المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحياة العلمية في «بريدة» زمن المؤلف - البراهين المعتبرة في هدم قواعد المبتدعة

[عبد العزيز المديهش]

الفصل: ‌الحياة العلمية في «بريدة» زمن المؤلف

‌الحياة العلمية في «بُريدة» زمن المؤلف

(1)، ومنها يُعْلَم سبب تأليف الكتاب:

الحياة العلمية في زمنٍ مَّا، تتبع الحياة السياسية؛ استقراراً واضطراباً،

(1) هناك تميِّزٌ في القصيم في أبواب العلوم والآداب، ناتجٌ من حرصهم على العلم، إضافة إلى تنقلاتهم التجارية في بلدان كثيرة، مما أكسبهم فنون عديدة، ينظر:«الأحوال السياسية في القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية» د. محمد السلمان (ص 376 وما بعدها)، وممن شهد بذلك أيضاً الكاتب: سليمان بن صالح الدّخِيْل [ت 1364 هـ، ترجمته في: «علماء نجد» (2/ 285)، «تسهيل السابلة» (3/ 1821) (3028)، وأفرد القشعمي في ترجمته كتاباً بعنوان «سليمان بن صالح الدخيل ـ صحفياً ومفكراً ومؤرخاً ـ]، صاحب جريدة الرياض، الصادرة من بغداد، انظر:«مسائل من تاريخ الجزيرة العربية» لأبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري (ص 259). فائدة: لمَّا ذكرتُ لمعالي الشيخ: محمد بن ناصر العبودي ـ حفظه الله ـ في (7/ 1433 هـ) وصف الدّخِيل لأهل القصيم، قال: في بعضه مبالغة، مثل قوله عن معرفة أهل بريدة عدداً من اللغات الأجنبية: التركية، الفارسية، الهندية، الإيطالية، الفرنسية، الأردية، التامولية، الانكليزية! ! قال الشيخ:(أنا لا أعرفُ إلا رجلاً واحداً يعرف اللغة الانجليزية). ثم وجدت للشيخ كلاماً في: «معجم أسر بريدة» (6/ 119).

قلتُ: ثم وقفتُ على كلام للشيخ: حمد الجاسر في «مجلة العرب» (1/ 472) يقول عن الدخيل: ( .. وبالإجمال فإن كثيراً من كتاباته ـ على ضآلة نفعها ـ تعوزها الدِّقةُ، وينقص كثيرُ منها تحرِّي الصواب، ولكنه مع ذلك قام بنشاطٍ كَبيرٍ في مجال الصحافة والنشر، ويُعدُّ أوَّل نجديٍّ زاولَ مِهْنَةَ الصحَافة، وأوَّل نجديٍّ اتجه لنشر المخطوطات .. ).

ص: 62

قوّةً وضعفاً؛ لأن السياسة تُرغِّبُ وتُلزِمُ بقوة السلطان ما تراه مناسباً لها؛ باختلاف البواعث، ولكل راية أتباع، ولكل أتباع متحمِّسون، تختلف مراتبهم العلمية، ودرجاتهم العقلية.

وإن بين الرياض والقصيم ارتباطاً وثيقاً جداً؛ فالاضطراب في الرياض عاصمة الدولة السعودية يعكس أثراً على القصيم نقصاً واضطراباً.

وقد سبقت الإشارة في (ص 42) إلى الفتنة بين أبناء الإمام فيصل؛ وما تبع ذلك من استيلاء محمد بن عبدالله بن رشيد على بلدان «نجد» : «الرياض» (من سنة 1309 هـ إلى 1319 هـ) و «القصيم» (من سنة 1308 هـ إلى 1323 هـ).

وبما أن منطقة القصيم منطقة استراتيجية في الجزيرة، خاصةً بين المتنازعين (آل سعود، وآل رشيد)، وهي مليئة بالعلماء الكبار؛ كان فيها اضطرابٌ ونزاعٌ حادَّين يوازي قيمتها وثقلها.

وليس من شرط النزاع العلمي تكافؤ الأدلة والحجج؛ فإن الباطل يرتفع ـ في الظاهر ـ، لينازع الحق؛ بتأييد السلطان، وحمله الناس عليه؛ ترغيباً تارةً، وترهيباً تارات عديدة.

وهذا ما حصل في «بريدة» ؛ فيها أهل السنة والجماعة من علماء آل سليم، ومن انتهج نهجهم، وتلامذتهم؛ وهم الأكثرون، وكانوا على وِفَاقٍ

ص: 63

ووِئَام وصلة مستمرة بآل الشيخ وتلامذتهم في الرياض (1)، وجميعهم من أتباع دعوة الإمام المجدد: محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، ودَعْوَتُهُ: اتِّبَاعُ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِفَهْمِ سَلَفِ الأُمَّةِ.

يَذْكرُ أهلُ العلم: محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ، وإبراهيم بن عبيد، وعبدالله البسام، ومحمد العبودي، ومحمد بن عثمان القاضي، أنَّ أهل العلم في بريدة على قسمين:

1) آل سليم، وأتباعهم، وهم الأكثرون.

