الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَوَابِهِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ؟ "، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ بِمَا أَجَابَهُ فِي ذَلِكَ
5840 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَنْ يُنَجِّيَ أَحَدَكُمْ عَمَلُهُ ". فَقَالَ رَجُلٌ: وَلَا إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا "
⦗ص: 61⦘
5841 -
وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، كَانَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ اللهُ تَعَالَى مَا قَدْ ذَكَرْنَا إِنْزَالَهُ عَلَيْهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ عز وجل:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْرًا عَزِيزًا} [الفتح: 2] . فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي
⦗ص: 62⦘
أَنْزَلَهَا عَلَيْهِ، فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ حَالَهُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَهُ إِيَّاهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ فِي أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم:{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5] الْآيَةَ. كَمَا قَالُوا لَهُ بَعْدَ الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ عز وجل عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ مِمَّا قَدْ تَلَوْنَاهُ: قَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى لَكَ فِي نَفْسِكَ مَا يَفْعَلُ بِهَا، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5] . وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ لَهُمُ الْخَيْرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ إِنَّمَا خَاطَبَ بِهِ الْعَرَبَ، وَمِنْ لِسَانِهِمُ الَّذِي يُخَاطَبُونَ بِهِ أَنَّ الْمُخَاطِبَ لَهُمْ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا مَا أَرَادَهُ بِخِطَابِهِ إِيَّاهُمْ أَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ خِطَابِهِ إِيَّاهُمْ بِمَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي خَاطَبَهُمْ مِنْ أَجْلِهِ بِمَا خَاطَبَهُمْ فِيهِ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ إِنَّمَا اسْتَحَقُّوا مَا أَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ، بِمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِصُحْبَتِهِمْ إِيَّاهُ صلى الله عليه وسلم وَنُصْرَتِهِمْ لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِدُعَائِهِ كَانَ إِيَّاهُمْ إِلَيْهِ، وَزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ مَعَ فَعْلِهِ لِمَا قَدْ دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، وَزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانُوا بِتَقْصِيرِهِمْ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّونَ الْجَنَّةَ كَانَ هُوَ صلى الله عليه وسلم لِمُجَاوَزَتِهِ إِيَّاهُمْ وَزِيَادَتِهِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ بِالْجَنَّةِ أَوْلَى، وَبِدُخُولِهِ إِيَّاهَا مِنْهُمْ أَحْرَى