المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الأذان الأذان لغة: الإِعلام. قال الله تعالى: (وأذان من الله - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٢

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌ ‌باب الأذان الأذان لغة: الإِعلام. قال الله تعالى: (وأذان من الله

‌باب الأذان

الأذان لغة: الإِعلام. قال الله تعالى: (وأذان من الله ورسوله)(1) أي إعلام واشتقاقه من الأَذَن بفتحتين وهو (أ) الاستماع (2)، وشرعا (3): الإِعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، قال القرطبي وغيره (4): الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة، لأنه بدأ بالأكبرية وهو يتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشركاء، ثم بإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم دعاء إلى الطاعة المخصوصة عقيب الشهادة بالرسالة، لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح، وهو البقاء الدائم، وفيه الإِشارة (ب) إلى المعاد ثم أعاد ما أعاد توكيدًا، ويحصل من الأذان الإِعلام بدخول الوقت، والدعاء إلى الجماعة، وإظهار شرائع الإِسلام، والحكمة في اختيار القول له دون الفعل سهولة القول وتيسره لكل أحد في كل زمان ومكان، واختلف أي أفضل الأذان أو الإِمامة (5)؟ ثالثها: أنَّ من علم من نفسه الوفاء بحقوق الإِمامة فهي أفضل

(أ) هـ: الإسماع وهو الصواب فليصوب.

(ب) في جـ وهـ: إشارة.

_________

(1)

الآية 3 من سورة التوبة.

(2)

أذن آذن وأذن الأمر أعلمه وأذن تأذينا أكثر الإعلام، قال الأزهرى: أذن المؤذن تأذينا وآذانا أي أعلم الناس بوقت الصلاة، فوضع الاسم موضع المصدر قال: وأصله من الأذن كأنه يلقي في أذان الناس بصوته ما يدعوهم إلى الصلاة. القاموس 4/ 169 النهاية 1/ 33 - 34.

(3)

المجموع 2/ 72 - المغني 2/ 401.

(4)

المفهم ل 108 وانظر الفتح 2/ 77.

(5)

قيل: الإمامة أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم تولاها بنفسه وخلفاؤه من بعده ولأن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالا وأفضل واعتبار فضيلة دليل فضيلة منزلته.

وقيل: الأذان لما ورد في فضيلته والأحاديث المبينة بذلك كحديث معاوية: "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" مسلم 1/ 290 ح 14 - 387 وحديث أبي هريرة "لو يعلم الناس ما في النداء". وقال شيخ =

ص: 251

وإلا فالأذان، وفي كلام الشافعي (1) ما يومئ إليه، واختلف أيضًا في الجمع بينهما، فقيل: يكره، وفي البيهقي مرفوعًا من حديث جابر النهي (2) عن ذلك لكن سنده ضعيف وصح عن عمر: لو أطيق الأذان مع الخليفي لأذنت (3). رواه سعيد بن منصور وغيره، وقيل: هو خِلاف الأولى، وقيل: يستحب، وصححه النووي (4).

139 -

عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: طاف بي وأنا نائم رجل فقال: تقول الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان بتربيع التكبير بغير ترجيع، والإِقامة فرادى إلا قد قامت الصلاة، قال: فلما أصبحتُ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنها لرؤيا حق". الحديث أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الترمذي وابن خزيمة (5).

= الإسلام: الأذان والإقامة أفضل من الإمامة وهو أصح الروايتين عن الإمام أحمد واختيار أكثر أصحابه وأما إمامته صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين فكانت متعينة عليهم فإنها وظيفة الإمام الأعظم ويمكن الجمع بينها وبين الأذان فصارت الإِمامة في حقهم أفضل من الأذان لخصوص أحوالهم. وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل. الاختيارات 36.

(1)

قال الشافعي: وأكره الإمامة للضمان وما على الإِمام فيها وإذا أمَّ رجل ابتغي له أن يتقي الله عز وجل ويؤدي ما عليه في الأمانة رجوت أن يكون خير حال من غيره. الأم 1/ 141.

(2)

"نهى أن يكون الإمام مؤذنا" المجروحين 3/ 17، وفيه معلى بن هلال الطحان كذاب، الميزان 4/ 152، والكامل 1/ 316، اللسان 1/ 425، وإسماعيل بن عمر بن نجيح البجلي الكوفي ثم الأصبهاني.

قال أبو حاتم والدارقطي: ضعيف. الميزان 1/ 239.

(3)

المصنف 1/ 486 ح 1869، البيهقي 1/ 433، وعزاه في التلخيص إلى أبي الشيخ 1/ 223، قال في النهاية: الخليفي بالكسر والتشديد والقصر الخلافة، وهو وأمثاله من الأبنية، كالرميا والدليلا مصدر يدل على معنى الكثرة يريد به كثرة اجتهاده في ضبط أمور الخلافة وتصريف أعنتها. النهاية 2/ 69.

(4)

المجموع 2/ 78.

(5)

أحمد 4/ 43، أبو داود نحوه الصلاة باب كيف الأذان 1/ 337 ح 499، الترمذي نحوه الصلاة باب ما جاء في بدء الأذان 1/ 358 ح 189، ابن ماجه نحوه كتاب الأذان باب بدء الأذان 1/ 232 ح 706، ابن خزيمة أبواب الأذان والإقامة 1/ 191 ح 370، البيهقي كتاب الصلاة باب استقبال القبلة بالأذان والإقامة 1/ 390، ابن حبان الموارد باب فيما جاء في الأذان 94 ح 287، الدارقطني الصلاة باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها 1/ 241، المصنف باب بدء الأذان 1/ 455 ح 1774 المنتقى 62، الطحاوي القصة وقال له الرسول:"نعم ما رأيت علمها بلالا" 11/ 33، والمحلى 2/ 158.

ص: 252

وزاد أحمد في آخره قصة قول بلال في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم"(1) ولابن خزيمة عن أنس قال: من السنة إذا قال المؤذن في الفجر حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم (2).

هو أبو محمد عبد الله بن زيد (3) بن ثعلبة بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي، وقيل: ليس في نسبه ثعلبة، وإنما ثعلبة أخو زيد وهما ابنا عبد ربه، شهد عبد الله العقبة، وبدرًا والمشاهد (أ) بعدها، وهو الذي أُرِيَ الأذان في النوم سنة إحدى من الهجرة بعد بناء المسجد، وكانت معه راية بني الحارث بن الخزرج يوم الفتح عداده في أهل المدينة، ومات بها سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن أربع وستين سنة، وصلى عليه عثمان، وله ولأبويه صُحبة.

روى عنه ابنه محمد وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى الحديث، وأخرجه (ب) أيضًا ابن حبان والبيهقي كلهم (4) من حديث يعقوب بن إبراهيم بن سعيد عن أبيه عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد حدثني أبي قال: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعمل الناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي الحديث، وفيه أن عمر جاء فقال: قد رأيتُ مثلَ ما رأى، ورواه أحمد (5) والحاكم (6) من وجهٍ آخر عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن

(أ) زاد في هـ: كلها.

(ب) في هـ: والحديث أخرجه.

_________

(1)

أحمد 4/ 43 - ابن ماجه 1/ 237 ح 716. وفيه انقطاع فإن سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال فإن بلالا توفي سنة عشرين وسعيد ولد لست بقين من خلافة عمر (يعني سنة سبعة عشر) سير أعلام النبلاء 4/ 218، تهذيب الكمال 1/ 504.

(2)

ابن خزيمة 2/ 201، ح 386، الدارقطني 1/ 243، الطحاوي 1/ 137.

(3)

سير أعلام النبلاء 2/ 375، الاستيعاب 6/ 206، الإصابة 6/ 90.

(4)

أبو داود وأحمد أيضًا، قلت: وهذا هو الطريق الأول طريق ولد عبد الله زيد.

(5)

أحمد 4/ 43.

(6)

لم أقف عليه في المستدرك وهو الطريق الثاني من طرق حديث عبد الله بن زيد وقال أحمد شاكر: إن الحافظ وهم في التلخيص ونسبه للحاكم وتبعه الشارح في هذا ونقل كلامه واختصره اختصارا مخلا فإن =

ص: 253

زيد (أوقال الحاكم: هذا أمثل الروايات في قصة عبد الله بن زَيْد لأن سعيد بن المسيب قد سمع من عبد الله بن زيد أ) ورواه يونس ومعمر وشُعيب وابن إسحاق عن الزهري. قال: وأما أخبار (1) الكوفيين في (ب) هذه القصة فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى واختلف عليه فمنهم من قال: عن معاذ بن جبل، ومنهم من قال: عن عبد الله بن زيد، ومنهم من قال غيرَ ذلك، وأما طريق ولد (2) عبد الله بن زيد فغير مستقيمة الإِسناد، وكذا (جـ) قال الحاكم، وقد صحح الطريق الأولى من رواية محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه البخاري فيما حكاه الترمذي في "العلل" عنه، وقال محمد بن يحيى الذهلي ليس في أخبار عبد الله بن زيد أصح من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي يعني (د) هذا، لأن محمدًا قد سمع من أبيه عبد الله، وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله (3)، وقال ابن خزيمة (4) في "صحيحه": هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل لأن (5) محمدا سمع من أبيه، وابن إسحاق سمع من التيمي، وليس هذا

(أ-أ) ساقط من جـ.

(ب) زاد في هـ: عن.

(جـ) هـ. كذا .. بغير واو.

(د) في جـ: بغير.

_________

= الحاكم قال: وأمثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيدا لم يلحق عبد الله بن زيد وليس كذلك فإن سعيد بن المسيب كان فيمن يدخل بين علي وبين عثمان في التوسط وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان، وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور رواه يونس ومعمر وشعيب، ومحمد بن إسحاق وغيرهم. المستدرك 3/ 336.

(1)

هذا هو الطريق الثالث من طرق عبد الله بن زيد.

(2)

عاد إلى الطريق الأول.

(3)

صحيح ابن خزيمة 1/ 193.

(4)

1/ 197.

(5)

في ابن خزيمة ابن محمد سمعه من أبيه ولعله من الناسخ لأن الحديث في محمد وأبيه عبد الله ولحديث عبد الله بن زيد طرق:

(أ) ابنه محمد ورجحها الذهلي كما بينه ابن خزيمة والبيهقي والترمذي.=

ص: 254

مما دلسه، وأخرج (أ) أبو داود وأحمد الحديث من حديث محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه.

والحديث يدل على مشروعية تربيع (1) التكبير، وقد قال به (ب) الناصر والمؤيد والإمام يحيى وأبو حنيفة والشافعي ومحمد (2)، وحُجَّتهم هذا الحديث، وقد اختلفت فيه الرواية بالتثنية والتربيع والمشهور فيه التربيع (3)، وكذلك الحديث الآتي عن أبي محذورة اختلف فيه، فوقع في صحيح مسلم (جـ) بالتثنية وفي غيره من سائر الأصول بالتربيع قال القاضي عياض ووقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم (جـ) أربع مرات (4)، وذهب الهادي والقاسم (د) ومالك وأبو يوسف وجمهور العلماء (5) إلى تثنية التبكير لحديث أبي محذورة هذا وقد عرفت ما فيه،

(أ) في جـ: في إخراج.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ-جـ) ساقطة من جـ.

(د) ساقط من جـ.

_________

= (ب) طريق سعيد بن المسيب ورجحها الحاكم وفي سماع سعيد من عبد الله بن زيد نظر فإني لم أقف على شيء يثبت ذلك.

(جـ) طريق الكوفيين وقد اختلف على عبد الرحمن في ذلك وقد أطال ابن خزيمة النفس في ذلك.

(د) طريق ابن أخي عبد الله بن زيد، وقد أخرجها أحمد والطيالسي وفيها محمد بن عمرو الواقفي أبو سهل الأنصاري، ضعيف. أحمد 4/ 42، الطيالسي 148، الميزان 3/ 674.

(1)

يكبر في أوله أربع مرات.

(2)

البحر الزخار 1/ 90، والمجموع 3/ 92، والمغني 1/ 404، والمبسوط 1/ 129.

(3)

كل الذين خرجت لهم رووا بالتربيع إلا الدارقطني في روايتين إحداهما مجملة (فذكر الأذان مرتين مرتين) والأخرى ابن أبي ليلى ولا يثبت سماعه من عبد الله بن زيد والمصنف من حديث سعيد بن المسيب وهو لم يسمع من عبد الله بن زيد.

(4)

ليس في مسلم تربيع التكبير من رواية أبي محذورة لكن قال الإمام النووي: إن القاضي عياض قال: وقع في بعض طرق الفارسي في صحيح مسلم أربع مرات. شرح مسلم 2/ 8.

(5)

البحر الزخار 1/ 189، بداية المجتهد 1/ 105، شرح معاني الآثار 1/ 131 ولأبي يوسف قول آخر كأبي حنيفة.

ص: 255

وبأنه عمل أهل المدينة فإنهم أعرف بالسنن، ولما روى عبد الرزاق والدارقطني والطحاوي من حديث الأسود بن يزيد "أن بلالا كان يثني الأذان ويثني الإقامة"(1) وروى الحاكم والبيهقي في "االخلافيات" والطحاوي (2) من رواية سويد بن غفلة (3) أن بلالا كان يثني الأذان والإقامة، وادعى الحاكم فيه الانقطاع، ولكن في (أ) رواية الطحاوي (4): سمعتُ بلالا، ويؤيد ذلك ما رواه ابن أبي شيبة عن جبر (ب) بن علي عن شيخ يقال له الحفص عن أبيه عن جده وهو سعد القرظ (5) قال:"أذن بلال حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثم أذن لأبي بكر في حياته، ولم يؤذن لعمر (6) وفي مسند الشاميين من طريق جنادة بن أبي أمية عن بلال أنه كان يجعل الأذان والإقامة مثنى مثنى وإسناده ضعيف (7) وأجيب بأن في رواية الربيع (جـ) زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، وبالتربيع عمل أهل مكة وهم مجمع المسلمين في المواسم وغيرها، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة وغيرهم والله أعلم.

(أ) في هـ: فيه، وج: منه.

(ب) في جـ: حسين.

(جـ) في جـ: الربيع، ولعله تصحيف.

_________

(1)

المصنف 1/ 462 ح 1790، الدارقطني 1/ 242، الطحاوي 1/ 134، قال ابن الجوزي: إن الأسود لم يدرك بلالا، ولكن في النسائي رواية عن بلال التحقيق 240، النسائي كتاب الأذان باب آخر الأذان 2/ 12، ابن أبي شيبة 1/ 207.

قلت: والأسود بن يزيد النخعي ثقة ولم يكن مدلسا ويمكن لقاؤه ببلال رضي الله عنه.

(2)

مختصر الخلافيات 1/ 437، والطحاوي 1/ 134، وفي مجمع الزوائد: قال: رجاله ثقات 1/ 133.

(3)

سويد بن غفلة أبو أمية الجعفي مخضرم من كبار التابعين قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله علبه وسلم نزل الكوفة - من كبار التابعين توفي عنة ثمانين.

التقريب 141، ثقات العجلي 212.

(4)

الطحاوي 1/ 134.

(5)

سعد بن عائذ المؤذن كان يتجر في القرظ فقيل له سعد القرظ. الاستيعاب 4/ 151 الإصابة 4/ 151.

(6)

لم أقف عليه.

(7)

التلخيص 1/ 199، وفي مختصر الخلافيات 1/ 456 - 458.

ص: 256

وقوله: "بغير ترجيع"، الترجيع: هو ذكر الشهادتَيْن سرًّا قبل الجهر (1)، كذا قال الرافعي وكلامه يقتضي أنه اسم للمجموع من السر والجهر، وتبعه في الروضة (2) لكن صرح في شرح المهذب وفي التحقيق، والدقائق، والتحرير، أنه اسم للأول، وفي شرح مسلم أنه اسم للثاني، قال: هو العَوْد إلى الشهادتين مرتين برفع الصوت بعد قولهما مرتين بخفض الصوت (3) وفي هذا دلالة على أن الترجيع غير مشروع، وقد ذهب إلى هذا الهادي والناصر وأبو حنيفة وأصحابه (4)، وذهب مالك والشافعي وأحمد (5) وجمهور العلماء إلى أنه مشروعٌ لحديث أبي محذورة الآتي، وفيه زيادة على حديث عبد الله بن زيد، وزيادة الثقة مقبولة، وهو أيضًا متأخر فإنه في سنة ثمان وحديث عبد الله في أول الأمر وانضم أيضًا إليه (أ) عمل أهل مكة والمدينة وسائر الأمصار (ب)، واختلف القائلون به هل هو ركن (6) لا يصح الأذان إلا به، أم هو سنة يصح مِنْ دونه مع فوات الفضيلة، فيه وجهان: والأصح عندهم الثاني، وذهب جماعة من المحدّثين وغيرهم إلى التخيير في فعله وتركه (7)، وقوله: "والإِقامة فرادى إلا قد قامت

(أ) في جـ: وانضم إليه أيضًا.

(ب) في جـ: الأقطار.

_________

(1)

قال في شرح المهذب اسم للذي يأتي به سرا 3/ 90.

وقال ابن قدامة والسرخسي مثله. المغني 1/ 404، المبسوط 1/ 128.