2) ابن جاسر، ومن مشاهير أصحابه: عبدالله بن عمرو، وعلي المطلق، وابن صقيه الأعمى، وصالح الدخِيل، وعبدالرحمن الجلاجل، وسابق الفوزان والد فوزان السابق، وإبراهيم بن علي الرشودي، وكَثِيرٌ من أهل عقيل «عقيلات» ، وآل سيف ـ عدا ناصر بن سليمان بن سيف ـ، والتويجري أهل صباخ، والرشود الصالح أهل صباخ (2).

(1) بين علماء آل سليم وآل الشيخ رحمهم الله وِفَاقٌ كَبِيرٌ، ومَحَبَّةٌ عَظِيْمَةٌ، انظر كلام الشيخ عبدالله ابن الشيخ: محمد بن عبدالله بن سليم، في الثناء والتعظيم لعلماء آل الشيخ

«تذكرة ابن عبيد» (1/ 379) و (3/ 286).

(2)

ينظر: «معجم أسر بريدة» (3/ 54 ـ 55، 65).

ص: 64

ويبدو أن هؤلاء العلماء نظروا إلى انقسام الجماعات العِلْمِية، دون النظر إلى مجموعات قليلة شَذَّت بمسائل، ماتت بموتهم، أو أفرادٍ من العوام تناقلوا بفهومهم القاصرة، ولُغَتِهم العَامِّيَّة ما كتبهُ أهلُ الأهواء ممن اتبعوهم، فلم يَعْتَبِرُوا مَنْ هذا شأنُه قِسْماً من أقسام الخلاف العلمي في «بريدة» .

وهناك من المعاصرين من جعلهم ثلاثة أقسام: آل سليم وتلامذتهم، وفَصَلَ الشيخَ: ابنَ جاسرٍ عن تلميذه: ابن عَمْرو.

وجعلَ خلاف ابن جاسر من الخلاف المشروع السائغ الذي يُقبل فيه الاجتهاد.

وجميع مَن سبق ـ عدا العبودي ـ يحصرُ الخلافَ بينهم في مسألة: تكفير دولة الترك، وما ينبني على ذلك من الولاء والبراء، والسفر إلى البلدان الداخلة تحت حكمهم.

والصحيح أنَّ الخلاف ليس محصوراً بذلك ـ كما سيأتي ـ، وهناك مسائلُ عقدية تراجع عنها الشيخ ابن جاسر، وربما بقي من أتباعه من يعتقِدُ صِحَّتَها.

ص: 65

والظاهر ـ والله أعلم ـ أنَّ ابن عَمْرٍو هُوَ الذي فرّق أهل العلم في «بريدة» إلى فريقين، كما قاله الشيخ ابن مانع ـ كما سبق في ترجمته ـ، وقد تبنَّى ابنُ عمرو مسائلَ مخالفة، واحتمى لها، ونافح عنها، وانتهج نهجاً ليس عليه شيخه ابن جاسر، ولابن عمرو أتباع؛ نظراً لبيانه، وسلاطته، وقربه من حكام آل رشيد، وحماسه المنقطع النظير؛ عِداءً لدعوة التوحيد وأهله.

وعند التفصيل يظهر ـ والله أعلم ـ أنهم أربعة أقسام؛ لأن الباطل دوماً يتشعب، ومَن خرج عن جادة الصواب؛ وجد أمامه السبل تتفرق به، وعلى كل سبيل صاحب هوى يحمل الراية، وكل حزب بما لديهم فرحون.

وإن كان بعضهم كثيرٌ عليه أنْ يُجْعَلَ في قسمٍ خاص ـ ولو كان قسماً سيئاً ـ، وليس من تلازم بين المخالفة وأن يُصنَّفَ المخالِفُ في قسم شهير من أقسام المخالفين، والغالب وجود ارتباط وتشابه.

فربما نجد مَنْ انفرد بآراءٍ لايمكن وصفه بأنه من أتباع هؤلاء وهؤلاء، لذلك يهمنا القسمان الشهيران اللذان ذكرهما غالب العلماء، وإن

ص: 66

شئتَ احتراماً للشيخ ابن جاسر رحمه الله، أفردتَ عنه التلميذَ ابن عمرو، المناوئَ لأهل السُّنَّةِ.

فيقال: هناك قسمان اثنان كبيران: آل سليم، وآل جاسر، ثم تفرع عنه ابن عمرو

والبقية لاتكاد تُذْكَرُ، لِزوال خلافهم سريعاً بزوالهم، وإما لأنهم من العوام كالأعراب الإخوان، الذين خلافهم ليس خلافاً علمياً وإن تكلموا بكلام أهل العلم، وتأثروا ببعضهم، فإنما هم نقَلةُ شُبَه ـ دون فهم ـ، وحمَلَةُ أهواء.

