الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَجُوسِ وَفِيمَا ذُكِرَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ
2025 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هُوَ الْبَقَّالُ سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ - ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: عَجَبًا لِعَلِيٍّ ، يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ وَقَدْ أُمِرُوا ، أَوْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقِتَالِ ، وَأَنْ لَا تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، قَالَ: فَسَمِعَهُ الْمُسْتَوْرِدُ التَّمِيمِيُّ فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه ، فَقَالَ: الْبَدَا وَأُخْبِرُكُمَا: إِنَّ الْمَجُوسَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ ، فَانْطَلَقَ مَلِكٌ مِنْهُمْ فَوَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ وَهُوَ نَشْوَانُ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَتْ لَهُ أُخْتُهُ: أَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتَ؟ وَقَعْتَ عَلَيَّ وَقَدْ رَآكَ النَّاسُ ، وَالْآنَ
⦗ص: 260⦘
يَرْجُمُونَكَ ، قَالَ: أَوَلَا حَجَزْتِينِي؟ قَالَتْ: وَاسْتَطَعْتُ ، جِئْتَ مِثْلَ الشَّيْطَانِ ، وَلَقَدْ رَآكَ النَّاسُ ، وَلَيَرْجُمُنَّكَ غَدًا إِلَّا أَنْ تُطِيعَنِي ، قَالَ: وَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَتْ: تُرْضِي أَهْلَ الطَّمَعِ ، ثُمَّ تَدْعُو النَّاسَ فَتَقُولَ لَهُمْ: إِنَّ آدَمَ خَلَقَهُ اللهُ عز وجل فَكَانَ يُزَوِّجُ ابْنَهُ أُخْتَهُ ، أَوْ قَالَتِ: ابْنَهُ ابْنَتَهُ ، قَالَ: وَجَاءَهُ الْقُرَّاءُ قَالُوا: قُمْ يَا عَدُوَّ اللهِ ، قَالَ: هُوَ هَذَا فَقَدْ جَاءُوا ، فَقَامَ إِلَيْهِمْ هَؤُلَائِكَ فَدَاسُوهُمْ حَتَّى مَاتُوا ، فَمِنْ يَوْمِئِذٍ كَانَتِ الْمَجُوسِيَّةُ ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه: إِنَّ الْمَجُوسَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ ، وَكَانَ هَذَا عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ ، لَوْ بَقِيَ لَهُمْ لَأُكِلَتْ ذَبَائِحُهُمْ ، وَلَحَلَّ نِسَاؤُهُمْ ، وَلَكَانُوا فِي ذَلِكَ كَالْيَهُودِ وَكَالنَّصَارَى الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِكِتَابَيْهِمْ ، وَهُمَا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، وَلَكِنَّ اللهَ نَسَخَهُ
⦗ص: 261⦘
فَأَخْرَجَهُ مِنْ كُتُبِهِ ، وَرَفَعَ حُكْمَهُ عَنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ ، كَمَا نَسَخَ غَيْرَ شَيْءٍ مِمَّا قَدْ كَانَ أَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم قُرْآنًا فَأَعَادَهُ غَيْرَ قُرْآنٍ ، مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ قَدْ يُقْرَأُ:" الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ لِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ " وَمِنْ ذَلِكَ: " لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَيْنِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى إِلَيْهِمَا ثَالِثًا " فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ قَدْ نَسَخَهَا اللهُ عز وجل ، وَأَخْرَجَهَا أَنْ تَكُونَ قُرْآنًا ، وَسَنَذْكُرُ مَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، إِنْ شَاءَ اللهُ. وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي الْمَجُوسِ أَنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ أَنْ يَكُونَ كَمَا رُوِيَ عَنْهُ فَنُسِخَ ، فَخَرَجَ مِنْ كُتُبِ اللهِ عز وجل فَلَمْ يَكُنْ مِنْهَا. فَقَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ أُخِذَتْ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ ، وَإِنَّمَا قَالَ اللهُ عز وجل:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] ؟ فَإِنْ قُلْتَ: لِأَخْذِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهَا مِنْهُمْ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
2026 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: عَمْرٌو سَمِعَ بَجَالَةَ يَقُولُهُ: لَمْ يَكُنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ
⦗ص: 262⦘
الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَهَا مِنْ أَهْلِ هَجَرَ. وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ
2027 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَمْرًا وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيَّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالِ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ رضي الله عنه ، فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ ، ثُمَّ قَالَ: " أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ
⦗ص: 263⦘
أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ؟ " قَالُوا: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: " فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَاللهِ مَا مِنَ الْفَقْرِ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوا فِيهَا كَمَا تَنَافَسُوا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ".