وقال في كشاف القناع اسم للمجموع من السر والعلانية 1/ 273.

(2)

الترجيع أن يأتي بالشهادة وفيه رنين بصوت مخفوض ثم يرفعه ويأتي بها مرتين مرتين والترجيع سنة لو تركها لم يفسد. الروضة 1/ 199.

(3)

شرح مسلم 2/ 8.

(4)

البحر الزخار 1/ 191، شرح معاني الآثار 1/ 132، المبسوط 1/ 128.

(5)

المجموع 3/ 90 بداية المجتهد 1/ 82، قلت: عند أحمد إن أتى بهما لم يكره. كشاف القناع 1/ 237.

(6)

حكاه الإمام النووي عن بعض الخراسانيين المجموع 3/ 90.

(7)

قال أبو عبد الله محمد بن نصر: فأرى فقهاء أصحاب الحديث قد أجمعوا على إفراد الإقامة واختلفوا في الأذان يعني إثبات الترجيع وحذفه. المجموع 3/ 95.

ص: 257

الصلاة": فيه دلالة على إفراد الإِقامة، والظاهر من لفظ الحديث (أ) أنَّ ألفاظ الإِقامة جميعها مُفْردة إلا المستثنى، وهذا قول شاذ للشافعي، وتفرد قد قامت الصلاة أيضًا (1)، والقول المشهور الذي تظاهرت غليه نصوص الشافعي وبه قال أحمد وجمهور (2) العلماء بتثنية (ب) التكبير في أول الإقامة وآخرها، وتثنية الإقامة، وإفراد ما عداهما، قالوا: والتكبير (جـ) وإن كان بالتثنية فصورته صورة المفرد بالنسبة إلى الأذان، ولذلك إنه استحب (د) للمؤذن أن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد (هـ) فيقول في الأذان: الله أكبر. الله أكبر. بنفس واحد، ثم يقول: الله أكبر. الله أكبر. بنفس واحد.

فهو في الإِقامة مفرد بالنسبة إلى ذلك (3)، وثمة معنى مناسب لإفراد الإِقامة، وهو إنها لإعلام الحاضرين فلا حاجة إلى التكرير بخلاف الأذان فإنه لإِعلام الغائبين فاحتيج إلى التكرير، وقالوا: ولهذا يكون رفع الصوت (و) في الأذان، وخفضه في الإقامة، وكرر لفظ "قد قامت الصلاة" لأنه مقصود الإقامة، وذهب الهادوية وأبو حنيفة (4) إلى تثنية الإقامة كالأذان لما روي عن بلال (5)، وقد تقدم، والتثنية

(أ) في هـ: حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

(ب) في هـ: تثنية.

(جـ) في جـ: فالتكبير.

(د) في هـ: يستحب.

(هـ) زادت هـ: فيقول في الأذان: "الله أكبر الله أكبر" بنَفَسٍ واحد، ثم يقول:"الله أكبر الله أكبر" بنفس واحد.

(و) في جـ: رفع في الصوت.

_________

(1)

قال النووي: "ولنا قول شاذ أنه يقول في الأول الله أكبر، وفي الآخر الله أكبر، ويقول: قد قامت الصلاة مرة فتكون ثمان كلمات". شرح مسلم 2/ 6.

(2)

المجموع 3/ 92، المغني 1/ 406.

(3)

قال الإمام الخطابي: وهو مذهب أكثر علماء الأمصار وجرى العمل في الحرمين والحجاز وبلاد الشام واليمن وديار مصر ونواحي المغرب إلى أقصى حجر في بلاد الإسلام. معالم السنن 1/ 281.

(4)

المبسوط 1/ 129، شرح معاني الآثار 1/ 136.

(5)

"أن بلالا كان يثني الأذان والإقامة" ولكن فيه انقطاع. ثم إن حديث بلال الصحيح الذي أخرجه البخاري حجة عليهم روى البخاري عن أنس: "أمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة" 2/ 82 ح 605.

قال ابن حجر: أجاب بعض الحنفية بدعوى النسخ وأن إفراد الإقامة كان أولًا ثم نسخ بحديث أبي محذورة وهو متأخر عن حديث أنس فيكون ناسخا. وقد أنكر أحمد على من ادعى النسخ بحديث أبي محذورة واحتج بأن "النبي صلى الله عليه وسلم رجع بعد الفتح إلى المدينة وأقر بلالا على إفراد الإقامة وعلمه سعد القرظ فأذن به بعده" الفتح 2/ 84.

ص: 258

زيادة، وزيادة العدل مقبولة وذهب مالك إلى إفراد "قد قامت الصلاة"، وهذا الحديث يرد عليه. وقوله في أذان الفجر "الصلاة خير من النوم" إلخ فيه دلالة على مشروعية ذلك في أذان الفجر، وهو المسمى بالتثويب (1) من ثَابَ إذا رجع، لأن في ذلك رجوعا إلى الدعاء إلى الصلاة، أي: اليقظة للصلاة خير من النوم أي الراحة التي تعتاضونها في الآجل خير من النوم، وقد ذهب إلى هذا الشافعي في الفجر خاصة (2)، وعن الحسن بن صالح (3): بل (أ) والعشاء، وعن أبي يوسف: لكل (4) صلاة وحجة الشافعي على ذلك ما ذكر، وروى ابن ماجه من حديث ابن المسيب: أنه قال بلال: الصلاة خير من النوم مرتين فأقره في تأذين الفجر فثبت الأمر على ذلك (5)، وفيه انقطاع (6) مع ثقة رجاله، وذكره ابن السكن من طريق أخرى عن بلال وهي في الطبراني من طريق الزهري عن حفص بن عمر عن بلال، وهو منقطع (7) أيضًا، ورواه البيهقي في المعرفة من هذا الوجه، وروى ابن ماجه (8) في حديث عبد الله بن زَيْد، قال في آخره:"وزاد (ب) بلال في نداء صلاة الصبح: "الصلاة خير من النوم" فأقرّها رسول الله

(أ) في جـ: الواو ساقطة.

(ب) في جـ: وروى.

_________

(1)

التثويب: قال الخطابي الإقامة، والعامة لا تعرف التثويب إلا الصلاة خير من النوم وإنما سميت الإقامة تثويبا لأنها إعلام بإقامة الصلاة.

وقال السرخسي: إن أهل الكوفة ألحقوا الصلاة خير من النوم بالأذان، وجعلوا التثويب بين الأذان والإقامة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين. المغني 1/ 407، معالم السنن 1/ 281، المبسوط 1/ 30.

(2)

و (3) المجموع 3/ 95.

(4)

وخص بذلك الأمير فيأتي بابه ويقول: السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته حي على الصلاة مرتين وحي على الفلاح مرتين، الصلاة يرحمك الله لأن الأمراء لهم زيادة اهتمام بأشغال المسلمين ورغبة في الصلاة بالجماعة فلا بأس أن يخصوا بالتثويب. المبسوط 1/ 131.

(5)

ابن ماجه 1/ 237 ح 716، أحمد 4/ 43.

(6)

سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال. سير أعلام النبلاء 4/ 218.

(7)

رواه الطبراني في المعجم الكبير 1/ 355 ح 1081

حفص بن عمر بن سعد القرظ لم يسمع من بلال، تهذيب الكمال 1/ 304.

(8)

ابن ماجه 1/ 232 ح 707، والحديث من طريق ابن عمر.

ص: 259

صلى الله عليه وسلم"، وفي إسناده ضَعْف جدًّا (1)، وللتثويب طريق أخرى عن ابن عمر رواها السراج والطبراني والبيهقي من حديث ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر قال: "كان الأذان الأول بعد حَيّ على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين" (2) وسنده حسن، ورواه أبو داود من حديث أبي محذورة (3) من طريقَيْن في أحدهما مقال، ورواه (أ) النسائي من وجه آخر عن أبي جعفر عن أبي سليمان عن أبي محذورة وصححه ابن خزيمة من هذه الطريق ومن طريق ابن جُرَيْج، وذهب الهادي إلى أنه بدعة ابتدع في خلافة عمر، قال في "البحر" (4): ويدل على ذلك إنكار (5) على وابن عمر (6) له، سلمنا فأمره به

(أ) في جـ: وروى.

_________

(1)

لأن في إسناده محمد بن خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي الطحان ضعيف. الخلاصة 334، التقريب 295.

(2)

البيهقي 1/ 423 وسنده حسن لأن في محمد بن عجلان المدني القرشي مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة صدوق قال الذهبي: كان متوسطا في الحفظ.

الخلاصة 351، التقريب 311، الميزان 3/ 644.

(3)

حديث أبي محذورة سيأتي في 552 ح 143.

(4)

البحر 1/ 192 - 193.

(5)

لفظ علي: عن الأسود بن يزيد أنه سمع مؤذنا يقول في الفجر: الصلاة خير من النوم فقال: لا تزيدن في الأذان ما ليس منه. عزاه ابن بهران في تخريجه إلى الشفا 1/ 192 - 193، قال النووي: وإسناده ليس بقوي. المجموع 3/ 95.

(6)

لفظ ابن عمر: عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فثوب رجل في الظهر والعصر قال: اخرج منا فإن هذه بدعة. أبو داود 1/ 367 ح 538، والبدعة كون الإنسان يثوب بالظهر أو بالعصر لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بصلاة الفجر وبلفظ (الصلاة خير من النوم) قال الصنعاني إن التثويب من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم. فهو كألفاظ التسبيح الأخير الذي اعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة قال: وإذا عرفت هذا هان عليك ما اعتاده الفقهاء من الجدال في التثويب هل هو من ألفاظ الأذان أولًا؟ وهل هو بدعة أو لا؟

قلت: بل المشروع هو التثويب الذي ثبت عن رسول الله بلفظ: "الصلاة خير من النوم" وفي الفجر خاصة، وما عداه فهو مبتدع، قال الإمام ابن العربي في عارضة الأحوذي: وقد شاهدت فنا من التثويب في دار السلام، هو أن يأتي المؤذن إلى دار الخليفة فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته =

ص: 260

إشعار في حال لا شرعا جمعا بين الآثار. انتهى. يعني أن ذلك مشعر بالصلاة لمن كان نائما كما يشعر بالصلاة بقولنا (أ): الصلاة جامعة. والله أعلم.

* فائدة: وَرَدَتْ أحاديث تدل على أن الأذان شرع بمكة قبل الهجرة، منها للطبراني من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال:"لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه الأذان، فنزل به فعلمه بلالا"(1) وفي إسناده طلحة بن زيد وهو (2) متروك، وللدارقطني في الأفراد (ب) من حديث أنس:"أن جبريل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان حين فرضت الصلاة"(3)، وإسناده ضعيف أيضًا ولابن مردويه من حديث عائشة مرفوعًا:"لما أسري بي أذن جبريل فظنت الملائكة أنه يصلي بهم، فقدمني فصليت" وفيه من لا يعرف (4)، وللبزار وغيره من حديث علي قال:"لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبريل بدابة يقال لها "البراق" فركبها

" فذكر الحديث، وفيه إذ خرج ملك من الحجاب فقال: "الله أكبر الله أكبر، وفي آخره ثم أخذ الملك بيده فأم بأهل السماء" (5)، وفي

(أ) في جـ: بقوله.

(ب) في النسخ: الأفراد، وفي الفتح الأطراف.

_________

= حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، ورأيت الناس في مساجدهم في بلاد إذا قامت الصلاة يخرج إلى باب المسجد من ينادي الصلاة رحمكم الله وهذا كله تثويب مبتدع. عارضة الأحوذي 1/ 313 - 314.

(1)

وفي نصب الراية ومجمع الزوائد "علمه جبريل" وفي الفتح بلال. ونسبة إلى الطبراني في الأوسط. نصب الراية 1/ 262 المجمع 1/ 329، الفتح 2/ 78.

(2)

طلحة بن زيد الرقي أبو مسكين أو أبو محمد أصله دمشقي متروك.

اللسان 2/ 338، الكامل 4/ 1427، التقريب 57.

(3)

الفتح 2/ 78.

(4)

الفتح 2/ 78.

(5)

مسند البزار ل 169 - 170، كشف الأستار 1/ 178 ح 352، قال: لا نعلمه يروي عن علي بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد.

ص: 261

إسناده زياد بن المنذر أبو الجارود (1)، وهو متروك أيضًا، ويمكن على تقدير الصحة أن يُحمل على تعدد الإسراء فيكون ذلك وقع بالمدينة، وأما قول القرطبي (2) من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكون مشروعا في حقه، ففيه نظر لقوله في أوله:"لما أراد الله أنْ يُعلم رسوله الأذان" وكذا قول المحب الطبري بحمل الأذان ليلة الإسراء على المعنى اللغوي وهو الإعلام، ففيه نظر أيضًا لتصريحه بكيفيته المشروعة فيه. والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث، وقد جزم ابن المنذر بأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بغير أذان منذ فرضت الصلاة بمكة إلى أنْ هاجر وإلى أن وقع التشاور في ذلك على ما في حديث عبد الله بن عمر وعبد الله بن زيد (3)، وقد حاول السهيلي (4) الجمع فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سمعه فوق سبع سماوات وهو أقوى من الوحي، فلما أريد الإعلام بالوقت رأى الصحابي المنام، فقصها فوافقت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم سمعه، فقال:"إنها لرؤيا حق"(5) وعلم حينئذ أن مراد الله تعالى بما رآه في السماء أن يكون منه في الأرض، وقوي ذلك بموافقة عمر لأن السكينة تنطق على لسانه، والحكمة في إعلام غير النبي صلى الله عليه وسلم به (أ) لما فيه من رفع ذكر النبي والتنويه بفضله، حيث كان على لسان غيره ليكون (ب) أقوى لأمره وأفخر لشأنه (6). انتهى. ويؤخذ وجه الحكمة في تقوية ذلك برؤيا عمر ويكون خبرهما

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في جـ: لكونه.

_________

(1)

زياد بن المنذر الهمداني أبو الجارود الكوفي الأعمى رافضي كذاب. الميزان 2/ 93، التقريب 111.

(2)

قال القرطبي: وهذا الإشكال فيه إذا تؤمل فإن الجمع ممكن وبيانه أنهم تفاوضوا في الأذان، ومحتمل أن يكون عبد الله وعمر غائبين ثم إنهما قدما فوجدا المفاوضة فقال عبد الله ما قال وتلاه عمر. المفهم ل 108.

(3)

الفتح 2/ 79.

(4)

الروض الأنف 2/ 19.

(5)

انظر أول الحديث.

(6)

تصرف الشارح تبعا للحافظ في الفتح. الروض الأنف 2/ 19 - الفتح 2/ 790.

ص: 262

على صورة الشهادة، ويؤخذ من روايةٍ لفظها:"سبقك بها بلال": أن بلالا رأى كذلك، إلا أنه يمكن حملها بأنه سبق بالمباشرة بالأذان، ومن أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه أبو الشيخ بسند مجهول عن عبد الله بن الزبير قال:"أخذ الأذان من أذان إبراهيم (وأذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ) (1) قال: فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2)، وما رواه أبو نعيم في الحلية بسند فيه مجاهيل:"أن جبريل نادى بالأذان لآدم حين أهبط من الجنة"(3).

940 -

وعن أبي محذورة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان فذكر فيه الترجيع. أخرجه مسلم (4) ولكن ذكر التكبير في أوله مرتين فقط. ورواه الخمسة فذكروه مربَّعًا.

تقدم الكلام فيما يتعلق بالحديث.

141 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: "أمِرَ بلال أنْ يَشْفعَ الأذانَ، ويُوتِرَ الإقامةَ، إلا الإقامة، يعني: قوله "قد قامت الصلاة" متفق عليه، ولم

(1) الآية 27 من سورة الحج.

(2)

الفتح 2/ 79.

(3)

نقل المصنف هذه الفائدة من فتح الباري 2/ 78 - 79.

(4)

مسلم كتاب الأذان باب صفة الأذان 1/ 287 ح 6 - 379، أبو داود كتاب الصلاة باب كيف الأذان 1/ 343 ح 502 - 503، الترمذي الصلاة باب ما جاء في الترجيع في الأذان 1/ 366 ح 191 - 192، النسائي كتاب الأذان كيف الأذان 2/ 5، ابن ماجه كتاب الأذان باب الترجيع في الأذان 1/ 234 ح 709، أحمد 6/ 401، والطيالسي مختصرًا 1/ 193 ح 1354، الدارمي كتاب الصلاة باب الترجيع في الأذان 1/ 271، والمنتقى ما جاء في الأذان 64 ح 162، الدارقطني باب في ذكر أذان أبي محذورة واختلاف الروايات فيه 1/ 233 وما بعدها ابن حبان كتاب المواقيت باب فيما جاء في الأذان 90 ح 288 (موارد)، مسند أبي عوانة بيان أذان أبي محذورة. 33، الأم 1/ 73، سنن البيهقي كتاب الصلاة باب الترجيع في الأذان 1/ 392.

فائدة: ذكر الإمام النووي أن القاضي عياض قال في بعض طرق رواية الفارسي التكبير أربعا ذكر ابن تيمية في المنتقى أن التربيع من رواية أبي محذورة في مسلم، وقال الصنعاني: فالمصنف اعتبر أكثر الروايات وابن تيمية اعتمد بعض الطرق فلا يتوهم المنافاة بين كلام المصنف (ابن حجر) وابن تيمية. أهـ، شرح مسلم 2/ 8، وسبل السلام 1/ 233.

