الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِمْ، كَمَا أَخْرَجَ أَبُوْ عُبَيْدِ فِيْ كِتَابِ «الأَمْوَالِ» (1) عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ
أَوَّلَ مَنْ أَعْطَى الجِزْيَةَ
، أَهْلُ نَجْرَانَ، وَكَانُوْا نَصَارَى (2).
قُلْتُ: وَمَشْرُوْعِيَّةُ الجِزْيَةِ سَنَةَ تِسْعٍ عَلَى الأَظْهَرِ، وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ (3).
وَقَدْ «جَعَلَ الْنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى كُلِّ حَالِمٍ دِيْنَارَاً، وَقِيْمَتُهُ مِنَ المَعَافِرِ (4)، يَعْنِيْ أَهْلَ الْذِّمَّةِ مِنْهُمْ» . رَوَاهُ الْشَّافِعِيُّ فِيْ «مُسْنَدِهِ» عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيْزِ (5).
(1)«الأموال» (1/ 72)(69) وقال في آخره: وكانوا نصارى، وأخرجه البلاذري في «فتوح البلدان» (ص 92).
(2)
في المخطوطة لفظة: «وكانوا نصارى» ، جاءت بعد السطر التالي، بعد (سنة ثمان)؛ ولعل وهم من الناسخ؛ لأن جملة «وكانوا نصارى» ضمن قول الزهري، كما في «الأموال» لأبي عبيد.
(3)
ينظر: «أحكام أهل الذمة» (1/ 90)، «سبل السلام» (7/ 257)، «تفسير ابن كثير» (2/ 56).
(4)
المعافر: برود منسوبة إلى معافر وهي قبيلة في اليمن. انظر «النهاية» لابن الأثير (3/ 262).
(5)
أخرجه: الشافعي في «مسنده» ـ ط. غراس ـ (4/ 48)(1769)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 193)] عن عمر بن عبدالعزيز أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن
…
، وهو مرسل
وَهُوَ ثَابِتٌ فِيْ حَدِيْثِ مُعَاذَ المَشْهُوْرِ عِنْدَ «أَبِيْ دَاوُدَ» (1).
(1) الحديث صحيح.
فيه اختلافٌ كثير، قد خرَّجته في رسالتي الماجستير، ومن التخريج:
قال الإمام الترمذي في «جامعه» (623): حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا عبدالرزاق، قال: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال:«بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرةً تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مُسِنَّةً، ومن كل حالم ديناراً أو عِدْله معافرٌ» .
قال أبو عيسى الترمذي: «هذا حديث حسن، ورَوى بعضهم هذا الحديث عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن، فأمره أن يأخذ، وهذا أصح» .انتهى.
إسناده صحيح، وقد اختُلِف في وصله وإرساله، وفي سماع مسروق من معاذ.
هذا الحديث مداره على: أبي وائل شقيق بن عبدالله، وإبراهيم النخعي.
* أولاً: حديث أبي وائل:
رواه عنه: الأعمش، وعاصم بن أبي النجود.
أـ حديث الأعمش: قد اختُلِف عليه من أربعة أوجه:
الوجه الأول: (الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ)
رواه عن الأعمش كلٌّ مِن:
1)
…
سفيان الثوري. أخرجه: عبدالرزاق في «المصنف» (4/ 21)، ومن طريقه: [الترمذي في «جامعه» (623)، ومن طريقه: [البغوي في «شرح السُّنة» (6/ 19)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (11/ 172)]، وأحمد (36/ 338) (22013) ومن طريقه:[ابن الجوزي في «التحقيق» (2/ 33)]، وابن الجارود في «المنتقى» (2/ 12)، والطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 128)، والدارقطني في «سننه» (2/ 102)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 98)] وأبو داود في «سننه» (صـ 187)(1578)، والبزار في «مسنده» (7/ 96)، وابن خزيمة في «صحيحه» (4/ 19)(2268)، وأبو بكر الشافعي في «الغيلانيات» رقم (885) كلهم من طريق سفيان به، بلفظه.
وليس عند «أبي داود» و «ابن الجارود» الجملة الأخيرة في ذكر الجزية «ومن كل حالم
…
».
وعند «عبدالرزاق» و «الطبراني» و «الدارقطني» و «البيهقي» قُرن سفيان بمعمر.
2)
…
أبو معاوية الضرير. أخرجه: الحاكم في «المستدرك» (1/ 398) وقال: (صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) وسكت عنه الذهبي.
ومن طريقه: [البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 193) في كتاب الجزية، باب كم الجزية؟ وفي «معرفة السنن والآثار» (2/ 232)، والحازمي في «الاعتبار» (1/ 487)] من طريق أبي معاوية به، بلفظه.
3)
…
معمر بن راشد. أخرجه: عبدالرزاق في «مصنفه» (4/ 21 ـ 22)، ومن طريقه:[الطبراني في «الكبير» (20/ 128 ـ 129)، والدارقطني في «سننه» (2/ 102)] بلفظه، وقد قُرن فيه معمر بالثوري.
4)
…
يعلى بن عُبيد. أخرجه: النسائي في «المجتبى» (صـ 265)(2451)، والدارمي في «سننه» (1/ 320)(1630)، وابن زنجويه في «الأموال» (صـ 46)(96)(صـ 386)(1140)، والهيثم من كليب الشاشي في «مسنده» (3/ 249 ـ 250)(1347)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 98) بلفظه.
عند ابن زنجويه: «ثنية بدل مسنة» .
5)
…
يحيى بن عيسى الرملي. أخرجه: ابن ماجه في «سننه» (صـ 196)(1803)، وابن حبان في «صحيحه» (11/ 244)، والطبراني في «الكبير» (20/ 129)، بلفظه.
وليس عند ابن ماجه ذكر الجزية.
6)
…
مُفَضَّل بن مُهَلهل. أخرجه: النسائي في «المجتبى» (صـ 265)(2450) بنحوه.
7)
…
عبدالرحمن بن مغراء. أخرجه: ابن خزيمة في «صحيحه» (4/ 19)، والطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 129 ـ 130)، بلفظه. وقد قُرن فيهما أبو وائل بإبراهيم النخعي. [تصحف في مطبوعة الطبراني «شقيق» إلى «سفيان»].
8 ـ 9 ـ 10) شريك، وعيسى بن يونس، وزفر بن هذيل. ذكرهم الدارقطني في «العلل» (6/ 67).
الوجه الثاني: (الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق) مرسلاً:
رواه عن الأعمش كلٌّ من:
1)
…
شعبة بن الحجاج. أخرجه: أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1/ 461)(568)، والهيثم بن كليب في «مسنده» (3/ 250). وفي رواية الطيالسي الاقتصار على ذكر الجزية.
2)
…
معمر بن راشد. أخرجه: عبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 89)، (10/ 330)، ومن طريقه:[ابن حزم في «المحلى» (6/ 11)]. وفيهما الاقتصار على ذكر الجزية.
3)
…
جرير بن عبدالحميد. أخرجه: الهيثم بن كليب الشاشي في «مسنده» (3/ 253)(1353)، بنحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 4)
…
أبو عوانة الوضَّاح اليشكري. أخرجه: الهيثم بن كليب في «مسنده» (3/ 253)(1352)، بلفظه.
5)
…
مروان بن معاوية الفزاري. أخرجه: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 69)(65)، بلفظه. والهيثم بن كليب في «مسنده» (3/ 252) دون ذكر الجزية.
6)
…
سفيان الثوري. ذكره الترمذي مُعَلَّقاً عقب إخراجه للحديث. ولم أجده مسنداً بعد البحث.
7)
…
يحيى بن سعيد. ذكره مُعَلَّقاً أبو داود في «سننه» (صـ 187) بعد الحديث رقم (1578).
8)
…
القاسم بن معن. ذكر الدارقطني في «العلل» (6/ 69).
الوجه الثالث: (الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ):
رواه عن الأعمش كل من:
1)
…
أبو معاوية الضرير. أخرجه: أبو داود في «سننه» (صـ 187)(1576)، بلفظه.
وأخرجه أيضاً (صـ 344)(3038) وفيه الاقتصار عن ذكر الجزية.
2)
…
محمد بن إسحاق بن يسار. أخرجه النسائي في «المجتبى» (صـ 265)(2453).
الوجه الرابع: (الأعمش، عن أبي وائل) لم يذكر مسروقاً ولا معاذاً:
رواه عن الأعمش: وكيع، أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (6/ 412).
ب ـ حديث عاصم أبي النجود:
يرويه عنه: أبو بكر بن أبي عياش، وشريك.
1 ـ حديث أبي بكر بن عياش: قد اختُلِفَ عليه من وجهين: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الوجه الأول: (أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ):
رواه عن أبي بكر بن عياش كلٌّ من:
1)
…
يحيى بن آدم. أخرجه: يحيى بن آدم في «الخراج» (228) و (364)، وابن ماجه في «سننه» (ص 197)(1818)، والبزار في «مسنده» (7/ 91)، وقال:«لا نعلم أحداً يرويه عن معاذ بإسناد إلا بهذا الإسناد» . وأخرجه أيضاً البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 187)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (9/ 527).
في الموضع الأول عند يحيى بن آدم، والبيهقي، الاقتصار على ذكر الجزية.
وفي الموضع الثاني عند يحيى، وابن ماجه، والبزار، الاقتصار على ذكر زكاة الزرع «فيما سقت السماء
…
» ولم يُذكر الشاهد.
2)
…
المعلى بن منصور. أخرجه: البزار في «مسنده» (7/ 90)، وفيه الاقتصار على زكاة الزرع.
3)
…
محمد بن سعيد بن الأصبهاني. أخرجه: ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (3/ 118)(4068) مقتصراً على ذكر زكاة الزرع، ومن طريقه:[ابن عبدالبر في «التمهيد» (7/ 71)] وأخرجه الهيثم بن كليب في «مسنده» (3/ 252)(1349) وفيه الاقتصار على ذكر زكاة الزرع.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 129)(262) بنحوه.
4)
…
عاصم بن يوسف. أخرجه: الدارمي في «سننه» (1/ 321)(1631) دون ذكر الجزية.
وأخرجه أيضاً (1/ 231)(1674) وفيه الاقتصار على ذكر زكاة الزرع.
5) أحمد بن يونس. أخرجه: الدارمي في «سننه» (1/ 321)(1632) وقال: بنحوه. أي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بنحو حديث عاصم بن يوسف السابق ذكره.
الوجه الثاني: (أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن معاذ):
رواه عن أبي بكر بن عياش كلٌّ من:
1)
…
سليمان بن داود الهاشمي. أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (36/ 365)(22037) وفيه زيادة زكاة الزرع.
2)
…
هناد بن السري. أخرجه: النسائي في «المجتبى» (صـ 269)(2490) وفيه الاقتصار على زكاة الزرع. ومن طريقه: [ابن عبدالبر في «التمهيد» ـ ط. المغربية ـ (24/ 163)].
3)
…
أسد بن عمرو بن عامر، أبو المنذر البجلي. أخرجه: الطحاوي في «شرح المعاني» (2/ 36) بلفظه.
4 ـ 5) منصور بن أبي مزاحم، وعبدالرحمن بن صالح. ذكرهما الداقطني في «العلل» (6/ 67).
2 ـ حديث شريك بن عبدالله القاضي:
أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (36/ 444)(22129) من طريق شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ رضي الله عنه، بلفظه. ولم يذكر مسروقاً. [ذكر الدارقطني في «العلل» (6/ 66): أن شريكاً رواه عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ رضي الله عنه].
* ثانياً: حديث إبراهيم النخعي:
رواه عنه: الأعمش، واختلف عن الأعمش من أربعة أوجه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الوجه الأول: (الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن معاذ):
رواه عن الأعمش: يعلى بن عبيد.
أخرجه: الدارمي في «سننه» (1/ 320)(1630) والنسائي في «المجتبى» (صـ 265)(2451)، وابن زنجويه في «الأموال» (صـ 46)(96)، والهيثم بن كليب في «مسنده» (3/ 249)(1347) بلفظه، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 98)، (9/ 193) بمثله.
لم يذكر الدارمي، والنسائي، الجملة الأخيرة في الحديث «الجزية» ، وعند ابن زنجويه «ثنيه» بدل «مسنة» .
الوجه الثاني: (الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق، عن معاذ):
رواه عن الأعمش كلٌّ من:
1)
…
أبو معاوية الضرير. أخرجه: أبو داود في «سننه» (صـ 187)(1577)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 193)] بمثله.
وأخرجه أبو داود أيضاً (صـ 344)(3039)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 98)] بنحوه.
وأخرجه النسائي في «المجتبى» (صـ 265)(2452). وابن خزيمة في «صحيحه» (4/ 19)(2268). والطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 129)(263). والدارقطني في «سننه» (2/ 102).
عند النسائي والدارقطني: بلفظه. وابن خزيمة والطبراني: بمثله.
وعند أبي داود في الموضع الثاني الاقتصار على ذكر الجزية. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2)
…
عبدالرحمن بن مغراء. أخرجه: ابن خزيمة في «صحيحه» (4/ 19)(2268) بمثله، وقد قُرن شقيق بإبراهيم، وفي «إتحاف المهرة» لابن حجر (13/ 287) خرجه من ابن خزيمة وقال: قال ابن مغراء: إبراهيم ليس في سماعنا.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 129)(264) بنحوه، وقد قرن فيه شقيق بإبراهيم. [تصحف في مطبوعة الطبراني شقيق إلى سفيان].
الوجه الثالث: (الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق) لم يذكر معاذاً:
رواه عن الأعمش كلٌّ من:
1)
…
أبو معاوية الضرير. أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» (6/ 408) عنه به، بلفظه، وأعاده في (17/ 404)(33306) مقتصراً على ذكر الجزية.
2)
…
جرير. أخرجه: الهيثم بن كليب في «مسنده» (3/ 253)(1353) عطفاً على رواية الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق مرسلاً، وذكرالحديث بنحوه.
3)
…
أبو يوسف القاضي. أخرجه في كتابه «الخراج» (صـ 77) عن الأعمش، به. دون ذكر «الجزية» .
الوجه الرابع: (الأعمش، عن إبراهيم) مرسلاً:
رواه عن الأعمش:
وكيعٌ، أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» (6/ 412)(10016) عنه، به. بلفظه. وقد قرن إبراهيم بأبي وائل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التعريف برواة أوجه الاختلاف باختصار:
ـ
…
محمد بن خازم التميمي السَّعدي مولاهم، أبو معاوية الضرير الكوفي.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 840): ثقةٌ، أحفظ الناس في حديث الأعمش، وقد يهم في حديث غيره، وقد رمي بالإرجاء. ت 193 هـ وقيل: 194 هـ، وقيل: 195 هـ.
ـ
…
معمر بن راشد الأزدي مولاهم، أبو عروة البصري ثم اليماني.
قال في «التقريب» (صـ 961): ثقة، ثبت، فاضل، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وعاصم بن أبي النجود وهشام بن عروة شيئاً، وكذا فيما حدث به بالبصرة ت 154 هـ.
ـ
…
يعلى بن عُبيد بن أبي أمية الإيادي، ويقال: الحنفي، مولاهم، أبو يوسف الطنافسي الكوفي.
قال في «التقريب» (صـ 1091): ثقة، إلا في حديثه عن الثوري، ففيه لين. ت: 209 هـ.
ـ
…
يحيى بن عيسى بن عبدالرحمن، ويقال: ابن محمد، التميمي النَّهْشَلي، أبو زكريا الكوفي الجرار الفاخوري، سكن الرملة، فنُسب إليها.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 1063): صدوق يخطئ، ورمي بالتشيع ت: 201 هـ.
ـ
…
مُفَضَّل بن مهلهل السَّعَدي، أبو عبدالرحمن الكوفي.
قال في «التقريب» (صـ 967): ثقة، ثبت، نيل، عابد ت 167 هـ.
ـ
…
عبدالرحمن بن مَغْرَاء بن عياض بن الحارث الدوسي، أبو زهير الكوفي، نزيل الري.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 600): صدوق، تُكُلِّم في حديثه عن الأعمش. ت: بضع وتسعين ومئة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ـ
…
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الأزدي، أبو بسطام الواسطي.
قال في «التقريب» (صـ 436): ثقة، حافظ، متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث. وهو أول من فتَّشَ بالعراق عن الرجال، وذَبَّ عن السُّنَّة، وكان عابداً. ت 160 هـ.
ـ
…
جرير بن عبدالحميد بن قُرْط الضَّبِّيُّ الكوفي، نزيل الري وقاضيها.
قال ابن حجر في «التقريب» : ثقةٌ، صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه.
ت: 188 هـ «تقريب التهذيب» (صـ 196).
ـ
…
الوضَّاح بن عبدالله اليشكري، أبو عوانة الواسطي البزاز.
قال ابن حجر في «التقريب» (ص 1036): ثقةٌ، ثبت ت 175 هـ، وقيل: 176 هـ.
ـ
…
مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء الفزاري، أبو عبدالله الكوفي، نزيل مكة ثم دمشق.
قال ابن حجر في «التقريب» (ص 932): ثقة، حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ. ت: 193 هـ.
وذكره في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين (105) وهم: مَنْ أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم مَنْ رد حديثهم مطلقاً، ومنهم من قبله.
ـ
…
محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار، ويقال: ابن كُوثَان، المدني، أبو بكر، ويقال: أبو عبدالله القرشي المُطَّلِبي مولاهم.
قال الذهبي في «الكاشف» (3/ 19): كان صدوقاً من بحور العلم، وله غرائب في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= سعة ما روى، تُستَنكر، واختُلف في الاحتجاج به، وحديثه حسن، وقد صححه جماعة.
قال في «التقريب» (صـ 825): إمام المغازي، صدوق، يدلس، ورُمي بالتشيع والقدر.
وذكره في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين (125) وهم: مَنْ اتُفِق على أنه لا يحتج بحديثه إلا ما صرح بالسماع؛ لكثرة تدليسه عن الضعفاء والمجاهيل. ت: 151 هـ.
ـ
…
وكيع بن الجراح بن مَليح الرؤاسيّ، أبو سفيان الكوفي.
قال في «التقريب» » (صـ 1037): ثقة، حافظ، عابد. ت 196 هـ، وقيل: 197 هـ.
ـ
…
يحيى بن آدم بن سليمان القرشي الأموي مولاهم، أبو زكريا الكوفي.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 1047): ثقة، حافظ، فاضل. ت 203 هـ.
ـ
…
المعلى بن منصور الرازي، أبو يعلى، نزيل بغداد.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 961): ثقة، سُنِّيٌّ، فقيه، طُلب للقضاء فامتنع، أخطأ مَنْ زعم أن أحمد رماه بالكذب. ت 211 هـ.
ـ
…
محمد بن سعيد بن سليمان بن عبدالله الكوفي، أبو جعفر ابن الأصبهاني، ولقبه حمدان.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 848): ثقة، ثبت. ت 220 هـ.
ـ
…
عاصم بن يوسف اليربُوعي، أبو عمرو الخياط الكوفي.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 474): ثقة. ت 220 هـ.
ـ
…
أحمد بن عبدالله بن يونس بن عبدالله بن قيس التميمي اليربوعي، أبو عبدالله الكوفي. وقد يُنسب إلى جده.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 93): ثقة، حافظ. ت 227 هـ.
ـ
…
أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي، الكوفي الحنَّاط المقرئ، وفي تحديد اسمه عشرة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أقوال، والصحيح أن اسمه كنيته، وهو مشهور بها.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 1118): ثقة، عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح.
ت 192 هـ، وقيل: 193 هـ، وقيل: 194 هـ.
…
ـ
…
عاصم بن بَهْدلة وهو ابن أبي النَّجود، الأسدي مولاهم، الكوفي، أبو عبدالله المقرئ.
قال الذهبي في «الميزان» (3/ 71): ثبت في القراءة، وهو في الحديث دون الثبت، صدوق يهم، حسن الحديث
…
، خرج له الشيخان لكن مقروناً بغيره، لا أصلاً وانفراداً.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 471): صدوق، له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون. ت 128 هـ.
…
ـ
…
سليمان بن داود بن داود بن علي بن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب القرشي، أبو أيوب الهاشمي، سكن بغداد.
قال في «التقريب» (صـ 407): ثقة، جليل. ت 219 هـ وقيل: بعدها.
ـ
…
هناد بن السري بن مصعب بن أبي بكر التميمي الدارمي، أبو السري الكوفي.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 1025): ثقة. ت 243 هـ.
ـ
…
أسد بن عمرو بن عامر البجلي، أبو المنذر الكوفي، قاضي واسط.
ضَعِيفٌ.
وثَّقَه: ابن سعد، وابن شاهين في الثقات.
وتوسَّطَ فيه: أحمد فقال: صدوق ولكن لا يُروى عنه؛ لأنه من أصحاب أبي حنيفة: وابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عدي، ابن معين في رواية، وأبو داود، وابن عمار الموصلي، والبخاري في رواية، والدارقطني.
وضعفه: ابن المديني، والبخاري، وأبو حاتم، ويزيد بن هارون، وابن معين في رواية، وفي رواية له أنه كذبه، وابن حبان، والنسائي، والفلاس، والجوزجاني، والساجي، وعثمان بن أبي شيبة، وابن شاهين في «ذكر من اختلف النقاد فيه» ، والعقيلي، وأبو أحمد الحاكم.
والراجح أنه ضعيف؛ لأن الذين ضعفوه أكثر، وفيهم بلديُّه وهو يزيد بن هارون، كما قاله ابن شاهين.
ت 188، وقيل: 189، وقيل: 190 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (7/ 331)، «العلل» لأحمد رواية عبدالله (5332)، «التاريخ الكبير» للبخاري (2/ 49)، «أحوال الرجال» للجوزجاني (صـ 76)، «الضعفاء والمتروكون» للنسائي (53)، «الضعفاء» للعقيلي (1/ 36)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (2/ 337)، «المجروحون» لابن حبان (1/ 203)، «الكامل» لابن عدي (1/ 398)، «سؤالات البرقاني للدارقطني» (41)، «الثقات» لابن شاهين (105)، «ذكر مَنْ اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه» لابن شاهين (2)، «تاريخ بغداد» (7/ 470)، «ميزان الاعتدال» (1/ 206)، «لسان الميزان» (1/ 587)، «تعجيل المنفعة» (1/ 295)]
ـ
…
شريك بن عبدالله بن أبي شريك النخعي، أبو عبدالله الكوفي القاضي.
قال ابن حجر في «التقريب» (ص 436): «صدوقٌ يخطئ كثيراً، تغيَّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً، فاضلاً، عابداً، شديداً على أهل البدع» . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين (56) وهم: مَنْ احتمل الأئمة تدليسه؛ لإمامته، وقِلَّة تدليسه في جنب ما رووا، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة. ت 177 هـ.
ـ إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة النخعي، أبو عمران الكوفي، فقيه أهل الكوفة.
قال ابن حجر في «التقريب» (صـ 118): ثقة، إلا أنه يرسل كثيراً. ت 96 هـ.
ـ يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي، صاحب الإمام أبي حنيفة.
صدوق، كثير الغلط.
قال عمرو الناقد: كان صاحب سُنَّة. وقال المزني: هو أتبع القوم للحديث.
وثَّقَه النسائي، وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: كان شيخاً متقناً، لم يكن يسلك مسلك صاحبيه في الفروع.
وقال أحمد بن حنبل كما في رواية عبدالله عنه: صدوق، ولكن أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يُروى عنهم شيء. وقال كما في رواية ابن هانيء عنه: كان من أمثلهم في الحديث. وقال في رواية حنبل: كان أبو يوسف منصفاً في الحديث. وقال مرة: أول ما كتبت عنه الحديث أبو يوسف، وأنا لا أحدث عنه.
وذكر الخليلي أن أحمد وابن معين، كتبا عنه، ولم يريا الرواية عنه. قال الفلاس: صدوق، كثير الخطأ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وهو أحب إليّ من الحسن اللؤلؤي. وقال ابن عدي: ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثاً منه، إلا أنه يروي عن الضعفاء الكثير، مثل: الحسن بن عمارة، وغيره، وكثيراً ما يخالف أصحابه، ويتبع أهل الأثر، إذا وجد فيه خبراً مسنداً، فإذا روى عنه ثقة، وروى هو عن ثقة، فلا بأس به، وبرواياته. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال البخاري: تركوه. وقال في «الضعفاء الصغير» : تركه يحيى، وابن مهدي، ووكيع، وغيرهم.
ذكره أبو زرعة في «أسامي الضعفاء» ووهّاه ابن المبارك، ولينه ابن معين. وقال ابن معين مرة: ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثاً، ولا أثبت من أبي يوسف. وقال مرة: لا يُكتب حديثه. وقال مرة: لم يكن يعرف الحديث. وقال في رواية الدوري عنه: كان يميل إلى أصحاب الحديث، وكتبت عنه، وقد حدثنا يحيى عنه، وقال: لم يزل الناس يكتبون عنه.
قال الدارقطني كما في «سؤالات السلمي له» : أبو يوسف، ومحمد بن الحسن في حديثهما ضعف.
والراجح أنه: صدوق، كثير الغلط
…
ت 182 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (7/ 330)، «تاريخ ابن معين» برواية الدوري (2/ 680)، «العلل» لأحمد رواية عبدالله (5332)، ورواية ابن هانيء (1928) (2300)، «التاريخ الكبير» للبخاري (8/ 397)، «التاريخ الأوسط» للبخاري (4/ 746، 750)، «الضعفاء الصغير» للبخاري (425)، «أحوال الرجال» للجوزجاني (97)، «الضعفاء» للعقيلي (4/ 1544)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (9/ 201)، «الكامل» لابن عدي (7/ 144)، «سؤالات السلمي للدارقطني» (338)، «سؤالات البرقاني للدارقطني» (571)، «تاريخ بغداد» (16/ 359)، «ميزان الاعتدال» (6/ 121)، «طبقات علماء الحديث» لابن عبدالهادي (1/ 421)، «لسان الميزان» (7/ 489)، «بحر الدم» (صـ 477)]
النظر في الاختلاف: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= *
…
خلاصة الأوجه في حديث أبي وائل:
1)
…
(الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ) موصولاً.
رواه: الثوري، وأبو معاوية الضرير، ومعمر، ويعلى بن عبيد، ويحيى الرملي، ومفضل بن مهلهل، وعبدالرحمن بن مغراء، وشريك، وعيسى بن يونس، وزفر بن هذيل.
2)
…
(الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق) مرسلاً.
رواه: شعبة، ومعمر، وجرير بن عبدالحميد، وأبو عوانة اليشكري، ومروان بن معاوية، وسفيان الثوري، ويحيى بن سعيد، والقاسم بن معن.
3)
…
(الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ). رواه: أبو معاوية الضرير، محمد بن إسحاق بن يسار.
4)
…
(الأعمش، عن أبي وائل) لم يذكر مسروقاً ولا معاذاً. رواه: وكيع.
5)
…
(أبو بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ).
رواه: يحيى بن آدم، والمعلى بن منصور، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني، وعاصم بن يوسف، وأحمد بن يونس.
6)
…
(أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ) لم يذكر مسروقاً.
رواه: سليمان بن داود الهاشمي، وهناد، وأسد بن عمرو البجلي، ومنصور بن أبي مزاحم، وعبدالرحمن بن صالح.
7)
…
(شريك النخعي، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ) لم يذكر مسروقاً، وذكر الدارقطني أن شريكاً رواه موصولاً.
*
…
خلاصة الأوجه في حديث إبراهيم النخعي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 1)
…
(الأعمش، عن إبراهيم، عن معاذ). رواه: يعلى بن عبيد.
2)
…
(الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ). رواه: أبو معاوية الضرير، وعبدالرحمن بن مغراء.
3)
…
(الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق) لم يذكر معاذاً. رواه: أبو معاوية الضرير، وجرير، وأبو يوسف القاضي.
4)
…
(الأعمش، عن إبراهيم) مرسلاً. رواه: وكيع.
والظاهر أن الوجهين الأولين راجحان محفوظان عن الأعمش؛ لأن فيهما مَنْ هو مِنْ أوثق أصحاب الأعمش، كالثوري، وشعبة، وأبي معاوية. [يُنظر في أوثق أصحاب الأعمش:«تاريخ ابن معين» رواية الدوري (1828)(2625)، «العلل» لأحمد رواية عبدالله (1281)، «المنتخب من العلل للخلال» (صـ 322)، «الطبقات» للنسائي (صـ 78)، «سؤالات ابن بكير للدارقطني» ــ ط. الفاروق ــ (38) مع الحاشية، «شرح علل الترمذي» لابن رجب (2/ 529)، «معرفة أصحاب الأعمش» أ. د. محمد بن تركي التركي].
إلا أن رواية أبي معاوية للوجه الأول، جاءت من طريق أحمد بن عبدالجبار العُطاردي، وهو ضعيف كما في «التقريب» (صـ 93)، وقد خالفه النفيلي وهو ثقة، فرواه عن أبي معاوية على الوجه الثالث.
والوجه الثالث يظهر أنه مرجوح، لمخالفة ابن إسحاق أصحابَ الأعمش، ويحتمل أن يكون الوجه مما أخطأ فيه أبو معاوية، يقول الإمام أحمد كما في «العلل» رواية عبدالله (1281): أبو معاوية من أحفظ أصحاب الأعمش، قلت له: مثل سفيان؟ قال: لا، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= سفيان في طبقة أخرى، مع أن أبا معاوية يخطئ في أحاديث من أحاديث الأعمش.
الوجه الرابع: ضعيف لانقطاعه، ومخالفة وكيع أصحابَ الأعمش.
هذا، وقد رجح الدارقطني في «العلل»: الوجه الأول (الرواية الموصولة).
تنبيه: ذكر ابن الملقن في «البدر المنير» (5/ 430)، وعنه ابن حجر في «التلخيص الحبير» (3/ 1297): أن الدراقطني في «العلل» رجح المرسل كالترمذي، والموجود في «العلل» للدارقطني (6/ 69) ترجيح الرواية الموصولة من حديث أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ، والمرسل من حديث النخعي، والله أعلم.
ورجح الترمذي في «جامعه» : الوجه الثاني (الرواية المرسلة).
أما الوجه الخامس، والسادس، والسابع، فقد اضطرب فيه عاصم بن أبي النجود، وحديثه عن أبي وائل وزِرِّ بن حُبيش فيه اضطراب.
وقد رجح الدارقطني الوجه الخامس فقال: «وقول مَنْ ذكر مسروقاً أصح، وكذا رجحه ابن عبدالبر في «التمهيد» (7/ 71).
ربما رجحا ذلك؛ لمتابعة شريك بن عبدالله النخعي، بذكر مسروق، لكن وردت هذه المتابعة أيضاً في «مسند أحمد» بدون ذكر مسروق، فهذا يدل على أن الاضطراب من عاصم.
أما حديث النخعي:
فالوجه الأول هو الراجح؛ لأن يعلى بن عبيد قد جمع بين حديثي أبي وائل، وإبراهيم النخعي، فوصل الأول وأرسل الثاني، لذا رجحه الدارقطني في «العلل» (6/ 69)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 193).
وأبو معاوية يضطرب في حديث غير الأعمش، لا يحفظها جيداً، كما قاله الإمام أحمد .. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فالخلاصة:
أن أرجح الوجوه عن الأعمش من حديث أبي وائل الرواية الموصولة، والمرسلة، ومن حديث إبراهيم الرواية المرسلة، والله أعلم بالصواب.
تنبيه:
ذكر البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 193) بإسناده من طريق أبي داود «صاحب السنن» ، عن النفيلي، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن معاذ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمره أن يأخذ من البقر
…
الحديث. قال: وحدثنا النفيلي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، قال البيهقي عقبه: [قال أبو داود في بعض النسخ: هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً.
قال البيهقي: إنما المنكر رواية أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، عن معاذ.
فأما رواية الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، فإنها محفوظة.
قد رواها عن الأعمش جماعة منهم: سفيان الثوري، وشعبة، ومعمر، وجرير، وأبو عوانة، ويحيى بن سعيد، وحفص بن غياث، وقال بعضهم: عن معاذ، وقال بعضهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن أو ما في معناه].
وبعد مراجعة عِدَّة نُسخٍ من «سنن» أبي داود، وهي: طبعة محي الدين عبدالحميد، وطبعة الدعّاس، وطبعة بيت الأفكار، وطبعة عوَّامة، و «عون المعبود» (8/ 289)، و «بذل المجهود» (13/ 380)، و «مختصر المنذري» (4/ 250)، وبعد مراجعة «تحفة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأشراف» (7/ 374)، و «كنز العمال» (4/ 260)، و «أحكام أهل الذمة» لابن القيم (1/ 207) وجدتُّ فيها كلِّها نصّ أبي داود على أنه منكر، ونقْلَه عن أحمد، إنما هو على حديث يلي حديث الباب مباشرة في (صـ 344) كتاب الخراج، باب في أخذ الجزية، حديث رقم (3040): حدثنا العباس بن عبدالعظيم، قال: حدثنا عبدالرحمن بن هانيء أبو نعيم النخعي، قال: أخبرنا شريك، عن إبراهيم بن مهاجر، عن زياد بن حدير قال: قال عليٌّ: لئن بقيتُ لنصارى بني تغلب، لأقتلن المقاتِلة، ولأسبيَّن الذرية، فإني كتبتُ الكتاب بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يُنصِّروا أبناءهم.
قال أبو داود: هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً، قال أبو علي: ولم يقرأه أبو داود في العرضة الثانية. ا. هـ.
وحديث الباب جاء قبله برقم (3039)، فلعله وَهمٌ من البيهقي رحمه الله، وقد نقل النصَّ عن البيهقي كلٌّ من: ابن الملقن في «البدر المنير» (9/ 184)، والصنعاني في «سبل السلام» (7/ 262).
وقد اختُلِفَ في سماع مسروق من معاذ رضي الله عنه، وبيان ذلك، كما يلي:
ـ مسروق بن الأجدع الهَمْداني الوادعي، أبو عائشة الكوفي.
ثِقَةٌ، مُخَضْرَمٌ. قال ابن حجر في «تقريب التهذيب»: ثقة، فقيه، عابد، مخضرم.
وقد تُكُلِّم في سماعه من معاذ.
قال علي بن المديني: (ما أُقدِّمُ على مسروق أحداً مِن أصحاب عبدالله، صلّى خلف أبي بكر، ولقي عمر، وعلياً، ولم يرو عن عثمان شيئاً، وزيد بن ثابت، وعبدالله، والمغيرة، وخباب بن الأرت. هذا ما انتهى إلينا من لقائه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [«العلل» لابن المديني (85)، وأخرجه الخطيب في «تاريخه» (15/ 313)، وابن عساكر في «تاريخه» (57/ 406) من طريق عثمان بن أحمد الدقاق، عن محمد بن أحمد بن البَرَاء، قال: قال علي المديني
…
فذكره.
وفي «المراسيل» لابن أبي حاتم (811) عن ابن المديني قال سمعت عبدالرحمن بن مهدي ينكر أن يكون مسروق صلى خلف أبي بكر رضي الله عنه وقال: لم يقل هذا إلا هشام. ا. هـ. قال العلائي: (فتكون روايته عن أبي بكر مرسلة)«جامع التحصيل» (277)].
وقال عبدالحق الأشبيلي: (مسروق لم يلق معاذاً، ولا ذكر مَنْ حدث به عن معاذ، ذكر ذلك أبو عمر، وغيره). [«الأحكام الوسطى» (2/ 162)، ويريد بأبي عمر: ابنَ عبدالبر، وقد نقل عبدالحق في «الأحكام الكبرى» (2/ 582) قول ابن عبدالبر: إسناده صحيح ثابت متصل. وسيأتي تعقب ابن القطان، ففيه مزيد بيان].
وتعقبَه ابنُ القطان الفاسي في «بيان الوهم والإيهام» (2/ 574) بقوله: [أبو عمر أخاف أن يكون تصحف من (أبو محمد)، ولم أبت بهذا، ولذلك لم أذكره فيما سلف في باب الأسماء المغيرة، وإنما خفت ذلك، لأن أبا عمر بن عبدالبر، المعروف له خلاف هذا، هو يقول في رواية مسروق هذه عن معاذ: إنها متصلة.
وأبو محمد بن حزم هو الذي كان رماها بالانقطاع، ثم رجع.
ولِنَنُصَّ لك قوليهما، حتى تنظر في ذلك:
قال أبو عمر في التمهيد ـ في باب حميد بن قيس ـ وقد روي هذا الخبر عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت، ذكره عبدالرزاق قال: حدثنا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بن جبل قال: «بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمره =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة، ومن كل حالم ديناراً أو عدله معافر».
وقال في الاستذكار في باب صدقة الماشية ـ ولا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر ما في حديث معاذ هذا وأنه النصاب المجتمع عليه فيها، وحديث طاوس هذا عندهم عن معاذ غير متصل، والحديث عن معاذ ثابت متصل من رواية معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ، بمعنى حديث مالك، فهذا نص آخر له، بأن الحديث من رواية مسروق، عن معاذ متصل.
وأما أبو محمد بن حزم، فإنه قال: إنه منقطع، وأنه لم يلق معاذاً.
ثم استدرك في آخر المسألة، فقال:«وجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، ومسروق بلا شك عندنا، أدرك معاذاً بسنه وعقله، وشاهد أحكامه يقيناً، وأفتى في أيام عمر وهو رجل، وأدرك النبي وهو رجل، وكان باليمن أيام معاذ يشاهد أحكامه، هذا ما لا شك فيه؛ لأنه همداني النسب كما في الدار [كذا في «المحلى» ، و «بيان الوهم والإيهام» ، وهو تصحيف صوابه «يماني الدار» ، كما في «البدر المنير» لابن الملقن
…
(5/ 432)]، فصح أن مسروقاً وإن كان لم يسمعه من معاذ، فإنه عنده بنقل الكافة من أهل بلده لذلك [كذا في «المحلى» و «بيان الوهم» ولعله:«كذلك عن معاذ» كما في «البدر المنير» (5/ 432)]، عن معاذ في أخذه لذلك عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم عن الكافة» انتهى كلام ابن حزم.