ومع ما سبق يقع في نفسي على الأقل تأدباً أن أجعل أهل الحق ـ وهم الأكثرون ـ داخلون في التقسيم، ألا يكونوا هم الأصل، والمفارِق لهم في الهامش؟ !

إنَّ أهل السنة والجماعة في «بريدة» من أتباع علماء الدعوة السلفية المباركة؛ لاقَوا من صنوف الأذى ما لاقوا، تحت ولاية: محمد بن عبدالله ابن رشيد، وابن أخيه بعده: عبدالعزيز بن متعب؛ فقد أُبعدوا عن التدريس، والإمامة، والخطابة، والقضاء، وسُجِنوا، وأُهِينُوا؛ ومع ذلك صبروا، وصابَروا، ورابَطُوا؛ فنصرهم الله عز وجل وأكرمهم بولاية شرعية سُنِّيَّة سَنِيَّةٍ بحُكْمِ الملك عبدالعزيز رحمه الله (سنة 1322 هـ).

ص: 67

وقبل ذلك خالف الجماعةَ:

1.

الشيخ المحدِّث: إبراهيم بن جاسر (1) رحمه الله، فقد خالفهم في

(1) الشيخ المُحدِّث: إبراهيم بن حمد بن عبدالله بن جاسر، ولد في بريدة (1241 هـ)، درس على آل سليم: محمد بن عبدالله، ومحمد بن عمر؛ وأكثر من لازم الشيخ: إبراهيم بن محمد بن عجلان.

وكان جيِّد الفهم، حاد الذكاء والحفظ، سافر إلى العراق والشام، واتصل بعلمائها، وسافر إلى مكة وجالس علماءها؛ وكان بارعاً في عدد من العلوم؛ خصوصاً علم الحديث، ويقال عنه: بأنه كان يحفظ الصحيحين.

ولما عاد حصلت بينه وبين مشايخه آل سليم جفوة، استمرت حتى توفي الشيخين من آل سليم: محمد بن عمر، ومحمد بن عبدالله.

كان صريحاً في أقواله وأفعاله، مشهوراً بالكرم، والعطف على الفقراء.

أفاد ابن بسام: بأنه كان أول الأمر على وفاق مع مشايخه آل سليم، ثم حصلت الخلافات بينهما إلى أن توفي الشيخين.

وكان أهل العلم في بريدة حزبين: حزب مؤيد لآل سليم، وحزب مؤيد لابن جاسر، وليس بينهما مايوجب الخلاف والنزاع والفرقة، ولكنه غلبة الهوى، ووشاية الأعداء، وجهلة أتباع الطرفين

أما مايقوله بعض الجهال والأعداء عن تساهله في توحيد الألوهية، وعدم تحقيقه؛ فهو كذب مفترى. =

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فإن نجداً بعد ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله صارت عقيدة أهلها واحدة في تحقيق التوحيد بأنواعه الثلاثة، وبُعْدِهم عن البدع والخرافات، وإن كان هناك خلافٌ بين هذين الحزبين فهو جسارة حزب في إطلاق الكفر على بعض الطوائف، وتورع الحزب الآخر عن ذلك، وترتب على هذه المسألة: السفر والإقامة في بلد هؤلاء المختلف في تكفيرهم، فمن كفرهم حرَّم السفر والإقامة في بلادهم، ومن سكت عنهم لم يمنع من ذلك، ومع تزايد الخلاف وعدم الحكمة فيه؛ امتدَّ إلى الخلاف على المسائل الفرعية، كصوم يوم الشك في رمضان

ثم ذكر الشيخ دلائل لنفي التهمة الموجَّهة إليه، وثناء العلماء عليه. فلتُراجع.

كذا قال رحمه الله والحق أن بينهما مسائل عقدية كبيرة، ليست من المسائل التي تقبل الخلاف، نتج عنها أذايا ووشاية ابن عمرو وأتباعه لآل رشيد ضد علماء السنة.

وواضح من كلام ابن بسام إنكاره ما نسب إلى ابن جاسر، وتوبته المكتوبة.

وفي بعض الدلائل التي ذكرها الشيخ: عبدالله البسام في ترجمة ابن جاسر، تكلُّفٌ وضعف، وفيما نقله البسام: عدم إنكار ابن جاسر في مكة على من يريد بيع كتاب الفصوص، مع وجود المجادلات بين يديه، قرينة على ما دلت عليه رسالة التوبة، على الأقل في هذه الجزئية، وهي جزئية لا تخفى على من له نظر في العلم، خاصة في القرون المتأخرة بعد تقريرات ابن تيمية وابن القيم - رحمهما الله -

والشيخ: عبدالله البسام رحمه الله تقع له أوهام في أحداث لها صلة ببلده «عنيزة» ، والشيخ: ابن جاسر من مشايخ شيخه العلامة: ابن سعدي ـ رحم الله الجميع ـ. =

ص: 69

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وسبق ـ في ترجمة ابن عمرو ـ ذكر رأي البسام في الخلاف بين ابن عمرو، وآل سليم، وقد حاول الدفاع عنه، وتحويل القضية إلى الخلاف السياسي فحسب!