ص: 263

يذكر مسلم الاستثناء (1).

وللنسائي: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا"(2).

الحديث فيه دلالة على وجوب الأذان والإقامة، إذ الظاهر أن الآمر له هو (أ) النبي صلى الله عليه وسلم كما هو المتبادر من العبارة، وقد وقع في رواية عطاء "أمر بلالًا" ورواية النسائي أصرح بالمراد. قال الحاكم (3): صرح برفعه إمامُ الحديث بلا مدافعة ولم يتفرد به فقد أخرجه أبو عوانةَ (4) من طريق عبدان المروزي يرفعه، ويحيى بن معين كلاهما عن عبد الوهاب، وطريق يحيى عند الدارقطني (5) أيضًا ولم يتفرد به (ب) عبد الوهاب، وقد رواه البلاذري (6) من طريق أبي شهاب الخياط عن أبي قلابة، ووقوع الأذان عقيب المشاورة في أمر النداء قرينة على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم وحديث مالك بن

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) ساقطة من هـ.

_________

(1)

البخاري الأذان باب الأذان مثنى مثنى 2/ 82 ح 605. مسلم كتاب الصلاة باب الأمر. يشفع الأذان وإيتار الإقامة 1/ 286 ح 2/ 378، أحمد 3/ 103 - 189، أبو داود الصلاة باب في الإقامة 1/ 349 ح 508.

الترمذي الصلاة باب ما جاء في إفراد الإقامة 1/ 369 ح 193. النسائي كتاب الأذان تثنية الأذان 2/ 4، وابن ماجه كتاب الأذان باب في إفراد الإقامة 1/ 241 ح 730 مسند أبي عوانة كتاب الصلاة بيان أذان بلال وإقامته 1/ 327 - 328، الحاكم الصلاة 1/ 198، وابن خزيمة باب تثنية قد قامت الصلاة 1/ 194 ح 375 البيهقي الصلاة باب إفراد الإقامة 1/ 412، الدارقطني الصلاة باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها 1/ 239، الدارمي الصلاة باب الأذان مثنى مثنى والإقامة مرة 1/ 270، المنتقى ما جاء في الأذان 63 ح 159.

المصنف باب بدء الأذان 1/ 464 ح 1795، قلت: وفي بعض طرق البخاري ومسلم وأحمد وأبي داود وأبي عوانة والبيهقي والدارقطني والدارمي وابن الجارود وعبد الرزاق وابن خزيمة ذكر الاستثناء.

(2)

النسائي "أن رسول الله أمر بلالا" 2/ 4.

(3)

المستدرك 1/ 198.

(4)

المسند 1/ 328.

(5)

الدارقطني 1/ 240.

(6)

أنساب الأشراف 1/ 273، ولم يذكر السند.

ص: 264

الحويرث (1) الآتي: "فليؤذن أحدكم" بصيغة الأمر، ظاهر في الوجوب وقد ذهب إلى ذلك أكثر العترة وطاوس ومالك وأحمد والإصطخري والأوزاعي وداود وابن المنذر، وحكي عن محمد بن الحسن (2) وقيل واجب في الجمعة فقط (3)، وقيل: فرض كفاية (4)، وذهب الفريقان [وزيد بن علي والناصر إلى أنهما سنة وأبو طالب](5)(أ) إلى أن الإقامة سنة (ب) لحديث المسيء صلاته الآتي، فإنه لم يذكر له الأذان والإِقامة (6)، قال الزين ابن المُنَيّر: منشأ الاختلاف أن مبدأ الأذان لما كان عن مشورة أوقعها النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حتى استقر برؤيا بعضهم فأقره كان ذلك بالمندوبات أشبه ثم لما واظب على تقريره، ولم ينقل أنه تركه ولا رخص في تركه كان ذلك بالواجبات أشبه، قال ولما لم تفصح الآثار الواردة فيه بالوجوب أعرض البخاري عن التصريح بحكم الأذان (7)، وأثبت مشروعيته وسلم من الاعتراض وتقدم الكلام على بقية أحكام الحديث.

142 -

وعن أبي جُحَيفة رضي الله عنه قال: "رأيت بلالا يؤذن، وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في أذنيه" رواه أحمد والترمذي وصححه (8).

(أ) بهامش الأصل.

(ب) ساقطة من جـ.

_________

(1)

سيأتي في 578 ح 150.

(2)

البحر 1/ 182، الفتح 2/ 80. قلت: وفي مذهب أحمد سنة مؤكدة أو فرض كفاية ومن أوجبه قال على أهل البلد، مالك في مسجد الجماعة وقيل سنة مؤكدة، المغني 1/ 417، 418، بداية المجتهد 1/ 107، الكافي 1/ 196.

(3)

البحر 1/ 183.

(4)

أكثر أصحاب أحمد وعند بعض أصحاب مالك المغني 1/ 417.

(5)

البحر 1/ 183.

(6)

الجمهور على أنه سنة مؤكدة المغني 1/ 417، المجموع 3/ 93، بداية المجهد 1/ 106 الهداية 1/ 41.

(7)

الفتح 2/ 79 مع بعض التقديم والتأخير من الشارح.

(8)

أحمد 4/ 308 (يؤذن ويدور) الترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان 1/ 375 ح 197 وزاد (يدور).

ص: 265

ولابن ماجه: "وجعل إصبعيه في أذنيه"(1).

ولأبي داود (2): "لوى عنقه لما بلغ حي على الصلاة يمينا وشمالا ولم يستدر". وأصله في الصحيحين (3).

هو أبو جُحَيْفَة وهب بن عبد الله وقيل: ابن وهب بن مسلم بن جنادة السوائي العامري نزل الكوفة، وكان من صغار الصحابة (أ)، ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي، ولم يبلغ الحُلُم، ولكنه سمع منه وروى عنه، وكان جعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه على بيت المال بالكوفة، وشهد معه مشاهده كلها، ومات بالكوفة سنة أربع وسبعين -روى عنه ابنُهُ عَوْن وأبو إسحاق السبيعي وعلي بن الأقمر والحكم بن عتيبة وعبد الله بن شريك.

جُحَيْفَة بضم الجيم وفتح الحاء المهملة وبالفاء، والسُّوار بضم السين (ب) المهملة وتخفيف الواو وبهمزة بعد (جـ) الألف (4).

حديث الترمذي نحوه في البخاري من حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه أنه رأى بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان (5) انتهى. والحديث رواه الحاكم بألفاظ زائدة، وقال: قد أخرجاه إلا أنهما لم يذكرا فيه إدخال الإِصبعين في الأذنين (6) والاستدارة وهو صحيح على شرطهما، ورواه ابن

(أ) زاد في جـ: و.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) في جـ: بعد بعد.

_________

(1)

ابن ماجه الأذان باب السنة في الأذان 1/ 236 ح 711 وفيه (فاستدار في أذانه).

(2)

أبو داود: الصلاة باب في المؤذن يستدير في أذانه 1/ 357، 358 ح 520.

(3)

البخاري بلفظه ولم يذكر إصبعاه في أذنيه كتاب الأذان باب هل يتتبع المؤذن فاه هاهنا وهاهنا 2/ 114 ح 634.

مسلم وفيه قصة وليس فيه (إصبعيه في أذنيه) الصلاة باب سترة المصلي 1/ 360 ح 249 - 503.

(4)

الاستيعاب 11/ 169، الإصابة 1/ 321.

(5)

البخاري 2/ 114 ح 634.

(6)

إدخال الإصبعين في الأذنين عند أحمد 4/ 308، والترمذي 1/ 375 ح 197، ابن أبي شيبة =

ص: 266

خزيمة (1) بلفظ: "رأيت بلالا يؤذن يتتبع بفيه (أ) يميل رأسه يمينا وشمالا" ورواه من طريق أخرى فيه: ووضع الإصبعين في الأذنين، وكذا رواه أبو عوانة في صحيحه (2) وأبو نعيم في مستخرجه وعنده:"رأى بلالا يؤذن ويدور، وإصبعاه في أذنيه"، وكذا رواه البزار، وقال البيهقي (3): الاستدارة لم ترد من طريق صحيحة لأن مدارها على سفيان الثوري، وهو لم يسمعه من عون إنما رواه عن رجل عنه والرجل يتوهم أنه الحجاج، والحجاج غير صحيح (ب). قال ووهم عبد الرزاق (جـ) في إدراجه ثم بين ذلك، وقد وردت (د) الاستدارة من وجه آخر أخرجه أبو الشيخ في كتاب الأذان (5) من طريق حماد وهشيم جميعا عن عون، والطبراني (4) من طريق إدريس الأودي عنه وفي الأفراد للدارقطني عن بلال "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنا وأقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها" إسناده ضعيف.

(أ) في هـ: يتبع بفيه، ومن جـ: سقطت: بفيه.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ) بحاشية الأصل: في التلخيص غير محتج به.

(د) في جـ: بين.

(هـ) في جـ: الآداب.

_________

= 1/ 210، وابن ماجه 1/ 236 ح 711 ابن خزيمة 1/ 203 ح 388، والبيهقي 1/ 396، وأبو عوانة 1/ 329 المصنف 1/ 466.

(1)

قلت ومداره على عون وله طرق:

1 -

طريق حجاج بن أرطأة وقد عنعنه وهو مدلس، وهو عند ابن خزيمة وابن ماجه والبيهقي بهذا الطريق فقد روى سعيد بن منصور في السنن سماع حجاج بن أرطأة من عون. التعليق ل 66.

2 -

طريق سفيان عن عون وهو عند أحمد والترمذي وأبو عوانة. وعبد الرزاق.

وقد اختلفت الرواية عنه فرواها بعض أصحابه بدون هذه الزيادة في الاستدارة وجعل الإصبعين في الأذنين وقد روى من طرق عن عون ضعيفة، قلت: وسنده لا بأس به كما قرره ابن حجر. وللحديث شواهد أخرى منها أخرجه الحاكم وابن ماجه عن سعد القرظي وهو ضعيف وسيأتي.

(2)

أبو عوانة 1/ 329.

(3)

سنن البيهقي 1/ 395 - 396.

(4)

الطبراني الكبير 22/ 101 ح 247.

ص: 267

قوله: وأتتبع فاه أي: أنظر إلى فيه متتبعا له من التتبع. وفاه: مفعول به وهاهنا وهاهنا ظرفا مكان والمراد بهما جهتا اليمين والشمال، والمراد الالتفات إلى جهة اليمين والشمال عند الحيعلتين، ويدل على تعيين ذلك رواية مسلم وهي أتم، حيث قال:"فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينا وشمالا يقول حي على الصلاة حي على الفلاح"(1)(أوبوب عليه ابن خزيمة (2) انحراف المؤذن عند قوله حي على الصلاة حي على الفلاح أ) بفمه لا ببدنه كله، قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه، وقوله: وإصبعاه في أذنيه يدل على مشروعية ذلك، وقد أخرج (ب) ابن ماجه. والحاكم من طريق سعد القرظ (جـ)"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل إصبعيه في أذنيه"(3)، وفي إسناده ضعف. قال العلماء: وفي ذلك فائدتان إحديهما (د) أنه أرفع لصوته وثانيهما أنه علامة للمؤذن ليعرف من يراه على (هـ) بعد أو من كان به صمم أنه يؤذن، قال الترمذي: واستحسنه الأوزاعي في الإقامة (4)، والإصبع مجاز عن الإنملة، ولم يرد تعيين الإصبع التي يستحب وضعها وجزم النووي بأنها المسبّحة، وقوله (و): ولم يستدر فيه دلالة على أن التفات المؤذن إنما هو بالوجه، والقدمان ثابتان، وقد عرفت الكلام فيهما، ويمكن الجمع بين الأدلة على إثباتها وعلى نفيها: بأن من أثبتها عنى استدارة الوجه

(أ-أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: أخرجه.

(جـ) في جـ: القرظي.

(د) في جـ: احدهما.

(هـ) في جـ: من.

(و) ساقطة من جـ.

_________

(1)

مسلم 1/ 360 ح 249 - 503.

(2)

ابن خزيمة 202.

(3)

ابن ماجه 1/ 236 ح 710 والحاكم في فضائل الصحابة 3/ 607، وسنده ضعيف لأن فيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ المؤذن المدني، التقريب 202، المغني في الضعفاء 2/ 380.

(4)

الترمذي 1/ 377.

ص: 268

والرأس، ومن نفاها عنى استدارة الجسد (أ) كله، وقال ابن بطال (1) ومن تبعه: يستدير بجميع البدن كما في رواية: ويدور. قال ابن دقيق العيد: فيه دليل (ب) على استدارة المؤذن للإسماع عند التلفظ بالحيعلتين، واختلف هل يستدير ببدنه كله أو بوجهه فقط، وقدماه قارّتان، مستقبل القبلة واختلف أيضًا هل يستدير في الحيعلتين الأولتين مرة وفي (جـ) الثانيتين مرة، أو يقول: حي على الصلاة عن يمينه، ثم حي على الصلاة عن شماله، وكذا في الأخرى، قال: و (د) رجح الثاني لأنه يكون لكل جهة نصيب منهما. قال: والأول أقرب إلى لفظ الحديث، وفي المغني عن أحمد (2): لا يدور إلا إن كان على منارة بقصد إسماع أهل الجهتين (3)(4) والله أعلم.

143 -

وعن أبي محذورة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعجبه صوته فعلمه الأذان" رواه ابن خزيمة (5) وصححه من طريق ابن جريج، ورواه النسائي (6) عن أبي جعفر عن أبي سليمان عن أبي محذورة، وصححه أيضًا

(أ) في جـ: الاستدارة بالجسد.

(ب) في جـ وهـ: دلالة.

(جـ) ساقطة من هـ.

(د) في جـ: ثم.

_________

(1)

شرح ابن بطال باب المؤذنين يتبع فاه هاهنا وهاهنا.

(2)

المغني 1/ 426.

(3)

الفتح 2/ 115 - 116.

(4)

الاستدارة ثبتت من حديث ابن ماجه وأحمد والترمذي وابن أبي شيبة والبيهقي، وأبو عوانة وابن خزيمة ويلتفت يمينا وشمالا وأبو داود ونفى الاستدارة، وجمع بينهما ابن حجر بأن من أثبت الاستدارة عنى استدارة الرأس ومن نفى عنى استدارة الجسم الفتح 2/ 115.

(5)

راجع تخريج حديث أبي محذورة في ح 140.

ابن خزيمة وله قصة جماع أبواب الأذان والإقامة باب الترجيع في الأذان 1/ 195 ح 377 وقال: خبر ابن أبي محذورة صحيح ثابت من جهة النقل 1/ 196.

(6)

النسائي كتاب الأذان التثويب في أذان الفجر 2/ 12.

ص: 269

ابن خزيمة (1) رواه أبو داود (2) وابن حبان مطولا من حديثه بزيادة: "الصلاة خير من النوم" مرتين بعد حي على الفلاح، وفيه محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة (3) وهو غير معروف الحال، والحارث (4) بن عبيد، وفيه مقال:"وتأذينه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر يوم حنين وهو غلام".

وفي الحديث دلالة على استحسان (أ) صوت المؤذن.

144 -

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة، ولا مرتين، بغير أذان ولا إقامة" رواه مسلم (5).

ونحوه في المتفق عن ابن عباس وغيره (6).

(أ) في جـ: استحباب.

_________

(1)

في التلخيص صححه ابن حزم انظر المحلى 1/ 150.

(2)

أبو داود 1/ 341 - 500 - ابن حبان - الموارد - 95 ح 289.

(3)

محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة الجمحي المكي المؤذن قال ابن القطان: مجهول الحال لا نعلم روى عنه إلا الحارث، وقال الذهبي: ليس بحجة يكتب حديثه اعتبارا. التهذيب 9/ 317 - لسان الميزان 3/ 631.

(4)

والحارث بن عبيد أبو قدامة الإيادي البصري صدوق يخطئ قال مسدد: الحارث بن عبيد عن محمد عن عبد الملك بن أبي محذورة عند أبي داود كانا اثنين فينبغي التفريق بينهما. التهذيب 2/ 149 - 150، اللسان 1/ 438.

وللحديث طريق آخر عند أبي داود ح 501 صححها ابن خزيمة.

(5)

مسلم (مع رسول الله) كتاب صلاة العيدين 2/ 604 ح 7 - 887، أبو داود كتاب الصلاة باب ترك الأذان في العيد 1/ 680 ح 1148، الترمذي الصلاة باب ما جاء أن صلاة العيدين بغير أذان ولا إقامة 2/ 412 ح 532، النسائي نحوه كتاب صلاة العيدين ترك الأذان للعيدين 3/ 148، أحمد 5/ 91، سنن البيهقي كتاب صلاة العيدين باب لا أذان للعيدين 3/ 284، الدارمي نحوه أبواب العيدين باب صلاة العيدين بلا أذان ولا إقامة والصلاة قبل الخطبة 1/ 375 المنتقى نحوه 100 ح 259، الدارقطني كتاب العيدين 2/ 47.

(6)

حديث ابن عباس، البخاري كتاب العيدين 2/ 451، ح 958 - 959، مسلم كتاب صلاة العيدين 2/ 604 ح 5 - 886.

