المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الغسل وحكم الجنب - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٢

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب الغسل وحكم الجنب

‌باب الغُسْل وحكم الجُنُب

90 -

عن أبي سعيد الُخْدرِيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الماء مِن الماء" رواه مسلم وأصله في البخاري (1).

الغُسل بضم الغين اسم للاغتسال (أ)، وقيل: إذا أريد به الماء فهو مضموم، وأما المصدر فيجوز فيه الضم (ب) والفتح، حكاه ابن سِيدَه وغيره، وقيل: المصدر بالفتح والاغتسال بالضم، وقيل: الغُسِل بالفتح فعل المغتسل، وبالضم الماء الذي يغتسل به، وبالكسر ما يجعل مع الماء كالأشنان (2).

وحقيقة الغسل: جريان الماء على الأعضاء، واختلف في وجوب الدلك فأوجبه الهادي والمؤيد وأبو طالب وغيرهم من الأئمة، ونُقل عن مالك (3) والمُزَنيّ، واحتج ابن بطال بالإِجماع على إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها، فيجب ذلك في الغسل قياسا لعدم الفرق بينهما، وأجيب بأَنَّ مَنْ لم يوجِب الدلك أجازوا غمس اليد في الماء للمتوضئ (جـ) من غير إمرار، فَبَطَلَ

(أ) في جـ: الاغتسال.

(ب) في جـ: الفتح والضم وقد أشار الناسخ إلى التقديم والتأخير.

(جـ) في جـ: الوضوء.

_________

(1)

أخرجه مسلم وفيه قصة الطهارة باب الماء من الماء 1/ 269 ح 80 - 343، أبو داود الطهارة باب في الاغتسال 1/ 148 ح 217، الترمذي عن أبي سعيد معلقا 1/ 186، أحمد 3/ 29، البيهقي باب وجوب الغسل بخروج المني 1/ 167، ابن خزيمة باب الغسل من الإمناء، وإن كان الإمناء من غير جماع

الخ 1/ 117 ح 233.

وأصله في البخاري كتاب الوضوء باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين 1/ 284 ح 180، ومثله ابن ماجه الطهارة باب الماء من الماء 1/ 199 ح 606.

(2)

القاموس 4/ 25.

(3)

مشهور مذهب مالك أنه لا يجزئه حتى يتدلك: الاستذكار 1/ 329، وقال به أبو يوسف من الحنفية حاشية رد المحتار 1/ 152.

ص: 97

الإِجماع، وانتفت الملازمة، وذهب أبو حنيفة (1) والشافعي -وهو قول الأكثر- إلى عدم وجوبه، وقال الناصر ومحمد بن الحسن ورواه في "الزوائد" عن زيد بن علي: أن جري الماء على الأعضاء في الغسل غير واجب، وإنما الواجب الإِمساس بالماء، وفَرَّقُوا بين الغسل والمسح، أَنَّ المسح لا يجب فيه الاستيعاب، والغسل يجب فيه استيعاب البدن.

وحديث "الماءُ مِن الماءِ" رواه مسلم في قصة عتبان بن مالك (2)، والبخاري ذكر القصة وفيها "إذا أعجلت أو قُحِطْتَ فعليك الوضوء"(3) ولم يذكر الماء من الماء، ورواه أبو داود وابن خُزَيمة (4) وابن حبان بلفظ الباب، ورواه أحمد والنسائي وابن ماجه والطبراني من حديث أبي أيوب (5)، ورواه أحمد (6) من حديث رافع بن خُدَيْج، ومن حديث عِتبان بن مالك (7)، والطحاوي (8) من حديث أبي هريرة، وابن شاهين في "ناسخه" من حديث أنس، وقد جمع طرقه الحازمي (9)، وقَبْلَهُ ابنُ شاهين.

والحديث يدل بمفهوم الحَصْر أنه لا يجب الغُسْل إلا مِن الإِنْزَالِ فَقَط، والإِجماع منعقد في هذه الأعصار على تَرْكِ العمل بذلك المفهوم، وأنه يجب الغسل من التقاء الختانَيْن وإن لم يُنْزِلْ، بعد وقوع الخلاف من جماعة من

(1) حاشية رد المحتار 1/ 152، المجموع 2/ 188 - 189.

(2)

صحيح مسلم 1/ 269 ح 80 - 343.

(3)

البخاري 1/ 284 ح 180.

(4)

1/ 117 ح 233.

(5)

حديث أبي أيوب رواه أحمد 5/ 416، ابن ماجه 1/ 99 ح 607، النسائي 1/ 96، الطبراني 4/ 316 ح 4374.

(6)

و (7) أحمد 4/ 43، 4/ 342.

(8)

شرح معاني الآثار 1/ 54.

(9)

الناسخ والمنسوخ للحازمي 27 - 34.

ص: 98

الصحابة، فَرُوِيَ عن عثمان أنه (أ) يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره، وقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1). وقال زيد بن خالد الجهني: فسألتُ (ب) عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأُبى بن كعب رضي الله عنهم فأمروه بذلك. ورُوِيَ عن أبي أيوب (2) أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، ورُوِيَ مثلُ ذلك من حديث أُبَي بن كعب. أخرج ذلك كله في "صحيح البخاري"، وذهب الجمهور من العلماء إلى أن ما دل عليه حديث الباب منسوخ بحديث أبي هريرة الآتي، وحديث عائشة:"فَعَلْتُهُ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا"(3)، ويدل على النَّسْخَ ما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري عن سهل بن سعد: حدثني أُبَيّ بن كعب: أن الفتيا التي كانوا يقولون: الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإِسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد (4). صححه ابن خُزَيمة وابن حِبَّان، وقال الإِسماعيلي: هو صحيح على شرط البخاري، وله علة من حيث الاختلاف في كون الزُّهْرِيّ سمعه من سهل بن سعد (5)، وقد أخرجه أبو داود وابن خزيمة أيضًا من طريق أبي حازم عن

(أ) زاد في جـ: كان.

(ب) في جـ: فسأل.

_________

(1)

البخاري في الغسل 1/ 396 ح 292. ومسلم 1/ 270 ح 86 - 347.

(2)

البخاري 1/ 398 ح 293، ومسلم 1/ 270 ح 84 - 346.

(3)

الدارقطني باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان 1/ 111، وقد أعله البخاري بأن الأوزاعي أخطأ فيه ورواه غيره عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلًا. واستدل على ذلك بأن أبا الزناد قال: سألت القاسم بن محمد: سمعت في هذا الباب شيئًا؟ قال: لا. التلخيص 1/ 142، وقلت: تؤيده رواية مسلم "إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل" 1/ 272. وأخرجه مسلم بلفظ (إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل) 1/ 272 ح 89 - 350 وهو أصرح بالمراد.

(4)

أبو داود 146 ح 214، ابن ماجه 0/ 200 ح 609.

الترمذي 1/ 183 ح 110 - أحمد 5/ 115.

ابن حبان -الموارد- 80 ح 228، ابن خزيمة 1/ 112 ح 225.

(5)

أعل هذا الحديث بأن الزهري لم يسمعه من سهل. لأن روايه ابن ماجه: قال: وعند أبي داود أخبرني =

ص: 99

سهل (1)، ولهذا الإِسناد أيضًا عِلَّة أخرى ذكرها ابنُ أبي حاتم (2)(أ)، وفي الجملة هو صالح لأن يُحْتَجَّ به، وهو صريح في النسخ على أن حديث الغُسل وإن لم ينزل أرجح لأنه منطوق، وروى ابن أبي شيبة وغيره عن ابن عباس (3) أنه حَمَلَ حديث "الماء من الماء" على ما يقع في حال المنام من رؤية الجِمَاع، [وقال البخاري: الغُسل أحوط (4)، واستشكله ابن العربي (5) وقال: إيجاب الغسل أطبقَ عليه الصحابة ومَن بعدهم، وما خالف فيه (ب) إلا داود ولا عِبرة بخلافه، وقال: يحتمل أنه أراد "أحوط" أي: في الدين، وتعقب ابن العربي بدعوى إجماع الصحابة بأنه قال به جماعةٌ من الصحابة، ومن التابعين الأعمش، وتَبِعَه عِياض، وقد ثبت الخلاف بعد الصحابة عن أبي سَلَمَة بن عبد الرحمن، وفي سنن أبي داود (6) عن عطاء أنه قال: لا تطيبُ نفسي إذا لم أُنْزِلْ حتى اغتسل من أجل اختلاف الناس (7). وقال الشافعي: فخالفنا (جـ) بعضُ أهل ناحيتنا -يعني: مِن الحجاز- فقالوا: لا يجب الغُسل حتى يُنْزِلَ (8) فتقرر أَنَّ الخلاف كان بين

(أ) زاد في ب: وهو.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) في ب: خالفنا.

_________

= من أرضى، وقد جزم بذلك البيهقي، وفي صحيح ابن خزيمة:"حدثني سهل"، ولكنه قال: في القلب من هذه اللفظَة يعني "أخبرني" وأهاب أن يكون وهمًا لأن روايه عمرو بن الحارث قال: أخبرني من أرضى. وأيده ابن حجر في التلخيص أن أحاديث أهل البصرة عن معمر يقع فيها الوهم وفي كتاب ابن شاهين (حدثني سهل) وفي مسند بقي بن مخلد نحو ذلك، البيهقي 1/ 165، التلخيص 1/ 143، نصب الراية 1/ 82.

(1)

رواية أبي داود 1/ 147 ح 215 - ابن خزيمة 1/ 114.

(2)

دخل لصاحبك حديث في حديث ما نعرف لهذا الحديث أصلا. العلل 1/ 41.

(3)

الترمذي 1/ 186 ح 112، ابن أبي شيبة 1/ 89.

(4)

قال أبو عبد الله: الغُسْل أحوط وذاك الآخِر، وإنما بَيَّنَّا لاختلافهم، البخاري 1/ 398.

(5)

عارضة الأحوذي 1/ 169، 170.

(6)

1/ 148.

(7)

المصنف باب ما يوجب الغسل 1/ 247.

(8)

اختلاف الحديث 7/ 91.

ص: 100

الصحابة والتابعين ومن بعدهم (1) والله أعلم] (أ).

وفي قوله: "الماء من الماء" فيه من البديع الجِنَاس التام، والمراد بالماء الأول الغُسل، والثاني المَنِيّ.

91 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جلس بين شُعَبِهَا الأربع، ثم جَهَدَها، فقد وَجَبَ الغُسل" متفقٌ عليه (2).

زاد مسلم: "وإن لم يُنْزِلْ".

