الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ
"
2040 -
حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ يَسْلُكُونَ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ ". فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا النُّصْرَةَ سُمِّيَ أَهْلُهَا بِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إِيَّاهَا بِنَصْرِهِمُ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَبِقِتَالِهِمْ عَنِ الدِّينَ الَّذِي قَاتَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغُوا مِنْهُ مَا بَلَغُوا ، وَكَانَتِ الْهِجْرَةُ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّهَا أَهْلُهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَبِهَجْرَتِهِمْ دَارَهُمُ الَّتِي كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا لِلَّهِ عز وجل وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الدَّارِ الَّتِي اخْتَارَهَا اللهُ عز وجل لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَهُمْ ، فَجَعَلَهَا
⦗ص: 284⦘
لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَوْطِنًا ، وَلَهُمْ مَنَازِلَ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى الْفَرِيقَيْنِ بِالسَّبَبَيْنِ جَمِيعًا ، وَأَعْلَاهُمْ فِيهَا مَنْزِلَةً ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم يُخَيِّرُ مَنْ جَمَعَهُمَا مَعَهُ بَيْنَهُمَا لِيَخْتَارَ إِحْدَاهُمَا فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَيَكْتَفِي بِهَا مِنَ الْأُخْرَى ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَالْمُخَيَّرُ مِنْهُمَا فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ
2041 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ:" خَيَّرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ فَاخْتَرْتُ النُّصْرَةَ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوِ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ النُّصْرَةَ وَتَرَكَ الْهِجْرَةَ صَارَ النَّاسُ جَمِيعًا أَنْصَارًا ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُهَاجِرًا ، فَلَمْ يَجْعَلْ نَفْسَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ لِتَبْقَى الْهِجْرَةُ وَلِتَبْقَى النُّصْرَةُ جَمِيعًا وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ
2042 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ:" أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ سَنَةً مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ ، فَإِنَّ أَحَدَنَا كَانَ إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ ". وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يَسْتَحِقُّ الْهِجْرَةَ. وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ اخْتَارَ النُّصْرَةَ عَلَى الْهِجْرَةِ ، وَكَذَلِكَ نَسَبَهُ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
2043 -
كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، وَفَهْدٌ ، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْرٍ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالنَّوَّاسُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابٍ وَدَخَلَ فِي الْأَنْصَارِ بِالنُّصْرَةِ ، وَكَذَلِكَ حُذَيْفَةُ هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ وَدَخَلَ فِي الْأَنْصَارِ بِالنُّصْرَةِ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فِي مَنْ يُعَدُّ مِنَ الْأَنْصَارِ مَنْ لَيْسَ مِنَ الْأَوْسِ وَلَا مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