المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التيمم [التيمم في اللغة: القَصْد، قال امرؤ القيس: تيممتها من أذرعات - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٢

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌ ‌باب التيمم [التيمم في اللغة: القَصْد، قال امرؤ القيس: تيممتها من أذرعات

‌باب التيمم

[التيمم في اللغة: القَصْد، قال امرؤ القيس:

تيممتها من أذرعات .. البيت (1)، أي قَصَدْتُها.

وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لمسح (أ) الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها (2)، وقال ابن السكيت:{فَتَيَمَّمُوا} : أي اقصدوا، ثم كَثُر استعماله حتى صار التيممُ: مسحُ الوجه واليدَيْن بالتراب. انتهى.

فعلى هذا: هو مَجَازٌ لغويٌّ، وعلى الأول حقيقة شرعية.

واختلف في التيمم هل هو عزيمة أو رخصة؟ وفَصَّل بعضهم بأنه لعدم الماء عزيمة وللعذر رخصة] (ب).

104 -

عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمسا لم يُعطَهنَّ أحدٌ قبلي، نُصرت بالرُّعب مسيرةَ شهر، وجُعلَتْ لِيَ الأرضُ مسجدًا وطهورًا، فأيُّما رجلٍ (جـ) أدركته الصلاةُ فَليُصلِّ

" (3). وذكر الحديث.

(أ) في هـ وب وجـ: بمسح.

(ب) بهامش الأصل وهـ.

(جـ) زاد في ب: من أمتي.

_________

(1)

صدر بيت لامريء القيس:

تيممتها من أذرعات وأهلها

بيثرب أدنى دارها نظر عالي

انظر ديوان امرئ القيس بلفظ (تنورتها)31.

(2)

المغني 1/ 233.

(3)

البخاري بلفظ: رجل من أمتي كتاب التيمم 1/ 435 ح 335، مسلم نحوه كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/ 370 - 371 ح 3 - 521، النسائي باب التيمم بالصعيد 1/ 172، أحمد 3/ 304.

ص: 135

وفي حديث حذيفة رضي الله عنه عند مسلم: "وجعلت تربتها لنا طهورا، إذا لم نجد الماء"(1).

وعن علي رضي الله عنه عند أحمد: "وجعل التراب لي طهورا"(2).

* الحديث متفق عليه، وتمامه:"وأُحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأُعْطيتُ الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة".

قاله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك كما بينه البخاري من رواية عمرو بن شعيب (3).

* وقوله: "أعطيت خمسا": من لا يثبت مفهوم العدد لا إشكال عليه بأنه قد ورد غير ذلك، ومن أثبته ترد عليه، وطريق الجمع أن يُقَالَ: لعله اطلع أولًا على بعض ما اختص به فذكره، ثم اطلع على غيره من بعد، أو المفهوم غير مقصود هنا بقرينة ذكر غيره (أ) وقد ورد غير هذه الخمس كما في حديث أبي هريرة عند مسلم:"فضلت على الأنبياء بست"(4) ولم يذكر الشفاعة، وزاد خصلتين وهما:"وأعطيت جوامع الكلم، وختم بي (ب) النبيون". ولمسلم من حديث (5) حذيفة: "فُضِّلْتُ على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة"، وذكر خصلة الأرض، قال:"وذكر خصلة أخرى أبهمها"، وقد بينها ابن خزيمة والنسائي (6) وهي: "وأعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة

(أ) ساقطة من ب.

(ب) في هـ: به.

_________

(1)

مسلم 1/ 371 ح 4 - 522.

(2)

أحمد 1/ 98.

(3)

ليس لعمرو بن شعيب في هذا الحديث رواية عند البخاري وليس على شرطه وإنما ذلك عند البيهقي في كتاب الطهارة باب التيمم عند دخول وقت الصلاة 1/ 222.

(4)

مسلم 1/ 371 ح 5 - 523.

(5)

مسلم 1/ 371 ح 4 - 522 بلفظ (فضلنا).

(6)

ابن خزيمة باب ما ذكر ما كان الله عز وجل فضل به رسوله على الأنبياء 1/ 132 ح 263 النسائي في الكبرى في فضائل القرآن. تحفة الأشراف 3/ 27.

ص: 136

مِنْ كَنْزٍ تحت العرش"، يشير إلى ما حطه الله تعالى عن أمته من الإِصر، وتَحَمُّل ما لا طاقة لهم به، ورفع الخطأ والنسيان.

ولأحمد من حديث علي رضي الله عنه: "أعطيت أربعا لم يعطهن أحد من أنبياء الله: أعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعلت أمتي خير الأمم"(1) وذكر خصلة التراب فصارت الخصال اثنتي عشرة.

وقد نظم بعضهم الخمس المذكورة في حديث جابر فقال:

جاء بالخمس ثم خص بخمس

بعد سبع عددن (أ) للتلاء (ب)

فله الأرض مسجد وطهور

لمصل وعاجز عن ماء

وأحلت له الغنائم يمضي

حكمه في التنفيل والاصطفاء

وعموم النعت الذي خصه منه

بما (جـ) شاء ألطف اللطفاء (2)

وله في غد بكبرى الشفاعات

مقام يشفي من الأصداء

(نُصْرَة الله في (د) مسيرة شهر

يقذف الرعب منه (هـ) في قلوب العداء (و)

وقلت في نظم السبع المذكورة:

هذه الخمس واحفظ السبع تحظى

بسنى الجلال للكملاء (3)

فهو للرسل أجمعين ختام

وَلِكَلْم جوامع الأنباء

ومقام الصلاة خص بصفٍ

كصفوفِ الملائك الأمناء

(أ) في هـ: عدد.

(ب) في ب: للنبلاء.

(جـ) في ب: لما.

(د) في هـ: من.

(هـ) في هـ: منه، وب: في.

(و) بهامش الأصل.

_________

(1)

مسند أحمد 1/ 158.

(2)

البيت غير مستقيم الوزن.

(3)

البيت غير مستقيم الوزن ولعل صحة العجز بزيادة (ذي) ليستقيم الوزن هكذا: بسنى ذي الجلال والكملاء.

ص: 137

وبآي كُنِزّن من ذُخُر العرش

خواتيم (أ) السورة الزهراء

ثم سماه أحمد في

معنييه لأحمد الأسماء

وبإعطائه المفاتيح للأرض

سما قدره عن (ب) الأدباء

وبتفضيلنا على أمم الرسل

رحمة منه أرحم الرحماء

[هذه السبع ثم ضم إليها

بعدها ما روي تفز بولاء

فبإعطائه اللواء لواء الحمد

كذا كوثر لسقي الماء

ثم شيطانه بإسلامه (جـ) خص

وغفران (د) ذنبه بالوفاء

ثم بعض يقول ستون قد خص (د)

بها الله سيد الأمناء

ولبعض نيف مع (هـ) مائتين

وبها فضله على الأنبياء] (1)(و)

وقد ورد غير ذلك، ففي (ز) حديث البزار عن أبي هريرة رفعه (2):"فضلت على الأنبياء بست: غفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، وجعلت أمتي خير الأم، وأعطيت الكوثر، وإن صاحبكم لصاحب لواء الحمد يوم القيامة تحته آدم فمن دونه"، وذكر ثنتين مما تقدم، وله من حديث ابن عباس (3) رفعه:"فضلت على الأنبياء بخصلتين: كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه فأسلم"، قال:

(أ) في جـ: خواتم.

(ب) في هـ: على.

(جـ) في جـ: بإسلام.

(د - د) سقط هذان الشطران من جـ.

(هـ) في جـ: عن.

(و) بهامش الأصل.

(ز) في هـ: وفي.

_________

(1)

البيت غير مستقيم الوزن.

(2)

مجمع الزوائد 8/ 269، وعزاه إلى البزار وقال: سنده جيد.

(3)

مجمع الزوائد 8/ 225، والثانية:"وكن أزواجي عونا لي وكانت زوجته عونا على خطيئته".

وأخرجه الطبراني أيضًا من حديث ابن مسعود 10/ 269 ح 10522.

ص: 138

ونسيت الأخرى.

وقد ذكر أبو سعيد النيسابوري في كتاب "شرف المصطفى": إن الخصائص ستون. قال السيوطي (1): ثم لما صنفت كتاب "المعجزات (أ) والخصائص" تتبعتها فزادت على المائتين، وظاهر الحديث يدل على أن كل خَصْلة من هذه لم تكن لأحد قبله.

* فقوله (ب): "مسيرة (جـ) شهر"، نصب على أنه مفعول فيه بتقدير في، وفي حديث أحمد عن أبي أمامة "يقذف في قلوب أعدائي"(2)، وفي الطبراني عن ابن عباس (د) بالرعب على عدوه (هـ) مسيرة شهرين (3)، وأخرج عن السائب بن يزيد مرفوعًا:"نصرت بالرعب شهرا أمامي، وشهرا (و) خلفي"(4)، وهو جامع بين حديث شهر وشهرين، وإنما جعل الغاية الشهر لأنه لم يكن بينه وبين (ز) أحد من أعدائه أكثر منه وهذه الخصوصية (حـ) حاصلة له، وإن لم يكن معه عسكر، وهل هي حاصلة لأمته؟ فيه احتمال (5).

(أ) في جـ: المعرات.

(ب) في هـ: بقوله، وجـ وب: وقوله.

وزاد في هـ وب: نصرت بالرعب.

(جـ) في ب: مسير.

(د) زاد في هـ: نصر.

(هـ) في جـ: عدو.

(و) في جـ: في شهر.

(ز) ساقطة من جـ.

(حـ) في جـ: الخصيصة.