الضمير في "جلس" عائد إلى الرجل، وفي "شُعَبِهَا"(ب)"وجَهَدَها" البارز إلى المرأة، والمستكن إلى الرجل، وجاز الضمير وإن لم يسبق المرجع للعلم به، وقد وقع مصرحا به في رواية لابن المنذر من وجه آخر عن أبي هريرة قال: "إذا غشى الرجلُ امرأته فقعد بين شُعَبِهَا الأربع

" الحديث.

والشُّعَب: جمع شُعبة، وهي القطعة من الشيء، قيل: المراد بها هنا: يداها ورجلاها، وقيل: رجلاها وفَخِذَاها، وقيل: ساقاها وفَخِذَاها، وقيل: فَخِذاها وإسكتاها وقيل: فَخِذَاها وشفراها، وقيل: نواحي فرجها الأربع.

قال الأزهري (3): الإسكتان: ناحيتا الفرج والشفران طرفا الناحيتين،

(أ) بهامش الأصل.

(ب) في ب: أو.

_________

(1)

فحكاية الإجماع فيها نظر لما تبين من خلاف الصحابة والتابعين لكن يبقى أن الجمهور على إيجاب الغسل وهو الذي اشتهر في هذه الأعصار واختفى القول بعدم الغسل والله أعلم.

انظر المغني 1/ 204 وشرح مسلم 1/ 650، الفتح 1/ 398.

(2)

البخاري الغسل باب إذا التقى الختانان 1/ 395 ح 291، مسلم الحَيْض باب نسخ الماء من الماء ووجوب الغسل بالتقاء الختانَيْن 1/ 271 ح 87 - 348 وزاد مطر:"وإن لم ينزل"، أبو داود بمعناه الطهارة باب في الاغتسال 1/ 148 ح 216، النسائي نحوه باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان 1/ 92، ابن ماجه بلفظه الطهارة باب ما جاء في الغسل إذا التقى الحتان 1/ 200 ح 610، أحمد نحوه 6/ 112.

(3)

تهذيب اللغة 11/ 350 - 352.

ص: 101

ورجح القاضي عياض (1) الأخير، واختار ابنُ دقيق العيد (2)، قال (أ): لأنه الأقرب إلى الحقيقة، أو هو حقيقة في الجلوس وهو كناية عن الجماع فاكتفى به عن التصريح.

وجَهَد: بفتح الجيم والهاء (3)، يُقَال: جَهَدَ وأجهد أي بلغ المشقة، قيل: معناه كَدَّهَا بحركته وبلغ جهده في العمل بها. ولمسلم رواية "ثم اجتهد"(4). ورواه أبو داود عن قتادة بلفظ: "وألزق الختان بالختان"(5) وهذا يدل على أن الجهد هنا كناية عن معالجة الجِمَاع.

قال النووي (6): معنى الحديث أَنَّ إيجاب الغُسل لا يتوقف على الإِنزال، وتُعُقِّبَ بأنه يُحتمل أَنَّ يُرَادَ بالجهد غايته وهو الإِنزال، ولكن رواية مسلم "وإنْ لم يُنْزِلْ" تدفع التعقب، والزيادة رواها أيضًا ابن أبي خيثمة في "تاريخه" عن عفان: ثنا (ب) همام و (جـ) أبان قال: ثنا قتادة- به، وزاد في آخره:"أَنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ"، وكذا رواه الدارقطني وصححه (7)، وذكره أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة عن قتادة (8).

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في جـ: بن.

(جـ) في ب: أو.

_________

(1)

شرح مسلم 1/ 649.

(2)

إحكام الأحكام 1/ 412، واختار ابن دقيق الأول أو الثاني فإنه قال:(والأقرب عندي أن يكون المراد اليدين والرجلين أو الرجلين والفخذين) وتبع المصنف ابن حجر فإنه ذكر ذلك. الفتح 1/ 395.

(3)

القاموس 1/ 296 النهاية 1/ 319 - 320.

(4)

مسلم 1/ 271 ح 87 - 348 م.

(5)

أبو داود 1/ 148 ح 216.

(6)

شرح مسلم 1/ 650.

(7)

الدارقطني باب في وجوب الغسل إذا التقى الختانان 1/ 111.

(8)

مسند الطيالسي 321 ح 2449.

ص: 102

92 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل قال: "تغتسل". متفق عليه.

زاد مسلم: فقالت أم سلمة: وهل يكون هذا؟ قال: "نعم، فمِنْ أين يكون الشَّبَه؟ "(1).

الحديث اتفق الشيخان على إخراجه مِن طرق: عن أم سلمة، وعن عائشة، وعن أنس، ووقع أن أم سلمة التي راجعت أم سليم السائلة، وفي رواية عائشة قال النووي: يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعا أنكرتا على أم سليم (2)، وهو جَمْعٌ حَسَن، وقال في "شرح المهذب": يجمع بين الروايات (أ): بأنَّ أَنَسًا وعائشة وأم سلمة حضروا القصة (3) والذي (ب) يظهر أن أنسا لم يحضر القصة، وإنما تلقاها (جـ) من أمه أم سليم، وروى أحمد من حديث ابن عمر (4) نحو هذه القصة وإنما تلقى ذلك ابن عمر مِن (د) أم سليم أو غيرها، وقد سَأَلتْ عن هذه المسألة أيضًا خولةُ بنت حكيم عند أحمد والنسائي وابن ماجه (5) وسهلة بنت

(أ) في جـ: الروايتين أن.

(ب) في ب وهـ: فالذي.

(جـ) في جـ: تلقاه.

(د) زاد في ب: أمه.

_________

(1)

مسلم بنحوه وجوب الغُسل على المرأة بخروج المَنِيّ منها 1/ 250 ح 30/ 311، البخاري من حديث أم سلمة 1/ 388 ح 282، وأبو داود بمعنى حديث عائشة باب في المرأة ترى ما يرى الرجل 1/ 162 ح 237، الترمذي بمعناه من حديث عائشة باب ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بَلَلًا 1/ 189 ح 113، ابن ماجه بمعناه الطهارة باب مَنْ احتلم ولم يَرَ بَلَلا 1/ 200 ح 612، وليس في البخاري حديث أنس.

(2)

شرح مسلم 1/ 607.

(3)

المجموع 2/ 140 قلت: ولو قالوا بتعدد الحادثة لكان أولى، يدل على ذلك ما في النسائي أن أم سليم كلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة جالسة 1/ 94 والحديث الثاني عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أن امرأة، وفي الحديث فضحكت أم سلمة وقالت: أتحتلم المرأة؟ قال رسول الله: "ففيم يشبهها الولد" النسائي 1/ 95، فهذا يدل على تعدد القصة والله أعلم.

(4)

أحمد -الفتح الرباني-2/ 116.

(5)

أحمد 6/ 409، النسائي 1/ 95، ابن ماجه 1/ 197 ح 602، ابن أبي شيبة 1/ 80 - 81.

ص: 103

سهيل عند الطبراني (1) وبُسْرَة بنت صَفْوَان عند ابن أبي شيبة (2).

والمراد في الحديث: ترى ما يَرَى الرجل، المراد: إنزال الماء عند رؤيا الجِمَاع وقد صرح بهذا في رواية البخاري قال: "نَعَم إذا رأت الماءَ" -أي المني- بعد الاستيقاظ (3).

وفي الحديث رد على من زعم أن ماء المرأة لا يبرز، في رواية:"هنَّ شَقائِقُ الرجال"(4) ما يدل دَلَالة صريحة على أنَّ ذلك غالب من حال النساء كالرجال وإنما يمنعهن من إظهاره (أ) الحياء.

وقوله: فمِنْ أين يكون الشَّبه؟ بمعناه: أن الولد متولد من (ب) ماء الرجل وماء المرأة فأيهما غلب كان الشبه له، ويقال: شِبه وشَبَه لغتان مشهورتان، إحديهما بكسر المعجمة وسكون الموحدة وثانيتهما بفتحهما.

93 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل من أربع: من الجَنَابَة، ويوم الجُمُعَة، ومن الحِجَامَة، ومن غسل المَيِّت" رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة (5).

(أ) في هـ: اظهار ذلك، و "ذلك" مثبتة بالهامش.

(ب) في جـ: بين.

_________

(1)

مجمع الزوائد 10/ 268، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: محمد بن عبد الرحمن القشيري قال أبو حاتم: كان يكذب.

(2)

ابن أبي شيبة 1/ 81.

(3)

البخاري 1/ 388 ح 282.

(4)

أحمد 6/ 256 أبو داود 1/ 162 ح 236 الترمذي 1/ 190 ح 113، ابن الجارود 39.

(5)

أبو داود بلفظ "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان) الطهارة باب في الغسل يوم الجمعة 1/ 248 ح 348، ابن خزيمة باب استحباب الاغتسال من الحجامة ومن غسل الميت بتقديم غسل الميت 1/ 126 ح 256، أحمد- الفتح الرباني 2/ 145، الحاكم 2/ 163 البيهقي في الطهارة باب الغسل من غسل الميت 1/ 299 بتقديم غسل الميت وفيه مصعب بن شيبة بن جبير المكي الحجبي، لين الحديث، وقال أحمد: أحاديثه مناكير الميزان / 120 التقريب 338، ضعفاء العقيلي 4/ 196.

ص: 104

ورواه أحمد والبيهقي، وفي إسناده مصعب بن شيبة، وفيه مقال، وضعفه أبو زُرعة وأحمد والبخاري.

والحديث يدل على شرعية الغسل في الأربعة الأحوال. الجنابة: الأمر ظاهر فيه، وأما الجمعة فقد (أ) وقع الخلاف في وقته وحكمه، أما وقته (ب) فهو من طلوع الفجر إلى عصر ذلك اليوم، لأنه مشروع لليوم، ولم يشرع بعد العصر للإِجماع على أنه لا يشرع بعد خروج وقف صلاة (جـ) الجمعة، ذكره في "زوائد (د) الإِبانة"، وعند الشافعي (1) أنه مشروع للصلاة فلا يشرع بعدها، وفي ظواهر الأحاديث ما يُشعر بالأول، وأما حكمه فقال أئمة أهل البيت والفريقان: إنه مسنون، وعن داود وبعض أصحاب الحديث ورواية (2) عن مالك أنه واجب لقوله: غسل (هـ) الجمعة واجب، وسيأتي (3)، قلنا: معارض بقوله "ومَنْ توضأ فبها ونعمت، ومَنْ اغْتسَلَ فالغُسْلُ أفْضَل"(4)، فَيُحْمَلُ قوله واجب بأنه متأكد الشرعية، حتى أشبه الواجب.

وأما من الحجامة فكذلك هو سُنَّة، وقد رُوِيَ عن علي رضي الله عنه: الغسل من الحجامة سنة وإن تطهرتَ أجزأك (5).