ص: 270

هو أبو عبد الله ويقال: أبو خالد جابر بن سمرة بن جُنادة بضم الجيم وتخفيف النون وبالدال المهملة العامري السُّوائي بضم السين منسوب إلى (سواء)(أ) بضم السين المهملة وتخفيف الواو وسكون الألف وبعدها همزة مفتوحة. اسم جده ابن أخت سعد بن أبي وقاص وأمه خالدة بنت أبي وقاص نزل الكوفة ومات بها سنة أربع وسبعين وقيل: سنة ست وستين. روى عنه: سماك بن حرب وعامر الشعبي وحصين بن عبد الرحمن (1).

وأخرج البخاري نحوه من حديث ابن عباس وجابر بن عبد الله (2).

وفي الحديث دلالة على أنه لا يشرع التأذين والإقامة فيهما (ب) وهو قريب من الإجماع وإن روى خلاف ذلك (عن ابن الزبير (3) وعمر بن عبد العزيز ومعاوية (4) قياسا على الجمعة. قلنا هذا الخلاف) (جـ) مسبوق بالإجماع إذ لم يعهد من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من الخلفاء الراشدين بعده، وتبعه أيضًا الإجماع على ذلك فهو إجماع آلاف، قيل: وإنما خصت الصلوات الخمس بهما تمييزًا لها عن غيرها من سائر الصلوات وإظهارًا لشرفها، ولو دعا النبي صلى الله عليه وسلم إليها بقوله:"حي على الصلاة"، ومعناه الأمر، لوجب (د) الإجابة إليها بناء على ظاهر الأمر، وخرجت عن كونها سنة وهو مستقيم في العيدين على القول بعدم وجوبهما، ويستحب أن يقال في الدعاء إلى صلاة العيدين وغيرهما مما لا يشرع فيه الأذان غير الجنازة، الصلاةَ جامعةَ، بنصبهما.

(أ) في نسخة الأصل: سواءه.

(ب) لفظ هـ: "التأذين فيهما الإقامة".

(جـ) بهامش الأصل ولفظة ابن الزبير غير واضحة واستدركته من نسخة هـ.

(د) في هـ: لوجوب.

_________

(1)

الشارح ترجم له في ح 68.

(2)

البخاري كتاب العيدين 2/ 451 ح 958 - 959.

(3)

ابن الزبير في أول ما بويع له أخبره ابن عباس بالسنة فصلى قبل الخطبة. الفتح 2/ 451 ح 959، فلما ساء الذي بينه وبين ابن عباس لم يعد ابن الزبير لأمر ابن عباس المصنف 2/ 278، ح 5628.

(4)

ومعاوية في المصنف قال ابن شهاب: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة معاوية، المصنف 2/ 284 ح 5646.

ص: 271

145 -

وعن أبي قتادة رضي الله عنه في الحديث الطويل في نومهم عن الصلاة: "ثم أذن بلال، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يصنع كل يوم" رواه مسلم (1).

وله عن جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم (أ) أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين"(2).

وله عن ابن عمر: "جمع بين المغرب والعشاء بإقامة واحدة"(3) زاد أبو داود "لكل صلاة".

وفي رواية له: "ولم يناد في واحدة منهما"(4).

حديث أبي قتادة متفق عليه في قصة نومهم (5) عن الصلاة، وفي حديث (ب)

(أ) زاد في هـ: إلى.

(ب) زاد في جـ: مسلم عن.

_________

(1)

مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب قضاء الصلاة الفائتة 1/ 472 ح 311 - 681 أبو داود نحوه الصلاة باب في من نام عن الصلاة أو نسيها 1/ 304 ح 437 - 438 الترمذي. مختصر الصلاة باب ما جاء في النوم عن الصلاة 1/ 334 ح 177، النسائي مختصرًا الصلاة باب فيمن نام عن صلاة 1/ 237، ابن ماجه مختصرًا 1/ 229 ح 698، أحمد 5/ 298، البيهقي الصلاة باب لا تفريط على من نام عن صلاة أو نسيها 2/ 216، الدارقطني مختصرًا الصلاة باب قضاء الصلاة بعد وقتها ومن دخل في صلاة فخرج وقتها قبل تمامها 1/ 386.

ابن خزيمة كتاب النائم عن الصلاة والناسي لها 2/ 95 ح 989.

(2)

حديث جابر: مسلم وهو طويل جدا كتاب الحج باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 2/ 886 - 892 ح 147 - 1218، أبو داود المناسك باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم 2/ 455 ح 1905، ابن ماجه المناسك باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم 2/ 1022 ح 3074، المنتقى المناسك 165 ح 469، البيهقي الحج باب من بات بالمزدلفة حتى يصبح 5/ 124.

(3)

البخاري (كل واحدة منهما بإقامة ولم يذكر الأذان) المناسك باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة 3/ 523 ح 2673، مسلم الحج باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعا بالمزدلفة في هذه الليلة 2/ 938 ح 290 - 1288، النسائي المناسك الجمع ببن الصلاتين بالمزدلفة 5/ 209، ابن ماجه المناسك باب الجمع بين الصلاتين بجمع 2/ 1005 ح 3021.

(4)

أبو داود المناسك باب الصلاة بجمع 2/ 474 ح 1926 - 1927 - 1928.

(5)

البخاري 2/ 66 ح 595.

ص: 272

أبي هريرة عند مسلم ما يدل على أن القصة كانت بخيبر (1) وبذلك صرح ابن إسحاق (2) وغيره من أهل المغازي، وقالوا: إن ذلك كان حين قفوله من خيبر، وقال ابن عبد البر: هو الصحيح (3)، وقيل: مرجعه من حنين، وفي حديث ابن مسعود أن ذلك كان عام الحديبية (4)، وفي حديث عطاء بن يسار مرسلًا أن ذلك في غزوة تبوك (5)، قال ابن عبد البر (6): أحسبه وهما، وقال الأصيلي (7): لم يعرض ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة، وقال ابن الحصار (8):(أ) هي ثلاث نوازل مختلفة. قال النووي في شرح (9) مسلم: ظاهر الأحاديث أن العارض له مرتان.

وقوله (ب): ثم أذن بلال فيه دلالة علي شرعية الأذان في القضاء وعلى القول بوجوبه في الأداء، فكذلك القضاء، إذ هذه الصفة المذكورة هي كصفة الأداء، والإجماع على أنه لا يجب الأذان في القضاء، واختلف في شرعيته فيه، فذهب الهادي والقاسم وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور والقديم من قولي الشافعي (10). إلى أنه: يشرع (جـ) في القضاء الأذان والإقامة لأمره صلى الله عليه وسلم لبلال

(أ) زاد في هـ: و.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ) في هـ: مشروع.

_________

(1)

مسلم 1/ 471 ح 309 - 680.

(2)

سيرة ابن هشام 3/ 453 - 454.

(3)

التمهيد 5/ 205.

(4)

أبو داود 1/ 309 ح 447 وقال المنذري: حسن.

(5)

قال ابن حجر في الفتح: في مصنف عبد الرزاق عن عطاء مرسلًا إن ذلك كان بطريق تبوك قلت: وفي المصنف عن عطاء أن ابن جريج سأل عطاء أي سفر هو؟ قال: لا أدري، وكذلك ففي التلخيص؛ "إلا أنه لم يقل في المصنف وفي التمهيد أيضًا وقد ساق ابن عبد البر خبر عطاء الذي في المصنف بدون تعيين السفر التمهيد 5/ 215. الفتح 1/ 448، المصنف 1/ 588.

(6)

عبارة ابن عبد البر: (وهذا لا يصح) ونقل المصنف عبارة ابن حجر في التلخيص 1/ 207.

(7)

و (8) التلخيص 1/ 207.

(9)

شرح مسلم 2/ 325.

(10)

البحر الزخار 1/ 187، سنن البيهقي 1/ 402، 403، المغني 1/ 409.

المجموع 3/ 82، النهاية 1/ 42.

ص: 273

بذلك (أ) في قضاء الفجر في رواية أبي قتادة المذكورة، والأخير من قولي الشافعي (1) أنه يقيم للفائتة من غير أذان كرواية أبي هريرة بحديث النوم عند مسلم قال:"وأمر بلالا بالإقامة فأقام الصلاة ولم يذكر الأذان"(2) وكذا في قضائه يوم الخندق للأربع من حديث أبي سعيد (3)، فذكر الإقامة فيها ولم يذكر الأذان (ب)، ويجاب عنه بأن في رواية أبي قتادة إثبات للأذان، وفيما عداها نفي والمثبت زاد علما على النافي، وعدم الذكر في الرواية لا يدل أيضًا على عدم الفعل في نفس الأمر فكانت أرجح، (وإن كانت فوائت لم يؤذن لغير الأولى قطعا، وفيه وجه حكاه ابن كج)(جـ).

وقوله: "فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" إلخ لفظ الحديث في مسلم: "فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع (د) ما كان (يصنع)(هـ) كل يوم.

فيه دلالة على استحباب قضاء السنة الراتبة لأن الظاهر أن هاتين (و) الركعتين اللتين قبل الغداة هما سنة الصبح، وقوله:"كما كان يصنع فيه" إشارة إلى أن صفة الفائتة كالمؤداة أنه يفعل فيها ما يفعل في المؤداة فيقنت (ز) في الصبح وهو

(أ) في جـ: كذلك.

(ب) زاد في هـ وجـ: "أخرجه الشافعي ولم يذكر صلاة العشاء" قلت: وفي الأم للشافعي ذكر صلاة العشاء 1/ 75.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) في هـ: وصنع.

(هـ) في الأصل: وصنع، ولعله سبق قلم.

(و) في جـ: هذين.

(ز) في جـ: فبقيت.

_________

(1)

البيهقي 1/ 402.

(2)

مسلم 1/ 471 ح 309 - 680.

(3)

أحمد 3/ 67 - 68، والنسائي 2/ 15، ابن حبان 94 ح 285 (موارد)، والبيهقي 1/ 402، الأم 1/ 75، والطيالسي 295 ح 2231، ابن حبان والنسائي لم يذكرا العشاء، قلت: إسناده صحيح، وقال ابن سيد الناس: هذا إسناد صحيح جليل، نيل الأوطار 2/ 8.

ص: 274

لا خلاف فيه عند من يثبته (أ)، ويجهر فيها ولو قضيت بالنهار، وأصح وجهي أصحاب الشافعي: أنه يسر فيها (1).

وقوله في حديث جابر: "فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين" يدل على شرعية الأذان في جمع (ب) التأخير، إذ هو كذلك في مزدلفة وهو قول الأكثر وأحد قولي الشافعي (2) لا أذان (جـ) في التأخير لأيهما، وقال أبو حنيفة (3): ولا إقامة للعشاء في مزدلفة.

وقوله في حديث ابن عمر: "جمع بين المغرب والعشاء بإقامة واحدة": ظاهره حجة للثوري فإنه قال: "فصلى (د) المغرب والعشاء في مزدلفة بإقامة واحدة".

وفي زيادة أبي داود: "لكل صلاة". دلالة على أنه لا يكفي إقامة واحدة بل لا بد من إقامتين.

وقوله: في رواية له، أي لأبي داود:"ولم يناد في واحدة منهما": دليل لما ذهب إليه الشافعي وأحمد في قول أنه يصلي كل واحدة منهما بإقامة بلا أذان (4)، وهو محكي عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر.

وطريق الجمع بين هذه الروايات: ترجيح رواية جابر بالأذان الواحد والإقامتين إذ هو مثبت ومن عداه نافٍ والمثبت مقدَّم على النافي (5) والله أعلم.

(أ) في جـ: ثبته.

(ب) في جـ: جميع.

(جـ) في جـ: لأن الأذان.

(د) في جـ، هـ: يصلي.

_________

(1)

انظر: شرح مسلم 2/ 328.

(2)

المجموع 3/ 84 - 85.

(3)

الهداية 1/ 145، وقال زفر: بأذان وإقامتين.

(4)

المجموع 3/ 85، المغني 1/ 419.

(5)

قال الصنعاني: بل نقدم خبر ابن مسعود لأنه أكثر ثباتًا، روى البخاري من حديث ابن مسعود "أنه صلى بالمزدلفة المغرب بأذان وإقامة والعشاء بأذان وإقامة وقال رأيت رسول الله يفعله". البخاري 3/ 524 ح 1675.

ص: 275

146 -

وعن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا (أ): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي (ب ابن أم مكتوم، وكان رجلا أعمى لا ينادي ب) حتى يقال له: (جـ) أصبحت أصبحت" متفق عليه وفي آخره إدراج (1).

قوله: "إن بلالا يؤذن بليل": ظاهر هذا الحديث الإِطلاق في وقت الليل ولم يعين كونه قريبا من الفجر، وقد ورد عند البخاري (2) في رواية القاسم:"لم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا" وفي هذا تقييد لما أطلق من سائر الروايات، والقاسم وإن كان تابعيا لم يدرك القصة فقد ثبت عند النسائي من (3) رواية (د) حفص بن غياث. وعن الطحاوي من رواية يحيى القطان (4) كلاهما عن عبد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة فذكر الحديث، قالت:"ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا".

(أ) في جـ: قال.

(ب-ب) في جـ: يؤذن.

(جـ) زاد في جـ: قد.

(د) في جـ: رواياته.

_________

(1)

البخاري كتاب الأذان باب الأذان قبل الفجر 2/ 104 ح 622، 623، مسلم كتاب الصيام باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر 2/ 768 ح 37، 38 - 1092، الترمذي نحوه من طريق ابن عمر الصلاة باب ما جاء في الأذان بليل 1/ 392، ح 203.

النسائي بمعناه من حديث عائشة الأذان باب المؤذنان للمسجد الواحد 2/ 9 - 10 البيهقي كتاب الصلاة باب القدر الذي كان بين أذان بلال وابن أم مكتوم 1/ 381 أحمد من حديث عائشة 6/ 44، من حديث ابن عمر 2/ 9، ابن خزيمة باب إباحة الأذان للصبح قبل طلوع الفجر إذا كان للمسجد مؤذنان 1/ 209 ح 401 من حديث ابن عمر ومن حديث عائشة في باب ذكر قدر ما كان بين أذان بلال وأذان ابن أم مكتوم 1/ 210 ح 403، المصنف من حديث ابن عمر باب تأخير الصوم 4/ 232 ح 7614.

(2)

البخاري 4/ 136 ح 1918 - 1919.

(3)

النسائي 2/ 10.

(4)

شرح معاني الآثار 1/ 137.

ص: 276

(وكان يؤذن في بيت مرتفع، كما أخرجه أبو داود من حديث عروة عن امرأة من بني النجار قالت: "كان بيتي مِنْ أطول بيتٍ حول المسجد، كان بلال يؤذن عليه، فيأتي السحر فيجلس على ظهر البيت ينظر إلى الفجر (أوإذا رآه أ) تمطأ، ثم قال: اللهم إني أحمدك وأستيعنك (ب) على قريش (جـ) أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن، قالت: والله ما علمته كان تركها ليلة واحدة هذه الكلمات (1)(د).

وفي الحديث دليل (هـ) على شرعية الأذان في الليل، وقال به الجمهور (2) واختلفوا في أي وقت يشرع، فالمشهور من النصف الأخير (وونصر هذا القول النووي، وتأول ما خالفه ذكر ذلك في شرح مسلم (3) وقال الجويني: للسبع الأخير و) في الشتاء، وفي الصيف لنصف السبع.

وقال المسعودي: بوقت (ز) السحر وهو أحد الأوجه لمذهب الشافعي.

واختاره السبكي (4) في شرح المنهاج، وحكى تصحيحه (ح) عن القاضي (4)

(أ-أ) ساقطة من جـ.

(ب) هـ: وأستعين بك على

(جـ) في جـ: ترك.

(د) ما بينهما مثبت بهامش الأصل. وهو غير واضح واستدركته من نسخة هـ.

(هـ) في جـ: دلالة.

(و-و) ساقط من جـ.

(ز) في جـ وهـ: وقت.

(ح) في جـ: بصحته.

_________

(1)

أبو داود 1/ 357 ح 519.

(2)

عدا أبي حنيفة ولأبي يوسف يجوز للفجر في النصف الأخير من الليل. الهداية 1/ 43 المغني 1/ 409، إحكام الأحكام 2/ 183 - 184.

(3)

عبارة الفتح (وصحح النووي في أكثر كتبه أن مبدأه من نصف الليل الثاني وأجاب عن الحديث في شرح مسلم فقال ..) الفتح 2/ 106، وشرح مسلم في الصيام 3/ 147. قال النووي: ربما ينوه على حديث سعد القرظ: "كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشتاء لسُبُع يبقى من الليل في الصيف لنصف السبع". قال النووي: هذا الحديث باطل غير معروف عند أهل الحديث. المجموع 3/ 87.

(4)

المجموع 3/ 87.