ولم أقل بعدُ ـ الكلام لابن القطان ـ إنَّ مسروقاً سمع من معاذ، وإنما أقول: إنه يجب على أصولهم أن يُحكم لحديثه عن معاذ، بحكم حديث المتعاصرين اللذين لم يعلم انتفاء اللقاء بينهما، فإن الحكم فيه أن يحكم له بالاتصال عند الجمهور، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وشرط البخاري وعلي بن المديني: أن يعلم اجتماعهما ولو مرة واحدة، فهما ـ أعني البخاري وابن المديني ـ إذا لم يعلما لقاء أحدهما للآخر، لا يقولان في حديث أحدهما عن الآخر: إنه منقطع، إنما يقولان: لم يثبت سماع فلان من فلان، فإذن ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان أحدهما: هو محمول على الاتصال، والآخر: لم يعلم اتصال ما بينهما، فأما الثالث وهو: أنه منقطع، فلا، فاعلم ذلك، والله الموفق] ا. هـ. كلام ابن القطان.
وانظر: [«التمهيد» ـ ط. الفاروق ـ (7/ 57)، «الاستذكار» (9/ 157)، «المحلى» (6/ 11)]
وقد نقل ابنُ الملقن في «البدر المنير» (5/ 433) كلامَ ابن حزم وابن القطان، ثم أيَّده بإخراج ابن حبان للحديث في «صحيحه» ومن شرطه الاتصال، وتصحيح الدارقطني للموصول، ثم قال:
(وكانت وفاة معاذ سنة ثمان عشرة، في طاعون عمواس، فالسِّنُّ واللقاء محتمل لإدراك مسروق معاذاً، والاختلاف السائر فيه لا يضره).
فالقول بالاتصال إذن هو قول:
ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة (3/ 18) كما ذكره فيمن حدث عن مسروق، والدارقطني في «العلل» (6/ 67 ـ 68)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 398) حيث صححه على شرطهما، وسكت عنه الذهبي؛ وابن عبدالبر، وابن حزم ـ بعد تراجعه ـ وابن القطان ــ وقد سبق النقل عنهم ــ، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (3/ 477)، وعنه:[ابن حجر في «الفتح» (3/ 324) وتعقبه]. والألباني في «إرواء الغليل» (3/ 269) ـ رحم الله الجميع ـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والقول بالإرسال: قول ابن المديني ـ كما سبق ـ في ظاهر كلامه فيمن لقيه مسروق من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو ظاهر ترجيح الترمذي للرواية المرسلة عقب الحديث، قال الصنعاني في «سبل السلام» (4/ 14): وكأنَّ رأي الترمذي رأي البخاري، إنه لابد من تحقُّقِ اللقاء. وقول عبدالحق الأشبيلي ـ كما سبق ـ. وهو قول الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 324) حيث تعقب ابن بطال بقوله:(وفي الحكم بصحته نظر، لأن مسروقاً لم يلق معاذاً، وإنما حسَّنَهُ الترمذي؛ لشواهده). وقال في «التخليص الحبير» (3/ 1297): (ويقال إن مسروقاً لم يسمع من معاذ، وقد بالغ ابن حزم في تقرير ذلك). قلتُ: وقد عُلمَ في الصفحة السابقة أن ابن حزم تراجع عن قوله ..
أما ابن دقيق العيد فقد توقف في ذلك، فقد أورد الحديث وتصحيح الحاكم على شرطهما ثم قال كما في «الإلمام بأحاديث الأحكام» (589):(إن كان مسروق سمع من معاذ، فالأمر كما قال الحاكم).
وقد بحثت في كتب السنن النبوية عن أحاديث مسروق عن معاذ، فلم أجد إلا هذا الحديث وفيه:«زكاة البقر، والجزية، وزكاة الزرع» مع الاختلاف الكثير فيه ـ كما سيأتي ـ، وقد استعنتُ بِ «تحفة الأشراف» ، و «إتحاف المهرة» ، و «الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء» ، مع «البرامج الحاسوبية» فلم أجد إلا هذا الحديث.
وفي «مسند أحمد» ـ ط. الميمنية ـ (5/ 244) وقع خطأ في حديث يرويه مريح بن مسروق عن معاذ. جُعل مريح عن مسروق عن معاذ، وجاء على الصحيح في ـ ط. الرسالة ـ (36/ 429)(22118).
ووجدت في ترجمة معاذ بن جبل في «تهذيب الكمال» (28/ 108): =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الرواة عنه، فذكر المزي: خالد بن معدان وقال: يُقال مرسل، وذكر طاووس وقال: مرسل. ولم يتعقب ذكر مسروق بشيء.
وإن كان المزي لم يلتزم إبانة السماع في الرواة، فعلَّه أن يستأنس بفعله هذا للقائلين بالاتصال، ومثل ذلك الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (1/ 444) حيث أنه لم يذكر خالد بن معدان وطاووس، وذكر مسروقاً.
فلعَل القول بالاتصال أرجح.
ولد مسروق عام الهجرة، وتوفي سنة 63 هـ وقيل: 62 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (6/ 84)، «التاريخ الكبير» (8/ 35)، «الجرح والتعديل» (8/ 396)، «المراسيل» لابن أبي حاتم (صـ 215)، «المعرفة والتاريخ» للبسوي (2/ 561)، «تاريخ بغداد» (15/ 311)، «تهذيب الكمال» (27/ 451)، «جامع التحصيل» (صـ 277)، «تحفة التحصيل» (صـ 488)، «تهذيب التهذيب» (10/ 109)، «تقريب التهذيب» (ص 935)].
الحكم على الحديث:
الحديث صحيح، صحَّحَهُ الدارقطني في «العلل» (6/ 69)، وابن حبان حيث أورده في «صحيحه» (7/ 195)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 398)، البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 193)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (7/ 57)، وفي «الاستذكار» (9/ 157)، وابن حزم في «المحلى» (6/ 16)، وابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (2/ 574)، وابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (3/ 477)، والألباني في «إرواء الغليل» (3/ 268).
وحسنه الترمذي كما ذكره بعد الحديث مباشرة. =
وَأَخْرَجَ «الْبُخَارِيُّ» ، وَغَيْرُهُ، مِنْ حَدِيْثِ المُغَيْرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ قَالَ لِعَامِلِ كِسْرَى: أَمَرَنَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى تَعْبُدْوْا اللهَ وَحْدَهُ أَوْ تُؤَدُّوْا الجِزْيَةَ (1).
(قَالَ: قُلْتُ لِمُجَاهِدٍ: مَا شَأَنُ أَهْلِ الْشَّامِ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيْرَ، وَأَهْلِ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِيْنَارٌ؟ قَالَ: جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيْلِ اليَسَارِ)(2).
وَأَخْرَجَ أَبُوْ عُبَيْدٍ فِيْ كِتَابِ «الْأَمْوَالِ» : حَدَّثَنَا عَبْدُالْرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ العُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ أَسْلَمَ:«أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ فِيْ أَهْلِ الْذِّمَّةِ، أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيْهِمْ، وَأَنْ يَرْكَبُوْا عَلَى الْأُكُفِ عَرْضَاً، وَلَا يَرْكَبُوْا كَمَا يَرْكَبُ المُسْلِمُوْنَ، وَأَنْ يُوْثِقُوْا المَنَاطِقَ» .
= وللحدث طرق أخرى عن معاذ مرسلة: طاووس عن معاذ، ويحيى بن الحكم عن معاذ، والحكم بن عتيبة عن معاذ.
وللحديث شواهد، من حديث ابن مسعود عند «الترمذي» (622) و «ابن ماجه» (1804) وفيه ضعف. ومن حديث ابن عباس عند «البيهقي» (4/ 99)، ومن حديث علي عند «أبي داود» (1572) وغيره. تُنظر في:«التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام، وبيان ما ورد في الباب» للشلاحي (6/ 260 ـ 265).
(1)
«صحيح البخاري» (2989).
(2)
«صحيح البخاري» ، أبواب الجزية والموادعة، قبل الحديث رقم (2987).
قَالَ أَبُوْ عُبَيْدٍ: يَعْنِيْ الزَّنَانِيْرَ (1).
(1) صحيح.
أخرجه: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 114)(144) ـ كما ذكره المؤلف ـ، وعن أبي عبيد:[ابنُ زنجويه في «الأموال» (214)].وإسناده صحيح.
وكتاب عمر رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد، في مَنْ يُقاتَلون، ومن يُؤخَذ مِنْهم الجزية، وأن يُخْتَم على أعناق أهل الذمة؛ والشروط فيهم، قد رواه عدد من العلماء مختصراً ومطولاً.
أخرجه ـ زيادة على ماذُكر ـ: ابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامة ـ (17/ 404، 405، 518) رقم (33304) و (33308) و (333669)، ومن طريقه:[البيهقي في «سننه الكبرى» (9/ 198)]، والثوري في «جامعه» ـ كما في «مسند الفاروق» لابن كثير (2/ 344)(673) ـ، وعبدالرزاق في «مصنفه» (10/ 329، 331) رقم (19267)(19273)، وأبو عبيد في «الأموال» (1/ 86، 113) رقم (96) و (143)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (ص 73) (231) ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 198)]، والبلاذري في «فتوح البلدان» (ص 207)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 195، 202) من طُرُقٍ عن نافع، عن أسلم مولى عمر: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ: «أَلَّا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الصِّبْيَانِ ، وَأَنْ يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ عَلَى مِنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى مِنَ الرِّجَالِ ، وَأَنْ يَخْتِمُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ وَيَجُزُّوا نَوَاصِيَهُمْ مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمْ شَعْراً، وَيُلْزِمُوهُمُ الْمَنَاطِقَ ، وَيَمْنَعُوهُمُ الرُّكُوبَ إِلَّا عَلَى الْأُكُفِ عَرْضاً» قَالَ: يَقُولُ: رِجْلَاهُ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ ، قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ: «وَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ وَلِيَ» وَقَالَ عَبْدُ الله فِي حَدِيثِ نَافِعٍ ، عَنْ أَسْلَمَ: «وَضَرَبَ عُمَرُ الْجِزْيَةَ عَلَى مَنْ كَانَ بِالشَّامِ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ ، وَمُدَّيْنِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَقِسْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= زَيْتٍ ، وَضَرَبَ عَلَى مَنْ كَانَ بِمِصْرَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ ، وَإِرْدَبَّيْنِ مِنَ الطَّعَامِ وَشَيْئًا ذَكَرَهُ ، وَضَرَبَ عَلَى مَنْ كَانَ بِالْعِرَاقِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ قَفِيزاً وَشَيْئاً لَا نَحْفَظُهُ ، وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ مَعَ ذَلِكَ ضِيَافَةَ مِنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ ثِيَاباً ، وَذَكَرَ عَسَلًا لَمْ نَحْفَظْهُ». لفظ عبدالرزاق (19273). كذا قال: وذكر عسلاً لم نحفظه، وذكر محققه أن نسخة (شيئاً). قلتُ: عند ابن أبي شيبة (كسوة)، وعند البيهقي (9/ 195): من الودك والعسل شيئاً لم نحفظه.
وللحديث طُرُقٌ أخرى عن عمر رضي الله عنه:
فأخرجه: عبدالرزاق في «المصنف» (6/ 85)(10090)، و (10/ 331)(19273) من طريق ابن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما.
والخلال في «أحكام أهل الملل والردة» (992) من طريق نافع، عن عمر.
وأخرج: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 114)(145)، وابن المنذر في «الأوسط» (6/ 13)(6007) من طريق خليفة بن قيس، عن عمر. وإسناده ضعيف.
وأخرج: ابن المنذر في «الأوسط» ـ ط. الفلاح ـ (6/ 12)(6006) من طريق عبدالله ابن عمرو، عن عمر رضي الله عنهم.
ويحتمل أن يكون ابن عمرو تصحيف لعبدالله بن عمر.
وانظر في الموضوع: «شروط النصارى» لابن زبر الربعي ـ طبع في دار البشائر، ضمن لقاء العشر الأواخر من رمضان (94) ـ، «مسند الفاروق» لابن كثير ـ ط. الفلاح ـ (2/ 334، وما بعدها)، «الأم» للشافعي (4/ 292)، وعنه:«الأوسط» لابن المنذر (6/ 14).
وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيْزِ مِثْلَهُ (1).
وَرُوِيَ (2) عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمَا قَالَا:«لَايُمَكَّنُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ إِحْدَاثِ بِيْعَةٍ فِي بِلَادِ المُسْلِمِيْنَ، وَلَا كَنِيْسَةٍ، وَلَا صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ» .
أمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَرَوَاهُ «الْبَيْهَقِيُّ» مِنْ طَرِيْقِ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ: أَنْ أَدِّبُوْا الخَيْلَ، وَلَا تُرْفَعَنَّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ الْصَّلِيْبُ، وَلَا يُجَاوِرَنَّكُمْ الخَنَازِيْرُ
…
الحَدِيْثَ (3).
(1) صحيح.
أخرجه: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 114)(146) قال: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن خالد بن أبي عثمان الأموي، قال: أمر عمر بن عبدالعزيز في أهل الذمة: أن يحملوا على الأُكُفِ، وأن تجز نواصيهم. إسناده صحيح. وأورده ـ بدون إسناد ـ ابنُ المنذر في «الأوسط» ـ ط. الفلاح ـ (6/ 13).
وأخرجه: عبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 61)(10004)، ومن طريقه:[الخلال في «أحكام أهل الملل والردة» (993)] عن معمر، عن عمرو بن ميمون، قال: كتب عمر بن عبدالعزيز .... فذكره مطوَّلاً. وإسناده صحيح.
(2)
هذا الحديث، مع الصفحتين التاليتين، منقول من «التلخيص الحبير» (6/ 2977).
(3)
الحديث حسن.
أخرجه: عبد الرزاق في «مصنفه» (6/ 61)(10003)، عن معمر.
والحسن بن عرفة في «جزئه» (ص 90)(83)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 201)، وفي «معرفة السنن والآثار» (13/ 383)، والخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (1/ 113)، وأبو بكر محمد بن عبدالباقي في «أحاديث الشيوخ الثقات» (2/ 924) (358)] عن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ.
كلاهما (معمر، وابن المبارك) عَنْ زَيْدِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ حَرَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «لَا يُجَاوِرَنَّكُمْ خِنْزِيرٌ، وَلَا يُرْفَعْ فِيكُمْ صَلِيبٌ، وَلَا تَأْكُلُوا عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ، وَأَدِّبُوا الْخَيْلَ، وَامْشُوا بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ» . هذا لفظ معمر، وأما لفظ ابن المبارك فكما ذكره المؤلف.
قال ابن كثير في «مسند الفاروق» ـ ط. الفلاح ـ (2/ 340)(668): إسناده جيِّد.
وأخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (405) من طريق آخر عن عمر رضي الله عنه، وفيه ضعف.
وقال ابن كثير: (أدِّبوا من التأديب، هذا هو المشهور، ويُروَى: ادئبوا: أي أتعبوها في السَّوقِ ونحوِه من وجوه السِّبَاقِ، وغيرِهِ).
وَرَوَاهُ مُطَوَّلَاً مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِالْرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، وَفِيْ إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضَاً: أَبُوْ عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيْدٍ الحَافِظِ الحَرَّانِيُّ (1)«فِيْ تَارِيْخِ» (2) الرَّقَّةَ، مِنْ هَذَا (3) الْوَجْهِ (4).
(1) المتوفى (سنة 334 هـ) نزيل الرَّقَّة، وهي بلدة في العراق على الفرات، ينظر:«معجم البلدان» (3/ 58).
(2)
مابين القوسين سقط من المخطوطة، والتصحيح من «التلخيص الحبير» (6/ 2977) ـ ومنه نقل المؤلف هذه النصوص ـ.
(3)
نهاية الورقة [5] من المخطوط.
(4)
لم أجده في «تاريخ الرقة» المطبوع في دار البشائر. والنص منقول من «التلخيص الحبير» (6/ 2977).
وَرَوَى «ابْنُ عَدِيٍّ» عَنْ عُمَرَ، مَرْفُوْعَاً:«لَايُبْنَى كَنِيْسَةٌ فِيْ الإِسْلَامِ، وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا» (1).
(1) ضَعِيْفٌ مَرْفُوْعَاً، وقَدْ صَحَّ مَوْقُوْفَاً عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه ضِمْنَ الشُّرُوْطِ العُمَرِيَّةِ ـ وَقَدْ سَبَقَ تَخْرِيْجُهَا في (ص 217) ـ.
قال ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (3/ 362) في ترجمة «سعيد بن سنان، أبي مهدي الحمصي» : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قال: حَدَّثَنا مُحَمد بن جامع، قال: حَدَّثَنا سَعِيد بْنُ عَبد الْجَبَّارِ، قال: حَدَّثَنا سَعِيد بْنُ سِنَانٍ، عَن أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ كَثِيرِ ابْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَر بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: قَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
، فذكره.
وأخرجه: ابنُ زبْر الربعي في «شروط النصارى» (ص 19)(1) و (2)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (50/ 53)]، وأبو الشيخ الأصبهاني في «طبقات المحدثين بأصبهان» (3/ 38)(355)، ومن طريقه:[الخطيب البغدادي في «المتفق والمفترق» (3/ 1634) (1117)]، والديلمي في «مسنده» ـ كما في «زهر الفردوس» (143/ 4 ق 1 ج) ـ أفاده محقق طبقات المحدثين بأصبهان ـ كلهم من طريق سعيد بن عبدالجبار، عن سعيد بن سنان، به.
«وقد روي مرسلاً من وجه آخر، بنحوه، والصحيح أنه موقوف
…
» قاله ابن كثير في «مسند الفاروق» (2/ 341)(669). =
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَوَى «الْبَيْهَقِيُّ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «كُلُّ مِصْرٍ مَصَّرَهُ المُسْلِمُوْنَ، لَايُبْنَى فِيْهِ بِيْعَةٌ وَلَا كَنِيْسَةٌ، وَلَا يُضْرَبُ فِيْهِ نَاقُوْسٌ، وَلَا يُبَاعُ فِيْهِ لَحْمُ خِنْزِيْرٍ» (1).
= ـ سعيد بن سنان، قال عنه الإمام أحمد: ضعيف. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشئ، وقال مرة: ليس بثقة. وقال النسائي: متروك الحديث. قال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة.
قال ابن حجر في «التقريب» (ص 228): متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع.
وانظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي ـ ط. الرسالة ـ (2/ 136).
قال الذهبي في «تنقيح التحقيق» (2/ 282)(736): لم يصح.
وقال ابن عبدالهادي في «تنقيح التحقيق» (4/ 624)(3105): هذا الحديث لايثبت مرفوعاً.
وضعفه مرفوعاً عبدُالحق، وابنُ القطان كما في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 208 ـ 209)، وابنُ كثير في «مسند الفاروق» (2/ 341)(669).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (28/ 634): (وقد اتفق المسلمون على أن مابناه المسلمون من المدائن، لم يكن لأهل الذمة أن يحدثوا فيها كنيسة).
(1)
البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 201) من طريق محمد بن عبدالله الأنصاري، حدثنا سليمان التيمي، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وَفِيْهِ حَنَشٌ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ (1).
وَقَدْ ضَرَبَ عُمَرُ فِيْ الجِزْيَةِ، عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِيْنَ دِرْهَمَاً، وَعَلَى المُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ، وَعَلَى الفَقِيْرِ المُكْتَسِبِ اثْنَتَى عَشَرْ. أَخْرَجَهُ:«الْبَيْهَقِيُّ» مِنْ طُرُقٍ مُرْسَلَةٍ (2).
قَالَ الحَافِظُ: (يُرْوَى أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَتَوْا عُمَرَ، فَقَالُوْا: إِنَّ المُسْلِمِيْنَ إِذَا مَرُّوْا بِنَا كَلَّفُوْنَا ذَبَائِحَ الْغَنَمِ وَالدَّجَاجِ! فَقَالَ: «أَطْعِمُوْهُمْ مِمَّا
(1) حَنَشٌ لَقَبٌ له، واسمه: الحسين بن قيس الرحبي، أبوعلي الواسطي، قال في «التقريب» ـ ط. عوامة ـ (ص 205): مَتْرُوْكٌ. وانظر: «تهذيب الكمال» (6/ 465).
(2)
أخرجه: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 136)(184)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامة ـ (7/ 58)(10125)، و (17/ 406)(33311)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 196)]، والبلاذري في «فتوح البلدان» ـ تحقيق رضوان ـ (ص 268) من طريق الشيباني، عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي قال: وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعني في الجزية ـ على رؤوس الرجال على الغني ثمانية وأربعين درهماً، وعلى الوسط أربعة وعشرين، وعلى الفقير اثني عشر درهماً.
قال البيهقي: وكذلك رواه قتادة، عن أبي مجلز، عن عمر، وكلاهما مرسل.
أو مجلز لاحق بن حميد لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ينظر:«تحفة التحصيل» (ص 561).
وانظر ما سبق (ص 217) في تخريج حديث الشُّرُوْطِ العُمَرِيَّةِ.
تَأكُلُوْنَ، وَلَا تَزِيْدُوْهُمْ عَلَيْهِ». قَالَ (1): لَمْ أَجِدْهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِيْ حَاتَمٍ مِنْ طَرِيْقِ صَعْصَعَةَ بْنِ زَيْدٍ (2) أَوْ زَيْدِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ) (3).
(1) أي ابن المُلقِّن في «البدر المنير» (9/ 211).
(2)
في «التلخيص الحبير» ، و «البدر المنير» ، و «العلل» لابن أبي حاتم (يزيد) وهو الصواب.
(3)
«التلخيص الحبير» ـ ط. أضواء السلف ـ (6/ 2974)(2642)، وجاء في أَصْلِهِ، وهو «البدر المنير» (9/ 211 ــ 212) قال عنه:(لايحضرني من خرجه بعد البحث عنه)، ثم نقل كلام أبي حاتم في «العلل» .
وأما أثر عمر رضي الله عنه فأخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (10/ 329)(19266) قال موسى بن عقبة، قال نافع: سمعت أسلم مولى عمر، يحدث ابن عمر أن أهل الجزية من أهل الشام أتوا عمر فقالوا
…
فذكره. وأخرجه عبدالرزاق أيضاً (6/ 87)(10095) أخبرني ابن جريج، قال: أخبرني موسى بن عقبه فذكره مطولاً.
أما أثر ابن عباس رضي الله عنهما، فأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 320)، والبيهقي في «السنن» (9/ 198) من طريق شعبة عن أبي إسحاق، عن زيد بن صعصعة قال: قلت لابن عباس: إنا ننزل بأهل الذمة، فَمِنَّا مَن يُذبح له الشاة، ومِنَّا مَن يذبح له الدجاج، وإن استفتحنا ولم يُفتح لنا؛ كسرنا الباب؟ قال: فكيف تقولون في ذلك؟ قال: مِنَّا مَن لايرى بذلك بأساً. قال: أنتم تقولون كما قال أهل الكتاب ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون، ورواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن صعصعة بن يزيد قال: قلت لابن عباس .. فذكره. وزاد قال ابن عباس: لايحل لكم أن تأخذوا من أموال أهل الذمة إلا بطيب نفس منهم، وكُلُوا ما =
وَقَدْ وَقَعَ الاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهَا تُقْبَلُ الجِزْيَةُ مِنْ كُفَّارِ الْعَجَمِ، مِنْ اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى (1)، قَالَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَفُقَهَاءُ الشَّامِ: إِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ جَمِيْعِ الْكُفَّارِ مِنَ الْعَرَبِ، وَغَيْرِهِمْ.
= أكلتم بثمن. أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 320)(2984)، ومن طريقه:[الخطيب في «تاريخ بغداد» (10/ 465) (4843) في ترجمة «صعصعة»].
وأخرج: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 255)(436)، والبخاري في «تاريخه» (4/ 321)، وابن جرير في «تفسيره» ـ ط. هجر ـ (5/ 513)(7315) من طريق الثوري، عن أبي إسحاق، عن صعصعة، عن ابن عباس به. جاء عند البخاري صعصعة بن زيد وقال البخاري:(قال الثوري ابن زيد، وخالفوه، هو ابن يزيد)
ورواه إسرائيل وشريك، عن أبي إسحاق، عن صعصعة بن زيد
…
أخرجه البخاري في «تاريخه» (4/ 320) معلقاً.
ورواه معمر، عن أبي إسحاق، عن صعصعة بن معاوية .. أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (6/ 91)(10102).
قال أبو حاتم: (الصحيح: صعصعة بن يزيد، عن ابن عباس. وخَطَأُ شعبة أكْثَرُهُ في أسماء الرجال. يعني الرواة). «العلل» لابن أبي حاتم ـ ط. الحميِّد ـ (6/ 648)(2831) وقد استفدتُ من تخريجه. وانظر «تاريخ بغداد» ـ ط. الغرب ـ (10/ 466)(4831).
وانظر في المسألة: «المصنف» لابن أبي شيبة (18/ 139 ــ 143).
(1)
في «الروضة الندية» لصديق خان، زيادة «والمجوس» .
وَفِيْ «المُسَوَّى» فِيْ بَابِ أَخْذِ الجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (1). انْتَهَى. (2)
(1) سورة التوبة، آية (29).
(2)
«المسوى في شرح الموطأ» لولي الله الدهلوي (2/ 319)، وعنه: صديق حسن خان في «الروضة الندية» (2/ 763).
وكأن النقل فيه سقطٌ، والنص في «الروضة الندية» (2/ 763) كما يلي: (وقد وقع الاتفاق على أنها تقبل الجزية من كفار العجم؛ من اليهود، والنصارى، والمجوس.
قال مالك والأوزاعي وفقهاء الشام: إنها تقبل من جميع الكفار؛ من العرب وغيرهم.
وقال الشافعي: إن الجزية تقبل من أهل الكتاب؛ عرباً كانوا أو عجماً، ويُلحق بهم المجوس في ذلك.
وقد استدل من لم يجوز أخذها إلا من العجم فقط؛ بما وقع في حديث ابن عباس عند أحمد، والترمذي ـ وحسنه ـ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش؛ أنه يريد منهم كلمة، تدين لهم بها العرب، ويؤدي إليهم بها العجم الجزية؛ يعني: كلمة الشهادة.
وليس هذا مما ينفي أخذ الجزية من العرب؛ ولا سيما مع قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سليمان بن بريدة ـ المتقدم ـ: «وإذا لقيت عدوك من المشركين؛ فادعهم إلى ثلاث خصال ـ أو خلال ـ» ، وفيها الجزية.
قال في «المُسَوَّى» ـ في باب أخذ الجزية من أهل الكتاب ـ: قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}
قلت: عليه أهل العلم في الجملة.
وقال الشافعي: الجزية على الأديان لا على الأنساب؛ فتؤخذ من أهل الكتاب؛ عرباً كانوا أو عجماً، ولا تؤخذ من أهل الأوثان. والمجوس لهم شبهة كتاب.
وقال أبو حنيفة: لا يقبل من العرب إلا الإسلام أو السيف.
وفي حديث ابن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين، وأن عمر بن الخطاب أخذها من البربر.
وفي حديث جعفر بن علي بن محمد، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ ! فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهم: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» . قلت: وعليه أهل العلم.
قال مالك: مضت السنة: أن لا جزية على نساء أهل الكتاب، ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم.
قلت: وعليه أهل العلم). انتهى من «الروضة الندية» .
فَكُلُّ بَلَدٍ كَانَتْ عَلَى هَذِهِ الْصِفَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَالْدِيْنُ فِيْهَا ظَاهِرٌ، وَمَنْ لَا، فَلَا.
فَهَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ عَامَلَهُمُ المُسْلِمُوْنَ، وَاشْتَرَى مِنْهُمْ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشَّعِيْرَ، وَأَرْهَنَهُمْ دِرْعَهُ، الَّذِيْ أَخَرَجَ حَدِيْثَهُ «الشَّيْخَانُ» (1).
وَاشْتَرَى مِنْ يَهُوْدِيٍّ إِلَى مَيْسَرةَ، الَّذِيْ أَخْرَجَ حَدِيْثَهُ «التِّرْمِذِيُّ» ، وَ «النَّسَائِيُّ» ، وَ «الحَاكِمُ» ، مِنْ حَدِيْثِ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. (2)
(1) أخرجه «البخاري» (2096)(2200)(2508)(2509)(2513)، و «مسلم» (1603).
(2)
الحديثُ صحيح.
أخرجه: أحمد في «مسنده» (42/ 70)(25141)، والنسائي في «المجتبى» (7/ 294)، وفي «السنن الكبرى» له (6224)، و «الترمذي» (1213)، وإسحاق ابن راهوية في «مسنده» (1200)، وأبو داود الطيالسي في «مسنده» (3/ 117)(1629)، وعبدالله بن أحمد في «زوائده على الزهد لأبيه» (ص 23)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 28)(2207)(2208)، وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 347)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 25) من طرق عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَانِ عُمَانِيَّانِ، ـ أَوْ قَطَرِيَّانِ ـ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّ هَذَيْنِ ثَوْبَانِ غَلِيظَانِ تَرْشَحُ فِيهِمَا، فَيَثْقُلَانِ عَلَيْكَ، وَإِنَّ فُلَانًا قَدْ جَاءَهُ بَزٌّ، فَابْعَثْ إِلَيْهِ يَبِيعُكَ ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَبِيعُهُ ثَوْبَيْنِ إِلَى الْمَيْسَرَةِ قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ مَا يُرِيدُ مُحَمَّدٌ، إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِثَوْبَيَّ ـ أَوْلَا يُعْطِينِي دَرَاهِمِي ـ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ شُعْبَةُ: أُرَاهُ قَالَ: «قَدْ كَذَبَ، لَقَدْ عَرَفُوا أَنِّي أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ عز وجل أَوْ قَالَ: «أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا، وَآدَاهُمْ لِلْأَمَانَةِ» . لفظ أحمد.
وإسناده صحيح.
قال الترمذي: حسن غريب صحيح. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري.
قال الترمذي: (وفي الباب عن ابن عباس، وأنس، وأسماء بنت يزيد).
قلتُ: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فيه أنه أراد أن يشتري من نَصْرانيٍّ لا يَهُودِيِّ:
أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامة ــ (10/ 498)(20389)، وأحمد في «مسنده» (4/ 18)(2109) وابن سعد في «الطبقات» (1/ 488)، والدارمي في «مسنده» (2582)، وعبد بن حميد كما في «المنتخب من مسنده» (581)، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (1/ 238)، والترمذي في «جامعه» (1214)، والنسائي في «سننه» (7/ 303)(4628)، وابن ماجه في «سننه» (2439)، وأبو يعلى في «مسنده» (5/ 89)(2695)، والطبراني في «المعجم الكبير» (11/ 238)(11797)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 36)، من طُرُقٍ عَنْ عِكْرمَةَ، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الترمذي: حسن صحيح. وقال ابن دقيق العيد في «الإقتراح» (ص 378) وعنه: ابن حجر في «التلخيص» (4/ 1829): على شرط البخاري.
وَهُمْ الَّذِيْنَ اسْتَدَانَ مِنْهُمْ عَبْدُاللهِ (1) وَالِدُ جَابِرٍ، وَقَضَى دَيْنَهُ جَابِرٌ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنَ اليَّهُوْدِ، وَلَهُ قِصَّةٌ. (2)
(1) عبدالله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري، أبو جابر رضي الله عنهما أحدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، شَهِدَ بَدْرَاً، واسْتُشْهِدَ يوْمَ أُحُدٍ. ينظر:«سير أعلام النبلاء» (1/ 324).
(2)
يُنظر: «صحيح البخاري» (2601) و (2709)، «فتح الباري» (6/ 587، 593)، «شرح ابن بطال» (6/ 519).
وَهُمُ الَّذِيْنَ عَامَلَهُمُ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى أَشْجَارِ خَيْبَرَ (1).
وَهُمُ الَّذِيْنَ سَافَرَ إِلَيْهِمُ الصَّحَابَةُ لِلْتِّجَارَةِ: كَأَبِيْ بَكْرٍ، وَعَبْدِالْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَبْدِالله بْنِ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةِ بْنِ مَسْعُوْدٍ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ سَافَرَ إِلَى أَهْلِ الْذِّمَّةِ.
وَهُمُ الَّذِيْنَ قَالَ فِيْهِمُ الْنَّوَوِيُّ: (وَقَدْ أَجْمَعَ المُسْلِمُوْنَ عَلَى جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْذِّمَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ؛ إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ تَحْرِيْمُ مَا مَعَهُ)(2).
- قَوْلُهُ: (دَلِيْلُكَ فِيْ الْقُرْآنِ: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
…
الآيَةَ}.
أَقُوْلُ: إِنَّمَا أَرَادَ بِالأَرْضِ أَرْضَ المُسْلِمِيْنَ، لَا أَرْضَ الْكَافِرِيْنَ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْنَّهْيِ عَنْ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ مُخَالَطَةِ المُشْرِكِيْنَ، وَتَوَعَّدَهُمْ اللهُ ــ سُبْحَانَهُ ــ، وَرَسُوْلُهُ، بِالْسُّكْنَى مَعَهُمْ، وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ أَهْلِ الحَدِيْثِ، أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، أَنَّهُ سَافَرَ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ، مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ دِيْنٍ الْبَتَّة.
(1) يُنظر: «سنن أبي داود» (3006)، «زاد المعاد» (3/ 143).
(2)
يُنظر: «شرح النووي على مسلم» (11/ 40)، «أحكام أهل الذمَّة» لابن القيم
…
ـ ط. رمادي ـ (1/ 551).
وَأَيْضَاً لَمْ يَقْدُمْ أَحَدٌ (1) مِنْهُمْ عَلَى المُسْلِمِيْنَ لِلْتِّجَارَةِ، إِلَّا وَهُوَ ذَلِيْلٌ، كَمَا سَيَأَتِيْ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُوْدٍ أَنَّهُ قَالَ: (أَيُّمَا رَجُلٍ جَلَبَ شَيْئَاً إِلَى مَدِيْنَةٍ مِنْ مَدَائِنِ المُسْلِمِيْنَ، صَابِرَاً مُحْتَسِبَاً، فَبَاعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ، كَانَ عِنْدَ الله بِمَنْزِلَةِ الشَّهَدَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ. الآيَةَ} (2).
(1) نهاية الورقة [6] من المخطوط.
(2)
ضعيفٌ.
أخرجه: الثعلبي في «تفسيره» (10/ 65) من طريق المعافى بن عبدالرحمن، عن فرقد السبخي، عن إبراهيم، عن ابن مسعود، فذكره.
ورواه ابن مردويه في «تفسيره» مرفوعاً من حديث عيسى بن يونس، عن أبي عمرو ابن العلاء البصري، عن فرقد السبخي، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. أفاده الزيلعي في «تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الكشاف» للزمخشري (4/ 111 ــ 112)، وانظر «الدر المنثور» ـ ط. هجر ـ للسيوطي (15/ 60).
ـ فَرْقَد بن يعقوب السَّبَخِي، أبو يعقوب البصري. قال في «التقريب» (ص 474): صَدوقٌ، عَابِدٌ، لكنَّهُ ليِّنُ الحديث، كثير الخطأ.
وفي «تحرير التقريب» (3/ 155): (بل ضعيفٌ، ضعَّفَهُ أيوب السختياني، والقطان، وابن المديني، والبخاري، والنسائي، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، وابن سعد، وأبو زرعة الرازي، وابن حبان، والبزار، والدارقطني، وأحمد بن حنبل، وأبو أحمد الحاكم. وقال العجلي: لابأس به. واختلف قول ابن معين فيه، فوثقه في رواية، وضعفه في أخرى).
والراجح أنه ضعيف الحديث، وقد اختُلِف عليه هنا، فرواه مرَّةً مرفوعاً، ويذكر فيه «علقمة» بين إبراهيم وابن مسعود؛ وتارةً يُوقِفُهُ، ولايَذْكُر «علقمة» .
وقد ضعَّف الحديثَ ابن حجر في «الكافي الشاف» (ص 179).
وَأَخْرَجَ «سَعِيْدُ بْنُ مَنْصُوْرٍ» عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، قَالَ:«مَا مِنْ حَالٍ يَأْتِيْنِيْ عَلَيْهِ المَوْتُ بَعْدَ الجِهَادِ فِيْ سَبِيْلِ الله أَحَبُّ إِليَّ أَنْ يَأْتِيَنِيْ (1) وَأَنَا أَلْتَمِسُ مِنْ فَضْلِ الله، ثُمَّ تَلَى هَذِهِ الآيَةَ» (2).
(1) في «الدر المنثور» (15/ 60) نقلاً من «سنن سعيد بن منصور» ، زيادة:«وَأَنَا بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحْلِيْ» .
(2)
أخرجه: عبدالرزاق في «مصنفه» (11/ 464)(21018)، ومن طريقه البيهقي في «شعب الإيمان» (3/ 450)(1198) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله: أنَّ عمرَ أو غيره قال: «ما جاءني أجلي في مكان، ماعدا في سبيل الله، أحبَّ إليَّ من أن يأتيني، وأنا بين شعبتي رحلي، أطلب من فضل الله» وروي عن عمر جزماً بلا شك، ذكره البيهقي عقب الحديث (3/ 450).
وقد عزاه السيوطي في «الدر المنثور» ـ ط. هجر ـ (15/ 60) إلى «سعيد بن منصور» ، و «عبد بن حميد» ، و «ابن المنذر» .
وَقَدْ أَذِنَ عُمَرُ رضي الله عنه لِلْحَرْبِيِّ فِيْ دُخُوْلِ دَارِ الإِسْلَامِ، بِشَرْطِ أَخْذِ عُشْرِ مَامَعَهُ، مِنْ أَمْوَالِ الْتِّجَارَةِ.
كَمَا أَخْرَجَ «الْبَيْهَقِيُّ» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيْرِيْنَ (1)، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ:«أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِيْ عَلَيْهِ عُمَرُ؟ فَقُلْتُ: لَا أَعْمَلُ لَكَ حَتَّى تَكْتُبَ لِيْ عَهْدُ عُمَرَ، الَّذِيْ عَهِدَ إِلَيْكَ. فَكَتَبَ لِيْ: أَنْ تَأَخُذَ مِنْ أَمْوَالِ المُسْلِمِيْنَ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْذَّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوْا فِيْهَا لِلتَّجَارَةِ، نِصْفَ الْعُشْرِ» (2).