(أ) زاد في هـ: وقد.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) في هـ، جـ: رواية.

(هـ) زاد في ب يوم.

_________

(1)

المجموع 2/ 204، البحر 1/ 109

(2)

البحر 1/ 109، الكافي 1/ 249.

(3)

سيأتي في ح 95.

(4)

سيأتي في ح 96.

(5)

حكاه ابن بهران عن زيد بن علي. جواهر الأخبار والآثار 1/ 109.

ص: 105

وأما مِن غَسْل الميت فهذا يدل على الشرعيَّة، وقوله (أ) صلى الله عليه وسلم:"مَنْ غسل ميتا فليغتسل"(1) أخرجه أحمد والبيقهي من حديث أبي هريرة، وأخرجه أيضًا الترمذي وابن ماجه من طريقٍ أخرى عن أبي هريرة، وابن حبان من طريق أخرى عنه، وأبو داود وأحمد من أخرى عنه، وقد خرج من طرق (ب) كثيرة بعضها موقوف حتى قيل: إن له مائة وعشرين طريقا، وفي الكل مقال [يدل على وجوبه](جـ)، ولكنه قيل: بأن (د) الأمر به منسوخ وأجاب به أحمد وجزم به أبو دواد، ويدل على ذلك حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس عليكم في غَسل ميتكم غُسل إذا غَسَّلتموه، إن ميتكم يموت طاهرًا وليس بنجس، فحسبكم (هـ) أن تغسلوا أيديكم"(2) أخرجه البيهقي وضعفه، والأولى أن الإِسناد حسن، ويجمع بينه وبين حديث أبي هريرة بأن يحمل الأمر على الندب، أو المراد غسل الأيدي، ويدل عليه حديث ابن عمر: "كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل (3) أخرجه الخطيب من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، واختلف الفقهاء في ذلك، فمذهب الهادي (4) وأحد قولي الناصر، وأحد قولي الشافعي، إنه سُنَّة لِمَا مَرَّ، وذهب أبو حنيفة (5) وأصحابه وهو قول المؤيد بالله وأحد قولي الشافعي لا يستحب ذلك لحديث ابن عباس المَارّ، والجواب بأنه (و) معارَض بحديث أبي هريرة و (ز) الجمع بالتأويل أولى،

(أ) في هـ: فقوله.

(ب) في هـ: طريق.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) في جـ: أن.

(هـ) في جـ: حسبكم.

(و) في جـ: أنه.

(ز) الواو ساقطة من جـ.

_________

(1، 2، 3) مر في: ح 69.

(4)

البحر 1/ 111، المجموع 2/ 205.

(5)

المجموع 5/ 138 - 139 وعزاه إلى قول المزني، وقال النووي: وهو قوي. البحر 1/ 111.

ص: 106

وعن علي وأبي هريرة وهو أحد قولي الناصر: أنه واجب لحديث أبي هريرة، قلنا: محمول على الندب للجمع بينه وبين حديث ابن عباس، ويؤيد ذلك ما أخرجه في "الموطأ" أن أسماء بنت عُمَيْس، امرأة أبي بكر غسلته حين توفي ثم خرجت (أ) فسألت مَنْ حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة، وإن هذا اليوم شديد البرد، فهل [عليَّ] (ب) من غُسل؟ قالوا: لا (1) مع أنه وارد في حديث أبي هريرة "ومن حمله فليتوضأ" فكان يلزم من العمل به أن يوجبوا الوضوء على من حمله، وهم لا يقولون به بل يحملونه على الوضوء اللغوي، وهو غسل اليد والله أعلم.

94 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ثُمَامَة بن أُثال عندما أسلم وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل. رواه عبد الرزاق، وأصله مُتَّفَقٌ عليه (2).

والحديث يدل على شرعية الغُسل بعد الإِسلام، وسواء كان قد أصابته جنابة في حال الكفر (جـ أولًا، واختلف العلماء في ذلك، فمذهب (د) الهادي وجماعة من الأئمة أنه إذا كان قد أجنب في حال كفره جـ) وجب عليه الغسل -وإن كان قد اغتسل- لعدم صحة الغسل منه، وعند أبي (3) حنيفة أنه إذا كان قد غتسل حال

(أ) في جـ: فخرجت.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ، جـ) بهامش ب.

(د) في ب: فذهب.

_________

(1)

الموطأ كتاب الجنائز باب غسل الميت 155 وفيه عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أسماء، وهذا الإِسناد منقطع بين أسماء وعبد الله، مرت ترجمة عبد الله في ح 70، وأسماء في ح 27.

(2)

ابن خزيمة باب الأمر بالاغتسال إذا أسلم الكافر 1/ 125، ابن حبان -موارد- باب في ثمامة بن أثال الحنفي 568 ح 2281، البيهقي الطهارة باب الكافر يسلم فيغتسل 1/ 171 وأحمد 2/ 304. أصله في الصحيحين بدون أمره أن يغتسل. البخاري كتاب المغازي باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال 8/ 86 ح 4372، مسلم كتاب الجهاد والسير باب ربط الأسير وحبسه وجواز المَنّ عليه 3/ 1386 ح 59 - 1764.

(3)

المجموع 2/ 155، تبيين الحقائق 1/ 18 - 19.

ص: 107

كفره لم يجب عليه إعادة الغسل، وعن المنصور والشافعي (1): أنه لا يجب الغسل على الكافر بعد إسلامه من جنابة أصابته قبل إسلامه، لقوله صلى الله عليه وسلم:"الإِسلام يَجُبُّ ما قبله"(2)، وأما إذا لم يكن قد أجنب فمذهب الهادي أول يُسْتَحَبُّ الغُسْلُ (أ) له (ب).

وقال الشافعي (3): أحب أن يغتسل، فإن لم يكن جنبًا أجزأه أن يتوضأ.

وفي قوله: أجزأه (جـ) يحتمل مع (د) استحباب الاغتسال، ومع الإِجناب يكون الاستحباب آكد، وذهب أحمد (4) إلى وجوب الغسل عليه مطلقًا، وظاهر الحديث معه وكذلك ما أخرجه أبو داود من حديث قيس بن عاصم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد الإِسلام فأمرني أن أغتسل بماءٍ وسِدْرٍ (5). وأخرجه الترمذي والنسائي بنحوه، وظاهر الأمر الإِيجاب، ولذلك قال مالك: لم يبلغنا أنه صلى الله عليه وسلم أحدًا إذا أسلم بالغسل، فلو بلغه لقال به.

(أ) ساقطة من ب.

(ب) زاد في جـ: هذا في حق من لم يترطب في حال كفره كالمرتد الذي أسلم قبل أن يترطب، فأما الكافر الأصلي فعليه الغسل لترطبه من ولادته عده، وغسله واجب لنجاسته، وبعد الغسل للنجاسة يستحب له الغسل للإِسلام.

(جـ) زاد في جـ: أن يتوضأ.

(د) ساقطة من هـ.

_________

(1)

الذي عند الشافعية ونص عليه الشافعي وجماهير الأصحاب أنه إذا أجنب الكافر ثم أسلم قبل الاغتسال الغسل وفي وجه عن الإصطخري أنه لا يلزمه. المجموع 2/ 155.

(2)

أحمد 4/ 198 - 199 وفي راشد مولى حبيب راشد الثقفي مولى حبيب بن أبي أوس وثقه ابن حبان وقال يروي المراسيل، قلت: هو مجهول، تعجيل المنفعة 123 وهو في صحيح مسلم بلفظ (إن الاسلام يهدم ما كان قبله) 1/ 112 ح 192 - 121.

(3)

ذكر النووي في المجموع صور ذلك فارجع إليه 2/ 156.

(4)

المغني 1/ 27.

(5)

أبو داود 1/ 251 ح 355، الترمذي 2/ 502 ح 605، النسائي 1/ 91، ابن خزيمة 126، ابن حبان - الموارد- 82 ح 234.

ص: 108

[وفي الصحيحَيْن لم يذكر أنه صلى الله عليه وسلم أمره. بالاغتسال، وإنما فيهما أنه اغتسل](أ).

فائدة: ثُمَامَة بضم الثاء وتخفيف المِيمَيْن، وأُثَال بضم الهمزة وتخفيف الثاء المثلثة وباللام، وهو ثُمَامة بن أُثَال بن النعمان الحنفي سيد أهل اليمامة (1)، وكان أسر فأطلقه النبي صلى الله عليه وسلم فمضى وغسل ثيابه واغتسل ثم أتى (ب) النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم وحَسُنَ إسلامُهُ. رَوَى عنه أبو هريرة وابن عباس.

95 -

وعن أبي أبي سعيد (جـ) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غسل الجمعة واجب على كل محتلم". أخرجه السبعة (2).

تقدم الكلام في حُكمه، وحينئذ فَمَنْ أوجب الغُسْل قال بظاهره، ومن لم يوجبه قال:"واجب" مَجَازٌ عن تأكد شرعيته.

وفي قوله: "محتلم" أي بالغ، وذكر الاحتلام لغلبته.

96 -

وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من توضأ يوم الجمعة فَبِهَا ونعمت، ومن اغتسل فالغُسْل أفضل" رواه الخمسة وحسنه الترمذي (3).

(أ) بهامش الأصل.

(ب) زاد بهامش هـ: إلى.

(جـ) زاد جـ: الخدري.

_________

(1)

الاستيعاب 2/ 96، الإصابة 2/ 27.

(2)

البخاري بوم الجمعة باب فضل الغسل يوم الجمعة 2/ 357 ح 879، مسلم الجمعة بلفظ الغسل يوم الجمعة باب وجوب غسل الجمعة 2/ 580 ح 5 - 846، أبو داود الطهارة باب في الغسل يوم الجمعة 1/ 243 ح 341، النسائي الجمعة باب استحباب الغسل يوم الجمعة 3/ 76، ابن ماجه الصلاة باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة 1/ 346 ح 1089، أحمد 3/ 60 ولم يخرجه الترمذي.

(3)

أحمد 5/ 15، أبو داود الطهارة باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة 1/ 251 ح 354، =

ص: 109

هو أبو سعيد -ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو سليمان، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن- سمرة بن جندب الفزاري حليف الأنصار، نزل الكوفة، وولي البصرة، وعداده في البصريين، وكان يستخلفه (أ) زياد على الكوفة ستة أشهر وعلى البصرة ستة أشهر، فلما مات زياد، وكان في البصرة، فأقره معاوية عليها عامًا ثم عزله، وكان شديدًا على الحرورية، وهو من الحفاظ المكثرين. روى عنه ابنه سليمان وعمران بن الحصين والحسن البصري والشّعْبي وعلي بن ربيعة. مات بالبصرة آخر سنة تسع وخمسين، وقيل: ثمان وقيل: ستين.