ص: 277

حسين والمتولي، قال: وقطع به البغوي، واستغربه ابن دقيق العيد في شرح العمدة قال: لأنه لا يكون فائدة لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يؤذن بليل" إلا إذا كان الوقت مشتبها محتملا لدخول الفجر، قال: وهذا يدل على تقارب وقت أذان بلال ووقت الفجر (1)، وذهب صاحب العدة (2)(أ) إلى أن وقته الليل جميعه، وكان مستنده إطلاق لفظ بليل، وقيل: بعد آخر اختيار العشاء. ثم اختلفوا هل يكفي ذلك الأذان أولًا؟ فذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم إلى أنه يكفي، وخالف ابن خزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث (3)، وقال به الغزالي (4) في "الإحياء" وأيده بعضهم، بأنه لم يرد في شيء من الحديث ما يدل على الاكتفاء، وتعقب بأنه قد ورد عن البخاري من حديث ابن مسعود (5)(ب) ذكر حديث بلال وحده من دون أن يذكر معه أذان آخر.

وأجيب بأن هذا حديث ابن عمر وعائشة (6) يشعر بعدم الاكتفاء، ويتأيد الاكتفاء بحديث زياد بن الحارث عند أبي داود فإن فيه "أنه أذن قبل الفجر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه استأذنه في الإقامة فمنعه إلى أن طلع الفجر، فأمره (جـ) فأقام". لكن في إسناده ضعف (7).

(أ) في هـ: العمدة.

(ب) زاد في هـ: و.

(جـ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

إحكام الأحكام 2/ 185.

(2)

قال النووي: وهو في غاية الضعف بل غلط، وقال إمام الحرمين: ولولا علو قدر الحاكي له وأنه لا ينقل إلا ما صح وتنقح عنده لما استجزت نقل هذه الوجه.

وقال النووي: إنما يجوزه بعد مضي صلاة العشاء وقطعة من الليل. المجموع 3/ 87.

(3)

الفتح 2/ 104، المغني 1/ 409 - 410، إحكام الأحكام 2/ 183، 184.

(4)

الإحياء 1/ 349.

(5)

"لا يمنعن أحدًا -أو أحدا منكم- أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم .. " البخاري 2/ 103 ح 621.

(6)

حديث الباب.

(7)

أبو داود 1/ 351 - 352 ح 513 وسيأتي في ح 151.

ص: 278

وخالف في شرعية الأذان في الليل جماعة منهم الهادي، والقاسم، والناصر، وزيد بن علي، وأبو حنيفة، ومحمد، والثوري (1) قالوا: لقوله صلى الله عليه وسلم لبلال: "لا تؤذن حتى يتبين لك الفجر كذا ومد يديه عرضا" أخرجه أبو داود (2).

وأخرج أيضًا من حديث ابن عمر: أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي "ألا إن العبد نام"(3) ورواه أيضًا في الجامع الكافي.

قالوا: فهذه الرواية معارضة لحجة الجمهور، وهي أيضًا محتملة للتأويل (4) وهو أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان وإنما هو كما يفعل الآن أو أنهما كانا يقصدان الأذان لطلوع الفجر، فيخطئه بلال ويصيبه ابن أم مكتوم.

وأجيب عن الأول بأن الأذان إذا أطلق فهو حقيقة في النداء المعروف وحمله على خلافه لغير دليل غير مقبول، مع الاتفاق بأن ما يفعل الآن محدث وعن الثاني أنه (أ) لو كان كذلك ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا واعتمد عليه أو كان يقع ذلك نادرا وظاهر الرواية الاعتياد، والمعارضة غير مسلّمة إذ روايتنا أقوى، وبأن حديث:"ألا إن العبد نام"(5)، قال ابن المديني، وأحمد بن حنبل، والبخاري، والذهلي، وأبو حاتم، وأبو داود، والترمذي، والأثرم،

(أ) هـ: بأنه.

_________

(1)

الفتح 2/ 104، البحر الزخار 1/ 184، الهداية 1/ 43.

(2)

أبو داود 1/ 365 ح 534، شداد مولى عياض بن عامر بن الأسلع العامري لم يدرك بلالا رضي الله عنه. أبو داود 1/ 365، والتهذيب 4/ 319.

(3)

سيأتي في ح 147.

(4)

حكاه ابن حجر عن السروجي من الحنفية الفتح 2/ 104.

(5)

سيأتي تخريجه في ح 147.

ص: 279

والدارقطني أن حمادا أخطأ في رفعه (1) وأن لم الصواب وقفه على عمر بن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه وأن حمادا انفرد برفعه لكنه قد (أ) وجد له متابع. أخرجه البيهقي (2) من طريق سعيد بن زربيّ (3) وهو بفتح الزاي وسكون الراء بعدها باء موحدة ثم ياء كياء النسب فرواه عن أيوب موصولا لكن سعيد ضعيف ورواه عبد الرزاق (4) عن معمر عن أيوب أيضًا لكن أعضله فلم يذكر نافعا ولا ابن عمر، وله طريق أخرى عن نافع عن الدارقطني (5) وغيره اختلف في رفعها، ووقفها أيضًا من طريق أخرى مرسلة (ب من طريق يونس بن عبيد وغيره عن حميد بن هلال وأخرى من طريق سعيد عن قتادة مرسلة ب) ووصلها أبو يوسف (6) عن سعيد بذكر أنس، وهذه طرق (جـ) يقوي بعضها بعضا.

وقوله: "فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" هذا تمام الحديث.

وقوله: "وكان رجلا أعمى" .. إلخ: مدرج في لفظ البخاري .. بزيادة قال:

(أ) ساقطة من جـ.

(ب-جـ) كل منهم ساقط من جـ.

_________

(1)

سنن الترمذي 1/ 394، علل الحديث 1/ 14، التحقيق 246، حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة ثقة عابد أحد أئمة المسلمين، قال البيهقي: لما طعن في السن ساء حفظه فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، ومسلم اجتهد في أمره، وأخرج من أحاديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وإذا كان الأمر كذلك فالاحتياط أن لا يحتج بما يخالف به فيه الثقات وهذا الحديث من جملتها .. نصب الراية 1/ 286 التقريب 82، الكواكب النيرات 460. قلت: سقت تخريجه في ح 147، وتكلم الشارح هنا على طرق الحديث فليحرر.

(2)

سنن البيهقي 1/ 383.

(3)

سعيد بن زربي أبو عبيدة، البصري، وقبل أبو معاوية، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة. الضعفاء 293، الميزان 2/ 136، التقريب 121.

(4)

المصنف 1/ 491 ح 1888.

(5)

الدارقطني 1/ 244، 245.

(6)

الدارقطني 1/ 244، 245.

ص: 280

"وكان رجلا"(1) فاعل قال: هو ابن عمر، وقد قيل من كلام ابن شهاب كذا عن القعنبي عند الدارقطني، وأبي الشيخ وأبي نعيم والبيهقي (2) كلهم عن القعنبي فيكون في (أ) رواية البخاري إدراج.

وقوله "أصبحت، أصبحت": أي دخلت في الصباح. الحديث يدل على أن أذان ابن أم مكتوم غاية الأكل والشرب، وهو يدل ظاهرًا أنه كان يؤذن بعد تحقق (ب) دخول الفجر بعد قول الناس له أصبحت، فيقتضي جواز الأكل بعد دخول الفجر، وقد قال به شذوذ كالأعمش (3)، وقد ورد في رواية الربيع (4)، "ولم يكن يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذن".

وفي لفظ للبخاري (جـ) في الصيام من كلام النبي صلى الله عليه وسلم: "حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر"(5) ويمكن أن يقال: أن قولهم "أصبحت" ليس في معنى دخلت في الصباح بل بمعنى قاربت الصباح، وأنهم يقولون ذلك عند آخر جزء من أجزاء (د) الليل، وأذانه يقع في أول جزء (هـ) من طلوع الفجر، أو أنه كان له حارسا للفجر فينبهه بذلك عند أول جزء من أجزاء الفجر، وقد روى أبو قرة (و) من حديث ابن عمر فيه: "وكان ابن أم

(أ) في جـ: من.

(ب) في هـ: تحفيق.

(جـ) في جـ: البخاري.

(د) ساقط من جـ.

(هـ) زاد في هـ: أجزاء.

(و) في جـ: أبو أقرة.

_________

(1)

البخاري 5/ 264 ح 2656.

(2)

البيهقي 1/ 427 - 428، الطحاوي 1/ 37، وقيل: من كلام سالم كما في البيهقي من رواية ربيع ابن سليمان.

(3)

الفتح 4/ 136.

(4)

البيهقي 1/ 380.

(5)

البخاري 4/ 136.

ص: 281

مكتوم يتوخى الفجر (أ) فلا يخطئه" (1)، وفي الحديث دلالة على جواز اتخاذ مؤذنين في مسجد واحد ويؤذن واحد بعد واحد، وأما أذان اثنين معا فمنع منه قوم وقالوا: أول من أحدثه (ب) بنو أمية (2)، وقال الشافعي: لا يكره إلا أن حصل من ذلك تشويش (جـ)(3) وأما أكثر فليس في الحديث تعرض له (4)، ونص الشافعي: ولا يضر، وإن أذن أكثر من اثنين، وعلى جواز تقليد المؤذن الأعمى والبصير وعلى جواز تقليد الواحد وعلى أن ما بعد الفجر من حكم النهار، وعلى جواز الأكل مع الشك في طلوع الفجر، لأن الأصل بقاء الليل وعلى جواز الاعتماد على الصوت في الرواية إذا عرفه وإن لم يشاهد الراوي وعلى جواز ذكر الرجل بما فيه من العاهة إذا كان القصد التعريف ونحوه وجواز نسبته إلى أمه إذا اشهر بذلك واحتيج إليه.

فائدة: قد روي من طرق بعكس هذه الرواية: "إذا أذن عمرو يعني ابن أم مكتوم فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد (د): أخرجه في صحيح ابن حبان (5) من طريقين وأحمد بن حنبل (6) واستيفاء الكلام عليه في فتح الباري فارجع إليه (7).

(أ) في جـ: الفجر.

(ب) في جـ: اتخذه.

(جـ) في هـ: تشوش.

(د) في هـ: أحدكم.

_________

(1)

الفتح 2/ 100 ولم أقف عليه.

(2)

الفتح 2/ 101.

(3)

المجموع 3/ 119، المغني 1/ 429.

(4)

ذكر صاحب المجموع أن عثمان جعلهم أربعة.

(5)

ابن حبان -موارد- 224 ح 887 - 888، ابن خزيمة 1/ 210 - 211 ح 404.

(6)

أحمد 6/ 433، والنسائي 2/ 10 - 11.

(7)

فتح الباري 2/ 102 - 103.

ص: 282

147 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره النبي صلي الله علية وسلم أن يرجع فينادى: "ألا إن العبد نام" رواه أبو داود وضعفه (1).

قوله: "نام" أي سها وغفل، أو أن غلبة النوم على عينه منعته من تبين الفجر، تقدم الكلام على الحديث مستوفى.

148 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن". متفق عليه (2).

وللبخاري عن معاوية (3).

ولمسلم عن عمر في فضل القول كما يقول المؤذن كلمة كلمة سوى الحيعلتين فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله (4).

(1) أبو داود الصلاة باب في الأذان قبل دخول الوقت 1/ 363 ح 532. وقال أبو داود: هذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة 1/ 364، وقال أبو عيسى: هذا حديث غير محفوظ. السنن 1/ 394، الدارقطني باب أذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها 1/ 244، البيهقي الصلاة باب رواية من روى النبي عن الأذان قبل الوقت 1/ 383، عبد الرزاق معضلا باب الأذان في طلوع الفجر 1/ 491 ح 1888، قلت: وقد تكلم المصنف على طرقها وقال: إنه حسن لغيره بكثرة طرقه في الحديث السابق 564 ح 146.

(2)

البخاري الأذان باب ما يقول إذا سمع المنادي 2/ 90 ح 611، مسلم الصلاة باب استحباب القول مثل قول المؤذن 1/ 288 ح 10 - 383، أبو داود الصلاة باب ما يقول إذا سمع المؤذن 1/ 359 ح 522، الترمذي الصلاة باب ما يقول إذا أذن المؤذن 1/ 407 ح 208، النسائي الأذان القول مثل ما يقول المؤذن 2/ 20 ابن ماجه بلفظ (كما) بدل (مثل) كناب الأذان والسنة فيا باب ما يقال إذا أذن المؤذن 1/ 238 ح 720، أحمد 3/ 53، الموطأ كتاب الصلاة باب ما جاء في النداء للصلاة 65. البيهقي الصلاة باب القول مثل ما يقول المؤذن 1/ 408، الدارمي باب ما يقال في الأذان 1/ 272، ابن خزيمة باب الأمر بأن يقال ما يقوله المؤذن إذا سمعه ينادي بالصلاة 1/ 215 ح 411، مسند أبي عوانة بيان إيجاب إجابة المؤذن مثل ما يؤذن 1/ 337.

(3)

ح معاوية، البخاري 2/ 90 ح 612، النسائي 2/ 20، ابن خزيمة 1/ 216 ح 414 البيهقي نحوه 1/ 409، الدارمي 1/ 272 - 273، أبو عوانة 1/ 337 - 338.

(4)

ح عمر، مسلم 1/ 289 ح 12/ 385، أبو داود 2/ 361 ح 527، البيهقي 1/ 408 - 409، ابن خزيمة 1/ 218 ح 417، مسند أبي عوانة 1/ 339.

ص: 283

حديث أبي سعيد اختلف على الزهري في إسناده وعلى مالك أيضًا، لكنه اختلاف لا يقدح في صحته، فرواه عبد الرحمن (1) بن إسحق عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه النسائي وابن ماجه (2) وقال أحمد بن صالح وأبو حاتم وأبو داود والترمذي: حديث مالك ومن تابعه أصح (3)، ورواه يحيى (أ) القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد، أخرجه مسدد في مسنده عنه، وقال (ب) الدارقطني: إنه خطأ والصواب الرواية الأولى.

وقوله: "إذا سمعتم": ظاهره تقييد القول بالسماع فلو رأى المؤذن على المنارة ولم يسمع لبُعد أو صمم لا تشرع له الإِجابة (4).

وقوله: "المؤذن" من تمام الحديث، وليس بمدرج توهمه بعضهم (5)، وتبعه صاحب العمدة (6) فأسقطها، لاتفاق الروايات في الصحيحين والموطأ على إثباتها (7).

(أ) زاد في هـ: ابن.

(ب) في جـ: قال.

_________

(1)

عبد الرحمن بن إسحق بن عبد الله بن الحارث العامري المدني صدوق أخرج له مسلم وتكلم فيه البعض من جهة حفظه، ويقال له: عباد بن إسحق كما هو عند ابن ماجه التقريب 198، الكاشف 2/ 155 - 156.

(2)

ابن ماجه 1/ 238 وسماه عباد بن إسحق.

(3)

علل الحديث 1/ 81، الترمذي 1/ 408.

(4)

المجموع 3/ 115، الفتح 2/ 91، قلت: ولو فرق بين من به صمم وغبره لكان أولى لأن العلماء قالوا: إن الحكمة في وضع الأصابع على الأذنين حال الأذان لكي يستدل به على الأذان فيتابعه أولى والله أعلم.

(5)

قال ابن حجر: إنه ابن وضاح. الفتح 2/ 91.

(6)

العمدة مع شرحها تيسير العلام 1/ 155.

(7)

النسائي عمل اليوم والليلة 153 ح 35، ابن ماجه 1/ 238 ح 719، ابن خزيمة 1/ 215 ح 421، المستدرك 1/ 204، وفيه عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان الأموي قال ابن حجر: مقبول، وقال الذهبي: لا يكاد يعرف- الميزان 2/ 459، التقريب 181.

ص: 284

قوله: "مثل ما يقول" فيه إشعار بالمتابعة بعد كل كلمة مثل كلمتها، ويؤيد هذا بما رواه النسائي من حديث أم حبيبة "أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت"، فلو لم يجاوبه حتى فرغ استحب له التدارك، إن لم يطل الفصل، وظاهره ولو أذن بعده مؤذن آخر أجابه لتعدد السبب، كذا قال ابن عبد السلام، قال: وإجابة الأول ثم فضل إلا في الصبح والجمعة فهما سواء لأنهما مشروعان (1) فظاهر: مثل ما يقول أنه مثل الكلمة لا في الهيئة من رفع الصوت، ولأن المؤذن يراد (أ) منه الإعلام فاحتاج إلى الرفع بخلاف المجيب، وظاهره لا يكفي إمراره على الخاطر إذ ليس بقول، (وظاهره الإجابة من كل أحد على كل حال من تطهر وحدث وجنابة وحيض)(ب)، ويستثنى منه حال الجماع وحال الخلاء لكراهة الذكر فيهما وأما حال الصلاة: فمن منع من الأذكار الخارجة عن أذكارها منع من ذلك، ويحكم بالتخصيص لهذا العموم والتعارض حاصل، ويتعسر الترجيح ومن يجيز ذلك، فبعضهم قال: يجيبه عملا بإطلاق الحديث، وقيل يؤخر الإجابة حتى يفرغ من الصلاة، لأن في الصلاة شغلا، وقيل: يجيب إلا في الحيعَلَتَيْن لأنهما كالخطاب للآدميين والباقي من ذكر الله، وعلى هذا فيجيب (جـ) بالحولقة لأنها ذكر، وقال ابن عبد ابسلام: لا يجيب، وهو يقرأ الفاتحة، بناء على وجوب موالاتها وإلا أجاب، وعلى قوله: إذا فعل استأنف قراءة الفاتحة، (وقيل يجيب (د) في النافلة لا في الفريضة) (هـ).