_________

(1)

زهر الربى 1/ 173.

(2)

المسند 5/ 248.

(3)

الطبراني الكبير ولفظه: "أعطيت .. ونصرت بالرعب حتى إن العدو ليخافوني من مسيرة شهر أو شهرين" 11/ 61 ح 11047.

(4)

الطبراني الكبير 7/ 183 - 184 ح 6674.

(5)

فمن نظر إلى جعل الأرض مسجد أو إحلال الغنائم فإنها له ولأمته كافة، ومن ننظر إلى شفاعه وبعثه =

ص: 139

* وقوله: "وجعلت لي الأرض مسجدا": أي موضع سجود، لا يختص السجود منها بموضع دون غيره، ويحتمل أن يراد بالمسجد المسجد المبني للصلاة فيكون الكلام تشبيها بليغا، وهذه لم تكن لغيره كما صرح به في رواية عمرو بن شعيب بلفظ:"وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم"، وفي حديث البزار من حديث ابن عباس نحو حديث الباب، وفيه:"ولم يكن أحد من الأنبياء يصلي حتى يبلغ محرابه"، وبهذا (أ) الوارد يندفع ما قيل: إن الخصوصية مجموع الأمرين: مسجدا وطهورا، قال: لأن عيسى كان يسبح ويصلي حيث أدركته وما قيل: إن من قبله أبيح لهم الصلاة في أماكن يتيقنون طهارتها، بخلاف هذه الأمة فإن لهم أن يصلوا (ب) فيما لا يتيقنون نجاسته.

وقوله: "وطهورا"، يحتمل أن يكون معنى (جـ) الطهور (د) الطاهر في نفسه، ولكنه لا يبقى (هـ) فيه معنى الخصوصية، إذ (و) هي طاهرة (ز) له ولغيره، ويحتمل أن يكون (دـ) معناه أنه مطهر (حـ) لغيره، وهذا هو المراد، ويؤيده حديث ابن المنذر وابن الجارود بإسناد صحيح عن أنس مرفوعًا:"جعلت لي الأرض طيبة، مسجدا وطهورا"(1)، ومعنى "طَيّبة": طاهرة فلو كان طهورا بذلك المعنى لكان تكريرا.

* ويفهم من الحديث أن التيمم يرفع الحدث كالماء لاشتراكهما في هذا

(أ) في هـ: وهذا.

(ب) في ب: يصلون.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د - د) بهامش جـ.

(هـ) في جـ: الواو ساقطة، وفي هـ: ولكنه لا شيء يبقى.

(و) في جـ: أي.

(ز) في ب: طاهر.

(حـ) في هـ: يطهر.

_________

= إلى الناس كافة فهي خاصة. فعلى الأول تكون عامة له ولأمته وعلى الثاني تكون خاصة به والله أعلم.

(1)

ابن الجارود: "جعلت لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا" باب التيمم 51.

ص: 140

الوصف، وعلى أن التيمم جائز بجميع (أ) أجزاء الأرض، وفي رواية أبي أمامة بقوله:"وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجدا وطهورا"(1)، وقد يُدفع ذلك برواية مسلم:"وجعلت تربتها طهورا"(2). ويجاب عنه بأن ذكر حكم بعض ما تناوله العام لا يخصص كما هو المختار، والمفهوم مفهوم (ب) لقب لا يعمل به.

وقد يجاب بأن الحديث عند مسلم من حديث حذيفة: "وجعلت لنا (جـ) الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء"(3) فوقع التعميم والتأكيد بكلها في جعلها مسجدا دون المعطوف، فدل على عدم التعميم في المعطوف، وإلا لكان العطف على نسق واحد، ويجاب عنه بما تقدم، [إلا أنه يدفع بقوله تعالى:{فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} (4) قال الزمخشري (5): فإنْ قلتَ: لا يفهم أحد من العرب من قول القائل مسحت برأسي من الدهن أو غيره إلا معنى التبعيض، قلتُ: هو كما تقول، والإِذعان للحق خير من الراء. انتهى] (د).

* وقوله: "فأيما رجل": "أي" شرطية، وهي في محل رفع على أنها مبتدأ، ولفظ "ما" زائدة للتأكيد، وهي للعموم.

(أ) في ب: لجميع.

(ب) بهامش هـ.

(جـ) في جـ: لي.

(د) بهامش الأصل.

_________

(1)

المسند 5/ 248.

(2)

مسلم: "لنا طهورا" 1/ 371 ح 4 - 522.

(3)

مسلم 1/ 371 ح 4 - 522.

(4)

الآية 6 من سورة المائدة.

(5)

الكشاف 1/ 325.

ص: 141

* وقوله: "فليصل"، هذا هو الجزاء، والمعنى: على كل حال، وإن لم يكن متوضئا ولم يجد المسجد، والمراد: فليصل بالتيمم. وحديث جابر مختصر (أ)، ويدل على ذلك رواية أبي أمامة عند البيهقي:"فأيما رجل من أمتي أتى (ب) الصلاة فلم يجد ماء؛ وجد الأرض طهورا ومسجدا"(1) وعند أحمد: "فعنده طهوره ومسجده"(جـ)(2).

* وقوله: "وأحلت لي الغنائم"، وفي رواية الكشميهني:"المغانم"، وهي رواية مسلم (3)، قال الخطابي (4): كان من تقدم على ضربين: منهم من لم يؤدن له في الجهاد، فلم يكن لهم مغانم، ومنهم من أذن له (د) فيه، لكن إذا غنموا شيئًا لم يحل لهم أن يأكلوه، وجاءت نار فأحرقته، وقيل: المعنى أحل لي التصرف فيها بالتنفيل والاصطفاء والصرف في الغانمين، كما قال تعالى {قُلِ الأنفَالُ للهِ والرَّسُولِ} (5).

* قوله: "وأعطيت الشفاعة": الشفاعة (هـ) الأخروية الثابتة له (و) صلى الله عليه وسلم ستة

(أ) في جـ: مختص.

(ب) في هـ: أقام إلي.

(جـ) في جـ: تقديم وتأخير.

(د) في هـ: لهم.

(هـ) ساقطة من هـ وجـ.

(و) في هـ: لقوله.

_________

(1)

سنن البيهقي 1/ 222 وطرفه: "إن الله تعالى قد فضلني

".

(2)

أحمد 5/ 248.

(3)

الفتح 1/ 438، ولم أقف على رواية مسلم بلفظها.

(4)

أعلام الحديث 1/ 137.

(5)

الآية 1 من سورة الأنفال.

ولكن المعنى الأول أقرب يؤيدها الحديث الذي في مسلم وفيه "فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا" مسلم في الجهاد 3/ 1366، 1367، ح 32 - 1747.

ص: 142

أنواع، بعضها مختلف فيه، وبعضها متفق عليه، وبعضها مختص به، وبعضها غير مختص. فالأولى (أ): الشفاعة العظمى في إراحة الناس من طول القيام في المحشر وهذه مختصة به كما ورد التصريح بذلك (1)، ولا خلاف فيها.

والثانية: الشفاعة في إدخال قوم الجنة من دون حساب، وهذه أيضًا قد وردت (ب) لنبينا صلى الله عليه وسلم ولا أعلم الاختصاص فيها أو (جـ) عدمه (2).

والثالثة: الشفاعة لقوم (د) قد استوجبوا النار فيشفع في عدم دخولهم، وفيها الخلاف، والظاهر أنها غير مختصة عند من أثبتها.

والرابعة: الشفاعة لقوم دخلوا النار فيشفع في خروجهم (هـ)، وهي مختلف فيها والقائلون بها يقولون هي غير مختصة لورودها في حق الملائكة والأنبياء والمؤمنين والأطفال.

والخامسة: الشفاعة في زيادة الدرجات لمن في الجنة، وهذه متفق عليها، ولعلها غير مختصة.

والسادسة: ذكرها القرطبي وهي: الشفاعة لعمه أبي طالب في التخفيف عنه (و) كما في حديث مسلم "لعله تنفعه شافعتي، فيجعل في ضحضاح من نار

(أ) في جـ وب: فالأول.

(ب) في جـ: ورد.

(جـ) في هـ: و.

(د) في هـ: لقوله.

(هـ) في هـ: فشفع فيهم في خروجهم منها.

(و) في هـ: عليه.

_________

(1)

ففي صحيح مسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا .. "، وفيه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذن لي فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله فيقال: يا محمد ارفع رأسَك، قُلْ تُسْمَع، سل تعطه، اشفع تُشَفَّع" مسلم 1/ 180 ح 322 - 193.

(2)

ولعله يؤيدها الحديث الذي في مسلم عن أبي هريرة: "يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب .. " مسلم في الإيمان 1/ 197 ح 367 - 216.

ص: 143

يبلغ كعبه يغلي منه دماغه" (1)، وفي حديث العباس "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" (2) والضحضاح الماء القليل استعير للنار وشبهت به في القلة، وهذه مختصة به صلى الله عليه وسلم.

والسابعة: الشفاعة لمن مات بالمدينة (أ) أخرجه الترمذي (3) وصححه.

والثامنة: في التجاوز (ب) عن جماعة من صلحاء المؤمنين في تقصيرهم في العبادة ذكرها القزويني في العروة الوثقى.

والتاسعة: شفاعته لمن صبر على لأواء المدينة (4).

والعاشرة: شفاعته لفتح باب الجنة، رواه مسلم (5).

والحادية عشرة: شفاعته لمن زاره (6)، رواه ابن خزيمة في صحيحه عن ابن عمر (7).

(أ) في هـ: في المدينة

(ب) جـ: في البخاري.

_________

(1)

مسلم 1/ 194 ح 360 - 210.

(2)

مسلم 1/ 194 - 195 ح 357 - 209.

(3)

من حديث عبد الله بن عمر "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فإني أشفع لمن يموت بها" وقال: حسن غريب، الترمذي باب فضل المدينة 4/ 718 ح 3917.

(4)

من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صبر على شدتها ولأوائها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة" الترمذي قال: حسن صحيح غريب 4/ 720 ح 3918.

(5)

عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك".

(6)

الحديث "من زارني أو زار قبري كنت له شافعًا أو شهيدا"، الطيالسي 12 - 13، البيهقي 5/ 245، في ميمون بن سوار قال ابن عبد الهادي: شيخ مجهول وقال: هذا الحديث ليس بصحيح لانقاطعه وجهالة إسناده واضطرابه، وبنحوه أخرجه العقيلي من طريق موسى بن هلال إلى ابن عمر قال العقيلي ولا يصح حديثه ولا يتابع عليه، وقال: الرواية في هذا الباب فيها لين. الضعفاء 4/ 170.

وأخرجه الدارقطني بسند العقيلي 2/ 278، وأخرجه من حديث حاطب وفي سنده مجهول ولا يصح في ذلك شيء.

(7)

أخرجه ابن خزيمة في مختصر المختصر عن محمد بن إسماعيل الأحمسي عنه. الميزان 4/ 226.

ص: 144

والثانية عشرة: شفاعته لمن أجاب المؤذن، وصلى عليه، لما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم:"حلت له شفاعتي"(1)(أ) قال ابن دقيق العيد: والظاهر أن (ب) المعنى في الحديث هي الشفاعة الأولى، إذ هي مختصة، ولعله قد كان سبق من النبي صلى الله عليه وسلم الإِخبار بها، فقصد المعهود فيكون العهد خارجيا، وأقول: لعله يحمل على الاستغراق، ومجموع ذلك مختص به صلى الله عليه وسلم، ولا حاجة إلى التكلف المذكور.

وقوله: و (جـ) كان النبي يبعث

" إلح، فيه تصريح باختصاصه بذلك دون سائر الأنبياء، وقد يرِدُ أن نوحا كان بعد الطوفان مبعوثا إلى أهل الأرض، لأنه لم يبق إلا مَنْ كان مؤمنا به، وقد كان مرسلًا إليهم، ويدفع بأن ذلك لم يكن في بعثته، وإنما اتفق بالحادث، وقول أهل الموقف: أنت أول رسول إلى أهل الأرض (2) ليس المراد عموم البعثة بل أولية الرسالة إلى أهل الأرض، وهو صادق بالنسبة إلى البعض، وقال ابن دقيق العيد (3): يجوز أن تكون شريعته عامة بالنسبة إلى التوحيد، وإن كانت خاصة بالنسبة إلى فروع الدين، ولذلك عم الهلاك، ويحتمل أن عدم عمومها عدم بقائها بعده لنسخها بالشرائع بعدها، وأما عموم بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم فهي ببقائها إلى يوم القيامة. قال الداودي: المختص بالنبي صلى الله عليه وسلم مجموع (د) الخمس لا كل واحدة منها، فلا يرد ذلك، وقد غفل، فإن في هذه الخصوصية الأخيرة تصريح بالاختصاص فالوجه أحد ما قيل.

(أ) بهامش الأصل. وفيه بعض المسح واستدركه من نسخة هـ.

(ب) زاد في ب: الظاهر.

(جـ) الواو ساقطة من ب.

(د) في جـ: مجمع.

_________

(1)

البخاري الأذان باب الدعاء عند النداء 2/ 94 ح 614، مسلم بلفظ (الشفاعة) الصلاة استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه 1/ 288 - 289 ح 11 - 384.

(2)

مسلم 1/ 180 ح 322 - 193.

(3)

إحكام الأحكام 1/ 444 - 446.

ص: 145

وفي هذا الحديث من الفوائد: مشروعية تعديد نِعَم الله، وإلقاء العلم قبل السؤال، وأن الأصل في الأرض الطهارة، وأن الصلاة لا تختص بالمسجد المبنى (أ) لذلك، وحديث "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" ضعيف أخرجه الدارقطني من حديث جابر (1)، وقال صاحب المبسوط (ب) من الحنفية: فيه إظهار كرامة الآدمي، قال: لأن آدم خلق من ماء وتراب وهما طهوران.

105 -

وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأَجْنَبْتُ، فلم أجِد الماء (جـ)، فتمرَّغْتُ في الصَّعِيدِ كما تتَمرَّغُ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكَرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه" متفق عليه. واللفظ لمسلم (2).

وفي (د) رواية للبخاري: "وضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه"(3).

هو أبو اليقْظَان عمارُ بن ياسر (4) بن مالك العنسي مولى بني مخزوم وحليفهم، حالف ياسر بعد قدومه من اليمن وسكونه في مكة (هـ) أبا حذيفة بن المغيرة بن مخزوم، فزوجه أَمة له يقال لها: سُمية، فوَلدت (و) عمارا، فأعتقه

(أ) في جـ: المسمى.

(ب) في هـ: المبسوط، وكتب فوقها: الوسط.

(جـ) في جـ: ماء.

(د) في هـ: وفيه.

(هـ) ساقطة من جـ.

(و) زاد في هـ: له.

_________

(1)

الدارقطني 1/ 420.

(2)

مسلم الحيض باب التيمم 1/ 280 ح 110 - 368، البخاري كتاب التيمم باب التيمم ضربة 1/ 455 ح 347، أحمد 4/ 264، أبو داود الطهارة باب التيمم 1/ 228 ح 322، الترمذي مختصر باب ما جاء في التيمم 1/ 268 ح 144، النسائي باب تيمم الجنب 1/ 139، ابن ماجه باب ما جاء في التيمم ضربة واحدة 1/ 188 ح 569.

(3)

البخاري 1/ 443 ح 338.

(4)

الاستيعاب 7/ 224، الإصابة 7/ 64.

ص: 146

أبو حذيفة، فهو مولى لأبي حذيفة، أسلم عمار قديما وعذب في مكة، وأحرق بالنار، وكان يمر النبي صلى الله عليه وسلم به، فيمر يده عليه ويقول:"يا نار كوني بردًا وسلامًا على عمار كما كنت على إبراهيم"(1)، وهاجر إلى الحبشة وإلى المدينة وصلى إلى القبلتين، وهو من (أ) الأولين وشهد بدرا والمشاهد كلها، وأبلى فيها بلاء حسنا وسماه النبي صلى الله عليه وسلم الطيب والطيب، قتل بصفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة سبع وثلاثين، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة روى عنه علي بن أبي طالب وابن عباس، ومن أولاده محمد وأبو عبيدة.

قوله: فأجنبتُ، أي صرت جنبا، يقال: أجنب، أي صار (ب)، ولا يقال: اجْتُنِبَ (جـ) بصيغة المجهول، وإن وقع في كتب الفقهاء (د) كذا بينه شراح الحديث.

وقوله: فتمرغت، و (هـ) في رواية للبخاري (2) فتمعكت، المعنى واحد، [أي تقلبت، وكأن عمارا استعمل القياس، وهو أنه لما كان نائبا عن الغسل فحقه أن يعم](و).

وقوله: "إنما يكفيك"، فيه دلالة على أن هذه هي الصفة المشروعة، وأنه الواجب المجزئ، ودل على أنه يكفي ضربة واحدة، وأنه يكفي من (ز) اليد (حـ)

(أ) زاد بهامش هـ: المهاجرين.

(ب) زاد في هـ: جنبا.

(جـ) في جـ: أجنب.

(د) في جـ: الفقه.

(هـ) الواو ساقطة من هـ.

(و) بهامش الأصل.

(ز) في جـ: في.

(حـ) زاد في هـ: مسح.

_________

(1)

كنز العمال وعزاه إلى ابن عساكر 11/ 727 ح 33562.

(2)

البخاري 1/ 443 ح 338.

ص: 147

الكفان والراحتان، حيث قال: مسح الشمال على اليمين وظاهر الكفين، وأفهم أن الترتيب بين اليدين والوجه غير واجب، وإن كان هذا اللفظ محتملا، وقد عطفه في رواية للبخاري (أ) ثم، فقال:"ثم مسح وجهه"(1) بعد أن ذكر حكم الكفين، وفي رواية أيضًا لأبي داود ولفظه (ب):"ضرب بشماله على يمينه"(2)، وبيمينه على شماله على الكفين ثم مسح وجهه. وفي رواية للإِسماعيلي ما هو أصرح من (جـ) ذلك ولفظه:"إنما يكفيك أن تضرب بيدك على الأرض، ثم تنفضها، ثم تمسح بيمينك على شمالك وبشمالك على يمينك، ثم تمسح على وجهك"(3).

ودل الحديث أيضًا على أن التيمم مشروع في حق من أجنب، وفي هذه الأطراف الأربعة خلاف، فالطرف الأول، وهو أنه يكفي ضربة واحدة ذهب إليه: عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد وإسحق وابن المنذر، ونقله عن جمهور العلماء (4)، وقال به عامة أهل الحديث (5)، وأشار إلى القول به البخاري (6)، ورواه في البحر عن الصادق والإمامية (7)، وحجتهم هذا الحديث، وذهب إلى أنه لا يكفي الضربة الواحدة، وأَنه لا بد من ضربتين: علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر والحسن البصري والشعبي وسالم بن عبد الله وسفيان الثوري وجمهور العترة ومالك وأبو حنيفة وأصحاب الرأي والشافعي وغيرهم (8)، قالوا: لحديث

(أ) في هـ: البخاري.

(ب) في هـ: ولفظ.

(جـ) في هـ: في.

_________

(1)

البخاري ولفظه (ثم مسح بهما وجهه) 1/ 443 ح 338.

(2)

أبو داود 1/ 227 ح 321.

(3)

الفتح 1/ 457.

(4)

الفتح 1/ 457.

(5)

شرح مسلم 1/ 664.

(6)

بوب الإمام البخاري باب التيمم ضربة 1/ 455.

(7)

البحر 1/ 128.

(8)

انظر شرح مسلم 1/ 664، وبداية المجتهد 1/ 70، وقال: رجح الجمهور (أبو حنيفة والشافعي ومالك) الأحاديث الواردة على حديث عمار بقياسهم التيمم على الوضوء، الهداية 1/ 25.

ص: 148

ضربتان (1) وسيأتي من (أ) حديث ابن عمر وغيره، وحديث عمار أنكر عليه عمر روايته وابن مسعود لم يعمل به، وأجيب بأن حديث عمار أصح ما ورد في صفة (ب) التيمم، ومثله حديث أبي جهم (جـ)(2) ولم يذكر فيه زيادة على أنه أتى الجدار فمسح بوجهه (د) ويديه والظاهر (هـ) أنه فعل واحد وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه (و) ووقفه، والراجح وقفه، وإنكار عمر لا يقدح فلعله نسي القصة (3)، وأما ابن مسعود فقد روي عنده الرجوع إلى الحديث (4)، وغاية الأمر أن ما زاد على الضربة الواحدة فغير واجب.

وفي قوله: "يكفيك" إيماء إلى أنه الواجب الذي لا يجزئ دونه، وروي عن ابن سيرين أنه لا يجزيء أقل من ثلاث ضربات، ضربة للوجه، وضربة لكفيه، وضربة لذراعيه (5) والله أعلم.

الطرف الثاني: أنه يكفي (ز) من اليد الكفان والراحتان، وفي المسألة أقوال

(أ) في ب: في.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) في النسخ: جهيم، والتصحيح من مسلم.

(د) في هـ: ومسح بوجهه، وفي جـ: فمسح وجهه.

(هـ) في هـ: فالظاهر.

(و) في هـ: تقديم وتأخير.

(ز) في ب: بلغ.

_________

(1)

سيأتي في 426 ح 106.

(2)

مسلم 1/ 281 ح 114 - 369.

(3)

ولكن لم يمنعه من التحديث به، قال عمر: اتق الله يا عمار قال: إن شئت لم أحدث به فقال: عمر نوليك ما توليت مسلم 1/ 280 ح 112 - 368 م، قال ابن حجر: أي لا يلزم من كوني لا أتذكره أن لا يكون حقًّا في نفس الأمر فليس لي منعك من التحديث الفتح 1/ 457.

(4)

عزاه في الفتح إلى ابن أبي شيبة ولم أقف عليه. قال إسناده فيه انقطاع 1/ 457.

(5)

وقول ابن سيرين لا يعتد به فإنه يخالف الأحاديث الصحيحة. وأما قول من قال بضربتين فإنه يعارض حديث عمار الصحيح وأحاديثهم ضعيفة. والله أعلم.

ص: 149

فالأول ما في الحديث وقد ذهب إليه أحمد بن حنبل وإسحق وابن جرير وابن المنذر وابن خزيمة، ونقله ابن الجهم عن مالك (1)، ونقله الخطابي عن أصحاب الحديث (2)، وقال النووي: رواه أبو ثور وغيره عن الشافعي في القديم (3)، ورواه في البحر عن علي والصادق والناصر وغيرهم (4)، وأشار البخاري إلى قوة (أ) القول (5) به، قالوا: لحديث عمار في الصحيحين، وقد ورد من حديث عمار في السنن بذكر المرفقين (6)، وفي رواية "إلى نصف الدراع"، وفي رواية ["إلى المناكب، ومن بطون أيديهم](ب)، إلى الآباط"، إلا أن في رواية المرفقين، وكذا نصف الذراع مقالا (جـ)، وأما رواية الآباط فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له، وإن كان بغير أمره فالحجة فيما أمر به، ولكن رواية الصحيحين تتقوى بأن عمَّارًا كان يفتي بذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وراوي الحديث أعرف بالمراد منه من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد.

القول الثاني: أنه يجب مسح (د) اليدين مع المرفقين، وهو قول القاسم

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) في هـ: يقال.

(د) في جـ: مسحة.

_________

(1)

المغني 1/ 244، وقال: هو قول غير واحد من أهل العلم.

(2)

معالم السنن 1/ 199.

(3)

قلت: وأنكره بعض أصحابه ورد عليهم الإمام النووي بأن هذا الإنكار فاسد فإن أبا ثور من خواص أصحاب الشافعي وثقاتهم وإن كان مرجوحا عند الأصحاب فهو القوي في الدليل والأقرب إلى ظاهر السنة، المجموع 2/ 213.

(4)

البحر 1/ 127.

(5)

بوب البخاري بقوله (باب التيمم للوجه والكفين) قال ابن حجر: "وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله" 1/ 444.

(6)

سيأتي تفصيل ذلك في حديث ابن عمر 426 ح 106.

ص: 150

والهادي والمؤيد بالله وأبي طالب، والفريقين (1) قالوا: لحديث ابن عمر الآتي، وفيه:"لليدين إلى المرفقين"، وقياسا على الوضوء، وقد يجاب عنه بأن حديث ابن عمر الأصح فيه الوقف، وللاجتهاد فيه مسرح، فلا حجة، وأما القياس على الوضوء فهو قياس خالفه النص، فلا يصح، وهو (أ) أيضًا معارض بالقياس على القطع في السرقة (2).

القول الثالث: للزهري، أنه يجب المسح إلى المنكبين لأن ذلك اسم لليد (3) إذا أطلقت ولحديث عمار: إلى الآباط، والجواب أن حديث عمار أقوى في بيان الواجب من اليد، ورواية الآباط قد عرفت ما فيها، وقد روي عن ابن سيرين أنه يجب مسح الذراعين، وقد حكى عن بعض أن الواجب أربع أصابع فقط، والله سبحانه أعلم.

(الطرف الثالث: وهو أن الترتيب بين الوجه واليدين غير معتبر وإن تيمم اليدين قبل الوجه، والقائل به (ب) من قال: إن التيمم ضربة واحدة كما هو صريح حديث عمار كما تقدم والعطف في الآية الكريمة بالواو فلا يعارض الحديث، والخلاف في ذلك لمن أوجب ضربتين كما تقدم) (جـ).

(الطرف الرابع: هو (د) أن التيمم كاف في حق الجنب، ويقاس عليه

(أ) في هـ: وهذا.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) ساقطة من: هـ وب.

_________

(1)

البحر الزخار 1/ 127، والفريقان هم: الشافعية والأحناف، مذهب الشافعية كذلك المجموع 2/ 212 - 215، والأحناف كذلك. الهداية 1/ 25.

(2)

أخرج الترمذي عن ابن عباس: أنه سئل عن التيمم؟ فقال: إن الله قال في كتابه حين ذكر الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ، وقال في التيمم {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} وقال:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} فكانت السنة في القطع الكفين، إنما هو الوجه والكفان يعني التيمم 1/ 272 ح 145.

(3)

معارض بالتوجيه الذي ذكره ابن عباس وهو ترجمان القرآن.

ص: 151

الحائض والنفساء، ولم يخالف فيه أحد من (أ) السلف والخلف إلا ما جاء عن عمر وعبد الله بن مسعود وحكي مثله (ب) عن إبراهيم النخعي، وقيل: إن عمر وابن مسعود رجعا عنه، وأما (جـ) كونه يرفع الجنابة فالعتزة وأكثر الفقهاء لا يرفعها، لقوله في حديث (د) عمرو بن العاص:"صليت وأنت جنب"(1)، وقال داود وبعض المالكية وبعض الشافعية: بل يرفع (و) لقوله: وطهورا، وقد تقدم (2)(ز).

(أ) ساقطة من: هـ.

(ب) في جـ: منه.

(جـ) في جـ: فأما.

(د) زاد في هـ: أن.

(هـ) في هـ، جـ: وأنا.

(و) في ب: يرتفع.

(ز) في نسخة الأصل وب أورد هذا القول بعد قوله: وفي قوله ثم ضرب بعده .. إلى آخر الحديث، قد أشار إلى ذلك. وكذلك في هـ وقال: هذه الغلطة للمردود لم يكن غلط لأنها مصدرة في أصل الكتاب.

_________

(1)

أبو داود 1/ 238 ح 334، الحاكم 1/ 177 وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي 1/ 225، ابن حبان -موارد- 76 ح 202، وقد ضعف بالاختلاف على عبد الرحمن بن جبير، فرواه عن عمرو بلا واسطة، وبواسطة أبي قبيس والحديث له روايتان.

الأولى: رواية عبد الرحمن عن عمرو وفيها ذكر التيمم.

الثانية: رواية أبي قبيس وليس فيها ذكر التيمم.

فعلة الحديث عدم سماع عبد الرحمن من عمرو. قال البيهقي في الخلافيات: إن عبد الرحمن بن جبير لم يسمع من عمرو، نصب الراية 1/ 151 التلخيص 1/ 159.

(2)

وهل التيمم رافع أو مبيح، وثمرة الخلاف فيما إذا استطاع الماء بأن وجده إن كان فاقده أو قدر عليه إن كان مريضا، فمن قال: رافع لا يلزمه وضوء ولا غسل، ومن قال: يبيح يلزمه ذلك وفي الصلاة أيضًا. بداية المجتهد 1/ 70، المغني 1/ 251 - 252، الاستذكار 2/ 14، المجموع 2/ 223، 224، شرح فتح القدير 1/ 114 - 115.