2028 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:" فَتُلْهِيَكُمْ كَمَا أَلْهَتْهُمْ " مَكَانَ: " فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ "
⦗ص: 264⦘
قِيلَ لَكَ: فَفِي أَخْذِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مَا قَدْ حَقَّقَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ أَخْذَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَا لِتَحْقِيقِهِ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا ، وَلَكِنْ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ لَمَّا كُنَّا نُؤْمِنُ بِكِتَابَيْهِمْ ، وَكَانَتِ الْجِزْيَةُ مَأْخُوذَةً مِنْهُمْ لِإِقْرَارِنَا إِيَّاهُمْ مَعَنَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ آمِنِينَ وَهُمْ إِلَيْنَا أَقْرَبُ مِنَ الْمَجُوسِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ ، كَانَ الْمَجُوسُ الَّذِينَ هُمْ كَذَلِكَ مَعَ إِقْرَارِنَا إِيَّاهُمْ فِي دَارِنَا آمِنِينَ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ أَوْلَى. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَا يُؤَكِّدُ أَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنَ الْمَجُوسِ مِمَّا خَاطَبَ بِهِ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ
2029 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ فَأَتَتْهُ قُرَيْشٌ ، وَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ مَقْعَدُ رَجُلٍ ، فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ فَقَعَدَ فِيهِ ، فَقَالَ: مَا بَالُ ابْنِ أَخِيكَ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا؟ قَالَ: مَا بَالُ قَوْمِكَ يَشْكُونَكَ؟ قَالَ: " يَا عَمَّاهُ ، أُرِيدُهُمْ عَلَى كَلِمَةٍ تَدِينُ لَهُمُ الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ الْعَجَمُ الْجِزْيَةَ " قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " قَالَ: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: 1]
⦗ص: 265⦘
إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى دُخُولِ الْمَجُوسِ فِيمَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّهُمْ مِنَ الْعَجَمِ فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: وَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَفِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ وَأَنْتُمْ لَا تَعْرِفُونَهُ ، وَلَا تَعْرِفُونَ يَحْيَى بْنَ عُمَارَةَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا يَحْيَى بْنَ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ يَحْيَى وَذَلِكَ لَا يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ يَحْيَى بْنَ
⦗ص: 266⦘
عُمَارَةَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَ ، غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَقَفْنَا عَلَى الْعِلَّةِ فِيهِ فَبَانَ لَنَا أَنَّهُ مُصَحَّفٌ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أُرِيدَ يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ أَبُو هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ رَجُلٌ جَلِيلٌ مِنْ تَابِعِي الْكُوفَةِ فَصُحِّفَ فَقِيلَ: يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ.
2030 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ ، عَنِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ: فَأَتَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَحَدَّثَنَا بِهِ فَقَالَ فِيهِ: عَنْ يَحْيَى ، فَقُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَنْ يَحْيَى؟ قَالَ لَا أَزِيدُكَ عَلَى يَحْيَى فَنَظَرْتُ فِي كِتَابِ الْأَشْجَعِيِّ فَإِذَا هُوَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ فَبَانَ بِذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ ، وَكَانَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ لِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُمْ عَجَمٌ ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ تَحِلُّ بِهِ نِسَاؤُهُمْ ، وَتُؤْكَلُ بِهِ ذَبَائِحُهُمْ ، وَبِذَلِكَ امْتَثَلَ فِيهِمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ: عُمَرُ ، وَعَلِيٌّ وَمِنْهُمْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ
2031 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ السَّوَادِ وَأَنَّ عُثْمَانَ أَخَذَهَا مِنْ بَرْبَرَ.
⦗ص: 267⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَذَلِكَ كَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
2032 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَسَلِ الْحَسَنَ: مَا مَنَعَ قَبْلَنَا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَبَيْنَ مَا يَجْمَعُونَ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَجْمَعُهُنَّ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ؟ فَسَأَلَهُ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلَ مِنْ مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ الْجِزْيَةَ وَأَقَرَّهُمْ عَلَى مَجُوسِيَّتِهِمْ ، وَعَامِلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبَحْرَيْنِ يَوْمَئِذٍ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيُّ وَفَعَلَهُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم.
⦗ص: 268⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فِيهِمْ
2033 -
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى مَجُوسِ الْبَحْرَيْنِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبِلَ مِنْهُ ، وَمَنْ أَبَى ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ ، وَلَا تُؤْكَلُ لَهُمْ ذَبِيحَةٌ ، وَلَا تُنْكَحُ لَهُمُ امْرَأَةٌ. فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي ذَلِكَ
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: ثنا مَنْصُورٌ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: " لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ أَصْحَابِي أَخَذُوا مِنَ
⦗ص: 269⦘
الْمَجُوسِ ، يَعْنِي الْجِزْيَةَ ، مَا أَخَذْتُ مِنْهُمْ ، وَتَلَا:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29] الْآيَةَ. قَالَ فَهَذَا حُذَيْفَةُ قَدْ قَالَ فِيهَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ: أَنَّ حُذَيْفَةَ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ ، فَقَالَ مَا قَالَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ ، غَيْرَ أَنَّهُ رحمه الله قَدْ سَمِعَ لَهُمْ وَأَطَاعَهُمْ ، وَعَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا إِلَّا مَا عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