وهناك تعقبات دقيقة، توجب التوقف فيما أشرتُ إليه.

وللشيخ العبودي ـ حفظه الله ـ في «معجم أسر بريدة» تعقبات في عدد من المواضع على الشيخ: البسام، لو جُمِعت لجاءت سفراً يُصحح بعض المعلومات المهمة؛ وانظر: ما كتبه الباحث: محمد بن صالح بن عبدالعزيز ابن الشيخ: محمد بن عمر بن سليم، في موقع أسرتهم في «الشبكة العالمية» عن الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم.

هذا، وقد تعيَّن الشيخ ابن جاسر في قضاء عنيزة من عام (1318 هـ) إلى عام (1324 هـ) في ولاية: عبدالعزيز بن متعب بن رشيد.

وتعين في قضاء بريدة من عام (1324 هـ ـ 1326 هـ) وقت ولاية الإمام عبدالعزيز ابن سعود ـ كذا قال الشيخ ابن بسام، والشيخ العبودي ـ، وقد أورد العبودي (3/ 65) وثيقة بتاريخ (5/ 1/1327 هـ) فيها مصادقة الملك عبدالعزيز، لحكم ابن جاسر في قضية.

وفي كتاب «علماء آل سليم» : لم يتعيَّن في القضاء زمن آل سعود؛ لميله إلى الأتراك، ومناصرتهم.

من تلاميذه: عبدالله بن أحمد الرواف، وصالح بن ناصر بن سيف، وصالح المرشود، عبالعزيز بن عقيل، وصالح بن عبدالعزيز بن عثيمين، وإبراهيم بن علي الرشودي،

ص: 70

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والشيخ العلَاّمة: عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي، وعبدالله بن عمرو، وعثمان بن صالح القاضي، وناصر بن سليمان بن سيف، وسابق الفوزان، وعبدالرحمن الجلاجل.

وذكر العلامة: محمد بن ناصر العبودي ـ حفظه الله ـ أن المسائل التي خالف فيها ابنُ جاسر العلماءَ سبعُ مسائل.

وقد تراجع رحمه الله عن أربع منها، وهي: عدم تكفير من طلب من الميت مما هُوَ منْ قُدْرَةِ الحيِّ؛ وتجويْزُهُ شَدَّ الرَّحْلِ إلى قَبرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وتجويزُهُ التوسلَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مَوْتِهِ؛ وعدم تكفيره ابن عربي.

وقد كتب رسالة في تراجعه (سنة 1303 هـ)، وهي مخطوطة في مكتبة الحرم، نشرها الشيخ: أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري في «مجلة الدرعية» عدد (2)، والشيخ: سليمان الخراشي في مقال منشور في الشبكة العالمية، والعلامة الشيخ: محمد العبودي أشار إليها في «معجم أسر بريدة» (1/ 360)، و (3/ 56)، وقد سألتُ الشيخ: محمد ابن ناصر العبودي مهاتفة في (16/ 6/1433 هـ) عن صحة نسبتها للشيخ إبراهيم؟ فصحح الشيخ نسبتها، وقال: أنا نسختها بيدي سنة (1364 هـ) من الشيخ: محمد بن صالح بن سليم رحمه الله.

توفي رحمه الله في الكويت سنة (1337 هـ)، وقيل (1338 هـ)، وعمره (97 سنة).

تنظر ترجمته في: [«علماء آل سليم وتلامذتهم» للعُمَري (2/ 203)(7)، «علماء نجد» للبسام (1/ 277)، «روضة الناظرين» للقاضي (1/ 41)، «تسهيل السابلة» (3/ 1767)(2952)، «مشاهير علماء نجد» (ص 181)، «تذكرة أولي النهى =

ص: 71

مسألة الأتراك، وتبعاتها، وفي مسائل عقدية ـ كما في ترجمته ـ وذكر العبودي أنها سبع مسائل، وسبق في ترجمته أنه تراجع عن أربع منها، ولا يظهر أن الشيخ رحمه الله صاحب هوى، بل مجتهدٌ له أجرُ الاجتهاد، وما أمر الإدراك المبين بلازم لسعة الحفظ، وكثرة العلم؛ والهداية في المسائل العقدية والفرعية توفيق من الله تعالى.

وعند التَأمُّلِ في ترجمته رحمه الله يظهر أنه على علم بالحديث وتميز فيه، مع عدد من الفنون؛ إلا أنه ربما لم يتسع في دراسة كتب الاعتقاد؛ فأثَّر هذا الإقلال عليه في بعض المسائل؛ مع اتصافه بصفة التردد، وسرعة التأثر، بمن أعطاه الله الولاية: ابن رشيد، أو اللسانة والصلافة كتلميذه: عبدالله بن عمرو بن رشيد؛ أو غيره من الناس (1) فأدَّى به ذلك إلى الاضطراب في مسائل عقدية كبيرة، كالمسائل التي تراجع عنها وتاب.