ص: 152

وفي قوله: ثم ضرب بيديه (أ) فيه دلالة على أن المشروع هو الضرب وأما وضع التراب فذهب الهادي والناصر إلى أنه لا يجزئ (ب)(1)، وقال الشافعي: بل وضع التراب وكذا الذرور يجزئ، لحديث ابن عمر (2): وضع يده على الحائط. في رواية.

[وفي رواية (جـ): ضرب بيده على الحائط، أخرجه أبو داود (3)](د).

وحديث عمار فيه دلالة على الإِجزاء، إذ عمار تمعك في التراب، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإِعادة (هـ)، وإنما قال له:"يكفيك"، فهو يدل على أن هذا الواجب لا أن (و) غيره لا يجزئ، وقال الإِمام يحيى: لو معك وجهه ويديه أجزأ لحصول المقصود، ولحديث عمار.

وقوله: "ونفخ فيهما"، وفي رواية "أدناهما من فيه"، وفي رواية "تفل فيهما"، والتفل دون البزاق، والنفث دونه، وهو يدل على تخفيف التراب، وقال الهادي والشافعي: النفخ مندوب لهذا، وقال الناصر: لا يندب، إذ في حديث عمار لم ينفضوا من التراب شيئًا، ويجاب بأنه لا ينفي الندب الوارد، وقال الإِمام يحيى: إن كثر التراب نفخ، وإلا فلا جمعا بين الروايتين.

وقد يستدل به (ز) على جواز التيمم بالصخر، وما ليس عليه تراب، وفيه

(أ) في جـ: بيده.

(ب) في هـ: يجزئ لهذا الحديث.

(جـ) زاد في ب: أنه.

(د) بهامش الأصل وفيه بعض المسح واستدركته من نسخة هـ.

(هـ) في جـ: بإعادة.

(و) في ب: لأن.

(ز) في جـ: ويستدل.

_________

(1)

البحر الزخار 1/ 128.

(2)

أبو داود 1/ 234 ح 331.

(3)

أبو داود 1/ 234، ح 330 بلفظ (ضرب بيديه).

ص: 153

ما تقدم (أ).

106 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التَّيممُ ضربتان، ضربةٌ للوجه، وضربة لليديْنِ إلى المرفقين"(ب) رواه الدارقطني (جـ) وصحح الأئمة وقفه (1).

أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث علي بن ظبيان عن (د) عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال الدارقطني: وقفه (هـ) يحيى القطان وهشيم وغيرهما، وهو الصواب، ثم رواه من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا (و)، قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعلي بن ظبيان ضعيف ضعفه القطان وابن معين وغير واحد.

وأخرجه أبو داود بسند ضعيف مداره على محمد بن ثابت، وقد ضعفه ابن

(أ) في نسخة الأصل قدم جملة: وفي قوله: "ثم ضرب بيديه إلى آخر شرح الحديث على الطرف الرابع، وأشار إلى ذلك، وفي ب كذلك، لكنه كرر كتابه، جملة الطرف الرابع.

(ب) زاد في ب: و.

(جـ) في جـ: الطحاوي.

(د) في هـ: عند.

(هـ) في جـ: وفيه.

(و) في جـ: موقوفًا.

_________

(1)

الدارقطني باب التيمم 1/ 180، قال: ووقفه يحيى القطان وهشيم وهو الصواب البيهقي الطهارة باب كيف التيمم 1/ 207، الحاكم الطهارة 1/ 179، قلت: روى الحديث موقوفًا ومتصلا.

أولًا: الروايات المتصلة.

1 -

أخرجه في المستدرك، وسنن الدارقطني وهذا فيه علي بن ظبيان العبسي قال أبو حاتم: متروك وقال ابن معين: كذاب خبيث، وقال الدارقطني: ضعيف وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بين. الميزان 3/ 143.

ومع ضعف علي بن ظبيان فقد خالفه حفاظ جهابذة وهم يحيى القطان وهشيم والثوري وللحديث طريقان بغير هذا اللفظ وهما ضعيفان.

ثانيا: الروايات الموقوفة.

أخرجها الدارقطني والحاكم والبيهقي وهي التي رجحها الأئمة.

ص: 154

معين وأبو حاتم والبخاري وأحمد. قال أحمد والبخاري: ينكر عليه حديث التيمم هذا، قال البخاري: خالفه أيوب وعبيد الله والناس وقفوه على ابن عمر. وقال الخطابي (أ): محمد بن ثابت ضعيف (1)، ورواه الدارقطني من طريق سالم عن ابن عمر مرفوعًا، لكن فيه سليمان بن أرقم (2)، وهو متروك، قال (ب) البيهقي: رواه معمر وغيره عن الزهري مرفوعًا (3)، هو الصحيح، ومن طريق سليمان بن أبي داود الحراني (4)، وهو متروك أيضًا عن سالم ونافع جميعا عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ:"في التيمم ضربتان، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرافق"(5)، (جـ) قال أبو زُرعة: حديث باطل، وقد ورد تثنية الضرب من حديث جابر (6)، وإسناده لا بأس به، وصوب (د) الدارقطني وقفه، وحديث أسلع بن شريك أخرجه الطبراني والدارقطني وفيه الربيع بن بدر (7)، وهو ضعيف، وعن أبي أمامة رواه الطبراني وإسناده ضعيف أيضًا (8)، ورواه البزار

(أ) في هـ: الخطاب.

(ب) زاد في هـ: وقال.

(جـ) زاد في جـ: و.

(د) في هـ: وضرب، وهو تصحيف.

_________

(1)

محمد بن ثابت العبدي البصري أبو عبد الله، ضعيف، قال الخطابي: ضعيف جدًّا لا يحتج بحديثه، مختصر سنن أبي داود 1/ 205، الميزان 3/ 495، ضعفاء العقيلي 4/ 38، المغني في الضعفاء 2/ 56.

(2)

سليمان بن أرقم أبو معاذ البصري مولى قريظة والنضير، ضعيف، قال أحمد: لا يروى عنه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطني: متروك، الميزان 2/ 196، الكامل 3/ 1100 التقريب 132.

(3)

قال البيهقي: الصحيح رواية معمر وغيره عن الزهري عن سالم عن ابن عمر من فعله. السنن 1/ 207، وفي التلخيص (موقوفًا) 1/ 161.

(4)

سليمان بن أبي داود الحراني، ضعفه أبو حاتم، وقال البخاري: منكر الحديث، الميزان 2/ 206.

(5)

الدارقطني 1/ 183، والبيهقي 7/ 201، والحاكم 1/ 180.

(6)

الدارقطني 1/ 179، البيهقي 1/ 208، الطبراني 1/ 298، ح 875.

(7)

الربيع بن بدر بن عمرو التيمي السعدي أبو العلاء البصري، متروك، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عدي: عامة رواياته لا يتابع عليها. الميزان 2/ 39، التقريب 100، تاريخ ابن معين 2/ 160.

(8)

مجمع الزوائد 1/ 262، وعزاه إلى الطبراني الكبير، وقال: فيه جعفر بن الزبير من أهل الشام سكن البصرة، وقال البخاري: تركوه.

ص: 155

وابن عدي (1) من حديث عائشة مرفوعًا، تفرد به الحريش عن ابن أبي مليكة عنها، قال أبو حاتم: حديث منكر، والحريش شيخ لا يحتج بحديثه، [وفي الكاشف: الحريش بن الخريت (أ): واه، روى عن ابن أبي مليكة] (ب).

وعن عمار قال: كنت في القوم حين نزلت الرخصة فأمرنا فضربنا واحدة للوجه ثم ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين. رواه البزار (2).

107 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والصَّعيدُ وَضُوءُ المسلم، وإن لم يجد الماءَ عشرَ سنينَ، فإذا (جـ) وجد الماء فلْيتق الله (د)، وليمسه بشرته" رواه البزار وصححه ابن القطان، لكن صوب الدارقطني إرساله (3).

وللترمذي (4) عن أبي ذر نحوه، وصححه الحاكم أيضًا، وأخرج حديث أبي ذر أبو داود وأصحاب السنن من رواية خالد الحذاء، إلا أن لفظ الترمذي:

(أ) في جـ: (الحارث).

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) في جـ: وإذا.

(د) بهامش هـ.

_________

(1)

كشف الأستار 1/ 159 ح 313 وقال: لا نعلمه يروى عن عائشة إلا من هذا الوجه، والحريش أخو الزبير بن الخريت بصري، الكامل 2/ 848، الحريش بن الخريت أخو الزبير بصري ضعيف، الكاشف 1/ 214، التقريب 67.

(2)

نصب الراية 1/ 154.

(3)

حديث أبي هريرة، كشف الأستار باب التيمم 1/ 157 ح 310 وقال لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، ومقدم ثقة معروف النسب، قال ابن القطان: إسناده صحيح وهو غريب من حديث أبي هريرة وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.

نصب الراية 1/ 154، مجمع الزوائد 1/ 261.

(4)

الترمذي 1/ 211 - 212 ح 124، الحاكم 1/ 176، أبو داود 1/ 235 - 236 ح 332 النسائي 1/ 139، أحمد 5/ 180، الدارقطني 1/ 187، البيهقي 1/ 220 ابن حبان -الموارد- 75 ح 196.

ص: 156

"طهور المسلم"، ولكن في روايته اختلاف على (أ) أبي قلابة (ب) ورواه ابن حبان والحاكم من طريق خالد الحذاء، وصححه أيضًا أبو حاتم ومدار (جـ) طريق خالد على عمرو بن بجدان (1)، وقد وثقه العجلي، وغفل ابن القطان فقال: إنه مجهول.

قوله: والصعيد، الصعيد عند الأكثرين هو التراب، وقال الزجاج: الصعيد هو وجه الأرض ترابا كان أو غيره (2)، وإن كان صخرا لا تراب عليه، لو ضرب التيمم يده عليه ومسح لكان ذلك طهوره، وهو مذهب أبي حنيفة (3)، ولكن قوله تعالى:{منه} (4)، والظاهر من لفظ من (د) هو التبعيض، وهو لا يتأتى في الصخر (هـ)، يقتضي أن المراد به التراب، وجوابهم بأن من لابتداء الغاية متعسف لا يتبادر إليه كما لا يتبادر في قولك (و) مسحت من الدهن ومن الماء.

وقوله: وضوء المسلم، فيه إرشاد إلى أنه يرفع الحدث كالوضوء، وقد مر الكلام فيه.

(أ) زاد في هـ: ابن.

(ب) الواو ساقطة من هـ.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) في جـ: منه.

(هـ) في هـ: الصحراء.

(و) في جـ: قوله.

_________

(1)

عمرو بن بجدان العامري البصري، قال في التقريب: لا يعرف حاله، وهل هي تعني مجهول لأنه أغفل ابن القطان في ذلك، قال الذهبي في الكاشف: وثق، ومال في الميزان إلى الجهالة. ميزان الاعتدال 3/ 247، الكاشف 2/ 324.

ثقات العجلي 365، التقريب 257، التلخيص 1/ 154.

(2)

الصعيد قال ثعلب: وهو وجه الأرض لقوله تعالى {فتصبح صعيدا زلقا} . مختار الصحاح 112.

(3)

الهداية 1/ 25.

(4)

{فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} الآية (6) من سورة المائدة.

ص: 157

وقوله: "وإن لمن يجد الماء .. " إلخ ذكر العشر للمبالغة لأنه بحسب الأغلب لا يكاد يعدم الماء (أ) ذلك القدر.

وقوله: "فإذا وجد الماء" إلخ .. فيه إرشاد إلى أنه يجب عليه الإِعادة، فأما في الوقت فهو قول الأكثر، وعن أبي حنيفة والشافعي أنه لا يلزمه الإِعادة رأسا، وأما بعد الوقت فذلك لا يجب إجماعا (1) في غير المتيمم (ب) في الحضر، وأما هو فإذا وجد الماء بعد الوقت، وكان لعذر العدم ففيه خلاف الشافعي (جـ) والمؤيد بالله لكونه من الأعذار النادرة، وهذا إذا لم يكن ثم نجاسة على المتيمم، وأما إذا كان نجاسة فقال النووي في شرح مسلم (2): إذا جامع الرجل زوجته، وكانا عادمين للماء، فيغسلان فرجيهما ويتيممان ويصليان، ويجزئهما التيمم، ولا إعادة عليهما، فإن لم يغسل الرجل فرجه، وما أصابه من المرأة، وصلى بالتيمم على حاله، فإن قلنا: رطوبة فرج المرأة نجسة لزمه إعادة الصلاة، وإلا فلا يلزمه الإِعادة، وأما إذا كان على بعض أعضاء المحدث نجاسة فأراد التيمم بدلا عنها فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء أنه لا يجوز، وقال أحمد (3): يجوز (د) أن يتيمم

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في جـ: التيمم.

(جـ) في جـ: للشافعي.

(د) زاد في جـ: و.

_________

(1)

إذا عدم المتيمم الماء ثم صلى، ووجد الماء فما حكم صلاته من حيث الإِعادة وعدمها أ) بعد خروج الوقت ب) قبل خروج الوقت.

فأما بعد الوقت فلا إعادة عليه وحكى ابن المنذر الإجماع. المغني 1/ 24.

وأما قبل الوقت ففيه خلاف.

فقال أبو سلمة والشعبي ومالك والشافعي وإسحق وأصحاب الرأي وأحمد: لا إعادة عليه.

قال عطاء وطاوس والقاسم وابن سيرين: يعيد الصلاة، وبعضهم فرق بين الحضر والسفر والله أعلم.

المجموع 2/ 307، المغني 1/ 243، شرح فتح القدير 1/ 140 - 141.

(2)

شرح مسلم 1/ 664.

(3)

قال ابن قدامة: وأما إن كانت النجاسة على ثوبه أو غير بدنه فإنه لا يتيمم لها لأن التيمم طهارة في البدن فلا ينوب في غير البدن كما يغسل ولأن غير البدن لا ينوب فيه الجامد عند العجز بخلاف البدن. المغني 1/ 274، وأما إذا كان على بدنه نجاسة فجوزها الإمام أحمد ومنعها الشافعي، المجموع 1/ 212 المغني 1/ 273: قلت: فالإمام أحمد وافق الجمهور في المنع في الثوب.

ص: 158

إذا كان على ثوبه، واختلف أصحابه في وجوب إعادة هذه الصلاة، وقال ابن المنذر: كان الثوري (أ) والأوزاعي وأبو ثور يقولون: يمسح موضع النجاسة بتراب ويصلي، والله أعلم (1) انتهى.

وقوله: ولمسه بشرته، أي ليتوضأ به (ب).

108 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاةُ، وليس معهما ماءٌ، فَتيمَّمَا صَعِيدًا طيبًا، فَصَلَّيَا، ثم وجدَا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يُعِد:"أصَبْتَ السُّنَّةَ، وأَجْزأَتْكَ صلاتُك"، وقال للآخر:"لك الأجر (جـ) مرتيْنِ" رواه أبو داود والنسائي (2).

الحديث فيه مقال من حيث الإِرسال والوصل، فرواه النسائي مسندًا ومرسلا.

ورواه الدارقطني موصولا، ثم قال (3): تفرد به عبد الله بن نافع عن الليث عن بكر (د) بن سوادة عن عطاء عنه موصولا، وخالفه ابن المبارك فأرسله،

(أ) في جـ: النووي، وهو تصحيف.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) بهامش هـ.

(د) في جـ: بكري.

_________

(1)

نقل المؤلف العبارة من النووي ولم ينقل العبارة بدقة فإن النووي قال: وأما إذا كان على بعض أعضاء المحدث نجاسة فأراد التيمم بدلا عنها فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء أنه لا يجوز، وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: يجوز أن يتيمم إذا كانت النجاسة على بدنه ولم يجز إذا كانت على ثوبه واختلف أصحابه في وجوب إعادة هذه الصلاة قال ابن المنذر

إلخ شرح مسلم 1/ 664.

(2)

أبو داود الطهارة باب في المتيمم يجد الماء بعدما يصلي 1/ 241 ح 338، النسائي مسندًا ومرسلا الطهارة باب فيمن لم يجد الماء ولا الصعيد 1/ 140، الحاكم الطهارة 1/ 178، والدرامي باب التيمم 1/ 190، والدارقطني باب جواز التيمم لصاحب الجراح مع استعمال الماء ولعصب الجراح 1/ 189.

(3)

الدارقطني 1/ 189.

ص: 159

وكذا قال الطبراني في الأوسط ثم (أ) لم يروه متصلا إلا عبد الله بن نافع، تفرد به المسيّبي (ب)[بتشديد الياء نسبة إلى جده المسيب المخزومي شيخ مسلم](جـ) عنه، وقال موسى بن هارون فيما حكاه محمد بن عبد الملك بن أيمن عنه: رَفْعُه وهم من ابن نافع، وقال أبو داود: رواه غيره عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية عن بكر (د) عن عطاء مرسلًا، وهذه (هـ) الطريق رواها ابن السكن في صحيحه من طريق أبي الوليد الطيالسي عن الليث عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية جميعا عن بكر (و) موصولا، وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه إسحق في مسنده (1):"أن النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم تيمم فقيل له: إن الماء قريب منك قال (ز) فلعلي لا أبلغه"، والله أعلم.

والحديث يدل على أنه لا تجب الإِعادة في الوقت بعد الفراغ من الصلاة، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي والإِمام (2) يحيى، وذهب الأكثر، وهو قول الهادي (3) والمؤيد بالله وأبي طالب إلى وجوب الإِعادة في الوقت، لإِطلاق قوله:"فإذا وجد الماء .... " الحديث، ولقوله: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) زاد في ب: عنه.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) في جـ: بكري.

(هـ) في جـ: وبهذه.

(و) في جـ: بكري.

(ز) في جـ: فقال.

_________

(1)

الزهد لابن المبارك 98 - 99 ح 292.

المطالب العالية وعزاه للحارث وقال: وفيه ضعف 1/ 47.

(2)

الشافعية فرقوا بين الحضر والسفر فجمهور مذهبهم إنه إن صلى بالحضر متيمما عادما للماء أعاد. وفي السفر لا يعيد حتى لو وجده بعد السلام. المجموع 2/ 309 - 310، وأبو حنيفة لم يفرق - وفرق صاحباه. الهداية 1/ 25.

(3)

البحر 1/ 128 - 129.

ص: 160

فَاغْسِلُوا} (1) .. والخطاب متوجه مع بقاء الوقت وقد أمكن التأدية في وقتها، وأجيب بأن حديث:"فإذا وجد الماء .. " إلخ مطلق فيمن وجد بعد الوقت، ومن وجد (أ) قبل خروجه وحال الصلاة وبعدها.

وهذا مقيد صريح فيمن (ب) وجد في الوقت فيحمل المطلق على المقيد كما هو الواجب، وأيضًا فإنه لم يتعرض فيه لإِعادة الصلاة وإنما ذكر فيه إمساس البشرة.

واحتج الإِمام يحيى على عدم وجوب الإِعادة بقوله: "لا ظهران في يوم"(2)، ولتأديتها صحيحة، ويجاب عنه بأنه ظهر واحد، فإن الأول انكشف فساده، وبأن الصحة بطلت بالوجود لتجدد الخطاب، وأجاب الإِمام المهدي في "البحر"(3) عن جانب الأكثر بأن الحديث محمول على أنهما وجدا بعد الوقت، وهذا التأويل باطل، إذ الحديث مصرح بأنهما وجدا في الوقت.

[وقوله: "أصبت السنة": أي الشريعة الواجبة، والسنة تطلق على السيرة محمودة كانت أو مذمومة. وقوله:"وأجزأتك صلاتك": أي كفتك عبادتك عن القضاء، والإِجزاء (جـ) عبارة عن كون الفعل مسقطا لوجوب إعادة العبادة.

وقوله: "لك الأجر مرتين": أي حظان من الأجر] (د).

109 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وإن

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في جـ: ممن.

(جـ) في جـ: والأخرى.

(د) بهامش الأصل.

_________

(1)

الآية 6 من سورة المائدة.

(2)

لم أقف عليه بهذا اللفظ وعند الدارقطني "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين" في الصلاة باب لا يصلي مكتوبة في يوم مرتين 1/ 415، وأبو داود الصلاة باب في الجمع في المسجد مرتين 1/ 389، ابن حبان -الموارد- بمعناه باب هل تعاد الصلاة 121 ح 432، والنسائي بنحوه الصلاة باب سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد جماعة 1/ 88، وقال النووي في الخلاصة: إسناده صحيح. ل 109.

(3)

البحر 1/ 128 - 129.

ص: 161

كُنتُم مرضَى أوْ عَلَى سَفَرٍ}. قال: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله تعالى، والقروح، فيجنب، فيخاف أن يموت إذا اغتسل تيمم (1).

رواه الدارقطني موقوفًا، ورفعه البزار، وصححه ابن خزيمة والحاكم.

الحديث رواه الدارقطني من طريق عطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس موقوفًا، ورفعه البزار وابن خزيمة والحاكم والبيهقي من طريقه مرفوعًا، وقال البزار: لا نعلم رفعه كذا عن عطاء من الثقات إلا جريرا، وذكر ابن عدي عن ابن معين (2) أن جريرا سمع من عطاء بعد الاختلاط.

الحديث فيه دلالة على شرعية التيمم في حق الجنب وقد تقدم ذكر الخلاف فيه، وذكر فيه سببا وهو خوف التلف، وأما لخشية الضرر، فالعترة ومالك وأبو حنيفة وأحد قولي الشافعي كذلك (3)، {وإن كُنتُم مرْضَى} (4) ولم يفصل، وأحد قولي الشافعي وأحمد (5): إن لم يخشَ التلف فكالصحيح.

قلنا: الجرح ألحقه بخائف التلف، وأما المرض الذي (أ) يأمن معه الضرر فلا يبيح التيمم لخفة الجرح، وقد ذهب إلى هذا العترة والحنفية والشافعية (6) وأحمد، وقال داود ومالك والمنصور: يبيح (7)، لظاهر قوله تعالى: {وَإن كُنتُم

(أ) في هـ: بالذي.

_________

(1)

الدارقطني: باب التيمم 10/ 177 ح 9، ابن خزيمة باب الرخصة في التيمم للمجدور والمجروح 1/ 138 ح 272، قال أبو بكر: هذا خبر لم يرفعه غير عطاء بن السائب، الحاكم بمعناه 1/ 178، البيهقي باب الجريح والقريح والمجدور يتيمم إذا خاف التلف 1/ 224.

(2)

تاريخ ابن معين 2/ 403.

(3)

وظاهر مذهب أحمد: أنه يباح له التيمم إذا خاف زيادة المرض أو تباطؤ البرء أو خاف شيئًا فاحشا أو الماء غير محتمل. المغني 1/ 258، الهداية 1/ 25، جواهر الإكليل 1/ 26.

(4)

الآية 43 من سورة النساء، والآية 6 من سورة المائدة.

(5)

يروي عن أحمد أنه لا يبيحه إلا خوف التلف المغني 1/ 258.

(6)

المراجع السابقة.

(7)

المغني 1/ 158، البحر الزخار 128 - 129، جواهر الإكليل 1/ 26.

ص: 162

مَرْضَى} (1) .. وهو معارض بـ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} (2) .. ولا حرج في ذلك، "وإذا أمرتم (أ) بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(3)، وهو مستطاع، وأما شين الخلقة فالفاحش منه كالضرر (ب لا اليسير ب) كأثر الجدري والجرب] (جـ) وأما لعذر العدم فكذلك. والله أعلم.

110 -

وعن علي رضي الله عنه قال: انكَسرت إحدَى زندي، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن أمسح على الجبائر رواه ابن ماجه بسند واهٍ جدًّا (4).

الحديث رواه ابن ماجه والدارقطني من حديث عمرو بن خالد (5)، [وفيه مقال](د) ورواه الدارقطني والبيهقي من طريقين آخرين أوْهَى منه.

وقال الشافعي في الأم والمختصر: لو (هـ) عرفت إسناده بالصحة لقلت به، وهذا مما أستخير الله فيه.

وتكلم فيه أحمد وأغلظ، وأنكره (و) يحيى بن معين وقال: إن كان معمر

(أ) في ب: أمر.

(ب- ب) بهامش ب.

(جـ) بهامش الأصل وفيه بعض المسح واستدركته من نسخة هـ.

(د) بهامش الأصل.

(هـ) في هـ: لم.

(و) في جـ: وأنكر.

_________

(1)

الآية 43 من سورة المائدة.

(2)

الآية 6 من سورة المائدة.

(3)

البخاري الاعتصام 13/ 251 ح 7288 مسلم الحج 2/ 975 ح 412 - 1337.

(4)

ابن ماجه الطهارة باب المسح على الجبائر 1/ 215 ح 657، الدارقطني باب جواز المسح على الجبائر 1/ 227، وضعفاء العقيلي 3/ 268، سنن البيهقي الطهارة باب المسح على العصائب والجبائر 1/ 228.

(5)

عمرو بن خالد القرشي أبو خالد: متروك، قال وكيع: كان في جوارنا يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط، وقال الدارقطني وأحمد: كذاب، وقال الحاكم: يروى عن زيد بن علي الموضوعات، الميزان 3/ 257، التقريب 259، ضعفاء العقيلي 3/ 268.

قلت: والحديث له طرق أخرى ضعيفة وله شواهد.

ص: 163

حدث بهذا من حديث عبد الرزاق فهو حلال الدم (1).

وفي الباب عن ابن عمر رواه الدارقطني (2)، وقال: لا يصح إسناده، وفي إسناده أبو عمارة محمد بن أحمد وهو ضعيف جدا.

وقال البيهقي (3): لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأصح ما فيه حديث عطاء يعني الآتي عن جابر (4).

وقال النووي (5): اتفق الحفاظ على ضعف حديث علي.

والحديث يدل على وجوب المسح على الجبيرة (6) ولا يحلها، وقد ذهب إلى هذا المؤيد بالله، وأحد قولي الهادي وعن أبي حنيفة، وذهب إليه الفقهاء السبعة فمن بعدهم، وقال به الشافعي، لكن بشرط أن توضع على طهر كما في الخفين، وأن لا يكون تحتها من الصحيح إلا مما لا بد منه، وإلا وجب نزعها إن أمكن، فإن لم يمكن مسح عليها (أ) للضرورة، ووجب القضاء (7).

والمسح المذكور إنما هو بالماء لا بالتراب لأنه ضعيف.

(ب قالوا لهذا الحديث: وهو وإن كان واهي الإِسناد فهو معتضد ب) بما يأتي

(أ) في هـ: عليهما.

(ب- ب) بهامش هـ.

_________

(1)

التهذيب 8/ 260.

(2)

سنن الدارقطني ولم أقف عليه، وفي التلخيص 1/ 156.

(3)

سنن البيهقي 1/ 228.

(4)

ح 111.

(5)

المجموع 2/ 324.

(6)

الجبائر: وهي الخشب التي تسوى فتوضع على موضع الكسر وتشد عليه حتى ينجبر على استوائها وهذا في اصطلاح الفقهاء.

المجموع 2/ 324.

(7)

أي إعادة الصلاة قال النووي: أصحها القطع بوجوب الإعادة لندوره وتقصيره، وحكى إمام الحرمين عن الشافعي إن وضع على غير طهر أعاد في الجديد وفي القديم قولان المجموع 2/ 327، وحكى ابن المنذر عن جمهور العلماء أن لا إعادة عليه المجموع 2/ 328.

ص: 164

من حديث جابر (1)، وبحديث (أ) ابن عمر، "وهو أنه توضأ، وكفه معصوبة، فمسح عليها وعلى العصابة وغسل ما سوى ذلك"(2)، ولأنه عضو تعذر مسه فمسح ما فوقه كشعر الرأس، والمسح جزء من الغسل، فلا (ب) يسقط بتعذر الدلك كالصب، وذهب أبو العباس وأبو طالب وهو أحد قولي الهادي (3)، وعن أبي حنيفة (4) إلى أنه لا يمسح ولا يحل بل يسقط كعبادة تعذرت (جـ) ولأن الجبيرة كعضو آخر، وآية الوضوء لم تناول المسح، والجواب أن النص يبطل ذلك، وأما إذا خشى من حل الجبيرة سيلان الدم فقط فقال الحقيني: إنه لا يمسح ولا يحل بل يترك ذلك، إذ خَلَلُ البعض أخف من خلل الكل، وقال المؤيد بالله (5) والإِمام يحيى: العضو قطعي ونقض الدم للوضوء ظني فيجب الحل.

