الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالنِّزَاعُ فِي ذَلِكَ يُؤَوَّلُ إلَى اللَّفْظِ؛ إذْ الْعِلَّةُ قَدْ يَعْنِي بِهَا التَّامَّةَ وَقَدْ يَعْنِي بِهَا المقْتَضِيَةَ. وَالله أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ. وَصَلَّى الله عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ) (1).
وقال ابن تيمية رحمه الله: (قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره: إن
البدعة أحب إلى إبليس من المعصية
؛ لأن البدعة لا يُتاب منها، والمعصية يُتاب منها، ومعنى قولهم: إن البدعة لا يتاب منها: أن المبتدع الذي يتَّخِذُ ديناً لم يشرعه اللهُ ولا رسولُه، قد زُيِّنَ له سوءُ عَمَلِهِ فرآه حَسَنًا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسناً؛ لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنًا مأمورًا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنًا وهو سيئ في نفس الأمر؛ فإنه لا يتوب) (2). ا. هـ
وقال ابن القيم رحمه الله في مسألة القول على الله بغير علم، وأنه أصل الشرك والكفر:
(1)«مجموع الفتاوى» (28/ 231).
(2)
«مجموع الفتاوى» (10/ 9 - 10)، وانظر:«الداء والدواء» لابن القيم ـ ط. عالم الفوائد ـ (ص 414).
(
…
فَذُنُوبُ أَهْلِ الْبِدَعِ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْجِنْسِ، فَلَا تَتَحَقَّقُ التَّوْبَةُ مِنْهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ مِنَ الْبِدَعِ.
وَأَنَّى بِالتَّوْبَةِ مِنْهَا لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، أَوْ يَظُنُّهَا سُنَّةً، فَهُوَ يَدْعُو إِلَيْهَا، وَيَحُضُّ عَلَيْهَا؟ فَلَا تَنْكَشِفُ لِهَذَا ذُنُوبُهُ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهَا إِلَّا بِتَضَلُّعِهِ مِنَ السُّنَّةِ، وَكَثْرَةِ الاطِّلَاعِ عَلَيْهَا، وَدَوَامِ الْبَحْثِ عَنْهَا، وَالتَّفْتِيشِ عَلَيْهَا، وَلَا تَرَى صَاحِبَ بِدْعَةٍ كَذَلِكَ أَبَداً.
فَإِنَّ السُّنَّةَ ـ بِالذَّاتِ ـ تَمْحَقُ الْبِدْعَةَ، وَلَا تَقُومُ لَهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ شَمْسُهَا فِي قَلْبِ الْعَبْدِ قَطَعَتْ مِنْ قَلْبِهِ ضَبَابَ كُلِّ بِدْعَةٍ، وَأَزَالَتْ ظُلْمَةَ كُلِّ ضَلَالَةٍ؛ إِذْ لَا سُلْطَانَ لِلظُّلْمَةِ مَعَ سُلْطَانِ الشَّمْسِ، وَلَا يَرَى الْعَبْدُ الْفَرْقَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ، وَيُعِينُهُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ظُلْمَتِهَا إِلَى نُورِ السُّنَّةِ، إِلَّا المُتابَعَةُ، وَالْهِجْرَةُ بِقَلْبِهِ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى الله، بِالِاسْتِعَانَةِ وَالْإِخْلَاصِ، وَصِدْقِ اللَّجْأِ؛ وَإِلَى رَسُوْلِهِ بِالْحِرْصِ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى أَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ، وَهَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ، «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ» وَمَنْ هَاجَرَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ حَظُّهُ وَنَصِيبُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فالله المُسْتَعَانُ) (1).
(1)«مدارج السالكين» ـ ط. دار الصميعي ـ (2/ 991).
وَلِتَرْكِ الرَّدِّ عَلى المُخَالِفِ فِي أُصُوْلِ الدِّيْنِ مَضَارٌّ مُتَعَدِّدَةٌ، مِنْهَا (1):
1.
نزول أهل السنة درجات بتعطيل عنصر مهم من حياتهم الوظيفية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومجاهدة المبطلين.
2.
ارتفاع أهل الأهواء على أهل السُّنَّةِ.
3.
مَدُّ المخالفة، وامتداد رُوَاقها، وانتشارها في الاعتقاد، والأقوال، والأعمال.
4.
فُشُوُّ الشُّبْهَة ومداخلتها للاعتقاد الحق.
5.
وبالتالي تحريك العقيدة الحقَّة عن مكانها بعد ثباتها، فيضعف الاعتقاد السليم، ويضعف سلطانه.
6.
ظهور المبطلين في المجامع وعلى درجات المنابر، واحتباؤهم على أفواه السكك؛ لمشاغبة المصلحين، والتحريش بهم، وتحريض العامة عليهم.
7.
في السكوت والتخذيل إسقاط للعقوبات الشرعية لأهل الأهواء، وأهل الشهوات.
8.
فيهما: إيالة المسلمين إلى أمة مستسلمة منهزمة مخدَّرة يحتضنها
(1)«الرد على المخالف» للشيخ: بكر أبو زيد (ص 79) باختصار وتصرُّف.
أهل الأهواء.
9.
كسر الحاجز النفسي بين السنة والبدعة، والمعروف والمنكر.
10.
في السكوت عن المخالف ومخالفته: تأثيم ذوي القدرة بترك واجب الرد، والتفريط في حراسة الدين.
11.
تحجج العامة بالسكوت على نسبة الأهواء والشهوات إلى الدين.
12.
من أنباء سقوط الدول وحلول القوارع بها: ظهور أهل البدع والفجور.
13.
ترك الرد على المخالف ومخالفته يؤول إلى تبدل الكفر بالإيمان، والبدعة بالسنة، والمعصية بالطاعة، والذل بالعزة.
وَلِلْقِيَامِ بِهِ؛ وِفْقَ شُرُوْطِهِ، وَآدَابِهِ، ثَمَرَاتٌ عَدِيْدَةٌ، مِنْهَا (1):
1.
تحقيق خيرية هذه الأمة المحمدية بالقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2.
نشر السنة وإحياء لما اندثر منها.
3.
إظهار الحق وتقريره، وإيضاحه وتجليته.
4.
هداية المسترشد إن كان طالباً للحق.
5.
محق الباطل وتعريته.
6.
اتقاء المضار الناجمة عن السكوت.
7.
تنقية الساحة من المنكودين بالتعريف عليهم بما خالفوا به أمر الكتاب والسنة، لقطعهم، وكف شرهم عن الناس.
8.
كف لبأس المخالفات المذمومة عن المسلمين.
(1) باختصار وتصرف من كتابَي: «الرد على المخالف» للشيخ: بكر أبو زيد رحمه الله (ص 83)، و «فقه الرد على المخالف» د. خالد السبت (ص 158).
وانظر: «أصول الجدل والمناظرة في الكتاب والسنة» د. حمد العثمان (ص 166 ـ 175)، و «آداب الرد على المخالف ومنهج ابن باز في الرد على المخالف» للشيخ: حمد بن عتيق (معاصر).
9.
دفع الإثم عن المسلمين بالقيام بهذا الفرض الكفائي.
10.
نيل شرف الرتبة بالقيام بهذه الحسبة، للذب عن الشريعة وحملتها.
* * *