(أ) في هـ: مراد.

(ب) في هامش الأصل.

(جـ) في جـ: فيجب.

(د) في هامش الأصل.

(هـ) زاد في هـ: الفاتحة.

_________

(1)

قال الصنعاني: يريد الأذان قبل الفجر والأذان فبل حضور الجمعة ولا يخفى أن الذي قبل الفجر قد صحت مشروعيته وسماه النبي صلى الله عليه وسلم أذانا بخلاف الذي قبل الجمعة، قلت: يريد الصنعاني أنه يلزم المتابعة في أذان الفجر الأول لا الجمعة لأن النبي سماه أذانا ولكن لا يلزم ذلك لأن بلالا يوقظ النائم. وليس إعلاما بدخول الوقت. والله أعلم سبل السلام 1/ 242.

ص: 285

والمشهور في مذهب الشافعية كراهة الإِجابة في الصلاة (1) وهو يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك، وإن أجاب بالحيعلة بطلت على المشهور عندهم ونص الشافعي في الأم (2) على عدم الفساد.

وظاهر الحديث وجوب القول، للأمر، وبه قالت الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب وقوم من السلف (3)، وذهب الجمهور (4)، إلى عدم الوجوب واستدلوا بحديث أخرجه مسلم وغيره:"أنه صلى الله عليه وسلم حمع مؤذنا فلما كبر قال: على الفطرة، فلما تشهد (أ) قال: خرج من النار"(5) فدل (ب) قوله صلى الله عليه وسلم غير ما قال المؤذن على أن الأمر للاستحباب. وتعقب بأنه لم يصرح في الرواية بأنه لم يقل مثل قوله، فيجوز أن يكون قد قال مثل قوله، ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة (جـ) ونقل الزائد.

وقوله: وللبخاري عن معاوية: أخرج البخاري حديث معاوية من طريقين: إحداهما عن عيسى بن طلحة (6) أنه سمع معاوية المؤذن يوما فقال بمثله إلى قوله: وأشهد أن محمدًا رسول الله، والطريق الأخرى (7) من حديث يحيى قال: حدثني بعض إخواننا أنه قال -أي معاوية: لما قال المؤذن حي على الصلاة قال: لا حول

(أ) في هـ: شهد.

(ب) زاد في جـ: على.

(جـ) زاد في هـ: فيجوز أن يكون قد قال.

(د) زاد في جـ، هـ: حدثني يحيي قال.

_________

(1)

الفتح 2/ 92.

(2)

الأم 2/ 76.

(3)

شرح معاني الآثار 1/ 144، الفتح 2/ 93.

(4)

المجموع 3/ 114، المغني 1/ 426 - 427.

(5)

مسلم من حديث أنس 1/ 288 ح 9 - 382، والترمذي 4/ 162 ح 1618، وابن خزيمة 8/ 201 ح 400، وأبو عوانة 1/ 335 و 336.

(6)

البخاري 2/ 90 ح 612.

(7)

2/ 90 - 91 ح 613.

ص: 286

ولا قوة إلا بالله، وقال:"هكذا سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول".

وفي البخاري إشارة إلى أن الحديث في الطريق الأولى مختصر فإنه قال في الطريق الثانية: حدثنا هشام عن يحيى نحوه، فأشار بنحوه إلى أن الحديثين متقاربان.

قال المصنف [- رحمه الله تعالى: وقد وقع لنا هذا الحديث من الطريق الأولى تاما منها للإِسماعيلي](1)، وساق الإِسناد الذي في البخاري حتى قال: حدثنا عيسى بن طلحة قال: "دخلنا يوما على معاوية فنادى مناد بالصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر، فقال معاوية: الله أكبر الله أكبر، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال معاوية: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أشهد أن محمدا رسول الله فقال معاوية: وأنا أشهد أن محمدا رسول الله".

قال يحيى (أ): فحدثني (ب) صاحب لنا أنه لما قال "حي على الصلاة" قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، ثم قال:"هكذا سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم".

والصاحب المبهم: قال المصنف يغلب على ظني أنه علقمة بن وقاص إن كان يحيى بن أبي كثير (جـ) أدركه وإلا فأحد ابنيه (د) عبد الله بن علقمة أو عمر (2) بن علقمة لأنه وقع ذكر علقمة في هذا الحديث بغير هذا الإِسناد، في (هـ) رواية الطبراني (3) وذكر عبد الله بن علقمة بن وقاص عن أبيه في رواية للنسائي (و) وابن

(أ) في هـ: فقال.

(ب) في جـ: حدثني.

(جـ) في جـ، هـ: يحيى بن كثير.

(د) في جـ، هـ: بنيه.

(هـ) في جـ: وفي.

(و) في جـ: النسائي.

_________

(1)

فتح الباري 2/ 93.

(2)

وقال الكرماني: إنه الأوزاعي، واستبعده ابن حجر، وقال: أين عصر الأوزاعي من عصر معاوية، شرح الكرماني 5/ 12، الفتح 2/ 93.

(3)

الطبراني 19/ 321 ح 730.

ص: 287

خزيمة (1)، وأخرج البخاري (2) من حديث أبي أمامة أسعد بن سهل قال:"سمعت معاوية وهو جالس على المنبر حتى أذن المؤذن فساق المتابعة فلما قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله قال معاوية: "وأنا"، قال: "أشهد أن محمدا رسول الله" قال معاوية: "وأنا"، فلما انقضى التأذين قال: "يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر حين أذن المؤذن يقول مثل ما سمعتم من مقالتي".

وفي حديث أبي داود عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان (أ) إذا سمع المؤذن يتشهد (ب) قال: وأنا وأنا"(3).

وقوله: ولمسلم عن عمر في فضل القول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم .. ثم ساق الألفاظ كلمة كلمة ثم قال: "خالصا من قلبه دخل الجنة" (4) و (جـ) أخرجه أبو داود.

وهذا الحديث فيه دلالة على أنه يجيب بالحولقة (5) لا مثل لفظ المؤذن، وإطلاق حديث أبي سعيد الإِجابة بمثل قوله فبينهما تعارض وطريق الجمع العمل بهما جميعا فيقول مثل قوله، ما عدا حي على الصلاة حي على الفلاح فيقول بدلهما

(أ) زاد في هـ: و.

(ب) في جـ: يشهد.

(جـ) الواو ساقطة من جـ.

_________

(1)

النسائي 2/ 21، وابن خزيمة من طريق محمد بن عمرو 1/ 217 ح 416، قلت: وفي الطحاوي أن عبد الله بن علقمة قال: كنت جالسا إلى جنب معاوية 1/ 145.

(2)

البخاري 2/ 397 ح 914.

(3)

أبو داود 1/ 360 ح 526، ابن أبي شيبة مرسلًا 1/ 227، وهو ضعيف الإسناد لأن فيه إبراهيم بن مهدي المصيصي بغدادي الأصل وهو مقبول. التقريب 23.

(4)

تقدم تخريجه في أول شرح الحديث.

(5)

قال الأزهري يقال في التعبير عن قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله الحوقلة، قال الأزهري: ويقال: الحولقة. عمدة القاري 5/ 120.

ص: 288

لا حول ولا قوة إلا بالله وهذا جمع بين العام والخاص، وهكذا استدل به ابن (1) خزيمة وهو المشهور عند الجمهور، وقال ابن المنذر (2): بل يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المخير بين القولين، ووجه عند الحنابلة (3) الجمع بينهما، (ولا وجه له)(أ) إذ الروايتان جميعا على خلاف ذلك، وأيضًا من حيث المعنى، إن معنى حي: طلب الإقبال فلا يناسب من السامع (ب) أن يطلب الإقبال أيضًا، بل لما قال لهم تعالوا إلى ما فيه الفلاح والفوز والنجاة وإصابة الخير، أو كما قال الطيبي (4): معنى الحيعلتين: هلم بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلا والفوز بالنعيم آجلا، فناسب أن يقول هذا أمر عظيم لا أستطع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله تعالى بحوله وقوته، ويمكن أن يقال (جـ): المناسبة تحصل بالجمع لأن المجيب قد امتثل الأمر بإعادة اللفظ ويمكن أن يزداد استيقاظا وإسراعا إلى القيام إلى الصلاة إذا تكرر على سمعه الدعاء إليها من المؤذن ومن نفسه، ويقرب من ذلك الخلاف في قول المأموم: سمع الله لمن حمده، وقد ورد في اعتبار المناسبة ما نقل عبد الرزاق عن ابن جريج (5) قال: "حدثت أن الناس كانوا ينصتون للمؤذن إنصاتهم للقرآن، فلا يقول شيئًا إلا قالوا مثله حتى إذا قال: حي على

(أ) مثبت في هامش الأصل.

(ب) زاد في هـ: مع.

(جـ) زاد في هـ: و.

_________

(1)

قال أبو بكر: معنى خبر أم حبيبة، قال "كما يقول المؤذن حتى يفرغ" أي إلا قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، وكذلك معنى خبر أبي سعيد:"فقولوا كما يقول" أي خلا قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، وخبر عمر بن الخطاب ومعاوية. مفسرين لهذين الخبرين. ابن خزيمة 1/ 217.

(2)

الفتح 2/ 91.

(3)

الإنصاف 1/ 425 وقال حكاه المجد في بعض الأصحاب.

(4)

الفتح 2/ 92.

(5)

المصنف 1/ 480 ح 1849 وهو مرسل فإن ابن جريج لم يدرك عمان، وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي مولاهم المكي ثقة فقية، كان يدلس ويرسل، ولد سنة 80 وتوفي سنة 150. التهذيب 6/ 402، ثقات العجلي 310، طبقات المدلسين 30.

ص: 289

الصلاة، قالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حي على الفلاح، قالوا: ما شاء الله" انتهى.

وإلى هذا صار بعض الحنفية (1)، وروى ابن أبي شيبة (2) مثله عن عثمان، وروي عن سعيد بن جبير قال: يقول في جواب الحيعلة: "سمعنا وأطعنا".

وقد روى في الإِجابة غير ذلك، قيل: لا يجيبه إلا في التشهدين فقط، وقيل هما والتكبير، وقيل: يضيف إلى ذلك الحولقة، دون ما في آخره، وقيل: مهما أتى بما بدل على التوحيد والإخلاص كفاه، وهو اختيار الطحاوي (3).

واختلف في الاجابة في الترجيع، وإذا ثوب المؤذن في الأذان (أ) قال (ب) في جوابه:"صدقت وبررت"، وهي اسم فعل في معنى الأمر مبنى على الفتح يعدى بعلى بمعنى أقبل، وفي إعراب (جـ) لا حول ولا قوة إلا بالله خمسة أوجه مشهورة (4) قال الهروي: قال. أبو الهيثم (5): الحول: الحركة أي لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله، وكذا قال ثعلب وآخرون، وقيل لا حول في دفع شر ولا قوة في تحصيل أجر إلا بالله، وقيل إلا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكي هذا عن ابن مسعود، وحكى الجوهري (6) لغة عربية ضعيفة أنه يقال: لا حيل ولا قوة إلا بالله، بالياء،

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في هـ: قالوا.

(جـ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

البناية 2/ 31.

(2)

مصنف ابن أبي شيبة -وفيه "فإذا قال: حي على الصلاة قال ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .. " 1/ 227 - 228. وقتادة لم ويدرك عمان، فإنه ولد سنة 61 التقريب 8/ 351.

(3)

شرح معاني الآثار 1/ 146.

(4)

وهي:

1 -

فتحهما بلا تنوين

2 -

فتح الأول ونصب الثاني مذوتا

3 -

رفعهما بتنوين

4 -

فتح الأول ورفع الثاني

5 -

رفع الأول وفتح الثاني. أوضح المسالك 196.

(5)

لسان العرب 13/ 200.

(6)

الصحاح 4/ 1682.

ص: 290

والحول والحيل بمعنى، ويقال في التعبير عن قولهم: لا حول ولا قوة إلا بالله: الحوقلة هكذا، قاله الأزهري (1) والأكثرون وقال الجوهري: الحولقة، فعلى الأول: الحاء هي من حول والقاف من القوة واللام من اسم الله، وعلى الثاني: الحاء واللام من الحول والقاف من القوة، ومثلها الحيعلة والبسملة والحمدلة والهيللة والسبحلة (2).

149 -

وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله اجْعلْني إمام قومي، فقال:"أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ علي أذانه أجرا". أخرجه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم (3).

هو أبو عبد الله عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف فلم يزل عليها حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلافة أبي بكر وسنتين من خلافة عمر ثم عزله عمر وولاه عمان والبحرين، وكان وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف وهو أحدثهم سنا، وله سبع وعشرون سنة، وذلك سنة عشر، وسكن البصرة ومات بها سنة إحدى وخمسين، ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم عزمت ثقيف على الردة، فقال لهم: يا معشر ثقيف كنتم آخر الناس إسلاما فلا تكونوا أولهم ردة فامتنعوا من الردة. روى عنه الحسن البصري، وسعيد بن المسيب وموسى بن طلحة ونافع بن جبير (4).

(1) الذي في تهذيب اللغة حولق إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله، 3/ 373.

(2)

الصحاح نقلها عن ابن السكيت 4/ 1464.

(3)

أبو داود والصلاة باب أخذ الأجر على التأذين 1/ 363 ح 531، النسائي الأذان اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرًا 2/ 20، أحمد 4/ 21. الترمذي بلفظ (اتخذ) .. ولم يذكر أول الحديث .. إلح الصلاة باب ما جاء في أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرا 1/ 409 ح 209، ابن ماجه كلفظ الترمذي الأذان باب السنة في الأذان 1/ 236 ح 714، الحاكم 1/ 119، وقال: صحيح على شرط مسلم، البيهقي الصلاة باب التطوع بالأذان 1/ 429، شرح السنة 2/ 280 ح 417، ابن خزيمة باب الزجر عن أخذ الأجر على الأذان 1/ 221 ح 423، قلت: والحديث صحيح الإسناد.

(4)

طبقات ابن سعد 5/ 508، سير أعلام النبلاء 2/ 374، الإصابة 6/ 388.

ص: 291

قوله: (أ)"أنت إمامهم" فيه دلالة على جواز طلب الإِمامة في الخير إذ المقصود إمامة الصلاة كما قال الله تعالى: {واجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (1) وليس من طلب الرئاسة المكروهة فإن تلك هي الرئاسة المتعلقة بأعمال الدنيا التي لا يعان من طلبها، وكان من حقها ألا يعطاها من طلب، قوله:"واقتد بأضعفهم" فيه دلالة على شرعية التخفيف في الصلاة يقال: أضعف الرجل فهو مضعف إذا ضعفت دابته، ومنه قول عمر:"المُضْعِف أمير على أصحابه يعني في السفر، وكذلك في الصلاة، فالإمام شرع (ب) له مراعاة حال الضعيف في الصلاة كما في حديث معاذ وغيره، وقوله "لا يأخذ على أذانه أجرا": فيه دلالة على المنع من أخذ الأجرة على التأذين، وفيه خلاف، فالشافعي (2) قال بالكراهة مع الجواز؛ لأن منفعته للغير كبناء المساجد والقناطر، وقال الهادي والقاسم والناصر وأبو حنيفة (3): تحرم الأجرة على الأذان والإقامة إذا شرطها (جـ) وإن تعذر إلا بها لهذا الحديث، وقال الإمام المهدي: والأقرب جوازها على تأذين في مكان مخصوص إذ ليست على الأذان حينئذ بل على ملازمة المكان كأجرة الرصد (4)، وقال الرافعي (5) الاستئجار على الأذان فيه أوجه: أصحها يجوز مطلقا يعني من كل أحد، والثاني لا يجوز مطلقا، والثالث يجوز للإمام ومن أذن له، ولا يجوز للآحاد (د). انتهى. وليس في الحديث ما يدل على التحريم فتأمل. والله أعلم.

(أ) زاد في هـ: له.

(ب) في جـ: يشرع.

(جـ) في جـ: شرطهما.

(د) ساقطة من جـ.

_________

(1)

الآية 74 من سورة الفرقان.

(2)

البحر الزخار 1/ 186، المجموع 3/ 121، والمغني 1/ 415.

(3)

البحر 1/ 186، عمدة القاري 12/ 95.

(4)

البحر الزخار 1/ 186، ورخص فيه بعض الشافعية ومالك ورواية عن أحمد أنه يجوز أخذ الرزق عليه فجاز أخذ الأجرة عليه كسائر الأعمال، المغني 1/ 415 - المجموع 3/ 121.

(5)

المجموع 3/ 122 - 123.

ص: 292

150 -

وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم". أخرجه السبعة (1).

هو أبو سليمان مالك بن الحُوَيْرِث (2) بضم الحاء المهملة وفتح الواو وسكون الياء وكسر الراء وبالثاء المثلثة بن أَشْيَم بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء تحتها نقطان، اللّيثي، وفي نسبه إلى ليث خلاف، ويقال: مالك بن الحارث وقيل: ابن حويرثة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام عنده عشرين ليلة وسكن البصرة، روى عنه ابنه عبد الله وأبو قلابة وأبو عطة وسلمة الجرمي، مات سنة أربع وتسعين بالبصرة (3).

