الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المُرَادَيْنِ بِقَوْلِ اللهِ عز وجل: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [
محمد: 38]
2134 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38] قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا وَلَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا؟ فَضَرَبَ عَلَى فَخِذِ سَلْمَانَ وَقَالَ:" هَذَا وَقَوْمُهُ وَلَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنَ الْفُرْسِ "
2135 -
حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محمد: 38] قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: وَسَلْمَانُ إِلَى جَنْبِهِ ، قَالَ:" هُمُ الْفُرْسُ هَذَا وَقَوْمُهُ "
2136 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: قَالَ: حَدَّثَنِي
⦗ص: 381⦘
عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَجِيحٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ فَهْدٍ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا ، ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَنَا؟ قَالَ: وَكَانَ سَلْمَانُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخِذَ سَلْمَانَ ، وَقَالَ:" هَذَا وَقَوْمُهُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَالَّذِي حَمَلَنَا عَلَى أَنْ أَتَيْنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ فَاسِدَ الْإِسْنَادِ بِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ الَّذِي رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْهُ وَهُوَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمَدِينِيِّ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَى تَرْكِ رِوَايَتِهِ؛ خَوْفًا أَنْ يُخْرِجَهُ رَجُلٌ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ ، فَيَعُودُ الْحَدِيثُ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ لِأَنَّهُ أَحَدُ الرُّوَاةِ عَنْهُ ، وَمَعَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْجَلَالَةِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الْعِلْمِ ، وَالتَّثَبُّتِ مِنَ الرِّوَايَةِ مَا مَعَهُ فِي ذَلِكَ ، فَيَعُدُّنَا مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ تَارِكِينَ لِحَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَحْسُنُ مِنْ مِثْلِنَا تَرْكُهُ عَنْهُ ، فَذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِذَلِكَ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَعْنَى مَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ وَعِيدًا شَدِيدًا لِلْمَذْكُورِينَ فِيهِ إِنْ تَوَلَّوْا ، مِنَ اسْتِبْدَالِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ مِمَّنْ لَا يَكُونُونَ أَمْثَالَهُمْ فِيهِ ، فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ إِنْ تَوَلَّوْا ، فَلَمْ يَتَوَلَّوْا بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ فَيَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ الْوَعِيدَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ.
⦗ص: 382⦘
وَوَجَدْنَا الْوَعِيدَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ إِلَى مَنْ يُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وَذَلِكَ مِمَّا عَلِمَ اللهُ عز وجل أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّاهُ وَأَعْصَمَهُ ، وَأَعَدَّ لَهُ رِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ ، وَكَانَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ غَيْرَهُ ، بِمَعْنَى أَيْ: لَمَّا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللهِ عز وجل هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ ، وَكَانَ إِنْ أَشْرَكَ لَحِقَهُ الْوَعِيدُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَالشِّرْكُ لَا يَكُونُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ مَنْ قَدْ يَكُونُ الشِّرْكُ إِذَا أَشْرَكَ بِذَلِكَ الْوَعِيدِ أَوْلَى ، وَبِوُقُوعِهِ بِهِ أَحْرَى. وَمِثْلُ قَوْلِ اللهِ عز وجل لَهُ صلى الله عليه وسلم:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} [الحاقة: 45] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: الْوَتِينُ: نِيَاطُ الْقَلْبِ ، ثُمَّ قَدْ عَلِمَ عز وجل أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مِنْهُ ، فَأَعْلَمَهُمْ عز وجل أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ هَذَا الْوَعِيدُ ، لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ مُوهَمٌ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ ، إِنْ لَمْ يَعْصِمْهُ عَنْهُ رَبُّهُ عز وجل ، أَنَّهُمْ بِحُلُولِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ بِهِمْ إِذَا كَانَ مِنْهُمْ أَوْلَى ، وَبِوُقُوعِهِ بِهِمْ أَحْرَى ، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ لَهُمْ:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} [محمد: 38] وَهُمْ خِيرَتُهُ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ أَعَدَّ لَهُمْ مَا أَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، مِنْ كَرَامَتِهِ وَرِضْوَانِهِ بِمَا لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مَعَهُ فِي الدُّنْيَا التَّوَلِّي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ ذَلِكَ الْوَعِيدُ لِسِوَاهُمْ مِمَّنْ قَدْ يَجُوزُ تَوَلِّيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَيَكُونُ بِتَوَلِّيهِ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَعِيدِ ، وَيَكُونُ حَرِيًّا بِوُقُوعِهِ بِهِ ، وَاللهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