الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ: أَحَدَّثَكَ فُلَانٌ بِكَذَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. أَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمُبْتَدِئِ بِهِ، النَّاطِقِ بِجَمِيعِهِ
5937 -
حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: شَهِدْتُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْفِطْرِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم، فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يُجَلِّسُ الرَّجُلَ بِيَدِهِ. قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَقَالَ:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12]، إِلَى قَوْلِهِ:{إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173] فَقَالَ حِينَ فَرَغَ: " أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ؟ " فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، لَمْ تُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ، قَالَ:" فَتَصَدَّقْنَ " قَالَ: فَبَسَطَ بِلَالٌ ثَوْبَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ: أَلْقِينَ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الْفَتَخَ وَالْخَاتَمَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ "
⦗ص: 189⦘
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اكْتِفَاءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهَا: نَعَمْ، أَرَادَ مِنْهُنَّ أَنْ يَكُنَّ عَلَيْهِ حِينَ أَقَامَهُنَّ بِذَلِكَ مَقَامَ النَّاطِقَاتِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى
5938 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، أَخْبَرَكَ أَبُوكَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رضي الله عنه يَقُولُ:" بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ، فَأَنَاخَهُ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ؟، وَرَسُولُ اللهِ مُتَّكِئٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: الرَّجُلُ الْأَبْيَضُ الْمُتَّكِئُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ أَجَبْتُكَ " فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَيْ مُحَمَّدُ، إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَلَا تَجِدَنَّ عَلَيَّ فِي نَفْسِكَ، فَقَالَ: " سَلْ مَا بَدَا لَكَ ". فَقَالَ الرَّجُلُ: نَشَدْتُكَ بِرَبِّكَ وَرَبِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ نَعَمْ ". قَالَ: فَأَنْشُدُكَ اللهَ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؟ قَالَ: " اللهُمَّ نَعَمْ ". قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ عز وجل، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قَالَ: " اللهُمَّ نَعَمْ ". قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللهِ، آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا، فَتَقْسِمَهَا عَلَى فُقَرَائِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُمَّ نَعَمْ "، فَقَالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَأَنَا رَسُولُ مَنْ وَرَائِي مِنْ
⦗ص: 190⦘
قَوْمِي، وَأَنَا ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ أَخُو بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ "
5939 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحَبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ، وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَيَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ كَانَ أَجْرَأَ عَلَى ذَلِكَ مِنَّا. فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ، فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَرْسَلَكَ. قَالَ:" نَعَمْ صَدَقَ "، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: " اللهُ "، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: " اللهُ ". قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ؟ قَالَ: " اللهُ ". قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ:" نَعَمْ ". قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ:" نَعَمْ "، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي سَنَتِنَا؟ قَالَ " صَدَقَ ". قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ:" نَعَمْ "، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ
⦗ص: 191⦘
شَيْئًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" لَئِنْ صَدَقْتَ لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ " فَفِيمَا رُوِّينَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَوَّابَ: بِنَعَمْ، تَصْدِيقٌ فِيمَا ذَكَرَ لِكَلَامِ الْمُجِيبِ بِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِلِسَانِهِ. وَقَدْ وَجَدْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا هُوَ فَوْقَ هَذَا، وَهُوَ مَا فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل:{وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف: 44]، فَكَانُوا بِقَوْلِهِمْ: نَعَمْ، كَمَعْنَاهُ لَوْ قَالُوا: قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا. وَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَقْرُوءَ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ بِخِطَابِ الْقَارِئِ إِيَّاهُ بِهِ، وَقَوْلِهِ لَهُ: أَسَمِعْتَ فُلَانًا؟، أَخْبَرَكَ فُلَانٌ؟، أَحَدَّثَكَ فُلَانٌ بِكَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ، كَأَنَّهُ يَقُولُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَقُولَ: سَمِعْتُ مِنْهُ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ: نَعَمْ، لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُشْهِدَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَشْهَدَنِي بِكَذَا، وَأَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا