الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة: (فمن جحد وجوبها بجهله
عرف ذلك وأن جحدها عنادا كفر).
هذا أصل مضطرد في مباني الإسلام الخمسة وفي الأحكام الظاهرة المجمع عليها من مكلف أن كان الجاحد لذلك معذورا مثل أن يكون حديث عهد بالإسلام أو قد نشأ ببادية هي مظنة الجهل بذلك لم يكفر حتى يعرف أن هذا دين الإسلام لأن أحكام الكفر والتأديب لا تثبت إلا بعد بلوغ الرسالة لا سيما فيما لا يعلم بمجرد العقل قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} وقال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً} وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} وقال تعالى: {لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} فالإنذار لمن بلغه القرآن بلفظه أو معناه فإذا بلغته الرسالة بواسطة أو بغير واسطة قامت عليه الحجة وانقطع عذره.
فأما الناشئ بديار الإسلام ممن يعلم أنه قد بلغته هذه الأحكام فلا
يقبل قوله أي لم أعلم ذلك ويكون ممن جحد وجوبها بعد أن بلغه العلم في ذلك فيكون كافرا كفرا ينقل عن الملة سواء صلاها مع ذلك أو لم يصلها وسواء اعتقدها مستحبة أو لم يعتقد وسواء رآها واجبة على بعض الناس دون بعضا أو لا وسواء تأول في ذلك أو لم يتأول لأنه كذب الله ورسوله وكفر بما ثبت أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث به ولهذا اجمع رأي عمر والصحابة في أن الذين شربوا الخمر مستحلين لها أنهم أن اقروا بالتحريم خلوا وأن أصروا على الاستحلال قتلوا وقالوا وكذلك من تأول تأويلا يخالف به جماهير المسلمين.
وكذلك لو اقر أن الله أوجبها وصدق الرسول في الرسالة وامتنع من قبولها بالإيجاب وأبى أن يلتزمه وينقاد لله ورسوله فهو كإبليس فإنه لم ينكر الإيجاب وإنما استكبر عن القبول فإنه يكفر بذلك ويقال له كافر ولا يقال مكذب.