الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ
"
5963 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي غُلَامًا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ حُمْرَ النَّعَمِ، وَإِنِّي أَنْكُثُهُ "
⦗ص: 214⦘
5964 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، يَعْنِي الدَّوْرَقِيَّ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
5965 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيَّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
5966 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ
⦗ص: 215⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَلَمْ نَجِدْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَكَانَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ، وَهُوَ رِوَايَتُهُ إِيَّاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، لَيْسَ كَمَجِيءِ غَيْرِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ هَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ كَمَنْ سِوَاهُ مِنْ رُوَاةِ الزُّهْرِيِّ الَّذِينَ فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي فَوْقَ الطَّبَقَةِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا. وَوَجَدْنَا فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شُهُودَهُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَكَانَ حِلْفُ الْمُطَيَّبِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْأَنْسَابِ جَمِيعًا كَانَ قَبْلَ عَامِ الْفِيلِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَكَانَ ذَلِكَ الْحِلْفُ فِي ثَمَانِيَةِ أَبْطُنٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُمْ: هَاشِمٌ، وَالْمُطَّلِبُ، وَعَبْدُ شَمْسٍ، وَنَوْفَلٌ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَزَهْرَةُ بْنُ كِلَابٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ فِهْرٍ، لَمَّا حَاوَلَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ إِخْرَاجَ السِّقَايَةِ وَاللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَتَحَالَفَتْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ الْأَبْطُنُ عَلَى ذَلِكَ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِمْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِجَفْنَةٍ فِيهَا طِيبٌ، فَغَمَسُوا فِيهَا أَيْدِيَهُمْ، ثُمَّ ضَرَبُوا بِهَا الْكَعْبَةَ تَوْكِيدًا لِحِلْفِهِمْ ذَلِكَ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْمُطَيَّبِينَ، ثُمَّ تَرَكُوا مَا كَانَ فِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَ، لَمَّا خَافُوا أَنْ يَقَعَ فِي ذَلِكَ قِتَالٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمُ الْعَرَبُ، وَكَانَ مَوْلِدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَامِ الْفِيلِ
5967 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" وُلِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ "
5968 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:" وُلِدْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ، عَامَ الْفِيلِ "
5969 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:" وُلِدْتُ أَنَا والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ، قَالَ: وَسَأَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَنْهُ قُبَاثَ بْنَ أَشْيَمَ، فَقَالَ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكْبَرُ، وَأَنَا قَبْلَهُ فِي الْمِيلَادِ "
5970 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، يَقُولُ لِقُبَاثِ بْنِ أَشْيَمَ الْكِنَانِيِّ ثُمَّ اللَّيْثِيِّ: يَا قُبَاثُ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، وُلِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفِيلِ " فَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذِهِ الْآثَارِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ رَجُلٌ مِنْ زُبَيْدٍ بِتِجَارَةٍ لَهُ، فَبَاعَهَا مِنَ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ
⦗ص: 219⦘
السَّهْمِيِّ، فَمَطَلَهُ بِهَا، وَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، فَحَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ أَشْرَفَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، حَيْثُ أَخَذَتْ قُرَيْشٌ مَجَالِسَهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
يَا آلَ فِهْرٍ لِمَظْلُومٍ بِضَاعَتَهُ
…
بِبَطْنِ مَكَّةَ نَائِي الْأَهْلِ وَالنَّفَرِ
وَمُحْرِمٍ أَشْعَثٍ لَمْ يَقْضِ عُمْرَتَهُ
…
أَمْسَى يُنَاشِدُ حَوْلَ الْحِجْرِ وَالْحَجَرِ
هَلْ مُخْفِرٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ يَقُولُ لَهُمْ
…
هَلْ كَانَ فِينَا حَلَالًا مَالُ مُعْتَمِرِ
إِنَّ الْحَرَامَ لِمَنْ تَمَّتْ حَرَامَتُهُ
…
وَلَا حَرَامَ لِثَوْبِ الْفَاجِرِ الْغُدَرِ
فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ أَعْظَمَتْ مَا عَمِلَ السَّهْمِيُّ، فَتَحَالَفُوا عِنْدَ ذَلِكَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَكَانَ الَّذِي تَعَاقَدُوهُ
مَا قَدْ ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ،
⦗ص: 220⦘
