الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَنْزِلُ بِمَنْ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِي أَبْدَانِهِمْ: هَلْ يُؤْجَرُونَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا
؟
2211 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَيْبَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَجَعٌ ، فَجَعَلَ يَتَقَلَّبُ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، لَوْ أَنَّ بَعْضَنَا فَعَلَ هَذَا لَوَجَدْتَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ:" إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يُشَدَّدُ عَلَيْهِمُ ، وَإِنَّهُ لَا يُصِيبُ مُؤْمِنًا نَكْبَةٌ وَلَا وَجَعٌ إِلَّا رَفَعَ اللهُ لَهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً ".
⦗ص: 462⦘
2212 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شَيْبَةَ خَازِنَ الْكَعْبَةِ حَدَّثَهُ ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْأَجْرَ يُكْتَبُ لِمَنْ أَصَابَتْهُ نَكْبَةٌ أَوْ وَجَعٌ ، يَرْفَعُ اللهُ عز وجل إِيَّاهُ بِهَا دَرَجَةً مَعَ حَطِّهِ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً
2213 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سِنَانُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُبْتَلَى بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ فِي مَرَضِهِ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ كَانَ يَعْمَلُهُ فِي صِحَّتِهِ "
2214 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّكْسَكِيِّ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ يَقُولُ: " مَنْ كَانَ يَعْمَلُ عَمَلًا ، فَيَشْغَلُهُ عَنْهُ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ ، كُتِبَ لَهُ صَالِحُ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ ". فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذِهِ الْآثَارَ ، وَقَالَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ الْأَجْرُ لِرَجُلٍ بِغَيْرِ عَمَلِهِ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَلِكَ الْأَجْرَ؟
⦗ص: 464⦘
فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل: أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ الْأَجْرُ بِحُسْنِ نِيَّتِهِ مَعَ مَا قَدْ نَزَلَ بِهِ ، وَصَبْرِهِ عَلَيْهِ ، وَتَسْلِيمِهِ فِيهِ الْأَمْرَ إِلَى مَنِ ابْتَلَاهُ بِهِ ، فَيَشْكُرُ اللهُ ذَلِكَ لَهُ وَيَأْجُرُهُ عَلَيْهِ ، وَمِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي سَعِيدٍ مِنْ جَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُمَا ، أَوْ مِنْ قَبُولِهِ مَنْ قَالَ لَهُ مِنْهُمَا: أَنَّهُ يُضَاعَفُ لَكَ الْأَجْرُ ، مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّضْعِيفَ لَهُ هُوَ إِعْطَاؤُهُ عَلَى مَا بِهِ مِثْلُ مَا يُعْطَى غَيْرُهُ عَلَى مَا يُصِيبُهُ مِنْهُ مِنَ الْأَجْرِ وَزِيَادَةِ مِثْلِهِ عَلَيْهِ ، وَهَذَا مِنْ مَا قَدْ رَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ جَمِيعًا. فَقَالَ: فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا دَفَعَ ذَلِكَ
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ جَامِعٍ يَعْنِي ابْنَ شَدَّادٍ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللهِ: " إِنَّ الْوَجَعَ لَا يُكْتَبُ أَجْرًا. فَكَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ ، أَوْ أَشَقَّ عَلَيْنَا ، وَكَانَ إِذَا حَدَّثَنَا حَدِيثًا لَمْ نَسْأَلْهُ عَنْ تَفْسِيرِهِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ. قَالَ: وَلَكِنَّ اللهَ يُكَفِّرُ بِهِ الْخَطَايَا ". فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْأَمْرَاضَ وَالْأَوْجَاعَ لَا تُكْتَبُ أَجْرًا كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رحمه الله ، وَلَكِنَّهَا تُحَطُّ بِهَا الْخَطَايَا وَيُرْفَعُ بِهَا فِي الدَّرَجَاتِ ، فَيَجْمَعُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا لَا يَنْفَرِدُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَرَادَ بِذَلِكَ اخْتِلَافَ أَحْكَامِ النَّاسِ فِيهَا ، فَمِنْهُ مَنْ لَهُ خَطَايَا تَسْتَغْرِقُ أَجْرَهُ
⦗ص: 465⦘
عَلَيْهَا فَيَكُونَ ثَوَابُهُ عَلَيْهَا وَأَجْرُهُ فِيهَا حَطَّ خَطَايَاهُ لَا مَا سِوَاهَا ، وَيَكُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ لَا خَطَايَا لَهُ كَالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، أَوْ كَمَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ يَتَجَاوَزُ أَجْرُهُ حَطِيطَةَ خَطَايَاهُ ، فَيُكْتَبُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا لَا يُوجَدُ لَهُ مِنَ الْخَطَايَا مَا يَكُونُ مَا يَكْتُبُ لَهُ كَفَّارَةً لَهَا ، وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الَّذِي أَنْكَرَ مِنْ هَذَا مَا أَنْكَرَهُ مِمَّا فِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنْ لَا يُنْكِرَهُ إِذْ كَانَ قَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا يُعَزِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى مَصَائِبِهِمْ بِأَوْلِيَائِهِمْ بِأَنْ يُعَظِّمَ اللهُ أُجُورَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا فِعْلَ لَهُمْ فِيهِ ، وَلَكِنَّ لَهُمْ فِيهِ الصَّبْرَ وَالِاحْتِسَابَ. فَمِثْلُ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْجَاعِ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " الْوَجَعُ لَا يُكْتَبُ بِهِ الْأَجْرُ ، وَلَكِنْ تُحَطُّ بِهِ الْخَطَايَا ، الْأَجْرُ بِالْعَمَلِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْكَلَامُ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ قَبْلَ هَذَا قَدْ كَفَانَا عَنِ الْكَلَامِ فِي هَذَا ، غَيْرَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: الْأَجْرُ فِي الْعَمَلِ. فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ لَا تُحَطُّ بِهِ الْخَطَايَا ، وَلَكِنْ يُكْتَبُ بِهِ الْأَجْرُ ، كَانَ لِعَامِلِهِ خَطَايَا أَوْ لَا خَطَايَا لَهُ ، وَأَنَّهُ بِخِلَافِ
⦗ص: 466⦘
الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْجَاعِ الَّتِي تُحَطُّ بِهَا الْخَطَايَا ، إِنْ كَانَتْ هُنَاكَ خَطَايَا ، وَيُكْتَبُ بِهَا الْأَجْرُ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَطَايَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