وَقَالَ سَعِيْدُ بْنُ مَنْصُوْرٍ: أَخْبَرَنَا أَبُوْ عَوَانَةَ وَأَبُوْ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، (3) عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ (4)، قَالَ: (اسْتَعْمَلَنِيْ عُمَرُ
(1) كذا في المخطوطة «محمد بن سيرين» ، وهو أيضاً في «البدر المنير» (9/ 213)، و «التلخيص الحبير» (6/ 2976)، والصوابُ:«أنس بن سيرين» ، كما في «السنن الكبرى» للبيهقي (9/ 210).
(2)
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 210) من طرق، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك. وفي آخره:«ومن أموال أهل الحرب العشر» .
وأخرجه أبويوسف في «الخراج» (ص 135) من طريق القاسم، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، به.
(3)
ابن جابر البجلي الكوفي، صدوق لين الحفظ من الخامسة، أخرج له مسلم والأربعة. «التقريب» ـ ط. عوامة ـ (ص 119)، أخرج له مسلم حديثين في المتابعات.
(4)
الأسدي، وله ذِكْرٌ في الصحيح، ثقة عابد من الثانية أخرج له أبو داود. «التقريب» ـ ط. عوامه ـ (ص 261).
عَلَى الْعُشُوْرِ، وَأَمَرَنِيْ أَنْ آخُذَ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الحَرْبِ الْعُشْرَ، وَمِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الْذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ تُجَّارِ المُسْلِمِيْنَ رُبْعَ الْعُشْرِ) (1).
انْظُرْ كَيْفَ حَالُ الْكُفَّارِ، الَّذِيْنَ عَامَلَهُمْ المُسْلِمُوْنَ، فَإِنَّهُمْ فِيْ الدَّرَجَةِ النَّازِلَةِ فِيْ جَمِيْعِ الأَحْوَالِ، وَيَتَصَرَّفُوْنَ فِيْهِمْ كَيْفَ شَاءُوْا، فَهَذَا هُوَ إِظْهَارُ الْدَّيْنِ (2).
(1) أورده ابن حجر في «التلخيص الحبير» (6/ 2976) بإسناده ومتنه من «سنن سعيد ابن منصور» ، ، وأخرجه أبويوسف في «الخراج» (ص 135) من طريق الشعبي، عن زياد به، وفيه قصة.
وانظر الآثار في المسألة: «الأموال» لأبي عبيد (2/ 199)(1457) ومابعدها، «المصنف» لابن أبي شيبة ـ ط. عوامة ـ (6/ 557)، و «نصب الراية» (2/ 279)، و «أحكام الذمة» لابن القيم (1/ 52، 342).
(2)
كأنَّ المؤلف رحمه الله يرى أنَّ معنى إظهارَ الدين مَحْصُوْرٌ في كون الكفار تحت حكم المسلمين، والعُلُوِّ عليهم، وأخذ الجزية منهم؛ وإذا لم تُوجَد هذه الحالة، فلا مُقَامَ لِمُسْلمٍ بين ظهراني المشركين، وسيأتي كلامه أيضاً في (ص 432).
وهذه الصورة، لاتوجد الآن ـ ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ـ.
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن هذا المعنى هو أعلى درجات إظهار الدين؛ وليس محصوراً به، وللعلماء بحث في المراد بإظهار الدين: فمنهم مَن يقول: أن يقوم بشعائر =
وَلَمَّا أَجْلَى عُمَرُ الْيَهُوْدَ مِنَ الحِجَازِ؛ لَمْ يَأَذَنْ لِمَنْ قَدِمَ مِنْهُمْ تَاجِرَاً أَنْ يُقِيْمَ ثَلَاثَاً. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِيْ «الْمُوَطَّا» (1)
= الإسلام: يصلي الجمعة والجماعة، ويصوم، ويتصدق، ولايُمْنَع، كما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ـ وقد سبق نقل كلامه في المقدمة ـ وهو الراجح ـ والله أعلم ـ.
وقيل: أن يظهر التوحيد، ويدعو إليه، ويعلن البراءة من الشرك وأهله؛ كما قال: الشيخ: محمد بن إبراهيم. وقيل: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، كما قال الشيخ: صالح الفوزان.
وانظر: «الدرر السنية» (8/ 305) وما بعدها، «فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم» (1/ 91)، «فتاوى ابن باز» (9/ 405)، و «فتاوى ابن عثيمين» (3/ 24)، و (25/ 391)، وانظر ما سبق في مقدمة هذا الكتاب، وماسيأتي في (ص 432).
(1)
صَحِيْحٌ.
رواه مالك في «الموطأ» [رواية أبي مصعب الزهري (2/ 63) (1864)، وهي في رواية ابن بكير أيضاً، كما أخرجها عنه البيهقي في «السنن الكبرى» (3/ 147 ـ 148)] عن نافع، عن أسلم مولى عمر، أن عمر.
ورواه مالك ـ أيضاً ـ في «الموطأ» ـ رواية محمد بن الحسن الشيباني (873) ـ عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر.
ورواه عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر. أخرجه النجاد في «مسند عمر» (ص 70 ــ 71)(37)(38)(39)، والشافعي في القديم كما ذكره البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (6112). =
فَلَمْ يَدْخُلُوْا إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَذِنَ لَهُمْ عُمَرُ؛ فَذَلِكَ إِظْهَارُ الْدَّيْنِ فِيْ المُشْرِكِيْنَ (1).
- قَوْلُهُ: (وَمِنَ الْفَتْحِ، وَمِنْ ابْنِ كَثِيْرٍ، وَمِنَ الْبُخَارِيِّ، عَلَى ذَلِكَ).
أَقُوْلُ: قَالَ صَاحِبُ «الْفَتْحِ» (2): وَقَدْ ذَهَبَ الجُمْهُوْرُ (3) إِلَى أَنَّهُ لَايُسَلَّمُ عَلَى الْفَاسِقِ، وَالمُبْتَدِعِ (4).
= قال ابن حجر عن رواية نافع، عن ابن عمر: وهُوَ وَهْمٌ. «التلخيص الحبير» (3/ 969)
قال أبوزرعة كما في «العلل» لابن أبي حاتم (3/ 241)(831): (والصحيح: نافع، عن أسلم، أن عمر).
وصححَّ الأثرَ ابنُ الملقن في «البدر المنير» (4/ 544).
(1)
ينظر التعليق في الصفحة السابقة.
(2)
«فتح الباري» (11/ 40).
(3)
حكى الإجماع على هجران أهل البدع: القاضي أبو يعلى، والبغوي، والغزالي. يُنظر:«هجر المبتدع» للشيخ: بكر أبو زيد (ص 32).
(4)
انظر في هذه المسألة: «شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة» للإمام اللالكائي (ت 418 هـ)(2/ 128 ــ 169)، «شرح السنة» للبغوي (1/ 227)، «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (28/ 206)، «الآداب الشرعية» لابن مفلح (1/ 247)، «الاعتصام» للشاطبي (1/ 120)، «هجر المبتدع» للشيخ: بكر أبو زيد، «منهاج أهل الحق والاتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع» للشيخ العلامة: سليمان بن سحمان (ص 105)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= «الهجر في الكتاب والسنة» للشيخ: مشهور سلمان (ص 177 ــ 191)، و «تحفة الأخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران» للشيخ: حمود التويجري (ص 47 ــ 77)، و «دعوة أهل البدع» للزهراني (ص 97 ــ 108).
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فتوى محررة في مسائل الهجر، أنقلها بتمامها، لنفاستها، وهي في «مجموع الفتاوى» (28/ 203)، وقد طبعت مفردة بعنوان «مسألة في صفة من يجب أو يجوز بغضه أو هجره أو كلاهما؛ لله تعالى» تحقيق: أبو محمد إبراهيم الميلي، طبعها على مخطوطة في الظاهرية، وعلى مطبوعة «مجموع الفتاوى» .
قال رحمه الله: [الهجر الشرعى نوعان:
أحدهما: بمعنى الترك للمنكرات.
والثانى: بمعنى العقوبة عليها.
فالأول: هو المذكور فى قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} فهذا يراد به أنه لا يشهد المنكرات لغير حاجة، مثل قوم يشربون الخمر يجلس عندهم، وقوم دعوا إلى وليمة فيها خمر وزمر لا يجيب دعوتهم، وأمثال ذلك؛ بخلاف من حضر عندهم للإنكار عليهم أو حضر بغير اختياره؛ ولهذا يقال: حاضر المنكر كفاعله، وفى الحديث:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر» . وهذا الهجر من جنس هجر الإنسان نفسه عن فعل المنكرات كما قال: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن هذا الباب الهجرة من دار الكفر والفسوق إلى دار الإسلام والإيمان، فإنه هجر للمقام بين الكافرين والمنافقين الذين لا يُمكِّنونه من فعل ما أمر الله به، ومن هذا قوله تعالى:{وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} .
النوع الثانى: الهجر على وجه التأديب، وهو هجر من يظهر المنكرات يهجر حتى يتوب منها كما هجر النبى صلى الله عليه وسلم والمسلمون الثلاثة الذين خلفوا حتى أنزل الله توبتهم حين ظهر منهم ترك الجهاد المتعين عليهم بغير عذر، ولم يهجر من أظهر الخير وإن كان منافقاً؛ فهنا الهجر هو بمنزلة التعزير.
والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات وفعل المحرمات، كتارك الصلاة والزكاة، والتظاهر بالمظالم والفواحش، والداعى إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة التى ظهر أنها بدع.
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون، فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا؛ ولهذا يُفرِّقون بين الداعية وغير الداعية؛ لأن الداعية أظهر المنكرات؛ فاستحق العقوبة، بخلاف الكاتم فإنه ليس شراً من المنافقين الذين كان النبى صلى الله عليه وسلم يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله، مع علمه بحال كثير منهم، ولهذا جاء فى الحديث:«إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلنت فلم تُنْكر ضرَّت العامة» . وذلك لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيِّروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» .
فالمنكرات الظاهرة يجب إنكارها بخلاف الباطنة، فإن عقوبتها على صاحبها خاصة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين فى قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم، فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة فى ذلك راجحة بحيث يُفضِى هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته؛ لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر.
والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبى يتألَّف قوماً ويهجر آخرين، كما أن الثلاثة الذين خُلِّفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك كانوا سادة مطاعين فى عشائرهم فكانت المصلحة الدينية فى تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين والمؤمنون سواهم كثير فكان فى هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم، وهذا كما أن المشروع فى العدو القتال تارة والمهادنه تارة وأخذ الجزية تارة، كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح.
وجواب الأئمة كأحمد وغيره فى هذا الباب مَبْنيٌّ على هذا الأصل، ولهذا كان يفرق بين الأماكن التى كثرت فيها البدع كما كثُر القدر فى البصرة، والتنجيم بخراسان، والتشيع بالكوفة، وبين ما ليس كذلك، ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم، ؛ وإذا عُرف مقصود الشريعة سلك فى حصوله أوصل الطرق إليه.
وإذا عُرِفَ هذا، فالهِجْرَة الشرعية هي من الأعمال التى أمر الله بها ورسوله، فالطاعة لابد أن تكون خالصه لله، وأن تكون موافقة لأمره، فتكون خالصة لله صواباً؛ فمن هجر لهوى نفسه أو هجر هجراً غيرَ مأمور به كان خارجاً عن هذا، وما أكثر ما تفعل النفوس ما تهواه ظانَّةً أنها تفعله طاعةً لله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والهَجْرُ لأجل حظ الإنسان لا يجوز أكثر من ثلاث، كما جاء فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصد هذا، وخيرهما الذى يبدأ بالسلام» .
فلم يُرخِّص فى هذا الهجر أكثر من ثلاث، كما لم يرخِّص فى إحداد غير الزوجة أكثر من ثلاث، وفى الصحيحين عنه أنه قال:«تفتح أبواب الجنة كل اثنين وخميس، فيغفر لكل عبد لايشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا» . فهذا الهجرلحق الانسان حرام وإنما رُخِّص فى بعضه، كما رُخِّص للزوج أن يهجر امرأته فى المضجع إذا نشزت، وكما رُخِّص فى هجر الثلاث.
فينبغى أن يُفرَّق بين الهجر لحق الله، وبين الهَجْرِ لحَقِّ نَفسِهِ، فالأول: مأمور به، والثانى: منهيٌّ عنه؛ لأن المؤمنين إخوة، وقدقال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح:«لاتقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم» . وقال فى الحديث الذى فى السنن: «ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» .
وقال فى الحديث الصحيح: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذ اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» .
وهذا لأن الهجر من باب العقوبات الشرعية، فهو من جنس الجهاد فى سبيل الله، وهذا يفعل لأن تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، والمؤمن عليه أن يعادى فى الله، ويوالي فى الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه، فإن الظلم لا يقطع =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الموالاة الإيمانية، قال تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} .فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغى، والأمر بالإصلاح بينهم.
فليتدبر المؤمن الفرق بين هذين النوعين، فما أكثر ما يلتبس أحدهما بالآخر، وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك؛ فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله، فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه، والإكرام لأوليائه، والإهانة لأعدائه، والثواب لأوليائه، والعقاب لأعدائه.
وإذا اجتمع فى الرجل الواحد خيرٌ وشَرٌّ، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة؛ استحَقَّ من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستَحَقَّ من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع فى الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللص الفقير تُقطَع يده لسرقته، ويُعطَى من بيت المال ما يكفيه لحاجته.
هذا هو الأصل الذى اتَّفَق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه، فلم يجعلوا الناس لا مستحقاً للثواب فقط ولا مستحقاً للعقاب فقط، وأهل السنة يقولون: إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر مَن يعذبه، ثم يخرجهم منها بشفاعة مَن يأذن له فى الشفاعة بفضل رحمته، كما استفاضت بذلك السنة عن النبى صلى الله عليه وسلم.والله سبحانه وتعالى أعلم وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين].انتهى جواب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وَقَالَ صَاحِبُ «الْفَتْحِ» عَنْ غَيْرِهِ (1): وَأَمَّا المُبْتَدِعُ، وَمَنْ اقْتَرَفَ ذَنْبَاً عَظِيْمَاً، وَلَمْ يَتُبْ مِنْهُ؛ فَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يُرَدُّ عليهم السلام، كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهَلِ الْعِلْمِ، وَاحْتَجَّ الْبُخَارِيُّ لِذَلِكَ بِقِصَّةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
وَنَقَلَ صَاحِبُ «الْفَتْحِ» عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «لَاتُسَلَّمُوْا عَلَى مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ، وَلَا تَعُوْدُوْهُمْ إِذَا مَرِضُوْا، وَلَا تُصَلُّوْا عَلَيْهِمْ إِذَا مَاتُوْا» (2).
(1) هُوَ النووي رحمه الله كما في «فتح الباري» لابن حجر (11/ 40).
(2)
ضعيفٌ.
قال في «الفتح» (11/ 41): (وأخرج سعيد بن منصور بسند ضعيف عن ابن عمر، فذكره وقال: وأخرجه ابن عدي، بسند أضعف منه، عن ابن عمر، مرفوعاً).
وقال في «تغليق التعليق» (5/ 125): (قال سعيد بن منصور: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا ليث، عن عبيدالله هو ابن زحْرٍ، عن أبي عمران، قال:
…
فذكره، ثم قال: ذكره البخاري في «التاريخ» عن عمرو، عن إسماعيل بن إبراهيم.
ثم ذكر تخريج ابن عدي .. ) وينظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (3/ 90)(312)
فالحديث: أخرجه ابن عدي في «الكامل» (2/ 214)، ومن طريقه: ابن الجوزي في «الموضوعات» (3/ 208)(1433) من طريق ليث بن أبي سُليم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، مرفوعاً. بنحوه، وفيه زيادة. قال ابن حجر في «تغليق التعليق» (5/ 125): إسناده ضعيف جداً.
وأخرجه أبو علي الحداد في «معجمه» كما في «اللآلئ» (2/ 205) من طريق ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، مرفوعاً.
وأخرجه الديلمي في «مسند الفردوس» كما في «اللآلئ» (2/ 205) من طريق ليث، عن عبيد الله بن عمر، عن ابن عمر، مرفوعاً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (9/ 240)(17074) من طريق ليث، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمرو بن العاص، موقوفاً، مقتصراً على ذكر الجزء الثاني، وهو العذاب الأخروي من قوله:(يجئ يوم القيامة شارب الخمر، مسوَّداً وجهه .... )
فالحديث ضعيف؛ لضعف ليث، واضطرابه، فقد رواه على خمسة أوجه ـ كما سبق ـ.
وليث هو بن أبي سُلَيم بن زُنَيم القرشي، قال عنه الإمام أحمد: مضطرب الحديث، ولكن حدث عنه الناس. وسئل جرير بن عبدالحميد عن: ليث، وعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، فقال: كان يزيد أحسنهم استقامة في الحديث، ثم عطاء، وكان ليث أكثر تخليطاً. قال أحمد وأبو حاتم: أقول كما قال جرير. قال أبو حاتم وأبو زرعة: لايشتغل به، هو مضطرب الحديث. قال ابن حجر في «التقريب»: صدوق اختلط جداً، فلم يتميز حديثه، فتُرك. أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، والأربعة.
وقال في «هدي الساري» : ضعفه أحمد، وغيره، وعلق له قليلاً، وروى له مسلم مقروناً.
ينظر: «تهذيب الكمال» (24/ 279)، «ميزان الاعتدال» (3/ 413)، «تقريب التهذيب» (ص 494)، «هدي الساري» (ص 485).
وقد أورد البخاري في «صحيحه» (11/ 40 ــ «فتح») معلَّقَاً عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قوله: لاتسلموا على شربة الخمر. قال ابن حجر: [وصله البخاري في «الأدب المفرد» (2/ 485 (1017) من طريق حبان بن أبي جبلة، بفتح الجيم والموحده، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، بلفظ: لاتسلموا على شراب الخمر، وبه إليه (1/ 126) (529) قال: لاتعودوا شراب الخمر إذا مرضوا، وأخرج الطبري عن =
وَنَقَلَ صَاحِبُ «الْفَتْحِ» عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ قَالَ: (الْعُزْلَةُ رَاحَةُ الُمؤمِنِ مِنْ خُلَّاطِ (1) السُّوْءِ) (2).
= علي، موقوفاً، نحوه. وفي بعض النسخ من الصحيح وقال عبدالله بن عمر بضم العين، وكذا ذكره الإسماعيلي، وأخرج سعيد بن منصور، بسند ضعيف، عن ابن عمر، فذكره، وقال: وأخرجه ابن عدي، بسند أضعف منه، عن ابن عمر، مرفوعاً .. ].انتهى من «فتح الباري» .
وقال في «التغليق» (5/ 125): (وقال عبدالله بن عَمْرو .. كذا في أصل أبي ذر، وهو الصواب، وفي رواية لغيره: وقال عبدالله بن عُمَر، بضم العين، وقد وقع لنا ذلك عنهما جميعاً)
(1)
قال في «فتح الباري» (11/ 331): (وَخُلَّاطٌ بِضَمِّ المُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ لِلْأَكْثَرِ، وَهُوَ جَمْعٌ مُسْتَغْرَبٌ، وَذَكَرَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِلَفْظِ: خُلُطٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَهُوَ بِضَمَّتَيْنِ مُخَفَّفاً كَذَا ذَكَرَهُ الصَّغَانِيُّ فِي «الْعُبَابِ». قَالَ الْخَطَّابِيُّ: جَمْعُ خَلِيطٍ، وَالْخَلِيطُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
بَانَ الْخَلِيطُ وَلَوْ طوعت مَا بَانَا
وَعَلَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ: إِنَّ الْخَلِيطَ أَجَدُّوا الْبَيْنَ يَوْمَ نَأَوْا. وَيُجْمَعُ أَيْضاً عَلَى خُلُط بِضَمَّتَيْنِ مخفَّفَاً، قَالَ الشَّاعِرُ: ضَرْبًا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجِيرَةِ الْخُلُطُ.
قَالَ وَالْخُلَّاطُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ: المُخَالَطَةُ. قُلْتُ: فَلَعَلَّهُ الَّذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: خلطاء، بَدَلَ خُلَّاطٍ. وَأَخْرَجَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي كِتَابِ «الْعُزْلَةِ» بِلَفْظ: خليط).
(2)
«فتح الباري» (11/ 331) عن عمر رضي الله عنه من قوله. وقد بوَّب عليه البخاري في «صحيحه» : باب العزلة راحة من خلاط السوء. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والأثر: أخرجه وكيع في «الزهد» (2/ 514)(250)، وابن وهب في «الجامع» (418)، وابن أبي شيبة في «المصنف» ـ ط. عوامه ـ (19/ 148)(35618)، وأحمد في «الزهد» (ص 176)(625)، وابن أبي عاصم في «الزهد» (58)، وابن أبي الدنيا في «العزلة» (ص 60)(19)، والخطابي في «العزلة» (70)، والبيهقي في «الزهد» (119)، من طريق إسماعيل بن أمية، قال: بلغني أن عمر بن الخطاب فذكره.
إسناده منقطع بين بين إسماعيل وعمر.
قال ابن حجر في «الفتح» (11/ 331) في سنده انقطاع. انتهى.
وقال ابن حجر في «فتح الباري» (11/ 331): (وفي معنى الترجمة، ما أخرجه الحاكم، من حديث أبي ذر، مرفوعاً، بلفظ: «الوحدة خير من جليس السوء» وسنده حسن، لكن المحفوظ أنه من موقوف على أبي ذر، أو عن أبي الدرداء. وأخرجه ابن أبي عاصم).
وحديث أبي ذر رضي الله عنه الذي ذكره ابن حجر، ضَعِيْفٌ مَرْفُوعَاً، ومَوْقُوْفَاً؛ لجهالة معفس، والانقطاع بين عمران وأبي ذر رضي الله عنه، وفيه اختلاف كثير.
الحديث المرفوع: أخرجه: الدولابي في «الكنى» (3/ 989)(1734)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (4/ 1777)(322)، ومن طريقه:[القضاعي في «مسند الشهاب» (2/ 237) (1266)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (66/ 215)]، والحاكم في «المستدرك» (3/ 387)(5466)، ومن طريقه:[البيهقي في «الشعب» (7/ 58) (4639)] من طريق الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ الْأَنْطَاكِيُّ، قال: حدثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي المُحَجَّلُ، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عَنْ صَدَقَةَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍّ فَوَجَدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ مُخْتَبِئاً بِكِسَاءٍ أَسْوَدَ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا هَذِهِ الْوَحْدَةُ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسَ السُّوءَ، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَإِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السُّكُوتِ، وَالسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّرِّ» . لفظ الحاكم.
وعند الخرائطي، والدولابي: عَنْ مَعْفَسِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، عَنِ ابْنِ الشَّنِيَّةِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ .. فذكره.
قال الذهبي في «تلخيص المستدرك» : لم يصح، ولا صحَّحَه الحاكم.
معفس بن عمران بن حطان السدوسي. مجهولٌ. سكت عنه البخاري في «التاريخ» (8/ 64)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 433)، وذكره ابن حبان في «الثقات» (7/ 525).
والموقوف، أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنف» ـ ط. عوامة ـ (19/ 209)(35828)، ومن طريقه:[ابن أبي عاصم في «الزهد» (39) و (65)]، وابن أبي الدنيا في «العزلة والانفراد» (158)، من طريق سُفْيَانَ، عن أَبِي المُحجَّل، عَنِ ابن عِمْرَانَ ابْنِ حِطَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: «الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمُمْلِي الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السَّاكِتِ، وَالسَّاكِتُ خَيْرٌ مِنْ مُمْلِي الشَّرِّ، وَالْأَمَانَةُ خَيْرٌ مِنَ الْخَاتَمِ، وَالْخَاتَمُ خَيْرٌ مِنْ ظَنِّ السَّوْءِ» .
عند ابن أبي عاصم في الموضع الأول، الاقتصار على جملة (الساكت خير من مملي الشر).
وفي الموضع الثاني، الاقتصار على جملة (الوحدة خير من جليس السوء). =
قُلْتُ: وَقَدْ سَافَرُوْا إِلَى خُلَطَاءِ الْسُّوْءِ، وَسَلَّمُوْا عَلِيْهِمْ، وَقَامُوْا لَهُمْ عَنْ مَجَالِسِهِمْ، وَعَادُوْا مَرْضَاهُمْ، وَصَلُّوْا عَلَى جَنَائِزِهِمْ؛ وَفَعَلُوْا ذَلِكَ لِمَنْ جَعَلَ للهِ نِدَّاً، وَتَرَكَ الْصَّلَاةَ، وَالْزَّكَاةَ، وَالحَجَّ، وَصَوْمِ رَمْضَانَ.
وَفَعَلُوْا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَتَزَيَّوْا بِزِيِّهِمْ بَعْدَمَا سَافَرُوْا إِلَيْهِمْ، وَذَلِكَ أَهْلُ قَرْنِنِا الْيَوْمَ، وَأَمَّا أَهْلُ الْقُرُوْنِ المَاضِيَةِ وَالأَخِيْرَةِ، فَاللهُ أَعْلَمُ بِهَا.
- وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَمْنْ ابْنِ كَثِيْرٍ).
فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ (1) فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} (2)
= وأخرجه: الخطابي في «العزلة» (ص 49) من طريق عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي المُحَجَّلُ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ .. فذكره موقوفاً.
وأخرجه: الخرائطي في «مكارم الأخلاق» (4/ 1780)(323) موقوفاً من وجه آخر، وفي إسناده جهالة.
وانظر: تخريج الشيخ د. سعد الحميِّد ل «مختصر استدراك الذهبي» (4/ 2038 ـ 2041)(771).
(1)
نهاية الورقة [7] من المخطوط.
(2)
سورة هود، آية (113).
- وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَمِنَ الْبُخَارِيِّ عَلَى ذَلِكَ).
يَعْنِيْ بِهِ مَا فِيْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ، الْطَّوِيْلِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِيْ عُرْوَةُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ الزُّبَيْرَ، فِيْ رَكْبٍ مِنَ المُسْلِمِيْنَ، كَانُوْا تُجَّارَاً، قَافِلِيْنَ مِنَ الْشَّامِ، فَكَسَى الْزُّبَيْرُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ، ثِيَابَ بَيَاضٍ (1).
قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ الْقَفْلُ، فِيْ الْسَّنَةِ الَّتِيْ هَاجَرَ فِيْهَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، حَالَ مَجِئِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِيْنَةِ، قَبْلَ مُهَاجِرَةِ الْصَّحَابَةِ إِلَيْهَا فِيْ أَوَّلَ الأَمْرِ.
وَيَشْهَدُ لَهُ سِيَاقُ الْبُخَارِيُّ فِيْ «صَحِيْحِهِ» .
وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضَاً مَا خَرَّجَ «مُوْسَى بْنُ عُقْبَةَ» عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، بِهِ، وَأَتَمُّ مِنْهُ، وَزَادَ قَالَ:(وَيُقَالُ لَمَّا دَنَا مِنَ المَدِيْنَةِ، كَانَ طَلْحَةُ قَدِمَ مِنَ الْشَّامِ، فَخَرَجَ عَامِدَاً إِلَى مَكَّةَ، إِمَّا مُتَلِقِّيَاً، وَإِمَّا مُعْتَمِرَاً؛ وَمَعَهُ ثِيَابٌ أَهْدَاهَا إِلَى أَبِيْ بَكْرٍ، مِنْ ثِيَابِ الْشَّامِ، فَلَمَّا لَقِيَهُ، أَعْطَاهُ، فَلَبِسَ مِنْهَا هُوَ وَأَبُوْ بَكْرٍ)(2). انْتَهَى.
(1)«صحيح البخاري» (3906) في حديث طويل.
(2)
نقله من «فتح الباري» (7/ 243).
قَالَ الحَافِظُ: إِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوْظَاً، احْتَمَلَ أَنْ يَكُوْنَ كُلٌّ مِنْ طَلْحَةَ وَالْزُّبَيْرٍ، أَهْدَى لَهُمَا مِنْ الْثِّيَابِ، وَالَّذِيْ فِيْ الْسِّيَرِ هُوَ الْثَّانِيُّ (1).
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَاجَرَ المُسْلِمُوْنَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَكَانَتْ الْشَّامُ دَارَ حَرْبٍ، فَغَزَاهُمُ المُسْلِمُوْنَ المَغَازِيَ، كَغَزْوَةِ مُؤْتَةٍ، وَغَزْوَةِ تَبُوْكٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَغَازِيْ الْشَّامِ؛ ثُمَّ أَعَزَّ اللهُ دِيْنَهُ، وَانْتَشَرَ حِزْبُ اللهِ لِلْغَلَبَةِ عَلَى الْكَفَرَةِ، فَحَاصَرَ أَبُوْ مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ مَدِيْنَةِ الْسُّوْسِ (2)، وَصَالَحَ دِهْقَانَهَا، عَلَى أَنْ يُؤَمِّنَ مِئَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ أَبُو مُوْسَى: إِنِّيْ لَأَرْجُوْ أَنْ يَخْدَعَهُ اللهُ عَنْ
(1)«فتح الباري» (7/ 243) وفيه تكملة للنقل أعلاه: (ومال الدمياطي إلى ترجيحه، على عادته في ترجيح ما في السِيَر على ما في الصحيح، والأولى الجمعُ بينهما، وإلا فما في «الصحيح» أصح؛ لأن الرواية التي فيها طلحة، من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة؛ والتي في «الصحيح» من طريق عقيل، عن الزهري، عن عروة. ثم وجدت عند ابن أبي شيبة من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، نحو رواية أبي الأسود. وعند ابن عائذ في المغازي من حديث ابن عباس خرج عمرُ، والزبير، وطلحة، وعثمان، وعياش بن أبي ربيعة، نحو المدينة، فتوجه عثمان، وطلحة، إلى الشام. فتعيَّنَ تصحيح القولين). انتهى من «فتح الباري»
(2)
بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وسُكُوْن ثانيه، وسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ أُخْرَى، بِلَفظ السُّوْسِ الذي يقع في
…
الصوف: بَلْدَةٌ بِخُوزِسْتَان، فِيْهَا قَبْرُ دَانْيَال النبيِّ عليه السلام
…
«معجم البلدان» (3/ 280).
نَفْسِهِ. قَالَ: اعْزِلْهُمْ، فَلَمَّا عَزَلَهُمْ، قَالَ أَبُوْ مُوْسَى: أَفَرَغْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَّنَهُمْ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْدِّهْقَانِ. فَقَالَ: أَتَغْدِرُنِيْ، وَقَدْ أَمَّنْتَنِيْ؟ ! فَقَالَ: أَمَّنْتُ الْعَدَدَ الَّذِيْ سَمَّيْتَ، وَلَمْ تُسَمِّ نَفْسَكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلاذْرِيْ (1) فِيْ كِتَابِهِ «الْفُتُوْحُ وَالمَغَازِيُّ» بِإِسْنَادِهِ (2).
وَقَدْ بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيْدِ إِلَى أُكَيْدَرِ دُوْمَةَ بْنِ عَبْدِالمَلِكِ، لِرَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ، كَانَ مَلِكَاً عَلَى دُوْمَةَ، وَكَانَ نَصْرَانِيَّاً، فَأَخَذُوْهُ، فَأتَوْ بِهِ فَحَقَنَ دَمَهُ، وَصَالَحَهُ عَلَى الجِزْيَةِ، إِلَى أَنْ اسْتُخْلِفَ عُمَرُ، فَأَمَرَ فِيْ أَهْلِ الْذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْشَامِ أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيْهِمْ، وَأَنْ يَرْكَبُوْا عَلَى الأُكُفِ عَرْضَاً، وَلَا يَرْكَبُوْا كَمَا يَرْكَبُ المُسْلِمُوْنَ.
فَهَذَا صَنِيْعُ المُسْلِموْنَ (3) فِيْ أَهْلِ تِلْكِ الدِّيَارِ مِنَ المُشْرِكِيْنَ؛ فَحَاشَى المُسْلِمُوْنَ أَنْ يُسَافِرُوْا إِلَى بَلَدٍ، لَمْ يُظْهِرُوْنَ دِيْنَهُمْ فِيْهَا.
(1) تصحَّف في المخطوطة إلى «البلادي» ، والبلاذري هو: أبو الحسن البغدادي، (ت 279 هـ)، وكتابُه طُبعَ باسم «فُتُوْحِ البُلْدَانِ» .
(2)
«فتوح البلدن» (ص 372) قال: حدثني أبو عُبيد القاسم بن سلاّم، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن حميد الطويل، عن حبيب، عن خالد بن زيد المزني، .. فذكر القصة.
(3)
كذا في المخطوطة، وصوابه «المسلمين» .
- قَوْلُهُ: (هُوَ أَنَّ أَصْحَابَ الرَّسُوْلِ، وَالْرَّسُوْلَ يُظْهِرُوْنَ دِيْنَهُمْ، بَلْ مِنْ حِيْنِ قَدِمَ الْرَّسُوْلُ المَدِيْنَةَ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى زَمَنِ الخُلَفَاءِ الْرَّاشِدِيْنَ، يُسَافِرُوْنَ إِلَى بُلْدَانِ المُشْرِكِيْنَ، وَلَمْ يَكُوْنُوْا يُظْهِرُوْنَ دِيْنَهُمْ، مِثْلَ مُسَافِرَتِ أَهْلِ زَمَانِنِا عْقِيْل)(1).
أَقُوْلُ: قَالَ الحَافِظُ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ ـ: [فَلَمَّا اسْتَقَرَّ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالمَدِيْنَةِ، أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ، وَبِعِبَادِهِ المُؤْمِنِيْنَ (2)، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوْبِهِمْ بَعْدَ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ الَّذِيْ كَانَ بَيْنَهُمْ فِيْ الجَاهِلِيَّةِ، فَمَنَعَتْهُ أَنْصَارُ اللهِ وَكَتِيْبَةُ الإِسْلَامِ مِنَ الأَسْوَدِ وَالأَحْمَرِ، وَبَذَلُوْا نُفُوْسَهُمْ دُوْنَهُ، وَقَدَّمُوْا مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّةِ الأَبَاءِ وَالأَبْنَاءِ (3)، حَتَّى قَوِيَةِ الْشَّوْكَةُ، وَاشْتَدَّ الجَنَاحُ؛ أَذِنَ لَهُمْ حِيْنَئِذٍ فِيْ الْقِتَالِ (4)، فَعَقَدَ لَهُمْ الْرَّايَةَ، فَتَحَزَّبَ حِزْبُ اللهِ، فَدَعَوْا إِلَى اللهِ الْصَّغِيْرَ وَالْكَبِيْرَ، وَالحُرَّ وَالْعَبْدَ، وَالْذَّكَرَ وَالأُنْثَى، وَالأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ،
(1) نهاية الورقة [8] من المخطوط، وعن عقيل (العقيلات) انظر ما سبق (ص 161).
(2)
في «الزاد» : المؤمنين الأنصار.
(3)
في «الزاد» : والأزواج، وكان أولى بهم من أنفسهم، رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة، وصاحوا بهم من كل جانب، والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح، حتى قوية الشوكة.
(4)
في «الزاد» : ولم يفرضه عليهم.
وَالإِنْسَ (1)، فَجَاهَدُوْا فِيْ اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، بِالْقَلْبِ وَالجَنَانِ، وَالْدَّعْوَةِ وَالْبَيَانِ، وَالْسَّيْفِ وَالْسَّنَانِ). (2) انْتَهَى
قُلْتُ: فَانْحَازَ المُسْلِمُوْنَ إِلَى رَايَةِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانُوْا حِزْبَاً وَاحِدَاً، وَتَرَكُوْا مَا سِوَاهُ، وَشَدَّ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«أَنَا بَرِئٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ» (3)
وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «لَايَجْتَمِعُ دِيْنَانِ فِيْ جَزِيْرَةِ الْعَرَبِ» (4)
فَغَزَا الْبَعِيْدَ وَالْقَرِيْبَ، وَكُلَّ مَنْ عَصَى اللهَ وَرَسُوْلَهُ، فَبَلَغَتْ سَبْعَاً وَعِشْرِيْنَ غَزَاةً، وَخَمْسِيْنَ سَرِيَّةً (5)، فَمَا زَالَتْ سُيُوْفُ المُسْلِمِيْنَ رَطْبَةً مِنْ رِقَابِ الْكَفَرَةِ، فَكَيْفَ هَؤُلَاءِ لَايُظْهِرُوْنَ دِيْنَهُمْ؟ !
(1) انظر «الزاد» (3/ 12) والجملتان الأخيران في نص ابن القيم لم أجدها في «الزاد» كما هو أعلاه، مع أن طريقة نقل المؤلف تدل على أنه نقله بالنص.
(2)
«زاد المعاد» لابن القيم (3/ 69).
(3)
سبق تخريجه في (ص 179).
(4)
سبق تخريجه في (ص 173).
(5)
قال النووي رحمه الله في «تهذيب الأسماء واللغات» (1/ 31): [وغزا بنفسه صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين غزوة، هذا هو المشهور، وهو قول موسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وأبى معشر، وغيرهم من أئمة السير والمغازى، وقيل: سبعاً وعشرين، ونقل أبو عبد الله محمد بن سعد فى الطبقات الاتفاق على أن غزواته صلى الله عليه وسلم بنفسه سبع وعشرون غزوة، وسراياه ست وخمسون، وعدَّها واحدة واحدة مرتبة على حسب وقوعها.
قالوا: ولم يقاتل إلا فى تسع: بدر، وأُحُد، والخندق، وبنى قريظة، وبنى المصطلق، وخيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف، وهذا على قول من قال: فُتحت مكة عنوة، وقيل: قاتل بوادى القرى، وفى الغابة، وبني النضير، والله أعلم].
وذكر ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (1/ 129) أن عدد الغزوات سبع وعشرون، وقيل خمس، وقيل: تسع وعشرون، وقيل غير ذلك
…
وأما سراياه وبعوثه، فقريبٌ من الستين.
