الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكَلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " أَيُّ الْمُسْلِمِينَ جَلَدْتُهُ، أَوْ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَقُرْبَةً
"
6001 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَتَمْتُهُ، أَوْ آذَيْتُهُ، فَلَا تُعَاقِبْنِي بِهِ "
6002 -
وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ الْحَجْرِيُّ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَاهُ، فَلَمْ يُعْطِهِمَا شَيْئًا، ثُمَّ سَأَلَاهُ، فَلَمْ يُعْطِهِمَا، ثُمَّ سَأَلَاهُ، فَسَبَّهُمَا،
⦗ص: 269⦘
وَلَعَنَهُمَا، فَدَخَلَ وَوَجْهُهُ مُحْمَرٌّ يَبِينُ فِيهِ الْغَضَبُ، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَابَ الرَّجُلَانِ، وَهَلَكَا، لَمْ يُصِبْهُمَا مِنْكَ شَيْءٌ، وَلَعَنْتَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنِّي عَهِدْتُ إِلَى رَبِّي عَهْدًا، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ إِنِّي بَشَرٌ أَغْضَبُ، كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيَّ الْمُؤْمِنِينَ سَبَبْتُ، أَوْ لَعَنْتُ، فَلَا تُعَاقِبْهُ بِهَا، وَلَا تُعَذِّبْهُ، وَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا "
6003 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ،
⦗ص: 270⦘
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ، فَخَلَوْا بِهِ، فَسَبَّهُمَا وَلَعَنَهُمَا، وَأَخْرَجَهُمَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَصَابَ مِنْكَ خَيْرًا، كَمَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ:" أَوَمَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي عز وجل: قُلْتُ اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ، أَوْ لَعَنْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا "
6004 -
وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي عز وجل أَيُّمَا عَبْدٍ مِنِ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ، أَوْ شَتَمْتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ كَفَّارَةً وَأَجْرًا "
6005 -
وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي عز وجل، فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ مِنْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
6006 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيُّمَا مُسْلِمٍ لَعَنْتُهُ، أَوْ
⦗ص: 272⦘
شَتَمْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ صَدَقَةً وَرَحْمَةً "
6007 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَارِمُ أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:" إِمَّا صَلَاةً، أَوْ رَحْمَةً "
6008 -
وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اللهُمَّ فَأَيُّمَا عَبْدٍ مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
6009 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِيَاضٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، وَأَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا مُسْلِمٍ لَعَنْتُهُ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ، فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَأَجْرًا "
6010 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ،
⦗ص: 274⦘
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ إِنِّي مُتَّخِذٌ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْفِرَهُ، أَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ آذَيْتُهُ جَلَدُّهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلَاةً وَزَكَاةً، وَدُعَاءً لَهُ " قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: وَهِيَ لُغَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ جَلَدْتُهُ
6011 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا السُّمَيْطُ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ، يُحَدِّثُهُ أَبُو السَّوَّارِ، عَنْ خَالِهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي وَالنَّاسُ يَتْبَعُونَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ مَعَهُمْ، فَاتَّقَى الْقَوْمُ بِي، فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَنِي، إِمَّا قَالَ بِعَسِيبٍ، أَوْ بِقَضِيبٍ، أَوْ سِوَاكٍ، أَوْ شَيْءٍ كَانَ مَعَهُ، فَوَاللهِ مَا أَوْجَعَنِي، وَبِتُّ لَيْلَةً، وَقُلْتُ: مَا ضَرَبَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا لشَيْءٍ أَعْلَمَهُ اللهُ عز وجل فِيَّ، فَحَدَّثَتْنِي نَفْسِي أَنْ آتِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَصْبَحْتُ، قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّكَ رَاعٍ، فَلَا تَكْسِرْ قُرُونَ رَعِيَّتِكَ، قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى الْغَدَاةَ، أَوْ قَالَ: أَصْبَحْنَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ نَاسًا يَتْبَعُونِي، وَإِنِّي لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتْبَعُونِي، اللهُمَّ فَمَنْ ضَرَبْتُ،
⦗ص: 275⦘
أَوْ سَبَبْتُ، فَاجْعَلْهَا لَهُ كَفَّارَةً وَأَجْرًا "، أَوْ قَالَ: " مَغْفِرَةً، " أَوْ كَمَا قَالَ
6012 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ كَانَ أَبُو سَيْفٍ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ: إِنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لِلرَّجُلِ: أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْتَ، أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ أَنْ يُعْتِقَهُمْ كُلَّهُمْ، وَأَنَّ أَيَّ قَدْ تَكُونُ عَلَى جَمِيعِهِمْ، كَمَا كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَيُّ الْمُسْلِمِينَ فَعَلْتُ بِهِ "، مَا ذَكَرَ عَلَى مَنْ يُفْعَلُ بِهِ مَا فِي هَذِهِ الْآثَارِ. حَدَّثَنَا بِذَلِكُ مِنْ قَوْلِهِ: سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ، وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، وَيَرَى فِي هَذَا أَنَّ مَا يَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ عَبِيدِ الْقَائِلِ، لَا عَلَى جَمِيعِهِمْ، حَدَّثَنَا بِذَلِكُ مِنْ قَوْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُعَيْدٍ، عَنْهُ، وَيَحْتَجُّ لَهُ فِي ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ قَدْ جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ، وَجَاءَتْ فِي الْآثَارِ عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ.