والحديث حسن عند الترمذي، وقال في "الإِمام": من يحمل رواية الحسن (1) عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث.

(أ) في ب: استحلفه.

_________

= الترمذي الصلاة باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة 2/ 369 ح 497، النسائي الجمعة باب الرخصة في ترك الغسل يوم الحمعة 3/ 77، ابن ماجه لم يخرجه من طريق سمرة وإنما من طريق أنس 1/ 347، ابن خزيمة كتاب الجمعة باب ذكر دليل أن الغسل يوم الجمعة فضيلة لا فريضة 1/ 128 ح 1756، البيهقي الطهارة باب الدلالة على أن الغسل يوم الجمعة سنة اختيار 1/ 296.

الاستيعاب 256/ 4، الإصابة 257/ 4.

(1)

الحسن بن يسار البصري الأنصاري مولاهم ثقة فاضل كان يدلس فيروي عن جماعة لم يسمع منهم ولكن احتمل الأئمة تدليسه، الميزان 1/ 527، التقريب 69، طبقات المدلسين 19، قلت: وهل سمع الحسن من سمرة أم لا، للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:

(أ) أنه سمع مطلقًا وقال به علي بن المديني كما نقل ذلك الترمذي عن البخاري عنه قال: محمد بن إسماعيل والحاكم فإنه قال: ولا يتوهم أن الحسن لم يسمع من سمرة فإنه قد سمع منه.

(ب) أنه لم يسمع منه شيئًا وإنما يحدث من كتابه وقال بهذا ابن معين وشعبة والبرديجي ويحيى القطان.

(جـ) أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وقال بهذا النسائي، قال أبو عبد الرحمن: الحسن عن سمرة كتابًا ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة. والدارقطني في سننه قال الحسن: مختلف في سماعه من سمرة وقد سمع منه حديثًا واحدًا وهو حديث العقيقة.

والبزار قال: والحسن سمع من سمرة حديث العقيقة ثم رغب عن السماع.

انظر التاريخ الكبير 2/ 289، طبقات ابن سعد 5/ 117، النسائي 3/ 77، الدارقطني 1/ 336، الحاكم 1/ 215، نصب الراية 1/ 89، تهذيب الكمال 1/ 255، طبقات المدلسين 19، التهذيب 2/ 263 - 270.

ص: 110

قال المصنف رحمه الله (1) -: وهو مذهب علي بن المديني كما نقله عنه البخاري والترمذي والحاكم وغيرهم، وقيل: لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، وهو قول البزار، وقيل: لم يسمع منه شيئًا، وإنما حدث من (أ) كتابه، وقد روى عن أبي هريرة وعن أنس وعن جابر وعن ابن عباس وعن أبي سعيد، وفي الكل ضعف، بينها في "التلخيص".

وقوله: "فبها ونعمت"، معناه فبالسنة أخذ، ونعمت السنة (2) قاله الأصمعي، وحكاه الخطابي (3) أيضًا قال: إنما أنث لإِضمار السنة، وقال غيره: ونعمت الخصلة، وقيل: ونعمت الرخصة لأن السنة الغسل، وقال بعضهم: فبالفريضة أخذ، ونعمت الفريضة.

والحديث فيه تصريح بعدم وجوب غسل الجمعة، وإنما هو متأكد (ب)، ويقويه حديث مسلم "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت (جـ)، غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام"(4) والله أعلم.

97 -

وعن علي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقْرئنا القرآنَ ما لمْ يكنْ جُنُبًا"، رواه أحمد والأربعة وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان (5).

(أ) في هـ: في.

(ب) في جـ: يتأكد.

(جـ) في جـ: وانصرف، وهو تصحيف.

_________

(1)

التلخيص 2/ 71.

(2)

التلخيص 2/ 71 - 74.

(3)

معالم السنن 1/ 217.

(4)

مسلم 2/ 588 ح 27 - 857 م.

(5)

لفظ الترمذي (على كل حال ما لم يكن) الطهارة باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا 1/ 273 ح 146، أبو داود بمعناه الطهارة باب في الحنب يقرأ القرآن 1/ 155 ح 229، النسائي=

ص: 111

وحكم الترمذي بصحته وابن السكن وعبد الحق والبغوي في شرح السنة (1)، وروى عن ابن خزيمة بإسناده عن شعبة قال: هذا الحديث ثلث رأس مالي (2)، وقال الدارقطني: قال شعبة: ما أحدث بحديث أحسن منه (3)، وقال الشافعي في سنن حرملة (4): إن كان هذا الحديث ثابتًا ففيه دلالة على تحريم القرآن على الجنب، وقال في جماع كتاب الطهور: أهل الحديث لا يثبتونه. قال البيهقي: إنما قال ذلك لأن عبد الله بن سلمة (5) راويه كان قد تغير وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة، وقال الخطابي (6): كان أحمد يوهن هذا الحديث وقال النووي في الخلاصة (7): خالف الترمذي الأكثرون فضعفوا هذا الحديث، وروى الدارقطني عن علي موقوفًا:"اقرأوا القرآن ما لم يصبْ أَحدُكُمْ جنابةً، فإذا أصابتْه فلا، ولا حَرْفًا"(8).

= بمعناه الطهارة باب حجب الجنب من قراءة القرآن 1/ 118، ابن ماجه الطهارة باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة 1/ 195 ح 594، أحمد 1/ 134، الحاكم 4/ 107، ابن خزيمة الوضوء باب الرخصة في قراءة القرآن وهو أفضل الذكر على غير وضوء 1/ 104 ح 208، ابن الجارود باب في الجنابة والتطهر لها 42 ح 94، ابن حبان -موارد- باب الذكر والقراءة على غير وضوء 74 ح 192، الدارقطني باب في النهي للجنب والحائض عن قراءة القرآن 1/ 119، البيهقي الطهارة باب نهي الجنب عن قراءة القرآن 1/ 88.

(1)

شرح السنة 2/ 41 - 42.

(2)

ابن خريمة 1/ 104.

(3)

سنن الدارقطني 1/ 119.

(4)

التلخيص 1/ 139.

(5)

عبد الله بن سلمة الهمداني المرادي، صدوق تغير حفظه، قال شعبة عن عمرو بن مرة: سمعت عبد الله بن سلمة يحدثنا وإنا لنعرف وننكر وكان قد كبر. الميزان 2/ 430 التقريب 176، ولكن للحديث طريق آخر عن أبي الغريف قال: أتي علي رضي الله عنه بوضوء. المسند 1/ 110، فإن هذا الحديث يحسن حديث عبد الله بن سلمة والله أعلم.

(6)

معالم السنن 1/ 156.

(7)

الخلاصة ل 17 باب ذكر المحدث والجنب والحائض وقرائتهم ومسهم المصحف ودخولهم المسجد.

(8)

سنن الدارقطني 1/ 118.

ص: 112

وهذا يعضِّد الحديث، لكن قال ابن خزيمة (1): لا حجة في الحديث لن منع الجنب من القراءة لأنه ليس فيه نهي، وإنما هي (أ) حكاية فعل، ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما امتنع من ذلك لأجل الجنابة، وذكر البخاري عن ابن عباس أنه لم ير بالقراءة للجنب بأسا (2).

والحديث يدل على مَنْع قراءة القرآن للجنب فإنه يفهم منه أنه كان دأبه صلى الله عليه وسلم تعليم القرآن والإِرشاد للعباد، ويمتنع منه حال الجنابة فما ذاك إلا لتحريم القراءة عليه، وإلا لما ترك الواجب عليه من التعليم، وفي بعض روايات الحديث عن علي (3):"لم يكن يحجب [النبي صلى الله عليه وسلم عن القرآن شيء سوى الجنابة] "(ب) وفي رواية (جـ)"تحجزوهما" أصرح في الدلالة على المقصود، وهو مخصوص بما روي من حديث ابن عباس (4):"لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال (د): بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضى بينهما ولد، لم يضره (هـ) "فإن التسمية هي من القرآن، وإن كان يحتمل التأويل بأنه إذا (و) أراد، ولكن يدفعه ما رواه ابن أبي شيبة (5): وكان إذا غشي أهله فأنزل قال: اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتني نصيبًا، فإنه يدل أن الذكر في أثناء الجماع، وإن وقع الاختلاف في كيفيته، والخلاف في هذا تقدم حكايته.

(أ) في جـ: هو.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) في ب: أو رواية، وجـ: ورواية.

(د) في جـ: يقول.

(هـ) في جـ: يضر.

(و) مكررة في هـ.

_________

(1)

التلخيص 1/ 139.

(2)

البخاري 1/ 470.

(3)

أبو داود، ابن ماجه بالروايتين وعند النسائي وأحمد يحجبه.

(4)

البخاري 1/ 242 ح 141، مسلم في النكاح 2/ 1058 ح 116 - 1434.

(5)

ابن أبي شيبة في النكاح من قول ابن مسعود 4/ 312.

ص: 113

98 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدم أهله ثم أراد أن يعود فلْيتوضَّأ بينهما (أ) وضوءا". رواه مسلم (1). زاد الحاكم: "فإنه أنشط للعود"(2).

وللأربعة عن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام، وهو جنب، من غير أنْ يمسَّ ماء" (3). وهو معلول.

والحديث يدل على شرعية الوضوء للجنب إذا أراد العَوْد إلى الجماع.

والحديث الثاني يدل على جواز النوم بعد الجنابة من غير أن يمس ماء، وفي الصحيحين أحاديث تخالفه (4)، وحاصل الأحاديث الواردة فيهما (ب) أنه يتوضأ ويغسل فرجه لقصد النوم والأكل والشرب والجماع إذا لم يغتسل، واختلف العلماء هل ذلك واجب أو غير واجب؟ فذهب الجمهور من العلماء (5) إلى أن

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: فيها.

_________

(1)

مسلم الحيض باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء إلخ 1/ 249 ح 27 - 308، الترمذي الطهارة باب ما جاء في الجنب إذا أراد أن يعود يتوضأ 1/ 261 ح 141، أبو داود نحوه الطهارة باب الوضوء لمن أراد أن يعود 1/ 149 - 150 ح 220 ابن ماجه الطهارة باب في الجنب إذا أراد العود توضأ 1/ 193 ح 587، البيهقي الطهارة باب الجنب يريد أن يعود 1/ 203 - 204، ابن خزيمة الطهارة باب استحباب الوضوء عند معاودة الجماع 1/ 109 ح 219.