فَاسْتَمَرَّ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ الحَالِ إِلَى قَرِيْبِ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَوْصَى بِثَلَاثٍ: أَخْرِجُوْا المُشْرِكِيْنَ مِنْ جَزِيْرَةِ الْعَرَبِ
…
الحَدِيْثَ (1).
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدِيْنَ المَهْدِيِّيِنَ (2)، الَّذِيْنَ قَضَوْا بِالحَقِّ، وَبِهِ كَانُوْا يَعْدِلُوْنَ، فَشَمَّرُوْا لَهُمْ عَنْ سَاقِ الْعَدَاوَةِ وَالمُحَارَبَةِ، وَصَاحُوْا بِهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، عَلَى حَسَبِ الْطَّاقَةِ؛ لمِا عُلِمَ أَنَّ مَرَاتِبَ الإِنْكَارِ ثَلَاثٌ: بِالْيَدِ، أَوْ الِّلسَانِ، أَوْ الْقَلِبِ.
(1)«البخاري» (3053) و «مسلم» (1637)
(2)
كذا في المخطوطة، وصوابه: الراشدون المهديون.
فَأَجْلَوْا مَنْ أَجْلَوْا، وَهَادَنُوْا مَنْ هَادَنُوْا، وَضَرَبُوْا الجِزْيَةَ عَلَى مَنْ ضَرَبُوْا؛ فَقَامَ أَبُوْ بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى جِهَادِهِمْ وَمَحْوِ آثَارِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، فَنَفَّذَ جَيْشَ أُسَامَةَ، وَقِتَالِ أَهْلِ الْرِّدَّةِ، وَمُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ.
وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَرَجَ أَبُوْ بَكْرٍ فِيْ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ، حَتَّى بَلَغَ نَقْعَا (1) حَذَا نَجْدٍ، وَهَرَبَتِ الأَعْرَابُ بِذَرَارِيْهِمْ، فَكَلَّمَ الْنَّاسُ أَبَابَكْرٍ، وَقَالُوْا: ارْجِعْ إِلَى المَدِيْنَةِ وَإِلَى الْذُّرِّيَّةِ وَالْنِّسَاءِ، وَأَمِّرّ رَجُلَاً عَلَى الجَيْشِ، وَلَمْ يَزَالُوْا بِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَإِلَى الْذُّرِّيَّةِ وَالْنِّسَاءِ. (2)
وَأَمَّرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيْدِ، وَقَالَ لَهُ: إِذَا أَسْلَمُوْا أَوْ أَعْطَوْا الْصَّدَقَةَ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَرْجِعْ؛ وَرَجَعَ أَبُوْ بَكْرٍ إِلَى المَدِيْنَةِ.
وَبَعَثَ الصِّدِّيقُ الْعَلَاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَانُوْا قَدْ ارْتَدُّوْا، فَالْتَقَوْا بِ «جُوَاثَا» (3)، فَنُصِرَ المُسْلِمُوْنَ.
(1) نقعاء: موضع في ديار طئ بنجد. «معجم البدان» (5/ 301).
(2)
ينظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (3/ 28)، «تاريخ الخلفاء» للسيوطي (ص 95).
(3)
حصن لعبدالقيس في البحرين، وقال ابن الأعرابي:«جُواثا» مدينة الخط، و «المُشَقَّر» مدينة هجر، وقيل: فيها أول موضع جُمِّع فيها «الجمعة» بعد المدينة. ينظر: «معجم البلدان» لياقوت (2/ 174). و «جواثا» الآن ضمن «محافظة الأحساء» ، وموضع المسجد معروف إلى الآن.
وَبَعَثَ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِيْ جَهْلٍ إِلَى «عُمَانَ» ، وَكَانُوْا قَدْ ارّتَدَّوْا.
وَبَعثَ المُهَاجِرَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ إِلَى أَهْلِ النُّجَيْرِ (1)، وَكَانُوْا قَدْ ارْتَدَّوْا.
وبَعَثَ زِيَادَ بْنَ لَبِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ المُرْتَدِّيْنَ.
وَبَعْدَ فَرَاغِ قِتَالِ أَهْلِ الْرِّدَّةِ، بَعَثَ الْصِّدِّيقُ رضي الله عنه خَالِدَ بْنَ الْوَلِيْدِ إِلَى أَرْضِ الْبَصْرَةِ، فَغَزَى الأُ بُلَّةَ (2)، فَافْتَتَحَهَا (3)، وَافْتَتَحَ «مَدَائِنَ كِسْرَى» الَّتِيْ بِالْعِرَاقِ صُلْحَاً وَحَرْبَاً.
ثُمَّ رَجَعَ، فَبَعثَ (4) عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، وَالجُنُوْدَ، إِلى الشَّامِ،
(1) تصغير النجر، حصن باليمن منيع، قرب حضرموت، لجأ إليه أهل الردة، مع الأشعث بن قيس، في أيام أبي بكر، فحاصره زياد بن لبيد البياضي، حتى افتتحه عنوة. «معجم البلدان» (5/ 272).
(2)
بضم أوله وثانيه، وتشديد اللام وفتحها، بلدة على شاطئ دجلة، البصرة العظمى، في زاوية الخليج، الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة
…
«معجم البلدان» (1/ 77).
(3)
زيادة من «تاريخ الخلفاء» (ص 97).
(4)
نهاية الورقة [9] من المخطوط.
فَكَانَتْ وَقْعَةَ «أَجْنَادِينَ» (1)، في جَمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَنُصِرَ المُسْلِمُونَ، وبُشِّرَ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ. (2)
وَرُوِيَ أنَّهُ لَمَّا بَعَثَ جَيْشَاً إِلَى الْشَّامِ، نَهَاهُمْ عَنْ قَتْلِ الْشُّيُوْخِ، وَأَصْحَابِ الْصَّوَامِعِ، وَقَطْعِ الأَشْجَارِ المُثْمِرَةِ.
أَخْرَجَهُ «الْبَيْهَقِيُّ» مِنْ حَدِيْثِ يُوْنُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيْدَ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيْ بَكْرٍ، مُطَوَّلَاً.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أَنْكَرَهُ (3).
(1) بفتح الدال وكسرها، موضع في الشام، من نواحي فلسطين. «معجم البلدان» (1/ 103).
(2)
ينظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (3/ 74 ــ 82)، «تاريخ خليفة بن خياط»
…
(1/ 116 ــ 132)، «تاريخ الخلفاء» للسيوطي (ص 96 ــ 97).
(3)
ضَعِيْفٌ؛ لما ذكره الإمام أحمد، وفيه أيضاً علة الانقطاع بين ابن المسيب وأبي بكر رضي الله عنه.
أخرجه: البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 85)، ثم ذكر بعده بإسناده عن عبدالله بن الإمام أحمد، عن أبيه، أنه قال:(هذا حديث منكر، ما أظن من هذا شئ، هذا كلام أهل الشام. أنكره أَبِي عَلَى يونس، من حديث الزهري، كأنه عنده عن يونس، عن غير الزهري). ا. هـ.
وقول الإمام أحمد في «العلل» رواية عبدالله (3/ 170)(4757). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال ابن التركماني في «الجوهر النقي» : (ذَكر في كتاب «المعرفة» للبيهقي أنه لم يقف على المعنى الذي لأجله أنكره. وكان ابنه عبدالله يزعم أنه كان ينكر أن يكون ذلك من حديث الزهري). ا. هـ
ـ يونس بن يزيد بن أبي النِّجاد، ويقال: ابن يزيد بن مُشكان بن أبي النجاد الأيلي، أبو يزيد القرشي مولاهم.
ثِقَةٌ، خاصةً إنْ حدَّثَ من كتابِه، ولهُ أوهَامٌ في روايتِهِ عن الزهري، وأخطاءُ في روايته عن غيره.
وثَّقَهُ: أحمد في رواية، وابن معين، والعجلي، والنسائي، وغيرهم. وذكره ابن حبان في «الثقات» .
قال يعقوب بن شيبة: صالح الحديث، عالم بحديث الزهري. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن خراش: صدوق.
قال ابن المبارك وابن مهدي: كتابه صحيح. قال ابن محرز: سمعت علي بن المديني يقول: قال عبدالرحمن بن مهدي عن ابن المبارك أنه قال: يونس، ما حدث من كتابه فهو ثقة.
قال ابن المبارك: (ما رأيت أحداً أروى عن الزهري من معمر، إلا أن يونس أحفظ للمسند)، وفي لفظ:(إلا ما كان من يونس، فإنه كتب الكتب على الوجه).
وقال أحمد بن حنبل: ما أحد أعلم بحديث الزهري من معمر، إلا ما كان من يونس الأيلي، فإنه كتب كل شيء هناك.
قال ابن المديني: أثبت الناس في الزهري: ابن عيينة، وزياد بن سعد، ثم مالك، ومعمر، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ويونس من كتابه، والأوزاعي مقارب الحديث.
وقال ابن المديني: هو بمنزلة همّام، همّام إذا حدث من كتابه عن قتادة، فهو ثبت.
وضَعَّفَه بعضُهم: قال وكيع: كان سيء الحفظ. وضعفه أحمد بن حنبل في رواية وقال: (لم يكن يعرف الحديث، وكان يكتب أُرى أول الكتاب، فينقطع الكلام، فيكون أوله عن سعيد، وبعضه عن الزهري، فيشتبه عليه).
وقال أحمد أيضاً: يونس يروي أحاديث من رأي الزهري يجعلها عن سعيد. وقال أيضاً: يونس كثير الخطأ عن الزهري، وعُقيل أقل خطأ منه. وقال أيضاً: يونس إذا حدث من حفظه، وهم.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: في حديث يونس بن يزيد منكرات عن الزهري. وقال أحمد أيضاً: روى عن الزهري أحاديث منكرة.
سأل البرذعي أبا زرعة الرازي عن يونس في روايته عن غير الزهري؟ فقال: ليس بالحافظ.
وقال: كان صاحب كتاب، فإذا أخذ من حفظه، لم يكن عنده شيء.
قال وكيع: لقيت يونس بن يزيد بمكة، فذاكرته بأحاديث الزهري المعروفة، فجهدت أن يقيم لي حديثاً فما أقامه.
قال ابن سعد: كان حلو الحديث، كثيره، وليس بحجة، ربما جاء بالشيء المنكر.
علَّقَ عليه الذهبيُّ في «السير» بقوله: (قلت: قد احتج به أرباب الصحاح أصلاً وتبعاً، قال ابن سعد: ربما جاء بالشيء المنكر. قلت: ليس ذاك عند أكثر الحفاظ منكراً بل غريب). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الذهبي في «الميزان» : (صاحب الزهري، ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، شَذَّ ابن سَعْدٍ في قوله: ليس بحجة، وشَذَّ وكيعٌ فقال: سيءُ الحفظ، وكذا استنكر له أحمد بن حنبل أحاديث، وقال الأثرم: ضعَّف أحمد أمرَ يونس).
وقال في «الكاشف» : أحدُ الأثبات. وقال في «سير أعلام النبلاء» : الإمام، الثقة، المحدث
…
وذكر أنه من رفعاء أصحاب الزهري.
وقال ابن حجر في «هدي الساري» بعد أن نقل بعض أقوال الأئمة: (وثَّقه الجمهور مطلقاً، وإنما ضعفوا بعض روايته حيث يخالف أقرانه، أو يحدث من حفظه، فإذا حدث من كتابه فهو حجة
…
ثم ذكر من وثقه، ثم قال: واحتج به الجماعة).
وقال في «تقريب التهذيب» : (ثِقَةٌ، إلا أنَّ في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غيرِ الزهري خَطأً).
والراجح ما اختاره ابن حجر في «التقريب» ، ويضاف قيد بعد توثيقه:(خاصةً إنْ حدَّث من كتابه)، وأما قول يعقوب وأبي زرعة الدال على التوسط فيه، فلعله لأوهامه التي أشار إليها الإمام أحمد.
وأما قول ابن سعد ووكيع في تضعيفه فقولٌ شاذٌ، كما قاله الذهبي في «الميزان» .
ت 159 هـ على الصحيح وقيل: 160 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (7/ 520)، «تاريخ ابن معين» رواية الدارمي (5)(21)(23)(24)، وابن الجنيد (156)(545)، وابن طالوت (17)، وابن محرز (1/ 121)(594)(596)، «العلل» للإمام أحمد رواية عبدالله (1/ 172)(109)(110)، رواية المروذي وغيره (ص 59)(44)، «الثقات» للعجلي (2/ 379)، =
وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِيْ «المُوَطَّأ» (1)، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيْدٍ، أَنَّ أَبَابَكْرٍ
…
نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ سَيْفٌ فِيْ «الْفُتُوْحِ» ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ الحَسَنِ، مُرْسَلاً أَيْضَاً.
وَأَخْرَجَ «الْبَيْهَقِيُّ» ، وَ «ابْنُ عَسَاكِرٍ» ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ، قَالَ: (وَالَّذِيْ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْلَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتُخْلِفَ؛ مَا عُبِدَ اللهُ، ثُّمَّ قَالَ الْثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ الْثَّالِثَةَ؛ فَقِيْلَ:
مَهْ يَا أَبَاهُرَيْرَةَ؟ ! فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ الله صلى الله عليه وسلم وَجَّهَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فِيْ سَبْعِمَئَةٍ إِلَى الْشَّامِ، فَلَمَّا نَزَلَ بِذِيْ خَشَبٍ، قُبِضَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم، وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ حَوْلَ المَدِيْنَةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ
= «سؤالات أبي داود للإمام أحمد» (ص 268)(308)(309)، «الجرح والتعديل» (9/ 247)، «المعرفة والتاريخ» (2/ 138)، «سؤالات البرذعي لأبي زرعة» ـ ط. الفاروق ـ (913)(914)، «الثقات» لابن حبان (7/ 648)، «سؤالات ابن بكير وغيره للدارقطني» (43)، «تهذيب الكمال» (2/ 551)، «ميزان الاعتدال» (4/ 158)، «الكاشف» (3/ 305)، «سير أعلام النبلاء» (6/ 297)، «شرح علل الترمذي» لابن رجب (2/ 597)، «تهذيب التهذيب» (11/ 450)، «تقريب التهذيب» (ص 645)، «هدي الساري» (ص 455)].
(1)
«الموطأ» للإمام مالك (1871)، وإسناده منقطع.
رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوْا: رُدَّ هَؤُلَاءِ «تُوَجِّهُ هَؤُلَاءِ» (1) إِلَى الْرُّوْمِ، وَقَدْ ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ حَوْلَ المَدِيْنَةِ؟ !
فَقَالَ: وَالَّذِيْ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَوْ جَرَتِ الْكِلَابُ بِأَرْجُلِ أَزْوَاجِ الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مَا رَدَدْتُ جَيْشَاً وَجَّهَهُ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَا حَلَلْتُ لِوَاءً عَقَدَهُ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم؛ فَوَجَّهَ أُسَامَةَ، فَجَعَلَ مَا يَمُرُّ بِقَبِيْلَةٍ يُرِيْدُوْنَ الارْتِدَادَ، إِلَّا قَالُوْا: لَوْلَا أَنَّ لِهَؤُلَاءِ قُوَّةً، مَا خَرَجَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ مِنْ عِنْدِهِمْ، وَلَكِنْ نَدَعُهُمْ حَتَّى يَلْقَوْا الْرُّوْمَ؛ فَلَقَوْهُمْ، فَهَزَمُوْهُمْ، وَقَتَلُوْهُمْ، وَرَجَعُوْا سَالِميْنَ؛ فَثَبَتُوْا عَلَى الإِسْلَامِ) (2).
(1) زيادة من «الاعتقاد» ، و «تاريخ دمشق» .
(2)
أخرجه: البيهقي في «الاعتقاد» ـ ط. دار الفضيلة ـ (ص 485)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/ 60)، (30/ 316)] مِنْ طريق أبي العباس محمد بن يعقوب بن يوسف، قال: حدثنا محمدُ بنُ علي الميموني، قال: حدثنا الفريابي، قال: حدثنا عبادُ بنُ كثير، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: فذكره.
وانظر: «كنز العمال» (5/ 241)، «البداية والنهاية» (6/ 305).
ـ وعباد بن كثير هو الثقفي البصري، متروك الحديث. وليس هو الرملي الفلسطيني الشامي، خلافاً لما ظنه ابنُ كثير في «البداية والنهاية» (6/ 305)، يُنظر:«تهذيب الكمال» (14/ 145).
فَاعْتَبِرُوْا يَا أُوْلِيْ الأَبْصَارِ، كَيْفَ صَنِيْعُ الصِّدِّيْقِ بِأَهْلِ ذَلِكَ (1) الْدِّيَارِ مِنَ المُشْرِكِيْنَ، وَشِدَّتُهُ عَلَيْهِمْ، وَغِلْظَتُهُ! ؟
وَقَدْ أَخْرَجَ «الإِمَامُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ» ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ العَرَبِ، وَقَالُوْا: نُصَلِّي وَلَا نُزَكِّيْ؛ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: يَاخَلِيْفَةَ رَسُوْلِ الله، تَأَلَّفِ الْنَّاسَ، وَارْفِقْ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ؛ فَقَالَ: رَجَوْتُ نُصْرَتَكَ، وَجِئْتَنِيْ بِخِذْلَانِكَ! جَبَّارَاً فِيْ الجَاهِلِيَّةِ، خَوَّارَاً فِيْ الإِسْلَامِ! بِمَاذَا عَسَيْتَ أَتَأَلَّفُهُمْ؟ ! بِشِعْرٍ مُفْتَعَلٍ، أَوْ بِسِحْرٍ مُفْتَرَى؟ ! هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، مَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَانْقَطَعَ الْوَحْيُ، وَاللهِ لَأُجَاهِدَهُمْ مَا اسْتَمْسَكَ الْسَّيْفُ فِيْ يَدِيْ، وَإِنْ مَنَعُوْنِيْ عِقَالَاً.
فَقَالَ عُمَرُ: فَوَجَدْتُّهُ أَمْضَى مِنِّيْ وَأَصْرَمُ، وَآدَبَ الْنَّاسَ عَلَى أُمْوْرٍ هَانَتْ عَلَيَّ كَثِيْرٌ مِنْ مُؤْنَتِهِمْ حِيْنَ وَلَيْتُهُمْ. (2)
(1) كذا في المخطوطة، والصواب (تلك).
(2)
الحديث ضعيف جداً.
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: حدثنا محمد بن عَلَّويه الفقيه، قال: حدثنا أبو شعيب السوسي، قال: حدثنا يحي بن سعيد العطار، قال: حدثنا فرات بن السائب، عن ميمون، عن ابن عمر أنَّ أبا موسى إذ كان والياً على البصرة، كان إذا خطب يوم الجمعة حمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النَّبي صلى الله عليه وسلم ثم ثَنَّى بعمر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يدعو له، ولا يترحم على أبي بكر رضي الله عنه، فتقدم إليه ضبَّة بن محصن يقول: أين أنت من ذكر صاحبه قبلَه تذكره بفضله؟ ! ففعل ذلك جُمَع، ثم كتب إلى عمر بقول ضبَّة بن مِحصن، فكتب إليه عمر يأمره بتسريحه إليه، فلما أتاه الكتابُ قال: اشخص إلى أمير المؤمنين، فلما قدم المدينة استتأذن على عمر فدخل عليه، فقال: أنت ضبة بن المحصن؟ قال: نعم. قال: فلا مرحباً ولا أهلاً.
قال: أما المرحب فمن الله، وأما الأهل فلا أهل ولا مال، فعلامَ استحللت إشخاصي من مصر يا عمر بلا ذنب ولا جناية وسوء أتيته؟ ! وما تبوء بذنب تعتذر منه؟
قال: لا. قال: فما شجر بينك وبين عاملك؟ قال: كان إذا خطب يوم الجمعة صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ثنّى بك يدعو لك، ولا يترحم على أبي بكر، فكان ذلك مما يغيظني منه. قال: أنت كنت أوفق منه وأفضل، فهل أنت غافر ذنبي إليك؟ قال: نعم يغفر الله لك. فاستبكى عمر حتى انتحب، ثم قال: والله ليوم أو ليلة من أبي بكر رضي الله عنه خير من عمر وآل عمر من لدن ولدوا
…
الحديث. وفيه قصة دخول أبي بكر رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم الغار، وفي آخره ما أورده المؤلف، وفيه اختلاف يسير.
قال ابن كثير رحمه الله بعد إيراده الحديث بإسناده ومتنه: (وهذا إسناد غريب من هذا الوجه، ويحيى بن سعيد العطار هذا حمصي، فيه ضعف، ولكن لهذا شواهد كثيرة من وجوه أخر). «مسند الفاروق» لابن كثير ـ تحقيق إمام بن علي، ـ ط. دار الفلاح ـ (3/ 95)(970).
وقد أخرج الحديث بنحوه: اللالكائي في «شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة» (7/ 1278)(2426)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (2/ 476)، وابن قدامة المقدسي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في «منهاج القاصدين في فضل الخلفاء الراشدين» (ص 548)(170)، وابن بَلْبَان المقدسي في «تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق» (ص 124) كلهم من طريق يحيى بن جعفر الزبرقان، قال: حدثنا عبدالرحمن بن إبراهيم الراسبي، قال: حدثنا الفرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبَّة بن مِحصَن، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وليس عند ابن قدامة، وابن بلبان (عن عمر).
وذكر الحديث بنحو الحديث السابق، وفيه الشاهد الذي ذكره المؤلف هنا وهو محاورة عمر لأبي بكر رضي الله عنهم. إلا اللالكائي فإن فيه الاقتصار على خروج أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم ودخولهما الغار، ويبدو أنه سقط من النسخة التي اعتمدها المحقق ـ ط. دار طيبة ـ بدليل نهاية الحديث عند قوله: وأما يومه. ولم يكمل الحديث، وأشار المحقق إلى أنه هكذا في الأصل لم تكمل.
فمدار الحديث على فرات بن السائب ـ وهو ضعيف جداً ـ وقد اختُلِف عليه:
فرواه يحيى بن سعيد العطار، عنه، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر أن أبا موسى كان والياً على البصرة ..
ورواه يحيى بن أبي جعفر، عن عبدالرحمن بن إبراهيم الراسبي، عنه، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن، عن عمر.
وجاء عند بعض من روى هذا الوجه بإسقاط عمر.
وهو إسناده ضعيف جداً؛ فيه:
يحيى بن سعيد العطار الأنصاري، أبو زكريا الشامي الحمصي ويقال: الدمشقي. ضعفه ابن معين، والدارقطني، ومسلمة بن القاسم، وابن عدي، وقال الجوزجاني =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والعقيلي: منكر الحديث، وقال ابن خزيمة: لايحتج به، وذكره ابن حبان في المجروحين وذكر أنه ممن يروي الموضوعات عن الأثبات، والمعضلات عن الثقات، لايجوز الاحتجاج به بحال، وقال الساجي: عنده مناكير.
وانفرد بتوثيقه ابن مصفَّى، وقال الآجري عن أبي داود: جائز الحديث.
والصواب أنه منكر الحديث، لايحتج به، وقول ابن مصفى وأبي داود ـ إن ثبت ـ معارَضٌ بتضعيف الأئمة؛ لذا اختار الذهبي وابن حجر تضعيفه.
ينظر: [«الجرح والتعديل» (9/ 152)، «كتاب المجروحين» لابن حبان (2/ 475)، «الكامل» لابن عدي (7/ 193)، «الضعفاء» للعقيلي ط. الصميعي (4/ 1514)، «تهذيب الكمال» (31/ 343)، «ميزان الاعتدال» ـ ط. الرسالة ـ (5/ 119)، «المغني في الضعفاء» (2/ 517)، «تقريب التهذيب» (ص 622)].
فرات بن السائب، أبو سليمان، وقيل: أبو المعلى، الجزري، قال البخاري: فرات بن السائب عمن ميمون بن مهران تركوه، منكر الحديث. وقال ابن معين: ليس بشئ، وقال النسائي والدارقطني والساجي: متروك، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، وقال ابن عدي: له أحاديث غير محفوظة وعن ميمون مناكير، ونقل عن البخاري أن روايته عن ميمون مناكير.
ينظر: [«التاريخ الكبير» للبخاري (7/ 130)، «الضعفاء» للبخاري (307)، «تاريخ الدوري عن ابن معين» (2/ 471)، «الجرح والتعديل» (7/ 80)، «الكامل» لابن عدي (6/ 22)، «الضعفاء» للعقيلي ط. الصميعي (3/ 1144)، «ميزان الاعتدال» (3/ 341)، «لسان الميزان» ط. أبي غدة (6/ 322)]. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يحيى بن أبي طالب، واسم أبي طالب: جعفر بن عبدالله بن الزبرقان أبو بكر البغدادي. قال عنه أبو حاتم: محله الصدق، وقال الدارقطني: لابأس به عندي، ولم يطعن فيه أحد بحجة، .وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب. قال الذهبي معلقاً: (عنى في كلامه، ولم يعن في الحديث فالله أعلم، والدارقطني فمن أخبر الناس به)(ت 275 هـ).
ينظر: [«الجرح والتعديل» (9/ 134)، «سؤالات الحاكم للدارقطني» (ص 110) (242)، «تاريخ بغداد» ط. دار الغرب (16/ 323)، «ميزان الاعتدال» (5/ 109، 125)].
عبدالرحمن بن إبراهيم أبو علي الرَّاسِبي المُخَرِّمي.
ضعفه الدارقطني، وقال أبو نعيم: فيه ضعف ولين. وذكر الذهبي أنه روى عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن، عن أبي موسى، بقصة الغار، وهو يشبه وَضع الطُّرُقية.
ينظر: [«تاريخ بغداد» (11/ 533)، «ميزان الاعتدال» (2/ 483)، «لسان الميزان» (5/ 81)، «المغني في الضعفاء» (1/ 593)، «الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث» (ص 163) (425)].
وأما أبو شعيب السوسي في إسناد الإسماعيلي فهو: صالح بن زياد الرستبي المقرئ، وميمون هو ابن مهران وكلاهما ثقة.
وشيخ الإسماعيلي: محمد بن علَّويه هو ابن الحسين الفقيه الرزاز الجرجاني، روى عنه الإسماعيلي وابن عدي وجماعة، توفي سنة 300 هـ لم أجد فيه كلاماً. =
فَهَذِهِ صِفَةُ الْصِّدِّيْقِ فِيْ إِظْهَارِ دِيْنِ اللهِ؛ فَكَيْفَ يُسَافِرُ إِلَى بَلَدٍ لَمْ يُظْهِرِ دِيْنَهُ فِيْهَا، لِلْتِّجَارَةِ.
= ينظر: [«معجم أسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي» (1/ 451) 0106)، «تاريخ جرجان» للسهمي (ص 389)، «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين (4/ 168)].
فالحديث ضعيف جداً، مداره على فرات بن السائب، وهومتروك، وقد اضطرب فيه. والرواة عنه ضعفاء.
وقصة الغار الواردة فيه، جاءت من طرق أخرى، تنظر في «دلائل النبوة» للبيهقي (2/ 275) وما بعدها.
وأما الشاهد الذي أورده المؤلف، وهي معاتبة أبي بكر لعمر، وفيه مسبَّةٌ له، فلا يصح، وإنما ورد في «الصحيحين» مناقشتهما رضي الله عنهم ولفظه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم واستُخْلِفَ أبو بكر بعده، وكَفَرَ مَنْ كَفَر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمَنْ قال لا إله إلا الله فقد عصم مِنِّي مالَه ونفسَه إلا بحقِّه، وحسابُه على الله؟ فقال أبو بكر: والله لأُقاتِلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإنَّ الزكاة حقُّ المال، والله لو منعوني عِقَالاً كانوا يُؤدُّونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتَلتُهُم على منعه. فقال عمر بن الخطاب: فوالله ما هو إلا رأيتُ اللهَ عز وجل قد شرحَ صدرَ أبي بكر للقتال؛ فعَرَفْتُ أنه الحق.
أخرجه: البخاري في «صحيحه» (1399) و (1456) و (6924)، ومسلم في «صحيحه» (20).
فَأَيْنَ الْبَلَدُ الَّذِيْ قَدْ سَافَرَ إِلَيْهَا لِلْتِّجَارَةِ، وَلَمْ يُظْهِرْ دِيْنَهُ فِيْهَا (1)؟ !
فَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بَعْدَ الْصِّدِّيْقِ، بِعَهْدٍ مِنْهُ بِجُمَادَى الآخِرِ، سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ (2).
قَالَ الْزُّهْرِيُّ: اسْتُخْلِفَ عُمَرُ يَوْمَ مَاتَ أَبُوْ بَكْرٍ، وَهُوَ يَوْمَ الْثَّلَاثَاءَ، لِثَمَانٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ. أَخْرَجَهُ «الحَاكِمُ» (3).
فَقَامَ فِيْ الأَمْرِ أَتَمَّ قِيَامٍ، وَكَثُرَتِ الْفُتُوْحُ فِيْ أَيَّامِهِ:
فِيْ سَنَةَ (أَرْبَعَ عَشْرَةَ)، فُتِحَتْ «دِمَشْقُ» مَا بَيْنَ صُلْحٍ وَعَنْوَةَ، وَ «حِمْصٌ» وَ «بَعْلَبَك» صُلْحَاً، وَ «الْبَصْرَةُ» وَ «الأُبُلَّةُ» (4) كِلَاهُمَا عَنْوَةً.
(1) لعل بعد هذه الجملة سقط من الناسخ.
(2)
نهاية الورقة [10] من المخطوط.
(3)
في «المستدرك» (3/ 86) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أبو أسامة، حدثنا عبد الله بن أسامة الحلبي، قال: حدثنا حجاج بن أبي منيع، عن جده وهو عبيد الله بن أبي زياد الرصافي، عن الزهري.
وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري، قالا: فذكرا نسب عمر، ثم ذكرا النصَّ أعلاه.
(4)
سبق التعريف بها في (ص 254).
وَفِيْ سَنَةَ (خَمْسَ عَشْرَةَ)، فُتِحَتْ «الأُرْدُنُ» كُلُّهَا عَنْوَةً، إِلَّا «طَبَرِيَّةَ» (1)، فَإِنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحَاً.
وَفِيْهَا كَانَتْ وَقْعَتَ «الْيَرْمُوْكِ» ، وَ «الْقَادِسِيَّةَ» .
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: وَفِيْهَا مَصَّرَ سَعْدٌ الْكُوْفَةَ.
وَفِيْ سَنَةِ (سَتَّ عَشْرَةَ) فُتِحَتِ «الأَهْوَازُ» (2)، وَ «المَدَائِنُ» ، وَأَقَامَ بِهَا سَعْدٌ الجُمُعَةَ، فِيْ إِيْوَانِ كِسْرَى.
وَفِيْهَا كَانَتْ وَقْعَةَ «جَلُوْلَاءَ» (3)، وَهُزِمَ فِيْهَا «يَزْدَجِرْدْ بْنُ كِسْرَى» ، وَتَقَهْقَرَ إِلَى «الرَّيِّ» (4).
(1) بُليدة مُطِلَّةٌ على البحيرة المعروفة ببحيرة طَبَريَّة، وهي في طرف جبل، وجبل الطور مُطلٌّ عليها، وهي من أعمال الأردن في طرف الغور، وهي مستطيلة على البحيرة .. «معجم البلدان» (4/ 17).
(2)
يُنْظَر: «معجم البلدان» (1/ 284 ــ 286).
(3)
في بلد السواد، في طريق خراسان، وهو نهر عظيم، يمتد إلى بعقوبا. «معجم البلدان» (2/ 156)، وانظر:«المصنف» لابن أبي شيبة (18/ 363).
(4)
من أمهات البلاد، وأعلام المدن، بينها وبين نيسابور مئة وستون فرسخاً، وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخاً. يُنْظَر:«معجم البلدان» (3/ 116 ــ 122)، وفيه لطائف، وعجائب.
وَفِيْهَا فُتِحَتْ «تَكْرِيْتُ» (1).
وَفِيْهَا سَارَ عُمَرُ فَفَتَحَ «بَيْتَ المَقْدِسِ» ، وَخَطَبَ بِ «الجَابِيَةِ» (2) خُطْبَتَهُ المَشْهُوْرَةَ.
وَفِيْهَا فُتِحَتْ «قِنَّسْرِيْنُ» (3) عَنْوَةً، وَ «حَلَبُ» وَ «أَنْطَاكِيَةُ» (4) وَ «مَنْبِجُ» (5) صُلْحَاً، =
(1) قال ياقوت: بفتح التاء، والعامة يكسرونها، بلدة مشهورة، بين بغداد والموصل، وهي إلى بغداد أقرب، وهي غرب دجلة. «معجم البلدان» (2/ 38)
(2)
بكسر الباء، وياء مخففه، وأصله في اللغة: الحوض الذي يُجبى فيه الماء للإبل، وهي قرية من أعمال دمشق، ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان، قرب مَرج الصَّفر، في شمالي حوران. يُنْظَر:«معجم البلدان» (2/ 91 ــ 92).
(3)
قنسرين: بكسر أوله، وفتح ثانيه وتشديده، وقد كسره قوم، فُتحت على يد أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه، وكانت حمص وقنسرين شيئاً واحداً. يُنْظَر:«معجم البلدان» (4/ 403 ــ 404).
(4)
ياؤها مخففه، من أمهات البلاد الشامية، بينها وبين حلب يومٌ وليلة. يُنْظَر:«معجم البلدان» (1/ 266 ــ 270).
(5)
بالفتح، ثم السكون، وباء موحدة مكسورة، بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ، مسيرة يومين. يُنْظَر:«معجم البلدان» (5/ 205).
وَ «سَرُوْجُ» (1) عَنْوَةً.
وَفِيْهَا فُتِحَتْ «قَرْقِيْسِيَاءُ» (2) صُلْحَاً.
وَفِيْهَا فُتِحَتِ «الأَهْوَازُ» صُلْحَاً. (3)
وَفِيْ سَنَةِ (4)(ثَمَانِ عَشْرَةَ) فُتِحَتِ جُنْدُ «نَيْسَابُوْرٍ» صُلْحَاً، وَ «حُلْوَانُ» (5) عَنْوَةً.
(1) بلدة قريبة من حرَّان، من ديار مُضَر، غلب عليها عياض بن غنم ثم فتحها صلحاً، سنة سبع عشرة، في أيام عمر رضي الله عنه، وهي التي يعيد الحريري في ذكرها ويُبدي في مقاماته. يُنْظَر:«معجم البلدان» (3/ 216).
(2)
بالفتح، ثم السكون، ويقال بياء واحدة، بلد على نهر الخابور، عندها مصب الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور والفرات. يُنْظَر:«معجم البلدان» (4/ 328).
(3)
في «تاريخ الخلفاء» للسيوطي (ص 161) أن فتح الأهواز صلحاً، وكان في سنة سبع عشرة.
(4)
يبدو أن في المخطوطة سقطاً؛ لأنه سقط ذكر سنة (سبع عشرة)؛ وكأن النقل من «تاريخ الخلفاء» للسيوطي، وقد ذكر السيوطي (ص 161) أن «سروج» ، و «الأهواز» فُتِحَتْ سَنَةَ (سبع عشرة).
(5)
بضم، ثم سكون، في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد، وليس بأ رض العراق بعد الكوفة، والبصرة، وواسط، وبغداد، وسُرَّمَنْ رَأَى؛ أكبر منها. وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها. يُنْظَر:«معجم البلدان» (2/ 290).
وَفِيْهَا فُتِحَتْ «الرُّهَا» (1) وَ «سُمَيْسَاطُ» (2) عَنْوَةً، وَ «حَرَّانُ» (3)
وَ «نَصِيْبِيْنُ» (4) وَطَائِفَةٌ مِنَ الجَزِيْرَةِ عَنْوَةً، وَقِيْلَ: صُلْحَاً، وَ «المَوْصِلُ» (5) وَنَوَاحِيْهَا، عَنْوَةً.
(1) بضم أوله، مدينة بالجزيرة، بين الموصل والشام، بينهما ستة فراسخ، النسبة إليها رُهَاوِي، نُسب إليها جماعة من العلماء المتقدمين، والمتأخرين. يُنْظَر:«معجم البلدان» (3/ 106).
(2)
بضم أوله، وفتح ثانيه، مدينة على شاطئ الفرات، في طرف بلاد الروم، على غربي الفرات. يُنْظَر:«معجم البلدان» (3/ 258).
(3)
بتشديد الراء، وهي قصبة ديار مضر، بينها وبين الرُّها يوم، وبين الرَّقة يومان، وهي على طريق الموصل والشام والروم. فتحت أيام عمر، على يد عياض بن غنم. وهناك حران من قرى حلب، وحران قرية بغوطة دمشق. يُنْظَر:«معجم البلدان» (2/ 235).
(4)
بالفتح، ثم الكسر، وهي من بلاد الجزيرة، على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، بينها وبين الموصل ستة أيام، فتحت على يد عياض بن غنم، وهناك نصيبين من قرى حلب، وأخرى مدينة على شاطئ الفرات، تُعرف بنصيبين الروم. يُنْظَر:«معجم البلدان» (5/ 288).
(5)
ينظر: «معجم البلدان» (5/ 223).
وَفِيْ سَنَةِ (تِسْعَ عَشْرَةَ) فُتِحَتْ «قَيْسَارِيَّةُ» (1) عَنْوَةً.
وَفِيْ سَنَةِ (عِشْرِيْنَ) فُتِحَتْ «مِصْرُ» كُلُّهَا عَنْوَةً، وَقِيْلَ:«مِصْرُ» كُلُّهَا صُلْحَاً إِلَّا «الإِسْكَنْدَرِيَّةَ» (2) فَعَنْوَةَ.
وَفِيْهَا فُتِحَتْ «تُسْتَرُ» (3).
وَفِيْهَا أَجْلَى عُمَرُ الْيَهُوْدَ عَنْ «خَيْبَرَ» (4)، وَعَنْ «نَجْرَانَ» (5)، وَقَسَّمَ خَيْبَرَ، وَ «وَادِيْ الْقُرَى» (6).
(1) بالفتح، ثم السكون،
…
وبعد الراء ياء مشددة، بلد على ساحل بحر الشام، تُعدُّ في أعمال فلسطين، بينها وبين طبرية ثلاثة أيام. النسبة إليها قيسراني. يُنْظَر:«معجم البلدان» (4/ 421).
(2)
ينظر: «معجم البلدان» (1/ 182 ــ 189).
(3)
بالضم، ثم السكون، وفتح التاء الأخرى، أعظم مدينة بخوزستان. نسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: سهل بن عبدالله التُستَري رحمه الله (ت 282 هـ) وقيل: (272 هـ). يُنْظَر: «معجم البلدان» (2/ 29)، وانظر:«المصنف» لابن أبي شيبة (18/ 299).
(4)
ينظر: «معجم البلدان» (2/ 409 ــ 411).
(5)
ينظر: «معجم البلدان» (5/ 266 ــ 271).
(6)
وادي بين المدينة والشام، كثير القرى، فتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع عَنْوة، ثم صُولحوا على الجزية. يُنْظَر:«معجم البلدان» (5/ 345)، وجاء في «معجم معالم الحجاز» د. عاتق البلادي ـ ط. الثانية ـ (7/ 1359): هو وادٍ بين تبوك والمدينة، قُرْبَ المنتصف، سُمِّيَ وادي القُرى؛ لأنه من أوله إلى آخره قُرى منظومة كثيرة.
وَفِيْ سَنَةِ (إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ) فُتِحَتْ «الإِسْكَنْدَرِيَّةُ» عَنْوَةً، وَ «نَهَاوَنْدُ» (1)، وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَعَاجِمِ بَعْدَهَا جَمَاعَةٌ، وَ «بَرْقَةُ» (2)، وَغَيْرُهَا.
وَفِيْ سَنَةِ (اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ) فُتِحَتْ «أَذْرَبِيْجَانُ» (3) عَنْوَةً، وَقِيْلَ: صُلْحَاً، وَ «الدِّيْنَوَرُ» (4) عَنْوَةً، وَ «مَاسَبَذَانُ» (5) عَنْوَةً، وَ «هَمَذَانُ» (6) عَنْوَةً،
(1) بفتح النون الأولى، وتُكسر، والواو مفتوحة، مدينة عظيمة، في قبلة همذان، بينهما ثلاثة أيام. يُنْظَر:«معجم البلدان» (5/ 313 ــ 314).
(2)
بفتح أوله والقاف، اسم صقع كبير، يشتمل على مدن وقرى، بين الاسكندرية وإفريقية، واسم مدينتها أنطابلس بينها وبين الاسكندرية مسيرة شهر. يُنْظَر:«معجم البلدان» (1/ 388).
(3)
وقد فتح قوم الذال، وسكّنوا الراء، ينظر:«معجم البلدان» (1/ 128).
(4)
من أعمال الجبل، قرب قرميسين بينها وبين همذان نيف وعشرون فرسخاً، يُنْسب إليها جماعة من أهل الحديث، والأدب. يُنْظَر:«معجم البلدان» (2/ 545).
(5)
بفتح السين والباء. يُنْظَر: «معجم البلدان» (5/ 41).
(6)
يُنْظَر: «معجم البلدان» (5/ 410).
وَ «طَرَابُلُسْ المَغْرِبَ» (1) وَ «الرَّيُّ» (2) وَ «عَسْكَرُ» (3) وَ «قُوْمِسُ» (4).
وَفِيْ سَنَةِ (ثَلَاثٍ وَعِشْرِيْنَ) كَانَ فَتْحُ «كَرْمَانَ» (5)، وَ «سِجِسْتَانَ» (6)،
(1) بفتح أوله، وبعد اللف باء مضمومة، ويقال: أطرابلس، وهناك طرابلس أخرى، يقال لها طرابلس الشام. يُنْظَر:«معجم البلدان» (4/ 25 ــ 26).
(2)
من أمهات البلاد، وأعلام المدن، بينها وبين نيسابور مئة وستون فرسخاً، وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخاً. يُنْظَر:«معجم البلدان» (3/ 116 ــ 122) ففيه لطائف، وعجائب.
(3)
يُنْظَر: «معجم البلدان» (4/ 122 ــ 124).
(4)
بضم، ثم السكون، وكسر الميم، هي في ذيل جبال طبرستان، وهي بين الري ونيسابور. يُنْظَر:«معجم البلدان» (4/ 414).
(5)
بالفتح وربما كسرت، والفتح أشهر بالصحة، ثم السكون، ولاية مشهورة، وناحية كبيرة، ذات بلاد، وقرى ومدن، شرقيها مُكران، وغربيها أرض فارس، وشماليها مفازة خراسان، وجنوبيها بحر فارس. يُنْظَر:«معجم البلدان» (4/ 454).
(6)
بكسر أوله وثانيه، أرضها رملة سبخة، والرياح فيها لاتسكن أبداً، وهي أرض سهلة لايُرى فيها جبل، في رجالها عِظم خلقٍ، وجلادة، وهم فرس، ليس بينهم من المذاهب غير الحنفية من الفقهاء، إلا قليل نادر، ولاتخرج المرأة من بيتها، وإن أرادت زيارة أهلها فبالليل، وفيها كثير من الخوارج، لايتحاشون من إظهار مذهبهم، بل ويفتخرون به. يُنْظَر:«معجم البلدان» (3/ 190)، وهي تقع اليوم ضمن دولة أفغانستان.
و «مُكْرَانَ» (1) مِنْ بَلَدِ الجَبَلِ، وَ «أَصْبَهَانَ» (2)، وَنَوَاحِيْهَا. (3)
فَمَتَى سَافَرَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِالْتِّجَارَةِ إِلَى بِلَادِ الحَرْبِ؟ !
وَأَيْنَ الْبِلَادُ الَّذِيْ يُسَافِرُ إِلَيْهَا بِالْتِّجَارَةِ، هُوَ، وَأَصْحَابُهُ؟ !
قَالَ عُمَرُ: (أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ). وَكَانَ بِالمَدِيْنَةِ، وَجُنُوْدُهُ بِالْشَّامِ وَالْعِرَاقِ.
رَوَاهُ «الْشَّافِعِيُّ» عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِيْ نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ:(أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ). (4)
(1) بالضم، ثم السكون. يُنْظَر:«معجم البلدان» (5/ 179).
(2)
بفتح الهمزة، وهو الأكثر، ومنهم مَن يكسرها، من أعلام المدن وأعيانها، وهي اسم للإقليم بأسره. يُنْظَر:«معجم البلدان» (1/ 206 ــ 210).
(3)
«تاريخ الطبري» (3/ 598)، «تاريخ الخلفاء» للسيوطي (ص 159 ــ 161). ويُنْظَر في البلدان التي فُتِحتْ صلحاً أوالتي فُتِحَتْ عَنْوَةً:«الاستخراج لأحكام الخراج» لابن رجب (ص 256) وما بعدها، و (ص 271) وما بعدها.
(4)
أخرجه: الشافعي في «الأم» ـ ط. دار الوفاء ـ (5/ 396)(1908)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 77)، وفي «معرفة السنن والآثار» (7/ 8)]، وابن أبي شيبة في «المصنف» ـ ط. عوامة ـ (18/ 233)(34376)، وسعيد بن منصور في «سننه» ـ التفسير ـ (5/ 203)(986) وط. الأعظمي (2/ 225)(2540)، وابن المبارك في «الجهاد» (262)، وعبدالرزاق في «المصنف» (5/ 252)(9524)، وابن جرير في «تفسيره» ـ ط. هجر ـ (11/ 81)، من طريق ابن أبي نجيح به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإسناده ضعيف؛ لانقطاعه بين مجاهد وعمر. وقد ضعفه العلامة الألباني في «الإرواء» (5/ 28)(1204) مع تصحيحه للحديث بعده عن عمر قوله: لو أن أبا عبيدة تحيز إليَّ؛ لكنت له فئة، وكان أبوعبيدة في العراق.
وقد تابع مجاهداً في الرواية عن عمر، عبدُالملك بنُ عمير، فيما أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (5/ 1671)(8898) من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبدالملك بن عمير، قال: قال عمر. فذكره. وهو منقطعٌ ـ أيضاً ـ؛ عبدالملك لم يدرك عمر.
وله طرق أخرى مرسلة يتقَوَّى بها الأثر، تُنظر في:«المصنف» لابن أبي شيبة (18/ 232 ــ 235).
وقد أخرج ابن المبارك في «الجهاد» (233)، ومن طريقه:[ابن جرير في «تفسيره» ـ ط. هجر ـ (11/ 80)] من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان ـ وهو النهدي ـ، قال: لمَّا قُتِلَ أبو عبيدة، جاء الخبر إلى عمر، فقال: يا أيها الناس، أنا فئتكم.
وهذا سند صحيح.
وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً.
أخرجه: البخاري في «الأدب المفرد» (972)، وأبوداود (2647)، والترمذي (1716)، وأحمد (9/ 281)(4384)، والشافعي في «الأم» (5/ 396)(1907)، وسعيد بن منصور في «سننه» ـ التفسير ـ (5/ 201)(985)، وط. الأعظمي (2/ 225)(2539)، والحميدي في «مسنده» (687)، وابن سعد في «الطبقات» (4/ 145)، وابن الجارود في «المنتقى» (3/ 305)(1050)، وأبو يعلى في «مسنده» (9/ 446)، والبيهقي في «السنن =
فَفَتَحَ الْفُتُوْحَ، وَمَصَّرَ الأَمْصَارَ، وَأَعَزَّ اللهُ دِينَهُ.
قَالَ أَبُوْ عُبَيْدٍ فِيْ كِتَابِ «الأَمْوَالِ» : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الْتَّيْمِيِّ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ المُسْلِمُوْنَ الْسَّوَادَ، قَالُوْا لِعُمَرَ: اقْسِمْهُ (1) بَيْنَنَا، فَإِنَّا فَتَحْنَاهُ عَنْوَةً، قَالَ: فَأَبَى (2)، ثُمَّ أَقَرَّ أَهْلَ الْسَّوَادِ عَلَى أَرْضِهِمْ، وَضَرَبَ سَهْمَ الجِزْيَةِ، وَعَلَى أَرْضِهِمُ (3) الخَرَاجَ.
= الكبرى» (9/ 76)، من طرق عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: .. بل أنتم العكارون، أنا فئتكم.
وهو ضعيف، فيه يزيد بن أبي زياد، والجمهور على تضعيفه. يُنْظَر:«تهذيب الكمال» (32/ 135).
وَقَدْ صَحَّحَ الأَثَرَ: ابنُ المُلَقِّن في «البدر المنير» (9/ 142)، وانْظُر: تخريج الشيخ د. سعد الحميِّد ل «سنن سعيد بن منصور» (5/ 204)، و «البدر المنير» (9/ 143)، و «التلخيص الحبير» (6/ 2933)، و «إرواء الغليل» (5/ 27)(1203).
(1)
نهاية الورقة [11] من المخطوط.
(2)
في «الأموال» زيادة: (فأبى، وقال: فَمَا لِمَن جاء عبدكم من المسلمين؟ وأخافُ إنْ قسمتُهُ، أن تفاسدوا بينكم في المياه، قال: فأقرَّ أهل السواد
…
(3)
في «الأموال» : وعلى أرضهم الطسق، ولم يقسمه بينهم. قال أبو عبيد: يعني الخراج.
وَرَوَاهُ «سَعِيْدُ بْنُ مَنْصُوْرٍ» ، عَنْ هُشَيْمٍ، مِثْلَهُ. (1)
وَقَالَ أَبُوْ عُبَيْدٍ فِيْ «الأَمْوَالِ» : حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَلَا أَعْلَمُ إِسْمَاعِيْلَ بْنَ إِبْرَاهِيْمَ إِلَّا حَدَّثَنَاهُ أَيْضَاً، عَنْ سَعِيْدَ بْنِ أَبِيْ عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْ مِجْلَزٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، عَلَى صَلَاتِهِمْ، وَحَرْبِهِمْ، وَعَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى قَضَائِهِمْ، وَبَيْتِ مَالِهِمْ، وَعُثْمَانَ بْنَ حَنِيْفٍ عَلَى مَسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ فَرَضَ لَهُمْ فِيْ كُلِّ يَوْمٍ شَاةٌ بَيْنَهُمْ
…
الحَدِيْثَ. (2)
(1)«الأموال» لأبي عُبيد (1/ 120)(153)، ومن طريقه:[ابنُ زنجويه في «الأموال» (223)]. ورواه سعيد بن منصور (2/ 227)(2589)، والبلاذري في «الفتوح» (ص 374)، من طريق هشيم به. والحدِيْثُ مُرْسَلٌ؛ التيمي لم يدرك القِصَّةَ.
لكن له شواهد، تُنظر في «الأموال» لأبي عبيد، بتحقيق: أبي أنس سيد بن رجب (1/ 120).
(2)
وهُوَ حَدِيْثٌ طَوِيْلٌ. أخرجه: أبو عبيد في «الأموال» (1/ 135)(182)، ومن طريقه:[ابن زنجويه في «الأموال» (256)، والبلاذري في «الفتوح» (ص 375)]، وعبدالرزاق في «المصنف» (6/ 100)(10128)، وابن أبي شيبة في «المصنف» ـ ط. عوامة ـ (17/ 425)(33383)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 136) كلهم من طريق قتادة، عن أبي مجلز، أنَّ عمر.
والإسناد منقطع؛ أبو مجلز لاحق بن حميد، روايته عن عمر رضي الله عنه مرسلة. يُنْظَر:«تحفة التحصيل» (ص 561)، «تهذيب الكمال» (31/ 176).
وَقَدْ أَخْرَجَ «الْبَيْهَقِيُّ» : أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ: أَنْ يَخْتِمُوْا رِقَابَ أَهْلِ الْذِّمَّةِ بِخَاتَمِ الْرَّصَاصِ، وَأَنْ يَجُزُّوْا نَوَاصِيَهُمْ، وَأَنْ يَشُدُّوْا المَنَاطِقَ. (1)
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ نَصْرَانِيَّاً اسْتَكْرَهَ مُسْلِمَةً عَلَى الْزِّنَا، فَرُفِعَ إِلَى أَبِيْ عُبَيْدَةَ (2)، فَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا صَالَحْنَاكُمْ؟ ! وَضَرَبَ عُنُقَهُ. (3)
(1) أخرجه: البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 202) من طريق عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن أسلم، قال: كتب عمر .. فذكره. وقد سبق تخريجه في (ص 216).
(2)
ابن الجراح رضي الله عنه.
(3)
أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامه ـ (14/ 550)(29434) قال: حدثنا عبدالأعلى.
وأبو يوسف في «الخراج» (ص 178).
كلاهما: (عبدالأعلى، وأبو يوسف) عن داود بن أبي هند، عن زياد بن عثمان، فذكره.
ـ داود بن أبي هند، قال في «التقريب» (ص 236): ثقة متقن، كان يهِمُ بأخرة. وانظر «تحرير تقريب التهذيب» ـ ط. الرسالة ناشرون ـ (ص 237) ففيه تعقب على قوله: يهم بأخرة. وانظر: «تهذيب الكمال» (8/ 461).
ـ
…
زياد بن عثمان، قال ابن أبي حاتم:(روى عن: عباد بن زياد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، روى عنه: حجاج بن حجاج سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو مجهول). وروى عنه أيضاً كما هنا: داود بن أبي هند.
ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال أبو حاتم: مجهول. وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» وسكت عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الذهبي في «الميزان» : مجهول، عداده في التابعين، لايُعرف. وذكره في «المغني في الضعفاء» .
والصواب أنه مجهول، ومعروف تساهل ابن حبان في توثيق المجاهيل.
ينظر في ترجمته: [«التاريخ الكبير» للبخاري (3/ 365)، «الجرح والتعديل» (3/ 539)، «الثقات» لابن حبان (6/ 326)، «ميزان الاعتدال» للذهبي ـ ط. الرسالة ـ (2/ 85)، «المغني في الضعفاء» للذهبي (1/ 375)].
وأخرج الحديث أيضاً: عبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 115)(10170)، وأيضاً (10/ 364)(19381) عن ابن جريج، قال: أُخبرت أن أبا عبيدة بن الجراح قتل كذلك رجلاً من أهل الكتاب أراد امرأة على نفسها. وأبو هريرة أيضاً
…
وهذا مرسل.
وساق إسناده عن أبي هريرة في (6/ 115)(10168) عن الأسلمي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، أن امرأة مسلمة استأجرت يهودياً أو نصرانياً
…
وهو إسناد ضعيف جداً؛ لوجود الأسلمي.
ــ
…
الأسلمي هو: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى السلمي مولاهم، قال البخاري: جهمي تركه ابن المبارك والناس، وقال أحمد: قدري معتزلي جهمي كل بلاء فيه، وقال يحيى القطان: كذاب، وقال ابن حجر في «التقريب» (ص 132): متروك. وانظر: «تهذيب الكمال» (2/ 186).
ــ
…
سهيل بن أبي صالح: ذكوان السمَّان، أبو يزيد المدني. قال الذهبي في «من تكلم فيه وهو موثق أو صالح الحديث»: صدوق، مشهور، ساء حفظه. وقال في «المغني»: ثقة، تغير حفظه. وفي «الميزان»: أحد العلماء الثقات، وغيره أقوى منه. قال ابن حجر في «تقريب =
قَالَ عَبْدُ الْرَّزَّاقِ: عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، أُخْبِرْتُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، قَتَلَا كِتَابِيَّيْنِ، رَاوَدَا امْرَأَةً عَلَى نَفْسِهَا مُسْلِمَةً. (1)
وَرَوَى «الْبَيْهَقِيُّ» مِنْ طَرِيْقِ الْشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ ـ وَهُوَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ ـ، بِالْشَّامِ
…
الحَدِيْثَ. (2)
= التهذيب»: صَدوقٌ، تَغيَّر حِفْظُه بأَخَرَةٍ. روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، ومسلم، والأربعة.
ينظر: [«الجرح والتعديل» (4/ 246)، «تهذيب الكمال» (12/ 223)، «ميزان الاعتدال» (2/ 433) و (5/ 426)، «من تكلم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» (ص 250) (152)، «المغني» (1/ 455)، «تقريب التهذيب» (ص 421)].
ــ والده: ذكوان أبو صالح السمَّان الزيَّات المدني، ثقة، ثبت. ينظر:«تقريب التهذيب» (ص 238).
(1)
سبق تخريجه في الحاشية السابقة. وانظر في المسألة: «أحكام أهل الذمة والردة» للخلال ـ ط. كسروي حسن ـ (ص 264) وما بعدها، و «أحكام أهل الذمة» لابن القيم (3/ 1349)، و «تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام» لابن جماعة ـ ط. المنهاج ـ (ص 608)، و «نيل الأوطار» للشوكاني ـ ط. دار ابن الجوزي ـ (13/ 241)، و «إرشاد أولي الألباب إلى ما صحَّ من معاملة أهل الكتاب» لجمال بن محمد بن إسماعيل.
(2)
الحديث حسنٌ بشواهده. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الحافظ عبدالله بن وهب المصري: حدثني جرير بن حازم الأزدي، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن سُوَيد بن غَفَلَة قال: كنا مع عمر بن الخطاب، وهو أمير المؤمنين بالشام، فأتاه نبطي مضروب مشجج مستعدى.
فغضب غضباً شديداً، فقال لصهيب: انظر من صاحب هذا؟
فانطلق صهيب، فإذا هو عوف بن مالك الأشجعي. فقال له: إن أمير المؤمنين قد غضب غضباً شديداً، فلو أتيت معاذ بن جبل، فمشى معك إلى أمير المؤمنين، فإني أخاف عليكم بادرته، فجاء معه معاذ.
فلما انصرف عمر من الصلاة قال: أين صهيب؟ فقال: أنا هذا يا أمير المؤمنين. قال: أجئت بالرجل الذي ضربه؟
قال: نعم. فقام معاذ بن جبل فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه عوف بن مالك فاسمع منه ولاتعجل عليه.
فقال له عمر: مالك ولهذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيته يسوق بامرأة مسلمة، فنخس الحمار ليصرعها، فلم تصرع، ثم دفعها فخرت عن الحمار ثم تغشاها، ففعلت ما ترى. قال: ائتني بالمرأة لتصدقك. فأتى عوف المرأة فذكر الذي قال له عمر. قال أبوها وزوجها: ما أردت بصاحبتنا؟ فضحتها.
فقالت المرأة: والله لأذهبن معه إلى أمير المؤمنين؛ فلما أجمعت على ذلك، قال أبوها وزوجها: نحن نبلغ عنك أمير المؤمنين، فأتيا فصدقا عوف بن مالك بما قال.
قال: فقال عمر لليهودي: والله ما على هذا عاهدناكم فأمر به فصُلِب، ثم قال: يا أيها الناس، فُوْا بذمة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن فعل منهم هذا، فلا ذمة له.
قال سويد بن غفلة: وإنه لأول مصلوب رأيته. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه: عبدالله بن وهب في «جامعه» ـ ط. دار الوفاء ـ (ص 291)(507)، ومن طريقه:[البيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 201)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (47/ 40)]، وابن زنجويه في «الأموال» ـ تحقيق: شاكر ذيب ـ (708) من طريق جَريرِ بنِ حَازِم.
وأخرجه: أبو يوسف في «الخراج» (ص 178).
وأخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامه ـ (14/ 550)(29435) عن عبدالرحيم بن سليمان.
وأبو بكر الخلال في «أحكام أهل الملل والردة» (ص 267)(764) من طريق حَمَّادِ بنِ زيد.
وأبو عبيد في «الأموال» (1/ 287)(500) قال: حدثنا عباد بن عباد.
وأبو عبيد أيضاً في «الأموال» (1/ 287)(501) عن هشيم.
ستتهم: [جرير بن حازم، وأبو يوسف، وعبدالرحيم بن سليمان، وحماد بن زيد، وعباد بن عباد، وهشيم] عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن سويد بن غفلة.
عند أبي يوسف، وابن أبي شيبة، والخلال، مختصراً. وعند أبي عبيد من رواية عباد: قال في آخره: قال: سويد: فذلك اليهودي أول مصلوب رأيتُه صُلِبَ في الإسلام. وعند الخلال: تصحف فيه (سويد بن غفلة) إلى (عن سويد، عن علقمة).
مُجالد بن سعيد بن عمير الهمْداني، أبو عمرو، ويقال: أبو عمير، ويقال: أبو سعيد، الكوفي.
ضَعيفٌ خاصةً في الشعبي، وفيما ما حدث به في آخر عمره. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وثَّقَه: ابن معين في رواية، والنسائي في رواية. وقال البخاري: صدوق. وقال محمد بن المثنى: يحتمل حديثه لصدقه. وقال العجلي: حسن الحديث، جائز الحديث.
وضَعَّفَهُ: ابن سعد، ويحيى بن سعيد، والإمام أحمد، وابن معين في رواية، والجوزجاني، وأبو حاتم، والنسائي في رواية، وابن حبان، والدارقطني.
قال يحيى بن سعيد: كان مجالد يلْقَن الحديث إذا لُقِّن.
قال البخاري: كان يحيى بن سعيد يضعفه، وكان عبدالرحمن بن مهدي لايروي عنه شيئاً، وكان ابن حنبل لايراه شيئاً، يقول: ليس بشئ.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان قال: سمعت عبدالرحمن بن مهدي يقول: حديث مجالد عند الأحداث: يحيى بن سعيد، وأبي أسامة، ليس بشيء.
ولكن حديث شعبة، وحماد بن زيد، وهشيم، وهؤلاء القدماء. قال ابن أبي حاتم: يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره.
قال المروذي: ذكروا لأحمد أشياء عن مجالد، عن الشعبي؟ فقال: كم من أعجوبة لمجالد.
ولما سئل عن أصحاب الشعبي؟ قال عن مجالد: كان يكثر ويضطرب. وقال مرة: مجالد حديثه عن أصحابه كأنه حُلم. وقال مرة: مجالد عن الشعبي وغيره ضعيف. وقال مرة: «ليس بشيء، يرفع حديثاً كثيراً لا يرفعه الناس، وقد احتمله الناس» .
قال ابن حبان: كان رديء الحفظ، يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به.
وقال ابن عدي: له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر من الصحابة أحاديث صالحة، وعامة ما يرويه غير محفوظ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» : ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره. (ت 144 هـ).
والراجح من حاله أنه ضعيف خاصة في الشعبي، وفيما ما حدث به في آخر عمره، كما سبق في قول ابن مهدي، ومن وثقه فلعله لأجل صدقه كما في عبارة ابن المثنى، ومن ضعفه فلعله لأجل ضعف حفظه وضبطه.
ينظر: [«الطبقات» لابن سعد (6/ 349)، «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (2/ 549)، رواية الدارمي (811)، «العلل» لأحمد رواية المروزي (ص 238)، رواية عبدالله (880) «التاريخ الكبير» للبخاري (8/ 9)، «الضعفاء» للبخاري (378)، «أحوال الرجال» للجوزجاني (126)، «الثقات» للعجلي (2/ 264)، «الضعفاء والمتروكون» للنسائي (552)، «الضعفاء» للعقيلي (4/ 1376)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (8/ 361)، «المجروحون» لابن حبان (2/ 343)، «الكامل» لابن عدي (6/ 420)، «الضعفاء والمتروكون» للدارقطني (532)، «تهذيب الكمال» (27/ 219)، «ميزان الاعتدال» ـ ط. الرسالة ـ (4/ 18)، «الكاشف» (3/ 120)، «تهذيب التهذيب» (10/ 39)، «تقريب التهذيب» (ص 549)]
ــ الشعبي هو عامر بن شراحيل الشعبي، قال في «التقريب» (ص 323): ثقة، مشهور، فقيه، فاضل.
ــ سويد بن غَفَلَة، قال في «التقريب» (ص 294):(مخضرم، من كبار التابعين، قدم مسلماً يوم دُفِنَ النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مسلماً في حياته، ثم نزل الكوفة).
قال البيهقي عقب الحديث: (تابعه ابنَ أَشْوَع، عن الشعبي، عن عوف بن مالك). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: لم يتابعْ ابنُ أَشْوَع مجالدَ بنَ سعيد، بل خالَفه، حيث أسقط سويد بن غفلة، ورواه عن عوف مباشرة، وكذا خالفه: جابرُ الجعفي، وإسماعيلُ بن أبي خالد.
ـ
…
أما رواية ابنِ أَشْوَع، فأخرجها: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (47/ 39) من طريق إسماعيل بن علية، عن خالد الحذاء، عن ابن أَشْوَع، عن الشعبي، عن عوف بن مالك الأشجعي قال: وربما قال: حدثنا عوف بن مالك؛ قال: بينا أسير في الشام على بعير، ورجل من أهل الذمة يسوق بامرأة معه .... الحديث
واحتج بهذا الطريق الإمام أحمد كما في «أحكام أهل الملل والردة» لأبي بكر الخلال (ص 266 ـ 267)(763).
ابن أَشْوَع: هو سعيد بن عمرو بن أَشْوَع الهَمْداني الكوفي. وثّقه العجلي، والحاكم، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في «الثقات» ، قال ابن حجر في «التقريب»: ثقة، رمي بالتشيع. روى له البخاري، ومسلم. ينظر:[«الجرح والتعديل» (4/ 50)، «تهذيب الكمال» (11/ 15)، «تقريب التهذيب» (ص 273)].
ـ وأما رواية جابر الجعفي، فأخرجها: عبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 114)(10167)، وفي (10/ 314)(19216) عن الثوري، عن جابر، عن الشعبي، عن عوف بن مالك، فذكره .. وفيه أن يهودياً أو نصرانياً
…
ـ
…
جابر هو ابن يزيد بن الحارث الجُعفي، أبو عبدالله الكوفي، قال في «التقريب» (ص 175): ضعيف، رافضي.
وفي الطريقين السابقين خالفا فيه مجالداً، حيث جعلا رواية الشعبي عن عوف بن مالك، وليس سويد بن غفلة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والشعبي لم يسمع من عوف بن مالك رضي الله عنه، قال أبو حاتم الرازي: لم يسمع الشعبي من ابن عمر، ولم يدرك عاصم بن عدي؛ لأنه قديم، ومايمكن أن يكون سمع من عوف بن مالك الأشجعي، ولا أعلم سمع الشعبي بالشام إلا من المقدام أبي كريمة). «كتاب المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 160)(596)، وانظر:«تحفة التحصيل» للعراقي (ص 219)(426).
قال ابن عساكر عقبه: الشعبي لم يسمعه من عوف، إنما رواه عن سويد بن غفلة، عن عوف.
ـ وأما رواية إسماعيل بن أبي خالد، فأخرجها: ابن زنجويه في «الأموال» ـ تحقيق: شاكر ذيب ـ (707) ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يَسُوقُ بِامْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَنَخَسَ بِهَا حِمَارَ .... الحديث. وهذا مرسل.
ـ وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم، قال في «التقريب» (ص 146): ثقة، ثبت.
وقد روي الحديث من وجه ثالث: أخرجه عبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 115)(10169) عن ابن جريج، قال: أخبرني مَن أُصدِّق
…
فذكره مختصراً. وهذا مرسل أيضاً، مع جهالة شيخ ابن جريج.
قال عبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 116) بعد سياقه الآثار في الباب: والناس على أن السُّنَّةَ في هذا سُنَّةُ المسلم، إن كان محصناً رُجِمَ، وإن كان غير محصن حُدَّ، وكذلك المرأة.
وقد حسَّن الحديثَ العلَّامَةُ الألْبَانيُّ في «إرواء الغليل» (5/ 119)(1278)، لمتابعة ابن أشوع، مجالدَ بنَ سعيد.
والمتابَعَةُ ضَعيفةٌ؛ للانقطاع بين الشعبي وعوف ـ كما سبق ـ.
لكن الحديث يتقوى بحديث أبي عبيدة، وأبي هريرة رضي الله عنهم كما في الحاشية السابقة، وماذكره الإمام عبدالرزاق: (والناس على أن السُّنَّةَ في هذا سُنَّةُ المسلم
…
).
فَهَذِهِ حَالُ سِيْرَةِ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم، وَصَاحِبَيْهِ، المُقْتَدَى بِهِمْ، فِيْ إِظْهَارِ دِيْنِ الله فِيْ جَمِيْعِ الأَمْصَارِ (1).
فَهَلْ تَرَى سَافَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِتِجَارَتِهِ إِلَى دَارِ الحَرْبِ؟ !
فَأَيْنَ دَارُ الحَرْبِ مِمَّا ذَكَرَ الَّذِيْنَ سَافَرُوْا إِلَيْهَا بِالْتِّجَارَةِ؟ !
بَلْ جَمِيْعُ جَزِيْرَةِ الْعَرَبِ فِيْ مُدَّةِ خَلِيْفَتَيْ رَسُوْلِ الله ـ كَمَا سَبَقَ ـ يَنْصَرِفُوْنَ فِيْهَا كَيْفَ شَاءُوْا؛ وَهِيَ (2) كَمَا قَالَ مَجْدُ الْدِّيْنِ (3):
«مَا أَحَاطَ بِهِ
(1) ينظر التعليق في (ص 234) من هذا الكتاب.
(2)
أي جزيرة العرب.
(3)
هُوَ العلامة اللغوي مجد الدين: محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي الفيروزآبادي، وُلِد: بكارَزِين بلدة بفارس، رحل إلى عدة أقطار في طلب العلم، من شيوخه: التقي السبكي، وابن القيم، والعلائي، من تلامذته: الصفدي، وابن حجر، وابن عقيل، والإسنوي، من مؤلفاته:«القاموس المحيط» ، «الدرر المبثَّثة في الغُرَر المُثَلَّثَة» ، «البلغة في تراجم أئمة النحاة واللغة» ، و «سِفْرِ السعادة» ، «بصائر ذوي التمييز» ، استقرَّ في «زبيد» من مدن اليمن، وتولى فيها القضاء، وتوفي رحمه الله سنة (817 هـ).
ينظر في ترجمته: [«العقد الثمين» للتقي الفاسي (2/ 392)، «إنباء الغمر» لابن حجر (7/ 159)، «الضوء اللامع» للسخاوي (10/ 79)، «شذرات الذهب» لابن العماد (7/ 126)].
بَحْرُ الهِنْدِ وَالشَّامِ، ثُمَّ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتَ، أَوْ مَا بَيْنَ عَدَنِ أبْيَنَ، إِلَى أَطْرَافِ الْشَّامِ طُوْلَاً، وَمِنْ جُدَّةَ (1) إِلَى رِيْفِ الْعِرَاقِ عَرْضَاً» (2).
قُلْتُ: قَدْ تَجَاوَزَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَأَيْنَ الْبَلَدُ الَّذِيْ سَافَرَ إِلَيْهِ الْصَّحَابَةُ لِلْتِّجَارَةِ، وَلَمْ يُظْهِرُوْا دِيْنَهُمْ فِيْهَا؟ !
فَالْخُلَفَاءُ هَلُمَّ جَرَّاً، عَلَى ذَلِكَ المِنْوَالِ رضي الله عنهم أَجْمَعِيْنَ.
فَإِنْ قِيْلَ: فَقَدْ سَافَرَ بَعْضُ الْصَّحَابَةِ، كَأَبِيْ بَكْرٍ، وَغَيْرِهِ، إِلَى بَلَدِ المُشْرِكِيْنَ؛ لِأَجْلِ الْتِّجَارَةِ؟ (3)
(1) فائدة: هناك رسالة مطبوعة بعنوان «التحقيقاتُ المُعَدَّةِ بِحَتْمِيَّةِ ضَمِّ جِيْمِ جُدَّةَ» للأساتذة: عبدالقدوس الأنصاري، وعبدالفتاح أبي مدين، وأبي تراب الظاهري رحمهم الله.
(2)
«القاموس المحيط» مادة «جزر» (ص 465)، وانظر في حدود جزيرة العرب، وخصائصها كتاب «خصائص جزيرة العرب» للشيخ: د. بكر أبو زيد رحمه الله.
(3)
قال الشيخ: إسحاق بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله في «الأجوبة السمعيات» (ص 138): (وأما احتجاجه بسفر أبي بكر، فمن أعظم الجهل؛ لأنه قد قام بقلوب أصحاب نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم من الغَيرة لله، ولدينِه، وعداوةِ أعدائه، وإزهاقِ النفوس في مرضاته، ومفارقةِ الآباء والإخوان والعشيرة، ما هو مَعرُوفٌ لا يخفى إلا على من أراد لَبْسَ الحقِّ بِالباطل. =
فَالجْوَابُ: إِنَّ سَفَرَهُمْ ذَلِكَ رضي الله عنهم إِلَى «بُصْرَى» مَدِيْنَةٍ مِنْ مَدَائِنِ الْشَّامِ، بَيْنَ المَدِيْنَةِ وَدِمَشْقَ، وَقِيْلَ: حَوْرَانَ؛ (1) فَإِنَّ أَمِيْرَهَا أَذْعَنَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِالْنُّبُوَّةِ فِيْ الْقَدِيْمِ، وَسَبَبُ ذَلِكَ، أَنَّ الْنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ
= هذا سعدٌ رضي الله عنه لما قدم مكة كافحَ أميةَ، وتوعَّدَهُ بما أخبرَ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم من قَتْلِهِ، وهو نَازلٌ عليه، فأغاظه، ولم يُبَالِ به.
وهذه أختُ عمر رضي الله عنه
…
لما قال لها: أريني هذا الكتاب، قالت: إنه لا يمسُّه إلا المُطَهَّرون، ولم تُوَافِقْهُ، وقد أدمى رأسَهَا، ومع ذلك، قالت: كان ذلك ـ تعني الإسلام ـ على رغْمِ أنفِك.
وكذلك أم حبيبة بنت أبي سفيان، طَوَتْ فِرَاشَ النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها، فقال: بُنَيَّة، أرَغبتِ بي عن هذا الفراش، أو رغبتِ به عنِّي؟ ! قالت:(بل هُوَ فِرَاشُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وأنتَ رجُلٌ مُشْرِكٌ، نَجِسٌ، فلا أُحِبُّ أنْ تجْلِسَ عَلَيه).
ومِثْلُ هذا كَثِيْرٌ من أقوالهم وأفعالهم، رضي الله عنه وَأَرْضَاهُمْ.
والمقصودُ: أنَّ لهمْ مِنَ الغَيْرَةِ ما هو مَعْلُومٌ، ومَصَالِحُ سفَرِهِم للدِّين، والدعوةِ إليه ظَاهِرةٌ، وحُجَجُهُمْ على أعدائِهِ قائِمَةٌ قاهِرةٌ؛ ومَنْ استدَلَّ بهذا على ما يصدُرُ من أهلِ الزَّمَانِ، فهُوَ المُكَابر لا محالَةَ، وهو كمَنْ يستدِلُّ بجواز القُبْلَةِ فِي نَهَار رمضَانَ، عَلَى جوَازِ الوَطءِ فِيهِ). انتهى.
(1)
قال ياقوت: (بُصْرى: في مَوْضِعَيْنِ، بالضَمِّ والقَصْرِ، إحداهما بالشام، من أعمال دمشق، وعي قصبة كورة حوران، مشهورةٌ عند العرب قديماً وحديثاً
…
وبُصْرَى أيضاً من قُرى بغداد قُرْبَ عكبراء
…
). يُنْظَر: «معجم البلدان» (1/ 441).
قَبْلَ الْنُّبُوَّةِ مَعَ أَعْمَامِهِ فِيْ قَرَيْشٍ خَارِجُوْنَ بِالْتِّجَارَاتِ إِلَى بُصْرَى، وَمَعَهُ صلى الله عليه وسلم مَالٌ لِخَدِيْجَةَ رضي الله عنها مُضَارِبٌ فِيْهِ لَهَا، فَلَمَّا قَدِمُوْا بُصْرَى رَآهُمْ عَظِيْمُهَا، وَهُوَ الحَارِثُ بْنُ أَبِيْ شَمِرٍ الْغَسَّانِيُّ، وَهُوَ إِذْ ذَاكَ أَعْمَى، فَأَعْجَبَهُ تَوَقُّدُ ذِهْنِهِ، وَحُسْنُ مَنْطُوْقِهِ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ، فَأَبْصَرَتْ عَيْنَاهُ، فَتَخَايَلَ فِيْهِ عَلَامَاتِ الْنُّبُوَّةِ، مِمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ الأَخْبَارِ فِيْ كُتُبِهِمْ، وَهُوَ حِيْنَئِذٍ نَصْرَانِيُّ، فَلَمَّا أَنَّ الْنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نُبِئَ، آمَنَ بِهِ، وَمَنْ تَحْتَ يَدِهِ، فَكَانَتْ بَلَدَ إِسْلَامٍ، فَإِذَا كَانَ أَمِيْرُ الْبَلْدَةِ مُسْلِمٌ، أُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الإِسْلَامِ.