= والعرفان» لابن عبيد ـ ط. الرشد ـ (2/ 133)، «المبتدأ والخبر» لابن سيف (1/ 31)، «معجم أسر بريدة» للعبودي (3/ 54)، «علماء الحنابلة» لبكر أبو زيد (ص 452)(3793)، «تاريخ مساجد بريدة» للرميان (ص 86)، «الحنابلة خلال ثلاثة عشر قرناً» د. الطريقي (10/ 80)(4905)، «الدعوة الوهابية» ديفيد كمنز (ص 122)].

(1)

ينظر: «معجم أسر بريدة» للعبودي (3/ 56 ـ 57).

ص: 72

ففي أوان طلبه تردد في عقيدة شيخه الكبيرقاضي بريدة: سليمان بن علي بن مقبل، ثم تبيَّنَ له صلاحه، فلزمه، وندم على ما فرَّط.

المسائل التي تراجع عنها كانت مبثوثة مبسوطة في مؤلفات أهل السنة: كابن تيمية، وابن القيم، وأئمة الدعوة، وفي دروس مشايخه: آل سليم، فتأثُّرُه، ثم اعتقاده ـ أول الأمر قبل توبته ـ دليل على وجود الاضطراب الناشئ عن هشاشة الموقف العقدي، والنفسي.

وللشيخ رحمه الله طلاب في بريدة يزدادون عصبية وبغضاً للمشايخ: آل سليم، وآل الشيخ، وتلامذتهم، يؤزهم كبيرُهم: عبدالله بن علي بن عمرو، مع ما عُرِف عن ابن عمرو من الوشاية بهم؛ يكفيك شيوع نبزهم أهلَ السنة والجماعة من آل سليم وتلامذتهم ب (المغاليث)، وغير ذلك من الأذايا المتعددة، ومع ذلك لم تَذكُر الرواة، وكتبُ التاريخ، والتراجم، موقفاً رشيداً قوياً من الشيخ ابن جاسر ضد هذا البغي والعدوان، وأعظم العدوان وشايات ابن عمرو وكذبه ضد علماء آل الشيخ وآل سليم وأتباعهم.

وقد قيل بأن الشيخ ابن جاسر كان ممن يراسل ابن رشيد. (1)

ص: 73

لكن لم تكن رسائله كرسائل ابن عمرو، ولما ذكر الشيخ العبودي ـ حفظه الله ـ رسالة عبدالله بن عمرو لآل رشيد، المليئة بالوشاية والكذب، والعداء لعلماء الدعوة، ذكر أنَّ أُسلوبَها أسلوب جماعة ابن جاسر، وقال:(حتى الشيخ إبراهيم بن جاسر الذي هو زعيم تلك الجماعة، لانعرف له رسائل من هذا النوع).

وورد أنه أنكر على الملك عبدالعزيز رحمه الله قتلَهُ لابن عمرو! (1)

على كُلٍّ، انفردَ تلميذُه:

2.

عبدالله بن علي بن عمرو، بمنهج واضح، وعداء سافر، للدعوة السلفية، وأتباعها، ودعاتها. وكان هو ومؤيدوه، ولاؤهم التام لآل رشيد حكام حائل (2). وقد ردَّ عليه الشيخ ابن سحمان، وغيرُه في عدد من الرسائل ـ وسبق ذكر ذلك في ترجمته (ص 54) ـ.

(1) كما في «معجم أسر بريدة» للعبودي (3/ 65)، وفيه كلمة حسنة للملك عبدالعزيز، تبيِّن أن الشيخ ابنَ جاسر وأتباعَه يَنقُضون ما يَبنِيهِ الملكُ عبدالعزيز، لأنهم يميلون مع ابن رشيد.

(2)

وآل رشيد من (سنة 1289 هـ)، وولاؤهم للدولة التركية، وهم يستنجدون بها ضد آل سعود، انظر:«تذكرة أولي النهى» (2/ 14)، «إمارة آل رشيد في حائل» لمحمد بن عبدالله الزعارير (ص 153)، «التاريخ السياسي لإمارة حائل» د. جبار يحيى عبيد، تقديم ومراجعة: عبدالله بن محمد المنيف، و «نشأة إمارة آل رشيد» د. عبدالله بن صالح العثيمين، و «مسائل من تاريخ الجزيرة العربية» لأبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري (ص 258) نقلاً عن سليمان الدّخِيْل (ت 1364 هـ) صاحب جريدة الرياض من بغداد، «منبع الكرم والشمائل» للرديعان (ص 58)، «الدعوة الوهابية» ديفيد (ص 120).

وانظر علاقة آل رشيد بالقصيم في كتاب «إمارة آل رشيد في حائل» لمحمد بن عبدالله الزعارير (ص 121)، و «الأحوال السياسية في القصيم .. » د. السلمان (ص 240).