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّوَّادِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيِّ قَالَ:" وَأَمَّا حِلْفُ الْفُضُولِ، فَإِنَّ قَبَائِلَ مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ: بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، وَأَسَدُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى، وَزُهْرَةُ بْنُ كِلَابٍ، وَتَيْمُ بْنُ مُرَّةَ، فَتَعَاقَدُوا وَتَحَالَفُوا عَلَى أَنْ لَا يَجِدُوا بِمَكَّةَ مَظْلُومًا مِنْ أَهْلِهَا، وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ سَائِرِ النَّاسِ إِلَّا قَامُوا مَعَهُ، وَكَانُوا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ، حَتَّى يَرُدُّوا عَلَيْهِ مَظْلَمَتَهُ، فَسَمَّتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْحِلْفَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَكَانَ أَهْلُهُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُطَيَّبِينَ جَمِيعًا، لِأَنَّهُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْحِلْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْهُمْ " فَكَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ: " شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ "، هُوَ حِلْفَ الْفُضُولِ الَّذِي تَحَالَفَهُ الْمُطِيبُونَ، وَهُمْ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الَّذِينَ كَانُوا فِي
⦗ص: 221⦘
الْحِلْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يَشْهَدْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ: أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ لَمْ يَكُنْ بِمُخَالِفٍ إِذْ كَانَ لَهُ هَذَا الْوَجْهُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ
5971 -
وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ، يَعْنِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا سَأَلَنِي عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَعَلَى حِلْفِ الْفُضُولِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" شَهِدْتُ حِلْفًا فِي دَارِ ابْنِ جُدْعَانَ: بَنِي هَاشِمٍ، وَزَهْرَةَ، وَتَيْمٍ، وَأَنَا فِيهِمْ، وَلَوْ دُعِيتُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَخِيسَ بِهِ وَإِنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ " قَالَ: وَكَانَ مُحَالَفَتُهُمْ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ لَا يَدَعُوا لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ فَضْلًا إِلَّا أَخَذُوهُ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ حِلْفَ الْفُضُولِ،
⦗ص: 222⦘
وَسَقَطَ عَنْ رَبِيعَةَ مَنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ الْبُطُونُ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ ذَلِكَ الْحِلْفُ أَشْرَفَ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ الَّذِي شَهِدَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَسُمِّيَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَسُمِّيَ أَيْضًا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، إِذْ كَانَ أَهْلُهُ مُطَيَّبِينَ جَمِيعًا، وَبِهَذَا الْحِلْفِ تَوَعَّدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ فِي الْمُنَازَعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا، لِمَا كَانَ مِنَ الْوَلِيدِ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ مَا كَانَ مِنْ مُحَاوَلَةِ ظُلْمِهِ
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّوَّادِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَبَيْنَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مُنَازَعَةٌ فِي مَالٍ كَانَ بَيْنَهُمَا بِذِي الْمَرْوَةِ، فَكَانَ الْوَلِيدُ يَتَحَامَلُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ
⦗ص: 223⦘
بِسُلْطَانِهِ فِي حَقِّهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ: أَحْلِفُ بِاللهِ لَتَنْصِفَنِّي مِنْ حَقِّي، أَوْ لَآخُذَنَّ سَيْفِي ثُمَّ لَأَقُومَنَّ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَأَدْعُوَنَّ بِحِلْفِ الْفُضُولِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ عِنْدَ الْوَلِيدِ، حِينَ قَالَ الْحُسَيْنُ مَا قَالَ: وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللهِ لَئِنْ دَعَا بِهَا لَآخُذَنَّ سَيْفِي وَلَأَقُومَنَّ عِنْدَهُ وَمَعَهُ، حَتَّى يُنْصَفَ مِنْ حَقِّهِ، أَوْ نَمُوتُ جَمِيعًا، وَبَلَغَتِ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الزُّهْرِيَّ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَبَلَغَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي التَّيْمِيَّ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ أَنْصَفَ الْحُسَيْنَ مِنْ حَقِّهِ، حَتَّى رَضِيَ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحِلْفِ بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَا بَنُو نَوْفَلٍ، وَلَا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحِلْفِ الْأَوَّلِ "
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو الرَّوَّادِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ قُرَيْشٍ، عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَمْ نَكُ نَحْنُ وَأَنْتُمْ، يَعْنِي بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَبَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ،
⦗ص: 224⦘
فِي حِلْفِ الْفُضُولِ؟ قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَتُخْبِرَنِّي يَا أَبَا سَعِيدٍ بِالْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: لَا وَاللهِ، لَقَدْ خَرَجْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ مِنْهُ قَالَ: صَدَقْتَ، وَكَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لِوُصُولِ الزُّبَيْدِيِّ إِلَى حَقِّهِ، وَكَانَ وَلِيَّ ذَلِكَ الْحِلْفِ وَالْقَائِمَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، عَمُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "