المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القرآن كلام الله غير مخلوق - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - جـ ١١

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

فهرس الكتاب

- ‌المسألة الأولىإذا بلغ الماءُ قُلَّتَين لم ينجَسْ

- ‌المسألة الثانيةرفع اليدين

- ‌ المسألة الثالثةأفطر الحاجم والمحجوم

- ‌ المسألة الرابعةإشعار الهدي

- ‌ المسألة الخامسةالمحرم لا يجد إزارًا أو نعلين يلبس السراويل والخفَّولا فديةَ عليه

- ‌ المسألة السادسةدرهم وجوزة بدرهمين

- ‌ المسألة السابعةخيار المجلس

- ‌ المسألة التاسعةالطلاق قبل النكاح

- ‌ المسألة العاشرةالعقيقة مشروعة

- ‌ المسألة الحادية عشرةللراجل سهم من الغنيمة، وللفارس ثلاثة:سهم له وسهمان لفرسه

- ‌ المسألة الثانية عشرةأما على القاتل بالمثقل قصاص

- ‌ المسألة الثالثة عشرةلا تعقل العاقلة عبدًا

- ‌إذا قتل حرٌّ حرًّا خطأ [2/ 91] محضًا أو شبهَ عمد

- ‌المسألة الرابعة عشرةتقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا

- ‌ المسألة الخامسة عشرةالقضاء بشاهد ويمين في الأموال

- ‌المسألة السادسة عشرةنكاح الشاهد امرأة شهد زورًا بطلاقها

- ‌ المسألة السابعة عشرةالقرعة المشروعة

- ‌ مقدمة

- ‌ 177] 1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3 - فصل

- ‌4 - فصل

- ‌5 - فصل

- ‌3 - يفكِّر في حاله بالنظر إلى أعماله من الطاعة والمعصية

- ‌4 - يفكر في حاله مع الهوى

- ‌9 - يأخذ نفسَه بالاحتياط في ما يخالف ما نشأ عليه

- ‌10 - يسعى في التمييز بين معدن الحجج ومعدن الشبهات

- ‌ الباب الأولفي الفرق بين معدن الحق ومعدن الشبهاتوبيان مآخذ العقائد الإسلامية ومراتبها

- ‌ علم الكلام والفلسفة ليسا من سراط المُنْعَم عليهم

- ‌ فصل

- ‌فصل

- ‌ الكَشْف ليس مما يصلح الاستناد إليه في الدين

- ‌ فصل

- ‌ الباب الثانيفي تنزيه الله ورسله عن الكذب

- ‌تنزيه الله تبارك وتعالى عن الكذب

- ‌ تنزيه الأنبياء عن الكذب

- ‌ الباب الثالثفي الاحتجاج بالنصوص الشرعية في العقائد

- ‌ قول الفخر الرازي في الاحتجاج بالنصوص الشرعية

- ‌قول العضد وغيره

- ‌المحكم والمتشابه

- ‌ وجه تسمية تلك الآيات متشابهات

- ‌ الباب الرابعفي عقيدة السلف وعدة مسائل

- ‌الأينية، أو الفوقية، أو كما يقولون: الجهة

- ‌القرآن كلام الله غير مخلوق

- ‌الإيمان قول وعمل يزيد وينقص

- ‌معيارُ الإيمان القلبي: العمل

- ‌قول: أنا مؤمن إن شاء الله

- ‌ الخاتمةفيما جاء في ذم التفرق وأنه لا تزال طائفة قائمة على الحقوما يجب على أهل العلم في هذا العصر

- ‌الأول: العقائد

- ‌ الثاني: البدع العملية

- ‌ الثالث: الفقهيات

الفصل: ‌القرآن كلام الله غير مخلوق

‌القرآن كلام الله غير مخلوق

هذه القضية كانت بغاية الوضوح في عهد السلف، ثم جحدها الزائغون، ثم التبس الأمر فيها على بعض الناس. وقد كفى فيها وشفى ما بيَّنه إمامُ السنة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، [2/ 361] ثم ما حرَّره الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ثم ما حقّقه ونقّحه شيخُ الإسلام أبو العباس تقي الدين ابن تيمية. ولكن لا أخلي هذه الرسالة عن إشارة إلى ذلك، فأقول:

العقول الفطرية قاضية بأن لله تعالى الكمال المطلق والقدرة التامة، وأنه متى شاء أن يتكلم الكلام الحقيقي المعروف بعبارة وحرف وصوت تكلَّم كيف شاء. ثم جاءت كتب الله تعالى ورسله بإثبات أنه سبحانه تكلَّم ويتكلَّم، وكلَّم ويكلِّم، وقال ويقول، ونادى وينادي، وأن القرآن هذا المعروف كلامُ الله على الحقيقة الحقة. وقد أخبر الله تعالى أن الجمادات قد تتكلَّم كلامًا حقيقيًّا، وأن أعضاء الإنسان تنطق يوم القيامة فتشهد عليه. وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يسمع تسليم الحجر والشجر عليه، وأسمَعَ أصحابَه تسبيحَ الحصى. فكان من المعلوم عند الناس أن التكلُّم بالعبارة والحرف والصوت ليس موقوفًا على الآلات التي يتكلم بها الإنسان، بل قد يتكلم المخلوق بغيرها، فكيف الخالق عز وجل؟ فلم يلزم من تكلُّم الله عز وجل أن يكون له جوف أو غيرُ ذلك مما هو منزَّه عنه.

ثم جحد الزائغون كلام الله عز وجل، وحاولوا تحريف معاني النصوص التي لا تحصى تحريفًا ليس بخير من التكذيب الصريح، بل لعله شرٌّ منه. ثم حاول بعض الناس التلبيسَ، فحمل النصوص على كلام نفسي ليس بعبارة ولا حرف ولا صوت، بل زاد أنه معنى واحد لا تنوُّع فيه ولا تعدُّد، فلا أمر فيه ولا

ص: 552

نهي، ولا خبر ولا ولا.

ثم لم يزالوا في تخبيط وتخليط، إلى أن صاروا إلى ما في «روح المعاني» (ج 1 ص 15)

(1)

قال: «الذي انتهى إليه كلام أئمة الدين كالماتريدي والأشعري وغيرهما من المحققين أن موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى بحرف وصوت، كما تدل عليه النصوص التي بلغت في الكثرة مبلغًا لا ينبغي معه تأويل، ولا يناسب معه قال وقيل» .

ثم ذكر آيات النداء، ثم قال:«واللائق بمقتضى اللغة والأحاديث أن يفسَّر النداءُ بالصوت، بل قد ورد إثباتُ الصوت لله ــ تعالى شأنُه ــ في أحاديث لا تحصى، وأخبار لا تُستقصى. روى البخاري في «الصحيح»

(2)

: «يحشُر الله العبادَ فيناديهم بصوتٍ يسمعه مَن بَعُدَ كما يسمعه مَنْ قَرُبَ: أنا الملك، أنا الديَّان» .

ثم ذهب إلى تخليط المتصوفة، إلى أن قال

(3)

: [2/ 362]«والفرق بين سماعِ موسى عليه السلام كلامَ الله تعالى وسماعِنا له على هذا: أن موسى عليه السلام سمع من الله عز وجل بلا واسطة لكن من وراء حجاب، ونحن إنما نسمعه من العبد التالي» . وعاد إلى تخليط المتصوفة.

فأقول: قد أمر الله تبارك وتعالى عباده بتدبر القرآن وتصديقه والإيمان به

(1)

(1/ 17) ط. المنيرية.

(2)

ذكره البخاري (13/ 453 مع «الفتح») تعليقًا من حديث عبد الله بن أنيس. وأخرجه في «الأدب المفرد» (970) كما أخرجه أحمد في «المسند» (16042) والحاكم في «المستدرك» (2/ 437، 4/ 574) وغيرهما. وإسناده حسن.

(3)

(1/ 18).

ص: 553

على حسب فطرهم وعقولهم الفطرية، ولم يكلِّفهم تعمُّقَ المتكلمين، فضلًا عن تغلغل المتصوفة، سواء أكان عن تخيُّل أم عن تعقُّل. وفي «الصحيحين»

(1)

عن ابن عمر «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنَّا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا (أشار بيديه مبسوطةً أصابعهما) وعقد الإبهامَ على الثالثة. ثم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا (أشار بهما مبسوطةً أصابعُهما في الثلاث كلها) يعني تمام الثلاثين، يعني مرَّةً تسعًا وعشرين ومرةً ثلاثين» .

وإذ قد اعترف المتعمِّقون بأن الله تبارك وتعالى يتكلم بلا واسطة بعبارة وحرف وصوت، ويُسْمِع كلامَه مَن يشاء من خلقه؛ فهذا هو الذي قامت عليه الحجة، وعليه سلف الأمة وأتباعهم، ولم يبق إلا التنطُّع في البحث عن الكيفية، وهي من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يبتغيه إلا أهل الزيغ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 7 - 8].

* * * *

(1)

البخاري (1913) ومسلم (1080/ 15).

ص: 554