(2)

أحمد 3/ 21، الحاكم 1/ 152، وعند البيهقي وابن خزيمة ح 221.

(3)

أبو داود الطهارة باب في الجنب يؤخر الغسل 1/ 154 ح 228، الترمذي نحوه الطهارة باب ما جاء الجنب ينام قبل أن يغتسل 1/ 202 ح 118، النسائي الكبرى في عشرة النساء (33 - 12)، تحفة الأشراف 11/ 381، ابن ماجه نحوه الطهارة باب في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء 1/ 192 ح 581.

(4)

ففي البخاري عن عبد الله قال: استفتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم إذا توضأ" 1/ 393 ح 289، وفي مسلم عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة قلت: كيف كان يصنع في الجنابة أكان يغتسل قبل أن ينام أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام. قلت الحمد الله الذي جعل في الأمر سعة مسلم 1/ 249 ح 26 - 307.

(5)

شرح مسلم 1/ 603

ص: 114

ذلك غير واجب (أ)، قالوا: يدل على عدم الوجوب حديث عائشة المذكور (ب)

وحديث طوافه على نسائه بغسل واحد (1)، فإن ذلك يدل على الجواز، ولكن الغسل مستحب. ونقل الطحاوي (2) عن أبي يوسف عدم الاستحباب قال: لحديث "من غير أن يمس ماء"، وتعقب بأن الحفاظ قالوا: إن أبا إسحاق غلط فيه، أو أنه (جـ) لبيان الجواز كما تقدم، ويتأكد الاستحباب إذا عاود امرأة غير من كان جامعها وذهب ابن حبيب من أصحاب مالك وداود الظاهري (3)، وقواه ابن العربي (4)، إلى وجوبه، وبوب عليه أبو عوانة في صحيحه (5) إيجاب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم، ولكن أبا عوانة وابن خزيمة استدلا على عدم وجوب الوضوء بعد ذلك بحديث ابن عباس مرفوعًا "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة"(6) وحجة الظاهري ما ورد في الصحيحين وغيرهما من الأمر بالوضوء، وفي بعضها بصيغة الشرط فاقتضى الوجوب، والجواب أنه ورد ما يدل على عدم الوجوب. والواجب الجمع بين الأدلة ما أمكن، فحمل على الاستحباب لذلك واختلفوا أيضًا هل يتوضأ الوضوء الشرعي الكامل؟ أو مطلق التنظيف، فالجمهور على الأول، وقد ورد مصرحًا به في رواية مسلم:"توضأ وضوءه للصلاة"(7) وذهب الطحاوي (8) إلى الثاني، واحتج بأن ابن عمر راوي

(أ) زاد في هـ: و.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ) في جـ: وأنه.

_________

(1)

البخاري 1/ 391 ح 284.

(2)

شرح معاني الآثار 1/ 125 وقال: إن الوضوء لا يخرجه من حال الجنابة إلى حال الطهارة.

(3)

شرح مسلم 1/ 603.

(4)

عارضة الأحوذي 1/ 232.

(5)

أبو عوانة 1/ 277.

(6)

أحمد 1/ 282، النسائي 1/ 73، أبو داود 4/ 136 ح 3760، ابن خزيمة 1/ 23 ح 35، البيهقي 1/ 42.

(7)

مسلم 1/ 248 ح 21 - 305.

(8)

شرح معاني الآثار 1/ 128.

ص: 115

الحديث، وهو صاحب القصة، كان يتوضأ، وهو جنب، ولا يغسل رجليه (1)، وهو معارض بأنه قد ثبت من روايته تقييد الوضوء "بأنه كان كوضوء الصلاة"(أ)(2)، ولعلة (ب) ترك غسل رجليه لعذر.

والحكمة في الوضوء أن فيه تخفيف الحدث برفع الجنابة عن الأعضاء، وقد ورد ذلك فيما رواه ابن أبي شيبة (3) بسند رجاله ثقات عن شداد بن أوس الصحابي قال: إذا أجنب أحدكم من الليل، ثم أراد أن ينام، فليتوضأ، فإنه نصف غسل الجنابة، (جـ وقيل ليبيت على إحدى (د) الطهارتين، فعلى هذا يقوم التيمم مقامه جـ) وقد روى البيهقي بإسناد حسن عن عائشة "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أجنب، فأراد أن ينام، توضأ أو تيمم"(4)، ويحتمل أن يكون التيمم عند تعسر وجود الماء، وقيل: الحكمة فيه أنه ينشط إلى العود، وقد صرح به في رواية الحاكم (5)، وقيل (هـ) أنشط إلى الغسل، ونص الشافعي على أن الحائض ليس عليها ذلك إلا (و) إذا انقطع دمها.

وفي الحديث دلالة على أن غسل الجنابة ليس على الفور، وإنما يتضيق عند القيام

(أ) في جـ: كوضوئه للصلاة.

(ب) في ب: ولعل.

(جـ- جـ) ما بينهما بهامش هـ.

(د) في هـ أحد.

(و) في جـ: وفيه.

(و) ساقطة من هـ وب وجـ.

_________

(1)

الموطأ باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل 1/ 54 والبيهقي 1/ 200.

(2)

من رواية ابن عمر وعائشة في صحيح البخاري ومسلم أنه أمر بالوضوء والوضوء المراد به الشرعي، ثم إن فعل ابن عمر فعل شخص تعارضه الأدلة الصريحة الواضحة في ذلك. وربما يستند إليه من قال إن الأمر للاستحباب لأنه لو كان واجبًا لفعله. والله أعلم.

(3)

ابن أبي شيبة 1/ 60.

(4)

سنن البيهقي 1/ 200.

(5)

الحاكم 1/ 152.

ص: 116

إلى الصلاة، واستحباب التنظيف عند النوم، قال ابن الجوزي: والحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة، بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك. والله أعلم (1).

وقوله في (أ) حديث عائشة (2): وهو معلول [أخرجوه (ب) من حديت الأسود عن (جـ) عائشة (د). قال أحمد: إنه ليس بصحيح، وقال أبو داود (3): وهم، وقال يزيد بن هارون: هو خطأ، وأخرج مسلم الحديث دون قوله: ولا يمس ماء، وكأنه حذفها عمدًا لأنه عللها في كتاب التمييز (4)، وقد بين المصنف في التلخيص (5) وجه العلة بأنه من رواية أبي إسحق](هـ عن الأسود عن عائشة وقد قال ابن مغور: أجمع المحدثون أنه خطأ من أبي إسحق] هـ)، كذا قال مع أن البيهقي قد صححه (6)، وقال: إن أبا إسحق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، وجمع بينهما ابن سريج، وقال الدارقطني في العلل: يشبه أن يكون الخبران صحيحين (وقاله (ز) بعض أهل العلم، وقال الترمذي: يرون أن هذا غلط من أبي إسحق وعلى تقدير صحته و) فيحتمل (حـ) أن المراد لا يمس ماء للغسل، ويؤيده

(أ) في جـ: من.

(ب) في هـ: أخرجه.

(جـ) في جـ: من حديث.

(د) بهامش الأصل.

(هـ- هـ) ساقط من جـ.

(و- و) ما بينهما ساقط من جـ.

(ز) في هـ: قال.

(حـ) في هـ: فيحمل.

_________

(1)

الفتح 1/ 394 - 395.

(2)

وحديث عائشة في الصحيحين بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ للصلاة. لفظ البخاري.

البخاري 1/ 393 ح 228، مسلم 1/ 248 ح 21 - 305.

(3)

سنن أبي داود 1/ 154.

(4)

لم أقف عليها في الجزء المطبوع.

(5)

التلخيص 1/ 148 - 149.

(6)

سنن البىهقي 1/ 201 - 202.

ص: 117

رواية عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عند أحمد بلفظ: "كان يجنب من الليل، ثم يتوضأ وضوءه (أ) للصلاة، حتى يصبح، ولا يمس ماء"(1) أو كان يفعل الأمرين لبيان الجواز، وبهذا جمع ابن قتيبة في اختلاف الحديث (2) ويؤيده (ب) ما رواه هشيم بن عبد الملك عن عطاء عن عائشة مثل رواية أبي إسحق عن الأسود وما رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما (3) عن ابن عمر: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم، ويتوضأ إن شاء" وأصله في الصحيحين (4) دون قوله: "إن شاء".

99 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يُفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ ثم يأخذ الماء، فيدخل أصابعه في أصول الشعر، ثم حَفَن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه متفق عليه (5)، واللفظ لمسلم ولهما (6) من حديث ميمونة:"ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله، ثم ضرب بها الأرض"، وفي رواية "فمسحها بالتراب" وفي آخره:"ثم أتيته بالمنديل فرده" وفيه: "وجعل ينفض الماء بيده".

(أ) في هـ: وضوء.

(ب) في هـ وجـ: ويؤيد.

_________

(1)

أحمد 6/ 224.

(2)

تأويل مختلف الحديث 239 - 240.

(3)

ابن خزيمة 1/ 106 ح 211، ابن حبان- الموارد- 81:232.

(4)

البخاري 1/ 394 ح 289، مسلم 1/ 248 ح 23 - 306.

(5)

ولفظ (ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ..) ولفظ (حتى إذا رأى أنه قد استبرأ) بعد قوله (أصول الشعر) الحيض باب صفة غسل الجنابة 1/ 253 ح 35 - 316.

البخاري الغسل باب الوضوء قبل الغسل 1/ 360 ح 248، أبو داود الطهارة باب في الغسل من الجنابة 1/ 167 ح 242، الترمذي بمعناه الطهارة باب ما جاء في غسل الجنابة 1/ 174 ح 104، ابن ماجه بنحوه الطهارة باب ما جاء في الغسل من الجنابة 1/ 190 ح 574، النسائي نحوه الطهارة باب الابتداء بالوضوء في غسل الجنابة 1/ 168.

(6)

حديث ميمونة ثم أفرغ (به) على فرجه .... ثم ضرب (بشماله) بدل (بها) الأرض مسلم=

ص: 118

[قوله: إذا اغتسل، أي شرع في الفعل (أ)، ومن في: الجنابة سببية](ب) وقوله: يبدأ فيغسل يديه، أي يغسلهما قبل إدخالهما في الإِناء، وقد ورد مصرحًا به في رواية (1).

وغسل الفرج ظاهره مطلق الغسل فيكفي مرة وهذا المعنى يفهم من حديث ميمونة أظهر (2)، إذ ضرب الأرض بيده لأجل إزالة الرائحة من اليد، ولم يذكر أنه أعاد غسل الفرج بعد ذلك مع أنه إذا كانت الرائحة في اليد فهي باقية أيضًا في الفرج (3)، وهذا ما يفهم من الحديث، ويدل أيضًا على (جـ) أن الماء الذي تطهر به محل النجاسة طاهر مطهر.

وعلى صحة تشريك النية للغسلة التي تزيل النجاسة برفعها الحدث، وهي مسألة (د) خلاف، صحح النووي (4) جواز ذلك.

وقد استدل بهذا على نجاسة المني، إذ دلّك اليد بالأرض لإزالته ويحتمل أن يكون ذلك للتنظيف، [ويستدل به على أن بقاء رائحة النجاسة بعد غسل المحل

(أ) في ب وجـ: الغسل.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) في هـ: وفي المسألة خلاف.

_________

= 1/ 254 ح 37 - 317، ورواية فمسحها بالتراب عند البخاري 1/ 371 ح 259، ثم أتيته بالمنديل فرده عند مسلم 1/ 254 ح 37 - 317، (فجعل ينفض بيده) عند البخاري بهذا اللفظ 1/ 382 ح 274.

(1)

عند مسلم (كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه قبل أن يدخل يده في الإناء ثم توضأ وضوءه للصلاة) مسلم 1/ 254 ح 36 - 316 م.

(2)

ولفظه (فغسل كفيه مرتين أو ثلاثًا ثم أدخل يده في الإِناء ثم أفرغ به في فرجه) مسلم 1/ 254 ح 37 - 137.

(3)

لا يلزم لاحتمال أن يكون زيادة في التنظيف.

(4)

المجموع 1/ 341.

ص: 119

لا يضر، (أ)، واستدل البخاري (1) بهذا على أن الواجب في غسل الجنابة مرة واحدة.

وقوله: ثم يتوضأ، أي يغسل أعضاء الوضوء وقد ورد به مصرحا (ب) في رواية البخاري كما يتوضأ في الصلاة (2)، وهذا يحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل بنية مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد، ويحتمل أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول جزء، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها، ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى، وقد اختلف العلماء في دخول الطهارة الصغرى تحت الكبرى، وفي إجزاء الوضوء قبل إزالة الحدث الأكبر، فذهب أكثر العترة وأحد أقوال (جـ) الشافعي وأبو ثور (3) وداود إلى أنه لا يدخل الوضوء في الغسل بل يجبان، وذهب زيد بن علي وقول للشافعي (4) ورواية عن أبي حنيفة إلى أنهما يتداخلان، فيجزئ الغسل مرة وإن لم يرتب، ونقل ابن بطال الإِجماع (5)(د) على ذلك، وقول للشافعي: إذا توضأ مرتبا، ثم غسل ما بقي أجزأ لهما، وقول له: إن سبقت الجنابة تداخلا لطروء الأصغر لا العكس حجة القول الأول واجبان: تغاير سببهما وصفتهما فلم يتداخلا، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال:

(أ) بهامش الأصل.

(ب) في هـ: مصرحا به.

(جـ) في جـ وب: قولي.

(د) في هـ: إجماع.

_________

(1)

بوب عليه باب الغسل مرة 1/ 368.

(2)

البخاري 1/ 372 ح 260.

(3)

المجموع 1/ 196، البحر 1/ 107.

(4)

المجموع 1/ 196 البحر 1/ 107.

(5)

قال ابن حجر: مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود إلى أن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث. الفتح 1/ 360، فقه أبي ثور 147، ونيل الأوطار 1/ 367.

ص: 120

من اغتسل من جنابة ثم حضرت الصلاة فليتوضأ (1). وكان (أ) رضي الله عنه يفعله، وروى الهادي (ب في الإِحكام ب) عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أعاد وضوءا بعد اغتساله من الجنابة (2) رواه في الشفاء، وأجيب بالعارضة بحديث (جـ) عائشة وميمونة، فإنهما لم تذكرا إعادة وضوء، وأُورِد عليه بأن ذلك يدل على أنه يكفي (د) في رفع الجنابة ما وصفتاه من فعله لا أنه يغني عن الوضوء لعدم ذكر الصلاة بعده ودفع (هـ) بما في سنن أبي داود من حديث عائشة: كان يغتسل ويصلي الركعتين وصلاة الغداة، ولا يمس ماء (3) وحديث الأحكام لا يعارض ذلك لجواز حصول (و) ناقض بعد الغسل، وهذه المعارضة هي حجة المذهب الثاني، ومسألة إجزاء الوضوء قبل إزالة الحدث الأكبر، الخلاف فيها (ز) ذهب الهادي (4) والقاسم إلى أنه لا يجزئ إذ لا يقع إلا على ظاهر البدن من الحدث، وذهب الناصر وأبو ثور إلى أنه يجب تقديم الوضوء على الغسل لقوله تعالى:{إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} (حـ)(5) فأوجب الوضوء عند إرادة القيام إلى الصلاة ولم يفصل، والفاء تقتضي التعقيب من دون تراخ، ولا تنافي بينهما، وذهب المؤيد

(أ) زاد في ب: على.

(ب - ب) ساقط من جـ.

(جـ) في ب: الحديث.

(د) في جـ: يكتفى.

(هـ) في جـ: ورفع بما، وفي ب: ودفع ما.

(و) زاد في هـ: ذلك.

(ز) في جـ: فيهما.

(حـ) زاد في جـ وهـ: وجوهكم.

_________

(1)

عزاه ابن بهران إلى الشفاء 1/ 107 - 108.

(2)

الأحكام باب القول في الغسل من الجنابة ل 18.

(3)

أبو داود بلفظ (ولا أره يحدث وضوءا بعد الغسل) 1/ 173 ح 250، والترمذي 1/ 179 ح 107، وابن ماجه 1/ 191 ح 579 البيهقي 1/ 179.

(4)

البحر 1/ 107.

(5)

الآية 6 من سورة المائدة.

ص: 121

بالله والإِمام يحيى إلى أنه مخير، قالوا: عارض مفهوم الآية قول علي رضي الله عنه المتقدم، فرجع إلى التخيير.

وقوله: ثم يدخل أصابعه في أصول الشعر، أي شعر رأسه، ويدل عليه رواية البيهقي (1)"يخلل بها شق رأسه الأيمن، فيتتبع (أ) بها أصول الشعر ثم يفعل بشق رأسه الأيسر كذلك" وقال القاضي عياض: احتج به بعضهم على تخليل شعر اللحية في الغسل، إما لعموم الشعر، وإما بالقياس على شعر الرأس، وفائدة التخليل ليصل الماء إلى الشعر والبشر وهذا التخليل غير واجب اتفاقا إلا إذا كان الشعر متلبدا بحيث لا يصل الماء إلى أصوله (ب).

وقوله: ثم حفن (2) على رأسه، وفي رواية للبخاري (3) ثلاث غرفات، وفيه دلالة على استحباب التثليث في الغسل، قال النووي (4): ولا نعلم فيه خلافا إلا ما تفرد به الماوردي فإنه قال: لا يستحب التكرار في الغسل: [والحفنة، ملء الكفين جميعا، وفي رواية الطبري ثلاث حفنات (جـ) ملء كفيه (5)، وإن كان رواية الأكثرين لصحيح مسلم ملء كفه (6) فالإِفراد للجنس لا ينافي الكثرة، وهذه الرواية مفسرة للمراد](د).

(أ) في جـ وب: فيتبع.

(ب) في هـ: أصله.

(جـ) في جـ: حثيات.

(د) في هامش الأصل وفيه بعض المسح واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

سنن البيهقي 1/ 175.

(2)

الحفن: أخذك الشيء براحتيك والأصابع مضمومة، أو الجرف بكلتا اليدين، والحفنة: ملء الكف - القاموس 4/ 217.

(3)

في رواية الكشميني (ثلاث غرفات) الفتح 1/ 361.

(4)

المجموع 2/ 188.

(5)

النسائي 1/ 109.

(6)

صحيح مسلم 1/ 615.

ص: 122

وقوله: ثم أفاض، الإِفاضة: الإِسالة (1)، وقد استدل به على عدم وجوب الدلك وقال الماوردي (أ) لا حجة في ذلك، فإن أفاض بمعنى غسل (ب)، والخلاف قائم في حقيقة الغسل، وقال القاضي عياض (2): لم يأت في شيء من الروايات في وصف (جـ) الغسل ذكر التكرار.

قال المصنف -رحمه الله تعالى (3) -: بل ورد ذلك من طريق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة عن عائشة (4): أنها وصفت غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة .. الحديث وفيه: "تمضمض ثلاثا، ويستنشق ثلاثا، ويغسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا، ثم يفيض على رأسه ثلاثا" وقوله: "على سائر جسده"، يدل على أنه لم يعد غسل أعضاء الوضوء، وقوله:"ثم غسل رجليه"(5)، يدل على تأخير غسل الرجلين (د وأن الوضوء الأول بدون غسل الرجلين د)، وهذه رواية مسلم لحديث عائشة من رواية أبي معاوية عن هشام، وقد تفرد بها أبو معاوية دون أصحاب هشام، قال البيهقي (6): غريبة صحيحة (هـ).

قال المصنف -رحمه الله تعالى (7) -: في رواية أبي معاوية (8) عن هشام

(أ) في النسخ: الماوردي، وفي الفتح: المازري.

(ب) في جـ: الغسل.

(جـ) في هـ: وضوء.

(د- د) ساقطة من جـ.

(هـ) في هـ: صححه.

_________

(1)

الإِفاضة: فاض الماء يفيض فيضا كثر حتى سال، القاموس 2/ 353.

(2)

الفتح 1/ 361.

(3)

الفتح 1/ 361.

(4)

النسائي باب إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى 1/ 111، البيهقي باب الرخصة في تأخير غسل القدمين عن الوضوء 1/ 174.

(5)

مسلم 1/ 253 ح 35 - 316.

(6)

السنن 1/ 174.

(7)

الفتح 1/ 361.

(8)

قال أبو داود: قلت لأحمد: كيف حديث أبي معاوية عن هشام بن عروة قال: فيها أحاديث مضطربة =

ص: 123

مقال: نعم له شاهد من رواية أبي سلمة عن عائشة: أخرجه أبو داود الطيالسي (1)، وفيه:"فإذا فرغ غسل رجليه" وسائر الرواة لحديث عائشة لم يذكروا غسل الرجلين بعد ذلك (2) ولكن (أ) هذا محتمل (ب) أن يكون أعاد غسل الرجلين بعد أن كان غسلهما في الوضوء فيوافق رواية البخاري لحديث عائشة فإن فيه: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم قال: ثم يفيض الماء على جلده كله (جـ) والشافعي اختار (3) إكمال الوضوء قبل الغسل، وأبو حنيفة (4) اختار تأخير غسل الرجلين وفي كتب مالك (5) له أو لبعض أصحابه فرق بين أن يكون الموضع وسخا فيؤخر غسلهما لئلا يحصل إسراف في الماء [بإعادة غسلهما](د) وبين أن يكون طاهرا فيقدم غسلهما (6)، وقد أخذ من هذا جواز التفريق بين أعضاء الطهارة (7).

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في ب: يحتمل.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) بهامش الأصل.

_________

= يرفع منها أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أبو معاوية صحيح الحديث عن هشام؟ قال: لا ما هو بصحيح الحديث عنه. شرح علل الترمذي 347. التهذيب 9/ 139.

(1)

مسند الطيالسي 1/ 207 ح 1474.

(2)

لكن حديث ميمونة فيه غسل الرجلين بعد ذلك، البخاري 1/ 361 ح 249.

(3)

وحكى الإمام ابن حجر أنه قول الجمهور، قلت: وهم رواية في مذهب الإِمام أحمد والشافعي. الفتح 1/ 3162، المغني 1/ 218، شرح مسلم 1/ 613.

(4)

الهداية 1/ 16 وهو القول القديم للشافعي معرفة السنن والآثار 1/ 430.

(5)

المنتقى 1/ 93 - 94.

(6)

وللإِمام أحمد روايتان عملا بحديث ميمونة بعد الغسل وحديث عائشة في موضعه في بعض الروايات. المغني 1/ 218.

(7)

أي أنه يجوز أنه يؤخر غسل الرجلين عن مسح الرأس، ولكن هل هذا تفريق بين أعضاء الوضوء أو أن حكم الجنابة باق فيرفع الحدث الأكبر الأصغر أو يرون أن هذا خلاص بالغسل فلا يرون به بأسا، والذي عليه الجمهور أنه غسل لا يجب فيه الترتيب فلا تجب الموالاة، فلو اغتسل إلا أعضاء وضوئه لم يجب الترتيب فيها لأن حكم الجنابة باق. المغني 1/ 220.

ص: 124

وقوله في حديث ميمونة: ثم أتيته بالمِنديل فرده، هو بكسر الميم وهو معروف، قال ابن فارس (1): لعله مأخوذ من الندل وهو النقل، وقال غيره: هو مأخوذ من الندل وهو الوسخ لأنه يندل به، ويقال: تندلت بالمنديل، وقال الجوهري (2): ويقال أيضًا: تمندلت به، وأنكره الكسائي.

وفي رده دلالة على استحباب ترك تنشيف الأعضاء وفي ذلك خمسة أوجه، أشهرها: أن المستحب تركه ولا يقال فعله مكروه، والثاني: أنه مكروه، والثالث: أنه مباح يستوي فعله وتركه، وهذا اختاره النووي (3)، قال (أ): لأن المنع والاستحباب يحتاج إلى دليل واضح، والرابع: أنه يستحب لا فيه من الاحتراز عن الأوساخ، والخامس: يكره في الصيف دون الشتاء، وهذه الوجوه لأصحاب الشافعي (4)، وللصحابة (ب) والتابعين ثلاثة أقوال، الأول: أنه لا بأس به في الوضوء والغسل، وهو قول أنس بن مالك ومالك (5) والثوري، والثاني (جـ): أنه مكروه فيهما، وهو قول ابن عمر وابن أبي ليلى، والثالث: يكره في الوضوء دون الغسل، وهو قول ابن عباس.

والوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ترك التنشيف هذا، وحديث في الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم "اغتسل، وخرج ورأسه يقطر ماء"(6) وأما فعل التنشيف فقد رواه جماعة من الصحابة، لكن قال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(أ) بهامش هـ.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) بهامش هـ.

_________

(1)

مجمل اللغة 3/ 862.

(2)

الصحاح 5/ 1827 - 1828.

(3)

و (4) شرح مسلم 1/ 615.

(5)

جواهر الإكليل 1/ 17.

(6)

البخاري 1/ 383 ح 275.

ص: 125

وقوله: "وجعل ينفض الماء بيده"، فيه دلالة على أن النفض لا بأس به، وفيه وجوه أحدها: أن المستحب تركه ولا يقال إنه مكروه (أ، والثاني أنه مكروه أ)، والثالث أنه مباح يستوي فعله وتركه، وقد ورد في إباحته هذا الحديث، وفي النهي عنه قوله:"لا تنفضوا أيديكم، فإنها مراوح الشيطان"(1)، وهو ضعيف لا يقاوم هذا الصحيح.

100 -

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: إني امرأة أشدُّ شعر رأسي، أفأَنْقُضُهُ لغُسْل الجنابة؟ وفي رواية: والحيضة؟ فقال: "لا إنما يكفيك أنْ تَحْثِي على رأسِك ثلاثَ حَثَياتٍ". رواه مسلم (2). الحديث.

قوله: أشد شعر -لفظ مسلم أشد ضفر رأسي، وكأن المصنف رواه بالمعني (3)، وضَفْر بفتح الضاد وإسكان الفاء، وهذا هو المشهور عند المحدثين والفقهاء وغيرهم ومعناه أحكم فتل شعري. وقال الإِمام ابن بري (4)، [وهو ابن مالك] (ب) في الجزء الذي صنفه في لحن الفقهاء: من ذلك قولهم في حديث أم

(أ- أ) بالهامش في هـ.

(ب) بهامش الأصل وفيه آثار مسح واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

أسانيد الجامع الكبير 2/ 703، جمع الجوامع 1570، ابن أبي حاتم في العلل من رواية البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا توضأ تم فأشربوا أعينكم من الماء ولا تنفضوا .. " وفيه البختري بن عبيد البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي ضعفه أبو حاتم وقال أبو نعيم الحافظ: روى عن أبيه موضوعات، وقال ابن عدي: روى عن أبيه قدر عشر من حديثًا عامها مناكير منها: "أشربوا أعينكم"، وقال الذهبي: أنكر ما روى عن أبيه عن أبي هريرة الحديث. العلل 1/ 36، الميزان 1/ 299 الكامل 2/ 490 - 491.

(2)

مسلم باب حكم ضفائر المغتسلة 1/ 625 بلفظ ضفر -أبو داود في الطهارة باب في الوضوء بعد الغسل 1/ 173 ح 251، الترمذي الطهارة باب هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل 1/ 175 ح 105، النسائي نحوه باب ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة 1/ 108، ابن ماجه نحوه باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة 1/ 198 ح 603.

(3)

رواه المصنف بالفتح بلفظ ضفر 1/ 418 وفي نسخة البلوغ المخطوطة بلفظ شعر ل 9.

(4)

شرح مسلم 1/ 625.

ص: 126

سلمة: أشد ضفر رأسي، يقولونه بفتح الضاد وإسكان الفاء، وصوابه ضم (أ) الضاد والفاء جمع ضفيرة كسفينة وسفن، قال النووي رحمه الله: وهذا الذي أنكره ليس بصحيح، بل الصواب جواز الأمرين ولكل منهما وجه صحيح، ولكن يترجح الأول لأنه المسموع في الروايات الثابتة المتصلة.

وقوله: "أَفَأَنْقُضُهُ .. " إلى آخره، فيه دليل على أنه لا يجب عليها نقض الشعر، وظاهر الحديث وإن لم يصل الماء إلى باطنه، وسواء كان اجتماعه باختيارها أو بغير اختيارها والحكمة في ذلك التيسير عليها، لما في ذلك من الحرج، وفي المسألة أقوال: ذهبت (ب) الهادوية وهو مذهب الحسن البصري (1) وطاوس إلى أنه لا يجب النقض في الجنابة دون الحيض والنفاس، فيجب فيهما لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة "انقضي شعرك، واغتسلي"(2) وأجيب بأن ذلك معارض بحديث (جـ) أم سلمة (3)، وهذا ممكن، حمل الأمر على الندب فيجب الصير إلى التأويل جمعا بين الحديثَيْن، وحديث أم سلمة لا يحتمل مثل هذا، وذهب الجمهور من

(أ) في جـ: بضم.

(ب) في جـ وب: ذهب.

(جـ) في ب: لحديث.

_________

(1)

المجموع 3/ 190 - 191.

(2)

ابن ماجه باب في الحائض كيف تغتسل 1/ 210 ح 641، قلتُ: ورجاله ثقات ومخرج في الصحيحين "انقضي رأسك وامتشطي" البخاري 1/ 418، ومسلم بنحوه الحج باب بيان وجوه الاحرام 2/ 870 ح 1211 - 112.

(3)

رواية الحيض قال الإِمام ابن القيم: الصحيح في حديث أم سلمة الاقتصار على ذكر الجنابة دون الحيض وليست لفظة الحيض بمحفوظة. قلت: الحديث مداره على أيوب بن موسى، وروى عنه الحديث عن مسلم.

(أ) ابن عيينة ولفظه "والحيضة" فقط.

(ب) روح بن القاسم ولفظه كابن عيينة.

(جـ) الثوري وروي عنه من طريقين.

يزيد بن هارون كرواية ابن عيينة وروح بن القاسم، وعبد الرزاق وفيه لفظ الجنابة. قال ابن القيم: ومن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة ليست محفوظة في الحديث تهذيب السنن 1/ 165 - 167.

ص: 127

الشافعية (1) وغيرهم والإِمام يحيى إلى أنه لا يجب نقض الشعر مطلقا بشرط أن يصل الماء إلى باطن الشعر، فيبله وإلا وجب النقض، لقوله صلى الله عليه وسلم "بلوا الشعر"(2) ولم يفرق، قالوا: وحديث أم سلمة محمول على أنه عرف (أ) خفة شعرها وكان (ب) الماء يصل إلى جميعه، ويمكن الجواب بأن حديث أم سلمة خاص ببعض أحوال الشعر وهو ما كان مشدودا، وحديث "بلوا"، عام للشعر سواء كان مشدودا أو منشورا، والواجب العمل بالخاص فيما تناوله، وبالعام فيما بقي، [مع أنه فيه مقالا](3)(جـ) وحكى عن النخعي (4) وجوب النقض بكل حال، لقوله: بلوا وقد عرفت الجواب عنه، وذهب أبو يوسف إلى أنه يجب في الجنابة دون الحيض، قال: إذ هي من الكتاب، لا الحيض إذ هو من السنة، ولتأكيد الجنابة بقوله: بلوا، والجواب عنه حديث أم سلمة.

وقوله: "تحثي على رأسك ثلاث حثيات"، هي (د) بمعنى الحفنات، والحفنة (هـ) ملء الكفين من أي شيء كان، ويقال: حثيت وحثوت (و) بالواو والياء لغتان مشهورتان.

101 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(أ) في هـ: عرفه.