الحديث أخرجه البخاري من حديث أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رفيقا فلما رأى شوقنا إلى أهلنا (أ) قال: ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا فإذا حضرت الصلاة فلْيؤَذن لكم أحدم وليؤمكم أكبركم"(4) زاد في رواية إسماعيل بن علية عن أيوب: "وصلوا كما رأيتموني"(5)، وظاهر قوله: فإذا حضرت الصلاة أن ذلك بعد وصولهم إلى أهلهم، وفي قوله: "فليؤذن لكم

(أ) في هـ: أهلينا.

_________

(1)

البخاري (وفيه قصة قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم الأذان باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد 2/ 110 ح 628، مسلم (وفيه قصة) الصلاة باب من أحق بالإمامة 1/ 465 - 466، ح 292 - 674، أبو داود بمعناه الصلاة باب من أحق بالإِمامة 1/ 395 ح 589، الترمذي بمعناه الصلاة باب ما جاء في الأذان في السفر 1/ 399 ح 205، النسائي بمعناه الأذان أذان المنفردين في السفر 2/ 8.

ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها باب من أحق بالإمامة 1/ 313 ح 979، أحمد 3/ 436.

(2)

الاستيعاب 9/ 307، الإصابة 9/ 43.

(3)

قال ابن حجر: مات بالبصرة سنة أربع وستين، وقد وقع في الاستيعاب وتسعين بتقديم المثناة على السين والأول هو الصحيح، أهـ، الإصابة 9/ 43، وفي تهذيب الأسماء كذلك 2/ 80.

(4)

البخاري 2/ 111 ح 628.

(5)

البخاري الأدب باب رحمة الناس والبهائم 10/ 437 - 438 ح 6008.

ص: 293

أحدكم": فيه دلالة على الحث على الأذان ويستدل به على الوجوب لاقتضاء صيغة الأمر له، وفي تمام الحديث "وليؤمكم أكبركم". فيه دلالة على تقديم الأكبر في الإمامة، وهذا مع الاستواء في سائر الخصال، لأنهم هاجروا جميعا وأسلموا جميعا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه عشرين ليلة واستووا في الأخذ عنه فلم يبق ما يقدم به إلا السن، وقد يستدل به على أفضلية الإمامة على التأذين لأنه قال (أ) يؤذن (ب) أحدكم وخص الإمامة بالأكبر، ومن قال بتفضيل الأذان قال: إنما خص الإمامة بالأكبر لأن الأذان لا يحتاج إلى كثير علم، وإنما المعظم فيه الإعلام بالوقت والإسماع بخلاف الإمامة.

151 -

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "إذا أذنت فَتَرسَّل، وإذا أَقمتَ فَاحْدُر، واجْعَل بين أذانك وإقامتك مقدار ما يَفْرُغُ الآكلُ من أكله" الحديث رواه الترمذي وضعفه (1).

وله عن أبي هريرة (2) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤذن إلا متوضيء". وضعفه أيضًا.

وله عن زياد بن الحارث (3) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أذن فهو يقيم" وضعفه أيضًا.

(أ) في جـ: يقال.

(ب) زاد في هـ: لكم.

_________

(1)

الترمذي نحوه وله بقية الصلاة باب ما جاء في الترسل في الأذان 1/ 373 ح 195، البيهقي نحوه الصلاة باب ترسيل الأذان وحذم الإقامة 1/ 428، الحاكم نحوه 1/ 204، الكامل في ترجمة يحيى بن مسلم 7/ 2649.

(2)

حديث أبي هريرة: الترمذي الصلاة باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء 1/ 389 ح 200، البيهقي الصلاة باب لا يؤذن إلا طاهر 1/ 397.

(3)

حدث زياد بن الحارث، الترمذي (وفيه قصة) باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم 1/ 383 ح 199، أبو داود وفيه قصة الصلاة، باب في الرجل يؤذن ويقيم 1/ 351 - 352 ح 513، ابن ماجه كتاب الأذان باب السّنة في الأذان 1/ 237 ح 717، أحمد 4/ 169، البيهقي الصلاة باب الرجل يؤذن. ويقيم غيره 1/ 399، مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني 5/ 204، وقال: وفيه عبد الرحمن الإفريقي. مر في ح 137.

ص: 294

ولأبي داود في (أ) حديث عبد الله بن زيد أنه قال: أنا رأيته، وأنا كنت أريده، قال:"فأقم أنت"(1). وفيه ضعف.

حديث جابر تمامه: "والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء الحاجة، ولا تقوموا حتى تروني" قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم، وإسناده مجهول، وأخرجه الحاكم أيضًا، وله شاهد من حديث أبي هريرة ومن حديث سلمان أخرجهما أبو الشيخ (2) ومن حديث أُبَيّ بن كعب (3) أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات المسند، وكلها واهية، وقال الحاكم: ليس في إسناده مطعون غير عمر بن فايد (4).

قال المصنف (5) رحمه الله بل في إسناده عبد المنعم (6) صاحب السقا (ب) وهو كاف في تضعيف الحديث.

وقوله: "لا يؤذن إلا متوضئ"، وضعفه الترمذي بالانقطاع (7) إذ هو

(أ) في جـ: من.

(ب) في هـ: الشفا.

_________

(1)

أبو داود باب الرجل يؤذن ويقيم غيره 1/ 351 ح 512، أحمد 4/ 42، الطيالسي 148 ح 1103.

(2)

فتح الباري 2/ 106.

(3)

أحمد 5/ 143، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفسا يفرغ الآكل من طعامه في مهل ويقضي المتوضئ حاجته في مهل". قال الهيثمي: من رواية أبي الجوزاء عن أبي وهو لم يسمع منه، وأبو الجوزاء مجهول، وفال الأزدي: متروك. مجمع الزوائد 2/ 5، تعجيل المنفعة 473.

(4)

عمر بن فايد الأسواري، قال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: منكر الحديث، الميزان 3/ 283، الكامل 5/ 1797.

(5)

التلخيص 1/ 216.

(6)

عبد المنعم بن نعيم الأسواري الرياحي أبو سعيد البصري صاحب السقا. متروك. التقريب 221، المجروحين 2/ 157 - 158. وفيه يحيى بن مسلم البكاء، قال النسائي: متروك الحديث، الكامل 7/ 2649، الضعفاء والمتروكين 307.

(7)

لم يسمع الزهري من أبي هريرة فإن الزهري ولد سنة إحدى وخمسين وأبو هريرة توفي سنة 59، وإن كان يحتمل السماع إلا أنه لم يثبت ذلك التاريخ الكبير 1/ 220 سير أعلام النبلاء 5/ 326، الجرح والتعديل 8/ 71.

ص: 295

عن الزهري عن أبي هريرة، والراوي (1) له عن الزهري ضعيف، ورواه الترمذي من رواية يونس عن الزهري عنه مرفوعًا، وهذا أصح، ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان له من حديث ابن عباس بلفظ:"إن الأذان متصل بالصلاة، فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر".

وقوله: "من أذن فهو يقيم"(أ)، وضعفه أيضًا، ضعفه الترمذي بأنه إنما يعرف من حديث الإفريقي (2)، وقد ضعفه القطان (3) وغيره، وقال: رأيت محمد بن إسماعيل يقوى أمره، ويقول: هو مقارب الحديث، قال: والعمل علي هذا عند أكثر أهل العلم (4).

وحديث عبد الله بن زيد ضعف بمحمد بن عمر، فإن أبا داود الطيالسي بينه بأنه الواقفي وهو ضعيف (5)، واختلف عليه فيه فقيل: عن محمد بن عبد الله، وقيل: عبد الله بن محمد، قال ابن عبد البر: إسناده حسن (ب) من حديث الإِفريقي (جـ).

(أ) في هـ: مقيم.

(ب) كذا في النسخ، وفي التلخيص أحسن. التلخيص 1/ 221.

(جـ) بهامش الأصل وهـ الكلام غير واضح واستدركته من نسخة هـ.

_________

(1)

معاوية بن يحيى الصدفي أبو روح الدمشقي سكن الري، ضعيف، الميزان 4/ 38، التقريب 342.

(2)

مر في ح 137.

(3)

الوهم والإيهام ل 160.

(4)

سنن الترمذي 1/ 384 - 385.

(5)

الطيالسي 148 ح 1103، قلت محمد بن عمر هل هو الواقفي أو غيره. في الطيالسي أنه الواقفي، وابن حجر اختلف كلامه فيه، فقال في التقريب: إن الواقفي ليس له رواية في الستة، وقد جعل الحافظ ابن حجر محمدا هو الواقفي وهو الذي له روايته في الستة، وفي الميزان ليس الواقفي وأنه آخر وأن اسمه محمد بن عمر الأنصاري المدني وهو مقبول، وفي الضعفاء له جعلهما واحد فإنه قال: محمد بن عمر أبو سهل الأنصاري البصري ضعفه القطان وروى عنه جماعة، سمع القاسم وابن سيرين والأغلب أنهما واحد، وهو ضعيف. والله أعلم. التقريب 313، الميزان 3/ 674، الضعفاء 2/ 621، التلخيص 1/ 221، الكنى لمسلم 1/ 399.

ص: 296

قوله "فترسل": ترسل فلان في كلامه ومشيته: إذا لم يعجل وهو الترتيل بمعنى واحد، وفي قوله: إذا أذنت فترسل: دلالة على أن ذلك هو المشروع فيه لأن المقصود به (أ) الإِعلام البليغ وهو يزداد بذلك، بخلاف الإِقامة، فإن الإِعلام بها خاص لمن في المسجد مريد للصلاة فكان الحدر بها أنسب، والحدر: الإِسراع، ليفرغ منها إلى المقصود الذي هو الصلاة، (وقوله) (ب):"واجعل بين أذانك وإقامتك" إلح: فيه دلالة على مشروعية الفصل بينهما وقد أشار إلى ذلك البخاري فترجم باب كم بين الأذان والإِقامة (1)، ولكن التقدير لم يثبت فلذلك لم يذكر الحديث، وقال ابن بطال: لاحد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين (2)، ولم يختلف العلماء في التطوع بين الأذان والإِقامة إلا في المغرب وقد أخرج البخاري في ذلك (3).

وقوله في حديث أبي هريرة: "لا يؤذن إلا متوضئ" فيه دلالة على اشتراط الوضوء في الأذان والطهارة من الحدث الأكبر مندرجة تحت ذلك (جـ) وفيه خلاف، فمذهب الهادي والقاسم والناصر وأبو حنيفة وغيرهم أنه لا يصح أذان الجنب لحديث أبي هريرة، وقال الشافعي: إن أذانه يصح (4)، وأما الطهارة من الحدث الأصغر (5) فلا تشترط فيصح من المحدث، وعند الأكثر قالوا: قياسا على

(أ) زاد في جـ: هو.

(ب) بهامش الأصل وساقطة من جـ.

(جـ) في جـ: قوله.

_________

(1)

البخاري 2/ 106.

(2)

شرح ابن بطال ولفظه: فلا حد في ذلك لأكثر من اجتماع الناس وتمكن دخول الوقت. باب كم بين الأذان والإقامة.

(3)

عن أنس قال: "كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ببتدرون السواري حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء" 2/ 106.

(4)

و (5) حكم الأذان من الجنب.

أ) إسحق والأوزاعي ورواية عن أحمد وأبو حنيفة إلى أنه لا يصح ولا يعتد بل عليه أن يعيد.=

ص: 297

قراءة القرآن وعند أحمد وإسحق والإِمام أحمد بن الحسين، لا يعتد (1) بأذانه، قالوا لحديث أبي هريرة.

ويجاب عنه بأن الحديث ضعيف لما فيه من الانقطاع، وصحح الترمذي من طريق أخرى وقفه على الزهري، وأما الإِقامة فالأكثر على اشتراط الوضوء في صحتها، قالوا إذ (أ) لم يؤثر خلاف ذلك على عهده صلى الله عليه وسلم، وعند أبي العباس والشافعي يكره فقط، وعند أبي حنيفة لا كراهة ورواية عنه كالشافعي (2).

وقوله: "من أذن فهو يقيم" فيه دلالة على أن الإِقامة حق له فلا تصح (ب) من غيره أن يتولاها وهو قول الأكثر للحديث وذهب أصحاب أبي حنيفة (3) إلى أنه يجوز من الغير كالخطبتين والصلاة والحديث ضعفه أبو حاتم وابن حبان، و (جـ) قال الترمذي، إنما يعرف من حديث الإِفريقي (4) وقد ضعفه القطان وغيره وقال البخاري: هو مقارب الحديث.

وقوله في (د) حديث عبد الله بن زيد: "أنا رأيته وأنا كنت أريده" إلخ. فيه دلالة على ما ذهب إليه أصحاب أبي حنيفة من أنه يصح أن يتولى الإِقامة غير المؤذن (5)، فإن المؤذن هو بلال، فإن في الرواية: فقال: ألقه على بلال، قال:

(أ) في جـ: إذا.

(ب) في جـ: ولا يصح.

(جـ) الواو ساقطة من جـ.

(د) في جـ: من.

_________

= ب) يصح مع الكراهة. وهو قول للشافعي وأحمد وأبو حنيفة ومالك، وطائفة عن أهل العلم. وأما الطهارة من الحدث فلا تشترط فلا بأس بأذانه وهو خلاف الأولى المجموع 3/ 102، المغني 1/ 413، المبسوط 1/ 131، 132، الكافي 1/ 197، البحر الزخار 1/ 200.

(1)

وهي رواية عن أحمد. المغني 1/ 412.

(2)

كالطهارة من الحدث وعند الإمام مالك يصح الأذان لا الإقامة. الكافي 1/ 197.

(3)

المبسوط 1/ 131 - 132.

(4)

مر في ح 137.

(5)

قلت: لا دلالة في ذلك فإن الحديث فيمن أذن وهنا لم يؤذن فلا مشابهة.

ص: 298

فألقاه على بلال، قال: فأذن بلال (قوله)(أ): فألقاه على بلال: ليس المقصود به التأذين وإنما هو تعليم ألفاظه وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقيم هو.

152 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المُؤذن أمْلَكُ بالأذان، والإِمام أمْلَكُ بالإِقامة" رواه ابن عدي وضعفه (1).

وللبيهقي نحوه عن علي رضي الله عنه من قوله.

الحديث أخرجه ابن عدي في ترجمة شريك القاضي من روايته عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، تفرد به شريك، وقال البيهقي: ليس بمحفوظ، ورواه أبو الشيخ (2) من طريق أبي (ب) الجوزاء عن ابن عمه وفيه معارك (3) وهو ضعيف.

قوله: "المؤذن أملك بالأذان" يعني أن ابتداء وقت الأذان موكول إلى المؤذن لأنه أمين على الوقت، والإِمام أملك بالإِقامة: فيه دلالة على أنه لا يقيم إلا بعد إشارة الإِمام بذلك، وفي قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني"(4) أي خرجت: أخرجه البخاري (جـ) دلالة على أن للمقيم أن يقيم

(أ) ساقطة من ب.

(ب) في جـ وهـ: ابن.

(جـ) زاد في هـ وجـ: فيه.

_________

(1)

الكامل 4/ 1327، قال ابن عدي: هو بهذا اللفظ لا يروي إلا عن شريك من رواية يحيى بن إسحق عنه. 4/ 1327، وفيه شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي بواسط ثم الكوفة صدوق يخطئ كثيرا. الميزان 2/ 270، التقريب 145، الكواكب 250.

(2)

كنز العمال وعزاه إلى أبي الشيخ 7/ 668 ح 2063، التلخيص 1/ 223.

(3)

معارك بن عباد، قال البخاري: منكر الحديث، ضعيف، الميزان 4/ 133، التقريب 341، قلت: ضعيف بسنديه ولكن له شاهد من حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم "كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس ولا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه" 1/ 423 ح 160.

(4)

البخاري من حديث أبي قتادة 2/ 119 ح 637، ومسلم 1/ 422 ح 156 - 604. وزاد إسحق في روايته حديث معمر وشيبان "حتى تروني خرجت" ح 156 م.

ص: 299

وإن لم يحضر الإمام فإقامته غير متوقفة على إذنه (1)، وأما تعيين وقت قيام المؤتمين فقال مالك في الموطأ (2): لم أسمع في قيام الناس حين تقام (أ) الصلاة بحد محدود إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن فيهم الثقيل والخفيف، وذهب الأكثرون إلى أن الإِمام إن كان معهم في المسجد لم يقوموا حتى تفرغ الاقامة، وعن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، رواه ابن المنذر وغيره، وكذا رواه سعيد بن منصور من طريق أبي إسحق عن أصحاب عبد الله وعن سعيد بن المسيب، قال: إذا قال المؤذن: الله أكبر، وجب القيام، وإذا قال: حي على الصلاة عدلت الصفوف، وإذا قال: لا إله إلا الله كبر الإِمام، وعن أبي حنيفة: يقومون إذا قال حي على الفلاح، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبر الإِمام، وأما إذا لم يكن الإمام معهم في المسجد فذهب الجمهور إلى أنهم لا يقومون حتى يروه، وخالف من ذكرنا على التفصيل الأول، والحديث حجة عليهم. وهذا الحديث معارض بحديث جابر بن (3) سمرة أن بلالا كان لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمع بينهما أن بلالا كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم فلأول ما يراه شرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس ثم إذا رأوه قاموا، فلا يقوم في مقامه حتى تعتدل صفوفهم، وشهد (ب) له ما رواه عبد الرزاق عن ابن جرير عن ابن شهاب:"أن الناس كانوا ساعة يقول المؤذن: الله أكبر يقومون إلى الصلاة"، فلا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم مقامه حتى تعتدل

(أ) في جـ: تعلم.