111 -

عن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شُجَّ فاغْتَسَلَ فماتَ: "إنما كان يكفيه أنْ يتيمم، ويَعصِب على جُرْحه خِرْقَةً ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده".

رواه أبو داود بسند فيه ضعف، وفيه اختلاف على (د) رواته (6).

(أ) في ب: ولحديث.

(ب) في ب: ولا.

(ب) في ب: تعذر.

(د) في جـ: وهو اختلاف على راويه.

_________

(1)

الحديث رقم 111.

(2)

البيهقي 1/ 228، وقال: صحيح عن ابن عمر.

(3)

البحر 1/ 83.

(4)

رأي أبي حنيفة هو المسح حاشية رد المحتار 1/ 159، الهداية 1/ 28.

(5)

البحر 1/ 83.

(6)

أبو داود الطهارة باب في المجروح يتيمم 1/ 239 ح 336، الدارقطني باب جواز التيمم لصاحب الجراح مع استعمال الماء ويعصب الجرح 1/ 190، البيهقي الطهارة باب المسح على العصائب والجبائر 1/ 228، شرح السنة 1/ 532.

ص: 165

الحديث أخرجه أبو داود من حديث الزبير (1) بن خُرَيْق (أ) عن عطاء عن جابر. قال ابن أبي داود تفرد به الزبير (ب). وكذا قال الدارقطني (2): قال: و (جـ) ليس بالقوي، وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس.

قال المصنف رحمه الله (3) -: وهو الصواب.

ورواه أبو داود من حديث الأوزاعي قال: بلغني عن عطاء عن ابن عباس (4)، ورواه الحاكم (5) من حديث الأوزاعي: حدثني عطاء، وقال الدارقطني: اختلف فيه عن الأوزاعي. والصواب: أن الأوزاعي أرسل آخره عن عطاء (6)، وهي (د) رواية ابن ماجه (7). وقال أبو زُرعة وأبو حاتم: سمعه الأوزاعي من إسماعيل بن مسلم عن عطاء، ونقل ابن السكن عن أبي داود أن حديث الزبير بن خريق (هـ) أصح من حديث الأوزاعي، إلا أنه لم يقع في رواية عطاء هذة عن ابن عباس ذكر للتيمم فيه، فثبت أن الزبير بن خريق (و) تفرد بسياقه. نبه على ذلك ابن القطان (8)، ولم يقع في رواية عطاء أيضًا ذكر المسح

(أ) في جـ: حرب، والصواب ما أثبتناه.

(ب) زاد في هـ: ابن خريق.

(جـ) ساقطة من هـ.

(د) في ب: وهو.

(هـ) في جـ: جرير.

(و) ساقطة من ب.

_________

(1)

الزبير بن خريق الجزري مولى عائشة، لين الحديث.

الميزان 2/ 67 - التقريب 106.

(2)

سنن الدارقطني 1/ 190.

(3)

التلخيص 1/ 156.

(4)

أبو داود بلفظ: أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عبد الله بن عباس 1/ 240 ح 337.

(5)

الحاكم للفظ (حدثنا عطاء) 1/ 178.

(6)

الدارقطني 1/ 190.

(7)

ابن ماجه باب في المجروح تصيبه الجنابة يخاف على نفسه إن اغتسل 1/ 189 ح 572.

(8)

ولفظه: لم يروه عن عطاء غير الزبير بن خريق وليس بقوي الوهم ل 55، 56.

ص: 166

على الجبيرة، فهو أيضًا من أفراد الزبير بن خريق.

والحديث بهذه الرواية يدل على أنه يجمع بين التيمم والمسح والغسل، ولعله يحمل على (أ) أن أعضاء التيمم جريحة والشج كما ذكر في غيرها، فالمسح عليها بالماء لذلك وسائر الأعضاء صحيحة فيغسلها، (ويدل على شرعية التيمم في حق واجد الماء، فإنه صرح بالجمع).

وذهب طاوس إلى أنه لا يشرع (ب)، لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ (جـ) تَجِدُوا مَاءً} (1) فشرط العدم مع المرض.

والجواب [أن](د) هذا الحديث، وحديث عمرو، ومفهوم الشرط إنما يعمل به مع عدم المعارض، وقد وجد] (5) والله سبحانه أعلم.

112 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من السُّنَّة أن لَّا يصلِّيَ الرجل بالتيمُم إلَّا صلاةً واحدةً، تم يتيممُ للصلاةِ الأخرى.

رواه الدارقطني بإسناد ضعيف جدا (2).

الحديث أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق الحسن بن عمارة (3) عن الحكم عن مجاهد عنه والحسن ضعيف جدا. وفي الباب موقوفًا (و) عن علي وابن عمر وعمرو بن العاص.

(أ) في جـ: لا يشترط.

(ب) في جـ: ولم.

(جـ) زيادة من ب ويقتضيها السياق.

(د) بهامش الأصل وب. وفيه بعض المسح واستدركته من نسخة هـ.

(هـ) في جـ: مرفوعًا.

(و) زاد في جـ: يفتي.

_________

(1)

قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} .

الآية 43 من سورة النساء، الآية 6 من سورة المائدة.

(2)

الدارقطني باب التيمم وأنه يفعل لكل صلاة 1/ 185 ح 5، البيهقي الطهارة باب التيمم لكل فريضة 1/ 221.

(3)

الحسن بن عمارة أبو محمد البجلي قاضي بغداد، قال أحمد وابن معين: ليس بشيء متروك، ضعفاء العقيلي 1/ 237، التقريب 71.

ص: 167

أما علي فرواه الدارقطني (1)، وفيه حجاج بن أرطأة (2)، والحارث الأعور (3).

وأما ابن عمر فرواه البيهقي (4) عن الحاكم من طريق عامر الأحول عن نافع عن ابن عمر. قال: يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث، قال البيهقي: هو أصح ما في الباب. قال: ولا نعلم له مخالفا من الصحابة.

وأما عمرو بن العاص فرواه الدارقطني (5) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عمرو بن العاص كان يتيمم لكل صلاة، وبه (أ) كان يفتي قتادة، وهذا فيه إرسال شديد بين قتادة وعمرو.

والحديث يدل على أن التيمم لا يكفي لصلاتين دلالة صريحة، إذ قوله: من السنة متبادر منه سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما هو المختار، وهو وإن كان إسناده ضعيفا، فقد تأيد بما روي في الباب كما تقدم، ولقوله تعالى: {إذا قُمْتُمْ

} فظاهرها الوجوب لكل صلاة، وخص الوضوء بالإِجماع وفعل النبي

(أ) زاد في جـ: يفتي.

_________

(1)

الدارقطني 1/ 184.

(2)

الحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطأة الكوفي القاضي أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ والتدليس، وصفه النسائي بالتدليس عن الضعفاء.

قال البخاري: قال ابن المبارك: كان الحجاج مدلسا يحدثنا بالحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه محمد العرزمي، والعرزمي متروك الحديث لا تقر به.

التاريخ الصغير 357، طبقات المدلسين 37، التقريب 64.

(3)

الحارث بن عبد الله الهمداني الأعور من كبار علماء التابعين على ضعف فيه كذبه الشعبي وضعفه الدارقطني، وقد مر في المقدمة ص 11.

(4)

قال البيهقي: إسناده صحيح 1/ 221.

(5)

الدارقطني 1/ 184، وقال: وبه كان يفتي قتادة، البيهقي 1/ 224 وقال: كان قتادة يأخذ به وهذا مرسل قتادة بن دعامة السدوسي لم يسمع من عمرو، كان أكمة أحد الأئمة الأعلام والحفاظ الثقات، كان آية في الحفظ روي عنه أنه قال: لم أقل لأحد أعد وكان مدلسا. تهذيب الكمال 2/ 1121، ميزان الاعتدال 3/ 385، طبقات المدلسين 16.

ص: 168

صلى الله عليه وسلم في سفر الفتح فبقي التيمم، وقد ذهب إلى هذا الهادي والقاسم والمؤيد وأبو طالب وزيد بن علي وأحد قولي الناصر والشافعي وغيرهم من الصحابة والتابعين (1)، وذهب الإمام يحيى وأحد قولي الناصر وأبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح (2) إلى أَنه يصلي بالتيمم الواحد ما شاء كالوضوء، وكالنوافل، ولعموم الأخبار والآية.

والجواب: أن الوضوء يرفع الحدث، والنوافل مخفف حكمها، فتصلى على الرحلة ونحو ذلك، والعموم مخصص بما ذكرنا (أ) وقال أبو ثور: تصح به الفريضتان المجتمعتان لأن الجمع يصيرهما كالواحدة (3).

والجواب: أن (ب) ذلك غير معتبر إذ العبرة بتغايرهما ذاتا لا وقتا. [اشتمل هذا الباب على عشرة أحاديث](جـ).

(أ) في هـ: بما ذكرناه.

(ب) زاد في هـ: غير.

(جـ) بهامش الأصل وفيه نص المسح واستدركته من هامش نسخة هـ.

_________

(1)

البحر 1/ 123، المجموع 1/ 224، 225.

(2)

البحر 1/ 123، المغني 1/ 251، 252، الهداية 1/ 27.

(3)

المحلى 2/ 176.

ص: 169