وانظركلام أئمة الدعوة في الدولة العثمانية آنذاك: «الجيوش الربانية» لابن سحمان (ص 107)، و «الدرر السنية» (10/ 429)، (8/ 391)، (14/ 185).

ص: 74

وربما يدخل في هذا القسم: علي بن عبدالرحمن بن حمد بن عرفج من خبوب بريدة، وقد ردَّ عليه الشيخ: فهد بن سلطان، وأرسل رده إلى المشايخ: محمد بن عمر بن سليم، ومحمد بن عبدالله بن سليم، وإبراهيم بن عجلان رحمهم الله، وذلك سنة (1307 هـ)، وهي موجودة بخط الشيخ: محمد بن ناصر العبودي سنة (1365 هـ)(1).

ويبدو أن من جماعة ابن عمرو، ومؤيديه:

مَنْ غَلَب عليه الجهلُ، واتَّصَلَ بمُبْتَدِعَةِ التُّركِ، والشَّامِ، فظهر منه أقاويل غريبة في الاعتقاد.

(1) ينظر: «معجم أسر بريدة» (15/ 192).

ص: 75

ومنهم: المردود عليه في هذا الكتاب «البراهين المعتبرة» .

3.

وهناك قسم بعيد عن هؤلاء، لكنه اتَّخذ مسلكاً خالف فيه الجماعة، وهم قومٌ ينسبون علماء آل الشيخ، وآل سليم، ومن اتبعهم، إلى التساهل، وهولاء هم: عيسى الملاحي (ت 1353 هـ)(1)، وعبدالله بن حماد الرسي (2)، وابن عقلا في الهلالية، وابن فريح في البكيرية، وهؤلاء لم يستمروا طويلاً، وقد انقطع أتباعهم (3).

وكأنَّ الشِّدَّة والتراخي مردُّها إلى عقول البشر وأهوائهم، أو إلى العلم بدليله، وأئمة الدعوة يجهلون ذلك! !

4.

وتفرع من القسم السابق: عبدالرحمن بن سليمان بن بطي، ومن اتبعهم من الأعراب الجهال، المعروفين ب «الإخوان» (4)، وتأثر بهم بعض الحاضرة، فحصل منهم التنطع بما لامزيد عليه، حتى حرَّموا لبس العقال،

(1) تنظر ترجمته في: «منبع الكرم والشمائل» (ص 289)(33).

(2)

تنظر ترجمته في: «تذكرة أولي النهى» (6/ 36)، «معجم أسر بريدة» (7/ 280).

(3)

«معجم أسر بريدة» (3/ 92)، وانظر:«منبع الكرم والشمائل» (ص 73 وما بعدها).

(4)

ينظر: «مسائل من تاريخ الجزيرة العربية» لأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري (ص 52 وما بعدها). وسيأتي الحديث عن الأعراب «الإخوان» (ص 86).

ص: 76

وهجروا لابسه، وأوجبوا العمامة، والهجرة من البادية إلى القرى، وأحلوا دماء وأموال ونساء مَنْ لم يُهاجِر، وكذا كفروا من سافر إلى بلاد تخالف ما هم عليه، وأباحوا دماءهم، وعمَّت بهم البلوى، واستكبروا على نصائح ومراسلات الأئمة، فقيض الله عليهم الملك عبدالعزيز رحمه الله وانتهى آخرهم بوقعة «السبلة» (سنة 1347 هـ) ـ والحمد لله رب العالمين ـ.

وهكذا البدع تتوالد، ويكثر رؤوسها، ويبقى الحق، وينتصر أهله، وليعتبر المعتبرُ بالنزاعات العقدية في كل زمن: الإمام أحمد، ابن تيمية، محمد بن عبدالوهاب، وغيرهم رحمهم الله

أين مخالفوهم، وذِكرهم وعلمهم في الآخرين؟ !

إنَّ في ذلك لَعِبْرَةً!

هذا، والمشهور في الخلاف ـ كما سبق ـ إنما هو بين جماعتين: آل سليم وأتباعهم؛ وابن جاسر ومَن اتَّبَعه.

وكان أهل العلم يُسمُّون أتباع ابن جاسر، وابن عمرو، بـ

(الضِّدِّ)؛ لأنهم ضد علماء آل سليم، والجماعة.

وهؤلاء يُسمُّونَ علماء آل سليم، وتلامذتهم ب (المغاليث)، جمع مغلوث، وهو الكَلْبُ المُصَاب بِدَاءِ الكَلَبِ، يريدون بذلك أنهم يهاجمون الناس، ولايتركون أحداً منهم.

ص: 77

وقد أرسل الملك عبدالعزيز رحمه الله في (8/جمادى/1335 هـ) رسالة إلى أهل القصيم؛ ورسالة أخرى (سنة 1337 هـ) في إزالة هذا الاختلاف، وبيان أن منهج البلاد منهج أئمة الدعوة السلفية، والرجوع إلى علمائها، واحترامهم. (1)

ولعلي أتمم الفائدة، وأربط ما قيل بمن عاصر الأحداث وشاهد، وهو: الشيخ المؤرِّخ المعمر: إبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن رحمه الله (1334 ـ 1425 هـ) في كتابه «تذكرة أولي النهى والعرفان» (2).

