الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَوَابِهِ مَنْ سَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ هَلْ لَهُ مُنْتَهًى
؟
6154 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهًى؟ قَالَ:" نَعَمْ، يَكُونُ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ، أَوِ الْعَجَمِ إِذَا أَرَادَ اللهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ "، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ، كَأَنَّهَا الظُّلَلُ "، فَقَالَ رَجُلٌ: كَلَّا، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقَالَ:" لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: الْأَسْوَدُ: الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ، إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَنْهَشَ ارْتَفَعَتْ، ثُمَّ انْصَبَّتْ فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يَدْفَعُ هَذَا الْمَعْنَى، وَذَكَرَ
6155 -
مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو
⦗ص: 459⦘
الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ يُعِزُّ بِهِ الْإِسْلَامَ، وَبِذُلِّ ذَلِيلٍ يَذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ " قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، حَتَّى يَعْمُرَ اللهُ الْأَرْضَ كُلَّهَا، بِغَيْرِ انْقِطَاعٍ مِنْهُ دُونِ ذَلِكَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ عُمُومَ الْأَرْضِ كُلِّهَا، حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ إِلَّا دَخَلَهُ، إِمَّا بِالْعِزِّ
⦗ص: 460⦘
الَّذِي ذَكَرَهُ، أَوْ بِالذُّلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَكُونُ الْمُنْتَهَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ، هُوَ الْمُنْتَهَى بِهِ إِلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِهِ، وَيَدْخُلُونَ فِيهِ، وَيَكُونُونَ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ تَأْتِي الْفِتَنُ، فَتَشْغَلُ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَشْغَلُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْإِسْلَامِ، فَيَكُونُ مَا فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ عَلَى عُمُومِهِ بِالْمُسَاوَاةِ. وَمَا فِي حَدِيثِ كُرْزٍ عَلَى انْقِطَاعِهِ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ بِالتَّشَاغُلِ بِالْفِتْنَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ كَانَ فِيمَنْ عَمَّتْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَبْلُغُهَا اللَّيْلُ. فَهَذَا أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَفِي الْتِئَامِ مَعْنَاهُمَا، وَفِي انْتِفَاءِ التَّضَادِ عَنْهُمَا، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ.