الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " يَمِينُكَ عَلَى مَا صَدَّقَكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ
"
1872 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَمِينُكَ عَلَى مَا صَدَّقَكَ عَلَيْهِ صَاحِبُكَ ".
⦗ص: 128⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَا نَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجْهٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ دُونَ هَذَا الْوَجْهِ:
1873 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ هِشَامٍ التَّمَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدَّمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ يُحَدِّثُ ،
⦗ص: 129⦘
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَمِينُكَ عَلَى مَا صَدَّقَكَ فِيهَا صَاحِبُكَ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَكَانَ أَحْسَنَ مَا حَضَرَ فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُرَادَةَ فِيهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْيَمِينَ الْوَاجِبَةَ فِي الدَّعْوَى الَّتِي يَدَّعِيهَا مَنْ يَسَعُهُ جُحُودُهُ إِيَّاهَا وَدَفْعُهَا عَنْ نَفْسِهِ ، وَحَلِفُهُ عَلَيْهَا. فَمِنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي يَكُونُ لَهُ الشَّيْءُ فَيَنْقَلِبُ عَلَيْهِ رَجُلٌ فِي نَوْمِهِ فَيُتْلِفُهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ مِنَ النَّائِمِ بِذَلِكَ ، وَبِمُعَايَنَةٍ مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِذَلِكَ مِنْهُ فِي شَيْئِهِ ، فَيَكُونُ صَاحِبُ الشَّيْءِ فِي سَعَةٍ مِنْ دَعْوَاهُ الْوَاجِبَ لَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ النَّائِمِ ، وَيَكُونُ النَّائِمُ فِي سَعَةٍ مِنْ دَفْعِهِ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وُجُوبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَفِي سَعَةٍ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى مَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْهُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ مَنِ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَيْهِ اسْتِحْلَافُهُ عَلَيْهِ إِذْ كَانَ وَاجِبًا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي سَعَةٍ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ لَا يَعْلَمُ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ ، غَيْرَ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ فِي الظَّاهِرِ كَهِيَ فِي الْبَاطِنِ ، لَا تَوْرِيكَ مِنْهُ فِيهَا ، وَكَانَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّا يَعْلَمُ فِي
⦗ص: 130⦘
الْحَقِيقَةِ أَنَّهُ مَظْلُومٌ فِيمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَيَكُونُ فِي سَعَةٍ مِنْ تَوْرِيكِ يَمِينِهِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى مَا لَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي حَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ إِثْمٌ. كَمِثْلِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِي وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ فِي حَلِفِهِ إِنَّهُ أَخُوهُ لَمَّا طَلَبَهُ عَدُوُّهُ لِيَقْتُلَهُ ، وَمِنْ تَنَاهِي ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَصْدِيقِهِ سُوَيْدًا عَلَى حَلِفِهِ كَانَ عَلَى ذَلِكَ
1874 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الطَّائِيُّ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، عَنْ جَدَّتِهِ ، عَنْ أَبِيهَا سُوَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: خَرَجْنَا نُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَنْا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ فَأَخَذَهُ عَدُوٌّ لَهُ ، فَتَحَرَّجَ النَّاسُ أَنْ يَحْلِفُوا وَحَلَفْتُ إِنَّهُ أَخِي ، فَخَلَّى عَنْهُ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ وَقُلْتُ: إِنَّهُمْ تَحَرَّجُوا أَنْ يَحْلِفُوا فَحَلَفْتُ إِنَّهُ أَخِي ، فَخَلَّى عَنْهُ ، فَقَالَ:" صَدَقْتَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ".
⦗ص: 131⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ سُوَيْدًا كَانَ يَمِينُهُ لِعَدُوِّ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ أَخُوهُ لِيُخَلِّيَ عَنْهُ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَدُوِّ وَائِلٍ ظُلْمًا مِنْهُ لِوَائِلٍ فَوَسِعَ سُوَيْدًا الْحَلِفُ عَلَى مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ وَائِلٍ مَا أَرَادَ مِنْهُ عَدُوُّهُ ، حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبَ خَلَاصِهِ مِنْ يَدِهِ ، وَحَتَّى حَمِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُوَيْدًا عَلَيْهِ ، فَكَانَ تَصْحِيحُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ سُوَيْدٍ مَا قَدْ حَمَلْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ ، وَتَأَوَّلْنَا فِيهِ حَتَّى خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِلَا تَضَادٍّ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