الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ تَشْتَرِطَ فِي إِحْرَامِهَا أَنَّ حِلَّهَا حَيْثُ تُحْبَسُ
5903 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا، وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، يُخْبِرَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَتْ لَهُ: إِنِّي امْرَأَةٌ ثَقِيلَةٌ، وَإِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أُهِلُّ؟ قَالَ " أَهِلِّي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي " فَأَدْرَكَتِ الْحَجَّ "
⦗ص: 144⦘
5904 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا، وَعِكْرِمَةَ، يُخْبِرَانِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
5905 -
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِضُبَاعَةَ:" حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ تَحْبِسُنِي "
5906 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنَ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ يَعْنِي ابْنَ خَبَّابٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الرَّجُلِ يَحُجُّ، أَيَشْتَرِطُ؟ قَالَ: الشَّرْطُ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ: فَحَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَتَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ، فَكَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ:" قُولِي: لَبَّيْكَ، وَمَحِلِّي مِنَ الْأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي، فَإِنَّ لَكِ عَلَى ذَلِكَ مَا اسْتَثْنَيْتِ "
5907 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ يَعُودُهَا. قَالَ: " لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ ". فَقَالَتْ: إِنِّي وَجِعَةٌ. قَالَ: " حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولِي: اللهُمَّ حِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي "
5908 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، مِثْلَهُ
5909 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَشْتَكِي، فَذَكَرَتْ لَهُ الْحَجَّ. فَقَالَ:" حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللهُمَّ حِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي " فَاخْتَلَفَ مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ عَلَى هِشَامٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِهِمَا عَنْهُ فِيهِ.
5910 -
وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ
⦗ص: 148⦘
عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِضُبَاعَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ وَالثَّوْرِيِّ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا سِوَاهُ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَاضْطَرَبَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ هَذَا
5911 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ: إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ. فَقَالَ:" حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أَنْ تَحِلِّي حَيْثُ تَحْتَبِسِينَ "
⦗ص: 149⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمْ نَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ إِلَّا مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ مِمَّا لَا اضْطِرَابَ فِيهِ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ
5912 -
فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَمَا أُرَانِي أَسْتَطِيعُ؟ قَالَ:" حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللهُمَّ حِلِّي حَيْثُ تَحْتَبِسْنِي " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ الرَّبِيعُ، عَنْ أَسَدٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ هِشَامٍ
5913 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ضُبَاعَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أُرَانِي إِلَّا وَجِعَةً، وَمَا أُرَانِي أَسْتَطِيعُ الْحَجَّ؟ قَالَ:" حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولِي: اللهُمَّ حِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي "
⦗ص: 150⦘
فَخَالَفَ الْحَجَّاجُ أَسَدًا، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنِ اخْتِلَافِهِمَا عَنْهُ فِيهِ
5914 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَدَّتِهِ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ فَقَالَ " مَا مَنَعَكَ يَا عَمَّةُ مِنَ الْحَجِّ "؟ قَالَتْ: إِنِّي سَقِيمَةٌ، وَأَخَافُ الْحَبْسَ. فَقَالَ:" اخْرُجِي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي " وَهَذِهِ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي وَجَدْنَاهَا فِي قِصَّةِ ضُبَاعَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يَقَعْ فِيهِ الِاضْطِرَابُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيهَا مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ.
