) تقدم على فقه الحديث في أول الباب فارجع إليه.

74 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "يأتي أحدكم الشيطان في صلاته (جـ)، فينفخ في مقعدته، فيخيل إليه أنه أحْدَث، ولم يُحْدِثْ، فإذا وجد ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا" أخرجه البزار (1)، وأصله في الصحيحَيْن من حديث عبد الله بن زيد (2).

ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه نحوه (3).

وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعًا: "إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك (د) أحدثت، فليقل كذبتَ"(4) وأخرجه ابن حبان بلفظ: ". . فليقل في نفسه. ."(5).

حديث ابن عباس أخرجه البزار، وفي إسناده أبو أُوَيْس (6)، ولكن تابعه الدراوردي عند البيهقي، وحديث عبد الله بن زيد في الصحيحَيْن، وهو عبد الله بن زيد بن عاصم، وحديث أبي هريرة تقدم في هذا الباب، وحديث أبي سعيد

(أ) في جـ: أنه.

(ب) زاد في ب: قد.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) في جـ وقال أحدثت.

_________

(1)

كشف الأستار باب ما ينقض الوضوء 1/ 147 ح 281، مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني في الكبير 1/ 242، وقال: رجاله رجال الصحيح.

(2)

البخاري 1/ 237 ح 137، مسلم 1/ 276 ح 98 - 361.

(3)

مسلم 1/ 276 ح 99 - 362.

(4)

الحاكم 1/ 134 - أحمد 3/ 54.

(5)

ابن حبان -موارد- 73 ح 187.

(6)

عبد الله بن عبد الله بن أبي عامر أبو أويس المدني صدوق يَهِم.

الميزان 2/ 450، التقريب 178.

ص: 54

أخرجه الحاكم من طريق عياض بن عبد الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء. ." الحديث، بزيادة بعد قوله "كذبتَ": إلا ما وجد ريحا بأنفه أو سَمِعَ صوتا بأذنه". وهو عند أحمد بلفظ: "إن الشيطان ليأتي أحدكم في صلاته فيأخذ شعرة من دبره فيمدها فيرى أنه أحدث، فلا ينصرف حتى يسمع صوتا" (1) وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان (2)، والكلام على فقه (أ) الحديث تقدم في هذا الباب فارجع إليه.

[اشتمل الباب على خمسة عشر حديثًا](ب).

(أ) زاد في ب: هذا.

(ب) بهامش الأصل وهـ.

_________

(1)

أحمد 3/ 96.

(2)

علي بن زيد بن جدعان ضعيف.

ص: 55