فَسَافَرَ إِلَيْهَا مَنْ سَافَرَ مِنَ الْصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَمَا رَوَاهُ الْزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِيْ آخِرِ كِتَابِهِ «الْفَاكِهَةُ وَالمِزَاحُ» (1) لَهُ مِنْ حَدِيْثِ أُمِّ سَلَمَةَ، فِيْ قِصَّةِ سُوَيْبِطَ
(1) كذا في المخطوطة: «الفاكهة والمزاح» ، ولم أجد مَن ذكره بهذا العنوان، وعند ابن حجر في «الفتح» (12/ 77) قال:«الفاكهة» . وورد ذكره بعنوان: «الفكاهة والمزاح» عند: ابن حجر في «الفتح» (12/ 65)، و «تخريج أحاديث الإحياء» (3/ 89)، و «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين (4/ 161)، و «التلخيص الحبير» (6/ 3085) ـ ويبدو أن المؤلف نقل الحديث منه ـ.
وسمّاه ابن النديم في «الفهرست» (123): «مزاح النبي عليه السلام» ، وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (20/ 179) ب «المزاح» .
والكتاب غير مطبوع ـ فيما أعلمُ ـ وهو ضمن مرويات ابنُ حجر كما في «المعجم المفهرس» (1/ 173)، وانظر:«صلة الخلف بموصول السلف» للروداني (323)، «تاريخ التراث العربي» لسزكين (1/ 2/149).
ابْنِ حَرْمَلَةَ، وَالْنُّعْمَانَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ فِيْ حَيَاةِ الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَاجِرَاً إِلَى بُصْرَى.
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ. (1)
(1) ضَعِيْفٌ.
أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (44/ 283)(26687)، ومن طريقه:[أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/ 1439) (3650)، و (5/ 2665) (6385)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (62/ 140)]، والطيالسي في «مسنده» (3/ 176)(1705) مختصراً، ومن طريقه:[ابن الأثير في «أسد الغابة» (5/ 315)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (30/ 5)]، وابن ماجه في «سننه» (3719)، وإسحاق بن راهوية في «مسنده» (4/ 97)(1864)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (1/ 365)، وابن الأعرابي في «معجمه» ـ ط. ابن الجوزي ـ (3/ 1029)(2206)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (4/ 304)(1620)، والطبراني في «الكبير» (23/ 699)، والمزي في «تهذيب الكمال» (16/ 275) من طريق زمعة بن صالح، عن الزهري، عن عبدالله بن وهب بن زمعة، عن أم سلمة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه خرج تاجراً إلى بصرى، ومعه نُعيمان، وسويبط بن حرملة
…
الحديث.
عند: (ابن ماجه في أحد الوجهين، ويعقوب، والطبراني) وهب بن عبد بن زمعة، قال المزي في «تهذيب الكمال» (31/ 134): والمحفوظ هو: عبدالله بن وهب بن زمعة.
وعزاه ابن حجر في «الإصابة» (3/ 222) إلى الروياني في «مسنده» ، والزبير بن بكار في «الفكاهه» . وعزاه في «التلخيص الحبير» (6/ 3085) إلى الزبير بن بكار.
ولم أجده عند الروياني، وكتاب الزبير لم يطبع.
والحديث ضعيف؛ لأجل زمعة بن صالح وهو الجَنَدي اليماني، ضعَّفَهُ أحمد، وابن معين، وقال مرَّة: صويلح الحديث، وضعفه أيضاً: وأبو حاتم، وأبو داود، قال البخاري:(يُخالف في حديثه، تركه ابنُ مهدي أخيراً)، وقال أبو زرعة: ليِّن، واهي الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي، كثير الغلط عن الزهري، وذكره العقيلي في الضعفاء وابن حبان في المجروحين. وقال ابن حجر في «التقريب» ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون.
يُنظر: [«الجرح والتعديل» (3/ 624)، «المجروحون» لابن حبان (1/ 390)، «الضعفاء» للعقيلي (2/ 452)، «تهذيب الكمال» (9/ 386)، «ميزان الاعتدال» ـ ط. الرسالة ـ (2/ 75)، «تقريب التهذيب» (ص 340)].
- (قَوْلُهُ: مِثْلُ مُسَافِرَتْ أَهْلِ زَمَانِنَا عقِيْل).
يَعْنِيْ بِهِ: إِلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ، عَلَى بَغْدَادٍ، وَإِلَى الْشَّامِ، وَمَا عَلَى جِهَتِهِ.
قَدْ مَرَّ صَنِيْعُ الخُلَفَاءِ بِأَهْلِ ذَلِكَ (1) الْدِّيَارِ، وَلَمْ يَبْقَ بِهَا إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ
(1) كذا في المخطوطة، والصواب (تلك).
الْنَّعَمِ، مُسْتَضْعَفِيْنَ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ شَعَائِرِهِمْ شَئٌ، فَضَرَبَ عَلَيْهِمْ عُمَرُ الجِزْيَةَ، عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِيْنَ دِرْهَمَاً، وَعَلَى المُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ، وَعَلَى الْفَقِيْرِ المُكْتَسِبِ اثْنَتَي عَشَرَ (1).
وَطَلَبَ الجِزْيَةَ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ، تَنُوْخ، وَبَنِي تَغْلِبٍ؛ وَقَالُوْا: نَحْنُ عَرَبٌ، لَا نُؤَدِّيْ مَا يُؤَدِّيْ الْعَجَمُ، فَخُذْ مِنَّا مَا يَأَخُذُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، يَعْنُوْنَ: الْزَّكَاةَ.
وَالحَاصِلُ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ ـ الَّذِيْ يُسَافَرُ إِلَيْهِ الْيَوْمَ ـ كَانَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَسَبْعَةً وَثَلَاثِيْنَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَقِيْلَ: مِئَةَ أَلْفَ أَلْفٍ (2)، وَسِتِّيْنَ أَلْفَ أَلْفٍ، ثُمَّ كَانَ يَتَنَاقَصُ حَتَّى عَادَ فِيْ زَمَنِ الحَجَّاجِ إِلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيْزِ ارْتَفَعَ فِيْ الْسَّنَةِ الأُوْلَى إِلَى ثَلَاثِيْنَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَفِيْ الْثَّانِيَةِ إِلَى سِتِّيْنَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَقِيْلَ: فَوْقَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَئِنْ عِشْتُ لَأَبْلُغَنَّهُ إِلَى مَا كَانَ فِيْ أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَمَاتَ فِيْ تِلْكَ الْسَّنَةِ.
(1) سبق تخريجه في (ص 222).
(2)
نهاية الورقة [12] من المخطوط.
أَخْرَجَهُ: يَحْيَى بْنُ آدَمَ فِيْ كِتَابِ «الخَرَاجِ» مِنْ طَرِيْقِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيْ مِجْلَزٍ (1).
وَأَمَّا «بَغْدَادُ» فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ، بَانِيْهَا المَنْصُوْرُ، أَبُوْ جَعْفَرٍ عَبْدُ الله بْنُ مُحَمِّدٍ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ العَبَّاسِ، ثَانِي الخُلَفَاءِ الْعَبَّاسِيِّيِنَ، بَنَاهَا لَمَّا تَوَلَّى الخِلَافَةَ بَعْدَ أَخِيْهِ الْسَّفَّاحِ، وَكَانَتْ وِلَايَةُ المَنْصُوْرِ المَذْكُوْرِ فِيْ ذَي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَتٍّ وَثَلَاثِيْنَ وَمِئَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِيْ ذِيْ الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمِئَةٍ (2).
(1) النص منقول «التلخيص الحبير» (6/ 2939)(6235). ولم أجده في كتاب «الخراج» .
وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ـ ط. الخانجي ـ (4/ 305 ـ 306)، وعبدالرزاق في «مصنفه» (6/ 100)(10128)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامة (7/ 59)(10827)، وأبو عبيد في «الأموال» (1/ 94)(105)، وعنه:[ابن زنجويه في «الأموال» (256)، والبلاذري في «فتوح البلدان» ـ تحقيق رضوان ـ (269)]، والبيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 136) كلهم من طريق قتادة، عن أبي مجلز، به.
وهو مُرْسَلٌ، أبو مجلز لاحِقُ بنُ حميد، لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ينظر: «تحفة التحصيل» (ص 561)، «تهذيب الكمال» (31/ 176).
(2)
ينظر «تاريخ الخلفاء» للسيوطي ـ ط. صادر ـ (ص 308)، وانظر في بناءِ بغداد «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي ـ ط. دار الغرب ـ (1/ 375).
وَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ تَبَدَّلَتِ الحَالُ، وَانْعَكَسَ الأَمْرُ، وَتُرِكَ مَا ذُكِرَ، فَكَانَتْ ذَلِكَ (1) الْدِّيَارِ، دِيَارَ كُفْرٍ وَاخْتِلَافٍ، وَكَثُرَتِ المَذَاهِبُ، وَتَشَعَّبَتِ عَنْ دِيْنِ اللهِ، فَكَانَ فِيْهَا مِنَ الْيَهُوْدِ، وَالْنَّصَارَى، وَالمَجُوْسَ، وَالبَانِيَانِ (2)،
وَالشِّيْعَةِ، وَالمُعْتَزِلَةِ، وَالمُرْجِئَةِ، وَالحُلُوْلِيَّةِ، وَالاتِّحَادِيَّةِ، وَالمُشَبِّهَةِ، وَالجَهْمِيَّةِ، وَالوَثَنِيِّيْنَ، وَالْقَدَرِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المِلَلِ الَّتِيْ كَفَرَتْ بِمَا جَاءَ بِهِ الْرَّسُوْلُ صلى الله عليه وسلم
(1) كذا في المخطوطة، والصواب (تلك).
(2)
البانيان: أصلهم من وثني الهند، ولهم وجود في اليمن، وبعضهم قال: هم المجوس.
قال الصنعاني في «سبل السلام» ـ ط. ابن الجوزي ـ (8/ 252)(1222): (ولا يخفى أن البانيان هم: المجوس، والمجوس حكمهم حكمُ أهل الكتاب؛ لحديث: «سُنُّوا بهم سُنَّةَ أهل الكتاب»؛ فيجب إخراجهم من أرض اليمن، ومِنْ كُلِّ محَلٍّ من جزيرة العرب؛ وعَلَى فَرْضِ أنَّهم ليسوا بمجوس، فالدليل على إخراجهم دخولُهم تحت: «لا يجتمع دينان في أرض العرب»).
ولإبراهيم بن عبدالقادر الكوكباني (ت 1223 هـ) رسالة بعنوان: «رسالة في شأن البانيان، هل تثبت لهم ذمة» . ذكرها محمد بن زبارة الصنعاني في كتابه «نشر العرف لنبلاء اليمن بعد الألف إلى سنة 1375 هـ» (3/ 41) أفاده: أحمد المعلم في كتابه «القبورية» (ص 539).
وانظر: «مصادر الفكر الإسلامي في اليمن» لعبدالله الحِبْشِي (ص 263)، و «فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم» (6/ 208)(1510).
عَنْ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَلَازَمَهُمْ طَوَائِفُ يَنْتَسِبُوْنَ إِلَى المَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ يَدْعُوْنَ غَيْرَ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَيَسْتَغِيْثُوْنَ بِغَيْرِهِ جِهَارَاً، وَحَكَّمُوْا الْطَّاغُوْتَ بِالْقَانُوْنِ، وَتَذْهَبُ الأَمْوَالُ بِالرِّشَا، وَبَنَوْ لِلْفُجُوْرِ أَسْوَاقَاً تُؤْخَذُ عَلَيْهَا الأَمْوَالُ، وَيْفَعَلُوْنَ فِعْلَ قَوْمِ لُوْطٍ، وَيُعَامِلُوْنَ بِالْرِّبَا، وَيَشْرَبُوْنَ الخَمْرَ، وَيَبِيْعُوْنَهَا بِالأَسْوَاقِ جِهَارَاً، وَلَمْ يَعْرِفُوْا الإِسْلَامَ إِلَّا اسْمَهُ، وَتَرَكُوْا الْصَّلَاةَ وَالْزَّكَاةَ وَالحَجَّ وَصَوْمَ رَمَضَانَ؛ وَجَمِيْعُ الْفِسْقِ ظَاهِرٌ فِيْ الْأَسْوَاقِ، وَلَمْ يُنِكِرْ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، فَسَافَرَ إِلَيْهِمْ مَنْ سَافَرَ مِنْ بِلَادِ المُسْلِمِيْنَ وَقَالُوْا: إِنَّهَا بَلَدُ إِسْلَامٍ ـ لَا سَلَّمَهُمُ اللهُ ـ وَتَرَكُوْا تَعَلُّمَ دِيْنِهِمْ فَكَانُوْا لَهُمْ شِعَارَاً بِالمُجَالَسَةِ وَالمُدَاهَنَةِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَقَامُوْا لَهُمْ عَنْ مَجَالِسِهِمْ، وَسَلَّمُوْا عَلَيْهِمْ، وَعَامَلُوْهُمْ بِالرِّبَا، وَنَالُوْا مَا نَالُوْا مِنْ رُسُوْمِهِمْ الْبَاطِلَةِ، وَبِدَعِهِمُ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، وَالْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ، وَالْغَالِبُ مِنْهُمْ تَارِكٌ لِلْصَّلَاةِ وَالْزَّكَاةِ وَالحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ؛ عَاكِفٌ فِيْ أَسْوَاقِ المُوْمِسَاتِ، مُشَاهِدٌ لِلْمَعَازِفِ وَالْطَّبْلِ وَالمَزَامِيْرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ المَنَاكِيْرِ
الَّتِيْ عَمَّتْ وَطَمَّتْ ذَلِكَ (1) الْبِلَادِ.
فَالمُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، يُمَايِزُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ لِيَنْظُرَ الْرَّاجِحَ
(1) كذا في المخطوطة، والصواب (تلك).
مِنَ المَرْجُوْحِ، فَلْيَأخُذْ بِالْرَّاجِحِ مِنَ المَرْجُوْحِ (1)، وَاللهُ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ.
- قَوْلُهُ: (وَإِنَّ الْرَّسُوْلَ يَوْمَ يَخْطُبُ عَلَى المِنْبَرِ يَوْمَ (2) يَنْفَضُّوْنَ، أَنَّ كَبِيْرَ الْعِيْرَ أَبُوْ بَكْرٍ وَعُمَرَ، جَايِّيْنَ مِنَ الْشَّامِ، وَهِيَ بِلَادُ شِرْكٍ، وَلَمْ يُظْهِرُوْا دِيْنَهُمْ).
أَقُوْلُ: قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ الْعِيْرُ فِيْ الْقَدِيْمِ، قَرِيْبِ سَنَةَ هَاجَرَ الْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قُدُوْمِ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، قَبْلَ اتِّسَاعِ الإِسْلَامِ، وَفِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ مَازَالَتْ عِيْرُ الْكُفَّارِ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ مِنَ الْشَّامِ إِلَى المَدِيْنَةِ، وَإِلَى مَكَّةَ وَتَجُوْبُ ذَلِكَ (3) الْدِّيَارِ بِالْتِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا، لِأَنَّهَا دِيَارُهُمْ إِلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَظْهَرَ الإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، فَكَانَ المُسْلِمُوْنَ يَتَصَرَّفُوْنَ بِالْكَفَرَةِ كَيْفَ شَاءُوْا، مِنْ قَتْلٍ وَصَلْبٍ وَهُدْنَةٍ، وَمُنِعَ عَنْ قُدْوْمٍ إِلَى دَارِ الإِسْلَامِ إِلَّا فِيْ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ، وَهَذِهِ الْعِيْرُ قَدِمَ بِهَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَإِسْلَامُهُ قَدِيْمٌ،
(1) لَيْسَ فِي هَذِهِ المَسَائِلِ رَاجِحٌ ومَرْجُوْحٌ، بَلْ حَقٌّ وبَاطِلٌ صُرَاحٌ.
(2)
نهاية الورقة [13] من المخطوط.
(3)
كذا في المخطوطة، والصواب (تلك).
شَهِدَ بَدْرَاً وَمَا بَعْدَهَا مِنَ المَشَاهِدِ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).
وَبَدْرٌ وَقَعَتْ فِيْ الْسَّنَةِ الْثَّانِيَةِ مِنْ الهِجْرَةِ، وَلَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْعِيْرِ مُسْلِمٌ قَطُّ، وَإِنْ ذُكِرَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ سَافَرَ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ الَّذِيْ (2) لَا يُظْهِرُ دِيْنَهُ فِيْهَا، وَتَرَكَ بِلَادَ المُسْلِمِيْنَ، وَذَلِكَ فِيْ بُدُوِّ الهِجْرَةِ وَاجْتِمَاعِ المُسْلِمِيْنَ مِنْ دَارِ الحَرْبِ إِلَى بِلَادِ الهِجْرَةِ؛ كَيْفَ يُقِيْمُ مَعَ الْكَفَرَةِ وَيَصْحَبُهُمْ مَعَ اسْتِقَامَةِ المُسْلِمِيْنَ فِيْ دِيَارِهِمْ؟ ! وَتَوَعُّدِهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُقِيْمُ مَعَهُمْ ـ كَمَا سَبَقَ ـ.
وَقَدْ قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ، فِيْمَا رَوَى السُّدِّيُّ قَالَ: لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ، وعُقَيْلٌ، وَنَوْفَلُ، قَالَ الْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ:(افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيْكَ)، قَالَ: يَا رَسُوْلَ الله، أَلَمْ نُصَلِّ صَلَاتَكَ، وَنَشْهَدَ شَهَادَتَكَ؟ قَالَ:(يَا عَبَّاسُ، إِنَّكُمْ خَاصَمْتُمْ فَخُصِمْتُمْ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} (3)(4).
(1) ينظر في ترجمة دحية الكلبي رضي الله عنه: «سير أعلام النبلاء» (2/ 550).
(2)
كذا في المخطوطة، والصواب (التي).
(3)
سورة النساء، آية (97).
(4)
أخرجه: ابن جرير في «تفسيره» ـ ط. هجر ـ (7/ 384)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (3/ 5869) عن السُّدِّيِّ قال: لما أُسِرَ العبَّاسُ، وعقيل، ونوفل
…
الحديث.
إِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ. =
وَقِيْلَ: إِنَّ هَذِهِ الْعِيْرُ كَانَتْ لِعَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَدِحْيَةُ مُضَارِبٌ فِيْهَا لِعَبْدِ الْرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيْفٌ جِدَّاً، لَمْ تَقُمْ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ دِحْيَةَ رَئِيْسٌ فِيْ قَوْمِهِ، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الأَخْبَارُ أَنَّهَا كَانَتْ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَكَثِيْرٌ مَا يَقْدُمُ مِنَ الْشَّامِ إِلَى المَدِيْنَةِ بِتِجَارَةِ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ دَقِيْقٍ، وَبُرٍّ، وَزَيْتٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَبْلَ إِسْلَامِهِ.
وَقَدْ اشْتَهَرَتْ هَذِهِ الْعِيْرُ بِانْفِضَاضِ المُسْلِمِيْنَ إِلَيْهَا مِنَ المَسْجِدِ فِيْ يَوْمِ جُمُعَةٍ، فِيْ سَنَةِ مَسْغَبَةٍ؛ لِيَتَبَادَرُوْا مَا مَعَهُ؛ لِشِدَّةِ الحَاجَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ قَدِمَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا عَيْرٌ لَهُمْ بِالْتِّجَارَةِ.
وَفِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ المُسْلِمُوْنَ يَدْعُوْنَ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُوْلِهِ، وَيُجَاهِدُوْنَ فِيْ سَبِيْلِهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِيْ المَدِيْنَةِ وَمَا حَوْلَهَا، وَلَمْ يَمْتَدَّ أَمْرُهُمْ إِلَى الأَقْطَارِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوْا فِيْ بُدُوِّ الأَمْرِ، فَبِذَلِكَ الْوَقْتِ قَدِمَتْ الْعِيْرُ، وَمَعَهَا
= وأخرجه: أحمد في «مسنده» (5/ 334)(3310)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (26/ 288)] من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني مَن سمِع عكرمة، عن ابن عباس قال: فَذَكرَ نحوَه مُطَوَّلاً؛ وفي إسنَادِه جَهَالَةٌ. وانظر التخريج في ـ ط. الرسالة ـ لِ «مسند أحمد» .
دِحْيَةُ الْكَلْبِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَنَزَلَتْ الْآيَةُ قَبْلَ قُدُوْمِهَا (1)،
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْسَّنَةِ الْثَّانِيَةِ مِنَ الهِجْرَةِ وَقَعَتْ «بَدْرٌ» ، فَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ مَعَ رَسُوْلِ الله يُقَاتِلُ فِيْهَا بَعْدَمَا أَسْلَمَ، وَفِيْ ذَلِكَ الْوَقْتِ (2) كَانَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ عَلَى مُلْكَيْهِمَا، فَلَمَّا أَنَّ اللهَ أَعَزَّ الإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَاتَّسَعَ أَمْرُهُمْ؛ بَعَثَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم الْبُعُوْثَ إِلَى الأَمْصَارِ بِالْرَّايَاتِ، وَالْسَّرَايَا، وَالْدُّعَاةِ إِلَى الله، وَإِلَى رَسُوْلِهِ؛ فَمِنْهَا مَا بَعَثَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم بِالْكِتَابِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ
…
ـ المَذْكُوْرِـ إِلَى عَظِيْمِ بُصْرَى (3)، وَهِيَ مَدِيْنَةٌ بَيْنَ المَدِيْنَةِ
(1) أخرج البخاري في «صحيحه» (936)(2058)، ومسلم في «صحيحه» (863) من طريق حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ الشَّامِ، فَانْفَتَلَ النَّاسُ إِلَيْهَا، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} .
وفي رواية لمسلم: (
…
حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ .. )
وانظر في خبر هذه العِيْرُ: «تفسير الطبري» ـ ط. هجر ـ (22/ 644)، و «تفسير ابن كثير» ـ ط. طيبة ـ (8/ 123).
(2)
نهاية الورقة [14] من المخطوط.
(3)
كما في الصحيحين: البخاري (7)، ومسلم (1773).
وَدِمَشْقٍ (1)، وَقِيْلَ: حُوْرَانَ، وَهُوَ الحَارِثُ بْنُ أَبِيْ شَمِر الْغَسَّانِيُّ، ثُمَّ دَعَا هِرَقْلُ بِالْكِتَابِ المَذْكُوْرِ مِنْ عَظِيْمِ بُصْرَى يَتَمَلَّاهُ بَعَدَ أَنْ قَدِمَ إِلَيْهِ أَبُوْسُفْيَانَ لِيَخْتَبِرَ حَالَ الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعَثَ فِيْهِ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم فِيْ آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الهِجْرَةِ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الحُدَيْبَيَةِ (2)،
فَبَعَدَ الْكِتَابِ، قَالَ: الحَرْبُ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ وَالْكَافِرِيْنَ فِيْ مَدَائِنِ الْشَّامِ، إِلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى فَتَحَهَا لِلْمُسْلِمِيْنَ، فَلَمْ يُسَافِرْ مِنْهُمْ أَحْدٌ فِيْ تِلْكَ المُدَّةِ بِالْتِّجَارَةِ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا الْكُفَّارُ الَّذِيْنَ يَقْدُمُوْنَ إِلَى المَدِيْنَةِ بِالْتِّجَارَةِ، لَكِنْ بِإِذْنٍ مِنَ المُسْلِمِيْنَ عَلَى عَهْدٍ بَيْنَهُمْ فِيْ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، عَلَى سَبِيْلِ المَصْلَحَةِ؛ لِيَنْظُرُوْا شَعَائِرَ الإِسْلَامِ، وَيَسْمَعُوْا كَلَامَ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ المَصَالِحِ.
- وَأَمَّا قَوْلُهُ: (إِنَّ كَبِيْرَ الْعِيْرِ أَبُوْ بَكْرٍ وَعُمَرَ جَايِّيِنْ مِنَ الْشَّامِ).
فَلَيْسَ بِصَحِيْحٍ، إِنَّمَا كَبِيْرُ الْعِيْرِ «دِحْيَةُ الْكَلْبِيِّ» ـ كَمَا سَبَقَ ـ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانَا مِنَ الَّذِيْ بَقِيَ (3) مَعَ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم فِيْ المَسْجِدِ،
(1) سبق التعريف بها في (ص 290).
(2)
ينظر: «سير أعلام النبلاء» (2/ 550)، و «فتح الباري» (1/ 35) ..
(3)
كذا في المخطوطة، والأفضل في العبارة: كانا من الذين بقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
بَعْدَمَا انْفَضَّ الْصَّحَابَةُ مِنَ المَسْجِدِ إِلَى الْعِيْرِ؛ كَمَا فِيْ «صَحِيْحِ مُسْلِمٍ» عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَوْمَ الجُمُعَةَ، إِذْ قَدِمَتْ عِيْرٌ إِلَى المَدِيْنَةِ؛ فَابْتَدَرَهَا أَصْحَابُ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَى عَشَرَ رَجُلَاً، فِيْهِمْ أَبُوْ بَكْرٍ وَعُمَرَ؛ قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ:
…
{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (1)، وَفِيْ لَفْظٍ: لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً أَنَا فِيْهِمْ. (2).
- قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ حَرَّمَ الْسَّفَرَ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ خَوَارِجٌ، يُكَفِّرُوْنَ بِالْذُّنُوْبِ)(3).
أَقَوْلُ: إِنَّ مَنْ حَرَّمَ الْسَّفَرَ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ، لَمْ يُكَفِّرُوْا بِالْذُّنُوْبِ، وَلَمْ يُكَفِّرُوا أَيْضَاً مَنْ يُسَافِرُ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ لِلْتِّجَارَةِ، إِذَا لَمْ يَرْكَنْ إِلَيْهِمْ، بَلْ هُوَ
(1) سورة الجمعة، آية (11).
(2)
«صحيح مسلم» (863) وهو في «صحيح البخاري» (936)(2058) ـ كما سبق في (ص 301) ـ لكن ليس فيه (فيهم أبو بكر وعمر) وقوله: (أنا فيهم).
(3)
انظر الرد عليه في كتاب «مصباح الظلام» للشيخ: عبداللطيف بن عبدالرحمن (ص 125).
مُرْتَكِبٌ كَبِيْرَةً مِنْ الْذُّنُوْبِ، يَجِبُ هَجْرُهُ، وَتَأَدِيْبُهُ، وَزَجْرُهُ، وَإِظْهَارُ الْبَغْضَاءِ لَهُ، إِذَا تَحَقَّقَتِ المَصْلَحَةُ الْعَامَةُ، فَإِنْ حَصَلَ فِيْ ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ عَامَّةٌ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، عُومِلَ بِالهَجْرِ عَلَى حَسَبِ الْطَّاقَةِ، حَتَّى يَنْزَجِرَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، شَيْئَاً فَشَيْئَاً، إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الهُجْرَانُ فِيْ الْقَلْبِ إِذَا تَقَطَّعَتْ بِهِ الأَسْبَابُ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله فِيْ جَوَابِ سُؤَالٍ سُئِلَ عَنْهُ: (فَإِنَّ المَقْصُوْدَ بِهِ زَجْرُ المَهْجُوْرِ، وَتَأَدِيْبُهُ، وَرُجُوْعُ الْعَامَّةِ عَنْ مِثْلِ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَتِ المَصْلَحَةُ بِذَلِكَ رَاجِحَةً بِحَيْثُ (1) يُفْضِيْ هَجْرُهُ إِلَى ضَعْفِ الْشَّرِّ وَخِفَّتِهِ، كَانَ مَشْرُوْعَاً، وَإِنْ كَانَ لَا المَهْجُوْرُ وَلَا غَيْرُهُ يَرْتَدِعُ بِذَلِكَ بَلْ يَزِيْدُ الْشَّرُ، وَالهَاجِرُ ضَعِيْفٌ بِحَيْثُ يَكُوْنُ مَفْسَدَةُ ذَلِكَ رَاجِحَةً عَلَى مَصْلَحَتِهِ؛ لَمْ يُشْرَعْ الهَجْرُ، بَلْ يَكُوْنُ الْتَّأَلِيْفُ لِبَعْضِ الْنَّاسِ أَنْفَعَ مِنَ الهَجْرِ، وَالْهَجْرُ لِبَعْضِ الْنَّاسِ أَنْفَعَ مِنَ الْتَّأَلِيْفِ) انْتَهَى. (2)
(1) نهاية الورقة [15] من المخطوط.
(2)
ينظر: «مجموع الفتاوى» (28/ 206)، وقد سبق نقل الفتوى مطوَّلَة في (ص 236).
وَهَذِهِ ـ وَلله الْحَمْدُ ـ طَرِيْقَةُ آلِ الْشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ رحمه الله وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُمْ عِلْمَ الْتَّوْحِيْدِ وَالحَدِيْثِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَقِدُوْا تَكْفِيْرَ أَهْلِ الْكَبَائِرِ أَصْلَاً، مَا عَدَا مَنْ مَاتَ عَلَى الْشِّرْكِ (1).
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِيْ الأَحَادِيْثِ مِنْ تَكْفِيْرِ بَعْضِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ، فَإِنَّهُمْ يُطْلِقُوْنَهَا عَلَيْهِ كَمَا أَطْلَقَ الْشَّارِعُ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَابِ الْتَّهْدِيْدِ وَالْوَعِيْدِ، مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادِ الْتَّخْلِيْدِ، فَإِنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِيْ الْنَّارِ إِلَّا مَنْ مَاتَ عَلَى الْشِّرْكِ؛ وَهَذِهِ
(1) ينظر: «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (1/ 63، 114، 224، 234، 307، 466 مهم)، و «مصباح الظلام في الرد على من كذَبَ على الشيخ الإمام ونَسَبَهُ إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام» للشيخ: عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب، و «منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب في مسألة التكفير» للرضيمان، وهي رسالة ماجستير من جامعة الإمام، وقد طبعت في دار الفضيلة تقع في (478) صفحة، «تكفير المعيَّن عند أئمة الدعوة النجدية ضوابطه وشروطه» أ. د. سارة العقلا، «ضوابط تكفير المعيَّن عند شيخي الإسلام ابن تيمية وابن عبدالوهاب وعلماء الدعوة الإصلاحية» لأبي العلا الراشد، «دعوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عرض ونقض» د. عبدالعزيز العبداللطيف، وهي رسالة جامعية من جامعة الإمام (ص 162 ـ 177)، «ضوابط تكفير المعيَّن» أ. د. عبدالله بن عبدالعزيز الجبرين، «ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة» لعبدالله القرني، «التكفير وضوابطه» لإبراهيم الرحيلي.
الْطَّرِيْقَةُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُمْ، وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُمْ.
وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا الْشَّيْخُ: مُحَمُّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِيْمٍ (1)
ـ أَسْعَدَهُ اللهُ فِيْ
(1) هو الشيخ: أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن حمد بن محمد بن صالح بن حمد بن محمد بن سليم بن محمد بن ميمون، ولد في «بريدة» سنة (1240 هـ) وتولى القضاء فيها، وانتهت إليه رئاسة العلم في «القصيم» .
من شيوخه: قاضي القصيم قرناس بن عبدالرحمن، وسليمان بن علي المقبل، وعبدالله أبا بطين، وعبدالرحمن بن حسن ابن الإمام محمد بن عبدالوهاب، وقد لازمه مدة اثني عشر عاماً، وعبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن، وحمد بن عتيق.
ومن تلاميذه: ابناه عبدالله قاضي بريدة، وعمر، وإبراهيم بن جاسر، وعبدالله بن دخيِّل قاضي المذنب، وعبدالعزيز بن محمد بن مديهش، وصالح بن عثمان القاضي، ومحمد بن عبدالعزيز بن مانع، وعبدالله بن سليمان بن بليهد، وإبراهيم بن ضويان، وسليمان العمري، وعلي بن مقبل، وعثمان بن حمد بن مضيان، وصالح السالم، وعلي أبو وادي، وغيرهم.
توفي رحمه الله في شهر ذي القعدة من سنة (1323 هـ) كما في «تذكرة أولي النهى» و «مشاهير علماء نجد» ، وقيل:(15/ 11/1324 هـ) كما في «تسهيل السابلة» ، وقيل:(1326 هـ) كما في «علماء نجد» .
ينظر في ترجمته: [«علماء نجد خلال ثمانية قرون» للبسام (6/ 150) (737)، «علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم» لصالح العُمري (1/ 20) (1)، «علماء الحنابلة» لبكر أبو زيد (ص 446) (3735)، «تراجم متأخري الحنابلة» لسليمان بن حمدان (ص 134) (107)، «تذكرة أولي النهى والعرفان» لإبراهيم بن عبيد آل عبدالمحسن ـ ط. مكتبة الرشد ـ (2/ 37)، «روضة الناظرين» لمحمد بن عثمان القاضي (2/ 323)، «تسهيل السابلة» لصالح بن عثيمين (3/ 1742) (2913)، «مشاهير علماء نجد» لعبدالرحمن بن عبداللطيف آل الشيخ (258)، «معجم أسر بريدة» للعبودي (10/ 59)، «موسوعة أسبار» (3/ 1066)، «موقع آل سليم» في الشبكة العالمية، فيه إضافة مميزة، كتبها: محمد ابن صالح بن عبدالعزيز بن الشيخ: محمد بن عمر بن سليم، «تاريخ مساجد بريدة» للرميان (ص 82)، «الحنابلة خلال ثلاثة عشر قرناً» د. الطريقي (10/ 24) (4817)].
الْدَّارَيْنِ، وَنَفَعَنَا بِعُلُوْمِهِ ـ فِيْ جَوَابِ مَسْأَلَةٍ سُئِلَ عَنْهَا:(الْهِجْرَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِ دِيْنِهِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ قَدِرَ عَلَى إِظْهَارِ دِيْنِهِ وَهُوَ فِيْ بَلَدٍ مُتَظَاهِرٍ فِيْهَا بِإِظْهَارِ الْشِّرِّ، مِنْ كُفْرٍ وَبِدَعٍ مُضِلَّةٍ، وَفُجُوْرٍ وَفُسُوْقٍ؛ فَالْهِجْرَةُ فِيْ حَقِّهِ مُسْتَحَبَّةٌ؛ وَأَمَّا مَنْ وَالَى المُشْرِكِيْنَ مَعَ مَحَبَّةِ دِيْنِهِمْ، فَهُوَ مِثْلُهُمْ؛ وَإِنْ كَانَ يُبْغِضُهُمْ وَيُبْغِضُ دِيْنَهُمْ، فَهُوَ مُرْتَكِبٌ كَبِيْرَةً مِنْ كَبَائِرِ الْذُّنُوْبِ). انْتَهَى ـ أَيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ ـ.
وَقَدْ قَالَ شَيْخُهُ (1) الْشَّيْخُ: سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الْشَّيْخِ: مُحَمَّدِ بْنِ
(1) ليس من شيوخ ابن سليم؛ لأن الشيخ سليمان توفي سنة (1233 هـ)، والشيخ: ابن سليم وُلِدَ سنة (1240 هـ). الأول في الدرعية، والثاني في القصيم.
عَبْدِ الْوَهَّابِ (1)
فِيْ جَوَابِ سِتِّ مَسَائِلَ سُئِلَ
(1) هو الشيخ الحافظ المحدث الفقيه: سليمان بن عبدالله ابن الإمام المجدِّد: محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي الوهيبي التميمي.
ولد في الدرعية، سنة (1200 هـ) ،ونشأ في بَيْتِ عِلْمٍ، فوالدُهُ: عَالمٌ جلِيلٌ، صَنَّفَ، ودَرَّس، وتوَلى القضاءَ في الدرعية. وجَدُّه: الإمام المُجَدِّد: محمد بن عبدالوهاب. وأعمامُه: حسين، وعلي، وإبراهيم؛ مِنْ أهل العلم. رحمهم الله.
عُيِّن قاضياً في مكة، ثم في الدرعية مع والده.
من شيوخه: والدُه، وعمُّه حسين، وحمد بن معمَّر، وحسين بن غنَّام، وغيرهم.
من تلاميذه: أخوه عبدالرحمن، ومحمد بن سلطان.
من مؤلفاته: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» ، و «حاشية على كتاب المقنع» ، و «تحفة الناسك في أحكام المناسك» ، و «الطريق الوسط في بيان عدد الجمعة المشترط» ، و «الدلائل في حكم موالاة أهل الإشراك» ، و «أوثق عرى الإيمان» ، و «فتيا في حكم السفر إلى بلاد الشرك» ، والرسائل الخمس الأخيرة حقَّقَها الشيخ د. الوليد الفريان، وطبعها في مجلد، بعنوان «مجموع الرسائل» .
توفي رحمه الله سنة (1233 هـ) في هجوم الأتراك على الدرعية بقيادة إبراهيم باشا، وله من العمر ثلاث وثلاثون سنة، وليس له الآن عَقِبٌ رحمه الله.
يُنْظَر في ترجمته: [«عنوان المجد» لابن بشر (1/ 172، 212)، ـ ط. غلاف ـ (1/ 282)، ـ ط. الحبيب ـ (1/ 337)، «تسهيل السابلة في طبقات الحنابلة» لصالح ابن عبدالعزيز آل عثيمين (3/ 1662) (2790)، «الدرر السنية» لابن قاسم (16/ 384)، «الأعلام» للزركلي (3/ 129)، «روضة الناظرين» لمحمد بن عثمان القاضي (1/ 122)، «علماء نجد» للبسام (2/ 341) (184)، «مشاهير علماء نجد» لآل الشيخ (ص 44)، حاشية في تحقيق «السحب الوابلة» (2/ 412)، «علماء الحنابلة» للشيخ: بكر أبو زيد (ص 419) (3494)، «الإمام المحدث سليمان بن عبدالله آل الشيخ، حياته، وآثاره» للشيخ: عبدالله بن محمد الشمراني ـ ط. دار الوطن ـ، وللشيخ: رياض بن سعيد رسالة ماجستير عن جهود الشيخ سليمان بن عبدالله آل الشيخ الحديثية، مقدمة تحقيق الشيخ د. الفريان ل «مجموع رسائل الشيخ سليمان»، «الحنابلة خلال ثلاثة عشر قرناً» د. الطريقي (9/ 183) (4428)].
