الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الصَّحِيحِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْأَيْمَانِ إِذَا قُدِّمَ مِنْهَا ذِكْرُ الطَّلَاقِ أَوْ أُخِّرَ مِنْهَا ، هَلْ يَكُونَانِ سَوَاءً ، أَوْ يَكُونَانِ بِخِلَافِ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يُسَوُّونَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَلَا
يُخَالِفُونَ بَيْنَهُمَا ، غَيْرَ شُرَيْحٍ الْقَاضِي فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يُخَالِفُ بَيْنَهُمَا وَيَقُولُ: إِذَا قُدِّمَ الطَّلَاقُ فِيهَا لَزِمَ ، وَلَمْ تَنْفَعْ الثُّنْيَا ، كَالرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ، فَكَانَ يَجْعَلُهَا طَالِقًا الْآنَ وَلَمْ تَدْخُلِ الدَّارَ ، وَيُخَالِفُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَكَانَ يَقُولُ فِي هَذَا كَمَا يَقُولُ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَ الدَّارَ ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: مَنْ بَدَأَ بِالطَّلَاقِ فَلَا ثُنْيَا لَهُ.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ شُرَيْحٍ مِثْلَهُ قَالَ: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَمَا يَدْرِي شُرَيْحٌ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ شُرَيْحٍ مِثْلَهُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ سَيَّارٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ قَالَ: لَقَدْ تَرَكَ شُرَيْحٌ فِي صُدُورِ الْوَرِعِينَ مِنْهَا هَاجِسًا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ثُمَّ طَلَبْنَا الْوَجْهَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ ،
فَوَجَدْنَا اللهَ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ لِنَبِيِّهِ لُوطٍ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت: 33] فَبَدَأَ عز وجل بِذِكْرِ وَعْدِهِ إِيَّاهُ بِمَا وَعَدَهُ ، بِهِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ هُوَ خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي سَبَبِ اللَّدُودِ الَّذِي كَانَ مِمَّنْ بِحَضْرَتِهِ لَمَّا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ حِينَئِذٍ لَدُّوهَ مِنْ قَوْلِهِ:" لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ شَهِدَ لَدِّي إِلَّا لُدَّ ، إِلَّا أَنَّ يَمِينِي لَمْ تُصِبْ عَمِّي الْعَبَّاسَ "
1932 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ ، عَنْ أَرْقَمَ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ ابْنُ شُرَحْبِيلَ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ فَاحْتَجَبْنَ مِنِّي ، إِلَّا مَيْمُونَةَ فَأَخَذْنَ سُكًّا فَدَقَقْنَهُ ثُمَّ لَدَدْنَهُ بِهِ ، فَقَالَ:" لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ شَهِدَ لَدِّي إِلَّا لُدَّ ، إِلَّا أَنَّ يَمِينِي لَمْ تُصِبْ عَمِّي الْعَبَّاسَ " فَجَعَلَ بَعْضُهُنَّ يَلُدُّ بَعْضًا
1933 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: لَدَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي ، فَقُلْنَا: كَرَاهَةَ الْمَرِيضِ لِلَّدِّ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ:" أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ " فَقُلْنَا: كَرَاهَةَ الْمَرِيضِ لِلَّدِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا الْعَبَّاسُ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ "
1934 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ: " يَا ابْنَ أُخْتِي ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْ تَعْظِيمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ الْعَبَّاسَ أَمْرًا عَجَبًا ، كَانَتْ تَأْخُذُهُ الْخَاصِرَةُ فَتَشْتَدُّ بِهِ جِدًّا فَكُنَّا نَقُولُ: أَخَذَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِرْقُ
⦗ص: 194⦘
كَذَا ، ثُمَّ أَخَذَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا الْخَاصِرَةُ مِنْ ذَلِكَ ، فَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَخِفْنَا عَلَيْهِ وَفَزِعَ النَّاسُ ، وَظَنُّوا أَنَّ بِهِ ذَاتَ الْجَنْبِ ، فَلَدَدْنَاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَفَاقَ فَعَرَفَ أَنْ قَدْ لَدَدْنَاهُ ، وَوَجَدَ اللَّدُودَ ، فَقَالَ: أَظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ عز وجل سَلَّطَهَا عَلَيَّ؟ مَا كَانَ اللهُ عز وجل لِيُسَلِّطَهَا عَلَيَّ ، لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ إِلَّا عَمِّي " فَرَأَيْتُهُمْ يَلُدُّونَهُمْ رَجُلًا رَجُلًا. قَالَ: تَقُولُ: وَمَنْ فِي الْبَيْتِ يَوْمَئِذٍ - تَذْكُرُ فَضْلَهُمْ - فَلُدُّوا أَجْمَعِينَ ، ثُمَّ بَلَغَنَا اللَّدُودُ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَلُدِدْنَا وَاللهِ امْرَأَةً امْرَأَةً ، حَتَّى بَلَغَ اللَّدُودُ امْرَأَةً مِنَّا فَقَالَتْ: وَاللهِ إِنِّي صَائِمَةٌ ، قَالُوا: بِئْسَ مَا ظَنَنْتِ أَنَّا نَتْرُكُكِ ، وَقَدْ أَقْسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَدُّوهَا ، وَاللهِ يَا ابْنَ أُخْتِي وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ "
1935 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَهْدِيٍّ. وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ عُمَيْسٍ قَالَتْ: إِنَّ أَوَّلَ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ ، قَالَتْ: فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ فَلَدُّوهُ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ:" مَا هَذَا ، أَفِعْلَ نِسَاءٍ يَجِئْنَ مَنْ هَاهُنَا؟ " وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ فِيهِنَّ ، فَقَالُوا: كُنَّا نَتَّهِمُ بِكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ:" إِنَّ ذَلِكَ دَاءٌ مَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَنِي بِهِ ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ إِلَّا عَمَّ رَسُولِ اللهِ " يَعْنِي الْعَبَّاسَ قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ ، وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ ، لِعَزِيمَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
⦗ص: 196⦘
فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ عَزِيمَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالِالْتِدَادِ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ ابْتِدَاءً ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهُمْ بَعْضَ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ وَهُوَ الْعَبَّاسُ لَمْ يَحْضُرْ لُدُودَهُمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ لَدُّوهُ ، وَإِمَّا لِإِعْظَامِهِ إِيَّاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِهِ مِنْهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَتِ الْعَزِيمَةُ وَهُوَ فِي الْبَيْتِ وَأُخْرِجَ مِنْهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُؤَخَّرِ عَنْهَا ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى فَسَادِ مَا قَالَهُ شُرَيْحٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