ذكر الشيخ من الاضطرابات أول القرن الماضي ما حصل في سنة

(1) يُنظر في موضوع الخلاف في «بُريدة» ، ورسالة الملك عبدالعزيز:«معجم أسر بريدة» للعبودي (3/ 60، 94)، و (15/ 613، 624)، وبحث للأستاذ: أحمد بن عبدالعزيز البسام، نشر في مجلة جامعة الإمام (عدد (6) /محرم 1429 هـ)، ورسالة تقريظ الشيخ: محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ للشيخ ابن سحمان، تنظر في «مسائل من تاريخ الجزيرة العربية» لأبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري (ص 60)، وانظر:«الأحوال السياسية في القصيم في عهد الدولة السعودية الثانية» د. محمد السلمان

(ص 374 ـ 376)، «الدعوة الوهابية» ديفيد كمنز (ص 120، 123).

وقريبٌ من هذا النزاع والانقسام ـ بل له صِلَةٌ به ـ ما وقع في «حائل» ، انظر:«منبع الكرم والشمائل» للرديعان (ص 58 وما بعدها).

(2)

ويحسن الرجوع إلى «معجم أسر بريدة» للعبودي، لمن أراد الاستزادة.

ص: 78

(1300 هـ) من منافرة بين أمير بريدة: حسن بن مهنا، والشيخ القاضي: محمد بن عبدالله بن سليم، فعزم الشيخ على السفر إلى عنيزة

ثم استعطفه الأمير، فرجع (1).

وقال في حوادث (سنة 1306 هـ): [وفي هذه الفترة لاتزال المشاغبات والنزاع مستمراً نتيجة الخلاف الذي جرى في المسائل الدينية بين: الشيخ: محمد بن عبدالله بن سليم، وبين بعض المنتسبين إلى العلم؛ وحاصل هذا النزاع: أن المخالفين للشيخ يقولون بجواز التوسل إلى الله بذوات العلماء والصلحاء، وجواز السفر إلى بلدان المشركين والإقامة بها، ويقولون: إن الهجرة منقطعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لاهجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية).

ولا ريب أن هذه الأقوال مطروحةٌ، وهذا الحديث يفيد أنه لايهاجر من مكة بعدما فتحت وكانت بلاداً إسلامية.

وقد نتج عن هذا الخلاف افتراق؛ وتَحَزَّبَ لذلك أحزاب، وتوترت العلاقات بين القائلين بالجواز والمانعين له، حتى كان لكل طائفةٌ ردود ومؤلفات وانتصارات، وامتدَّت هذه المحنة قريباً من ربع قرنٍ ـ فإنا لله

(1)«تذكرة أولي النهى والعرفان» لابن عبيد ـ ط. الأولى ـ (1/ 254) ـ ط. الرشد ـ (1/ 278).

ص: 79

وإنا إليه راجعون ـ، والمسألة يطول شرحها وتفاصيلها، وتحتاج إلى بسط لايتسع له هذا الموضع.

ولا ريب أن الحقَّ الذي لامرية فيه، هو ماكان عليه الشيخ: محمد ابن عبدالله بن سليم، واتباعه ـ رفع الله قدرَه، وأشاد في العالمين ذِكْرَهُ ـ، وما كان مع المخالفين ما يُستَنَد عليه، وندين الله بقول الشيخ: محمد بن عبدالله بن سليم، ونعتقده، ونسأل الله تعالى الثبات عليه إلى أن نلقاه، إنه جواد كريم]. انتهى (1).

وقال عن الحياة العلمية (سنة 1311 هـ): [كان هناك في نجد الشيخ العالم القدوة الذي أصبح كالشجى في حلوق أعداء الشريعة: عبدالله بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ، لايزال ينشر أعلام التوحيد، ولاتأخذه في الله لومة لائم، مقيماً في الرياض مدرساً ومعلماً.

كما أن الشيخ: سليمان بن سحمان قد جدَّ في نصرة الحق، ولا تزال إذْ ذاك أقلامُه تصنّف وتبوب، وينظم الشعر، ويردي بحجته ولسانه بنيان أهل البدع؛ فلا يدع جافياً ولا غالياً إلا ألقاه في قعر الحضيض، فجزاه الله

(1)«تذكرة أولي النهى والعرفان» ـ ط. الأولى ـ (1/ 279)، ـ ط. الرشد ـ (1/ 306).

ص: 80

عن الإسلام خيراً.