⦗ص: 151⦘
فَنَظَرْنَا: هَلْ نَجِدُ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:" مَنْ كُسِرَ أَوْ عُرِجَ، فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى " وَذَكَرَ عِكْرِمَةُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَذَكَرْنَا مَعَ ذَلِكَ مِنِ اخْتِيَارِ قَوْلِهِ " فَقَدْ حَلَّ "، مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى: فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ، وَكَانَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وُقُوفٍ مِنَّا عَلَى ذَلِكَ التَّأْوِيلِ بِرِوَايَةٍ تُوجِبُهُ وَتَمْنَعُ أَنْ يُتَأَوَّلَ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ بَانَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا وَقَفْنَا عَلَى حَدِيثِ ضُبَاعَةَ هَذَا، أَنَّ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَنْ يَكُونَ خُرُوجًا مِنَ الْإِحْرَامِ الَّذِي حَدَثَتْ عَلَى صَاحِبِهِ فِيهِ تِلْكَ الْحَادِثَةُ الَّتِي تَمْنَعُهُ مِنَ النُّفُوذِ فِي حَجِّهِ. وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ إِذْ لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَلَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ بِهَدْي كَانَ يُؤْمَرُ الْمَحْصُورُ بِالْهَدْيِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْبَدْءِ، ثُمَّ جَعَلَ اللهُ عز وجل الْحُكْمَ فِيمَنْ حُبِسَ عَنِ الْحَجِّ بِالْإِحْصَارِ الَّذِي يَحْبِسُهُ عَنْهُ مِنَ الْعَجْزِ فِي بَدَنِهِ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْعَدُوِّ الَّذِي يَصُدُّهُ عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ إِلَّا بِنَحْرِ ذَلِكَ الْهَدْيِ، لِقَوْلِهِ عز وجل:{وَأَتَمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْي مَحِلَّهُ} ، فَكَانَتْ هَذِهِ آيَةً مُحْكَمَةً. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ تَصْدِيقِهِ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو، وَمَا قَدْ ذَكَرْنَا تَصْدِيقَهُ إِيَّاهُ عَلَيْهِ
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] قَالَ: " إِذَا أُحْصِرَ الرَّجُلُ، بَعَثَ بِالْهَدْيِ "{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مَنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ عَجِلَ فَحَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْي مَحِلَّهُ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدُّقٌ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، فَإِذَا أَمِنْ مِمَّا كَانَ بِهِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: 196] ، فَإِنْ مَضَى فِي وَجْهِهِ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ، وَإِنَّ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ إِلَى قَابِلٍ، فَعَلَيْهِ حِجَّةٌ وَعُمْرَةٌ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 196] آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] " قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَقَدَ ثَلَاثِينَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو شُرَيْحٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، وَابْنُ أَبِي
⦗ص: 153⦘
مَرْيَمَ قَالَا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] قَالَ: مَنْ حَبْسٍ أَوْ مِنْ مَرَضٍ " قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ. فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَصْدِيقِهِ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو فِي الْحِلِّ بِلَا هَدْي عِنْدَ الْكَسْرِ وَالْعَرَجِ، وَكَانَ ذَلِكَ وَالْحُكْمُ كَانَ فِي الْبَدْءِ، عَلَى مَا فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مِنَ الْمَنْعِ مِنَ الْإِحْلَالِ مَعَ الْكَسْرِ وَالْعَرَجِ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ الَّذِي عَادَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ، وَأَنَّ حَدِيثَ ضُبَاعَةَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو، وَأَنَّ النَّسْخَ قَدْ لَحِقَهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَرُدَّ الْحُكْمُ إِلَى مَا فِيهَا، وَيُمْنَعُ الْمُحْصَرُ بِالْكَسْرِ أَوِ الْعَرَجِ، أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ حَتَّى يُنْحَرَ عَنْهُ الْهَدْي. وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ، وَيَقُولُ: " حَسْبُكُمْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ، يَعْنِي فِي الْمُحْصَرِ الْمُتَأَخِّرِ، وَحُكْمُهَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا. " وَرَوَى عَنْهُ بَعْضُهُمْ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْتَرِطْ فِي حَجِّهِ
5915 -
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ، وَيَقُولُ: حَسْبُكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم: "
⦗ص: 154⦘
إِنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ طَافَ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا، وَيُهْدِي أَوْ يَصُومُ "
5916 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ، وَيَقُولُ: أَمَا حَسْبُكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ، فَإِذَا حَبَسَ أَحَدَكُمْ حَابِسٌ، فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ، طَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ، ثُمَّ يَحِلُّ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ "
⦗ص: 155⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله: قَالَ لَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ: قَالَ أَحْمَدُ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ: إِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ، لَيْسَ يَقُولُهَا أَحَدٌ غَيْرُ مَعْمَرٍ، فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ مَا ذَكَرْنَا، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ أَنْكَرَ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ عَمَّنْ كَانَ يُحَدِّثُهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا أَوْ مِمَّنْ سِوَاهُمْ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ مَعَ وَرَعِهِ وَعِلْمِهِ يَدْفَعُ شَيْئًا يُرْوَى لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِمَا يَجِبُ لَهُ دَفْعُهُ بِهِ مِنْ نَسْخٍ لَهُ، أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ غَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَطْلَقَهُ، وَأَمَرَ بِالْعَمَلِ بِهِ؟
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، وَهِشَامٌ، وَحَبِيبٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَمَا اشْتَرَطْتَ؟ أَوْ هَلَّا اشْتَرَطْتَ؟ "
⦗ص: 156⦘
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: إِنَّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعُ الْإِسْنَادِ، لَا يَحْتَجُّ أَهْلُ الْحَدِيثِ بِمِثْلِهِ. فَقَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَشْتَرِطَ إِذَا حَجَجْتُ، وَأَقُولُ:" اللهُمَّ الْحَجَّ أَرَدْتُ، وَإِلَيْهِ عَمَدْتُ، فَإِنْ تَيَسَّرَ لِي فَإِنَّهُ الْحَجُّ، وَإِنْ حُبِسْتُ فَإِنَّهَا عُمْرَةٌ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا خِلَافُ مَا فِي حَدِيثِهَا عَنْ ضُبَاعَةَ، لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِهَا فِي قِصَّةِ ضُبَاعَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام كَانَ أَمَرَهَا أَنْ تَشْتَرِطَ: أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي. فَذَلِكَ عَلَى إِحْلَالٍ يُخْرَجُ بِهِ مِنَ الْحَجِّ، لَا إِلَى عُمْرَةٍ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِهَا الَّذِي أَمَرَتْ بِهِ عُرْوَةَ بِمَا أَمَرَتْهُ بِهِ فِيهِ عَلَى خُرُوجٍ مِنْهُ إِنْ حُبِسَ مِنْ حَجٍّ إِلَى عُمْرَةٍ، وَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْعُمْرَةُ هِيَ الْعُمْرَةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَى مَنْ يَفُوتُهُ الْحَجُّ حَتَّى يَحِلَّ بِهَا مِنْ ذَلِكَ الْحَجِّ.
⦗ص: 157⦘
فَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ هَذَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى نَسْخِ مَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَقَدْ كَانَ النَّاسُ بَعْدَ عَائِشَةَ يَشْتَرِطُونَ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَشْتَرِطُوا عِنْدَ الْإِحْرَامِ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانُوا يَشْتَرِطُونَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ مِمَّا أَمَرَتْ فِيهِ عَائِشَةُ بِمَا أَمَرَتْهُ بِهِ فِيهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا نَحْنُ فِيمَا كَانُوا يَشْتَرِطُونَ
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" كَانُوا يَشْتَرِطُونَ فِي الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَرَدْتُ الْحَجَّ إِنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَعُمْرَةً إِنْ تَيَسَّرَتْ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ "
⦗ص: 158⦘
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانُوا يَشْتَرِطُونَهُ أَرَادَ بِهِ الْإِخْلَاصَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ الَّذِي أَمَرَتْهُ فِيهِ عَائِشَةُ بِمَا أَمَرَتْهُ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ تَوْكِيدُ نَسْخِ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ. فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ قَوْلَهُمْ كَانَ: وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ، لَمْ يُفَسِّرْ لَنَا فِيهِ الَّذِينَ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهِ حَرَجٌ، وَوَجْهُهُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ: لَا حَرَجَ، أَيْ: لَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي إِنْ لَمْ آتِ بِمَا أَحْرَمْتُ بِهِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ إِحْرَامِي بِهِ عَلَيَّ، فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِيَارِي، وَإِنَّمَا هُوَ مِمَّا دَعَتْنِي الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ، وَمَنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ سِوَاهُمْ، مِمَّنْ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا، كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَكَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، فِيمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَمْثَالِهِمْ، فَوَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا عَلَى خِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ، فَكَانَ
⦗ص: 159⦘
خِلَافُهُمْ لِذَلِكَ حُجَّةً فِي دَفْعِهِ إِجْمَاعًا، وَاللهُ عز وجل لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ نَبِيِّهِ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