الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْ تَشَكِّي امْرَأَةِ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ صَفْوَانًا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ يَضْرِبُهَا إِذَا صَلَّتْ ، وَيُفَطِّرُهَا إِذَا صَامَتْ ، وَيَنَامُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
2044 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةُ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ ، قَالَ: فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَمَّا قَوْلُهَا: يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، فَإِنَّهَا تَقُومُ بِسُورَتِي الَّتِي أَقْرَأُ بِهَا ، فَتَقْرَأُ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ ". وَأَمَّا قَوْلُهَا: يُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ ، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ:" لَا تَصُومَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا " وَأَمَّا قَوْلُهَا: لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ ، لَا نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا
⦗ص: 287⦘
اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ تَشَكِّي امْرَأَةِ صَفْوَانَ ، صَفْوَانَ أَنَّهُ يَضْرِبُهَا إِذَا صَلَّتْ ، وَإِخْبَارِ صَفْوَانَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ بِسُورَتِهِ الَّتِي يَقْرَأُ بِهَا ، وَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ فِي ذَلِكَ: " لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ " فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ ظَنَّ أَنَّهَا إِذَا قَرَأَتْ سُورَتَهُ الَّتِي يَقُومُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُمَا
⦗ص: 288⦘
بِقِرَاءَتِهِمَا إِيَّاهَا جَمِيعًا إِلَّا ثَوَابًا وَاحِدًا ، مُلْتَمِسًا أَنْ تَكُونَ تَقْرَأُ غَيْرَ مَا يَقْرَأُ ، فَيَحْصُلَ لَهُمَا ثَوَابَانِ ، فَأَعْلَمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ لَهُمَا بِهِ ثَوَابَانِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِيَّاهَا غَيْرُ قِرَاءَةِ الْآخَرِ إِيَّاهَا. وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَهَا لَهُ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنَ الصِّيَامِ وَمَا اعْتَذَرَ بِهِ صَفْوَانُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَنَهْيَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَصُومَ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِمَنْعِهَا إِيَّاهُ مِنْ نَفْسِهَا بِصَوْمِهَا ، وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهَا لِغَيْبَتِهِ عَنْهَا ، أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَقْطَعُهُ عَنْهَا ، أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ وَجَدْنَا هَذَا الْمَعْنَى مَكْشُوفًا فِي حَدِيثٍ آخَرَ
2045 -
وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ". فَتَأَمَّلْنَا مَعَ ذَلِكَ مُوسَى بْنَ أَبِي عُثْمَانَ هَذَا: مَنْ هُوَ؟ وَمَنْ أَبُوهُ الَّذِي حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ؟ فَوَجَدْنَا الْبُخَارِيَّ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُعْرَفُ بِالتَّبَّانِ وَأَنَّهُ مَوْلًى لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَعَرَفْنَا بِذَلِكَ مَنْ هُوَ.
2046 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
⦗ص: 289⦘
بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ،
2047 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ مَيْمُونٍ الرَّقِّيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. قَالَ فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَهَا عَنِ الصِّيَامِ إِنَّمَا كَانَ عِنْدَ حَاجَةِ زَوْجِهَا إِلَيْهَا لِمَا يَمْنَعُ مِنْهُ الصِّيَامُ ، لَا لِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" إِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ " فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ عَلَى الصَّلَاةُ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ مِنَ النَّوْمِ ، وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ لَمْ تَرْتَفِعْ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، كَانَ هَذَا حُجَّةً لِمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ مِنَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ ذَلِكَ. غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى طَلَعَتِ
⦗ص: 290⦘
الشَّمْسُ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَى انْتِشَارِ الشَّمْسِ وَبَيَاضِهَا. وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ ، وَكَانَ مَعْقُولًا مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:" فَإِذَا اسْتَيْقَظْتُ فَصَلِّ " أَيْ: فَصَلِّ كَمَا يَجِبُ أَنْ تُصَلِّيَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُصَلِّي فِيهَا لَا فِيمَا سِوَاهَا ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَسْتَيْقِظُ بِغَيْرِ وُضُوءٍ ، وَلَا وَهُوَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يُصَلِّي عَلَيْهَا ، مِنَ الطَّهَارَةِ ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ، وَفِي الْأَوْقَاتِ الْمُطْلَقِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا ، لَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَحْظُورِ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا ، وَخِطَابُهُ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ فَكَانَ لِصَفْوَانَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَفِيهِ تَعَلُّمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَعَسَاهُ قَدْ كَانَ مَعَهُ فِي سَفَرهِ الَّذِي نَامَ فِيهِ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ ، فَعَلِمَ مَا كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ ، وَاكْتَفَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِعَادَتِهِ عَلَيْهِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