عَنْهَا (1): (الْحَمْدُ للهِ، إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إِظْهَارِ دِيْنِهِ، وَلَا يُوَالِيْ المُشْرِكِيْنَ، جَازَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَدْ سَافَرَ بَعْضُ الْصَّحَابَةِ كَأَبِيْ بَكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْصَّحَابَةِ رضي الله عنهم إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ؛ لِأَجْلِ الْتِّجَارَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ الْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِيْ «مُسْنَدِهِ» ، وَغَيْرُهُ.
وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِظْهَارِ دِيْنِهِ، وَلَا عَلَى عَدَمِ مُوَالَاتِهِمْ؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْسَّفَرُ إِلَى دِيَارِهِمْ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ، وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ الأَحَادِيْثُ الَّتِيْ تَدَلُّ
(1) بعنوان: «فتيا في حكم السفر إلى بلاد المشركين» طُبعت ضمن رسائل للشيخ، بعنوان «مجموع الرسائل للشيخ سليمان بن عبدالله .. » تحقيق: د. الوليد الفريان، والفتيا في (ص 165).
عَلَى الْنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الإِنْسَانِ الْعَمْلَ بِالْتَّوْحِيْدِ، وَفَرَضَ عَلَيْهِ عَدَاوَةَ المُشْرِكِيْنَ، فَمَا كَانَ ذَرِيْعَةً وَسَبَبَاً إِلَى إِسْقَاطِ ذَلِكَ؛ لَمْ يَجُزْ. وَأَيْضَاً فَقَدْ يَجُرُّ ذَلِكَ إِلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَإِرْضَائِهِمْ، كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ لِكَثِيْرٍ مِمَّنْ يُسَافِرُ إِلَى بِلَادِ المُشْرِكِيْنَ مِنْ فُسَّاقِ المُسْلِمِيْنَ ـ نَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ ذَلِكَ ـ. تَمَّ الجَوَابُ (1).
ثُمَّ قَالَ فِيْ الْثَّانِيَةِ: الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ هُوَ الْجَوَابُ عَنِ الَّتِيِ قَبْلَهَا سَوَاءٌ، وَلَا فَرْقَ فِيْ ذَلِكَ بَيْنَ دَارِ الْحَرْبِ وَالْصُّلْحِ، فَكُلُّ بَلَدٍ لَا يَقْدِرُ المُسْلِمُ عَلَى إِظْهَارِ دِيْنِهِ فِيْهَا؛ لَا يَجُوْزُ لَهُ الْسَّفَرُ إِلَيْهَا). انْتَهَى كَلَامُهُ رحمه الله تَعَالَى.
وَأَمَّا الخَوَارِجُ فَلَيْسُوْا كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ المُبْتَدِعَةِ الْضَّالَّةِ، لَهُمْ مَقَالَةٌ مَخْصُوْصَةٌ، كَالْتَّكْفِيْرِ بِالْكَبِيْرَةِ؛ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ مِنْ شِرَارِ خَلْقِ اللهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْمَدُوْنَ إِلَى الآيَاتِ الَّتِيْ نَزَلَتْ فِيْ الْكُفَّارِ فَيَجْعَلُوْنَهَا عَلَى المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ بِذَلِكَ الأَزَارِقَةُ أَصْحَابُ نَافِعِ بْنِ أَزْرَقَ، قَالُوْا: كَفَرَ عَلِيٌّ بِالْتَّحْكِيْمِ، وَابْنُ مُلْجِمٍ مُحِقٌ. وَكَفَّرَتِ الْصَّحَابَةَ رضي الله عنهم وَقَضَوْا بِتَخْلِيْدِهِمْ فِيْ الْنَّارِ.
وَأَمْرُ الخَوَارِجِ مَشْهُوْرٌ، خَرَجُوْا عَلَى عَلِيٍّ، حَيْثُ اعْتَقَدُوْا أَنَّهُ يَعْرِفُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَيَقْدِرُ عَلَيْهِمْ، وَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُمْ؛ لِرِضَاهُ بِقَتْلِهِ، وَمُوَاطَأَتَهُ إِيَّاهُمْ.
(1) نهاية الورقة [16] من المخطوط.
وَيَعْتَقِدُوْنَ أَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيْرَةً فَقَدْ كَفَرَ، وَاسْتَحَقَّ الخُلُوْدَ فِيْ الْنَّارِ، وَيَطْعَنُوْنَ لِذَلِكَ فِيْ الأَئِمَّةِ، وَلَا يَجْتَمِعُوْنَ مَعَهُمْ فِيْ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَاتِ
…
ـ أَعَاذَنَا اللهُ مِنْ شَرِّهِمْ ـ.
فَمَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الْصِّفَةِ فَهُوَ خَارِجِيٌّ، وَمَنِ لَا، فَلَا. وَاللهُ يَهْدِيْ مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ (1).
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أنَّ مَنْ حَرَّمَ الْسَّفَرَ إِلَى بِلَادِ الْشِّرْكِ الحَرْبِيَّةِ لِلْتِّجَارَةِ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالْذُّنُوْبِ.
(1) ينظر في فِرقة الخوارج: نشأتها، وعقائدها:«الملل والنحل» للشهرستاني ـ تحقيق محمد بدران ـ (1/ 195)، و «مقالات الإسلاميين» (1/ 167)، و «الفَرق بين الفِرَق» للبغدادي (ص 78)، وهناك رسائل مفردة عن هذه الفِرقَة، منها:«الخوارج أول الفِرق في تاريخ الإسلام مناهجهم وأصولهم وسماتهم قديماً وحديثاً» أ. د. ناصر بن عبدالكريم العقل، «حقيقة الخوارج في الشرع وعبر التاريخ» لفيصل الجاسم، و «الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها» د. غالب عواجي، وهي ماجستير من جامعة الملك عبدالعزيز، طبعت في المكتبة العصرية، و «الخوارج دراسة ونقد لمذهبهم» د. ناصر السعوي، و «نظرية الخروج في الفقه السياسي الإسلامي» لكامل رباع، و «الخوارج تاريخهم وفِرَقهم وعقائدهم» د. أحمد عوض، وانظر:«الأحاديث المسندة الواردة في الخوارج وصفاتهم ـ جمعاً ودراسة ـ» أ. د. عبدالعزيز الأمين.
- وَقَوْلُهُ: (وَمِنْهَا: أَنَّ مَنْ عَصَى لَا يُبْغَضُ، وَإِنَّمَا تُبْغَضُ مَعْصِيَتُهُ دُوْنَ ذَاتِهِ).
أَقُوْلُ: كَيْفَ وَقَدْ عَاقَبَ اللُه سبحانه وتعالى ذَوَاتَ الْعُصَاةِ بِأَشَدِّ الْعُقُوْبَةِ، وَرُسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم؛ مَعَ مَا ادَّخَرَ لَهُمْ مِنْ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. كَمَا أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيْ «مُسْنَدِهِ» مِنْ حَدِيْثِ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (إِذَا ظَهَرَتِ المَعَاصِيْ فِيْ أُمَّتِيْ؛ عَمَّهُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ)، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ الله: أَمَا فِيْهِمْ يَوْمَئِذٍ أُنَاسٌ صَالِحُوْنَ؟ قَالَ: (بَلَىْ)، قُلْتُ: فَكَيْفَ يُصْنَعُ بِأُوْلَئِكَ؟ قَالَ: (يُصِيْبُهُمْ مَا أَصَابَ الْنَّاسَ، ثُمَّ يَصِيْرُوْنَ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ الله وَرِضْوَانٍ)(1).
(1) الحديث أقل أحواله أنه حَسَنٌ، وقد صحَّحَهُ الألبَانيُّ، والحديث رُوي من عدة أوجه:
الوجه الأول: روي من طُرقٍ، عن خلف بن خليفة، عن ليث بن أبي سُليم، عن علقمة بن مرثد، عن المعرور بن سويد، عن أم سلمة. ولفظه كما أورده المؤلف هنا.
أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (44/ 216)(26596)، ومن طريقه: ابن عبدالبر في «التمهيد» [(24/ 309)]، والطبراني في «معجمه الكبير» (23/ 325 ــ 326)(747)، والدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (5/ 278)(2127).
ـ
…
خلف بن خليفة بن صاعد الأشجعي، صدوق اختلط في الآخر. «تقريب التهذيب» ـ ط. عوامة ـ (ص 320). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ـ
…
ليث بن أبي سُليم، صدوق، اختلط جداً، ولم يتميَّز حديثه؛ فتُرِكَ. «تقريب التهذيب» (495)، وقال الذهبي في «الكاشف» ـ ط. عوامة ـ (4/ 73): فيه ضعفٌ يسير؛ من سوء حفظه، كان ذا صلاة وصيام وعلمٍ كثير، وبعضهم احتجَّ به.
ـ
…
علقمة بن مَرثد الحضرمي، أبو محارب الكوفي، ثقة. «تقريب التهذيب» (ص 428).
ـ
…
المعرور بن سُويد الأسدي، أبو أمية الكوفي، ثقة. «تقريب التهذيب» (ص 569).
الوجه الثاني: رواه جامع بن أبي راشد، واختُلِفَ عليه من أربعة أوجه:
رواه شريك بن عبدالله النخعي، عن جامع بن أبي راشد، عن منذر بن يعلى الثوري، عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب، قال: حدثتني امرأة من الأنصار ـ وهي حيَّةٌ اليوم ـ إن شئتَ أدخلتُكَ عليها، قلتُ: لا.
قالَتْ: دخلتُ على أم سلمة رضي الله عنها، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ غَضْبَانُ فَاسْتَتَرْتُ مِنْهُ بِكُمِّ دِرْعِي فَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كَأَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، أَوَمَا سَمِعْتِ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟ قَالَتْ: قَالَ: (إِنَّ الشَّرَّ إِذَا فَشَا فِي الْأَرْضِ، فَلَمْ يُتَنَاهَ عَنْهُ؛ أَرْسَلَ اللَّه عز وجل بَأْسَهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ).
قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِيهِمْ الصَّالِحُونَ؟ ! قَالَتْ قَالَ:(نَعَمْ، وَفِيهِمْ الصَّالِحُونَ، يُصِيبُهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، ثُمَّ يَقْبِضُهُمْ اللَّه عز وجل إِلَى مَغْفِرَتِهِ وَرِضْوَانِهِ أَوْ إِلَى رِضْوَانِهِ وَمَغْفِرَتِهِ).
أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (44/ 148)(26527)، و (45/ 340)(27351)، ومن طريقه: [ابن عبدالبر في «التمهيد» ـ ط. المغريبة ـ (24/ 308)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبدالغني المقدسي في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ـ ط. الزهيري ـ (ص 28)(29)، وابن الأثير في «أسد الغابة» ـ ط. الفكر ـ (6/ 433)]، والحارث بن أبي أسامة في «مسنده» كما في «بغية الباحث عن زوائدمسند الحارث» (ص 241)(766)، قالا (أحمد والحارث): حدثنا يزيد بن هرون، قال: أخبرنا شريك بن عبدالله، به.
ـ
…
شريك بن عبدالله النخعي الكوفي، القاضي بواسط، ثم الكوفة. قال عنه ابن حجر في «التقريب» (ص 300): صدوق يخطئ كثيراً، تغيَّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلاً، فاضلاً، عابداً، شديداً على أهل البدع.
الراوي عنه هنا: يزيد بن هارون السُّلمي، أبو خالد الواسطي، ثقة، متقنٌ، عابدٌ. «تقريب» (637). وهو ممن سمع من شريك بواسِط، قبل أن يتغيَّر حفظه. ينظر:«الكواكب النيِّرات» (ص 250)(32)، و «معجم المختلطين» لمحمد بن طلعت (ص 164).
ـ
…
جامع بن أبي راشد الكاهلي الصيرفي الكوفي، ثقة، فاضل. «تقريب» (ص 176).
ـ
…
المنذر بن يعلى الثوري، أبو يعلى الكوفي، ثقة. «تقريب» (ص 576).
ـ
…
الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، أبوه: ابن الحنفية، قال ابن حجر في «تقريب التهذيب»: ثقة، فقيه، يقال: إنه أول مَن تكلَّم في الإرجاء. «تقريب» .
قلتُ: ذكر مصعب بن عبدالله، وابن سعد، والعجلي، وغيرهم: أن الحسن بن محمد أول من تكلم بالإرجاء.
وبَيَّن الذهبي في «تاريخ الإسلام» ، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» أن الإرجاء الذي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تَكلَّم به معناه: أنه يرجيء أمر عثمان وعلي إلى الله، فيفعل فيهم ما يشاء، وهو غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة المتعلق بالإيمان، وأطالا في بيان ذلك.
ت 95 هـ وقيل: 99 هـ، وقيل: 100 هـ.
[«الطبقات» لابن سعد (5/ 328)، «الثقات» للعجلي (1/ 300)، «الجرح والتعديل» (3/ 35)، «تهذيب الكمال» (6/ 316)، «تاريخ الإسلام» (6/ 333)، «تهذيب التهذيب» (2/ 320)، «تقريب التهذيب» ـ ط. عوامة ـ (ص 201)].
ورواه زُبَيْد اليامي وسالم بن طلحة، قالا: حدثنا جامع بن أبي راشد ـ ودموعه تتحدر ـ، عن أم مُبشِّر، عن أمِّ سلمة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ظهر السوء في الأرض؛ أنزل الله بأسه بأهل الأرض». قالت: قلت: يا رسول الله، وإن كان فيهم صالحون؟ قال:«نعم، وإن كان فيهم صالحون، يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يرجعون إلى رحمة الله» .
أخرجه: ابن أبي الدنيا في «العقوبات» (ص 19)(3)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (2/ 317) (2089) ومن طريقه:[أبو نعيم في «حلية الأولياء» (10/ 218)] من طريق زبيد اليامي.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (23/ 377)(891) من طريق سالم بن طلحة.
ـ
…
أم مبشِّر هي الأنصارية رضي الله عنها ـ كما في «العلل» للدارقطني (15/ 239)(3987)، وهي امرأة زيد بن حارثة، لها صحبة. ينظر:«تهذيب الكمال» (35/ 385).
ـ
…
جامع بن أبي راشد، ثقة فاضل ـ كما سبق ـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ـ
…
زُبَيْد بن الحارث بن عبد الكريم اليامي، أبو عبدالرحمن الكوفي، ثقة، ثبت، عابد. «تقريب» (ص 248).
ـ
…
سالم بن طلحة: لم أجد له ترجمة، والظاهر أنه كما قال العلامة الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (7/ 1/442) (7/ (3156):(قلت: كذا وقع فيه «سالم بن طلحة»، ولم أجد له ترجمة، فأخشى أن يكون «سالم» خطأ من الناسخ أو الطابع؛ والصواب: «محمد» كما في إسناد «الحلية» المتقدم، كما أخشى أن يكون سقط منه «زُبَيد»، فإنه مذكور في شيوخ محمد بن طلحة، وهو اليامي الكوفي، وفي الرواة عن جامع بن أبي راشد). انتهى كلامه.
ومما يدل صحة كلامه أن الطبراني خرَّجَه في «الأوسط» ـ كما سبق ـ قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا محمد بن منصور الطوسي، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، قال: حدثني جامع
…
وفي «الكبير» ـ كما سبق ـ قال: حدثنا أبو يحيى الرازي، قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو النضر، قال: حدثنا سالم بن طلحة، قال: حدثنا جامع
…
ـ
…
أبو النضر هو هاشم بن القاسم.
وقال في «الأوسط» عقب الحديث: (لم يروه عن جامع إلا زُبيد، ولا عن زبيد إلا محمد بن طلحة، تفرد به: هاشم بن القاسم).
فلو كان لجامع راو غير زبيد لذكره هنا، وهذا مما يدل على وجود تصحيف في مطبوعة «الكبير» للطبراني، وسقط أيضاً، فتصحَّف (محمد بن طلحة) إلى (سالم بن طلحة)، وسقط من الإسناد (زبيد). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=وقد ذكر الهيثمي في «مجمع البحرين» (7/ 241)(4387) إسناد الطبراني من «الأوسط» .
ـ محمد بن طلحة بن مصرِّف اليامي، قال في «التقريب» (ص 515): صدوق له أوهام، وأنكروا سماعه من أبيه؛ لصغره.
ورواه سفيان بن عيينة، واختُلِف عليه، فبعضهم قال: عن الحسن، عن امرأة، وقيل: عن امرأته، وقيل: عن مولاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: عن عائشة، ورواه بعضهم على الشك عن عائشة أو غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عيينة: حدثني جامع بن أبي راشد، عن منذر الثوري، عن الحسن بن محمد ابن علي، عن امرأة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ظهر السوء في الأرض
…
)
أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (4 (/161)(24133).
وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (2/ 527)(1108).
وابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ ط. عوامة ـ (21/ 75)(38370).
والحُمَيدي في «مسنده» (1/ 290)(266).
ونعيم بن حماد في «الفتن» (2/ 621)(1733).
وابن أبي الدنيا في «العقوبات» (ص 171)(257) من طريق إسحاق بن إسمَاعيل، والحسن بن الصّبَّاحِ.
والبيهقي في «شعب الإيمان» ـ ط. الرشد ـ (10/ 78)(7194) من طريق مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ونعيم بن حماد في «الفتن» (2/ 619)(1728)، والحاكم في «المستدرك» (4/ 568)(8594) عن ابن المبارك.
والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص 318)(563) من طريق صدقة.
والكلاباذي في «معاني الأخبار» ـ ط. الكتب العلمية ـ (ص 316) من طريق يحيى
…
ـ كذا غير منسوب ـ.
عشرتهم: (أحمد، وابن راهويه، ابن أبي شيبة، الحُميدي، إسحاق بن إسمَاعيل، الحسن ابن الصّبَّاح، محمود بن آدم، ابن المبارك، صدقة، يحيى) عن سفيان بن عيينة، به.
ليس عند ابن راهويه، وابن أبي الدنيا، والبيهقي (عن امرأة)، وعند أحمد (امرأته) كذا في طبعة الرسالة ـ كما سبق ـ، وطبعة المكنز (11/ 5836)(24767).
وفي رواية ابن المبارك: عن الحسن، عن مولاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة أو على بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ـ وأنا عندها ـ
…
الحديث.
وعنده سفيان، غير منسوب، ورجحت أنه ابن عيينة؛ للطرق الكثيرة السابقة، وقد رواه الثوري أيضاً فيما نقله الدارقطني ـ كما سيأتي ـ.
ولفظ نعيم بن حماد مختصر.
وذكر الدارقطني في «العلل» ـ ط. دار ابن الجوزي ـ (15/ 240)(3987) أن يحيى القطان رواه عن سفيان الثوري، عن جامع، عن أبي يعلى (وهو منذر الثوري)، عن الحسن بن محمد، عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه أيضاً أبو شهاب الحناط، عن الثوري، عن أبي يعلى منذر، عن ابن الحنفية، عن مولى لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن عيينة، عن جامع، عن منذر الثوري، عن الحسن بن محمد، عن امرأة، عن عائشة رضي الله عنها.
ثم ذكر الاختلاف على ابن عيينة، وذكر قبل ذلك الاختلاف على جامع.
والعجب أن هناك سقطاً في المخطوطة عند ترجيحه فقد انتهى الجواب بهذه الجملة: (والأشبه بالصواب قول مَن قال).
ويدل تخريج الدارقطني أن رواية ابن المبارك، عن سفيان ـ كذا دون نسبة ـ التي أخرجها نعيم بن حماد، والحاكم، يدل على أنه من المحتمل أن يكون سفيان الثوري لا ابن عيينة.
وعلى كلٍّ، الاختلافُ هنا كثير، ولم يترجح لي شئ، ويحتاج الترجيح لمزيد تأمل؛ لكن في سياق شريك النخعي ما يدل على ضبطه للإسناد ـ والله أعلم ـ.
وقد صحح الحديث العلَاّمة الألباني رحمه الله في «السلسلة الصحيحة» (7/ 1/442)(3156).
وللحديث شواهد، منها: قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} الأنفال: 25، وقال ابن حجر «فتح الباري» (13/ 61):[ويدل على تعميم العذاب على مَن لمْ ينْهَ عن المنكر، وإن لم يتعاطاه، قوله تعالى: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومن الشواهد: مافي البخاري (7108)، ومسلم (2879) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أنزلَ الله بقومٍ عذاباً، أصاب العذاب مَن كان فيهم، ثم بُعِثوا على أعمالهم).
وفي «صحيح البخاري» (2246)(3598)، و «صحيح مسلم» (2880) من حديث زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ:«لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ» وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ»
وفي البخاري (2118)، ومسلم (2884) من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: عَبَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ، فَقَالَ:
فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ، قَالَ:
وانظر: «تفسير ابن كثير» ـ ط. طيبة ـ (4/ 38 ـ 40)، و «فتح الباري» لابن حجر (13/ 60 ـ 61).
وَفِيْ «المُسْنَدِ» وَ «الْسُّنَنِ» (1)
مِنْ حَدِيْثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِيْ الجَعْدِ، عَنْ أَبِيْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُوْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ إِذَا عَمِلَ الْعَاصِيّ فِيْهِمْ بِالخَطِيْئَةِ، جَاءَهُ الْنَّاهِيْ تَعْذِيْرَاً، فَقَالَ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللهَ. فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ، جَالَسَهُ وَوَاكَلَهُ، وَشَارَبَهُ، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ عَلَى خَطِيْئَةٍ بِالْأَمْسِ؛ فَلَمَّا رَأَى اللهُ عز وجل ذَلِكَ مِنْهُمْ، ضَرَبَ قُلُوْبَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ دَاوُدَ وَعِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوْا يَعْتَدُوْنَ، وَالَّذِيْ نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،
(1) هذا الحديث وما بعده من النصوص إلى أثر أبي الدرداء في (ص 332) نقله المؤلف من «الداء والدواء» لابن القيم الجوزية ـ ط. عالم الفوائد ـ (ص 108)، وط. البرغش (ص 82)، وط. علي حسن (ص 71).
ووقع هنا وهمٌ في موضعين، تبعاً للمنقول منه «الداء والدواء»:
الأول: قوله: «في المسند والسنن» ، والحديث لم يروه بالطريق المذكور الإمامُ أحمد وأصحابُ السنن إلا أبو داود.
الثاني: قوله: «سالم بن أبي الجعد» ، والصواب:«سالم بن عجلان الأفطس» كما في مصادر التخريج، والأول لايروي عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود؛ وسبب الوهم ـ والله أعلم ـ إضافة إلى توافق الاسم الأول، أن ابن القيم نقله من «العقوبات» لابن أبي الدنيا، وفيه هذا الوهم، خاصةً وأنه نقل بعده آثاراً من كتاب ابن أبي الدنيا.
لَتَأَمُرُنَّ بِالمَعْرُوْفِ (1) وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَتَأَخُذُنَّ عَلَى يَدِ الْسَّفِيْهِ، وَلَتَأطُرُنَّهُ عَلَى الحَقِّ أَطْرَاً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ قُلُوْبَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنَكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ) (2).
(1) نهاية الورقة [17] من المخطوط.
(2)
الحديث حسنٌ لغيره ـ إن شاء الله ـ.
أخرجه: أبو داود في «سننه» ـ ط. الرسالة ـ (6/ 392)(4337)، وابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ـ ط. الغرباء ـ (ص 45)(4)، وفي «العقوبات» له (ص 25)(12)، وأبو يعلى في «مسنده» (8/ 448)(5035)، والطبراني في «معجمه الكبير» (10/ 146)(1026)، ومن طريقه:[الشجري في «الأمالي» (2/ 230)، وعبدالغني المقدسي في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 26) (رقم 26)]، وقوام السنة الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1/ 214)(298)، من طريق عمرو بن مرَّة، عن سالم الأفطس، عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه رضي الله عنه، مرفوعاً.
وأخرجه: ابن أبي الدنيا في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 62)(19)، وابن جرير في «تفسيره» ـ ط. التركي ـ (11/ 588)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» ـ ط. الباز ـ (4/ 1181)(6661) وهو في «تفسير ابن كثير» ـ ط. طيبة ـ (3/ 161) من طريق عبدالله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس.
وأخرجه: البيهقي في «الشعب» (10/ 44)(7139) من طريق عبيد الله بن أبي زياد، عن سالم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (6/ 250)(3713)، والترمذي في «جامعه» ـ ط. الرسالة ـ (5/ 290)(3297)، وهو في الطبعات الأخرى برقم (3047)، وأبو داود في «سننه» ـ ط. الرسالة ـ (6/ 391)(4336)، وابن ماجه في «سننه» ـ ط. الرسالة ـ (5/ 141)(4006)، وابن جرير في «تفسيره» (11/ 589)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3/ 206)(1164)، والطبراني في «الكبير» (10/ 145)(10264)، والدارقطني في «العلل» (5/ 288)، والهروي في «ذم الكلام وأهله» (1/ 356)(66)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (10/ 44)(7138) من طرق عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه رضي الله عنه.
وقال الترمذي: حسن غريب، ثم أشار إلى الاختلاف في وصله وإرساله.
وقد رواه بعضهم موقوفاً على ابن مسعود، ورُوِي مرسلاً (أبو عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم)، وروي بإدخال (مسروق) بين أبي عبيدة وأبيه، وهو خطأ كما قال الدارقطني في «العلل» (5/ 286)، وروي عن أبي عبيدة، عن أبي موسى ـ يرفعه ـ قال أبو حاتم: لا أعرفه.
وطرق الحديث المختلفة مدارها على أبي عبيدة.
قال أبو حاتم رحمه الله كما في «العلل» لابنه (5/ 62): (والحديث مرجعه إلى أبي عبيدة، عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم).
وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، قاله جماعة من الأئمة: أبو حاتم، والترمذي، والنسائي، والبيهقي، وابن حجر، وغيرهم، ينظر: [«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 256)(476)، «تهذيب الكمال» (14/ 62)، و «جامع التحصيل» للعلائي (ص 204)(324)، و «مرويات أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن أبيه ـ جمعاً ودراسة ـ» =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= د. عبدالله بن عبدالرحيم البخاري (ص 85 ـ 104)، «النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة» للحويني (1/ 28)].
وقال أبو حاتم أيضاً كما قال في «العلل» لابنه (6/ 604) لما سئل عن الحديث من طريق عبدالله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس، عن أبي عبيدة، عن أبيه، مرفوعاً. قال أبو حاتم:(هذا الحديث إنما هو مرسل؛ يعني عن أبي عبيدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم).
أي من دون ذكر عبدالله بن مسعود.
وقال الدارقطني في «العلل» (5/ 284) بعد ما ذكر الأوجه: [والصحيح عن العلاء ابن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبدالله.
وحديث علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن عبدالله].
وانظر في الاختلاف في الحديث: «العلل» لابن أبي حاتم (5/ 60)(1801)، و «العلل» للدارقطني (5/ 285)(889)، و «مرويات أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود عن أبيه ـ جمعاً ودراسة ـ» د. عبدالله بن عبدالرحيم البخاري (ص 388)(135) ـ وهي رسالة ماجستير، طبعت في أضواء السلف المصرية ـ. وقد أحسن في تخريج وعرض طرق الحديث، وانتهى إلى تصحيحه مع وجود الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، قال:(ولم أجد متابعاً يقويه).
وتصحيحه هذا بناءً على ترجيحه في أول الكتاب إثبات السماع في الموقوفات، دون المرفوعات، وما كان في المرفوع فليس علَّة قادحة؛ فإذا صحَّ السند إليه؛ قُبِل؛ لأنه أعلمُ الناس بحديث أبيه. =
وَذَكَرَ «ابْنُ أَبِيْ الْدُّنْيَا» عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بْنِ عَمْرِو الْصَّنْعَانِيِ، قَالَ: أَوْحَى اللهُ إِلَى يُوْشِعَ بْنِ نُوْنٍ: (إِنِّيْ مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ أَرْبَعِيْنَ أَلْفَاً مِنْ خِيَارِهِمْ، وَسِتِّيْنَ أَلْفَاً مِنْ شِرَارِهِمْ)، قَالَ: يَا رَبِّ، هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارُ، فَمَا بَالُ الْأَخْيَارِ؟ قَالَ:(إِنَّهُمْ لَمْ يَغْضَبُوْا لِغَضَبِيْ، وَكَانُوْا يُوَاكِلُوْنَهُمْ وَيُشَارِبُوْنَهُمْ)(1).
= ثم ذكر شواهد للحديث، منها قوله تعالى:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79)} المائدة: 78 ــ 79، وحديث:«من رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده .... » أخرجه مسلم في «صحيحه» (49).
وحديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا). أخرجه البخاري في «صحيحه» (2493).
(1)
ضعيف، وهو من الإسرائيليات.
أخرجه: ابن أبي الدنيا في «العقوبات» (ص 27)(13)، وفي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 109)(75)، ومن طريقه: [ابن الجوزي في «المنتظم» (1/ 378)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= و «أبو الشيخ» ومن طريق أبي الشيخ: عبدالغني المقدسي في «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 37)(43)] من طريق يحيى بن بسطام، قال: حدثني جعفر بن سليمان، قال: حدثني إبراهيم بن عمرو الصنعاني.
وخالف يحيى بنَ بسطام سيَّارُ بنُ حاتم فرواه عن جعفر، عن إبراهيم بن عمرو، عن الوَضِين بن عطاء. فجعله من قول الوَضِين لا إبراهيم. أخرجه: البيهقي في «شعب الإيمان» (12/ 40)(8982) /وابن عبدالبر في «التمهيد» (24/ 310).
ـ يحيى بن بسطام بن حريث الزهراني، أبو محمد المصفَّر البصري، قال: أبو حاتم: صدوق. وذكره البخاري والعقيلي في «الضعفاء» ، وابن حبان في «المجروحين» ، وقال أبو داود: تركوا حديثه. ينظر: [«الضعفاء» للبخاري (ص 117) (403)، و «الضعفاء» للعقيلي (4/ 1506)، «المجروحون» لابن حبان (2/ 471)، «لسان الميزان» لابن حجر (8/ 420)].
ـ
…
جعفر بن سليمان الضبعي، صدوق، زاهد، وكان يتشيع. «تقريب التهذيب» (ص 140).
ـ
…
إبراهيم بن عمرو، ويقال: بن عمر، الصنعاني «من صنعاء دمشق».قال في «التقريب» (ص 64): مستور. قال ابن ماكولا في «الإكمال» (1/ 12): لم أر في إبراهيم هذا كلاماً لأحد، فأذكره. وانظر:«تاريخ دمشق» لابن عساكر (7/ 86).
ـ
…
سيَّار بن حاتم العَنَزي، أبو سلمة البصري، صدوق له أوهام. «تقريب» (ص 296).
ـ
…
الوَضِين بن عطاء بن كنانة الخزاعي الدمشقي، صدوقٌ، سيئُ الحفظ، رُمِيَ بالقدر. «تقريب» (ص 610).
وَذَكَرَ «أَبُوْ عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ» عَنْ أَبِيْ عِمْرَانَ (1)، قَالَ: بَعَثَ اللهُ عز وجل مَلَكَيْنِ إِلَى قَرْيَةٍ أَنْ دَمِّرَاهَا بِمَنْ فِيْهَا، فَوَجَدَا فِيْهَا رَجُلاً قَائِمَاً يُصَلِّيْ فِيْ مَسْجِدٍ، فَقَالَا: يَا رَبِّ، إِنَّ فِيْهَا عَبْدَكَ فُلَانَاً يُصَلِّيْ، فَقَالَ اللهُ عز وجل:(دَمِّرَاهَا، وَدَمِّرَاهُ مَعَهُمْ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ وَجْهُهُ فِيَّ قَطٌّ)(2).
(1) كذا، وهو تصحيف صوابه: أبو هِزَّان، كما في المصدر الذي نقل منه المؤلف، وهو «الداء والدواء» لابن القيم ـ ط. عالم الفوائد ـ (ص 109)، ومصادر التخريج الآتية.
(2)
الأثر ضعيف، وهو من الإسرائيليات. ولم أجده في كتب ابن عبدالبر.
أخرج الأثر: ابن أبي الدنيا في «العقوبات» (ص 27)(14)، وفي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 108)(73)، وابن وضاح القرطبي في «ما جاء في البدع» ـ ط. البدر ـ (ص 203)(310)، وعبدالغني المقدسي في ««الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 37)(42) من طريق بقيَّةِ بن الوليد، قال: حدثني عبدالله بن نعيم، قال: حدثني أبو هِزَّان.
صرح بقية بالتحديث عند ابن وضاح فقط، وعند الباقين بالعنعنة.
ـ
…
بقية بن الوليد الكلاعي، صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء. «تقريب التهذيب» (164). وفي «تحرير التقريب» 01/ 179) تعقُّبٌ على ابن حجر، وترجيح ضعفه.
ـ
…
عبدالله بن نُعيم بن همّام القيسي، عابدٌ، ليِّنُ الحديث. «تقريب» (ص 360).
ـ
…
أبو هِزَّان: يزيد بن سمرة الرهاوي المذحجي، قال أبو زرعة الدمشقي: كان من أهل فضل وزهد. =
وَذَكَرَ «الحُمَيْدِيُّ» ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، (1) عَنْ مِسْعَرٍ: أَنَّ مَلَكَاً أُمِرَ أَنْ يَخْسِفَ بِقَرْيَةٍ. فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّ فِيْهَا فُلَانَاً الْعَابِدَ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ:(أَنْ بِهِ فَابْدَأَ؛ فَإنَّهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ وَجْهُهُ فِيَّ سَاعَةً قَطُّ). (2)
= قال ابن يونس: لم يذكروه بجرح. وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال: ربما أخطأ. يُنظر: [«الكنى» لمسلم (ص 194)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (9/ 268)، «الثقات» لابن حبان (9/ 272)، «الاستغناء في الكنى» لابن عبدالبر (2/ 981)، «تاريخ دمشق» لابن عساكر (65/ 207)، «سير أعلام النبلاء» (9/ 106)].
روي بمعناه من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما مرفوعاً، أخرجه: الطبراني في «الأوسط» (7/ 336)(7661)، والبيهقي في «الشعب» (10/ 74)(7189) بسندٍ ضعيف، تفرد به عبيد بن إسحاق العطار، عن عمار بن سيف، عن الأعمش ـ كما قاله الطبراني عقب الحديث ـ، وعُبيد وعمّار ضعيفان. وقد ضعف الحديث البيهقي في «الشعب» (10/ 74).
ورواه البيهقي في «الشعب» (10/ 74)(7188) من قول مالك بن دينار، ثم قال: هذا هو المحفوظ من قول مالك بن دينار.
(1)
في «الداء والدواء» ـ ط. عالم الفوائد ـ (ص 109)، ومصادر التخريج، زيادة «سفيان بن سعيد»:(قال سفيان بن عيينة: حدثني سفيان بن سعيد، عن مسعر).
(2)
الأثر من الإسرائيليات.
…
=
وَذَكَرَ «ابْنُ أَبِيْ الْدُّنْيَا» عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: لَمَّا أَصَابَ دَاوُودُ الخَطِيْئَةَ، قَالَ: يَا رَبِّ اغْفِرْ لِيْ. قَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكَ، وَأَلْزَمْتُ عَارَهَا بَنِيْ إِسْرَائِيْلَ. قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ وَأَنْتَ الحَكَمُ الْعَدْلُ، لَا تَظْلِمُ أَحَدَاً، أَنَا أَعْمَلُ الخَطِيْئَةَ وَتُلْزِمُ عَارَهَا غَيْرِيْ؟ ! فَأَوْحَىْ اللهُ إِلَيْهِ:(إِنَّكَ لَمَّا عَمِلْتَ الخَطِيْئَةَ لَمْ يَعْجَلُوْا عَلَيْكَ بِالْإِنْكَارِ)(1).
= أخرجه: ابن أبي الدنيا في «العقوبات» (ص 28)(16)، وفي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (ص 108)(74)، عن محمد بن الحسين، قال: حدثني الحميدي، فذكره.
(1)
من الإسرائليات، وقد رُوِيَت بأسَانِيدَ، ضَعَّفَها الأئِمَةُ.
قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ـ ط. عالم الكتب ـ (12/ 81) في تفسيرة (سورة ص~): (قَدْ ذَكَرَ المُفَسِّرُونَ هَاهُنَا قِصَّةً أَكْثَرُهَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهَا عَنِ الْمَعْصُومِ حَدِيثٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ؛ وَلَكِنْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هُنَا حَدِيثًا لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسٍ ـ وَيَزِيدُ وَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ ـ لَكِنَّهُ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ؛ فَالْأُولَى أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ تِلَاوَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَأَنْ يُرَدَّ عِلْمُهَا إِلَى اللَّهِ عز وجل، فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ وَمَا تَضَمَّنَ فَهُوَ حَقٌّ أَيْضاً).
وفي «أضواء البيان» للشنقيطي رحمه الله ـ ط. عالم الفوائد ـ (7/ 27): (واعلم أن ما يذكره كثيرٌ من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة ممّا لايليق بمنصب داود ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ؛ كلُّه راجع إلى الإسرائليات، فلا ثقة به، ولا مُعوَّل عليه، وما جاء منه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لايصح منه شئ). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الألباني رحمه الله في «السلسلة الضعيفة» (1/ 484)، رقم (313) (314): [وقصة افتتان داود عليه السلام بنظره إلى امرأة الجندي أو ريا مشهورة مبثوثة في كتب قصص الأنبياء وبعض كتب التفسير، ولا يشك مسلم عاقل في بطلانها لما فيها من نسبة ما لا يليق بمقام الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ مثل محاولته تعريض زوجها للقتل، ليتزوجها من بعده! وقد رويت هذه القصة مختصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجب ذكرها والتحذير منها، وبيان بطلانها، وهي:(314) إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوحى إلى صاحب البعث فقال: إذا حضر العدوفقرب فلاناً، وسماه، قال: فقربه بين يدي التابوت، قال: وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله، فقتل زوج المرأة، ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة».