(ب) في هـ وب: فكان.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) في جـ: وهي.

(هـ) في جـ: ملء الحفنة.

(و) في جـ: حثوث وحثيث.

_________

(1)

المجموع 2/ 190.

(2)

بلوا الشعر، كذا في البحر والتلخيص، والذي عند أبي داود، "إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر" 1/ 171 ح 248، والترمذي 1/ 178 ح 106 وابن ماجه 1/ 196 ح 597، وسيأتي الكلام عليه في ح 103.

(3)

ستأتي في ح 103.

(4)

المجموع 2/ 190 - 191.

ص: 128

"إنِّي لا أحِلُّ المسجدَ لحائض، ولا جُنب". رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة (1).

أخرجه أبو داود من حديث جسرة (2) عن عائشة، وفيه قصة، وابن ماجه (3) والطبراني من حديث (أ) جسرة عن أم سلمة، وحديث الطبراني (4) أتم، وقال أبو زرعة الصحيح حديث جسرة عن عائشة، وضعف هذا الحديث بأنه من رواية أفلت ابن خليفة (5)، وهو مجهول الحال، وقد ذكر ابن الرفعة أنه متروك، ورد عليه بأن أحمد قال: لا أرى به بأسا، وقد صححه ابن خزيمة وحسنه ابن القطان.

والحديث فيه دلالة على أنه لا يجوز للحائض والجنب دخول المسجد بكل حال وهو مذهب الأكثر، وقال داود والمزني: أنه يجوز لهما ذلك قياسا على العبور، وأجيب بأن الأصل ممنوع، وإن سلم فالعبور خصصته الآية (6)، وبقي ما عداه داخلا تحت مفهوم الحديث، وذهب أحمد (7) وإسحاق إلى أنه يجوز للجنب إن غسل

(أ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

أبو داود الطهارة باب في الجنب يدخل المسجد 1/ 157 ح 232.

(2)

جسرة بنت دجاجة العامرية الكوفية يقال: إن لها إدراكا، التقريب 466.

(3)

ابن ماجه 1/ 212 ح 645، البيهقي الصلاة باب في الجنب يمر في المسجد مارا ولا يقيم فيه 2/ 442.

(4)

الطبراني ولفظه عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فنادى بأعلى صوته: "ألا إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض إلا للنبي وأزواجه وفاطمة بنت محمد وعلي، ألا بينت لكم أن تضلوا"، الطبراني الكبير 23/ 373 - 374، قال في الزوائد: إسناده ضعيف ممدوح لم يوثق، وأبو الخطاب مجهول، ورواية الطبراني كذلك.

(5)

أفلت بن خليفة العامري أبو حسان الكوفي، صدوق، وقال الدارقطني: صالح. الخلاصة 45 التقريب 38، الكاشف 1/ 137.

(6)

{وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} الآية 43 من سورة النساء.

(7)

أحمد: يباح العبور للحاجة من أخذ شيء أو تركه أو كون الطريق فيه وحشا فأما لغير ذلك فلا يجوز بحال- المغني 1/ 145.

ص: 129

ما يباشر به المسجد لا الحائض، فتمنع للتنجيس، الجواب: الحديث لم يفصل (1).

وذهب العترة أيضًا وأبو حنيفة (2) وأصحابه ومالك إلى أنه لا يجوز أن يعبر للحديث، وكالحائض، وذهب ابن مسعود وابن عباس والشافعي وأصحابه إلى جواز ذلك (3)، قالوا: لقوله تعالى إلا عابري سبيل (4) وأراد مواضع الصلاة (5) بدليل الاستثناء، وأجيب (6) بأن الآية محمولة على من أجنب في المسجد، فإنه يخرج منه للغسل، أو على أن معنى عابري سبيل مسافرين وفقدتم الماء، فتيمموا لفقدان الماء (7)، وذكر السفر لأنه غالب فقد الماء فيه، وإن كان ذلك الحكم يجري في الحضر عند عدم الماء، أو يحمل (أ) على أن الطريق إلى الماء إنما هي في المسجد أو كان الماء في المسجد، ذكره الزمخشري وهو يجوز من دون (ب) تيمم عند الحنيفة في الأخيرين والله أعلم.

102 -

وعنها رضي الله عنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في إناء واحد، تختلف أيدينا فيه من الجنابة. متفق عليه (8).

زاد ابن حبان: وتلتقى.

(أ) في هـ: ويحمل.

(ب) ساقطة من جـ.

_________

(1)

قلت: المنع عام في الحائض والجنب، ولكن الجنب خرج بالآية.

(2)

شرح فتح القدير 1/ 165 - 166، جواهر الإِكليل 1/ 23.

(3)

عند الشافعي يجوز له العبور من غير لبث سواء كان لحاجة أم لا المجموع 2/ 163.

(4)

الآية 43 من سور النساء.

(5)

ذكر الشافعي هذا في الأم عن بعض العلماء بالقرآن.

(6)

أصحاب أبي حنيفة. المجموع 1/ 165.

(7)

ينسب هذا التفسير إلى علي وابن عباس. المغني 1/ 146.

(8)

اللفظ لمسلم الطهارة باب جواز غسل الرجل والمرأة في إناء واحد 1/ 256 ح 45 - 321 م بلفظ (من) بدل (في إناء) والبخاري بلفظ مسلم دون (من الجنابة) الغسل باب هل بدخل الجنب يده في الإِناء 1/ 373 ح 261.

ص: 130

الحديث يدل (أ) على جواز اجتماع المرأة والرجل في الاغتسال من إناء واحد، وقد تقدم ما في هذه المادة من الكلام، ومحل هذا الحديث اللائق به في باب المياه. والله أعلم.

103 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر". رواه أبو داود والترمذي وضعفاه (1).

ولأحمد (2) عن عائشة نحوه، وفيه راوٍ مجهول.

الحديث ضعفاه لأنه من رواية الحارث بن وجيه (3)، قال أبو داود: حديثه منكر، وهو ضعيف، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث، وهو شيخ ليس بذاك وقال الدارقطني: إنما يروى هذا عن مالك بن دينار عن الحسن مرسلًا، ورواه سعيد بن منصور عن هشيم، عن يونس، عن الحسن قال: نبئت أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم فذكره، ورواه أبان العطار (ب) عن قتادة (4) عن الحسن عن أبي هريرة من قوله، وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت، وقال البيهقي (5): أنكره أهل العلم بالحديث، البخاري (6) وأبو داود وغيرهما،

(أ) في جـ: دل.

(ب) في جـ: العصار.

_________

(1)

أبو داود الطهارة باب في الغسل من الجنابة 1/ 171 ح 248، الترمذي الطهارة باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة 1/ 178 ح 106، ابن ماجه الطهارة باب تحت كل شعرة جنابة 1/ 196 ح 517، البيهقي الطهارة باب تخليل أصول الشعر بالماء وإيصاله إلى البشرة 1/ 175، ضعفاء العقيلي في ترجمة الحارث بن وجيه 1/ 216.

(2)

أحمد 6/ 110 - 111.

(3)

الحارث بن وجيه أبو محمد البصري الراسبي ضعيف، الميزان 1/ 445، التقريب 61، الخلاصة 69.

(4)

التلخيص 1/ 142.

(5)

المعرفة 1/ 432.

(6)

التاريخ الكبير 2/ 182، وسنن أبي داود 1/ 171.

ص: 131

وفي الباب عن أبي (أ) أيوب رواه ابن ماجه من حديث فيه: من أداء الأمانة غسل الجنابة فإن تحت كل شعرة جنابة (1)، وإسناده ضعيف (2)، وعن علي مرفوعًا: "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا (ب) وكذا (3) الحديث، وإسناده صحيح، فإنه من رواية عطاء بن السائب، وقد سمع منه حماد بن سلمة (4) قبل الاختلاط، أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث حماد، لكن قيل: إن الصواب وقفه على علي رضي الله عنه.

وفي الحديث دلالة على أنه يجب غسل جميع البدن في الجنابة ولا يعفي عن شيء منه والظاهر أنه إجماع إلا المضمضة والاستنشاق ففيهما خلاف الناصر والشافعي (5) وأصحابه ومالك، قالوا: لقوله في حديث أم سلمة: إنما يكفيك أن تحثي .. الحديث، ولم يذكرهما، قلنا: أنقوا البشر، والبشر عام، ومن جزئياته بشرة الفم والأنف، وقد قال ثعلب: البشرة هي الجلدة التي تقي اللحم من الأذى فبين عموم البشر، وأجيب بأن الحديث ضعيف، فلا يقاوم حديث مسلم المتقدم، ويجاب بأن له شاهدا وهو ما تقدم من حديث يتوضأ وضوءه للصلاة، والأحاديث منتشرة بأن وضوءه للصلاة كان بالمضمضة والاستنشاق ويؤيد أيضًا بحديث (جـ) علي رضي الله عنه فإنه صريح في التعميم،

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في هـ: كذلك.

(جـ) في ب: لحديث.

_________

(1)

ابن ماجه 1/ 196 ح 598.

(2)

لأن فيه طلحة بن نافع أبو سفيان الواسطي صدوق. ولكن في الزوائد: إنه لم يسمع من أبي أيوب، الميزان 2/ 342، التقريب 158.

(3)

أبو داود 1/ 173 ح 249، ابن ماجه 1/ 96 ح 599.

(4)

حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة ثقة عابد اختلط في الآخر، سمع حماد منه قبل الاختلاط كما هو قول الجمهور. التهذيب 3/ 11، الكواكب 325 - 460.

(5)

المجموع 1/ 373، جواهر الإكليل 1/ 23.

ص: 132

وبحديث (أ) عائشة رضي الله عنها "كان إذا اغتسل من الجنابة تمضمض واستنشق" أخرجه النسائي (1)، وعن (ب) ابن عباس عن خالته ميمونة قالت:"وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلا فتمضمض" أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (2)، فعرفتَ بمجموع ذلك أنه يجب غسل الفم والأنف. والله سبحانه أعلم.

قال سفيان بن عيينة: المراد بقوله: وأنقوا البشر، غسل الفرج وتنظيفه، كني عنه بالبشرة. قال ابن وهب: ما رأيت أعلم بتفسير الأحاديث من ابن عيينة. ذكره في شرح الترمذي.

[اشتمل الباب على خمسة عشر حديثًا](جـ).

(أ) في ب: لحديث.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) بهامش الأصل.

_________

(1)

النسائي باب ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء 1/ 110، ويؤيده رواية البخاري ومسلم عن ميمونة.

(2)

البخاري 1/ 368 ح 257، ومسلم 1/ 54، ح 37 - 317 م، أبو داود 1/ 169 ح 245.

ص: 133