وكان في القصيم أعني: «بريدة» رجالُ دينٍ يُشار إليهم بالأصابع، ويدفع الله بهم عن المسلمين، فمن بينهم: شيخ الطريقة (1): محمد بن عبدالله بن سليم، قد جدَّ واجتهد في البيان والتعليم، وكان له مقامات قامها لله، وفي ابتغاء مرضاته، أضف إلى ذلك شجاعةً وقوَّةً في إظهار الدين والحق، وكان له أتباع في هذه الطريقة تمسَّكوا بالدين، وبسنة سيد المرسلين، ولم يستكينوا ولم يهنوا:

فمن بينهم فضيلة العارف القدوة الزاهد: عبدالله بن محمد بن فدَّا، ويكفيك به شرفاً وديناً وعقلاً ثباته على الشريعة، وتمسُّكه بها، على كثرة من المعاند والمشاقق، وانتشار كل خب ووغدٍ من كل مارقٍ ومنافقٍ.

ومنهم الألمعيٌّ المشهور بالعلم والدين: علي بن مقبل، وصاحب الجود والسخاء: حمد بن مبارك، وأخوه إبراهيم بن مبارك، وساكن الشماسية: فوزان بن عبدالعزيز، وأخوه: سعود بن عبدالعزيز، وزعيم بريدة إذْ ذاك: عبدالكريم بن ناصر بن جربوع، ومنهم الشيخ: عبدالله بن

(1) هذه العبارة من الألقاب الدارجة في كتب الصوفية.

ص: 81

محمد بن سليم، القاضي بعد أبيه.

ومنهم الشيخ: عبدالله بن سليمان بن بليهد، وعثمان بن حمد بن مضيان، وحسين بن عبدالعزيز بن عرفج، ومحمد بن حمد بن مضيان، وسليمان بن عبدالله بن حميد، وعبدالرحمن بن غيث، وعبدالرحمن بن عبدالعزيز بن عويِّد، وعبدالعزيز بن عبدالله بن فدا، وصالح بن إبراهيم ابن فوزان الملقَّب «العويدة» ، وصالح بن كريديس، وابن قوبع.

وجرى إذْ ذاك في تلك السنة محاورات في المسائل الدينية، ومن بين أولئك الرجال، فضيلة الشيخ: عبدالله بن محمد بن دخيِّل، قاضي المذنب، وقد وشى به أعداؤه نحو الأمير ابن رشيد؛ يريدون عزله، فما نالوا إلَاّ الخزيَ والعار، وردَّ عليهم الأمير بقوله: إن بلدكم يسمَّى الذنب، فببركة هذا الشيخ سُمِّي المذنب.

ومن الرجال أيضاً: سالم بن حجي، فيا سبحان الله إنَّ الزمان بمثلهم لبخيلُ]. انتهى (1).

(1)«تذكرة أولي النهى والعرفان» ـ ط. الأولى ـ (1/ 300)، ـ ط. الرشد ـ (1/ 331 ـ 332).

ص: 82

قلتُ: وصف الزمان بالبخل من باب التجوز في العبارة، ومراد الشيخ معروف، ولم يكن ظنه صحيحاً!

فقد جاء بعدهم مفخرة القرون المتأخرة: محمد بن إبراهيم، وعبدالرحمن بن سعدي، ومحمد الأمين الشنقيطي، وعبدالعزيز بن باز، ومحمد بن صالح بن عثيمين، ناصر الدين الألباني، وبكر أبو زيد، وعبدالله بن جبرين، وأحمد شاكر، ومحمد الخضر حسين، وغيرهم كثير، وأحسبُ أن لهم من الأثر في الأمة أعظم بكثير، وفي كلٍّ خير، ولكل زمن رجاله، والخير باقٍ في الأمة ـ والحمد لله ـ.

ثم ذكر الشيخ: ابن عبيد في حوادث (سنة 1313 هـ): وفيها كثرت الشكايات على ابن رشيد ضد الشيخين: عبدالله بن عبداللطيف، ومحمد بن عبدالله بن سليم، وأتباعهما

(1)

وقال ضمن حوادث (سنة 1314 هـ): لاتزال الحركة الدينية في القصيم في غاية النشاط والتقدم، وكان لدى أهل الدين في ذلك الوقت قوة عزيمة وصدق، مع قلة المساعد، وضعف المعاضد، ولكنه كما قيل: من كان مع الله؛ كان الله معه، ومن عامل الله؛ فما فقد شيئاً

(2)

ص: 83

ثم ذكر ابن عبيد من حوادث (سنة 1319 هـ): لازال ابن سليم في منفاه في النبهانية، وممنوع من التدريس بسبب وشاية إلى ابن رشيد أنه يمالئ عليهم! (1)

نفاه ابن رشيد؛ لأن الشيخ أكرم الإمام عبدالرحمن آل سعود، وآل صباح، ومن معهم، فأقام لهم وليمة لما دخلوا بريدة سنة (1318 هـ)، فغضب ابن رشيد، ونفاه إلى «النبهانية» ، وبقي فيها إلى أن دخل الملك عبدالعزيز «بريدة» سنة (1322 هـ)(2).

(1)«تذكرة أولي النهى والعرفان» (1/ 356).

(2)

ينظر ماكتبه: محمد بن صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن عمر بن سليم في موقع أسرتهم في «الشبكة العالمية» .

ص: 84