باطل.
رواه الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا، كما في «تفسير القرطبي» (15/ 167)، وقال ابن كثير في تفسيره (4/ 31): رواه ابن أبي حاتم، ولا يصح سنده لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس، ويزيد وإن كان من الصالحين لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة.
قلت (الألباني): والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء، أخطأ يزيد الرقاشي فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقل القرطبي (15/ 176) عن ابن العربي المالكي أنه قال: وأما قولهم: إنها لما أعجبته =
وَفِيْ «مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ» عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: إِنَّ الْرَّبَّ عز وجل قَالَ فِيْ بَعْضِ مَا يَقُوْلُ لِبَنِيْ إِسْرَائِيْلَ: (إِنِّيْ إِذَا أُطِعْتُ رَضِيْتُ، وَإِذَا رَضِيْتُ بَارَكْتُ، وَلَيْسَ لِبَرَكَتِيْ نِهَايَةٌ، وَإِذَا عُصِيْتُ غَضِبْتُ، وَإِذَا غَضِبْتُ لَعَنْتُ، وَلَعْنَتِيْ تَبْلُغُ الْسَّابِعَ مِنَ الْوَلَدِ)(1).
= أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله، فهذا باطل قطعاً، فإن داود صلى الله عليه وسلم لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه.
تنبيه: تبين لنا من رواية ابن أبي حاتم في تفسيره لمثل هذا الحديث الباطل أن ما ذكره في أول كتابه «التفسير» : (أنه تحرى إخراجه بأصح الأخبار إسنادا وأثبتها متنا) كما ذكره ابن تيمية ليس على عمومه فليعلم هذا.]. انتهى من «السلسلة الضعيفة» .
وانظر: «تفسير الطبري» ـ ط. التركي ـ (20/ 64)، و «تنزيه نبي الله داوود عليه السلام عن مطاعن وأكاذيب اليهود في العهد القديم والإسرائيليات» د. فتحي الزغبي ـ ط. دار البشائر في بيروت ـ.
(1)
ضَعيفٌ، من الإسرائليات، ولم أجده في «المسند» ، ولعله وهمٌ؛ وإنما أخرجه في «الزهد» ، خاصةً وأن السيوطي ذكره في «الدر المنثور» (9/ 619) وعزاه للزهد فقط.
والأثر أخرجه: الإمام أحمد في «الزهد» ـ ط. العلمية ـ (ص 47)(289)، ومن طريقه:[ابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص 182)]، وأبو نعيم في «الحلية» (4/ 41).
وفي قوله «ولعنتي تبلغ السابع من الولد» يعارضُه خمس آيات في القرآن يذكر الله: أنه لاتَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، من هذه الآيات، قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ =
انْظُرْ كَيْفَ فَعَلَ اللهُ بِذَوَاتِ أَهْلِ المَعَاصِيّ وَمَنْ دَاهَنَهُمْ عَلَيْهَا، وَمَنْ لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ، ومَنْ لَا يُبْغِضُهُمْ.
وَذَكَرَ «أَبُوْ نُعَيْمٍ» عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِيْ الجَعْدِ، عَنْ أَبِيْ الْدَّرْدَاءِ، قَالَ:(لِيَحْذَرَ امْرُؤٌ أَنْ تَلْعَنَهُ قُلُوْبُ المُؤْمِنِيْنَ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرْ. قَالَ: أَتَدْرِيْ مِمَّا هَذَا؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ يَخْلُوْ بِمَعَاصِيْ اللهَ، فَيُلْقِيْ اللهُ بُغْضَهُ فِيْ قُلُوْبِ الُمؤْمِنِيْنَ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ)(1). فَمِنَ المَعْلُوْمِ أَنَّ الَّذِيْ لَا يُبْغِضُهُمْ، فَإنَّه مِثْلُهُمْ.
= شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (الأنعام: 164)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:{مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}
…
(الإسراء: 15).
(1)
ضعيفٌ؛ لانقطاعه.
أخرجه: أبو نعيم في «حلية الأولياء» (1/ 215) من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، به. وهو منقطع؛ لأن سالماً لم يدرك أبا الدرداء.
ينظر: [«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 80) (290)، «البحر الزخار» للبزار (10/ 30) (4090)، «جامع التحصيل» (ص 179) (218)].
وأخرج الأثرَ الإمامُ أحمد في «الزهد» (ص 117)(767) عن سفيان، قال: قال أبو الدرداء
…
فذكره مختصراً، وهو منقطع أيضاً.
وَقَدْ قَالَ أَبُوْ قِلَابَةَ (1):
(لَا تُجَالِسُوْا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ؛ فَإِنِّيْ لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوْكُمْ فِيْ ضَلَالَتِهِمْ، أَوْ يُلَبِّسُوْا عَلَيْكُمْ بَعْضَ مَا تَعْرِفُوْنَ)(2).
(1) هو عبدالله بن زيد بن عمرو، أبو قِلَابة الجَرْمي البصري، والجَرمي: بطن من قضاعة. روى عن الصحابة: أنس بن مالك، وثابت بن الضحاك، وابن عباس، وسمرة، وأبي هريرة، وعائشة، والنعمان بن بشير، وغيرهم رضي الله عنهم كان من أئمة الهدى -رحمه الله تعالى- (ت 104 هـ) وقيل:(105 هـ) وقيل: (106 هـ). ينظر: «الطبقات» لابن سعد (7/ 183)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (4/ 468).
(2)
صحيح.
أخرجه: ابن سعد في «الطبقات» (7/ 184)، والدارمي في «مسنده» ـ ط. حسين سليم ـ (1/ 387)(405)، والبسوي في «المعرفة والتاريخ» (3/ 491)، والفريابي في «القدر» (ص 213) و (ص 214)(366)(370)، وابن وضاح في «ما جاء في البدع» (ص 106)(132)، والآجري في «الشريعة» (1/ 435)(114)، وابن بطة في «الإبانة» ـ كتاب الإيمان ـ (2/ 435)(363)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/ 151)(243)، وابن زمنين في «أصول السنة» (ص 303)(236)، والهروي في «ذم الكلام وأهله» (5/ 36)(819)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (2/ 287)، والبيهقي في «الاعتقاد» ـ ط. الفضيلة ـ (ص 319)، و «القضاء والقدر» (ص 296)(460)، و «الجامع لشعب الإيمان» (12/ 56)(9015)، من طرق عن أيوب، عن أبي قلابة.
وقد علَّقه عبدالله بن الإمام أحمد في «السنة» (1/ 137)(99)، وأبو المظفر السمعاني في «الانتصار لأهل الحديث» ـ كما في فصول منه جمعها د. محمد الجيزاني ـ (ص 58).
وانظر: «حقيقة البدعة وأحكامها» د. الغامدي (1/ 84)، وما سبق (ص) من كتابنا هذا.
وَعَنْ الْشَّافِعِيِّ قَالَ:
(المِرَاءُ فِيْ الْعِلْمِ، يُقَسِّيْ الْقَلْوْبَ، وَيُوْرِثُ الْضَّغَائِنَ)(1).
(1) أخرجه البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (1/ 201)(239) وفي «الاعتقاد» (ص 320)، و «شعب الإيمان» (11/ 41)(8128)، و «مناقب الشافعي» (2/ 150 ـ 151)، والمبارك الطيوري كما في «الطيوريات» ـ ط. أضواء السلف ـ (4/ 1374)(1338) من طريقين عن الإمام الشافعي رحمه الله.
وقد روي من قول الإمام مالك أيضاً: أخرجه ابن بطة في «الإبانة» ـ الإيمان ـ (2/ 530)(653)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (61/ 205) من طريق ابن وهب، عن مالك رحمه الله.
وانظر: «الشريعة» للآجري (1/ 435) وما بعدها، و «مسند الدارمي» (1/ 387)، و «فصول من كتاب الانتصار لأهل الحديث لأبي المظفر السمعاني» جمع نصوصه: د. محمد الجيزاني (57)، «شرح السنة» للبغوي (1/ 292). «فضل علم السلف على علم الخلف» لابن رجب ـ ط. البشائر ـ (51)، و «جامع العلوم والحكم» (1/ 93)، و «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص 22)، و «الآداب» لابن مفلح (1/ 222)، و «أصول الجدل والمناظرة في الكتاب والسنة» د. حمد العثمان (ص 185).
وَعَنْهُ قَالَ: (لَأَنْ يَلْقَى اللهَ الْعَبْدُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الْشِّرْكَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيءٍ مِنَ الهَوَى)(1).
- قَوْلُهُ (2): (وَمِنْهَا: أَنَّ تَارِكَ الْصَّلَاةِ لَا يُؤَدَّبْ).
أَقُوْلُ: قَدْ ذَكَرَ اللهُ سبحانه وتعالى حَدَّ تَارِكِ الصَّلَاةِ، وَرَسُوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِيْ غَيْرِ حَدِيْثٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم.
وقَدْ ذَكَرَ شَمْسُ الْدِّيْنِ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ ـ فِيْ جَوَابِ مَسْأَلَةٍ سُئِلَ عَنْهَا، قَالَ: (لَايَخْتَلِفُ المُسْلِمُوْنَ أَنَّ تَرْكَ الْصَّلَاةِ المَفْرُوْضَةِ عَمْدَاً مِنْ أَعْظَمِ الْذُّنُوْبِ، وَأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَأَنَّ إِثْمَهُ عِنْدَ الله أَعْظَمُ مِنْ إِثْمِ قَتْلِ الْنَّفْسِ، وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ، وَمِنْ إِثْمِ الْزِّنَا وَالْسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ الخَمْرِ، وَأَنَّهُ مُتَعَرِّضٌ لِعُقُوْبَةِ الله ـ سُبْحَانَهُ ـ وَسَخَطِهِ، وَخِزْيِهِ فِيْ الْدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
(1) أخرجه: البيهقي في «مناقب الشافعي» (1/ 452)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (51/ 309) من طريق أبي العباس الأصم، عن الربيع بن سليمان، عن الشافعي رحمه الله.
وفي رواية: «بشئ من الأهواء» ، وانظر:«مناقب الشافعي» للبيهقي (1/ 452 ـ 470) فقد ذكر باباً بعنوان: (باب من جاء عن الشافعي رحمه الله في مجانبة أهل الأهواء وبغضه إياهم، وذمه كلامهم، وإزرائه بهم، ودقه عليهم، ومناظرته إياهم).
(2)
نهاية الورقة [18] من المخطوط.
ثُمَّ اخْتَلَفُوْا فِيْ قَتْلِهِ، وَفِيْ كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ، وَفِيْ كُفْرِهِ؛ فَأَفْتَى سُفْيَانُ بْنُ سَعِيْدٍ الْثَّوْرِيِّ، وَأَبُوْ عَمْرِو الْأوْزَاعِيِّ، وَعَبْدُ الله بْنُ المُبَارَكِ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَوَكِيْعُ بْنُ الجَرَّاحِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيْسَ الْشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوْيَةَ، وَأَصْحَابُهُمْ: بِأَنَّهُ يُقْتَلُ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوْا فِيْ كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ، فَقَالَ جُمْهُوْرُهُمْ: يُقْتُلُ بِالْسَّيْفِ ضَرْبَاً فِيْ عُنُقِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْشَّافِعِيَّةِ: يُضْرَبُ بِالخَشَبِ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوْتَ.
وَقَالَ ابْنُ شُرَيحٍ (1):
يُنْخَسُ بِالْسَّيْفِ حَتَّى يَمُوْتَ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِيْ زَجْرِهِ، وَأَرْجَى لِرُجُوْعِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقَالَ ابْنُ شِهَابِ الْزَّهْرِيِّ، وَسَعِيْدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيْزِ، وَأَبُوْ حَنِيْفَةَ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالمُزَنِيُّ: يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوْتَ أَوْ يَتُوْبَ، وَلَا يُقْتَلُ. تَمَّ الجَوَابُ (2).
(1) كذا في المخطوطة، وهو تصحيف؛ صوابه (ابن سُريج)، كما في «الصلاة» لابن القيم (ص 6).
وهو: أحمد بن عمر بن سُريج البغدادي، من أئمة الشافعية (ت 306 هـ) ينظر:«سير أعلام النبلاء» (14/ 201).
(2)
قول المؤلف: (تَمَّ الجواب). غَرِيْبٌ؛ لأن النقل من رسالة كبيرة لابن القيم بعنوان «كتاب الصلاة» ـ ط. عالم الفوائد ـ مجلد (564) بالفهارس. والمؤلف نقل من أولها، يُنظر (ص 4). =
- قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ نَفَّاثَاتٍ يُخْبِرْنَ بِأُمُوْرٍ مِنَ الْغَيْبِ، وَمِنْ قِيْلِهِنَّ: أَنَّ هَذَهِ الْفَرَسُ بِهَا شَعْرةٌ مَنْ رَكِبَهَا طُعِنَ بِرُمْحٍ، وَأُخْرَى مَنْ رَكِبَهَا فَجَرَ بِأَهْلِهِ
…
إِلَى آخِرِهِ).
أَقُوْلُ: هَذِهِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ سبحانه وتعالى، كَمَا قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (1)
فَمَنْ ادَّعَى شَيْئَاً مِنْ ذَلِكَ فَقَدَ كَفَرَ بِاللهِ الْعَظِيْمِ، وَقَدْ جَاءَ مُتَوَاتِرَاً عَنْ رَسُوْلِ الله صلى الله عليه وسلم فِيْ غَيْرِ حَدِيْثٍ، تَكْفِيرُ مَنْ ادَّعَى شَيْئَاً مِنْ ذَلِكَ.
كَمَا أَخْرَجَ «الْنَّسَائِيُّ» مِنْ حَدِيْثِ أَبِيْ هُرَيْرَةَ: (مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيْهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئَاً وُكِلَ إِلَيْهِ)(2).
= وانْظُر في المسألة: «سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة» لأبي الحسن مصطفى السليماني، و «الخلاف في حكم تارك الصلاة» د. عبدالله الزاحم. كلاهما طُبِعَ في دار الفضيلة في الرياض.
(1)
سورة لقمان، آية (34).
(2)
ضعيفٌ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه: النسائي في «المجتبى» (7/ 112)(4079)، وفي «السنن الكبرى» (3/ 449)(3528) وابن عدي في «الكامل» (4/ 342)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (2/ 127)(1469)، ومن طريقه:[المزي في «تهذيب الكمال» (14/ 169)] من طريق عباد بن مَيْسرة المِنْقري، عن الحسن البصري، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً.
وأخرجه ابن مردويه في «تفسيره» كما في «الدر المنثور» للسيوطي (15/ 801).
ـ
…
عبَّاد بن ميسرة المِنْقَريُّ التميمي البصري المعلِّم. قال ابن معين: ليس به بأس، وذكره ابن حبان، وابن شاهين في «الثقات». وضعفه: الإمام أحمد، وابن معين في رواية، والعقيلي، وقال أبو داود والنسائي: ليس بالقوي. وقال ابن عدي: يكتب حديثه.
قال الذهبي في «الكاشف» : ضعفه أحمد، وكان عابداً، ليس بالقوي.
وقال ابن حجر في «التقريب» : ليِّنُ الحديث، عابد.
[«الكامل» لابن عدي (4/ 341)، «الضعفاء» للعقيلي (3/ 882)، «الضعفاء والمتروكون» للنسائي (410)، «الثقات» لابن حبان (7/ 161)، «تهذيب الكمال» (14/ 167)، «ميزان الاعتدال» (2/ 343)، «الكاشف» للذهبي (3/ 77)، «تقريب التهذيب» (ص 327)]
وهو ضعيف؛ لثلاث علل:
الأولى: ضعف عبَّاد بن ميسرة، الثانية: مخالفته جرير وأبان ـ كما سيأتي ـ، الثالثة: الانقطاع، فالحسن لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه قاله أيوب السختياني، ويونس بن عبيد، وزياد الأعلم، وبهز بن أسد، وابن معين، وابن المديني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأبو داود، والبزار، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والباجي، وعبدالحق الأشبيلي، والمنذري، والزيلعي.
وقال قوم: بأنه قد سمع منه، قال به: قتادة، موسى بن هارون، ومغلطاي، وابن حجر.
ينظر تفصيل هذه المسألة في كتاب «الثقات التابعون المتكلم في سماعهم من الصحابة» د. مبارك الهاجري (1/ 363 ــ 387)، فقد أجاد وأفاد، ورجَّح عدم ثبوت السماع، معللاً الترجيح بأدلة.
قال الذهبي في «الميزان» ـ ط. الرسالة ـ (2/ 343): (هذا الحديث لايصِحُّ؛ لِلِينِ عَبَّاد، وانقطاعه).
وتعقبه ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (3/ 68) بقوله: (كذا قال، ويتوجّه أنه حديثٌ حسن). والصواب مع الذهبي.
وقد رُوي عن الحسن، مرسلاً، أخرجه: عبدالرزاق في «المصنف» (11/ 17)(19772) عن أبان.
وابن وهب في «الجامع» (2/ 757)(674)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (9/ 351) عن جرير بن حازم. كلاهما (أبان، وجرير) عن الحسن البصري، مرفوعاً. وحديث جرير فيه الجملةالأخيرة فقط.
وهذا هو الصواب في الحديث أنه مرسل، (وقد دل على وهم عباد بن ميسرة في وصله). أفاده الشيخ: جاسم الدوسري في «النهج السديد» (ص 135)(265).
وقد ضعَّف الحديثَ العلامةُ الألباني رحمه الله في «ضعيف الجامع» (ص 822)(5702)، وفي «غاية المرام» (ص 142)(288).
وَأَخْرَجَ «أَبُوْ دَاوُدَ» ، وَ «الْتِّرْمِذِيُّ» ، وَ «الْحَاكِمُ» وَصَحَّحَهُ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(مَنْ أَتَى كَاهِنَاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ)(1).
وَأَخْرَجَ «أَبُوْ دَاوُدَ» ، وَ «الْتِّرْمِذِيُّ» ، وَ «الْحَاكِمُ» وَصَحَّحَهُ، عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ:(مَنْ أَتَى عَرَّافَاً أَوْ كَاهِنَاً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُوْلُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)(2).
(1) سيأتي تخريجه في الحديث التالي.
(2)
الحديث أقلُّ أحوالِه أنه حَسَنٌ.
والأولى أن يذكر المؤلف ما أخرجه مسلمٌ في «صحيحه» (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» .
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه: أبو داود في «سننه» ـ ط. الرسالة ـ (6/ 48)(3904)، والترمذي في «جامعه» ـ ط. الرسالة ـ (1/ 167)(135)، وفي «العلل الكبير» (1/ 191)(41)، و «النسائي في «السنن الكبرى» (8/ 201)(8968)، وابن ماجه في «سننه» ـ ط. الرسالة ـ (1/ 404)(639)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (9/ 231)(17077)، وإسحاق بن راهوية في «مسنده» (1/ 423)(482)، وأحمد بن حنبل في «مسنده» ((15/ 164)(9290)، و (16/ 142)(10167)، ومن طريقه:[ابن بطه في «الإبانة» ـ الإيمان ـ (2/ 729) (994)]، والدرامي في «مسنده» =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (1/ 732)(1176)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 16)، والبزار في «البحر الزخار» (16/ 294)(9502)، وابن الجارود في «المنتقى» (1/ 104)(107)، والخلال في «السنة» (4/ 97)(1252)، و (4/ 153)(1401)، وابن المنذر في «الأوسط» ـ ط. الفلاح ـ (2/ 337)(791)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 45)، وفي «مشكل الآثار» (15/ 429)(6130)، والعقيلي في «الضعفاء» (1/ 339)، وابن عدي في «الكامل» (2/ 220)، والحاكم في «المستدرك» (1/ 49)(15)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/ 198) من طرق عن حماد بن سلمة، قال: حدثنا حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً؛ فصدَّقه؛ فقد كفر مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) وفي لفظ: «فقد برئ» .
عند ابن أبي شيبة (موقوفاً) ولم يذكر (الكاهن)، وفي الموضع الثاني عند الخلال لم يذكر إلا الكاهن.
ــ حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة، عابد، أثبت الناس في ثابت، وتغيَّر حفظه بأخرة. «تقريب» (ص 214).
ــ حكيم الأثرم البصري. صدوق حسن الحديث.
روى عن: الحسن البصري، وأبي تميمة، وروى عنه: حماد بن سلمة، وسعيد بن عبدالرحمن البصري، وعوف الأعرابي.
وثَّقَه: ابن المديني ـ في رواية عثمان ابن أبي شيبة عنه، وأبو داود، وذكره ابن حبان في «الثقات» . =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال النسائي: ليس به بأس.
سئل عنه ابن المديني ـ كما في رواية الذهلي ـ فقال: أعيانا هذا، وفي رواية: لا أدري من هو؟
وفي رواية إسماعيل بن إسحاق عن ابن المديني: لاأدري ابن مَن هو، وهو ثقة.
ذكره العقيلي في «الضعفاء» ، وقال البزار: منكر الحديث، لايحتج به إذا انفرد به. وقال ابن عدي في «الكامل» بعد إيراد الحديث: وحكيم يُعرف بهذا الحديث، وليس له غيره إلا اليسير.
قال الذهبي: صدوق. وقال ابن حجر: فيه لين. والصواب ما اختاره الذهبي.
ينظر: [«سؤالات عثمان بن أبي شيبة لابن المديني» (ص 32) (6)، «سؤلات الآجري لأبي داود» (2/ 129) (1337)، «الضعفاء» للعقيلي (1/ 339)، «البحر الزخار» للبزار (16/ 294)، «الكامل» لابن عدي (2/ 512)، «الثقات» لابن حبان (6/ 215)، «تهذيب الكمال» (7/ 207)، «الكاشف» (2/ 312)، «تقريب التهذيب» (ص 213)]
ــ طريف بن مجالد السِّلِّي، أبوتَميمة الهُجَيمي البصري، مشهور بكنيته.
وثَّقه: ابن معين، وابن سعد، والدارقطني، وابن عبدالبر، وذكره ابن حبان في «الثقات».قال ابن حجر: ثقة.
(ت 95 هـ، وقيل: 97 هـ، وقيل: 99 هـ)
واخْتُلِف في سماعه من أبي هريرة رضي الله عنه.
سماعه من أبي هريرة ممكن، لمعاصرته، وقد ذكر مسلم، وأبو حاتم الرازي، وابن حبان، وابن عبدالبر، والذهبي أنَّ أبا تميمة روى عن أبي هريرة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال البخاري في «التاريخ الكبير» : (لايُعْرَف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة).
فأبو تميمة لم يصرح في هذا الحديث بالسماع، ومذهب البخاري اشتراط السماع بين المتعاصرَين، ولايُكتفى بالمعاصرة، ومادام أنه أدرك أبا هريرة وأمكن سماعه، ولم يُعرَف بالتدليس، فتُقبل روايته على مذهب الإمام مسلم، وجمهور أهل العلم.
ينظر: [«التاريخ الكبير» للبخاري (3/ 16)، «الثقات» لابن حبان (4/ 395)، «تهذيب الكمال» (13/ 380)، «تهذيب التهذيب» (5/ 12)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (7/ 60)، «جامع التحصيل» (ص 201)(309)، «تحفة التحصيل» (ص 208)(406)، «تقريب التهذيب» (ص 317)، «الثقات التابعون المتكلَّم في سماعهم من الصحابة» د. الهاجري (2/ 442).
والحديث صحَّحَهُ: الألباني في «الإرواء» (7/ 68)(2006).
وضعَّفهُ جماعةٌ: قال البخاري بعد إخراجه للحديث في «التاريخ الكبير» (3/ 16) في ترجمة (حكيم الأثرم): هذا حديثٌ لايُتَابَع عليه، ولا يُعرف لأبي تميمة سماعٌ من أبي هريرة.
قال الترمذي في «جامعه» (1/ 191)(41): لانعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة؛ وضعَّف محمدٌ (أي البخاري) هذا الحديث من قِبَلِ إسناده.
وقال الترمذي في «العلل الكبير» (1/ 191)(41) بعد إيراده الحديث من دون ذكر «الكاهن» : سألتُ محمداً (أي البخاري) عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلا من هذا الوجه، وضعَّفَ هذا الحديث جداً. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال البزار في «البحر الزخار» (16/ 294)(9502): وهذا الحديث لانعلمه رواه بهذا اللفظ إلا حكيم الأثرم، عن أبي تميمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحكيم منكرُ الحديث، لايحتج بحديث له إذا انفرد به، وهذا مما تفرَّد به.
وضعَّفه البغوي فيما نقله عنه المُنَاوي في «فيض القدير» (6/ 24).
قال الذهبي في «الكبائر» ـ ط. المهدي ـ (ص 140)(433): ليس إسناده بالقائم. ونقله عنه أيضاً المُناوي في «فيض القدير» (6/ 24).
وضعفه أيضاً: ابن سيِّد الناس في «النفح الشذي» ـ ط. الصميعي ـ (3/ 204) وذكر أن فيه أربع علل: تفرد حكيم، ضعف راويه (حكيم)، الانقطاع بين أبي تميمة وأبي هريرة، ونكارة متنه؛ لمخالفته ما ثبت من الكفارة في ذلك، وقد أشار إليها الترمذي.
قلتُ: وبعض كلامه فيه نظر: فحكيم صدوقٌ وليس بضعيف، والانقطاع لم يذكره إلا البخاري بلفظ: نفي السماع، وسبق ذكر مذهبه رحمه الله.
والنكارة المشار إليها أراد (وطء الحائض)، وسبق ذكر كلام الترمذي أن البخاري ضعفه من قِبَل إسناده. قال الشيخ: سليمان بن عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب في «تيسير العزيز الحميد» ـ ط. الصميعي ـ (2/ 828): أطال أبو الفتح اليعمري [هو ابن سيد الناس] في بيان ضعفه، وادَّعى أنه متْنَه مُنْكرٌ؛ وأخطأ في اطلاق ذلك؛ فإن «إتيان الكهان» له شواهد صحيحة، منها ما ذكره المصنف بعده، وكذلك «إتيان المرأة في الدبر» ، له شواهد، ثم ذكرها رحمه الله).
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه وجه آخر: أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (15/ 331)(9536) من حديث يحيى بن سعيد، عن عوف، قال: حدثني خِلاس، عن أبي هريرة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(مَن أتى كاهناً أو عرافاً فصدَّقَه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد). عوف هو ابن أبي جميلة.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (1/ 49)(15) وعنه: البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 135) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن خلاس ومحمد، عن أبي هريرة، بنحوه. وخِلَاس بن عمرو الهَجَري، ثقة، وكان يرسل. «تقريب التهذيب» (ص 233)، ولم يسمع من أبي هريرة قاله الإمام أحمد. «جامع التحصيل» (ص 173)(175).
هذا وللحديث بذكر الشاهد هنا (إتيان الكاهن) شواهد عديدة، منها:
عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» (2230) من حديث نَافعٍ، عن صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» . من الرواة مَن سمَّاها «حفصة» كما ذكره أبو سعيد عثمان الدارمي في «مسندها» قاله سِبْط ابن العَجَمِي في «تنبيه المُعْلِم بمبهمات صحيح مسلم» (ص 381)(934)، وأشار إلى ذلك ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 217).
حديث ابن مسعود رضي الله عنه. أخرجه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1/ 300)(381)، والبزار «البحر الزخار» (5/ 315)(1931)، و (5/ 256)(1873)، وأبو يعلى في «مسنده» (9/ 208)(5408)، والبغوي في «الجعديات» (2/ 47)(1958) ومابعده، والطبراني في «المعجم الكبير» (10/ 76)(10005)، والجصاص في «أحكام القرآن» (1/ 61)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 136)، وابن عدي في «الكامل» (3/ 282)، و (7/ 239) من حديث عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً: (من أتى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كاهناً فصدَّقَهُ بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم). وعند البزار زيادة (ساحراً).
صححه الحاكم، وجوَّد إسناده ابن حجر في «فتح الباري» (10/ 217)، وذكر أنه لم يصرِّح برفعه؛ ومثلُه لايُقال بالرأي. قال الشيخ المحدث: سليمان بن عبدالله بن الإمام محمد بن عبدالوهاب في «تيسير العزيز الحميد» ـ ط. الصميعي ـ (2/ 830): إسناده صحيح على شرط البخاري.
ونقل الشيخ، وقبله المُناوي في «فيض القدير» (6/ 23): تصحيحَ العراقي في «أماليه» ، وقولَ الذهبي في «الكبائر» ـ (الكبيرة 41) (ص 178): إسناده قوي.
حديث أنس رضي الله عنه. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6/ 378)(6670)، وابن عدي في «الكامل» (3/ 156)، وهو ضعيف. ينظر:«السلسلة الضعيفة» للألباني (11/ 443)(5281)، و (14/ 56)(6555)، ورقم (6523).
حديث أبي العشراء، عن أبيه، مرفوعاً. أخرجه ابن المقري في «معجمه» (ص 80)(171)، وانظر:«المنحة الإلهية في ترتيب معجم ابن المقري على الأبواب الفقهية» (2/ 792)(584). وهو ضعيف.
حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.أخرجه البزار في «مسنده» «كشف الأستار عن زوائد البزار» (3/ 400)(3045)، وجوَّد إسناده ابن حجر في «الفتح» (10/ 217)، وانظر:«الصحيحة» للألباني (7/ 1155)(3387).
حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه. أخرجه البزار في «البحر الزخار» (9/ 52)(3578)، وجوَّد إسناده ابن حجر في «الفتح» (10/ 217). =
قَالَ الْبَغَوْيُّ: الْعَرَّافُ: الَّذِيْ يَدَّعِيْ مَعْرِفَةَ الأُمُوْرِ. (1)
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ (2) ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله تَعَالَى ـ: (الْعَرَّافُ: اسْمٌ لِلْكَاهِنِ، وَالمُنَجِّمِ، وَالْرَّمَّالِ، وَنَحْوِهِمْ، كَالحَارِزِ الَّذِيْ يَدَّعِيْ عِلْمَ الْغَيْبِ، أَوْ يَدَّعِيْ الْكَشْفَ)(3).
وَقَالَ الْشَّيْخُ عَبْدُ الْرَّحْمَنِ بْنُ حَسَنٍ (4)
ـ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ ـ فِيْ الْكَلَامِ عَلَى الْعَرَّافِ: (وَالمَقْصُوْدُ مِنْ هَذَا، مَعْرِفَةُ مَنْ يَدَّعِيْ عِلْمَ شَيءٍ مِنَ المُغَيَّبَاتِ،
يُنظر للزيادة: «أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري» للبصارة (7/ 4863 ــ 4873) مهم، «مسند أحمد» ـ ط. الرسالة ـ (15/ 164، 332)، «المنتقى» لابن الجارود ـ تحقيق الحويني ـ (1/ 104)، «إرواء الغليل» (7/ 68).
(1)
«شرح السنة» للبغوي (12/ 182).
(2)
نهاية الورقة [19] من المخطوط.
(3)
«مجموع الفتاوى» (35/ 173).
(4)
الشيخ العلَّامة: عبدالرحمن بن حسن بن الإمام المجدد: محمد بن عبدالوهاب التميمي.
وُلِدَ في الدرعية (1193 هـ)، توفي والده وهو صغير، فاعتنى به جدُّه الشيخ: محمد رحمهم الله تَعَالَى ـ؛ قال عنه المؤرخ ابن بِشْر: (كان محلَّ حفاوة زعماء نجد في وقته، وهو المُتَصَدِّر للدروس التي كانت تُعقَد في مجالس الإمام تركي، والإمام فيصل، في الحِلِّ والترحال). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= من شيوخه: جدُّهُ الإمام، وعمُّه: عبدالله، وحمد بن معمَّر، وعبدالرحمن الجبرتي، وحسين بن غنَّام، وغيرهم. تولَّى القضاء في الدرعية، ثم مكة، ثم انتقل إلى مصر، ثم عاد إلى نجد قاضياً.
من تلاميذه: حسن بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب، حمد بن عتيق، عبدالرحمن بن عدوان، سليمان بن سحمان، وغيرهم.
من مؤلفاته: «فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد» ، و «قرَّة عيون الموحدين» ، و «القول المفصل النفيس» ، و «المقامات في تاريخ الدعوة» ، و «المحجَّة» ، و «بيان كلمة التوحيد» ، وغير ذلك.
توفي رحمه الله سنة (1285 هـ) في مدينة الرياض، ودُفِن في مقبرة «العُود» .
ينظر: [«عنوان المجد في تاريخ نجد» لابن بشر (2/ 42)، «عقد الدرر» لابن عيسى» (ص 54)، «تاريخ بعض الحوادث في نجد» لابن عيسى (ص 114 وص 129)، «إيضاح المكنون» لإسماعيل باشا (2/ 172)، «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» لابن قاسم (16/ 404)، «الأعلام» للزركلي (3/ 304)، «معجم المؤلفين» لكحالة (2/ 88)، «مشاهير علماء نجد» لعبدالرحمن آل الشيخ (ص 78)، «تسهيل السابلة» لصالح آل عثيمين (3/ 1704) (2859)، حاشية «السحب الوابلة» (2/ 486)، «روضة الناظرين» (1/ 220)، «علماء نجد خلال ثمانية قرون» للبسام (1/ 180)، «علماء الحنابلة» لبكر أبو زيد (ص 433) (3612)، مقدمة تحقيق الدكتور: الوليد الفريان ل «فتح المجيد» ـ ط. الصميعي ـ (1/ 33 ـ 39)].
فَهُوَ إِمَّا دَاخِلٌ فِيْ اسْمِ الْكَاهِنِ، أَوْ مُشَارِكَاً (1) لَهُ فِيْ المَعْنَى، فَيُلْحَقُ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ إِصَابَةَ المُخْبِرِ بِبَعْضِ الْأُمُوْرِ الْغَائِبَةِ، فِيْ بَعْضِ الْأَحْيَانِ يَكُوْنُ بِالْكَشْفِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مِنَ الْشَّيَاطِيْنِ، وَيَكُوْنُ بِالْفَأَلِ، وَالْزَّجْرِ، وَالْطِّيَرَةِ، وَالِضَّرْبِ بِالحَصَى، وَالخَطِّ فِيْ الْأَرْضِ، وَالْتَّنْجِيْمِ، وَالْكِهَانَةِ (2)، وَنَحْوِ هَذَا مِنْ عُلُوْمِ الجَاهِلِيَّةِ.
وَنَعْنِيْ بِالجَاهِلِيَّةِ: كُلَّ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَتْبَاعِ الْرُّسُلِ عليهم السلام كَالْفَلَاسِفَةِ، وَالْكُهَّانِ، وَالمُنَجِّمِيْنَ، وَجَاهِلِيَّةِ الْعَرْبِ الَّذِيْنَ كَانُوْا قَبْلَ مَبْعَثِ
…
الْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ هَذِهِ عُلُوْمٌ لِقَوْمٍ، (3) لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ بِمَا جَاءَتْ بِهِ الْرُّسُلُ عليهم السلام.
وَكُلُّ هَذِهِ الْأُمُوْرُ يُسَمَّى صَاحِبُهَا كَاهِنَاً، وَعَرَّافَاً، أَوْ فَيْ مَعْنَاهُمَا.
فَمَنْ أَتَاهُمْ فَصَدَّقَهُمْ بِمَا يَقُوْلُوْنَ لَحِقَهُ الْوَعِيْدُ.
وَ «قَدْ» (4) وَرِثَ هَذِهِ الْعُلُوْمَ عَنْهُمْ أَقْوَامٌ، فَادَّعَوْا بِهَا عِلْمَ الْغَيْبِ،
(1) كذا في المخطوطة، وصوابه:«مشاركٌ» .
(2)
في «فتح المجيد» زيادة: والسحر.
(3)
في بعض نسخ «فتح المجيد» : (فإن هذه علوم القوم، ليس لهم .. ) ينظر: ط. الصميعي.
(4)
سقطت في المخطوطة، وهي في «فتح المجيد» .
الَّذِيْ اسْتَأَثَرَ اللهُ بِهِ عِنْدَهُ، وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَرَامَةٌ! !
وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ ادَّعَى الْوِلَايَةَ، وَاسْتَدَلَّ بِإِخْبَارِهِ بِبَعْضِ المُغَيَّبَاتِ؛ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْشَّيْطَانِ، لَا مِنْ أَوْلِيَاءِ الْرَّحْمَنِ؛ إِذْ الْكَرَامَةُ أَمْرٌ يُجْرِيْهُ اللهُ عَلَى يَدِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ الْتَّقِيِّ، إِمَّا بِدُعَاءٍ، أَوْ أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، لَا صُنْعَ لِلْوَليِّ فِيْهَا، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَنْ يَدَّعِيْ أَنَّهُ وَلِيٌّ لِله، وَيَقُوْلُ لِلْنَّاسِ: اعْلَمُوْا أَنِّيْ أَعْلَمُ المُغَيَّبَاتِ.
فَإِنَّ مِثْلَ هَذَهِ الْأُمُوْرِ قَدْ تَحْصُلُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَسْبَابِ، وَإِنْ كَانَتْ أَسْبَابَاً مُحَرَّمَةً كَاذِبَةً (1).
وَلِهَذَا قَالَ الْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيْ وَصْفِ الْكُهَّانِ: (فَيَكْذِبُوْنَ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ)(2).
إِلَى أَنْ قَالَ: بَلْ مُجَرَّدُ دَعْوَى عِلْمِ الْغَيْبِ كُفْرٌ، فَكَيْفَ يَكُوْنُ الُمدَّعِيْ لِذَلِكَ وَلِيَّاً لله؟ !
وَلَقَدْ عَظُمَ الْضَّرَرُ، وَاشْتَدَّ الخَطْبُ بِهَؤُلَاءِ المُفْتَرِيْنَ (3)، الَّذِيْنَ وَرِثُوْا
(1) في «فتح المجيد» زيادة: في الغالب.
(2)
قطعة من حديث في «صحيح البخاري» رقم (3210)(3288)(5762)(6213)(7561)، و «صحيح مسلم» (2228) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3)
في بعض نسخ «فتح المجيد» (المغترين) بالغين.