(ب) في جـ وهـ: ويشهد.

_________

(1)

تعقب الصنعاني الشارح فقال: ولكن قد ورد أنه "كان بلال قبل أن يقيم يأتي إلى منزله صلى الله عليه وسلم يؤذن بالصلاة والإيذان لها بعد الأذان استئذان في الإقامة" السبل 1/ 251، قلت: وإيذان من بلال لرسول الله بالصلاة ثابت في البخاري 2/ 204 ح 713.

(2)

الموطأ 67.

(3)

مسلم 1/ 423 ح 160 - 606.

ص: 300

الصفوف" (1) وقد ورد من حديث أبي هريرة أنهم كانوا يعدلون الصفوف قبل خروجه صلى الله عليه وسلم، ذكره في مستخرج أبي نعيم، وفي صحيح (2) مسلم، وفي سنن أبي داود ولعله يقال وقوع مثل ذلك، فيه دلالة على الجواز أو أن (أ) فعلهم ذلك كان سببا للنهي المذكور وقد صرح بهذا في حديث أبي قتادة (3) أنهم كانوا يقومون ساعة تقام الصلاة ولو لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل يبطئ فيه عن الخروج فيشق عليهم انتظاره (4).

153 -

وعن أنس رضي الله عنه "لا يُرَدُّ الدعاءُ بين الأذان والإِقامة" رواه النسائي وصححه ابن خزيمة (5).

وظاهر الحديث أن الدعاء الطلق لا يرد وقد ورد في تعيين ما يدعى به ما في حديث مسلم من رواية عبد الله بن عمر وبلفظ: "قولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليَّ ثم سلوا الله ليَ الوسيلة"(6)، وما أخرج أبو داود والبخاري من حديث جابر

(أ) في جـ: وأن.

_________

(1)

المصنف 1/ 507 ح 1942.

(2)

حديث أبي هريرة: "أن الصلاة كانت تقام الرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه" صحيح مسلم 1/ 423 ح 159 - 605 م، وسنن أبي داود 1/ 368 ح 541.

(3)

تقدم حديث أبي قتادة.

(4)

انظر فتح الباري 2/ 119، 120.

(5)

النسائي في اليوم والليلة 168 ح 67، 68، 69 ابن خزيمة بتأخير (لا يرد) وزيادة (فادعوا) باب استحباب الدعاء بين الأذان والإقامة 1/ 223 - 222 ح 425، أبو داود الصلاة باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة 1/ 358 ح 521، الترمذي الصلاة باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة 1/ 415 ح 212، أحمد نحوه وزاد (فادعوا) 3/ 155، ابن حبان نحو 97 ح 297 (موارد) البيهقي الصلاة باب الدعاء بين الأذان والإقامة 1/ 410، المصنف باب الدعاء بين الأذان والإقامة 1/ 495 ح 1909، شرح السنة باب الدعاء بين الأذان والإقامة 2/ 289 ح 425، عمل اليوم والليلة لابن السني باب الدعاء بين الأذان والإقامة 48 ح 100.

(6)

مسلم 1/ 288 - 289 ح 11 - 384.

ص: 301

قال: قال رسول الله صلى اللَة عليه وسلم من قال حين يسمع النداء: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إلا حلت له شفاعتي يوم القيامة"(1).

زاد البيهقي من طريق محمد بن (عوف)(أ) عن علي بن عبد الله بن عباس: "اللهم إني أسألك بحق هذه الدعوة التامة"(2)، والمراد بالدعوة التامة دعوة التوحيد لأن الشركة نقص، أو لأنها (ب) لا يدخلها تغيير ولا تبديل، أو لأنها هي التامة حقيقة وما سواها معرض للفساد أو لأنها متضمنة أتم القول، وهو لا إله إلا الله، وقيل: هي من أول الأذان إلى قوله محمدا رسول (3) الله، والحيعلة الصلاة القائمة، أو المراد بالصلاة القائمة المدعو إليها وهو أظهر، والوسيلة هي ما يتقرب به إلى الكبير، والمراد بها المنزلة العلية (جـ) وقد ورد ذلك في حديث ابن عمر عن مسلم بلفظ:"فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله"(4) ونحوه للبزار، والفضيلة: المرتبة الزائدة على سائر الخلق، أو (د) المراد بها منزلة أخرى غير الوسيلة، ومقاما محمودا نصب على المفعولية أي ابعثه فأقمه مقاما محمودا بتقدير أقمه، أو على تضمين ابعث معنى أقم، أو نصب على المصدر (5) بتقدير بعثه مقاما محمودا، قال النووي (د): ثبتت الرواية بالتنكير،

(أ) في النسخ: عون والتصحيح من سنن البيهقي.

(ب) في جـ: لأنه.

(جـ) في هـ: في الجنة، ومصححه في الحاشية كالمثبت.

(د) في هـ: و.

(هـ) زاد في هـ: و.

_________

(1)

البخاري 2/ 94 ح 614، أبو داود 1/ 362 ح 529.

(2)

سنن البيهقي 1/ 410.

(3)

حكاه الطيبي. انظر الفتح 2/ 95.

(4)

مسلم 1/ 288 - 289 ح 11 - 384.

(5)

المجموع 3/ 112 ولفظه: وأما ما وقع في التنبيه .. المقام المحمود فليس يصح في الرواية وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم التأديب مع القرآن.

ص: 302

والتنكير للتعظيم أي مقاما أي مقام (أ) محمود لكل إنسان، وقد روى النسائي وابن خزيمة وابن حبان والطحاوي والطبراني في الدعاء والبيهقي، بالتعريف (1)، وهو الشفاعة على قول الأكثر، أو (ب) إجلاسه على العرش أو الكرسي، وفي قوله حلت له شفاعتي مناسبة لأن يراد به الشفاعة أو المراد به ما يحصل له في ذلك المقام من إلباسه الحلة الخضراء وتقديمه للثناء على الله تعالى بين يدي الساعة والشفاعة (جـ) ووقع ما يدل على ذلك في صحيح ابن حبان من (د) حديث كعب بن مالك (2)، وقوله "الذي وعدته": إشارة إلى ما في قوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (3) والوصول على رواية التنكير بدل أو خبر مبتدأ محذوف أو نصب بتقدير أعني، وعلى رواية التعريف نعت للمقام المحمود، وقوله:"حلت له شفاعتي" أي استحقت ووجبت أو نزلت عليه، يقال: حل يحل أي نزل، واللام بمعنى على، وورد عند أذان المغرب خصوصا ما أخرجه أبو داود (4) من حديث أم سلمة قالت: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في جـ: و.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) ساقطة من جـ.

_________

(1)

النسائي 2/ 22، ابن خزيمة 1/ 220 ح 420، شرح معاني الآثار 1/ 146، البيهقي 1/ 410، الطبراني في الدعاء 1/ 329 ح 430، ابن حبان - الإحسان 3/ 99 ح 1687.

(2)

عن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتى على تل فيكسوني ربي حلة خضراء، فأقول ما شاء الله أن أقول، فذلك المقام المحمود". ابن حبان 639 ح 2579 (موارد) وقال في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأحد إسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح. 1/ 377.

(3)

الآية 79 من سورة الإسراء.

(4)

أبو داود 1/ 362 ح 530، الترمذي 5/ 574 ح 3589، البيهقي 1/ 410 - الحاكم 1/ 199، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الألباني: إنه ضعيف لأن أبا كثير مجهول. مشكاة المصابيح 1/ 211 - 212، وأبو كثير مولى أم سلمة لا يعرف، تهذيب الكمال 3/ 1641، وفي التقريب: مقبول 423.

ص: 303

أقول عند أذان المغرب: اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك. فاغفر لي"، ويستحب أن يقول السامع بعد قوله وأنا أشهد أن محمدا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإِسلام دينا (1)، (ويقول بعد التثويب، صدقت وبررت (2)، وادعى ابن الرفعة وروده في الحديث، وهو غريب) (أ)، ويندب أيضًا لمن سمع المقيم أن يقول مثل قوله كما في الأذان ويقول عند قوله: قد قامت الصلاة: أقامها الله وأدامها، لما أخرجه (ب) أبو داود عن أبي أمامة أو بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "أن بلالا أخذ في الإِقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها" (3) وقال في سائر الإِقامة كنحو حديث عمر في الأذان، ويندب أن يكون المؤذن غير الإِمام لأن ذلك المأثور على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأن يصلي بين الأذان والإِقامة ركعتان لقوله، صلى الله عليه وسلم: "بيْنَ كُلِّ أذانيْنِ صلاة" (4) وأن يقول عقيب ركعتي الفجر: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بك من عذاب النار" ثلاث مرات لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما حكاه النووي في الأذكار عن كتاب ابن السني (5).

(أ) بهامش الأصل.

(ب) في جـ: ما خرجه.

_________

(1)

عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإِسلام دينا. غفر له ذنبه". مسلم 1/ 290 ح 13 - 386، وأبو داود 1/ 360 ح 525.

(2)

المجموع 3/ 113. قال ابن الملقن في تخريج أحاديث الرافعي: لم أقف عليه في كتب الحديث وقال ابن حجر: لا أصل له. كشف الخفاء 2/ 28، التلخيص 1/ 222.

(3)

أبو داود 1/ 361 - 362 ح 528، البيهقي 1/ 411، وهو ضعيف لأن فيه شهر بن حوشب وقد مر في ح 24.

(4)

البخاري 2/ 106 ح 624، مسلم 1/ 573 ح 304 - 838 وقال في الثالثة لمن شاء.

(5)

ابن السنى بتقديم "إسرافيل" على "ميكائيل" 48 - 49 ح 101، الأذكار 40.

ص: 304

فائدة: قال القاضي عياض رحمه الله واعلم أن الأذان كلمة جامعة لعقيدة الإِيمان مشتملة على نوعية من العقليات والسمعيات فأوله إثبات الذات وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادهما، وذلك لقوله: الله أكبر، وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالة على ما ذكرناه، ثم صرح بإثبات الوحدانية ونفى ضدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى، وهذه عمدة الإِيمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين، ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا، صلى الله عليه وسلم، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية، وموضعها بعد التوحيد لأنها من باب الأفعال الجائزة الوقوع، وتلك المقدمات من باب الواجبات وبعد هذه القواعد كملت القواعد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه سبحانه وتعالى ثم دعا إلى ما دعا إليه من العبادات، فدعاهم إلى الصلاة وعقبها بعد إثبات النبوة، لأن معرفة وجوبها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، لا من جهة العقل، ثم دعا إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهو آخر تراجم عقائد الإِسلام، ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة الإِعلام بالشروع فيها وهو متضمن لتأكيد الإِيمان، وليدخل المصلي فيها على بينة من أمره، وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم (أ) ما دخل فيه، وعظمة حق من يعبده، وجزيل ثوابه (1)، هذا كلامه.

فائدة أخرى: لم يذكر المصنف شيئًا مما ورد في: حي على خير العمل، وأذكر في ذلك ما اطلعت عليه، وفي إثباتها خلاف فالعترة وأحد قولي الشافعي أنها من الأذان (2) وذهبت الفقهاء إلى أنها ليست من الأذان، حجة القول الأول ما أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد من رواية الطحاوي عن عبد الملك بن أبي

(أ) في هـ: عظم.

_________

(1)

شرح مسلم للنووي 1/ 15 - 16.

(2)

البحر الزخار 1/ 191، وقال النووي: يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المجموع 3/ 95، فعزو المصنف إلى الشافعية لا يصح.

ص: 305

محذورة عن أبي محذورة قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان كما تؤذنون الآن وذكر منها: حي على (أ) العمل (1)، وذكر نحو هذا المحب الطبري في كتاب الأحكام الكبير عن أبي أمامة بن سهل البدري وذكره عنه سعيد بن منصور في سننه، وما أخرجه البيهقي (2) في سننه الكبرى عن نافع قال: "كان ابن عمر يكبر في النداء ثلاثا ويشهد ثلاثا وكان أحيانا إذا قال: حي على الفلاح، قال على أثرها: حي على خير العمل" قال البيهقي (3): ورواه عبيد الله بن عمر عن نافع، وقال كان ابن عمر ربما زاد في أذانه: حي على خير العمل ورواه الليث بن سعد عن نافع قال: "كان ابن عمر (لا)(ب) يؤذن في سفره، وكان يقيم: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وأحيانا حي على خير العمل (4) ورواه محمد بن سيرين عن ابن عمر، وكذا رواه نسير بن زعلوق عن ابن عمر، وروي ذلك عن أبي أمامة (جـ) وأخرج أيضًا (5) عن علي بن الحسين أنه كان يقول في أذانه قال: حي على الفلاح، قال: حي على خير العمل، ويقول هو الأذان الأول انتهى.

وأخرج ابن أبي شيبة (6) أن علي بن الحسين كان يؤذن فإذا بلغ حي على

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) في النسخ بدون لا، وفي البيهقي: لا يؤذن.

(جـ) الواو ساقطة من هـ.

_________

(1)

عزاه ابن بهران إلى الجامع لمحمد بن منصور بإسناده عن رجال مرضيين 1/ 192، ولكن قال البيهقي في السنن: هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلال وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه 1/ 425.

(2)

السنن 1/ 424 والمصنف 1/ 215، قلت: وهذا السند ضعيف لأن فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف صدوق ربما أخطأ التقريب 222، تهذيب الكمال 870 - 871 ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب عني في كلامه ولم يعن في كلامه الميزان 4/ 387، اللسان 6/ 263.

(3)

السنن 1/ 424.

(4)

سنن البيهقي 1/ 425، فيه موسى بن داود أبو عبد الله الضبي صدوق فقيه له أوهام، التقريب 350، وبقية السند لم أقف عليه. قلت: وابن عمر إن صح عنه هذا الخبر فهو الذي قال لمن ثوب بالظهر أو العصر. أخرج بنا عن هذا المبتدع. فهي بدعة.

(5)

و (6) سنن البيهقي 1/ 425، ومصنف ابن أبي شبية 1/ 215.

ص: 306

الفلاح قال: حي على خير العمل ويقول: هو الأذان الأول وأنه أذان (أ) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الهادي (1) في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن بها، ولم تطرح إلا في زمن (ب) عمر، فإنه أمر بطرحها، وقال أخاف أن يتكل الناس على ذلك، وفي كتاب السنام أن الأذان شرع بحي على خير العمل لأنه اتفق على الأذان به يوم الخندق ولأنه دعا إلى الصلاة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"خير أعمالكم الصلاة"(2) انتهى. ولكن الهادي قال في الأحكام (3) بعد هذا: إنها خير الأعمال بعد الجهاد، وهذا التأويل لا يناسب مذهبه في إثباتها، وحكي في شرح الموطأ أن عمر والحسن والحسين وبلالا وجماعة أذنوا بها، وفي جامع آل محمد ما لفظه: قال الحسن بن يحيى أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا في الأذان والإِقامة: حي على خير العمل ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن بحي على خير العمل حتى قبضه الله إليه وكان يؤذن بها في زمن (جـ) أبي بكر، فلما ولي عمر قال: دعوا حي على خير العمل لا يشتغل الناس عن الجهاد فكان أول من تركها، ولم يذكر القاسم ومحمد حي على خير العمل، في الأذان ولا في الإِقامة بل روى محمد بأسانيده عن علي بن الحسين ومحمد بن علي ويحيى بن زيد أنهم كانوا يقولون في الأذان: حي على خير العمل. انتهى.

حجة الفقهاء الأحاديث المروية في ابتداء شرعية الأذان وغيرها من الصحيحين وغيرهما من الأصول الستة وغيرها، ولم يذكر فيها حي على خير العمل، وفيما

(أ) في هـ وجـ: أذن.

(ب) في جـ: زمان.

(جـ) في جـ: زمان.

_________

(1)

الأحكام الجامع لأصول ما يحتاج إليه من الحلال والحرام ل 28.

(2)

بلفظ: الصلاة في أول وقتها، الدارقطني 1/ 247، الحاكم 1/ 189.

(3)

الأحكام ل 28.

ص: 307

تقدم من الروايات بذكر الأذان الأول إشارة إلى أنه كان في أول الأمر ثم نسخ وأمر عمر بتركه، ولم ينكر وإجماع (أ) العترة غير مسلم لما سبق من خلاف القاسم، وأجيب عن حمل الأول أنه الأول في صدر الإِسلام، ثم نسخ لصحة أن يراد بالأول الأول (ب) قبل ترك عمر له، وأمر عمر بتركه اجتهاد وليس بحجة. والله أعلم.

عدة أحاديث الباب ستة وعشرون حديثًا.

(أ) في جـ: ولم ينكروا إجماع. وفي هـ: ولم ينكروا وإجماع.

(ب) ساقطة من جـ.

ص: 308