⦗ص: 276⦘
فَأَمَّا مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْهَا، فَقَوْلُهُ عز وجل فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ:{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} [الكهف: 19] ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ، لَا عَلَى كُلِّ الطَّعَامِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل فِي قِصَّةِ مُوسَى صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ:{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ} [القصص: 28] ، وَ (مَا) صِلَةٌ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْأَجَلَيْنِ، لَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، فِي أَمْثَالِ لِذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
6013 -
فَبِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ صَالِحٍ الْمَخْزُومِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ لِي سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَأَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوَيْتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ، فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ، َقَالَ: ثُمَّ تَابَعَ الْغَدَ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ، وَعَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" تَزَوَّجْتَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:" وَمَنْ؟ " قَالَ: امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ:" وَكَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَالَ: زِنَةُ
⦗ص: 277⦘
نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ "
6014 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادُيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرًا آخَى بَيْنَهُ ، - يَعْنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ، فَبَاتَ عِنْدَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلًا يَا أَخِي، إِنِّي مِنْ أَحْسَنِ الْأَنْصَارِ امْرَأَتَيْنِ، وَأَفْضَلِهِ حَائِطَيْنِ، فَانْظُرْ إِلَى امْرَأَتَيَّ، فَأَيَّتُهُمَا كَانَتْ أَحْلَى فِي عَيْنِكَ، فَارَقْتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْهَا، فَإِنَّ قَوْمَهَا لَا يُخَالِفُونِي، وَخُذْ حَائِطَيَّ اللَّذَيْنِ هُمَا بِالسَّافِلَةِ، فَإِنَّهُ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْ حَائِطَيَّ اللَّذَيْنِ هُمَا بِالْعَالِيَةِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: " بَارَكَ اللهُ
⦗ص: 278⦘
لَكَ فِي أَهْلِكَ، وَمَالِكَ، أَرْشِدْنِي إِلَى السُّوقِ " فَذَهَبَ إِلَى السُّوقِ، فَانْقَلَبَ مِنْهُ بِنِصْفِ مُدٍّ رِبْحًا، ثُمَّ جَعَلَ يَخْتَلِفُ إِلَى السُّوقِ، حَتَّى كَسَبَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَتَزَوَّجَ بِهَا امْرَأَةً، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: " تَزَوَّجْتَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: " كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: " أَوْلِمْ بِشَاةٍ " فَكَانَ قَوْلُ سَعْدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوَيْتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا،
⦗ص: 279⦘
لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى زَوْجَتَيْهِ جَمِيعًا ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْتَ، يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ عَبِيدِهِ، لَا عَلَى جَمِيعِهِمْ. فَاحْتَجْنَا إِلَى حُكْمِ الْوُقُوفِ عَلَى حُكْمِ (أَيِّ) فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، فَكَانَتْ فِي الْآثَارِ الَّتِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهَا فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَلَا يُوقَفُ عَلَى عَدَدِهِ، وَلَا يَتَهَيَّأُ اسْتِعْمَالُهَا فِي أَهْلِهِ، حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَكَانَتْ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُمَا عَلَى مَا عَدَدُهُ مَعْلُومٌ، وَعَلَى مَا قَائِلُهَا فِيهِ قَادِرٌ عَلَى جَمِيعِهِ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ: أَنَّهَا عَلَى مَا لَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَعَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ عَلَى كُلِّهِ يَكُونُ عَلَى مَا اسْتُعْمِلَتْ مِمَّا اسْتَعْمَلَهَا الْمَقُولُ لَهُ عَلَى مَا قِيلَتْ لَهُ، وَأَنَّهَا فِيمَا يُحْصَى عَدَدُهُ، وَيُوقَفُ عَلَى مِقْدَارِهِ، فَيَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْجِنْسِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، لَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيهِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.